العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

معنى حديث "الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ" واسقاطه .. (طلب الرد)

إنضم
3 يونيو 2013
المشاركات
307
التخصص
الاعلام
المدينة
المنيا
المذهب الفقهي
الشافعى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حياكم الله يا أفاضل .. نحن جميعاً نعرف الحديث :

الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ
اختلف فيه الشراح والأئمة وفى معناه .. وهل هو خاص بأهل اليمن أم غيرهم وهل هو يشمل اليمانيين الذين كانوا على عصر الرسول صلى الله عليه وسلم أو فى كل الأعصار .. الخ

الشعب اليمنى كغيره من الشعوب الاسلامية تنتشر به ظواهر قد تخالف الشريعة فضلا عن وجود بعض الطوائف المخالفة لأهل السنة

كما أن دعوات اللامذهبية الأولى كالشوكانى والصنعانى خرجت من اليمن ..فما تعليقكم فيما فهتمه وماذا يعنى الحديث وهل فيه مزية لعلمائهم حيث خصهم بالفقه ؟

فيكون نتاجهم العلمى أو دعواتهم كاللامذهبية أفضل من غيرهم ؟​
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: معنى حديث "الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ" واسقاطه .. (طلب الرد)

السلام عليكم

هذا مقال مُفيد للشيخ الدكتور/ خالد الحايك، أنقله بنصّه من موقعه لنفاسته:
http://www.addyaiya.com/uin/arb/Viewdataitems.aspx?ProductId=404
فقه حديث النبيّ صلى الله عليه وسلم: «الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ».

