أحمد محمد عوض
:: مخضرم ::
- إنضم
- 4 مايو 2013
- المشاركات
- 1,508
- التخصص
- صيدلة
- المدينة
- اسكندرية
- المذهب الفقهي
- شافعى
المجموع شرح المهذب للإمام النووى:
(الشَّرْحُ) هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فَرَّقَهُ فِرْقَتَيْنِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الثَّانِي وَمَنْ تَوَضَّأَ بِوَاوِ الْعَطْفِ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَقَدْ بَيَّنَ الْبَيْهَقِيُّ وُجُوهَ ضَعْفِهِ وَصَحَّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِيمَا نَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ قَالَ لَا أَعْلَمُ فِي التَّسْمِيَةِ حَدِيثًا ثَابِتًا وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ رواه الدارقطني وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَسَهْلِ بن سعد وَأَنَسٍ وَأَسَانِيدُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ ثُمَّ قَالَ أَصَحُّ مَا فِي التَّسْمِيَةِ حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ الذى فيه الماء ثم قال توضؤا بِاسْمِ اللَّهِ قَالَ فَرَأَيْت الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بين أصابعه والقوم يتوضؤن حتي توضؤا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ وَكَانُوا نَحْوَ سَبْعِينَ رَجُلًا وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَاحْتَجَّ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ معرفة السنن الآثار وَضَعَّفَ الْأَحَادِيثَ الْبَاقِيَةَ وَأَمَّا قَوْلُ الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ انْقَلَبَ عَلَيْهِ إسْنَادُهُ وَاشْتَبَهَ كَذَا قَالَهُ الْحُفَّاظُ
واحتج من أوجبها بحديث : " { لا وضوء لمن لم يسم الله } " ولأنها عبادة يبطلها الحدث فوجب في أولها نطق كالصلاة .
واحتج أصحابنا عليهم بقوله تعالى : ( { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم " { توضأ كما أمرك الله } " وأشباه ذلك من النصوص الواردة في بيان الوضوء وليس فيها إيجاب للتسمية .
واحتجوا أيضا بالحديث المذكور في الكتاب وهو ضعيف كما سبق . ولأنها عبادة لا يجب في آخرها ذكر فلا يجب في أولها كالطواف ، وفيه احتراز من الصلاة ، وكذا سجود التلاوة إذا قلنا بالأصح : إنه يشترط السلام فيه .
والجواب عن الحديث من أوجه
أحسنها أنه ضعيف كما سبق .
( والثاني ) المراد لا وضوء كامل .
( والثالث ) جواب ربيعة شيخ مالك والدارمي والقاضي حسين وجماعة آخرين حكاه عنهم الخطابي : المراد بالذكر النية .
والجواب عن قياسهم من وجهين
( أحدهما ) أنه منتقض بالطواف .
( والثاني ) نقلبه عليهم فنقول : عبادة يبطلها الحدث فلم تجب التسمية في أولها كالصلاة والله أعلم
http://library.islamweb.net/newlibr...D=232&idfrom=414&idto=563&bookid=14&startno=1
معرفة السنن والآثار للحافظ البيهقى:
592 - قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: وَهَذَا لِمَا رُوِّينَا، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ الْإِنَاءِ الَّذِي وَضَعَ يَدَهُ فِيهِ، وَالْمَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ: «تَوَضَّئُوا بِاسْمِ اللَّهِ»
593 - وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا وُضُوءَ إِنْ لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ»، فَأَسَانِيدُهُ غَيْرُ قَوِيَّةٍ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ حَدِيثًا ثَابِتًا
http://shamela.ws/browse.php/book-2863#page-189
تنقيح ابن عبد الهادى لتحقيق ابن الجوزى:
180- الحديث الأوَل: قال الدَارَقُطْنِيُ: ثنا أحمد بن موسى بن العبَّاس بن مجاهد ثنا أحمد بن منصور ثنا أبو عامر (1) .
وقال أحمد: ثنا زيد بن الحباب.
وقال عبد بن حميد: ثنا عبد الملك (2) .
قالا (3) : ثنا كثير بن زيد قال: حدَثني رُبَيح بن عبد الرحمن [بن] (4) أبي سعيد عن أبيه عن جدِّه عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" (5) .
181- الحديث الثَّاني: قال الدَّارَقُطْنيُ: ثنا أبو محمَّد بن صاعد ثنا سلمة بن شَبِيب ثنا ابن أبي فُدَيْك ثنا عبد الرَحمن بن حَرْمَلة عن أبي ثِفَال المُري قال: سمعت رَبَاح بن عبد الرَحمن بن أبي سفيان بن حُوَيْطب يقول: أخبرتني جدَتي عن أبيها أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" (6) .
هذا الصَّحابي: سعيد بن زيدٍ.
182- طريق آخر: قال عبد الله بن أحمد: ثنا شيبان (7) ثنا يزيد بن عياض عن أبي ثِفَال المُري قال: سمعت رَبَاح بن عبد الرَحمن بن حُوَيْطب يقول: سمعت جدَتي أنَّها سمعت أباها سعيد بن زيدٍ يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى" (1) .
183- طريق ثالث: قال الترمذيَّ: ثنا نصر بن علي وبِشْرُ بن معاذٍ قالا: ثنا بِشْرُ بن المُفضَلِ عن عبد الرَحمن بن حَرْمَلهَ عن أبي ثِفَالٍ المُريِ عن رَبَاحِ ابن عبد الرَّحمن عن جدَّته عن أبيها قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" (2) .
184- الحديث الثَالث: قال أحمد: ثنا قتيبة ثنا محمَّد بن موسى المخزوميُ عن يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" (3) .
185- طريق آخر: قال الدَارَقُطْنِيُ: ثنا ابن صاعد ثنا محمود بن محمَّد الظَفَريَّ ثنا أيُّوب بن النَّجَار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما توضَّأ من لم يذكر اسم الله عليه، وما صلَّى من لم يتوضَّأ" (4) .
186- طريق آخر: قال الدَارَقُطْنِيُ: ثنا محمَّد بن مَخْلد ثنا أبو بكر محمَّد بن عبد الله (1) [الزهيريَّ] (2) ثنا مرداس بن محمَّد بن عبد الله بن أبي بردة ثنا محمَّد بن أبان عن أيُّوب [بن] (3) عائذ الطَّائيِّ عن مجاهد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من توضَأ وذكر اسم الله تطهَر جسده كلُه، ومن توضٌأ ولم يذكر اسم الله عز وجل لم يتطهر إلا موضع الوضوء" (4) .
وربَّما قال الخصم: فهذا حجَتنا، لأنَّه حكم بطهارة الأعضاء مع عدم التَسمية. قلنا: البدن جميعه محدثٌ، بدليل أنَّّه لا يجوز مسُ المصحف بصدره، ومع بقاء الحدث في بعض البدن لا تصحُ الصَلاة.
187- الحديث الرَّابع: قال الدَارَقُطْنِيُّ: ثنا عثمان بن أحمد الدَّقَاق ثنا محمَّد بن عبيد الله المناديَّ ثنا أبو بدر ثنا حارثة بن محمَّد عن عمرة عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم إلى الوُضوء فيسمي الله عزَّ وجلَّ (5) .
188- الحديث الخامس- مقطوع-: أنبأنا عبد الوهَّاب بن المبارك الحافظ أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن الباقلاويَّ (6) أنا أبو علي ابن شاذان أنا دَعْلَج ثنا محمَّد بن علي- بن زيدٍ ثنا سعيد بن منصور ثنا عَتَاب ثنا خُصَيف قال: توضَّأ رجلٌ عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسمَّ، فقال: "اعد وضوءك ". ثم توضَّأ ولم يسمَّ، فقال: "اعد وضوءك "- ثلاث مرات- ثم توضَّأ وسمَّى، فقال: "الآن حين أصبت وضوءك".
هذه الأحاديث فيها مقالٌ قريبٌ:
فقي الحديث الأوَّل: كثير بن زيد، قال يحيى: ليس بذاك القويِّ (1) .
وقال أبو زرعة: هو لينٌ (2) .
قال أحمد والبخاريُّ: أحسن شيء في هذا الباب حديث كثير بن زيد (3) .
قال ابن الجوزى: وحديث قتيبة جيدٌ (4)
وقد قالوا في رُبَيح: أنَّه ليس بالمعروف.
وقال أحمد: من أبو ثِفَال؟ (5) .
وقال الترمذيَّ: اسمه ثمامة بن حصين (6) .
ومن مذهب أحمد تقديم الحديث الضَعيف على القياس.
قال أبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: ليس في هذا حديثٌ يثبت، وأحسنها حديث كثير بن زيدٍ. وضعَّف حديث ابن حَرْمَلة (1) .
وقال: أنا لا آمر بالإعادة، وأرجو أنه يجزئه الوضوء، لأنَّه ليس في هذا حديث أحكم به (2) .
(قال محقق الكتاب فى هذا الموضع: (2) كلام الإمام أحمد بهذا السياق لم نقف عليه، ومعناه في: "مسائل أبي داود": (ص: 11- رقم: 31) ؛ "مسائل عبد الله ": (1/89- 91- رقمي: 100- 101) ؛ "مسائل صالح": (1/ 380- 381- رقمي: 357- 358؛ 2/130- 131- رقم: 696) ؛ "مسائل ابن هانئ": (1/3- رقم: 16- 18) : "تاريخ أبي زرعة الدمشقي": (1/631- 632- رقم: 1828) .)
ز: وروى حديث رُبِيح بن عبد الرَحمن عن أبيه عن جده: ابن ماجه في "سننه" (3) .
وسئل إسحاق بن راهويه: أيَّ حديثٍ أصحُ في التَّسمية؟ فذكر حديث أبي سعيد (4) .
وقال أحمد: ربيح ليس بمعروفٍ (5) . وقال أبو حاتم الرَّازيَّ: روى عنه الدَّراوردي وكثير بن زيد والزُّبير بن عبد الله وفُلَيح بن سليمان (6) . وسئل أبو زرعة عنه فقال: شيخ (7) . وقال الترمذيَّ في كتاب "العلل": قال محمَّد - يعني البخاريَّ-: منكر الحديث (8) . وقال ابن عَدِي: أرجو أنَّه لا بأس
به (1) . وذكره ابن حِبَان في كتاب "الثقات" (2) .
وقال أحمد بن حفص السَعديَّ: سُئل أحمد بن حنبل- يعني وهو حاضرٌ- عن التَّسمية في الوضوء، فقال: لا أعلم فيه حديثاً يثبت، أقوى شيءٍ فيه حديث كثير بن زيدٍ عن رُبيح (3) .
وقال العقيليُ: ثنا إبراهيم بن عبد الوهَاب الأَبْزَارِيَّ ثنا أحمد بن محمَّد بن هانئ قال: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: التَسمية في الوضوء؟ فقال: أحسن شيءٍ فيه حديث رُبَيح بن عبد الرَّحمن بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي سعيد الخدري. قلت: فحديث عبد الرَحمن بن حَرْمَلة؟ قال: لا يثبت.
قال العقيليُّ: والأسانيد في هذا الباب فيها لين (4) .
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثبت لنا أنَّ النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا وضوء لمن لم يسمِّ" (5) .
وحديث سعيد بن زيد: رواه ابن ماجه أيضاً (1) .
وقال الترمذيَّ: قال محمَّد بن إسماعيل: أحسن شيءِ في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرَحمن- يعني حديث سعيد بن زيد- (2) .
وقال الترمذيَّ: قال أحمد بن حنبل: لا أعلم في هذا الباب حديثاً له إسنادٌ جيدٌ (3) .
وقال البخاريَّ: في حديثه نظر- يعني أبا ثفال- (4) .
وقال ابن عبد البر: أبو بكر بن حويطب، يقال: اسمه رباح، ويقال: اسمه كنيته، روى عن جدَّته، يقال: حديثه مرسلٌ (5) .
وروى حديث يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة: أبو داود (6)
وابن ماجه (1) أيضاً، والحاكم وقال: هو حديث صحيح الإسناد (3) .
وقال البخاريَّ: ولا يعرف لسلمة سماعٌ من أبي هريرة، ولا ليعقوب من أبيه (3) .
ومحمود بن محمَّد الظفريَّ: قال الدَّارَقُطْنيُ: ليس بالقوي، فيه نظر (4) . وشيخه أيُّوب بن النَجَار: ثقةٌ، من رجال "الصحيحين" (5) .
وقال البيهقيُ في حديثه: لا يعرف من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة إلا من هذا الوجه، وكان أيُّوب بن النَجَار يقول: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثَا واحداً- حديث: "التقى آدم وموسى ... "-. ذكره يحيى ابن معين فيما رواه عنه ابن أبي مريم، فكان حديثه هذا منقطعاً، والله أعلم (6) .
والحديث الرَابع: في إسناده: حارثة بن محمَّد، وقد ضعَّفوه.
189- وعن عبد المهيمن بن عبَّاس بن سهل بن سعد السَّاعدي عن أبيه عن جدِّه عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله
عليه، ولا صلاة لمن لا يصلي على نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار".
رواه ابن ماجه (1) .
وعبد المهيمن: ضعَّفوه، وقال الدَارَقُطْنِيُ: عبد المهيمن ليس بالقويِّ (2) . وقال ابن حِبَان: لا يحتجُ به (3) . وقال البيهقيُ: ضعيفٌ، لا يحتجُ برواياته (4) .
http://shamela.ws/browse.php/book-10657#page-407
تعليقة ابن عبد الهادى على علل ابن أبى حاتم:
وَقَدْ رُوِيَ فِي اشْتِرَاطِ التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ غَيْرُ هَذَا، كَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَلا يَخْلُو كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مِنْ مَقَالٍ، لَكِنَّ الأَظْهَرَ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي ذَلِكَ بِمَجْمُوعِ طُرُقِهِ حَسَنٌ أَوْ صَحِيحٌ.
قَالَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: ثَبَتَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ» .
http://shamela.ws/browse.php/book-11569#page-140
البدر المنير لابن الملقن:
الحَدِيث (السَّابِع) عشر
أنَّه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: «لاَ وضوءَ لِمْنَ لمْ (يسم) الله عَلَيْهِ» .
هَذَا الحَدِيث مَشْهُور، وَله طرق مُتَكَلَّمٌ فِي كلّها، وَالَّذِي يحضرنا الْآن (مِنْهَا) ستَّة:
أَحدهَا: عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، وَله طَرِيقَانِ:
أَحدهمَا: عَن قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن مُوسَى، عَن يَعْقُوب بن سَلمَة، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -: «لاَ صَلاَةَ لِمْنَ لاَ وضوءَ لَهُ وَلاَ وضوءَ لِمْن لمْ يَذْكر اسْمَ الله عَلَيْهِ» .
أخرجه الإِمام أَحْمد وَأَبُو دَاوُد هَكَذَا عَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه ابْن مَاجَه، عَن أبي كريب و [عبد الرَّحْمَن] بن إِبْرَاهِيم، قَالَا: ثَنَا ابْن أبي فديك، (عَن مُحَمَّد بن مُوسَى (بِإِسْنَادِهِ) وَلَفظه.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ) فِي «علله» ، عَن قُتَيْبَة بِمثلِهِ.
