سهير علي
:: متميز ::
- إنضم
- 17 يوليو 2010
- المشاركات
- 805
- الجنس
- أنثى
- الكنية
- أم معاذ
- التخصص
- شريعة
- الدولة
- بريطانيا
- المدينة
- برمنجهام
- المذهب الفقهي
- شافعية
نظرة على أحداث مصر من خلال بيت مصري يعيش في الغربة
الإخوة والأخوات الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ أن حدث ما حدث في مصر وقد تقطعت الدنيا بي وبالكثير، توقفت الحياة إلى أنني لم أستطع أن أواصلها كعادتي فتوقفت حتى عن فعل أبسط ما فيها، فكل شيء قد توقف تماما، ليس لعدم الرضا بقدر الله تعالى -حاشا لله- إنما للصدمة التي جمدت المشاعر وحجرت الأحاسيس،
هذا فقط بسبب جلوسنا ليل نهار أمام الأخبار لمتابعة ما لا تستطيع البشاعة أن تصفه، ولأن حجم المأساة كان أكبر وأعظم من المصائب التي حلت بالأهل والأصدقاء فهذا امتحان وجاهد، لأنها المصيبة كانت في الدين ومحاربته، ومن الذي يحاربه!فلقد تعرى الكثيرون البعض مَن كنا نعدهم أهل علم وفتوى، أو أهل، أو أصدقاء، الذين فوضوا مجرما متعطشا للدماء، وبعد القتل فرحوا وهللوا، بل وصلوا لأبعد من ذلك! ذهبوا وشوهوا الحقائق ليعطوا لأنفسهم مسوغا لترتاح ضمائرهم -وإن كنت أشك أن لهم ضمائر- فما حدث دل على الصورة النفسية الحقيقة لإنعدام الإنسانية داخلهم، وهوان الدين والمقدسات وحرمات الله تعالى، فاستُبيح كل حرام لهدم الدين والأمة الإسلامية، فصارت غزة عدو، والصهيوني صديق!
فكان هذا السبب الحقيقي لعظم ما وقع على النفس فما استطاعت أن تتحمله.
وزِيدَ على النفس من الناحية الإنسانية ما حدث لأعداد كبيرة في محيط معرفة الشخص الواحد من أهوال ومصائب تُشيب لها الوالدان، ومنها استشهاد أحد أفراد عائلة زوجة أخي في مصر وهو لم يبلغ الـ 20 عاما منذ فترة قصيرة، وغير بعض الأكارم مِن الأصدقاء؛ الذي توفي له ستة من أصدقاء المدرسة الإبتدائي إلى أن وصل حالة من الإكتئاب الحاد فحبس نفسه في غرفته، ويظل يصرخ ويبكي بصوت مرتفع، لزم معالجته عند طبيب نفسي.
غير عدد كبير من أصدقاء زوجي المقربون له جدا جدا، وأصدقاء إخوتي وصديقاتي الذين سُجنوا أو لهم من سُجِنَ في سجن العقرب، وسجن طرة، وغيرها من سجون مصر، وغير الهاربون منهم كل يوم في مكان وكل يومين يغيرون شريحة الموبيل حتى يصعب تعقبهم.
وغير ابن صديقتي التي ولدته ونحن مع بعضنا في البوسنة وقت الحرب إلى أن انتهت، ثم سفرنا إلى بريطانيا ونحن كالأهل منذ اكثر من الـ20 عاما، والذي حدث له أن زبانية الشرطة خطفوه من أمام منزله وهم كانوا في إجازتهم في رمضان بمصر، ووضعوا على وجهه غطاء حتى لا يرى أين هو! وأخذوه في مكان غير مأهول بالسكان وأوسعوه ضربا وركلا وهددوه بأن المرة القادمة سيوجعون والده بخطف إخواته البنات، وأبلغوه رسالة: (قل لوالدك إذا ذهب لرابعة مرة أخرى سوف نعرف كيف نوجعه بأخواتك البنات) ومزقوا ملابسه ثم أخذوه ورموه في شارع بعيد، فأتصل بوالده وأخبره سرا بما حدث له، فهرول صديق زوجي إلى ولده وأخذه لمحل التوحيد والنور وأشترى له ملابس جديدة وهندمه حتى لا يخيف أمه -صديقتي وأختي في الله-، ولكن كان قرارها حين علمت السفر باكرا والرجوع لبريطانيا، وكانت الجنسية البريطانية أحد أسباب الله في بقاء ابن صديقتي على قيد الحياة.