·تصحيح مفهوم:
إنك لتعجب كل العجب وأنت ترى الشعب اليمني في ثورته ضد الظلم والاستبداد، تعجب منه وهو "يُخزِّن القات"!!! إلا من رحم ربّي.
تعجب من هذا الشعب الطيب وقد ردد كثير من الناس في هذه الأيام وصف النبي صلى الله عليه وسلم له بالحكمة!
فهل هذه المصيبة التي وقع فيها الشعب اليمني بتخزينه القات ينافي هذه الحكمة التي وصفهم بها النبي صلى الله عليه وسلم؟!!
وكيف يصفهم بالحكمة وفيهم روافض؟! بل وفسقة وغير ذلك!
الجواب يسير إن شاء الله، وهو أنه لا يمكن أن يكون من وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بالحكمة يخزنون القات!! ولا كذلك من الروافض وغيرهم ممن يحاربون هذا الدِّين.
ولكن، الحديث صحيح، وهو في الصحيحين وكتب السنة الأخرى! ولهذا نسمع هذه الأيام من ينعت أهل اليمن بأنهم أهل الحكمة، والويل لمن تكلم فيهم!
لا شك أن أهل اليمن من أطيب الشعوب العربية الإسلامية، وقد ابتلوا بهذه الشجرة الخبيثة، والإنكار عليهم في ذلك لا يعني أننا لا نؤيدهم في ثورتهم ضد الظلم والقهر والاستبداد الذي يمارس عليهم منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وما زلت أذكر قول الدكتور عائض القرني (دكتوراة في الحديث) أمام الرئيس اليمني علي عبدالله صالح: "وقد كتبت أنا في (الشرق الأوسط) مقالاً وذكرت فخامتكم، وقلت: إني أخاطب فيكم الحكمة؛ لأن الإيمان يماني والحكمة يمانية، وصحيح أن من يأتي ليعلمكم الحكمة مثل من ينقل التمر من صنعاء إلى هجر".
وقبل عدة أيام أحضر لي أحد الأصدقاء الأعزاء كتاباً له لأقرأه، وكان قد ذكر حكمة أهل اليمن – انطلاقاً من هذا الحديث – في أنهم لم يُستدرجوا إلى حمل السلاح ضد رئيسهم!
فهل ينطبق هذا الحديث على كلّ أهل اليمن؟!
هذا ما سأبينه إن شاء الله في ما يأتي.
·آراء أهل العلم في مفهوم هذا الحديث:
روى الشيخان في صحيحيهما من حديث أَبي هُرَيْرَةَ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَضْعَفُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً وألين قلوباً، الإيمان يمان والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم».
وفي رواية: «الْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ».
فما هو مفهوم هذا الحديث؟
لأهل العلم في هذا الحديث آراء:
الأول: أنه أراد الأنصار خاصة، وهذا قول أبي عُبيد صاحب «غريب الحديث».
قال أبو عبيد داعماً لرأيه:"ومما يبين ذلك أن النبي عليه السلام لما قدم أهل اليمن قال: أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوباً، وأرق أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية، وهم أنصار النبي عليه السلام، ومنه أيضاً: قول النبي عليه السلام: لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار".
وردّه بعض أهل العلم.
فقال الحافظ ابن حجر في «الفتح» (6/352) في حديث أبي مسعود: "قوله:(أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن، فقال: الإيمان) فيه تعقب على من زعم أن المراد بقوله: يمان الأنصار، لكون أصلهم من أهل اليمن؛ لأن في إشارته إلى جهة اليمن ما يدل على أن المراد به أهلها حينئذ لا الذين كان أصلهم منها، وسبب الثناء على أهل اليمن إسراعهم إلى الإيمان وقبولهم".
وقال أيضاً: (8/99): "الإيمان ها هنا وأشار بيده إلى اليمن، أي: إلى جهة اليمن، وهذا يدل على أنه أراد أهل البلد لا من ينسب إلى اليمن ولو كان من غير أهلها".
وقال العيني في «عمدة القاري» (15/192): "وقيل: إنما قال هذا القول للأنصار؛ لأنهم يمانون، وهم نصروا الإيمان والمؤمنين وآووهم فنسب الإيمان إليهم، وهذا غريب!! وأغرب منه قول الحكيم الترمذي:إنه إشارة إلى أويس القرني!!!".
والثاني: أنه أراد أهل اليمن عامة في كل زمان.
قال الطبراني في «المعجم الصغير» (ص322): "وفسر هذا الحديث أهل العلم، فقال بعضهم: أراد به الأنصارخاصة، وقال بعضهم: أراد قبائل اليمن عامة".
وقد أورد هذا الحديث الإمام أحمد في كتابه «فضائل الصحابة» في "فضائل أهل اليمن".
وأورده الترمذي في «الجامع» (5/726) في "باب في فضل اليمن".
وبوّب عليه ابن حبان في «صحيحه» (16/286) قال: "ذكر إضافة المصطفى صلى الله عليه وسلم الإيمان والفقه والحكمة إلى أهل اليمن".
الثالث: أنه أراد أهل الحجاز (مكة والمدينة).
ذكر البيهقي هذا الحديث في «السنن الكبرى» (1/385) تحت "باب ما يستدل به على ترجيح قول أهل الحجاز وعملهم".
ثم قال: قال الشافعي: ومكة والمدينة يمانيان مع ما دل به على فضلهم في علمهم، وذكر حديث عبدالرحمن بن بشر بن الحكم، قال:حدثنا سفيان عن ابن جريج عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن تضربوا أكباد الإبل فلا تجدون عالماً أعلم من عالم المدينة»، رواه الشافعي في القديم عن سفيان بن عيينة.
وقال الشافعي في «الأم» (1/162): حدثني عمّي محمد بن العباس عن الحسن بن القاسم الأزرقي قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثنية تبوك، فقال: «ما ها هنا شام، وأشار بيده إلى جهة الشام، وما ها هنا يمن وأشار بيده إلى جهة المدينة».
قال العيني في «عمدة القاري» (15/192): "قوله (أشار رسول الله بيده نحو اليمن)؛ لأنه كان بتبوك، وقال هذا القول وأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد مكة والمدينة يومئذ بينه وبين اليمن، وقيل: قال هذا القول وكان بالمدينة؛ لأن كونها هو الغالب عليه،وعلى هذا تكون الإشارة إلى سياق أهل اليمن، وقال النووي: أشار إلى اليمن وهو يريد مكة والمدينة ونسبهما إلى اليمن لكونهما من ناحيته".
وروى الإمام أحمد في «المسند» (3/335) عن عبدالله بن الحارث المخزومي، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبدالله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«غلظ القلوب والجفاء في أهل المشرق، والإيمان في أهل الحجاز».
ورواه أيضاً في «فضائل الصحابة» (2/863) بهذا الإسناد، وكذلك رواه عن روح عن ابن جريج، به.
ورواه الإمام مسلم في «صحيحه» (1/73) عن إسحاق بن إبراهيم عن عبدالله بن الحارث المخزومي، به.
ورواه أبو نُعيم في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (1/14)، وابن حبان في«صحيحه» (16/285) (باب ذكر إطلاق اسم الإيمان على أهل الحجاز)، كلاهما منطريق أبي عاصم عن ابن جريج، به.
ورواه أبو عوانة في «مسنده» (1/60) من طريق حجاج عن ابن جريج، به.
ورواه الإمام أحمد في «مسنده» (3/345) عن موسى بن داود، قال: أخبرنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر، به.
قلت: الإمام أحمد أورد هذا الحديث في كتاب الفضائل ضمن فضائل أهل اليمن، وكذلك فعل الإمام مسلم، فإنه بعد أن ساق كل الروايات عن أبي هريرة وغيره ختم الباب بهذا الحديث! فهل أراد الإمام مسلم أن يبين أنه معلول على رأي من يقول بأنه إذا أراد أن يبين علة حديث فإنه يورده في آخر الباب؟! أم أنه يرى صحته، وأنه لا ينافي حديث: «الإيمان يمان»؟!
وروى أحمد في «الفضائل» (2/867) عن عبدالله بن الحارث قال: حدثني حنظلة أنه سمع طأوساً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوباً وأرق أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية»، قال حنظلة: فقلت، يا أبا عبدالرحمن: ما يعد اليمن؟ قال:"المدينة".
قلت: فهذا تفسير لهذا الحديث من طاوس اليماني أن المقصود بهم أهل المدينة.
وكل ذلك اجتهاد من هؤلاء الأئمة، فيحتمل أن جابر بن عبدالله – رضي الله عنه – فهم من هذا الحديث أن المقصود بهم أهل الحجاز، فرواه بفهمه، والله أعلم، ولهذا أخره الإمام مسلم في آخر الباب لغرابته عن الأحاديث الأخرى التي فيها نصّ على أن الإيمان يمان، وقيل: حديث«الإيمان في أهل الحجاز» لا يعارض خبر «الإيمان يمان»، إذ ليس فيه النفي عن غيرهم. وقيل: إن مبتدأ الإيمان كان من الحجاز ثم انتشر.