وَأخرجه الْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» من طريقي قُتَيْبَة وَابْن أبي فديك، لكنَّه قَالَ: فيهمَا يَعْقُوب بن أبي سَلمَة بِزِيَادَة «أبي» وَالْمَوْجُود فِي سَائِر رِوَايَات هَذَا الحَدِيث غَيره «ابْن سَلمَة» بِحَذْف «أبي» .
وَحَاصِل مَا يُعلل بِهِ هَذَا الحَدِيث: الضعْف والانقطاع، أمّا الضعْف فيعقوب بن سَلمَة لَا أعرف حَاله، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي «الْمِيزَان» : شيخ لَيْسَ (بعمدة) .
وأمّا (أَبوهُ) سَلمَة فَلم يعرف حَاله الْمزي وَلَا الذَّهَبِيّ، وإنَّما قَالَ فِي «الْمِيزَان» : لم يرو عَنهُ غير وَلَده. وَقد ذكره أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «ثقاته» وَقَالَ: ربَّما أَخطَأ.
وأمَّا الِانْقِطَاع فَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي «علله» : «سَأَلت مُحَمَّدًا - يَعْنِي البُخَارِيّ - عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: مُحَمَّد بن مُوسَى المَخْزُومِي لَا بَأْس بِهِ مقارب الحَدِيث، وَيَعْقُوب بن سَلمَة الْمدنِي لَا يُعرف لَهُ سَماع من أَبِيه وَلَا يعرف لِأَبِيهِ سَماع من أبي هُرَيْرَة. وَخَالف الْحَاكِم، فَقَالَ فِي «الْمُسْتَدْرك» : «هَذَا حَدِيث صَحِيح الإِسناد. قَالَ: وَقد احْتج مُسلم بِيَعْقُوب بن أبي سَلمَة الْمَاجشون وَاسم أبي سَلمَة دِينَار وَلم يخرجَاهُ قَالَ: (وَله) شَاهد. فَذكر حَدِيث أبي سعيد الَّذِي سَيَأْتِي.
وَاعْترض النَّاس عَلَى الْحَاكِم فِي تَصْحِيحه لهَذَا الحَدِيث (وأنَّه عَلَى) شَرط مُسلم؛ فَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين ابْن الصّلاح: وَلَا يستشهد عَلَى ثُبُوت هَذَا الحَدِيث بِكَوْن الْحَاكِم حكم بِصِحَّة إِسْنَاده؛ لأنَّا نَظرنَا فِيهِ فَوَجَدنَا إِسْنَاده قد انْقَلب عَلَيْهِ.
قَالَ الصريفيني - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابه « (رُوَاة) الْكتب الْأَحَد عشر» عقب قَول الْحَاكِم: وَاسم أبي سَلمَة دِينَار. كَذَا ذكره، وَالصَّوَاب الَّذِي عِنْد (الْجَمَاعَة) يَعْقُوب بن سَلمَة اللَّيْثِيّ إِن شَاءَ الله. وَقَالَ النَّوَوِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَول الْحَاكِم: «هَذَا حَدِيث صَحِيح» لَيْسَ بِصَحِيح، لِأَنَّهُ انْقَلب عَلَيْهِ إِسْنَاده واشتبه، كَذَا قَالَه الْحَافِظ. وَلم يبين ابْن الصّلاح وَجه الانقلاب وَلَا النَّوَوِيّ وَجه الِاشْتِبَاه، وَبَينه الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمام» فَقَالَ بعد أَن ذكر مقَالَة الْحَاكِم الْمُتَقَدّمَة: وليعلم أَن مُسلما لم يحْتَج بِيَعْقُوب بن سَلمَة اللَّيْثِيّ، عَن أَبِيه وَهُوَ رَاوِي هَذَا الحَدِيث، كَذَلِك رَوَاهُ عَنهُ ابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِيّ - يَعْنِي وَغَيرهمَا كَمَا قدمْنَاهُ - وَيَعْقُوب بن سَلمَة لم يحْتَج بِهِ مُسلم. قَالَ: وَالَّذِي نرَاهُ أَن الحَدِيث ليعقوب بن سَلمَة وأنَّه وَقع انْتِقَال ذهني من يَعْقُوب بن سَلمَة إِلَى يَعْقُوب بن أبي سَلمَة.
قَالَ: وَلَو سُلِّم أنَّه يَعْقُوب بن أبي سَلمَة فَيحْتَاج إِلَى معرفَة حَال أَبِيه أبي سَلمَة واسْمه دِينَار ثمَّ ذكر مقَالَة البُخَارِيّ الْمُتَقَدّمَة فِي تَعْلِيل هَذَا الحَدِيث.
قُلْتُ: وَهَذَا متين، فقد كَشَفْتُ كتب الْأَسْمَاء جرحا وتعديلًا فَلم أرَ (دِينَارا) هَذَا، بل لم أرَ أحدا قَالَ: إِن الْمَاجشون (يروي) عَن أَبِيه. فتعيَّن غلط الْحَاكِم، وَلَو صَحَّ لتوجه الِاعْتِرَاض عَلَى الْحَافِظ (عبد الْغَنِيّ والصريفيني) وجمال الدَّين الْمزي وتلميذه الذَّهَبِيّ حَيْثُ لم يذكرُوا (لوالد) أبي سَلمَة فِي كتبهمْ تَرْجَمَة، وَأغْرب أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ فَقَالَ فِي كِتَابه «التَّحْقِيق» : هَذَا حَدِيث جيِّد.
والْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْمُنْذِرِيّ فَقَالَ: هَذَا الحَدِيث أَجود أَحَادِيث الْبَاب. قَالَ: وَقد رُوِيَ فِي هَذَا الْمَعْنى أَحَادِيث لَيست بمستقيمة.
قَالَ شَيخنَا أَبُو (الْفَتْح) الْيَعْمرِي: وَفِيمَا قَالَه الْمُنْذِرِيّ نظر، لانْقِطَاع حَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا (من وَجْهَيْن) .
قلْتُ: لَا شكّ فِيهِ بل هُوَ ضَعِيف لوَجْهَيْنِ كَمَا قَرّرته (لَك) وأمَّا ابْن السكن فإنَّه ذكره فِي «صحاحه» ، وَهُوَ تساهل مِنْهُ كَمَا يعرف ذَلِكَ من نظر فِي كِتَابه هَذَا.
الطَّرِيق الثَّانِي: عَن (مَحْمُود) بن مُحَمَّد الظفري، عَن أَيُّوب [بن] النجار، عَن يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: (قَالَ) رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -: «مَا تَوَضَّأَ مَن لمْ يَذْكرْ اسْمَ اللهِ عَلَيهِ، وَمَا صَلَّى مَن لمْ يَتَوَضَّأْ» .
أخرجه هَكَذَا الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سُنَنهمَا» ، ومحمود هَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِيهِ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، فِيهِ نظر. وَأعله الْبَيْهَقِيّ بِأَن قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا يعرف من حَدِيث يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة إلاَّ من هَذَا الْوَجْه، وَكَانَ أَيُّوب [بن] النجار يَقُول: لم أسمع من يَحْيَى بن أبي كثير إلاَّ حَدِيثا وَاحِدًا: «التقَى آدم ومُوسَى عَلَيْهِمَا (وَعَلَى نَبينَا) الصَّلَاة وَالسَّلَام ... ) ذكره يَحْيَى بن معِين فِيمَا رَوَاهُ (عَنهُ) ابْن أبي مَرْيَم، فَكَانَ حَدِيثه هَذَا مُنْقَطِعًا، وَالله أعلم» .
الطَّرِيق (الثَّالِث) من أصل طرق هَذَا الحَدِيث: عَن كَثير - بِفَتْح الْكَاف، ثمَّ ثاء مُثَلّثَة - بن زيد، عَن رُبَيْح - بِضَم الرَّاء الْمُهْملَة، ثمَّ بَاء مُوَحدَة مَفْتُوحَة، ثمَّ يَاء مثناة تَحت (سَاكِنة) ، ثمَّ حاء مُهْملَة - بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد (الْخُدْرِيّ، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد) رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، عَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: «لاَ وضوءَ لِمْنَ لمْ يَذْكر اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ» .
أخرجه الإِمام أَحْمد، والدارمي فِي «مسنديهما» ، وَالتِّرْمِذِيّ فِي «علله» ، وَابْن مَاجَه فِي «سنَنه» ، وَعبد بن حميد فِي «مُسْنده» ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنَيْهِمَا» ، وَالْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» (مستشهدًا) بِهِ، وَأخرجه ابْن عدي فِي «كَامِله» وَقَالَ: لَا (أعلم) يروي هَذَا الحَدِيث عَن ربيح غير كثير، وَلَا عَن كثير غير زيد بن الْحباب. كَذَا قَالَ، وَقد رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث أبي عَامر الْعَقدي عَن كثير.
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي أَحْمد الزبيري، عَن كثير، فاستفد ذَلِكَ.
وللحفاظ فِي هَذَا الحَدِيث مقالتان:
إِحْدَاهمَا: أنَّه حَدِيث حسن، قَالَ شَيخنَا أَبُو الْفَتْح الْيَعْمرِي رَحِمَهُ اللَّهُ: هُوَ أَجود من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي ثفال الْآتِي، وذَلِكَ أنَّ كثير بن زيد ذكر ابْن أبي خَيْثَمَة، عَن يَحْيَى بن معِين أنَّه قَالَ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقَالَ مُعَاوِيَة بن صَالح عَنهُ: صَالح. وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله بن عمار عَنهُ: هُوَ ثِقَة. وَحَكَى ابْن الْجَوْزِيّ، عَن ابْن معِين توثيقه. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: صَدُوق وَفِيه لين. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: صَالح لَيْسَ بِالْقَوِيّ يكْتب حَدِيثه. وَقَالَ ابْن سعد: كَانَ كثير الحَدِيث.
وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات.
قُلْتُ: وَقَالَ أَحْمد: مَا أرَى بحَديثه بَأْسا. وَربيح وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان. وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: شيخ. وَابْن حبَان وَالْحَاكِم يخرجَانِ حَدِيثه فِي (الصَّحِيح) .
وَقَالَ ابْن عدي: أَرْجُو أنَّه لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ مُحَمَّد بن عمار: ثِقَة.
وَقَالَ ت: قَالَ خَ: مُنكر الحَدِيث.
وَهَذَا (قد) يُعَارض مَا نَقله ابْن الْجَوْزِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: أنَّه أحسن شَيْء فِي الْبَاب، كَمَا سَيَأْتِي، (و) يُورث عنْدك شُبْهَة احْتِمَال غلطه فِي النَّقْل عَنهُ، وَقَول الإِمام أَحْمد فِيهِ أنَّه لَيْسَ بِمَعْرُوف لَيْسَ بقادح؛ فقد عرفه غَيره وَرَوَى عَنهُ جمَاعَة كَثِيرَة. (وَقَالَ الْحَافِظ جمال الدَّين أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه «التَّحْقِيق» : فِيهِ مقَال قريب، وَكثير بن زيد، قَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِذَاكَ الْقوي. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: ليِّن.
وَقَالَ الإِمام أَحْمد وَالْبُخَارِيّ: إنَّه أحسن شَيْء فِي هَذَا الْبَاب) .
قُلْتُ: هَذَا مُخَالف لما نَقله التِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ، كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيث زيد.
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: وَقد قَالُوا فِي ربيح: إنَّه لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ. قَالَ أَبُو بكر الْأَثْرَم: سَمِعت أَبَا عبد الله أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول فِي هَذَا - يَعْنِي فِي وجوب التَّسْمِيَة -: لَيْسَ فِيهِ حَدِيث يثبت، وأحسنها هَذَا الحَدِيث. قَالَ: وَإِنَّا لَا نأمره بالإِعادة، وَأَرْجُو أَن يُجزئهُ الْوضُوء؛ لأنَّه لَيْسَ هَذَا حَدِيث نحكم بِهِ.
وَكَذَا نقل الإِمام الْحَافِظ أَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ، عَن الإِمام أَحْمد أنَّه قَالَ: لَا أعلم فِي التَّسْمِيَة حَدِيثا أَقْوَى من حَدِيث كثير هَذَا.
وَكَذَا نقل الْعقيلِيّ فِي «تَارِيخ الضُّعَفَاء» أنَّه لما سُئِلَ عَن هَذَا الحَدِيث قَالَ: إنَّه أحسن شَيْء فِي الْبَاب.
وَقَالَ (أَحْمد) بن حَفْص السَّعْدِيّ: سُئِلَ أَحْمد عَن التَّسْمِيَة فِي الْوضُوء. فَقَالَ: لَا أعلم فِيهِ حَدِيثا (يثبت) . أَقْوَى شَيْء فِيهِ حَدِيث كثير بن زيد، عَن ربيح. وَقَالَ الْحَافِظ مجد الدَّين ابْن تَيْمِية فِي «أَحْكَامه» : سُئِلَ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه: أَي حَدِيث أصح فِي التِّسمية؟ فَذكر هَذَا الحَدِيث. قَالَ الْحَافِظ: وَفِيه مقَال قريب. و (ذكره) ابْن السكن فِي صحاحه.
الْمقَالة الثَّانِيَة: أنَّه حَدِيث لَا يصحّ.
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي « (الْعِلَل) المتناهية فِي الْأَحَادِيث الْوَاهِيَة» : هَذَا حَدِيث لَا يثبت عَن رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -. قَالَ المرّوزي: لم يُصَحِّحهُ أَحْمد. وَقَالَ: ربيح لَيْسَ بِمَعْرُوف وَلَيْسَ الْخَبَر بِصَحِيح، (وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء يثبت) .
وَقَالَ الْعقيلِيّ فِي «الضُّعَفَاء» : الْأَسَانِيد فِي هَذَا الْبَاب فِيهَا لين. وَرَوَى الْبَزَّار هَذَا الحَدِيث فِي «سنَنه» ، وَقَالَ: لَا نعلمهُ يرْوَى عَن أبي سعيد إلاَّ بالإِسناد الْمَذْكُور. وَكثير بن زيد قد رَوَى عَنهُ جمَاعَة من أهل الْعلم وَاحْتَملُوا حَدِيثه، وَربيح بن عبد الرَّحْمَن رَوَى عَنهُ فليح بن سُلَيْمَان، وَعبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي، وَكثير بن عبد الله بن عَمْرو.
الطَّرِيق الثَّالِث: عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، عَن أبي ثِفَال - بِكَسْر الثَّاء الْمُثَلَّثَة، وَيُقَال بضَمهَا وَبعدهَا فَاء - المري - بالراء الْمُهْملَة - عَن رَبَاح - بِفَتْح الرَّاء (الْمُهْملَة) بعْدهَا بَاء مُوَحدَة - ابْن عبد الرَّحْمَن بن أبي سُفْيَان بن حويطب، عَن جدته، عَن أَبِيهَا، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَقُول: «لاَ وضوءَ لِمْنَ لمْ يَذْكر اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي «جَامعه» هَكَذَا.
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه من حَدِيث يزِيد بن عِيَاض، عَن أبي ثفال، عَن رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سُفْيَان أنَّه سمع جدته بنت سعيد بن زيد تذكر أنَّها سَمِعت أَبَاهَا سعيد بن زيد يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -: «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لاَ وضوءَ لَهُ، وَلاَ وضُوءَ لِمْنَ لمْ يَذْكر اسْمَ اللهِ عَلَيه» .
