العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الشاطبي لم يقع في التناقض في كون التعليل مسألة مسلمة

إنضم
24 يناير 2012
المشاركات
1,295
الجنس
ذكر
الدولة
سريلانكا
المدينة
كولومبو
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
قد حمل الدكتور أحمد الريسوني وعبد الرحمن الكيلاني والشيخ أبو عبيدة في تحقيقه للموافقات وغيرهما كلام إمام المقاصد أبي إسحاق الشاطبي على محمل التناقض ولكن الدكتور أحمد الطيب -شيخ الأزهر - يوضح خطأ ما ذهبوا إليه في كتابه "نظرية المقاصد عند الشاطبي و مدى ارتباطها بالأصول الكلامية"

يقول الدكتور أحمد الطيب : وقد ألمحنا في بداية البحث إلى أن الشاطبي نفسه لم يسعه في مقدمة كتاب المقاصد إلا أن يتوقف -وفي عبارات محدودة - عند قضية التعليل لينبه إلى هذا الربط المنطقي بين القضيتين ونضيف هنا أنه ما كاد يفرغ من تقسيم سريع لأنواع المقاصد حتى وجد نفسه وجها لوجه أمام مبدأ التعليل وضرورة وضعه أولا كمسلمة مفروغ من ثبوتها حتى يسلم له تقسيمه الأولى لمقاصد الشريعة. فبادر قارئه بقوله "ولنقدم قبل الشروع في المطلوب مقدمة كلامية مسلمة في هذا الموضع و هي أن وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل." وإذن فالخطوة الأولى في نظرية المقاصد لا تبدأ إلا من مسلمة التعليل وبدونها لا يمكن البدء في المقاصد تقسيما ولا تأسيسا.
هذه المقدمة المسلمة هنا في قسم المقاصد يصفها الشاطبي بأنها "دعوى لا بد من إقامة البرهان عليها صحة وفسادا وليس هذا موضع ذلك" ويفيد هذا النص أمرين ، الأول : أن التعليل يجب أن يكون مسلما في باب المقاصد والثاني : أن التعليل وإن كان مسلما هنا فإنه في الأصل دعوى قابلة للصحة والفساد ومن ثم فهي مطلوبة بالبرهان.
وقد حمل بعض الباحثين كلام الشاطبي هذا على محمل التعارض والتناقض لأن وصف التعليل بالمصالح والمقاصد بأنه مسلمة يعنى أنها ليست موضع خلاف ومع ذلك يقول إنها تحتاج إلى برهان وهذا ليس من شأن المسلمات بل كيف تكون مسلمة مع اعترافه بأنها قد وقع الخلاف فيها في علم الكلام. وحقيقة الأمر أن الشاطبي على وعي دقيق بما يقول وأن تأصيله هذا يتفق في هذا العلم الذي تستخدم فيه إما لأنها قضايا واضحة بذاتها فتستغني عن البرهان أو هي قضايا نظرية وعندئذ يبرهن عليها في علم آخر أعلى من العلم الذي يستعملها كمسلمات وذلك أن البراهين المستخدمة في كل علم لولا أنها ترتكز في النهاية على مسلمات مفروضة الصدق في هذا العلم نفسه ما أمكن البحث في مطالب العلم لإثبات العوارض الذاتية لهذا الموضوع أو ذاك من موضوعات العلوم.
والشاطبي - وهو يقرر تسليم هذه المقدمة في الأصول - ينطلق - تحديدا - من هذه القاعدة فهو ينبه إلى ضرورة وضعها مسلمة في المقاصد مما يعني أنها في مواضع أخرى ليس مسلمة إذ هي في علم الكلام قضية خلافية بل هي لفرط الخلاف فيها شطرت نخبة ممتازة ممن قمم الفكر الإسلامي شطرين شطرا يثبتها وآخر ينكرها نظرا لمآزق عقدية كانت كافية – عندهم- لأن ينفضوا منها أيديهم جملة وتفصيلا.
وإذن فالبرهنة على هذه المسلمة في علم المقاصد خروج على قانون النظر وهذا ما عناه الشاطبي بقوله "وهذه دعوى لا بد من إقامة البرهان عليها صحة وفسادا وليس هذا موضع ذلك وقد وقع الخلاف فيها في علم الكلام ولا حاجة إلى تحقيق الأمر في هذه المسألة" وقد يُظن أن الشاطبي خرج بالفعل على هذا القانون لأنه استدل على مسلمة التعليل بآيات وأحاديث مستقرأة من الشريعة، ذكرها في نفس الموضع الذي قدم له بهذه المسلمة غير أن الشاطبي تحوط لمثل هذا التوهم فنبه قارئه إلى أن هن هذه الشواهد ليست أدلة على المسلمة بل من قبيل التنبيه عليها فقال في عبارة شديدة الإيجاز "المقصود التنبيه" ومرة أخرى تبلغ دقة الشاطبي ومنهجيته منتهاها لأن علماء المعقول يقررون أن البدهيات - وما إليها - وإن كان لا يستدل عليها فإنه يمكن أن ينبه عليها لخفائها وغموضها أحيانا وإذن فهذه الشواهد تنبيهات لا دلائل.
ص : 17- 18​

 
أعلى