الرابع: أنه أراد أهل تهامة خاصة، وهذا رأي سفيان بن عيينة.
روى الحميدي في «المسند» (2/452) هذا الحديث عن سفيان بن عيينة، قال: حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاكم أهل اليمن، هم ألين قلوباً وأرق أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية، والجفاء والقسوة وغلظ القلوب في الفدادين أهل الوبر عند أصول أذناب الإبل من ربيعة ومضر».
قال سفيان: "وإنما يعني قوله أتاكم أهل اليمن: أهل تهامة؛ لأن مكة يمن وهي تهامة، وهو قوله الإيمان يمان والحكمة يمانية".
وقد ردّ هذا الطحاوي، وقال: لا يصح؛ لأن أكثرهم من مضر.
قال في كتابه «مشكل الآثار»: "فنظرنا فيما قالوا من ذلك هل هو كما قالوه أم لا؟ فوجدنا علي بن معبد قد حدثنا قال: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي مسعود الأنصاري قال: أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن فقال: «الإيمان هاهنا، ألا وإن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين أصحاب الإبل حيث يطلع قرن الشيطان في ربيعة ومضر»، فأضاف القسوة وغلظ القلوب إلى الفدادين من ربيعة ومضر، فكان في ذلك ما قد دل على أن المضاف إليهم من الإيمان، والحكمة والفقه هم أضدادهم الذين ليسوا من ربيعة ولا مضر، وفي ذلك ما ينبغي أن يكون أراد بما في الآثار التي في الفصل الأول أهل تهامة؛ لأن أولئك أو أكثرهم من مضر، ثم وجدنا عنه عليه السلام في هذا المعنى ما هو أكشف من هذا الحديث، وهو ما حدثنا أبو قرة محمد بن حميد الرعيني، حدثنا عبدالله بن يوسف الكلاعي الدمشقي، حدثنا يحيى بن حمزة، عن أبي حمزة العنسي من أهل حمص، - قال أبو جعفر: وهو عيسى بن سليم الرستني: قد حدث عنه عمرو بن الحارث وعيسى بن يونس وغيرهما - أنه حدثه عن عبدالرحمن بن جبير الحضرمي وراشد بن سعد المقرئي وشبيب الكلاعي، عن جبير بن نفير، عن عمرو بن عبسة قال: عرضت الخيل على رسول الله عليه السلام - وعنده عيينة بن بدر - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعيينة: «أنا أفرس بالخيل منك»، فقال عيينة: إن تكن أفرس بالخيل مني فأنا أفرس بالرجال منك، قال: وكيف؟ قال: إن خير رجال لبسوا البردووضعوا سيوفهم على عواتقهم وعرضوا الرماح على مناسج خيولهم رجال نجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كذبت بل هم أهل اليمن والإيمان يمان إلى لخم، وجذام وعاملة ومأكول حمير خير من أكلها وحضرموت خير من بني الحارث» وسمى الأقيال، والأنكال. ففيما روينا في هذا الحديث عن رسول الله عليه السلام تبيانه أهل اليمن الذين أرادهم بما في الآثار الأول وأنهم أهل هذه القبائل اليمانية لا من سواهم.
ووجدنا يونس قد حدثنا قال: أخبرنا ابن وهب، أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فذكر حديثاً طويلاً فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليأتين أقوام تحقرون أعمالكم مع أعمالهم»، قلنا: من هم يا رسول الله، أقريش؟ قال: «لا، أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوباً»، فقلنا: هم خير منا يا رسول الله؟ فقال: «لو كان لأحدهم جبل من ذهب فأنفقه ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه! إن فضل ما بيننا، وبين الناس هذه الآية: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح}» الآية، فكان في هذا ما قد دل على حقيقة أهل اليمن الذين أرادهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفصل الأول من هم، وأنهم خلاف أهل تهامة على ما ذكره ابن عيينة.
ثم وجدنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس قد حدثنا قال: حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حميد، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يقدم قوم هم أرق منكم أفئدة» فقدم الأشعريون فيهم أبو موسى، فجعلوا يرتجزون، ويقولون: غداً نلقى الأحبة محمداً وحزبه، ففي ذلك ما قد دل أيضاً على أن أهل اليمن المرادين كما في الآثار الأول هم الأشعريون، وأمثالهم من القادمين من حقيقة اليمن دون من سواهم".
الخامس: أنهم الأشعريون رهط أبي موسى، وأمثالهم من القادمين من حقيقة اليمن دون من سواهم، كما قال الطحاوي، في ذلك الزمان لا في كل زمان.
قال الحافظ ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» في شرح الحديث: "وهذا إشارة منه إلى أبي موسى الأشعري ومن كان على طريقه من علماء أهل اليمن ثم إلى مثل أبي موسى الخولاني وأويس القرني وطاوس ووهب بن منبه وغيرهم من علماء أهل اليمن، وكلّ هؤلاء من العلماء الربانيين الخائفين لله، فكلهم علماء بالله يخشونه ويخافونه وبعضم أوسع علماً بأحكام الله وشرائع دينه من بعض ولم يكن تمييزهم عن الناس بكثرة قيل وقال ولا بحث ولا جدال".
روى الإمام أحمد في «مسنده» (2/258) عن عبدالرزاق، عن عقيل بن معقل، عن همام بن منبه قال: قدمت المدينة فرأيت حلقة عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم، فسألت، فقيل لي: أبو هريرة، قال: فسألت، فقال لي: ممن أنت؟ قلت: من أهل اليمن، فقال: سمعت حبي- أو قال: سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم يقول: «الإيمان يمان والحكمة يمانية، هم أرق قلوباً والجفاء في الفدادين أصحاب الوبر وأشار بيده نحو المشرق».
وقال ابن الصلاح في «صيانة صحيح مسلم» (ص209-213): "لو جمع أبو عبيد ومن سلك سبيله طرق الحديث بألفاظه كما جمعها مسلم وغيره وتأملوها لصاروا إلى غير ما ذكروه ولما تركوا الظاهر ولقضوا بأن المراد بذلك: اليمن وأهل اليمن على ما هو مفهوم من إطلاق ذلك، إذ من ألفاظه: «أتاكم أهل اليمن»، والأنصار من جملة المخاطبين بذلك فهم إذاً غيرهم. وكذلك قوله: «جاء أهل اليمن»، وإنما جاء حينئذ غير الأنصار، ثم إنه وصفهم صلى الله عليه وسلم بما يقضي بكمال إيمانهم، ورتب عليه قوله: «الإيمان يمان»، فكان ذلك نسبة للإيمان إلى من أتاهم من أهل اليمن لا إلى مكة والمدينة.
ولا مانع من إجراء الكلام على ظاهره وحمله على أهل اليمن حقيقة؛ لأن من اتصف بشيء وقوي قيامه به وتأكد اضطلاعه به نسب ذلك الشيء إليه إشعاراً بتميزه به وكمال حاله فيه، وهكذا كان حال أهل اليمن حينئذ في الإيمان وحال الوافدين منهم في حياته صلى الله عليه وسلم وفي أعقاب موته كأويس القرني وأبي مسلم الخولاني وأشباههماممن سلم قبله وقوي إيمانه، فكانت نسبة الإيمان إليهم لذلك إشعاراً بكمال إيمانهم من غير أن يكون في ذلك نفي لذلك عن غيرهم، فلا منافاة بينه وبين قوله: «الإيمان في أهل الحجاز».
ثم إن المراد بذلك: الموجودون منهم حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمان، فإن اللفظ لا يقتضيه هذا، والله أعلم".
وقد ارتضى هذا النووي فنقله في شرحه على كتاب مسلم، ولم يتعقبه، وكذلك المناوي في«فيض القدير» (3/186) حيث قال: "ثم المراد الموجودين حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمن".
وذهب الحافظ ابن حجر إلى ما هو أعم من هذا، فقال في «فتح الباري» (8/99): "ولا مانع أن يكون المراد بقوله الإيمان يمان ما هو أعم مما ذكره أبو عبيد وما ذكره ابن الصلاح، وحاصله أن قوله يمان يشمل من ينسب إلى اليمن بالسكنى وبالقبيلة، لكن كون المراد به من ينسب بالسكنى أظهر بل هو المشاهد في كل عصر من أحوال سكان جهة اليمن وجهة الشمال فغالب من يوجد من جهة اليمن رقاق القلوب والأبدان، وغالب من يوجد من جهة الشمال غلاظ القلوب والابدان... وأورد البخاري هذه الأحاديث في الأشعريين، لأنهم من أهل اليمن قطعاً، وكأنه أشار إلى حديث ابن عباس: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إذ قال: الله أكبر إذا جاء نصر الله والفتح، وجاء أهل اليمن نقية قلوبهم حسنة طاعتهم الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية".