وَأخرجه الإِمام أَحْمد من هَذَا الطَّرِيق بِهَذَا الإِسناد والأوَّل أَيْضا.
وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» بالإِسناد الأوَّل وَاللَّفْظ إلاَّ أنَّه زَاد: «وَلاَ صَلاَة لِمَن لَا وضُوءَ لَهُ» .
وَرَوَاهُ ابْن قَانِع فِي «مُعْجَمه» بِإِسْنَاد التِّرْمِذِيّ، ولفظُهُ: «مَا آمنَ بِاللهِ مَن لمْ يُؤْمِنْ بِي، وَلاَ آمنَ بِي مَنْ لمْ يحبّ الأنْصَارَ، وَلاَ صَلاةَ إِلاَّ (بوضوءٍ، وَلاَ) وضُوءَ لِمْنَ لمْ يَذْكرْ اسْمَ اللهِ عَلَيه» .
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» والعقيلي فِي «تَارِيخه» ، عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة أنَّه سمع أَبَا ثِفال يَقُول: سَمِعت رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سُفْيَان يَقُول: حَدَّثتنِي جدَّتي أنَّها سَمِعت أَبَاهَا يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَقُول: «لاَ صَلاَةَ لِمَن لَا وضُوءَ لَهُ، وَلاَ وضُوءَ لِمْنَ لمْ يَذْكر اسْمَ اللهِ عَلَيه، وَلاَ يُؤْمِن بِاللهِ مَن لَا (يُؤْمِن) بِي، وَلاَ يُؤْمِن بِي مَن لَا يُحِبُّ الأَنْصَارَ» .
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» من حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن أبي ثِفال قَالَ: سَمِعت رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن يَقُول: حَدَّثتنِي جدَّتي أَسمَاء بنت سعيد بن زيد بن عَمْرو أنَّها سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَقُول، فَذكره بِلَفْظ الْعقيلِيّ، (كَذَا) ذكره فِي ترجمتها بِإِسْقَاط اسْمهَا.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: قَالَ البُخَارِيّ: أحسن شَيْء (فِي) هَذَا الْبَاب هَذَا الحَدِيث.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: ورباح بن عبد الرَّحْمَن (هُوَ) أَبُو بكر بن حويطب، وَمِنْهُم من رَوَى هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: عَن أبي بكر بن حويطب فنسبه إِلَى جدِّه، وَأَبُو جدَّته هُوَ سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل. وَأَبُو ثفال اسْمه ثُمَامَة بن حُصَيْن.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» وَقد سُئِلَ عَن هَذَا الحَدِيث (فَقَالَ: هَذَا الحَدِيث) يرويهِ أَبُو ثِفال المري وَاخْتلف عَنهُ؛ فَرَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة الْأَسْلَمِيّ عَن أبي ثفال وَاخْتلف عَنهُ وَقَالَ وهيب وَبشر بن الْمفضل وَابْن أبي فديك، وَسليمَان بن بِلَال: عَن (ابْن) حَرْمَلَة، عَن أبي ثفال، عَن رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سُفْيَان بن حويطب، عَن جدته، عَن أَبِيهَا، عَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -. وأبوها هُوَ سعيد بن زيد. وَخَالفهُم حَفْص بن ميسرَة وَأَبُو معشر نجيح وَإِسْحَاق بن حَازِم. فَرَوَوْه عَن (ابْن) حَرْمَلَة، عَن أبي ثفال، عَن [رَبَاح] ، عَن جدته أنَّها سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -، وَلم يذكرُوا أَبَاهَا فِي الإِسناد.
وَرَوَاهُ يزِيد بن عِيَاض وَالْحسن بن [أبي] جَعْفَر وَعبد الله بن جَعْفَر بن نجيح الْمَدِينِيّ، عَن أبي ثفال، عَن رَبَاح، عَن جدته (عَن أَبِيهَا سعيد كَقَوْل وهيب وَمن تَابعه عَن (ابْن) حَرْمَلَة) .
وَرَوَاهُ الدَّرَاورْدِي عَن أبي ثفال، عَن رَبَاح، عَن ابْن ثَوْبَان مُرْسلا، عَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -. وَرَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن صَدَقَة مولَى آل الزبير، عَن أبي ثفال، عَن أبي بكر بن حويطب مُرْسلا، عَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -. وَالصَّحِيح قَول وهيب وَبشر بن الْمفضل وَمن تابعهما.
وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : قَالَ أبي: الصَّحِيح حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، عَن أبي ثفال، عَن رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن بن حويطب، عَن جدته، عَن أَبِيهَا سعيد بن زيد مَرْفُوعا قَالَ: وَمن قَالَ عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة الْأَسْلَمِيّ، عَن ثفال، عَن رَبَاح، عَن أمِّه بنت زيد بن نفَيْل مَرْفُوعا فقد أَخطَأ فِي مَوَاضِع.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر من «علله» : سَأَلت أبي وَأَبا زرْعَة عَنهُ فَقَالَا: لَيْسَ عندنَا بذلك الصَّحِيح، أَبُو ثفال ورباح مَجْهُولَانِ.
و (ذكره) أَبُو الْحسن بن الْقطَّان، وَقَالَ عَن عبد الحقّ حِين أخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيق التِّرْمِذِيّ وَذكر كَلَامه عَلَيْهِ كَمَا سقناه: فإنْ كَانَ اعْتمد قَول البُخَارِيّ فقد يُوهم أنَّه حسن، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَمَا هُوَ إلاَّ ضَعِيف جدًّا، وإنَّما مَعْنَى كَلَام البُخَارِيّ أنَّه أحسن مَا فِي الْبَاب عَلَى علاته.
قُلْتُ: وَمِمَّا يُقَوي هَذَا أنَّ الْعقيلِيّ رَوَى عَن البُخَارِيّ أنَّه قَالَ: (فِي) حَدِيث أبي ثفال نظر. قَالَ ابْن الْقطَّان: وَإِن اعْتمد قَول الإِمام أَحْمد حَيْثُ قَالَ: لَا أعلم فِي هَذَا الْبَاب حَدِيثا لَهُ إِسْنَاد جيِّد فقد بَقِي عَلَيْهِ أَن يبين علته. وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي قصدت بَيَانه لتكمل الْفَائِدَة، وَفِي إِسْنَاده ثَلَاثَة مَجَاهِيل الْأَحْوَال:
أوَّلهم: جدة رَبَاح فإنَّها لَا تعرف (بِغَيْر هَذَا) وَلَا يُعرف (لَهَا لَا) اسْم وَلَا حَال، وَغَايَة مَا يعرفنا بِهَذَا أنَّها ابْنة لسَعِيد بن زيد.
قُلْتُ: وَلِهَذَا الْوَجْه ذكره أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي كِتَابه «الطّهُور» . فَقَالَ: وَقد كَانَ بعض أهل الحَدِيث يطعن فِيهِ لمَكَان الْمَرْأَة المجهولة.
الثَّانِي: رَبَاح الْمَذْكُور فإنَّه مَجْهُول الْحَال كَذَلِك، وَلم يَعْرِفْ ابْن أبي حَاتِم من حَاله بِأَكْثَرَ ممَّا أَخذ من هَذَا الإِسناد من رِوَايَته عَن جدته، وَرِوَايَة أبي ثفال عَنهُ.
الثَّالِث: (أَبُو) ثفال الْمَذْكُور فإنَّه أَيْضا مَجْهُول الْحَال كَذَلِك وَهُوَ أشهرهم لرِوَايَة جمَاعَة عَنهُ مِنْهُم: عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، وَسليمَان بن بِلَال، وَصدقَة مولَى الزبير [والدراوردي] وَالْحسن بن أبي جَعْفَر، وَعبد الله بن عبد الْعَزِيز. انْتَهَى مَا ذكره ابْن الْقطَّان.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمام» : أَبُو ثِفال اسْمه: ثُمَامَة بن الْحصين قَالَه التِّرْمِذِيّ، وَقيل: ثُمَامَة بن وَائِل.
قُلْتُ: وَكَذَا سَمَّاه أَبُو عبيد فِي رِوَايَته فِي (كتاب) «الطّهُور» لَهُ. قَالَ: وَمَا ذكره ابْن الْقطَّان من جَهَالَة حَاله مَعَ رِوَايَة جمَاعَة عَنهُ هِيَ طَرِيقَته.
وَرَأَيْت فِي «علل ابْن أبي حَاتِم» مَا يُوَافقهُ، فإنَّه سَأَلَ أَبَاهُ وَأَبا زرْعَة عَن حَدِيث أبي ثفال هَذَا. فَقَالَا: لَيْسَ عندنَا بِذَاكَ الصَّحِيح، أَبُو ثفال مَجْهُول ورباح مَجْهُول. وَقد تقدم هَذَا عَنهُ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: أَبُو ثفال لَيْسَ بِمَعْرُوف.
قُلْتُ: قد ذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» وَقَالَ: لست (بالمعتمد) عَلَى مَا تفرد بِهِ.
قَالَ الشَّيْخ: وأمَّا مَا ذكره ابْن الْقطَّان فِي أَمر رَبَاح وَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامه من أنَّه لم يرو إلاَّ عَن جدته وَلَا رَوَى عَنهُ (إلاَّ) أَبُو ثفال، فقد قَالَ صَاحب «الْكَمَال» : (إنَّه) رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَيْضا، و (أَن) الحكم (بن) الْقَاسِم الأويسي وَصدقَة - غير مَنْسُوب - رويا عَنهُ.
قُلْتُ: (فترتفع عَنهُ) الْجَهَالَة العينية وَتَبقى الْجَهَالَة الحالية، وَقد صرح برفعها (عَنهُ) ابْن حبَان فإنَّه ذكره فِي «ثقاته» . لَكِن ذكره فِي الطَّبَقَة الثَّالِثَة وَكَانَ يَنْبَغِي ذكره فِي الثَّانِيَة فِي التَّابِعين لروايته عَن أبي هُرَيْرَة.
قَالَ شَيخنَا فتح الدَّين الْيَعْمرِي: «وَقَول ابْن الْقطَّان (إِن) جدة رَبَاح لَا يعرف لَهَا اسْم، لَيْسَ كَذَلِك. فقد ذكر الْبَيْهَقِيّ أنَّ اسْمهَا: أَسمَاء. وقَالَ: «وَيُؤَيّد تَفْسِير (ابْن) الْقطَّان؛ لقَوْل البُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث مَا نَقله أَيْضا الْعقيلِيّ. فَقَالَ: قَالَ البُخَارِيّ: أَبُو ثفال المري عَن رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن فِي حَدِيثه نظر.
قُلْتُ: وَجدّة رَبَاح ذكرهَا ابْن حبَان فِي «ثقاته» أَيْضا.
وَذكر هَذَا الحَدِيث ابْن السكن فِي «صحاحه» من هَذَا الْوَجْه أَيْضا.
وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَابْن تَيْمِية، الأوَّل فِي «التَّحْقِيق» وَالثَّانِي فِي «الْمُنْتَقَى» : فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث مقَال قريب. وإنَّما قَالَا ذَلِكَ تَقْوِيَة لمذهبهما - فِي إِحْدَى الراويتين عَن الإِمام أَحْمد - (فِي) أنَّ التَّسْمِيَة وَاجِبَة فِي الْوضُوء، وَسَيَأْتِي عَن أَحْمد قَرِيبا أنَّه قَالَ (فِيهِ) : إنَّه حَدِيث لَا يثبت.
وَلَقَد وُفِّق ابْن الْجَوْزِيّ للصَّوَاب فِي كِتَابه «الْعِلَل المتناهية» فَقَالَ فِيهِ: هَذَا حَدِيث لَا يَصح عَن رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -. قَالَ الإِمام أَحْمد: من أَبُو ثفال؟ قَالَ: وَيروَى مُرْسلا. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: والأوَّل أصحّ، وَفِي إِسْنَاد الْمُرْسل صَدَقَة مولَى آل الزبير، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هُوَ مَجْهُول. وَقَالَ الْعقيلِيّ فِي «تَارِيخ الضُّعَفَاء» : قَالَ الإِمام أَحْمد: هَذَا حَدِيث لَا يثبت.
قُلْتُ: وَله قولة أُخْرَى فِيهِ.
قَالَ الْأَثْرَم: قُلْتُ لأبي عبد الله: التَّسْمِيَة فِي الْوضُوء. قَالَ: أحسن ذَلِكَ حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ. قُلْتُ: فَمَا رَوَى عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة؟ قَالَ: لَا يثبت. وَرَوَى هَذَا الحَدِيث أَيْضا أَبُو بكر الْبَزَّار من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَتيق بن نجيح، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، عَن أبي ثِفال كَمَا تقدم، ثمَّ قَالَ: وَحَدِيث حَرْمَلَة هَذَا رَوَاهُ جمَاعَة (ثِقَات) عَن (ابْن) حَرْمَلَة. وَأَبُو ثفال مَشْهُور، ورباح بن عبد الرَّحْمَن وجدته لَا نعلمهما رويا إلاَّ هَذَا الحَدِيث، وَلَا حَدَّث عَن رَبَاح إلاَّ أَبُو ثفال.
فَالْخَبَر من جِهَة النَّقْل لَا يثبت لِلْعِلَّةِ الَّتِي وَصفنَا، وَقد رُوِيَ عَن كثير بن زيد (عَن الْوَلِيد) عَن رَبَاح، عَن أبي هُرَيْرَة.
وَقد رُوِيَ عَن عَائِشَة: «أَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - كَانَ إِذا بَدَأَ بِالْوضُوءِ سمَّى» .
قَالَ الْبَزَّار: فِي إِسْنَاده حَارِثَة بن مُحَمَّد، وَقد حَدَّث عَنهُ جمَاعَة. وَعِنْده أَحَادِيث لم يُتَابع عَلَيْهَا.
قَالَ عبد الحقّ: وثَّقَه الدَّارَقُطْنِيّ (وَحده) فِيمَا أعلم وَضَعفه النَّاس.
قَالَ الْبَزَّار: كل مَا رُوي فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ بِقَوي الإِسناد وَإِن تأيدت هَذِه الْأَسَانِيد.
الطَّرِيق الرَّابِع: عَن عبد الْمُهَيْمِن بن عَبَّاس بن سهل (السَّاعِدِيّ) عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: «لاَ صَلاَةَ لِمَن لاَ وضُوَء لَهُ، وَلاَ وضُوءَ لِمن لمْ يَذْكر اسْمَ اللهِ (عَلَيْهِ) وَلاَ صَلاَةَ لِمَن (لمْ يصلِّ) عَلَى نَبِي الله «وَ) لاَ صَلاَةَ لِمَن (لمْ يصلِّ عَلَى) الأَنْصَارِ» .
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» كَذَلِك وَابْن مَاجَه أَيْضا، وَلَكِن لَفظه: «وَلاَ صَلاَةَ لِمَن لمْ يُحبّ الأَنْصَار» .