فنظرتي لكل من استشهد أو أُذيَ أو أصيب أو سجن، أو طُردَ من عمله، أنهم النور الذي يضيء سماء ليلنا الدامس وأنهم ومضة الأمل التي تقف لحمايتنا في وجه ظلمة وبشاعة الإحباط الذي يتملك الكثير من القلوب وتقول لنا: لن نركع ولن نتحطم ولن نبكي على ما يحدث، لأن هذا درب جهاد الرجال الذي هو صورة لحرارة صدق وشجاعة نساء مصر الحرائر العفيفات قبل رجالها في هذه الملحمة، فمن نساء مصر الكريمات؛ الشهيدة والمسجونة والمعتدى عليها بالضرب من كائنات يُقال لهم ذكور مجازا وما هم بالرجال.
ومن أسباب الله تعالى ما يرسله لعباده من رحمات ليثبتهم بها وكان منها فديو خمس دقائق لشيخ قص قصة الملك الذي قُطع أصبعه فقال له وزيره لعله خير، فسجنه الملك، والوزير ذاهب لمحبسه قال لعله خير فزاد حنق الملك عليه، فخرج الملك في البرية ذات يوم للصيد وفأسره مجوس وأرادوا أن يقدموه قربانا للنار، ولكنهم وجدوا به عيبا -أصبعه المقطوع- فأطلقوا سراحه، فرجع الملك وأخرج وزيره وقال له علمت الخير في قطع أصبعي ولكن ماذا الخير في سجنك أنت؟ فقال له وزيره: أنا لا أتركك في أي وقت، ولو كنت معك ولست محبوسا لأخذوني مكانك وحرقوني، تأثرت بهذه القصة، فصرت أقول عن كل محنة أو ألم (هو خير).
فلو لا الشهداء والمصابين والمسجونين، كل شريف وشريفة يخرجون لأداء هذا الجهاد العظيم، لمتنا نحن قهرا وكمدا وحزنا، لأن عدم الخروج = الاستسلام.
ويا تعسا لمجرمين قتلوا في بعض الذكور نخوة الرجولة؛ فتعدوا على على الأطفال والعجائز والنساء بالقتل والضرب والسجن والسحل!!! فالله يمهل ولا يهمل.
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
فالدنيا ما تزال بخير بوجود المخلصون ممن لم يتأثروا بالترهيب الغير مقبول عقلا ولا عرفا الذي يحدث في بلد مثل مصر ومن قادة جيشها.
فكل مجاهد، هو لنا بمثابة لبنة في بناء الشرف والعزيمة وعدم الخنوع أو الرضا للعيش في الذل، (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا). فمن بدل كان حجر عثرة وهدم للأمة، بالصبر والتصبر ومجاهدة النفس والطاعات والتوبة لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرا.
وعلينا بالتخلص من أنانيتنا ومحاولة الإلتزام بالطاعات لأنها الباب لنصر الله تعالى، (إن تنصروا الله ينصركم ويُثبت أقدامكم).
فكل معصية لا يتبعها توبة وعمل صالح أو توبة وحسنات فهي تُعين ظالم على المسلمين، وتؤخرنا عن التقدم وتمنعنا من النصر.
اللهم كل من أراد بمصر وأهلها والمسلمين سوءً فرده في نحره وأشغله بنفسه، اللهم من مكر بمصر وأهلها والمسلمين، فأجعل مكره ينصب صبا على أهله، اللهم كل من قتل أو أصاب أو سجن أو عذب أو ظلم مسلما في مصر وسوريا وفلسطين وميانمار وباقي بلاد المسلمين؛ فصب عليه الألم والبلايا صبا، حتى يُذاب نخاعه من الألم فيتمنى الموت فلا يجده، اللهم أفضحهم بما يكسر قلوبهم على رؤوس الأشهاد، اللهم اكفنا شرهم بما شئت وكيف شئت إنك على كل شيء قدير، اللهم احصهم عددا وأقتلهم بددا ولا تُغادر منهم أحدا، وأحفظنا من مكر الماكرين وحقد الغافلين وكره الكافرين، وشهوة الطامعين.
اللهم أرزقنا طاعتك كي تُيسر علينا أن ننصرك، ولا تحرمنا تقبل الدعاء بذنوبنا وغفلتنا، اللهم نصرك الذي وعدت.
(إنا لله وإنا إليه راجعون)، (وأفوض أمري لله إن الله بصير بالعباد).
(ربنا لا تغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب).
سامحوني لطول الموضوع.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختكم في الله سهير علي