·الرأي المختار:
قلت: إيراد البخاري له في باب الأشعريين فيه إشارة إلى أنه يرى أن المراد بهذا الحديث هم الأشعريون رهط أبي موسى ومن كان على طريقه من علماء أهل اليمنالموجودين حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمن، وهذا هو رأي جمهور أهل العلم كما تقدم عنهم، وهو الصواب إن شاء الله.
وتعميم ابن حجر بغالب المشاهدة فيه نظر!
نعم، أهل اليمن رقاق القلوب والأبدان، ويمتازون بالبساطة بخلاف أهل المشرق الذين يمتازون بقسوة القلوب، وما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل اليمن صحيح، فهم كذلك، وإخباره عنهم بذلك شيء، وإشارته إلى الإيمان والفقه والحكمة شيء آخر، فالإخبار الأول عام في أهل اليمن، والإخبار الثاني خاص في أبي موسى ومن كان على طريقه من علماء أهل اليمن في ذلك الزمان بدليل ذكر الفقه والحكمة فيهم، وقد برز في ذلك الوقت من كانت فيهم هذه الصفات، والله تعالى أعلم وأحكم.

"القات" معضلة الشعب اليمني!!
·القات: أصله وتركيبه:
هو: "نبات على شكل شجيرات يتراوح طولها بين 2 و5 أمتار، ولونها أخضر بني مع القليل من الحمرة"، وأوراقه بيضوية مدببة، وعمرها لا يتجاوز أسابيع قليلة.
واسمه العلمي (باللاتينية: Celastrusedulis) من الفصيلةالحرابية، وكان أول من سماها باسمها العلمي هو عالم النبات السويدي (بيتر فوسكول 1732-1763م).
وقد ذكر بعض المؤرخين هذه النبتة وأنها كانت موجودة في (تركستان) في القرن الحادي عشر، ذكر ذلك البيروني في بعض كتبه.
وكان القات منتشراً بكثرة في الحبشة، ولما بدأ الإسلام ينتشر فيها في القرن الثالث عشر الميلادي نشبت معارك بين بعض الملوك المسيحيين هناك وبين من اعتنق الإسلام من أهل الحبشة، "وذكر على أن القات كان من ضمن القضايا أو المشكلاتالتي كانت موجودة أثناء الحرب بين الملك المسيحي وبين المسلمين الذين بدأوا يعتنقون الإسلام في الحبشة".
وأما"شيوع عادة مضغ أوراق القات في منطقة جنوب البحر الأحمر، وبوجه خاص فياليمنوالحبشة، ترجع إلى حوالي القرن الرابع عشر الميلادي، وقد ورد ذكر ذلك عرضاً في وثيقة تاريخية حبشية مكتوبة باللغة الأمهرية تصف حملة تأديبية قام بها جنود الملك المسيحي "عمداسيون" من الحبشة ضد الملك المسلم صبر الدين في اليمن، وتاريخ هذه الوثيقة بالعام 1330م".
ويصف المقريزي (1364-1442م) في رسالته: «الإلمام بأخبار من بأرض الحبشة من ملوك الإسلام«الفتح» شجرة من أرض الحبشة تسمى بالقات، وهي شجرة لا تعطي فواكه، ولكن السكان يمضغون أوراقها الصغيرة، وهذه الشجرة تضعف الشهية والشهوة والنوم.
وأكثر انتشار لهذه الشجرة الآن في أرض اليمن، وكان انتقالها من الحبشة. وقد ذكر المؤرخ والأديبأحمد بن فضل الله العمري (ت749هـ) في بعض كتبه كيفية انتقال القات من الحبشة إلى اليمن.
ودخول القات إلى اليمن كان في القرن الثالث عشر الميلادي على أيدي اليمنيين الذين ذهبوا إلى الحبشة لنشر الدِّين، فلما رأوا الأحباش يستخدمونه جلبوه إلى اليمن وصاروا يستخدمونه كما يستخدمون القهوة فيغلونه كما يغلون القهوة. ثم تطور هذا الأمر حتى وصل إلى مراحل متقدمة عند اليمنيين كما نشاهده اليوم.
ووجوده في بدايته كان محدوداً، بل مقصوراً على فئة معينة من الناس.
ففي القرن الثامن عشر الميلادي كانت هناك البعثة الاستكشافية الملكية الدنماركية إلى العالم العربي من قبل (الملك فريدريك الخامس عام 1761م)، حيث استمرت سبع سنين وضمت ستة مستكشفين من كبار العلماء، وكان من بينهم عالم الأحياء السويدي السيد (بيتر فوسكول) الذي كانت مهمته جمع الوثائق اللازمة عن عالم الحيوانوالنبات، وهو الذي اكتشف تركيب نبتة القات (الكاثينول)، وقد وصفوا في رحلتهم أنهم كانوا يمرون ببعض المدن اليمنية فيجدون بعض الصفوة من الناس يجتمعون ويتناولون القات، ولم يكن منتشراً بين كل اليمنيين، وإنما كان محصوراً في أوساط طبقة السادة والأشراف وأصحاب المال، وبقي كذلك حتى عام (1803م) بسبب غلاء سعره، ثم زاد الإقبال على القات فتوسعت "زراعته في القرن التاسع عشر بسبب سياسة الضرائب التي مارسها الحكم العثماني على المحاصيل وخاصة البن، مما حدا بالعديد من المزارعين إلى ترك الأرض وإهمالها والتخلص من أشجار البن هروباً من الضرائب.واستمرت هذه السياسة على نحو أكثر حدة من قبل الحكام الذين تعاقبوا بعد الحكم العثماني، الأمر الذي ساعد على استبدال أشجار البن بأشجار القات خصوصاً وأن الضرائب لم تكن قد سنت بعد على زراعة القات".
وبهذا أصبحت زراعة القات من أهم المحاصيل في اليمن "وتدل البيانات على أنه كان ينقل ما مقداره حمل ألف جمل سنوياً إلى مستعمرة عدن وحدها خلال هذه الفترة. وتشير الأبحاث أيضاً إلى أن مضغ القات أصبح عادة شعبية اعتباراً من عام 1873 حيث توسعت زراعته حتى وصلت إلى حراز وحفاش، وأصبح أهم محصول زراعي في اليمن، ومنذ بداية القرن العشرين دخل ضمن فئات المستخدمين للقات أفقر الفئات الاجتماعية بما في ذلك النساء والطلبة.وغالبية العمال والصنايعية في اليمن يمضغون "القات"، حتى الصغار يباع لهم نوع مخفف شبيه بالقات من حيث الشكل لكي يتعودوا عليه!
ويقول المؤرخون: إن اليمنيين كانوا يستعينون بالقات سابقاً للعمل في شق الجبال، ونحت البيوت المنتثرة على تلك القمم الشاهقة. ويصرف اليمنيون جل مواردهم على شراء القات.
ويؤكد الباحثون أن التوسع الكبير في زراعة القات كان بعد قيام ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962 بسبب انفتاح البلاد، وظهور الأسواق، واتساع الهجرة إلى المدن، وإلى خارج البلاد، وتأثير ذلك على زيادة دخل الفرد بسبب الهجرة وعائدات المغتربين التي كانت تصرف على شراء الكماليات وتعاطي القات وبناء المساكن في ظل عدم وجود أية مشاريع أو خطط تنموية استثمارية من شأنها تسخير هذه التحويلات للنهوض بالاقتصاد المحلي".
والقات يحوي بعض المواد الكيمائية التي تستخدم في المنبهات العصبية، والإدمان عليها يؤدي إلى إهلاك الجهاز العصبي، ويؤدي إلى الهلوسة.
وقد اكتشف في عام (1885م) أنه يحتوي أيضاً مادة الكافيين (Coffeine‏) وهي مادة منشطة خفيفة تجعل الشخص يقظاً ومنتبهاً)، وفي عام (1955م) اكتشف أنه يحوي مواد مشابهة للإيفدرين (Ephedrine‏) (وهي مادة تستخدم كمنبه وتوسع للقصبات الهوائية، ويستخدمها الرياضيون لزيادة التحمل في ألعابهم)، وفي عام (1961م) اكتشف أنه يحوي مادة (الكاثينcathine).
والقات يحوي أيضاً مادة (الكاثينون cathinone)، وعندما تعمر الأوراق تتحول مدة الكاثينون إلى كاثين، ويقل تأثيرها المنشط، وهذه المادة هي المسؤولة عن الأعراضالسبمثاوية التي تحدث عند تناول القات مثل: توسع حدقة العين، وزيادة ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم.
ومادة الكاثينون هي المسؤولة عن شعور (المُخزن) بالارتياح، وقوة التركيز، مما يجعله نشيطاً فكرياً وجسدياً.
وقد أثبتت التجارب العلمية تشابهاً كبيراً بين تأثير الكاثينون وتأثير مادة الأمفيتامين (Amphetamin) التي كان يصنع منها أقراصاً لمقاومة النوم كان يستخدمها الجنود في الحرب العالمية الثانية، ويستخدمها الرياضيون أيضاً، وكثرة استخدام هذه المادة يؤثر على الجهاز العصبي ومع طول استخدامه يؤدي إلى فصام.
فكلا المادتين الكاثنيون والأمفيتامين تزيدان إفراز مادة (الدوبامين) (وهي من المواد الكيميائية التي تقوم بعمليات النقل العصبية, تتواجد بتركيز عال في الدماغ)، وهذه المادة تبعث على السعادة والنشوة في الخلايا العصبية.
قالوا في مدح القات:
القات يجلب للأرواح أفراحا
ويورث القلب تنويراً وإصلاحاً
ويشرح الصدر من هم ومن نكد
حتى يعود بعيد الهم مرتاحا
لا شك أن هذا الشعور الذي يشعر به (المخزن) يجعله يدافع عن القات بقوله: إنه ليس بمخدر! ولكن من عنده ذرة عقل يعلم أن هذا الشعور الذي يتكلم عنه هذا المادح للقات هو الشعور نفسه الذي يحسّ به مدمن المخدرات؛ وذلك أنه يظن أنه نفسه قد ارتاحت والهم قد زال، والنكد قد ابتعد، فهو حقيقة لا يعرف حقيقة شعوره لأنه قد دخل في باب الإدمان الذي أذهب عقله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومن هنا فإن كثيراً ممن يتحدثون عن القات من هؤلاء المخزنين يقولون بأن بعض البعثات الطبية الغربية أثبتت أنه ليس بمخدر!!!