وَعبد الْمُهَيْمِن هَذَا واه، قَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ عَلّي بن الْجُنَيْد: ضَعِيف، وَالنَّسَائِيّ: مَتْرُوك. وَالدَّارَقُطْنِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَابْن حبَان: لما فحش الْوَهم فِي رِوَايَته بَطل الِاحْتِجَاج بِهِ.
قُلْتُ: لَكِن رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة أَخِيه أُبيّ بن عَبَّاس، عَن أَبِيه، عَن جدَّه أَيْضا.
وأُبيّ أخرج لَهُ البُخَارِيّ، وتكلَّم فِيهِ أَحْمد وَيَحْيَى بن معِين، وَسَيَأْتِي فِي آخر كتاب صفة الصَّلَاة مزِيد إِيضَاح لهَذَا الحَدِيث.
الطَّرِيق الْخَامِس: عَن عِيسَى بن سُبْرَة، عَن أَبِيه، عَن جدّه، قَالَ: «صعد رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - الْمِنْبَر ذَات يَوْم، فَحَمدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ (ثمَّ) قَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاس، لاَ صَلاَةَ إِلاَّ بوضُوءٍ، وَلاَ وضُوءَ لِمَن لمْ يَذكُر اسْمَ اللهِ عَليه) وَلم يُؤمن بِاللَّه من لم يُؤمن بِي، وَلم يُؤمن بِي من لم يعرف حقّ الْأَنْصَار» . رَوَاهُ الدولابي فِي «الْأَسْمَاء والكنى» وَالطَّبَرَانِيّ فِي «أَوسط معاجمه» وَقَالَ: لم يُرو هَذَا الحَدِيث عَن (أبي) سُبْرَة إلاَّ بِهَذَا الإِسناد.
وَأخرجه فِي «أكبر معاجمه» بِدُونِ الْخطْبَة.
الطَّرِيق السَّادِس: عَن عِيسَى بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر بن عَلّي بن أبي طَالب، عَن أَبِيه، عَن جدَّه، عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -: «لاَ صَلاَةَ لِمَن لاَ وضُوءَ لَهُ، وَلاَ وضُوءَ لِمْن لمْ يَذْكُر (اللهَ) عَلَيْهِ» .
رَوَاهُ أَبُو أَحْمد بن عدي وَقَالَ: إِسْنَاده لَيْسَ بِمُسْتَقِيم.
وَلِلْحَدِيثِ طَريقَة سابعة ذكرهَا الْحَافِظ عبد الحقّ فِي «الْأَحْكَام» عَن أَسد بن مُوسَى، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، عَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: «لَا إِيمْانَ لِمَن لمْ يُؤْمِنْ بِي، وَلاَ صَلاَةَ إِلاَّ بوضُوءٍ، وَلاَ وضُوءَ لِمَن لمْ يُسَم اللهَ» .
قَالَ الْحَافِظ عبد الْحق: ذكر هَذِه الطَّرِيق عبد الْملك بن حبيب.
قُلْتُ: وَهَذِه الطَّرِيق حَسَنَة، فأسد بن مُوسَى هُوَ الملقب بأسد السّنة حَافظ صَنَّف وَجمع، قَالَ البُخَارِيّ: هُوَ مَشْهُور الحَدِيث. وَاسْتشْهدَ بِهِ أَيْضا، وَاحْتج بِهِ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، قَالَ ابْن يُونُس: هُوَ ثِقَة، وَحدث بِأَحَادِيث مُنكرَة، فالآفة من غَيره وَمَا علمت بِهِ بَأْسا. إلاَّ (أَن) ابْن حزم طعن فِيهِ، فَقَالَ: مُنكر الحَدِيث. وَفِي مَوضِع آخر: (ضَعِيف) وَهَذَا تَضْعِيف مَرْدُود، وَبَاقِي السَّنَد كَالشَّمْسِ لَا يُسأل عَنهُ.
وَله أَيْضا طَريقَة ثامنة ذكرهَا الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه «معرفَة الصَّحَابَة» فِي تَرْجَمَة أم سُبْرَة أنَّها سَمِعت النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَقُول: «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَا وضُوءَ لَهُ وَلاَ [وضُوءَ] لمن لم يذكر الله - عزَّ وجلَّ - وَلَا يُؤمن بِي من لَا يحبّ الْأَنْصَار» ثمَّ قَالَ: فِي (إِسْنَاد) حَدِيث أمّ سُبْرَة هَذَا نظر.
فَإِذا علمتَ - وفقك الله - هَذِه الْأَحَادِيث وعللها وأنَّها من جَمِيع طرقها مُتَكَلم فِيهَا، وَأَن بعض الْأَئِمَّة (ضعف بَعْضهَا) وَحسن بَعْضهَا، بَقِيْتَ متطلعًا لما يسْتَدلّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَاب التَّسْمِيَة.
ولتعلم أَن النَّوَوِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: «لَيْسَ فِي أَحَادِيث التَّسْمِيَة (عَلَى) الْوضُوء حَدِيث صَحِيح صَرِيح» . وكأنَّه تبع فِي هَذِه القولة قَول الإِمام أَحْمد فِيمَا نَقله التِّرْمِذِيّ عَنهُ: «لَا أعلم فِي هَذَا الْبَاب حَدِيثا لَهُ إِسْنَاد جيِّد» .
وَقد ذكرنَا من الْأَحَادِيث (مَا) يسْتَدلّ الْفُقَهَاء بِمثلِهِ و (يسْتَند) الْعلمَاء فِي الْأَحْكَام إِلَيْهِ، فَلَيْسَ من شَأْنهمْ أَن لَا يحتجوا إلاَّ بِالصَّحِيحِ بل أَكثر احتجاجهم بالْحسنِ، وَلَا يَخْلُو هَذَا الْبَاب (فِي) ذَلِكَ من حسن صَرِيح، كَمَا قَدمته لَك.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين ابْن الصّلاح فِي «مُشكل الْوَسِيط» : رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من وُجُوه فِي كلِّ مِنْهَا نظر، لكنَّها غير مطرحة، وَهِي من قبيل مَا يثبت باجتماعه الحَدِيث ثبوت الحديث الموسوم بالْحسنِ.
قُلْتُ: بل وجد فِي (التَّسْمِيَة) حَدِيث صَحِيح من غير شكّ وَلَا مرية، لَكِن لَيْسَ بِصَرِيح؛ بل يسْتَدلّ بِعُمُومِهِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْأَئِمَّة وَاحْتَجُّوا بِهِ: النَّسَائِيّ، وَابْن مَنْدَه، وَابْن خُزَيْمَة، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيّ، من حَدِيث معمر، عَن ثَابت وَقَتَادَة عَن أنس، قَالَ: «طلب بعض أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - وضُوءًا فَلم يَجدوا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -: هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُم مَاءٌ؟ فَوضع يَده فِي الإِناء وَقَالَ: تَوَضَّئوا بِاسْمِ اللهِ. فَرَأَيْت المَاء يخرج من بَين أَصَابِعه حتَّى توضئوا من عِنْد آخِرهم. قَالَ [ثَابت] : قُلْتُ لأنس: كم تراهم؟ قَالَ: نَحوا من سبعين» .
http://shamela.ws/browse.php/book-5922#page-563
تلخيص الحبير للحافظ ابن حجر:
باب سنن الوضوء
70 - ( 1 ) - حديث : { لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه } أحمد وأبو داود والترمذي في العلل ، وابن ماجه ، والدارقطني وابن السكن والحاكم والبيهقي من طريق محمد بن موسى المخزومي ، عن يعقوب بن سلمة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة بلفظ { لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه }.
ورواه الحاكم من هذا الوجه ، فقال : يعقوب بن أبي سلمة ، وادعى أنه الماجشون وصححه لذلك ، والصواب أنه الليثي ، قال البخاري : لا يعرف له سماع من أبيه ، ولا لأبيه من أبي هريرة ، وأبوه ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : ربما أخطأ وهذه عبارة عن ضعفه فإنه قليل الحديث جدا ولم يرو عنه سوى ولده فإذا كان يخطئ مع قلة ما روى ، فكيف يوصف بكونه ثقة ، . قال ابن الصلاح : انقلب إسناده على الحاكم فلا يحتج لثبوته بتخريجه له . وتبع النووي ، وقال ابن دقيق العيد : لو سلم للحاكم أنه يعقوب بن أبي سلمة الماجشون ، واسم أبي سلمة : دينار ، [ ص: 124 ] فيحتاج إلى معرفة حال أبي سلمة ، وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال ، فلا يكون أيضا صحيحا .
وله طريق أخرى عند الدارقطني والبيهقي من طريق محمود بن محمد الظفري ، عن أيوب بن النجار ، عن يحيى ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة بلفظ : { ما توضأ من لم يذكر اسم الله عليه ، وما صلى من لم يتوضأ } ومحمود ليس بالقوي ، وأيوب قد سمعه يحيى بن معين يقول : لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثا واحدا : { التقى آدم وموسى }وقد ورد الأمر بذلك من حديث أبي هريرة ، ففي الأوسط للطبراني من طريق علي بن ثابت ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يا أبا هريرة إذا توضأت فقل : بسم الله والحمد لله ، فإن حفظتك لا تزال تكتب لك الحسنات حتى تحدث من ذلك الوضوء } ، قال : تفرد به عمرو بن أبي سلمة ، عن إبراهيم بن محمد ، عنه .
وفيه أيضا من طريق الأعرج ، عن أبي هريرة رفعه : { إذا استيقظ أحدكم من نومه ، فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ويسمي قبل أن يدخلها }تفرد بهذه الزيادة عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة ، وهو متروك ، عن هشام بن عروة ، عن أبي الزناد ، عنه . وفي الباب : عن أبي سعيد ، وسعيد بن زيد ، وعائشة ، وسهل بن سعد ، وأبي سبرة ، وأم سبرة ، وعلي ، وأنس . أما حديث أبي سعيد : [ ص: 125 ] فرواه أحمد والدارمي والترمذي في العلل وابن ماجه ، وابن عدي وابن السكن والبزار ، والدارقطني والحاكم والبيهقي ، من طريق كثير بن زيد ، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، بلفظ حديث الباب ، وزعم ابن عدي أن زيد بن الحباب تفرد به عن كثير ، وليس كذلك ، فقد رواه الدارقطني من حديث أبي عامر العقدي ، وابن ماجه من حديث أبي أحمد الزبيري ، وأما حال كثير بن زيد ، فقال ابن معين : ليس بالقوي . وقال أبو زرعة : صدوق فيه لين . وقال أبو حاتم : صالح الحديث ليس بالقوي يكتب حديثه .
وربيح ; قال أبو حاتم : شيخ ، وقال الترمذي عن البخاري : منكر الحديث ، وقال أحمد : ليس بالمعروف ، وقال المروزي : لم يصححه أحمد ، وقال : ليس فيه شيء يثبت . وقال البزار : روى عنه فليح بن سليمان ، وكثير بن زيد ، وكثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ، وكل ما روي في هذا الباب فليس بقوي ، ثم ذكر أنه روي عن كثير بن زيد ، عن الوليد بن رباح ، عن أبي هريرة ، وقال العقيلي : الأسانيد في هذا الباب فيها لين . وقد قال أحمد بن حنبل : إنه أحسن شيء في هذا الباب . وقال السعدي : سئل أحمد عن التسمية ؟ ، فقال : لا أعلم فيه حديثا صحيحا ، أقوى شيء فيه حديث كثير بن زيد ، عن ربيح ، وقال إسحاق بن راهويه : هو أصح ما في الباب . [ ص: 126 ]
وأما حديث سعيد بن زيد : فرواه الترمذي ، والبزار ، وأحمد وابن ماجه ، والدارقطني ، والعقيلي ، والحاكم ، من طريق عبد الرحمن بن حرملة ، عن أبي ثفال ، عن رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب ، عن جدته ، عن أبيها ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره لفظ الترمذي قال : وقال محمد : أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح ، ولابن ماجه بزيادة { لا صلاة لمن لا وضوء له }وصرح العقيلي ، والحاكم بسماع بعضهم من بعض ، وزاد { ولا يؤمن بالله من لا يؤمن بي ، ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار }وزاد الحاكم في روايته : حدثتني جدتي أسماء بنت سعيد بن زيد بن عمرو ، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأسقط منه ذكر أبيها ، وقال الدارقطني في العلل : اختلف فيه ، فقال وهيب ، وبشر بن المفضل ، وغير واحد هكذا ، وقال حفص بن ميسرة ، وأبو معشر ، وإسحاق بن [ ص: 127 ] حازم : عن ابن حرملة ، عن أبي ثفال ، عن رباح ، عن جدته : أنها سمعت . ولم يذكروا أباها .
ورواه الدراوردي ، عن أبي ثفال ، عن رباح ، عن ابن ثوبان مرسلا ، ورواه صدقة مولى آل الزبير ، عن أبي ثفال ، عن أبي بكر بن حويطب مرسلا ، وأبو بكر بن حويطب هو رباح المذكور ، قاله الترمذي . قال الدارقطني : والصحيح قول وهيب وبشر بن المفضل ومن تابعهما . وفي المختارة للضياء من مسند الهيثم بن كليب من طريق وهيب ، عن عبد الرحمن بن حرملة ، سمع أبا غالب سمعت رباح بن عبد الرحمن ، حدثتني جدتي : أنها سمعت أباها . كذا قال .
قال الضياء : المعروف أبو ثفال ، بدل أبي غالب ، وهو كما قال . وصحح أبو حاتم وأبو زرعة في العلل روايتهما أيضا ، بالنسبة إلى من خالفهما ، لكن قالا : إن الحديث ليس بصحيح ; أبو ثفال ورباح مجهولان ، وزاد ابن القطان : أن جدة رباح أيضا لا يعرف اسمها ، ولا حالها . كذا قال . فأما هي فقد عرف اسمها من رواية الحاكم ، ورواه البيهقي أيضا مصرحا باسمها . وأما حالها فقد ذكرت في الصحابة ، وإن لم يثبت لها صحبة فمثلها لا يسأل عن حالها . وأما أبو ثفال فروى عنه جماعة ، وقال البخاري : في حديثه نظر . وهذه عادته فيمن يضعفه ، وذكره ابن حبان في الثقات ، إلا أنه قال : لست بالمعتمد على ما تفرد به . فكأنه لم يوثقه . وأما رباح فمجهول ، قال ابن القطان : فالحديث ضعيف جدا .
وقال البزار : أبو ثفال مشهور ، ورباح وجدته لا نعلمهما رويا إلا هذا الحديث ، ولا حدث عن رباح إلا أبو ثفال ، فالخبر من جهة النقل لا يثبت . وأما حديث عائشة فرواه البزار وأبو بكر بن أبي شيبة في مسنديهما ، وابن عدي . وفي إسناده حارثة بن محمد ، وهو ضعيف ، وضعف به . قال ابن عدي : بلغني عن أحمد أنه نظر في جامع إسحاق بن راهويه ، فإذا أول حديث قد أخرجه هذا الحديث . فأنكره جدا ، وقال : أول حديث يكون في الجامع عن حارثة ، وروى الحربي عن أحمد أنه قال : هذا يزعم أنه اختار أصح شيء في الباب وهذا أضعف حديث فيه . [ ص: 128 ] وأما حديث سهل بن سعد فرواه ابن ماجه ، والطبراني ، وهو من طريق عبد المهيمن بن عباس بن سهل ، عن أبيه ، عن جده ، وهو ضعيف ، لكن تابعه أخوه أبي بن عباس ، وهو مختلف فيه . وأما حديث أبي سبرة وأم سبرة ، فروى الدولابي في الكنى ، والبغوي في معرفة الصحابة ، والطبراني في الأوسط ، من حديث عيسى بن سبرة بن أبي سبرة ، عن أبيه عن جده ، وأخرجه أبو موسى في المعرفة ، فقال : عن أم سبرة ، وهو ضعيف .