ولكن الصواب عكس ذلك، فقد "أدرجت منظمة الصحة العالمية القات عام 1973 ضمن قائمة المواد المخدرة، عندما أثبتت الأبحاث التي استمرت ست سنوات احتواء نبتة القاتعلى مواد نوربسيدو فيدرين والكاثينو"الكاثينون" أو "أمينو بروبريوفينون"تتشابه كذلك معه مجموعة الأمفيتامينات في تأثيرها المنبه على الجهاز العصبي حيث تتسبب إفراز بعض المواد الكيميائية التي تعمل على تحفيز الخلايا العصبية مما يقلل الشعور بالإجهاد والتعب، ويزيد القدرة على التركيز في الساعات الأولى للتعاطي، ثم يعقب ذلك شعور بالإكتئاب والقلق. وتم حصر أربعين مادة من أشباه القلويات في نبتة القات، صنفت ضمن مجموعة الكاثيديولين، ومعظمها يتشابه مع الكوكايين والأمفيتامينات في تأثيرها على المتعاطي، تؤدي هذه المواد إلىزيادة ضربات القلب والنشاط الحركي وزيادة استهلاك الأوكسجين. وقد أجرى الخبراء تجارب على الفئران لمعرفة تأثير الكاثينون فوجدوها تعيش حالة من المرحالصاخب لمدة 24 ساعة عقب تناول الجرعة، ثم تعقبها حالة من الإكتئاب والخمول والشعور بالأرق والقلق بعد ذلك، وهي حالات مشابهة لما يشعر به مدمنو القات".
·كيفية عمل القات في الجسم:
تعمل المواد الكيميائية التي في نبتة القات على تنشيط الجهاز العصبي وتخديره، ومضغه يزيد من البلازما داخل الجسم، مما يؤدي إلى تنشيط الدورة الدموية بقوة إلى الدماغ، فتحدث تركيزاً شديداً في الساعات الأولى من تناوله، مما يجعل متعاطيه أن يزيد من نشاطه الذهني والجسدي وسرعة التذكر، وعدم الشعور بالإرهاق والجوع، فيوصف متعاطيه بأنه صاف ذهنياً ويقظاً!!
ولكن هذا الشعور وهذه الحسنات لا تطول، بل سرعان ما تتلاشى إذا بطل مفعول المواد الموجودة في القات، فيشعر المخزن بالوهن والكسل والتعب، بسبب حصول "إجهاد للذاكرة، وإجهاد للمخ والأعصاب، ثم يحدث الارتداد والكسل والهبوط، وبالتالي يلاحظ أن المخزنين له في الساعة الأولى يكونوا في حالة نشوة، وفي حالة تركيز شديد، وقدرة على التفكير والربط بين القضايا، لكن بعد الساعتين الأولتين تبدأ مرحلة الهبوط، وبالتالي يؤثر على عمل المتعاطي في الساعات اللاحقة"، ولهذا يدمن متعاطوا القات عليه؛ لأنهم يريدون أن يكونوا في حالة النشوة دائماً!
وعليه فإن الاستمرار باستعمال القات على المدى الطويل يؤدي إلى نتائج عكسية، فيؤدي إلى الضعف العقلي والجسمي، والعجز الجنسي، وأحياناً إلى الهلوسة أو الجنون.
·أضرار القات على الإنسان وعلى البيئة:
أثبتت الدراسات العلمية أن للقات ضرراً كبيراً على جسم الإنسان، ومنها:
- تسريع ضربات القلب وخفقانه.
- يزيد نسبة السكر في الدم، مما يجعل المخزن له عرضة للإصابة بمرض السكري.
- يقلل نسبة البروتين في الدم، مما يؤثر على نمو الجسم "ولعل هذا ما يفسر الهزال وضعف البنية لدى غالبية المتعاطين في اليمن على سبيل المثال".
- يؤدي إلى عملية عسر الهضم، وأمراض البواسير، "بسببوجود مادة التانين، ويعزى السبب كذلك إليه في فقدان الشهية وسوء التغذية لدى المتعاطين".
- يزيد من حالات سرطانات الفم والفك، "خاصة في السنوات الخمس الأخيرة إذ انتشرت عمليات استخدام مواد كيميائية غير مسموح بها عالمياً ترش على هيئة بودرة أثناء زراعته".
- يزيد ضغط الدم، وارتفاع حرارة الجسم.
- يزيد اتساع حدقة العين ويصيب الفم بالتهابات.
- يجعل التبول صعباً.
- يصيب الإنسان بمرض الزهري وتلف الكبد.
- بعد زوال مفعوله يصاب (المخزن) بالكسل والتعب، والشعور بالقلق والإكتئاب، والنوم المتقطع، والنعاس الشديد، وفقد القدرة على التركيز وإدراك الأمور، والضعف الجنسي، وغير ذلك!!
ولا يقتصر ضرر هذه النبتة على جسم الإنسان فقط، بل يتعداها إلى الضرر على البيئة والتعدي عليها، وكذلك إسراف الأموال الطائلة التي فيها قوام الشعب.
فقد أشارت"الإحصائيات أن المساحات المزروعة بالقات تزيد على مئة ألف هكتار من الأراضي في اليمن ونمو زراعته على حساب المحاصيل الأخرى. وبحسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة فإن المساحات المزروعة بالقات في اليمن تقدر بربع مساحة الأراضي المروية بما يقرب من 650مليون شجرة قات تستحوذ على مساحات شاسعة من الأرض الصالحة للزراعة".
وينفق اليمنيون (7 مليار دولار) على القات سنوياً!!
فالقات يهلك الحرث والنسل، ويؤدي بالناس إلى الهاوية، فيدمر الاقتصاد، ويدمر النفس، ويدمر الأراضي الزراعية، ويستهلك المصادر المائية بنسبة 65 بالمائة من مياه اليمن الجوفية الثمينة.
وتصور أن المخزن يجلس مع أصحابه المخزنين، وكذلك المرأة تجلس مع صويحباتها المخزنات لساعات طويلة، فكيف تكون الروابط الأسرية في هذا الجو؟! وكيف يكون شعور الأولاد كذلك؟!!
·كيفية تعاطي القات:
إذا نظرت إلى اليمنيين – وهم ضعاف البنية- ترى وجوههم منتفخة بسبب ما يخزنونه من قات في أفواههم!! فمن ينظر إليهم – وهو لا يعرفهم - يظن أنهم مصابون بمرض ما!
تبدأ رحلة (التخزين) بأن يضع (المُخزن) أوراق القات في فمه، ثم يقوم بمضغها وتخزنيها في أحد شدقيه،ثم يمتصها ببطء عن طريق الشعيرات الدموية في الفم، أو يبتلع عصيرها مع قليل من الماء أو المياه الغازية بين الحين والآخر.
وتستمر عملية امتصاص القات ساعات طويلة، حيث يبدأ المضغ (التخزين) بعد تناول الغداء الذي يكون غالباً بين الواحدة والثانية ظهراً إلى قبيل غروب الشمس، ثم يعاود بعضهم التعاطي مرة أخرى حتى ساعة متأخرة من الليل.
وقد يصاحب تخزين القات تدخين النرجيلة بصورة جماعية في غرف يطلق عليها في اليمن "دواوين" وتكون نوافذها مغلقة حيث تتكاثر في أجوائها سحب الدخان الكثيفة.
وتوضع حزم القات أمام المتعاطين بصورة جماعية أو فردية، كما توضع أمامهم آنية صغيرة للبصاق الذي يخرج من أفواههم بين الحين والآخر، وكذلك توضع مياه باردة أو مياه غازية على حسب رغبة المتعاطي.
ويرى المتعاطون للقات بأنه يمدهم بنشاط ذهني وعضلي، ويوثق علاقاتهم الاجتماعية، ووسيلة للتسلية، وقضاء أوقات الفراغ، ويرتبط أيضاً بالمناسبات الاجتماعية خاصة في الأفراح والمآتم وجلسات الصلح بين القبائل، فلا يكون هناك اجتماع وإلا والقات هو الزائر الأكبر عندهم!
وهناك أسواق يُباع فيها القات ويجتمع فيها تجاره، وأسعاره مختلفة بحسب نوعيته، فسعره يتراوح بين (150) ريال يمني إلى أن يصل الآلاف! (أي من 3 ريال سعودي إلى الآلاف)، وهناك أسعار مختلفة بحسب الموسم.
·النساء والأولاد والقات:
كان من العرف القديم في اليمن أنه من العيب أن تتعاطى النساء القات، ولكن – وضمن الحرية بين الرجل والمرأة – أصبحت المرأة مشاركاً أساسياً في تناول القات، وكذلك الأولاد. وأصبح للنساء مجالس خاصة للتعاطي كما أن للرجال مجالس.
وقد كتبت بعض الرسائل الجامعية في (تعاطي النساء للقات) فكشفت عن نتائج مرعبة تتعلق بذلك، ومن أهمها: أن تكلفة مجالس القات عند النساء تساوي - أحياناً- ثلاثة أضعاف مجالس القات عند الرجال، بالنظر إلى نوع القات المقدم في تلك المجالس، وكذلك المشروبات والمأكولات، فتتنافس النساء في ذلك، ومن المعروف أن النساء يغرن من بعضهن البعض، فيحصل التنافس في هذه المجالس: من مجلسها الأحسن، وهذا يستنزف مقدرات هذه العوائل التي قد تكون في أصلها فقيرة، فتورط نفسها في الدّيون.
وهناك بعض الدراسات أثبتت أن اعتقاد الطلاب في أن القات يساعدهم على التركيز وسرعة التذكر اعتقاد باطل.
وقد أُخذت عينة من طلاب وطالبات لا يتعاطون القات، وعينة أخرى من طلاب وطالبات يتعاطون القات، فأثبتت الدراسات أن علامات الطلبة – ذكوراً وإناثاً – الذين لا يتعاطون القات أعلى من علامات من يتعاطونه في سنوات الدراسة الجامعية كلها.
·صحيفة "الجارديان" ومنظمات عالمية تحذر اليمنيين من القات:
نشرت صحفة "الجارديان" البريطانية في عددها الصادر يوم (27/2/2010م) تحقيقاً مطولاً عن مضغ اليمنيين للقات أنذرت فيه بكارثة ستحل باليمن بسبب ذلك.
"وقالت الصحيفة:إن اليمن في طريقه إلى التدمير الذاتي إذا استمر اليمنيون في مضغ هذه النبتة، فعلى سبيل المثال فإن العاصمة صنعاء التي يبلغ النمو السكاني فيها 7 بالمائة سنوياً ستغدو بلا مياه صالحة للشرب بحلول عام 2017 بسبب استهلاك مياه حوض صنعاء المائي في إنتاج نبات القات، وهو نفس العام الذي سيتوقف فيه دخل اليمن من النفط الذي يمثل حالياً ثلاثة أرباع مصدر دخل الدولة.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن الصحيفة:أن سعر المياه الصالحة للشرب في العاصمة تضاعف ثلاث مرات خلال العام الماضي، فيما تزايدت المواجهات المسلحة على مصادر المياه على أطراف المدينة بينما تضطر بعض الأُسر إلى صرف ثلث دخلها على شراء ماء الشرب. ولا توجد حلول عملية لمواجهة هذه المشكلة سوى الحد من زراعة القات حسبما يرى المعنيون لكن السير في هذا الخيار ليس بالأمر السهل لأنه سيتسبب باضطرابات سياسية واجتماعية إذ أن عدداً كبيراً من السكان يعملون في هذا المجال.
ومن المفارقات أن التقديرات الحكومية تشير إلى أن نحو مليار لتر من وقود الديزل تم استهلاكه في ضخ مياه الآبار الآيلة إلى النضوب لري القات، وبما أن هذا الوقود مدعوم من قبل الدولة، هذا يعنيأن نحو 700 مليون دولار صرفته الدولة لاستنزاف مواردها من المياه".
وقد ظهرت دعوات عالمية كثيرة للتوعية بمضار القات والحد من انتشاره في اليمن من خلال عقد المؤتمرات العالمية بإشراف منظمة الصحة العالمية، والمنظمة العربية للدفاع الاجتماعي، والمجلس الدولي للكحوليات والمخدرات.
وقد اعتنى بهذا الموضوع أيضاً نخبة من المثقفين اليمنيين فنادوا بالقضاء على هذه النبتة المخدرة.
بالإضافة إلى كل هذا الاهتمام الدولي منعتدول الخليج المسافرين القادمين من اليمنإدخاله، وفرضت عقوبات صارمة لمن يثبت تعاطيه أو المتاجرة به تصل إلى السجن (6) سنوات.
وقد "أفادت المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان– في اليمن- أن الطقوس اليومية الشائعة لمضغ أوراق القات الغنية بمادة الإمفيتامين المخدرة هي السبب وراء ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الفم في اليمن، وقد عزت المؤسسة انتشار حالات السرطان إلى الاستخدام المكثف للمبيدات من قبل مزارعي القات الذي يزرع في اليمن منذ أكثر من 500 عام. وقال نديم محمد سعيد، رئيس مركز الأورام السرطانية الممول من الدولة في العاصمة صنعاء أن حوالي 30 بالمائة من مرضى السرطان الذين يعاينهم يعانون من سرطان الفم واللثة، وهو ما تربطه بعض الدراساتبالقات وبالمضغ المكثف للتبغ المعروف بالشمة. وعلَّق سعيد على ذلك بالقول: (هذا رقم مخيف بالفعل ويمثل أحد أعلى المعدلات في العالم بالنسبة لسرطان الفم واللثة)".
وفي (مركز الأورام السرطانية) الذي يضم 56 سريراً وهو المستشفى الوحيد المتخصص في الأورام في اليمن، يستقبل من 400-450 حالة شهرياً، والتمويل الشهري له لا يكفي إلا لعلاج 200 حالة بحسب مدير المركز.
والإدمان على مضغ هذه النبتة الخبيثة أدى إلى انتشار بعض العقائد الباطلة عند بعض من اليمنيين، حيث يعتقدوا أن الإصابة بالسرطان هو القضاء والقدر لا بسبب القات!!
وهناك رسائل علمية كثيرة أثبتت أضرار القات في شتى النواحي.
ومنها: رسالة للدكتور طاهر بن محمد عريشي قدمها لكلية الآداب والدراسات الإنسانية بالجامعة الأمريكية الدولية في لندن لنيل درجة الدكتوراة. وتناولت هذه الدراسة: "مشكلة تعاطي نبات القات في بعض المجتمعات ومراحل اكتشاف مخاطره الصحية النفسية ومكوناته الكيميائية وأثر إدمانه على سوء التغذية والبنية الجسمانية، وشخصية متعاطي القات وعلاقته بالآخرين وعلاقته بالعمل والإنتاجية.. كما تناول الباحث جهود المملكة للقضاء على نبتة القات الضارة بمنطقة جازان".
وقد خلص الباحث إلى جملة من التوصيات، وقدم عدداً من الاقتراحات يرى أن من شأنها الحد تدريجياً من تعاطي نبات القات وبالتالي اجتثاث أضراره المتعددة على المجتمع المتعاطي، ضمن التوصيات الآتية:
1- التوجيه النفسي للمستخدم عن طريق العيادات النفسية والطبية الأخرى التي يراجعها، يركز فيه على أن استخدام القات يسبب اضطرابات نفسية كثيرة قد لا يشعر بها، ولكنها تلاحظ عليه وتظهر أثناء قياسها وهي شبيه بالخلايا السرطانية التي لا تظهر إلا بعد انتشارها في العضو كله.
2- تكثيف التوعية النفسية والصحية بأضرار القات على جميع شرائح المجتمع ومؤسساته الحكومية والأهلية.
3- إعادة برمجة الذات الداخلية للمستخدم للقات بوسائل الإقناع النفسي والذهني عن أضرار القات النفسية والجسدية والجنسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية عنطريق اختصاصيين في مجال الصحة النفسية وطب الأسرة والمجتمع.
4- عمل لقاءات مع المتعاطي ومساعدتهم في عملية الإقلاع والتخلص من الإدمان على بعد معرفة أضراره على الفرد والأسرة والمجتمع والدولة.
5- الاستعانة بنتائج الدراسة في مجال التوجيه والإرشاد النفسي أثناء الجلسات العلاجية في العيادات النفسية والطبية الأخرى مثلعيادة الباطنية والجراحة والعيادات السرطانية والجلدية وعيادة الأسنان... إلخ.
6- تفعيل دور المرأة في المجتمع وخصوصاً المرأة التي يستخدم أفراد أسرتهاالقات عن طريق الندوات والمحاضرات التي تركز على علاج المشكلة من خلال المؤسسات التربوية مثل كليات البنات ومدارس التعليم العام والمؤسسات الحكومية الأخرى التي ترتادها المرأة والجمعيات الخيرية النسائية.
7- تكثيف دور جمعية التوعية بأضرار القات في نشر الوعي الديني والثقافي والصحي والاجتماعي بين صفوف أبناء المنطقة عن أضرار هذه المشكلة وما يترتب عليها من اضطرابات نفسية وصحية واجتماعية واقتصادية وتربوية تؤدي بالمجتمع إلى التأخير والهلاك.
وتوصل الباحث إلى أن القات يؤدي للانطواء الاجتماعي والاكتئاب والفصام وضعف الإنتاجية، وعدم الاتزان الانفعالي، واختلال السيطرة على مقومات النواحي الاجتماعية، وغير ذلك.
ومن الرسائل العلمية التي عالجت مسألة القات من جميع النواحي، وخاصة الناحية الشرعية:
1- القات بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، للباحث عبدالملك الحيمي، مقدمة لجامعة أم درمان الإسلامية لنيل درجة الماجستير، 1420هـ، وتقع الرسالة في (387 صفحة).
2- حكم القات في الشريعة الإسلامية، للباحث علي موسى الحكمي، مقدمة لجامعة أم القرى لنيل درجة الماجستير، 1423هـ، وتقع الرسالة في أكثر من (700 صفحة).
·القات بين العلماء المُحللين والمُحرِّمين له:
اختلف أهل العلم في مسألة القات كما اختلفوا في مسائل أخرى ظهرت في الأزمنة المتأخرة كالدخان وغيره.
فمن حرّمه نظر إلى أنه يعدّ من المخدرات أو المسكرات وقاسه عليه، وبعضهم حرمه من باب سد الذرائع وأثره على الجسم بالضرر وغير ذلك.
وأما من أحله فقال إن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وقد جربوه فلم يذهب بعقولهم ولم يؤثر عليهم، وهو على أصله في أنه من المباحات!!
·المحللون له:
قال الشوكاني في «تحريم كل مسكر ومفتر»: "أما القات فقد أكلت منه أنواعاً مختلفة، وأكثرت منها فلم أجد لذلك أثراً في تفتير ولا تخدير ولاتغيير، وقد وقعت فيه أبحاث طويلة بين جماعة من علماء اليمن عند أول ظهوره وبلغت تلك المذاكرة إلى علماء مكة وكتب ابن حجر الهيتمي في ذلك رسالة طويلة سماها (تحذير الثُقات من أكل الكفته والقات) ووقفت عليها في أيامٍ سابقة فوجدته تكلم فيها بكلام من لا يَعرف ماهية القات! وبالجملة أنه إذا كان بعض أنواعه تبلغ إلى حد السكر أو التفتير من الأنواع التي لا نعرفها توجه الحكم بتحريم ذلك النوع بخصوصه، وهكذا إذا كان يضر بعض الطباع من دون إسكار وتفتير حَرُمَ لإضراره، وإلا فالأصل الحل كما يدل على ذلك عمومات القرآن والسنة".
وممن أجازه من فقهاء اليمن لعدم ثبوت الضرر فيه وأنه ليس بمخدر ولا بمسكر:
علي بن عمر الشاذلي (ت828هـ)، وجمال الدين محمد بن كبن الطبري، وأحمد بن عمر المزجد السيفي المرادي (ت930هـ)، وعبدالهادي بن محمد السودي (ت932هـ)، وأحمد بن الطيب الطنبداوي البكري (ت948هـ)، وعبدالرحمن بن عبدالكريم بن إبراهيم بن علي بن زياد (ت975هـ)، وصالح بن صديق النمازي الخزرجي الأنصاري الشافعي (ت975هـ)، وعلي بن الإمام شرف الدين بن الإمام شمس الدين بن الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى (ت978هـ)، وعبدالله بن الإمام شرف الدين بن شمس الدين الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى (ت993هـ)، و حاتم بن أحمد بن موسى بن أبي القاسم الأهدل (ت1013هـ)، والهادي بن أحمد بن محمد بن علي بن صلاح بن أحمد بن الهادي الجلال (ت1079هـ)، ويحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد (ت1100هـ)، وعلي بن إبراهيم بن محمد بن إسماعيل الأمير (ت1219هـ)، وشمس الدين عبدالصمد بن إسماعيل بن عبدالصمد الموزعي، وأحمد بن محمد بن محمد العزي المعلمي (ت1268هـ)، ويحيى بن حُميد الدين، ومحمد بن يحيى بن محمد بن عبدالله الإرياني (ت1350هـ)، ويحيى بن محمد بن عبدالله الإرياني (ت1362هـ)، وعبدالرحمن بن يحيى الإرياني (ت1417هـ)، ويحيى بن لطف الفسيل، ومحمد بن إسماعيل العمراني.
وهؤلاء كلهم من فقهاء اليمن المتأخرين والمعاصرين، وقد نقل أقوالهم عبدالملك الحيمي في رسالته «القات بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي» (ص189-211).
وهناك فتوى لمجموعة من مجلس القضاء الأعلى ومحكمة النقض والإقرار العليا في تحليله، وممن قام بالتوقيع على هذه الفتوى في 8/6/1982م: حسين أحمد السياغي - نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى، ومحمد بن محمد المنصور - ناظر الوصايا، وعبدالقادر بن عبدالله - رئيس المحكمة العليا للنقض والإقرار، وعبدالله عبدالوهاب الشماحي - عضو المجلس الاستشاري، ومحمد بن أحمد الجرافي - وكيل وزارة العدل، وأحمد بن محمد المهدي - عضو المحكمة للنقض والإقرار، ومحمد بن قاسم الوجيه - عضو المحكمة للنقض والإقرار، وحسين بن عبدالله الشرفي - عضو المحكمة للنقض والإقرار، وعلي بن قاسم الشامي - عضو المحكمة للنقض والإقرار، وعبدالوهاب محمد السماوي - رئيس الشعبة الثالثة بالمحكمة، والقاضي يحيى لطف الفسيل - رئيس المعاهد العلمية، وأحمد بن محمد زبارة - المفتي العام للجمهورية اليمينة.