وأما حديث علي ، فرواه ابن عدي في ترجمة عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي ، وقال : إسناده ليس بمستقيم . وأما حديث أنس ، فرواه عبد الملك بن حبيب الأندلسي ، عن أسد بن موسى ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس بلفظ { لا إيمان لمن لم يؤمن بي ، ولا صلاة إلا بوضوء ، ولا وضوء لمن لم يسم الله } وعبد الملك شديد الضعف . والظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة ، تدل على أن له أصلا ، وقال أبو بكر بن أبي شيبة : ثبت لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله .
وقال البزار : لكنه مؤول ، ومعناه أنه لا فضل لوضوء من لم يذكر اسم الله ، لا على أنه لا يجوز وضوء من لم يسم . واحتج البيهقي على عدم وجوب التسمية ، بحديث رفاعة بن رافع { لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمر الله فيغسل وجهه}واستدل النسائي ، وابن خزيمة ، والبيهقي في استحباب التسمية بحديث معمر ، عن ثابت وقتادة ، عن أنس قال : { طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءا فلم يجدوا ، فقال : هل مع أحد منكم ماء ؟ فوضع يده في الإناء ، فقال : توضئوا [ ص: 129 ] بسم الله }وأصله في الصحيحين بدون هذه اللفظة ، ولا دلالة فيها صريحة لمقصودهم .
وقد أخرج أحمد مثله من حديث نبيح العنزي ، عن جابر ، وقال النووي : يمكن أن يحتج في المسألة بحديث أبي هريرة { كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أجذم }. قوله : ويروى في بعض الروايات : { لا وضوء كاملا لمن لم يذكر اسم الله عليه }.
لم أره هكذا ، لكن معناه في الحديث الذي بعده .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=11&I
تفسير ابن كثير:
وَتُسْتَحَبُّ فِي أَوَّلِ الْوُضُوءِ لِمَا جَاءَ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ «5» وَالسُّنَنِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَوْجَبَهَا عِنْدَ الذِّكْرِ هَاهُنَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهَا مُطْلَقًا
http://shamela.ws/browse.php/book-23604#page-31
(الشَّرْحُ) هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فَرَّقَهُ فِرْقَتَيْنِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الثَّانِي وَمَنْ تَوَضَّأَ بِوَاوِ الْعَطْفِ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَقَدْ بَيَّنَ الْبَيْهَقِيُّ وُجُوهَ ضَعْفِهِ وَصَحَّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِيمَا نَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ قَالَ لَا أَعْلَمُ فِي التَّسْمِيَةِ حَدِيثًا ثَابِتًا وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ رواه الدارقطني وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَسَهْلِ بن سعد وَأَنَسٍ وَأَسَانِيدُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ ثُمَّ قَالَ أَصَحُّ مَا فِي التَّسْمِيَةِ حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ الذى فيه الماء ثم قال توضؤا بِاسْمِ اللَّهِ قَالَ فَرَأَيْت الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بين أصابعه والقوم يتوضؤن حتي توضؤا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ وَكَانُوا نَحْوَ سَبْعِينَ رَجُلًا وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَاحْتَجَّ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ معرفة السنن الآثار وَضَعَّفَ الْأَحَادِيثَ الْبَاقِيَةَ وَأَمَّا قَوْلُ الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ انْقَلَبَ عَلَيْهِ إسْنَادُهُ وَاشْتَبَهَ كَذَا قَالَهُ الْحُفَّاظُ
واحتج من أوجبها بحديث : " { لا وضوء لمن لم يسم الله } " ولأنها عبادة يبطلها الحدث فوجب في أولها نطق كالصلاة .
واحتج أصحابنا عليهم بقوله تعالى : ( { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم " { توضأ كما أمرك الله } " وأشباه ذلك من النصوص الواردة في بيان الوضوء وليس فيها إيجاب للتسمية .
واحتجوا أيضا بالحديث المذكور في الكتاب وهو ضعيف كما سبق . ولأنها عبادة لا يجب في آخرها ذكر فلا يجب في أولها كالطواف ، وفيه احتراز من الصلاة ، وكذا سجود التلاوة إذا قلنا بالأصح : إنه يشترط السلام فيه .
والجواب عن الحديث من أوجه
أحسنها أنه ضعيف كما سبق .
( والثاني ) المراد لا وضوء كامل .
( والثالث ) جواب ربيعة شيخ مالك والدارمي والقاضي حسين وجماعة آخرين حكاه عنهم الخطابي : المراد بالذكر النية .
والجواب عن قياسهم من وجهين
( أحدهما ) أنه منتقض بالطواف .
( والثاني ) نقلبه عليهم فنقول : عبادة يبطلها الحدث فلم تجب التسمية في أولها كالصلاة والله أعلم
http://library.islamweb.net/newlibr...D=232&idfrom=414&idto=563&bookid=14&startno=1
معرفة السنن والآثار للحافظ البيهقى:
592 - قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: وَهَذَا لِمَا رُوِّينَا، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ الْإِنَاءِ الَّذِي وَضَعَ يَدَهُ فِيهِ، وَالْمَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ: «تَوَضَّئُوا بِاسْمِ اللَّهِ»
593 - وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا وُضُوءَ إِنْ لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ»، فَأَسَانِيدُهُ غَيْرُ قَوِيَّةٍ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ حَدِيثًا ثَابِتًا
http://shamela.ws/browse.php/book-2863#page-189
تنقيح ابن عبد الهادى لتحقيق ابن الجوزى:
180- الحديث الأوَل: قال الدَارَقُطْنِيُ: ثنا أحمد بن موسى بن العبَّاس بن مجاهد ثنا أحمد بن منصور ثنا أبو عامر (1) .
وقال أحمد: ثنا زيد بن الحباب.
وقال عبد بن حميد: ثنا عبد الملك (2) .
قالا (3) : ثنا كثير بن زيد قال: حدَثني رُبَيح بن عبد الرحمن [بن] (4) أبي سعيد عن أبيه عن جدِّه عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" (5) .
181- الحديث الثَّاني: قال الدَّارَقُطْنيُ: ثنا أبو محمَّد بن صاعد ثنا سلمة بن شَبِيب ثنا ابن أبي فُدَيْك ثنا عبد الرَحمن بن حَرْمَلة عن أبي ثِفَال المُري قال: سمعت رَبَاح بن عبد الرَحمن بن أبي سفيان بن حُوَيْطب يقول: أخبرتني جدَتي عن أبيها أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" (6) .
هذا الصَّحابي: سعيد بن زيدٍ.
182- طريق آخر: قال عبد الله بن أحمد: ثنا شيبان (7) ثنا يزيد بن عياض عن أبي ثِفَال المُري قال: سمعت رَبَاح بن عبد الرَحمن بن حُوَيْطب يقول: سمعت جدَتي أنَّها سمعت أباها سعيد بن زيدٍ يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى" (1) .
183- طريق ثالث: قال الترمذيَّ: ثنا نصر بن علي وبِشْرُ بن معاذٍ قالا: ثنا بِشْرُ بن المُفضَلِ عن عبد الرَحمن بن حَرْمَلهَ عن أبي ثِفَالٍ المُريِ عن رَبَاحِ ابن عبد الرَّحمن عن جدَّته عن أبيها قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" (2) .
184- الحديث الثَالث: قال أحمد: ثنا قتيبة ثنا محمَّد بن موسى المخزوميُ عن يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" (3) .
185- طريق آخر: قال الدَارَقُطْنِيُ: ثنا ابن صاعد ثنا محمود بن محمَّد الظَفَريَّ ثنا أيُّوب بن النَّجَار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما توضَّأ من لم يذكر اسم الله عليه، وما صلَّى من لم يتوضَّأ" (4) .
186- طريق آخر: قال الدَارَقُطْنِيُ: ثنا محمَّد بن مَخْلد ثنا أبو بكر محمَّد بن عبد الله (1) [الزهيريَّ] (2) ثنا مرداس بن محمَّد بن عبد الله بن أبي بردة ثنا محمَّد بن أبان عن أيُّوب [بن] (3) عائذ الطَّائيِّ عن مجاهد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من توضَأ وذكر اسم الله تطهَر جسده كلُه، ومن توضٌأ ولم يذكر اسم الله عز وجل لم يتطهر إلا موضع الوضوء" (4) .
وربَّما قال الخصم: فهذا حجَتنا، لأنَّه حكم بطهارة الأعضاء مع عدم التَسمية. قلنا: البدن جميعه محدثٌ، بدليل أنَّّه لا يجوز مسُ المصحف بصدره، ومع بقاء الحدث في بعض البدن لا تصحُ الصَلاة.
187- الحديث الرَّابع: قال الدَارَقُطْنِيُّ: ثنا عثمان بن أحمد الدَّقَاق ثنا محمَّد بن عبيد الله المناديَّ ثنا أبو بدر ثنا حارثة بن محمَّد عن عمرة عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم إلى الوُضوء فيسمي الله عزَّ وجلَّ (5) .
188- الحديث الخامس- مقطوع-: أنبأنا عبد الوهَّاب بن المبارك الحافظ أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن الباقلاويَّ (6) أنا أبو علي ابن شاذان أنا دَعْلَج ثنا محمَّد بن علي- بن زيدٍ ثنا سعيد بن منصور ثنا عَتَاب ثنا خُصَيف قال: توضَّأ رجلٌ عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسمَّ، فقال: "اعد وضوءك ". ثم توضَّأ ولم يسمَّ، فقال: "اعد وضوءك "- ثلاث مرات- ثم توضَّأ وسمَّى، فقال: "الآن حين أصبت وضوءك".
هذه الأحاديث فيها مقالٌ قريبٌ:
فقي الحديث الأوَّل: كثير بن زيد، قال يحيى: ليس بذاك القويِّ (1) .
وقال أبو زرعة: هو لينٌ (2) .
قال أحمد والبخاريُّ: أحسن شيء في هذا الباب حديث كثير بن زيد (3) .
قال ابن الجوزى: وحديث قتيبة جيدٌ (4)
وقد قالوا في رُبَيح: أنَّه ليس بالمعروف.
وقال أحمد: من أبو ثِفَال؟ (5) .
وقال الترمذيَّ: اسمه ثمامة بن حصين (6) .
ومن مذهب أحمد تقديم الحديث الضَعيف على القياس.
قال أبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: ليس في هذا حديثٌ يثبت، وأحسنها حديث كثير بن زيدٍ. وضعَّف حديث ابن حَرْمَلة (1) .
وقال: أنا لا آمر بالإعادة، وأرجو أنه يجزئه الوضوء، لأنَّه ليس في هذا حديث أحكم به (2) .
(قال محقق الكتاب فى هذا الموضع: (2) كلام الإمام أحمد بهذا السياق لم نقف عليه، ومعناه في: "مسائل أبي داود": (ص: 11- رقم: 31) ؛ "مسائل عبد الله ": (1/89- 91- رقمي: 100- 101) ؛ "مسائل صالح": (1/ 380- 381- رقمي: 357- 358؛ 2/130- 131- رقم: 696) ؛ "مسائل ابن هانئ": (1/3- رقم: 16- 18) : "تاريخ أبي زرعة الدمشقي": (1/631- 632- رقم: 1828) .)
ز: وروى حديث رُبِيح بن عبد الرَحمن عن أبيه عن جده: ابن ماجه في "سننه" (3) .
وسئل إسحاق بن راهويه: أيَّ حديثٍ أصحُ في التَّسمية؟ فذكر حديث أبي سعيد (4) .
وقال أحمد: ربيح ليس بمعروفٍ (5) . وقال أبو حاتم الرَّازيَّ: روى عنه الدَّراوردي وكثير بن زيد والزُّبير بن عبد الله وفُلَيح بن سليمان (6) . وسئل أبو زرعة عنه فقال: شيخ (7) . وقال الترمذيَّ في كتاب "العلل": قال محمَّد - يعني البخاريَّ-: منكر الحديث (8) . وقال ابن عَدِي: أرجو أنَّه لا بأس
به (1) . وذكره ابن حِبَان في كتاب "الثقات" (2) .
وقال أحمد بن حفص السَعديَّ: سُئل أحمد بن حنبل- يعني وهو حاضرٌ- عن التَّسمية في الوضوء، فقال: لا أعلم فيه حديثاً يثبت، أقوى شيءٍ فيه حديث كثير بن زيدٍ عن رُبيح (3) .
وقال العقيليُ: ثنا إبراهيم بن عبد الوهَاب الأَبْزَارِيَّ ثنا أحمد بن محمَّد بن هانئ قال: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: التَسمية في الوضوء؟ فقال: أحسن شيءٍ فيه حديث رُبَيح بن عبد الرَّحمن بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي سعيد الخدري. قلت: فحديث عبد الرَحمن بن حَرْمَلة؟ قال: لا يثبت.
قال العقيليُّ: والأسانيد في هذا الباب فيها لين (4) .
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثبت لنا أنَّ النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا وضوء لمن لم يسمِّ" (5) .
وحديث سعيد بن زيد: رواه ابن ماجه أيضاً (1) .
وقال الترمذيَّ: قال محمَّد بن إسماعيل: أحسن شيءِ في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرَحمن- يعني حديث سعيد بن زيد- (2) .
وقال الترمذيَّ: قال أحمد بن حنبل: لا أعلم في هذا الباب حديثاً له إسنادٌ جيدٌ (3) .
وقال البخاريَّ: في حديثه نظر- يعني أبا ثفال- (4) .
وقال ابن عبد البر: أبو بكر بن حويطب، يقال: اسمه رباح، ويقال: اسمه كنيته، روى عن جدَّته، يقال: حديثه مرسلٌ (5) .
وروى حديث يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة: أبو داود (6)
وابن ماجه (1) أيضاً، والحاكم وقال: هو حديث صحيح الإسناد (3) .
وقال البخاريَّ: ولا يعرف لسلمة سماعٌ من أبي هريرة، ولا ليعقوب من أبيه (3) .
ومحمود بن محمَّد الظفريَّ: قال الدَّارَقُطْنيُ: ليس بالقوي، فيه نظر (4) . وشيخه أيُّوب بن النَجَار: ثقةٌ، من رجال "الصحيحين" (5) .
وقال البيهقيُ في حديثه: لا يعرف من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة إلا من هذا الوجه، وكان أيُّوب بن النَجَار يقول: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثَا واحداً- حديث: "التقى آدم وموسى ... "-. ذكره يحيى ابن معين فيما رواه عنه ابن أبي مريم، فكان حديثه هذا منقطعاً، والله أعلم (6) .
والحديث الرَابع: في إسناده: حارثة بن محمَّد، وقد ضعَّفوه.