قالوا في خاتمة فتواهم: "فنحن كعلماء مسؤولون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتبيين الحقيقة نقرر ونفتي أن القات: حلال، حلال، حلال".
وممن أحله من العلماء خارج اليمن:
عبدالله بن علي العمودي الصديقي، ومحمد بن نافع الشامي.
·المُحرمون له:
وممن حرّمه من العلماء بسبب ضرره وإسكاره:
شمس الدين يوسف بن يونس الجبئي الجابري (ت904هـ)، وأبو بكر بن إبراهيم المقرئ الحرازي الشافعي (ت907هـ)، وأبو هريرة إبراهيم العراقي (ت922هـ)، وشرف الدين بن شمس الدين ابن الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى (ت965هـ)، وأحمد بن إبراهيم المقرئ الطبيب، وحمزة بن عبدالله الناشري، والحسين بن ناصر المهلا اليماني (ت1111هـ)، والحسين بن أحمد السياغي (ت1221هـ)، وعلي بن عبدالله بن علي الإرياني، وعلي بن يحيى الإرياني، ومحمد بن سالم البيحاني، وعبدالوهاب بن لطف الديلمي، ومقبل بن هادي الوادعي، ومحمد الصادق عبدالله مغلس، ومحمد بن عبدالله الإمام.
وهؤلاء من فقهاء اليمن وأهل العلم المتأخرين والمعاصرين، وقد نقل أقوالهم عبدالملك الحيمي في رسالته «القات بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي» (ص227-256).
وممن حرمه من خارج اليمن من أهل العلم:
عبدالرحمن الجزيري (ت1361هـ)، ومحمد بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ، والشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ عبدالكريم زيدان، وغيرهم.
·فتوى اللجنة الدائمة:
فتوى رقم 2159 بتاريخ 25/10/1398هـ:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله وصحبه – وبعد.. فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء على الاستفتاء المقدم لسماحة الرئيس العام من علي بن حسين الرشيدي وناصر بن محمد الأحمدي المحال من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم 1858/2 في 11/9/1398هـ مضمونه:(أن زراعة القات انتشر بشكل واسع في اليمن ويطلبان بيان حكم زراعته وبيعه وشرائه ) – وأجـابت اللجنة بما يلي:
"القات محرمٌ ولا يجوز لمسلم أن يتعاطاه أكلاً وبيعاً وشراءً وغيره من أنواع التصرفات البشرية في الأموال المباحة، وقد صدر من سماحـة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فتوى في تحريمه وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم".
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: الرئيس/ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، نائب رئيس اللجنة/ عبدالرزاق عفيفي، عضو/ عبدالله بن قعود، عضو/ عبدالله بن غديان
فالقات محرّم لما فيه من المفاسد والأضرار الكثيرة سواء على جسم الإنسان وأجهزته المختلفة العصبية والهضمية وغيرهما مما يسبب له الأمراض المزمنة كالسرطان، أو الأضرار المادية لما فيه من الإسراف وتضييع المال والأوقات والصد عن ذكر الله وتأخير الصلاة حتى تخرج عن وقتها وجمعها مع صلاة أخرى، وغير ذلك من المفاسد.
قال الفقيه الشافعي ابن حجر الهيتمي في كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر) في بيان اختلاف العلماء في عصره حول حكم القات: "وقد ألفت كتاباً سميته (تحذير الثقات عن استعمال الكفتة والقات)، لما اختلف أهل اليمن فيه، وأرسلوا إليّ ثلاثة مصنفات:اثنان في تحريمه، وواحد في حلّه، وطلبوا مني إبانة الحق فيها، فألفت ذلك الكتاب في التحذير عنها، وإن لم أجزم بحرمتهما".
ثم بيّن سبب اختلافهم في تحريمها في كتابه (تحذير الثقات)، فقال: "والظاهر أن سبب اختلافهم ما أشرت إليه من اختلاف المخبرين، وإلا ففي الحقيقة لا خلاف بينهم، لأن من نظر إلى أنه مضر بالبدن أو العقل حرّمه، ومن نظر إلى أنه غير مضر لم يحرمه، فهم متفقون على أنه إن تحقق فيه ضرر حُرّم، وإلا لم يحرم، فليسوا مختلفين في الحكم، بل في سببه، فرجع اختلافهم إلى الواقع".
والواقع الآن يشهد بأن ضرر هذه الشجرة أكثر من نفعها عند من يرى أن فيها منافع! فمن جرّبها من أهل العلم وغيرهم رأى أن فيها أضراراً تلحق بالجسد فتؤثر على عقله!! وهناك من الناس من يقول بأن هذه النبتة لا تؤثر على عقولهم، وإن صح ذلك فإنها تحرم في حقهم من جهة أخرى، وهي ما يحصل عنها من أضرار بدنية فيصاب متعاطيها بأمراض كثيرة وهذا ثابت طبياً، وأضرار أخرى بتضييع الأموال، وتضييع الأوقات، وتضييع العبادة والصلاة، وتضييع حقوق الأهل والأولاد.
إلى غير ذلك من الأضرار الطبية والاجتماعية، والتي ألفت فيها بحوث من قبل مختصين في كل من الطب، وعلوم الاجتماع، وأكثر هذه المؤلفات والبحوث كان من المختصين في الطب، فلهذا كله وغيره نجزم بتحريم تعاطيها مهما ذكر من منافعها، فلا يقابل ضررها بحال. وقد جزم بذلك العلامة الفقيه أبوبكر بن إبراهيم المقرئ الحرازي الشافعي في مؤلفه في تحريم القات حيث قال: - وهو ممن جربها وأكلها - إني رأيت من أكلها الضرر في بدني وديني فتركتها، فقد ذكر العلماء أن المضرات من أشهر المحرمات، فمن ضررها أن آكلها يرتاح ويطرب، وتطيب نفسه، ويذهب حزنه، ثم يعتريه بعد ساعتين من أكله هموم متراكمة، وغموم متزاحمة،وسوء أخلاق. وحدثني عبدالله بن يوسف المقرئ عن العلامة يوسف بن يوسف المقرئ أنه كان يقول: ظهر القات في زمن فقهاء لا يجسرون على تحريم، ولا تحليل، ولو ظهر في زمن الفقهاء المتقدمين لحرموه.
وكذلك جزم بتحريمها الشيخ محمد بن سالم البيحاني اليماني في كتابه (إصلاح المجتمع) حيث قال: "وهنا أجد مناسبة وفرصة سانحة للحديث عن القات والتنباك، والابتلاء بهما عندنا كثير، وهما من المصائب والأمراض الاجتماعية الفتاكة، وإن لم يكونا من المسكر فضررهما قريب من ضرر الخمر والميسر، لما فيهما من ضياع الأموال، وذهاب الأوقات والجناية على الصحة، وبهما يقع التشاغل عن الصلاة، وكثير من الواجبات المهمة، ولقائل أن يقول هذا شيء سكت الله عنه، ولم يثبت على تحريمه والامتناع منه أي دليل، وإنما الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرّمه الله، وقد قال جل ذكره: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة:29]. وقال تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [الأنعام:145]. وصواب ما يقول هذا المدافع عن القات والتنباك، ولكنه مغالط في الأدلة، ومتغافل عن العمومات على وجوب الاحتفاظ بالمصالح، وحرمة الخبائث، والوقوع في شيء من المفاسد، ومعلوم من أمر القات أنه يؤثر على الصحة البدنية، فيحطم الأضراس، ويهيج الباسور، ويفسد المعدة، ويضعف شهية الأكل، ويدر السلاس - الودي - وربما أهلك الصلب، وأضعف المني، وأظهر الهزال، وسبب القبض المزمن، ومرض الكلى، وأولاد صاحب القات غالباً يخرجون ضعاف البنية صغار الأجسام والقامة قليلاً دمهم، مصابين بعدة أمراض خبيثة، وهذا مع ما يبذل أهله من الأثمان المحتاج إليها، ولو أنهم صرفوها في الأغذية الطيبة، وتربية أولادهم، أو تصدقوا بها في سبيل الله لكان خيراً لهم... وإنهم ليجتمعون على أكله من منتصف النهار إلى غروب الشمس، وربما استمر الاجتماع إلى منتصف الليل يأكلون الشق، ويفرون أعراض الغائبين، ويخوضون في كل باطل، ويتكلمون فيما لا يعنيهم، ويزعم بعضهم أنه يستعين به على قيام الليل، وأنه قوت الصالحين. ومن الشيوخ الذين قضى القات على أضراسهم من يدقه، ويطرب لسماع صوت المدق، ثم يلوكه، ويمص ماءه، وقد يجففونه، ثم يحملونه معهم في أسفارهم، وإذا رآهم من لا يعرف القات سخر بهم وضحك منهم".
وفي المؤتمر العالمي لمحاربة المسكرات والمخدرات والتدخين، الذي عقد في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية (27-30/5/1402هـ) صدر قرار بالإجماع على إدخال القات ضمن المواد المشمولة بالمنع، وتلحق بالمخدرات والتدخين، رغم اعتراض كثير من مشايخ اليمن على ذلك!
ولو عددنا القات من المشتبهات الواردة في حديث النعمان بن بشير مرفوعاً: «الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات...» لكان ينبغي للمسلم أن يجتنبها.
قال ابن حجر الهيتمي: "والحاصل أني وإن لم أجزم بتحريمه على الإطلاق.. أرى أنه لا ينبغي لذى مروءة أو دين أو ورع أو زهد أو تطلع إلى كمال من الكمالات أن يستعمله؛ لأنه من الشبهات، لاحتماله الحل والحرمة على السواء، أو مع قرينة أو قرائن تدل لأحدهما، وما كان كذلك فهو مشتبه أي اشتباه، فيكون من الشبهات التي يتأكد اجتنابها.. وإذا تقررت لك هذه الأحاديث، وعلمت أن غاية أمر هذه الشجرة أنها من المشتبهات تعيَّن عليك - إن كنت من الثقات والمتقين - أن تجتنبها كلها، وأن تكف عنه، فإنه لا يتعاطى المشتبهات إلا من لم يتحقق بحقيقة التقوى، ولا تمسك من الكمالات بالنصيب الأقوى...".