189- وعن عبد المهيمن بن عبَّاس بن سهل بن سعد السَّاعدي عن أبيه عن جدِّه عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله
عليه، ولا صلاة لمن لا يصلي على نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار".
رواه ابن ماجه (1) .
وعبد المهيمن: ضعَّفوه، وقال الدَارَقُطْنِيُ: عبد المهيمن ليس بالقويِّ (2) . وقال ابن حِبَان: لا يحتجُ به (3) . وقال البيهقيُ: ضعيفٌ، لا يحتجُ برواياته (4) .
http://shamela.ws/browse.php/book-10657#page-407
تعليقة ابن عبد الهادى على علل ابن أبى حاتم:
وَقَدْ رُوِيَ فِي اشْتِرَاطِ التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ غَيْرُ هَذَا، كَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَلا يَخْلُو كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مِنْ مَقَالٍ، لَكِنَّ الأَظْهَرَ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي ذَلِكَ بِمَجْمُوعِ طُرُقِهِ حَسَنٌ أَوْ صَحِيحٌ.
قَالَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: ثَبَتَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ» .
http://shamela.ws/browse.php/book-11569#page-140
البدر المنير لابن الملقن:
الحَدِيث (السَّابِع) عشر
أنَّه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: «لاَ وضوءَ لِمْنَ لمْ (يسم) الله عَلَيْهِ» .
هَذَا الحَدِيث مَشْهُور، وَله طرق مُتَكَلَّمٌ فِي كلّها، وَالَّذِي يحضرنا الْآن (مِنْهَا) ستَّة:
أَحدهَا: عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، وَله طَرِيقَانِ:
أَحدهمَا: عَن قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن مُوسَى، عَن يَعْقُوب بن سَلمَة، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -: «لاَ صَلاَةَ لِمْنَ لاَ وضوءَ لَهُ وَلاَ وضوءَ لِمْن لمْ يَذْكر اسْمَ الله عَلَيْهِ» .
أخرجه الإِمام أَحْمد وَأَبُو دَاوُد هَكَذَا عَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه ابْن مَاجَه، عَن أبي كريب و [عبد الرَّحْمَن] بن إِبْرَاهِيم، قَالَا: ثَنَا ابْن أبي فديك، (عَن مُحَمَّد بن مُوسَى (بِإِسْنَادِهِ) وَلَفظه.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ) فِي «علله» ، عَن قُتَيْبَة بِمثلِهِ.
وَأخرجه الْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» من طريقي قُتَيْبَة وَابْن أبي فديك، لكنَّه قَالَ: فيهمَا يَعْقُوب بن أبي سَلمَة بِزِيَادَة «أبي» وَالْمَوْجُود فِي سَائِر رِوَايَات هَذَا الحَدِيث غَيره «ابْن سَلمَة» بِحَذْف «أبي» .
وَحَاصِل مَا يُعلل بِهِ هَذَا الحَدِيث: الضعْف والانقطاع، أمّا الضعْف فيعقوب بن سَلمَة لَا أعرف حَاله، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي «الْمِيزَان» : شيخ لَيْسَ (بعمدة) .
وأمّا (أَبوهُ) سَلمَة فَلم يعرف حَاله الْمزي وَلَا الذَّهَبِيّ، وإنَّما قَالَ فِي «الْمِيزَان» : لم يرو عَنهُ غير وَلَده. وَقد ذكره أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «ثقاته» وَقَالَ: ربَّما أَخطَأ.
وأمَّا الِانْقِطَاع فَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي «علله» : «سَأَلت مُحَمَّدًا - يَعْنِي البُخَارِيّ - عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: مُحَمَّد بن مُوسَى المَخْزُومِي لَا بَأْس بِهِ مقارب الحَدِيث، وَيَعْقُوب بن سَلمَة الْمدنِي لَا يُعرف لَهُ سَماع من أَبِيه وَلَا يعرف لِأَبِيهِ سَماع من أبي هُرَيْرَة. وَخَالف الْحَاكِم، فَقَالَ فِي «الْمُسْتَدْرك» : «هَذَا حَدِيث صَحِيح الإِسناد. قَالَ: وَقد احْتج مُسلم بِيَعْقُوب بن أبي سَلمَة الْمَاجشون وَاسم أبي سَلمَة دِينَار وَلم يخرجَاهُ قَالَ: (وَله) شَاهد. فَذكر حَدِيث أبي سعيد الَّذِي سَيَأْتِي.
وَاعْترض النَّاس عَلَى الْحَاكِم فِي تَصْحِيحه لهَذَا الحَدِيث (وأنَّه عَلَى) شَرط مُسلم؛ فَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين ابْن الصّلاح: وَلَا يستشهد عَلَى ثُبُوت هَذَا الحَدِيث بِكَوْن الْحَاكِم حكم بِصِحَّة إِسْنَاده؛ لأنَّا نَظرنَا فِيهِ فَوَجَدنَا إِسْنَاده قد انْقَلب عَلَيْهِ.
قَالَ الصريفيني - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابه « (رُوَاة) الْكتب الْأَحَد عشر» عقب قَول الْحَاكِم: وَاسم أبي سَلمَة دِينَار. كَذَا ذكره، وَالصَّوَاب الَّذِي عِنْد (الْجَمَاعَة) يَعْقُوب بن سَلمَة اللَّيْثِيّ إِن شَاءَ الله. وَقَالَ النَّوَوِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَول الْحَاكِم: «هَذَا حَدِيث صَحِيح» لَيْسَ بِصَحِيح، لِأَنَّهُ انْقَلب عَلَيْهِ إِسْنَاده واشتبه، كَذَا قَالَه الْحَافِظ. وَلم يبين ابْن الصّلاح وَجه الانقلاب وَلَا النَّوَوِيّ وَجه الِاشْتِبَاه، وَبَينه الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمام» فَقَالَ بعد أَن ذكر مقَالَة الْحَاكِم الْمُتَقَدّمَة: وليعلم أَن مُسلما لم يحْتَج بِيَعْقُوب بن سَلمَة اللَّيْثِيّ، عَن أَبِيه وَهُوَ رَاوِي هَذَا الحَدِيث، كَذَلِك رَوَاهُ عَنهُ ابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِيّ - يَعْنِي وَغَيرهمَا كَمَا قدمْنَاهُ - وَيَعْقُوب بن سَلمَة لم يحْتَج بِهِ مُسلم. قَالَ: وَالَّذِي نرَاهُ أَن الحَدِيث ليعقوب بن سَلمَة وأنَّه وَقع انْتِقَال ذهني من يَعْقُوب بن سَلمَة إِلَى يَعْقُوب بن أبي سَلمَة.
قَالَ: وَلَو سُلِّم أنَّه يَعْقُوب بن أبي سَلمَة فَيحْتَاج إِلَى معرفَة حَال أَبِيه أبي سَلمَة واسْمه دِينَار ثمَّ ذكر مقَالَة البُخَارِيّ الْمُتَقَدّمَة فِي تَعْلِيل هَذَا الحَدِيث.
قُلْتُ: وَهَذَا متين، فقد كَشَفْتُ كتب الْأَسْمَاء جرحا وتعديلًا فَلم أرَ (دِينَارا) هَذَا، بل لم أرَ أحدا قَالَ: إِن الْمَاجشون (يروي) عَن أَبِيه. فتعيَّن غلط الْحَاكِم، وَلَو صَحَّ لتوجه الِاعْتِرَاض عَلَى الْحَافِظ (عبد الْغَنِيّ والصريفيني) وجمال الدَّين الْمزي وتلميذه الذَّهَبِيّ حَيْثُ لم يذكرُوا (لوالد) أبي سَلمَة فِي كتبهمْ تَرْجَمَة، وَأغْرب أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ فَقَالَ فِي كِتَابه «التَّحْقِيق» : هَذَا حَدِيث جيِّد.
والْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْمُنْذِرِيّ فَقَالَ: هَذَا الحَدِيث أَجود أَحَادِيث الْبَاب. قَالَ: وَقد رُوِيَ فِي هَذَا الْمَعْنى أَحَادِيث لَيست بمستقيمة.
قَالَ شَيخنَا أَبُو (الْفَتْح) الْيَعْمرِي: وَفِيمَا قَالَه الْمُنْذِرِيّ نظر، لانْقِطَاع حَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا (من وَجْهَيْن) .
قلْتُ: لَا شكّ فِيهِ بل هُوَ ضَعِيف لوَجْهَيْنِ كَمَا قَرّرته (لَك) وأمَّا ابْن السكن فإنَّه ذكره فِي «صحاحه» ، وَهُوَ تساهل مِنْهُ كَمَا يعرف ذَلِكَ من نظر فِي كِتَابه هَذَا.
الطَّرِيق الثَّانِي: عَن (مَحْمُود) بن مُحَمَّد الظفري، عَن أَيُّوب [بن] النجار، عَن يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: (قَالَ) رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -: «مَا تَوَضَّأَ مَن لمْ يَذْكرْ اسْمَ اللهِ عَلَيهِ، وَمَا صَلَّى مَن لمْ يَتَوَضَّأْ» .
أخرجه هَكَذَا الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سُنَنهمَا» ، ومحمود هَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِيهِ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، فِيهِ نظر. وَأعله الْبَيْهَقِيّ بِأَن قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا يعرف من حَدِيث يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة إلاَّ من هَذَا الْوَجْه، وَكَانَ أَيُّوب [بن] النجار يَقُول: لم أسمع من يَحْيَى بن أبي كثير إلاَّ حَدِيثا وَاحِدًا: «التقَى آدم ومُوسَى عَلَيْهِمَا (وَعَلَى نَبينَا) الصَّلَاة وَالسَّلَام ... ) ذكره يَحْيَى بن معِين فِيمَا رَوَاهُ (عَنهُ) ابْن أبي مَرْيَم، فَكَانَ حَدِيثه هَذَا مُنْقَطِعًا، وَالله أعلم» .
الطَّرِيق (الثَّالِث) من أصل طرق هَذَا الحَدِيث: عَن كَثير - بِفَتْح الْكَاف، ثمَّ ثاء مُثَلّثَة - بن زيد، عَن رُبَيْح - بِضَم الرَّاء الْمُهْملَة، ثمَّ بَاء مُوَحدَة مَفْتُوحَة، ثمَّ يَاء مثناة تَحت (سَاكِنة) ، ثمَّ حاء مُهْملَة - بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد (الْخُدْرِيّ، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد) رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، عَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: «لاَ وضوءَ لِمْنَ لمْ يَذْكر اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ» .
أخرجه الإِمام أَحْمد، والدارمي فِي «مسنديهما» ، وَالتِّرْمِذِيّ فِي «علله» ، وَابْن مَاجَه فِي «سنَنه» ، وَعبد بن حميد فِي «مُسْنده» ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنَيْهِمَا» ، وَالْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» (مستشهدًا) بِهِ، وَأخرجه ابْن عدي فِي «كَامِله» وَقَالَ: لَا (أعلم) يروي هَذَا الحَدِيث عَن ربيح غير كثير، وَلَا عَن كثير غير زيد بن الْحباب. كَذَا قَالَ، وَقد رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث أبي عَامر الْعَقدي عَن كثير.
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي أَحْمد الزبيري، عَن كثير، فاستفد ذَلِكَ.
وللحفاظ فِي هَذَا الحَدِيث مقالتان:
إِحْدَاهمَا: أنَّه حَدِيث حسن، قَالَ شَيخنَا أَبُو الْفَتْح الْيَعْمرِي رَحِمَهُ اللَّهُ: هُوَ أَجود من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي ثفال الْآتِي، وذَلِكَ أنَّ كثير بن زيد ذكر ابْن أبي خَيْثَمَة، عَن يَحْيَى بن معِين أنَّه قَالَ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقَالَ مُعَاوِيَة بن صَالح عَنهُ: صَالح. وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله بن عمار عَنهُ: هُوَ ثِقَة. وَحَكَى ابْن الْجَوْزِيّ، عَن ابْن معِين توثيقه. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: صَدُوق وَفِيه لين. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: صَالح لَيْسَ بِالْقَوِيّ يكْتب حَدِيثه. وَقَالَ ابْن سعد: كَانَ كثير الحَدِيث.
وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات.
قُلْتُ: وَقَالَ أَحْمد: مَا أرَى بحَديثه بَأْسا. وَربيح وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان. وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: شيخ. وَابْن حبَان وَالْحَاكِم يخرجَانِ حَدِيثه فِي (الصَّحِيح) .
وَقَالَ ابْن عدي: أَرْجُو أنَّه لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ مُحَمَّد بن عمار: ثِقَة.
وَقَالَ ت: قَالَ خَ: مُنكر الحَدِيث.
وَهَذَا (قد) يُعَارض مَا نَقله ابْن الْجَوْزِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: أنَّه أحسن شَيْء فِي الْبَاب، كَمَا سَيَأْتِي، (و) يُورث عنْدك شُبْهَة احْتِمَال غلطه فِي النَّقْل عَنهُ، وَقَول الإِمام أَحْمد فِيهِ أنَّه لَيْسَ بِمَعْرُوف لَيْسَ بقادح؛ فقد عرفه غَيره وَرَوَى عَنهُ جمَاعَة كَثِيرَة. (وَقَالَ الْحَافِظ جمال الدَّين أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه «التَّحْقِيق» : فِيهِ مقَال قريب، وَكثير بن زيد، قَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِذَاكَ الْقوي. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: ليِّن.
وَقَالَ الإِمام أَحْمد وَالْبُخَارِيّ: إنَّه أحسن شَيْء فِي هَذَا الْبَاب) .
قُلْتُ: هَذَا مُخَالف لما نَقله التِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ، كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيث زيد.
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: وَقد قَالُوا فِي ربيح: إنَّه لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ. قَالَ أَبُو بكر الْأَثْرَم: سَمِعت أَبَا عبد الله أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول فِي هَذَا - يَعْنِي فِي وجوب التَّسْمِيَة -: لَيْسَ فِيهِ حَدِيث يثبت، وأحسنها هَذَا الحَدِيث. قَالَ: وَإِنَّا لَا نأمره بالإِعادة، وَأَرْجُو أَن يُجزئهُ الْوضُوء؛ لأنَّه لَيْسَ هَذَا حَدِيث نحكم بِهِ.
وَكَذَا نقل الإِمام الْحَافِظ أَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ، عَن الإِمام أَحْمد أنَّه قَالَ: لَا أعلم فِي التَّسْمِيَة حَدِيثا أَقْوَى من حَدِيث كثير هَذَا.
وَكَذَا نقل الْعقيلِيّ فِي «تَارِيخ الضُّعَفَاء» أنَّه لما سُئِلَ عَن هَذَا الحَدِيث قَالَ: إنَّه أحسن شَيْء فِي الْبَاب.
وَقَالَ (أَحْمد) بن حَفْص السَّعْدِيّ: سُئِلَ أَحْمد عَن التَّسْمِيَة فِي الْوضُوء. فَقَالَ: لَا أعلم فِيهِ حَدِيثا (يثبت) . أَقْوَى شَيْء فِيهِ حَدِيث كثير بن زيد، عَن ربيح. وَقَالَ الْحَافِظ مجد الدَّين ابْن تَيْمِية فِي «أَحْكَامه» : سُئِلَ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه: أَي حَدِيث أصح فِي التِّسمية؟ فَذكر هَذَا الحَدِيث. قَالَ الْحَافِظ: وَفِيه مقَال قريب. و (ذكره) ابْن السكن فِي صحاحه.
الْمقَالة الثَّانِيَة: أنَّه حَدِيث لَا يصحّ.
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي « (الْعِلَل) المتناهية فِي الْأَحَادِيث الْوَاهِيَة» : هَذَا حَدِيث لَا يثبت عَن رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -. قَالَ المرّوزي: لم يُصَحِّحهُ أَحْمد. وَقَالَ: ربيح لَيْسَ بِمَعْرُوف وَلَيْسَ الْخَبَر بِصَحِيح، (وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء يثبت) .
وَقَالَ الْعقيلِيّ فِي «الضُّعَفَاء» : الْأَسَانِيد فِي هَذَا الْبَاب فِيهَا لين. وَرَوَى الْبَزَّار هَذَا الحَدِيث فِي «سنَنه» ، وَقَالَ: لَا نعلمهُ يرْوَى عَن أبي سعيد إلاَّ بالإِسناد الْمَذْكُور. وَكثير بن زيد قد رَوَى عَنهُ جمَاعَة من أهل الْعلم وَاحْتَملُوا حَدِيثه، وَربيح بن عبد الرَّحْمَن رَوَى عَنهُ فليح بن سُلَيْمَان، وَعبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي، وَكثير بن عبد الله بن عَمْرو.
الطَّرِيق الثَّالِث: عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، عَن أبي ثِفَال - بِكَسْر الثَّاء الْمُثَلَّثَة، وَيُقَال بضَمهَا وَبعدهَا فَاء - المري - بالراء الْمُهْملَة - عَن رَبَاح - بِفَتْح الرَّاء (الْمُهْملَة) بعْدهَا بَاء مُوَحدَة - ابْن عبد الرَّحْمَن بن أبي سُفْيَان بن حويطب، عَن جدته، عَن أَبِيهَا، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَقُول: «لاَ وضوءَ لِمْنَ لمْ يَذْكر اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي «جَامعه» هَكَذَا.
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه من حَدِيث يزِيد بن عِيَاض، عَن أبي ثفال، عَن رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سُفْيَان أنَّه سمع جدته بنت سعيد بن زيد تذكر أنَّها سَمِعت أَبَاهَا سعيد بن زيد يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -: «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لاَ وضوءَ لَهُ، وَلاَ وضُوءَ لِمْنَ لمْ يَذْكر اسْمَ اللهِ عَلَيه» .
وَأخرجه الإِمام أَحْمد من هَذَا الطَّرِيق بِهَذَا الإِسناد والأوَّل أَيْضا.
وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» بالإِسناد الأوَّل وَاللَّفْظ إلاَّ أنَّه زَاد: «وَلاَ صَلاَة لِمَن لَا وضُوءَ لَهُ» .
وَرَوَاهُ ابْن قَانِع فِي «مُعْجَمه» بِإِسْنَاد التِّرْمِذِيّ، ولفظُهُ: «مَا آمنَ بِاللهِ مَن لمْ يُؤْمِنْ بِي، وَلاَ آمنَ بِي مَنْ لمْ يحبّ الأنْصَارَ، وَلاَ صَلاةَ إِلاَّ (بوضوءٍ، وَلاَ) وضُوءَ لِمْنَ لمْ يَذْكرْ اسْمَ اللهِ عَلَيه» .
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» والعقيلي فِي «تَارِيخه» ، عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة أنَّه سمع أَبَا ثِفال يَقُول: سَمِعت رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سُفْيَان يَقُول: حَدَّثتنِي جدَّتي أنَّها سَمِعت أَبَاهَا يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَقُول: «لاَ صَلاَةَ لِمَن لَا وضُوءَ لَهُ، وَلاَ وضُوءَ لِمْنَ لمْ يَذْكر اسْمَ اللهِ عَلَيه، وَلاَ يُؤْمِن بِاللهِ مَن لَا (يُؤْمِن) بِي، وَلاَ يُؤْمِن بِي مَن لَا يُحِبُّ الأَنْصَارَ» .
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» من حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن أبي ثِفال قَالَ: سَمِعت رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن يَقُول: حَدَّثتنِي جدَّتي أَسمَاء بنت سعيد بن زيد بن عَمْرو أنَّها سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَقُول، فَذكره بِلَفْظ الْعقيلِيّ، (كَذَا) ذكره فِي ترجمتها بِإِسْقَاط اسْمهَا.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: قَالَ البُخَارِيّ: أحسن شَيْء (فِي) هَذَا الْبَاب هَذَا الحَدِيث.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: ورباح بن عبد الرَّحْمَن (هُوَ) أَبُو بكر بن حويطب، وَمِنْهُم من رَوَى هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: عَن أبي بكر بن حويطب فنسبه إِلَى جدِّه، وَأَبُو جدَّته هُوَ سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل. وَأَبُو ثفال اسْمه ثُمَامَة بن حُصَيْن.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» وَقد سُئِلَ عَن هَذَا الحَدِيث (فَقَالَ: هَذَا الحَدِيث) يرويهِ أَبُو ثِفال المري وَاخْتلف عَنهُ؛ فَرَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة الْأَسْلَمِيّ عَن أبي ثفال وَاخْتلف عَنهُ وَقَالَ وهيب وَبشر بن الْمفضل وَابْن أبي فديك، وَسليمَان بن بِلَال: عَن (ابْن) حَرْمَلَة، عَن أبي ثفال، عَن رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سُفْيَان بن حويطب، عَن جدته، عَن أَبِيهَا، عَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -. وأبوها هُوَ سعيد بن زيد. وَخَالفهُم حَفْص بن ميسرَة وَأَبُو معشر نجيح وَإِسْحَاق بن حَازِم. فَرَوَوْه عَن (ابْن) حَرْمَلَة، عَن أبي ثفال، عَن [رَبَاح] ، عَن جدته أنَّها سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -، وَلم يذكرُوا أَبَاهَا فِي الإِسناد.
وَرَوَاهُ يزِيد بن عِيَاض وَالْحسن بن [أبي] جَعْفَر وَعبد الله بن جَعْفَر بن نجيح الْمَدِينِيّ، عَن أبي ثفال، عَن رَبَاح، عَن جدته (عَن أَبِيهَا سعيد كَقَوْل وهيب وَمن تَابعه عَن (ابْن) حَرْمَلَة) .
وَرَوَاهُ الدَّرَاورْدِي عَن أبي ثفال، عَن رَبَاح، عَن ابْن ثَوْبَان مُرْسلا، عَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -. وَرَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن صَدَقَة مولَى آل الزبير، عَن أبي ثفال، عَن أبي بكر بن حويطب مُرْسلا، عَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -. وَالصَّحِيح قَول وهيب وَبشر بن الْمفضل وَمن تابعهما.
وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : قَالَ أبي: الصَّحِيح حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، عَن أبي ثفال، عَن رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن بن حويطب، عَن جدته، عَن أَبِيهَا سعيد بن زيد مَرْفُوعا قَالَ: وَمن قَالَ عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة الْأَسْلَمِيّ، عَن ثفال، عَن رَبَاح، عَن أمِّه بنت زيد بن نفَيْل مَرْفُوعا فقد أَخطَأ فِي مَوَاضِع.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر من «علله» : سَأَلت أبي وَأَبا زرْعَة عَنهُ فَقَالَا: لَيْسَ عندنَا بذلك الصَّحِيح، أَبُو ثفال ورباح مَجْهُولَانِ.
و (ذكره) أَبُو الْحسن بن الْقطَّان، وَقَالَ عَن عبد الحقّ حِين أخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيق التِّرْمِذِيّ وَذكر كَلَامه عَلَيْهِ كَمَا سقناه: فإنْ كَانَ اعْتمد قَول البُخَارِيّ فقد يُوهم أنَّه حسن، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَمَا هُوَ إلاَّ ضَعِيف جدًّا، وإنَّما مَعْنَى كَلَام البُخَارِيّ أنَّه أحسن مَا فِي الْبَاب عَلَى علاته.
قُلْتُ: وَمِمَّا يُقَوي هَذَا أنَّ الْعقيلِيّ رَوَى عَن البُخَارِيّ أنَّه قَالَ: (فِي) حَدِيث أبي ثفال نظر. قَالَ ابْن الْقطَّان: وَإِن اعْتمد قَول الإِمام أَحْمد حَيْثُ قَالَ: لَا أعلم فِي هَذَا الْبَاب حَدِيثا لَهُ إِسْنَاد جيِّد فقد بَقِي عَلَيْهِ أَن يبين علته. وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي قصدت بَيَانه لتكمل الْفَائِدَة، وَفِي إِسْنَاده ثَلَاثَة مَجَاهِيل الْأَحْوَال:
أوَّلهم: جدة رَبَاح فإنَّها لَا تعرف (بِغَيْر هَذَا) وَلَا يُعرف (لَهَا لَا) اسْم وَلَا حَال، وَغَايَة مَا يعرفنا بِهَذَا أنَّها ابْنة لسَعِيد بن زيد.
قُلْتُ: وَلِهَذَا الْوَجْه ذكره أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي كِتَابه «الطّهُور» . فَقَالَ: وَقد كَانَ بعض أهل الحَدِيث يطعن فِيهِ لمَكَان الْمَرْأَة المجهولة.
الثَّانِي: رَبَاح الْمَذْكُور فإنَّه مَجْهُول الْحَال كَذَلِك، وَلم يَعْرِفْ ابْن أبي حَاتِم من حَاله بِأَكْثَرَ ممَّا أَخذ من هَذَا الإِسناد من رِوَايَته عَن جدته، وَرِوَايَة أبي ثفال عَنهُ.
الثَّالِث: (أَبُو) ثفال الْمَذْكُور فإنَّه أَيْضا مَجْهُول الْحَال كَذَلِك وَهُوَ أشهرهم لرِوَايَة جمَاعَة عَنهُ مِنْهُم: عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، وَسليمَان بن بِلَال، وَصدقَة مولَى الزبير [والدراوردي] وَالْحسن بن أبي جَعْفَر، وَعبد الله بن عبد الْعَزِيز. انْتَهَى مَا ذكره ابْن الْقطَّان.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمام» : أَبُو ثِفال اسْمه: ثُمَامَة بن الْحصين قَالَه التِّرْمِذِيّ، وَقيل: ثُمَامَة بن وَائِل.
قُلْتُ: وَكَذَا سَمَّاه أَبُو عبيد فِي رِوَايَته فِي (كتاب) «الطّهُور» لَهُ. قَالَ: وَمَا ذكره ابْن الْقطَّان من جَهَالَة حَاله مَعَ رِوَايَة جمَاعَة عَنهُ هِيَ طَرِيقَته.
وَرَأَيْت فِي «علل ابْن أبي حَاتِم» مَا يُوَافقهُ، فإنَّه سَأَلَ أَبَاهُ وَأَبا زرْعَة عَن حَدِيث أبي ثفال هَذَا. فَقَالَا: لَيْسَ عندنَا بِذَاكَ الصَّحِيح، أَبُو ثفال مَجْهُول ورباح مَجْهُول. وَقد تقدم هَذَا عَنهُ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: أَبُو ثفال لَيْسَ بِمَعْرُوف.
قُلْتُ: قد ذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» وَقَالَ: لست (بالمعتمد) عَلَى مَا تفرد بِهِ.
قَالَ الشَّيْخ: وأمَّا مَا ذكره ابْن الْقطَّان فِي أَمر رَبَاح وَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامه من أنَّه لم يرو إلاَّ عَن جدته وَلَا رَوَى عَنهُ (إلاَّ) أَبُو ثفال، فقد قَالَ صَاحب «الْكَمَال» : (إنَّه) رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَيْضا، و (أَن) الحكم (بن) الْقَاسِم الأويسي وَصدقَة - غير مَنْسُوب - رويا عَنهُ.
قُلْتُ: (فترتفع عَنهُ) الْجَهَالَة العينية وَتَبقى الْجَهَالَة الحالية، وَقد صرح برفعها (عَنهُ) ابْن حبَان فإنَّه ذكره فِي «ثقاته» . لَكِن ذكره فِي الطَّبَقَة الثَّالِثَة وَكَانَ يَنْبَغِي ذكره فِي الثَّانِيَة فِي التَّابِعين لروايته عَن أبي هُرَيْرَة.
قَالَ شَيخنَا فتح الدَّين الْيَعْمرِي: «وَقَول ابْن الْقطَّان (إِن) جدة رَبَاح لَا يعرف لَهَا اسْم، لَيْسَ كَذَلِك. فقد ذكر الْبَيْهَقِيّ أنَّ اسْمهَا: أَسمَاء. وقَالَ: «وَيُؤَيّد تَفْسِير (ابْن) الْقطَّان؛ لقَوْل البُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث مَا نَقله أَيْضا الْعقيلِيّ. فَقَالَ: قَالَ البُخَارِيّ: أَبُو ثفال المري عَن رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن فِي حَدِيثه نظر.
قُلْتُ: وَجدّة رَبَاح ذكرهَا ابْن حبَان فِي «ثقاته» أَيْضا.
وَذكر هَذَا الحَدِيث ابْن السكن فِي «صحاحه» من هَذَا الْوَجْه أَيْضا.
وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَابْن تَيْمِية، الأوَّل فِي «التَّحْقِيق» وَالثَّانِي فِي «الْمُنْتَقَى» : فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث مقَال قريب. وإنَّما قَالَا ذَلِكَ تَقْوِيَة لمذهبهما - فِي إِحْدَى الراويتين عَن الإِمام أَحْمد - (فِي) أنَّ التَّسْمِيَة وَاجِبَة فِي الْوضُوء، وَسَيَأْتِي عَن أَحْمد قَرِيبا أنَّه قَالَ (فِيهِ) : إنَّه حَدِيث لَا يثبت.
وَلَقَد وُفِّق ابْن الْجَوْزِيّ للصَّوَاب فِي كِتَابه «الْعِلَل المتناهية» فَقَالَ فِيهِ: هَذَا حَدِيث لَا يَصح عَن رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -. قَالَ الإِمام أَحْمد: من أَبُو ثفال؟ قَالَ: وَيروَى مُرْسلا. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: والأوَّل أصحّ، وَفِي إِسْنَاد الْمُرْسل صَدَقَة مولَى آل الزبير، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هُوَ مَجْهُول. وَقَالَ الْعقيلِيّ فِي «تَارِيخ الضُّعَفَاء» : قَالَ الإِمام أَحْمد: هَذَا حَدِيث لَا يثبت.
قُلْتُ: وَله قولة أُخْرَى فِيهِ.
قَالَ الْأَثْرَم: قُلْتُ لأبي عبد الله: التَّسْمِيَة فِي الْوضُوء. قَالَ: أحسن ذَلِكَ حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ. قُلْتُ: فَمَا رَوَى عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة؟ قَالَ: لَا يثبت. وَرَوَى هَذَا الحَدِيث أَيْضا أَبُو بكر الْبَزَّار من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَتيق بن نجيح، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، عَن أبي ثِفال كَمَا تقدم، ثمَّ قَالَ: وَحَدِيث حَرْمَلَة هَذَا رَوَاهُ جمَاعَة (ثِقَات) عَن (ابْن) حَرْمَلَة. وَأَبُو ثفال مَشْهُور، ورباح بن عبد الرَّحْمَن وجدته لَا نعلمهما رويا إلاَّ هَذَا الحَدِيث، وَلَا حَدَّث عَن رَبَاح إلاَّ أَبُو ثفال.