وكتب:
خالد الحايك
25/5/2011م
gr-dawn.png


هذا، والله أعلم.
 
إنضم
3 يونيو 2013
المشاركات
307
التخصص
الاعلام
المدينة
المنيا
المذهب الفقهي
الشافعى
رد: معنى حديث "الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ" واسقاطه .. (طلب الرد)

نعم قرأته قبل انشاء الموضوع .. وليس تفسيره أو معناه المطلوب .. المطلوب من السؤال خصوص علماء اليمن بالفهم أو على الأقل من هو منهم على طريقة أهل السنة وقدأجابنى الشيخ الفاضل أبو مالك العوضى :

من الطرق المهمة التي ينبغي أن يسلكها طالب العلم أن يحاول تقليل الإطار الذي يتحرك بتفكيره فيه إن لم يستطع التحديد التام له

يعني لو افترضنا أننا لم نعرف تفسير هذا الحديث، فإننا يمكننا ابتداء أن نحدد بعض التفسيرات التي لا يمكن أن ينطبق عليها الحديث

فمثلا لو فرضنا أن قائلا فسر هذا الحديث بما ظننتم، وهو أن علماء اليمن هم الذين على الصواب، وأنهم هم المجددون للشرع، وأنهم هم السائرون على الطريقة الصحيحة، وأنهم هم المرجع فيما يختلف فيه.
أقول: حتى لو لم نعرف تفسير الحديث، فإننا نقطع أن هذا التفسير باطل!! لماذا؟ لأن اليمن في أغلب تاريخها كانت مرتعا خصبا للمذهب الزيدي والمذهب المعتزلي، وأكثر علماء اليمن هم من الزيدية والمعتزلة، وقد يكون فيهم بعض الشافعية، لكنهم قلة، وفيهم من هو منتسب إلى أهل السنة، لكنهم أيضا قلة، فإذا كان الحكم للأقلية لم يصلح أن يطبق الحديث عليهم؛ لأن الحديث عمم فقال (أهل اليمن) وإن كان الحكم للأكثرية لم يصلح أن يطبق عليهم الحديث أيضا؛ لأنه لا يعقل أن يكون الصواب مع الزيدية والمعتزلة دون أهل السنة.

فالمقصود أن طالب العلم وإن لم يستطع حل بعض الإشكالات التي تواجهه ومعرفة تأويلها، إلا أنه يستطيع الخروج منها سالما بأن يستبعد التأويلات الباطلة كما فعلنا في هذا المثال

وبعد ذلك لا يضرك على أي تأويل تأولت الحديث، ما دام تأويلك لا يخرج عن كلام العلماء المعتبرين ومذاهب أهل السنة.
فبعض العلماء شرح هذا الحديث بأن المقصود به أهل اليمن الذين أسلموا في عهد الرسول أو قريبا منه؛ كأبي موسى الأشعري، وأويس القرني وأبي مسلم الخولاني
وبعضهم قال: إن مقصود الرسول أهل مكة والمدينة الذين أسلموا؛ لأن الرسول قال هذا الحديث وهو بتبوك فأشار إلى مكة والمدينة وسماهم أهل اليمن لأنهم بجهة اليمن
وقال بعض العلماء: إن المقصود مبدأ الإيمان من مكة؛ لأن مكة من تهامة وتهامة من اليمن
وبعضهم قال: إن المقصود بأهل اليمن (الأنصار) لأنهم في الأصل من اليمن
وغير ذلك من المناقشات والتأويلات التي تجدها في شروح العلماء لهذا الحديث.

ومن أكبر الأخطاء التي يقع فيها طالب العلم أن يظن أن العلماء إذا اختلفوا في مسألة فقد ساغ له أن يقول بأي قول يخطر على باله وإن لم يكن له سلف فيه، وإن لم يكن له ما يؤيده من الأصول الشرعية، وكل ما يتعلق به فقط هو ظاهر لفظ لحديث واحد، مع ترك عشرات أو مئات الأحاديث الأخرى التي تعارضه
 
إنضم
3 يونيو 2013
المشاركات
307
التخصص
الاعلام
المدينة
المنيا
المذهب الفقهي
الشافعى
رد: معنى حديث "الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ" واسقاطه .. (طلب الرد)

عموما منتظر افاداتكم أيضاً مشايخنا لمزيد من الفائدة

جزاكم الله خيراً بارك الله فيكم​
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: معنى حديث "الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ" واسقاطه .. (طلب الرد)

لأن اليمن في أغلب تاريخها كانت مرتعا خصبا للمذهب الزيدي والمذهب المعتزلي، وأكثر علماء اليمن هم من الزيدية والمعتزلة، وقد يكون فيهم بعض الشافعية، لكنهم قلة
بارك الله فيك
في هذه النسبة خطأ ، بل لا يوجد الزيدية أصلاً إلا في اليمن الأعلى ، وإنما برزوا وظهروا لأمرين :
الأول والأهم : هو أنهم حكام البلاد في أكثر فترات التاريخ.
الثاني : أن في المذهب الزيدي خصيصتين يخالف بها المذاهب الأربعة وغيرها من مذاهب أهل السنة ، وهي تحريم التقليد على من ملك آلة الاجتهاد، لذا خرج من بينهم كثيرون لا ينتسبون إلى مذهب بعينه لعل أشهرهم محمد بن إبراهيم الوزير صاحب (العواصم والقواصم) و(الروض الباسم) والمقبلي صاحب (العلم الشامخ) و(المنار) والجلال صاحب (ضوء النهار) والصنعاني صاحب (السبل) و(منحة الغفار) و(العدة) وغيرها ، والشوكاني وصنفاته أشهر من أن تحصر وغيرهم.
الخصيصة الثانية أنه ليس لهذه الطائفة إمام متبع في أقواله واختياراته الفقهية ، بل أئمتهم متعددون ، والسبب أن الزيدية في أول أمرهم كانوا في الفروع شافعية وحنفية ، ثم حملتهم العصبية على أهل السنة على أن تخيروا من المذهبين وما ينقل من مذاهب أهل البيت في الجملة ، لكن اختلفت اختياراتهم ، واختلفوا أتباع المختارين أيضاً إلى هادوية وقاسمية وهارونية وغيرهم ، فكان طالب العلم إذا تمكن من معرفة المذهب ، وتمكن من آلة الفقه ، لم يقنع بمحض التقليد مع كثرة الخلاف لعدم الضابط ، فيعتمد الاجتهاد.
بخلاف الشافعية في اليمن ، فإن انضباط مذهبهم كان سبب في خفاء أسماء كثير منهم ، إذ أن المتفقه لا يقصد إلى التعرف إلى آراء ذاك الفقيه ، بل إلى مذهبه .
كما أن من أسباب خفائهم ما يفعله القائمون على تراثهم اليوم ، فهم محتكرين لهذا التراث شحيحين به أيما شح ، وبخاصة في حضرموت ، ونحن ننتظر متى سيخبرونا أن المخطوطات في مكتبة الأحقاف قد هلكت بفعل الأرضة وغيرها.
والأمر بعينه ينطبق على مخطوطات الجامع الكبير بصنعاء وغيرها.
هذا فقط فيما يتعلق بما ذكرتم في المذهب الزيدي وانتشاره
أما نفس الموضوع فلا شيء عندي ، والذي يظهر أنه لا يصح أن يجعل اختيارهم لشيء دليلاً على صحته ولا ترجيحه
وإن كنتُ شخصياً أميل إلى أهل بلدي في الاختيارات الفقهية ، لكني لا أختار قولاً بالاعتماد على البلدية ، إلا أن يقع مني وأنا لا أدري، فإن للهوى مسالك إلى النفوس خفية.

وعلى كل حال لم يسبق لي قط أن عنيتُ بالبحث في عين المسألة ولم أقرأ فيه إلى ما جاء في تفسير رواية الحديث سابق الذكر وبعض كلام الشوكاني في رسالته (القول الحسن في فضائل أهل اليمن) فإنه تطرق إلى فقههم بكلام يسير ، حاصله أن لفقههم مزية على فقه غيرهم.
ومع ذلك الشوكاني نفسه لا يعول على غير النصوص غير مبالٍ بأحد بعدها لا أهل اليمن ولا غيرهم.

والله أعلم
 
إنضم
3 يونيو 2013
المشاركات
307
التخصص
الاعلام
المدينة
المنيا
المذهب الفقهي
الشافعى
رد: معنى حديث "الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ" واسقاطه .. (طلب الرد)

جزاكم الله خيرا أخى على الافادة .. وان كنت لا أحب التشعبات فى مواضيعى
على كل حال لم يسبق لي قط أن عنيتُ بالبحث في عين المسألة ولم أقرأ فيه إلى ما جاء في تفسير رواية الحديث سابق الذكر وبعض كلام الشوكاني في رسالته (القول الحسن في فضائل أهل اليمن) فإنه تطرق إلى فقههم بكلام يسير ، حاصله أن لفقههم مزية على فقه غيرهم.
لكن فى أى شىء المزية ولماذا ؟​
 
إنضم
3 يونيو 2013
المشاركات
307
التخصص
الاعلام
المدينة
المنيا
المذهب الفقهي
الشافعى
رد: معنى حديث "الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ" واسقاطه .. (طلب الرد)

أعتقد عندنا لعلماء السنة آراء فى تحريم التقليد على من ملك آلة الاجتهاد أليس كذلك ؟
 
أعلى