فَالْخَبَر من جِهَة النَّقْل لَا يثبت لِلْعِلَّةِ الَّتِي وَصفنَا، وَقد رُوِيَ عَن كثير بن زيد (عَن الْوَلِيد) عَن رَبَاح، عَن أبي هُرَيْرَة.
وَقد رُوِيَ عَن عَائِشَة: «أَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - كَانَ إِذا بَدَأَ بِالْوضُوءِ سمَّى» .
قَالَ الْبَزَّار: فِي إِسْنَاده حَارِثَة بن مُحَمَّد، وَقد حَدَّث عَنهُ جمَاعَة. وَعِنْده أَحَادِيث لم يُتَابع عَلَيْهَا.
قَالَ عبد الحقّ: وثَّقَه الدَّارَقُطْنِيّ (وَحده) فِيمَا أعلم وَضَعفه النَّاس.
قَالَ الْبَزَّار: كل مَا رُوي فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ بِقَوي الإِسناد وَإِن تأيدت هَذِه الْأَسَانِيد.
الطَّرِيق الرَّابِع: عَن عبد الْمُهَيْمِن بن عَبَّاس بن سهل (السَّاعِدِيّ) عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: «لاَ صَلاَةَ لِمَن لاَ وضُوَء لَهُ، وَلاَ وضُوءَ لِمن لمْ يَذْكر اسْمَ اللهِ (عَلَيْهِ) وَلاَ صَلاَةَ لِمَن (لمْ يصلِّ) عَلَى نَبِي الله «وَ) لاَ صَلاَةَ لِمَن (لمْ يصلِّ عَلَى) الأَنْصَارِ» .
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» كَذَلِك وَابْن مَاجَه أَيْضا، وَلَكِن لَفظه: «وَلاَ صَلاَةَ لِمَن لمْ يُحبّ الأَنْصَار» .
وَعبد الْمُهَيْمِن هَذَا واه، قَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ عَلّي بن الْجُنَيْد: ضَعِيف، وَالنَّسَائِيّ: مَتْرُوك. وَالدَّارَقُطْنِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَابْن حبَان: لما فحش الْوَهم فِي رِوَايَته بَطل الِاحْتِجَاج بِهِ.
قُلْتُ: لَكِن رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة أَخِيه أُبيّ بن عَبَّاس، عَن أَبِيه، عَن جدَّه أَيْضا.
وأُبيّ أخرج لَهُ البُخَارِيّ، وتكلَّم فِيهِ أَحْمد وَيَحْيَى بن معِين، وَسَيَأْتِي فِي آخر كتاب صفة الصَّلَاة مزِيد إِيضَاح لهَذَا الحَدِيث.
الطَّرِيق الْخَامِس: عَن عِيسَى بن سُبْرَة، عَن أَبِيه، عَن جدّه، قَالَ: «صعد رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - الْمِنْبَر ذَات يَوْم، فَحَمدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ (ثمَّ) قَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاس، لاَ صَلاَةَ إِلاَّ بوضُوءٍ، وَلاَ وضُوءَ لِمَن لمْ يَذكُر اسْمَ اللهِ عَليه) وَلم يُؤمن بِاللَّه من لم يُؤمن بِي، وَلم يُؤمن بِي من لم يعرف حقّ الْأَنْصَار» . رَوَاهُ الدولابي فِي «الْأَسْمَاء والكنى» وَالطَّبَرَانِيّ فِي «أَوسط معاجمه» وَقَالَ: لم يُرو هَذَا الحَدِيث عَن (أبي) سُبْرَة إلاَّ بِهَذَا الإِسناد.
وَأخرجه فِي «أكبر معاجمه» بِدُونِ الْخطْبَة.
الطَّرِيق السَّادِس: عَن عِيسَى بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر بن عَلّي بن أبي طَالب، عَن أَبِيه، عَن جدَّه، عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -: «لاَ صَلاَةَ لِمَن لاَ وضُوءَ لَهُ، وَلاَ وضُوءَ لِمْن لمْ يَذْكُر (اللهَ) عَلَيْهِ» .
رَوَاهُ أَبُو أَحْمد بن عدي وَقَالَ: إِسْنَاده لَيْسَ بِمُسْتَقِيم.
وَلِلْحَدِيثِ طَريقَة سابعة ذكرهَا الْحَافِظ عبد الحقّ فِي «الْأَحْكَام» عَن أَسد بن مُوسَى، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، عَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: «لَا إِيمْانَ لِمَن لمْ يُؤْمِنْ بِي، وَلاَ صَلاَةَ إِلاَّ بوضُوءٍ، وَلاَ وضُوءَ لِمَن لمْ يُسَم اللهَ» .
قَالَ الْحَافِظ عبد الْحق: ذكر هَذِه الطَّرِيق عبد الْملك بن حبيب.
قُلْتُ: وَهَذِه الطَّرِيق حَسَنَة، فأسد بن مُوسَى هُوَ الملقب بأسد السّنة حَافظ صَنَّف وَجمع، قَالَ البُخَارِيّ: هُوَ مَشْهُور الحَدِيث. وَاسْتشْهدَ بِهِ أَيْضا، وَاحْتج بِهِ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، قَالَ ابْن يُونُس: هُوَ ثِقَة، وَحدث بِأَحَادِيث مُنكرَة، فالآفة من غَيره وَمَا علمت بِهِ بَأْسا. إلاَّ (أَن) ابْن حزم طعن فِيهِ، فَقَالَ: مُنكر الحَدِيث. وَفِي مَوضِع آخر: (ضَعِيف) وَهَذَا تَضْعِيف مَرْدُود، وَبَاقِي السَّنَد كَالشَّمْسِ لَا يُسأل عَنهُ.
وَله أَيْضا طَريقَة ثامنة ذكرهَا الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه «معرفَة الصَّحَابَة» فِي تَرْجَمَة أم سُبْرَة أنَّها سَمِعت النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَقُول: «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَا وضُوءَ لَهُ وَلاَ [وضُوءَ] لمن لم يذكر الله - عزَّ وجلَّ - وَلَا يُؤمن بِي من لَا يحبّ الْأَنْصَار» ثمَّ قَالَ: فِي (إِسْنَاد) حَدِيث أمّ سُبْرَة هَذَا نظر.
فَإِذا علمتَ - وفقك الله - هَذِه الْأَحَادِيث وعللها وأنَّها من جَمِيع طرقها مُتَكَلم فِيهَا، وَأَن بعض الْأَئِمَّة (ضعف بَعْضهَا) وَحسن بَعْضهَا، بَقِيْتَ متطلعًا لما يسْتَدلّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَاب التَّسْمِيَة.
ولتعلم أَن النَّوَوِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: «لَيْسَ فِي أَحَادِيث التَّسْمِيَة (عَلَى) الْوضُوء حَدِيث صَحِيح صَرِيح» . وكأنَّه تبع فِي هَذِه القولة قَول الإِمام أَحْمد فِيمَا نَقله التِّرْمِذِيّ عَنهُ: «لَا أعلم فِي هَذَا الْبَاب حَدِيثا لَهُ إِسْنَاد جيِّد» .
وَقد ذكرنَا من الْأَحَادِيث (مَا) يسْتَدلّ الْفُقَهَاء بِمثلِهِ و (يسْتَند) الْعلمَاء فِي الْأَحْكَام إِلَيْهِ، فَلَيْسَ من شَأْنهمْ أَن لَا يحتجوا إلاَّ بِالصَّحِيحِ بل أَكثر احتجاجهم بالْحسنِ، وَلَا يَخْلُو هَذَا الْبَاب (فِي) ذَلِكَ من حسن صَرِيح، كَمَا قَدمته لَك.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين ابْن الصّلاح فِي «مُشكل الْوَسِيط» : رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من وُجُوه فِي كلِّ مِنْهَا نظر، لكنَّها غير مطرحة، وَهِي من قبيل مَا يثبت باجتماعه الحَدِيث ثبوت الحديث الموسوم بالْحسنِ.
قُلْتُ: بل وجد فِي (التَّسْمِيَة) حَدِيث صَحِيح من غير شكّ وَلَا مرية، لَكِن لَيْسَ بِصَرِيح؛ بل يسْتَدلّ بِعُمُومِهِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْأَئِمَّة وَاحْتَجُّوا بِهِ: النَّسَائِيّ، وَابْن مَنْدَه، وَابْن خُزَيْمَة، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيّ، من حَدِيث معمر، عَن ثَابت وَقَتَادَة عَن أنس، قَالَ: «طلب بعض أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - وضُوءًا فَلم يَجدوا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -: هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُم مَاءٌ؟ فَوضع يَده فِي الإِناء وَقَالَ: تَوَضَّئوا بِاسْمِ اللهِ. فَرَأَيْت المَاء يخرج من بَين أَصَابِعه حتَّى توضئوا من عِنْد آخِرهم. قَالَ [ثَابت] : قُلْتُ لأنس: كم تراهم؟ قَالَ: نَحوا من سبعين» .
http://shamela.ws/browse.php/book-5922#page-563
تلخيص الحبير للحافظ ابن حجر:
باب سنن الوضوء
70 - ( 1 ) - حديث : { لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه } أحمد وأبو داود والترمذي في العلل ، وابن ماجه ، والدارقطني وابن السكن والحاكم والبيهقي من طريق محمد بن موسى المخزومي ، عن يعقوب بن سلمة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة بلفظ { لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه }.
ورواه الحاكم من هذا الوجه ، فقال : يعقوب بن أبي سلمة ، وادعى أنه الماجشون وصححه لذلك ، والصواب أنه الليثي ، قال البخاري : لا يعرف له سماع من أبيه ، ولا لأبيه من أبي هريرة ، وأبوه ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : ربما أخطأ وهذه عبارة عن ضعفه فإنه قليل الحديث جدا ولم يرو عنه سوى ولده فإذا كان يخطئ مع قلة ما روى ، فكيف يوصف بكونه ثقة ، . قال ابن الصلاح : انقلب إسناده على الحاكم فلا يحتج لثبوته بتخريجه له . وتبع النووي ، وقال ابن دقيق العيد : لو سلم للحاكم أنه يعقوب بن أبي سلمة الماجشون ، واسم أبي سلمة : دينار ، [ ص: 124 ] فيحتاج إلى معرفة حال أبي سلمة ، وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال ، فلا يكون أيضا صحيحا .
وله طريق أخرى عند الدارقطني والبيهقي من طريق محمود بن محمد الظفري ، عن أيوب بن النجار ، عن يحيى ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة بلفظ : { ما توضأ من لم يذكر اسم الله عليه ، وما صلى من لم يتوضأ } ومحمود ليس بالقوي ، وأيوب قد سمعه يحيى بن معين يقول : لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثا واحدا : { التقى آدم وموسى }وقد ورد الأمر بذلك من حديث أبي هريرة ، ففي الأوسط للطبراني من طريق علي بن ثابت ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يا أبا هريرة إذا توضأت فقل : بسم الله والحمد لله ، فإن حفظتك لا تزال تكتب لك الحسنات حتى تحدث من ذلك الوضوء } ، قال : تفرد به عمرو بن أبي سلمة ، عن إبراهيم بن محمد ، عنه .
وفيه أيضا من طريق الأعرج ، عن أبي هريرة رفعه : { إذا استيقظ أحدكم من نومه ، فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ويسمي قبل أن يدخلها }تفرد بهذه الزيادة عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة ، وهو متروك ، عن هشام بن عروة ، عن أبي الزناد ، عنه . وفي الباب : عن أبي سعيد ، وسعيد بن زيد ، وعائشة ، وسهل بن سعد ، وأبي سبرة ، وأم سبرة ، وعلي ، وأنس . أما حديث أبي سعيد : [ ص: 125 ] فرواه أحمد والدارمي والترمذي في العلل وابن ماجه ، وابن عدي وابن السكن والبزار ، والدارقطني والحاكم والبيهقي ، من طريق كثير بن زيد ، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، بلفظ حديث الباب ، وزعم ابن عدي أن زيد بن الحباب تفرد به عن كثير ، وليس كذلك ، فقد رواه الدارقطني من حديث أبي عامر العقدي ، وابن ماجه من حديث أبي أحمد الزبيري ، وأما حال كثير بن زيد ، فقال ابن معين : ليس بالقوي . وقال أبو زرعة : صدوق فيه لين . وقال أبو حاتم : صالح الحديث ليس بالقوي يكتب حديثه .
وربيح ; قال أبو حاتم : شيخ ، وقال الترمذي عن البخاري : منكر الحديث ، وقال أحمد : ليس بالمعروف ، وقال المروزي : لم يصححه أحمد ، وقال : ليس فيه شيء يثبت . وقال البزار : روى عنه فليح بن سليمان ، وكثير بن زيد ، وكثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ، وكل ما روي في هذا الباب فليس بقوي ، ثم ذكر أنه روي عن كثير بن زيد ، عن الوليد بن رباح ، عن أبي هريرة ، وقال العقيلي : الأسانيد في هذا الباب فيها لين . وقد قال أحمد بن حنبل : إنه أحسن شيء في هذا الباب . وقال السعدي : سئل أحمد عن التسمية ؟ ، فقال : لا أعلم فيه حديثا صحيحا ، أقوى شيء فيه حديث كثير بن زيد ، عن ربيح ، وقال إسحاق بن راهويه : هو أصح ما في الباب . [ ص: 126 ]
وأما حديث سعيد بن زيد : فرواه الترمذي ، والبزار ، وأحمد وابن ماجه ، والدارقطني ، والعقيلي ، والحاكم ، من طريق عبد الرحمن بن حرملة ، عن أبي ثفال ، عن رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب ، عن جدته ، عن أبيها ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره لفظ الترمذي قال : وقال محمد : أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح ، ولابن ماجه بزيادة { لا صلاة لمن لا وضوء له }وصرح العقيلي ، والحاكم بسماع بعضهم من بعض ، وزاد { ولا يؤمن بالله من لا يؤمن بي ، ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار }وزاد الحاكم في روايته : حدثتني جدتي أسماء بنت سعيد بن زيد بن عمرو ، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأسقط منه ذكر أبيها ، وقال الدارقطني في العلل : اختلف فيه ، فقال وهيب ، وبشر بن المفضل ، وغير واحد هكذا ، وقال حفص بن ميسرة ، وأبو معشر ، وإسحاق بن [ ص: 127 ] حازم : عن ابن حرملة ، عن أبي ثفال ، عن رباح ، عن جدته : أنها سمعت . ولم يذكروا أباها .
ورواه الدراوردي ، عن أبي ثفال ، عن رباح ، عن ابن ثوبان مرسلا ، ورواه صدقة مولى آل الزبير ، عن أبي ثفال ، عن أبي بكر بن حويطب مرسلا ، وأبو بكر بن حويطب هو رباح المذكور ، قاله الترمذي . قال الدارقطني : والصحيح قول وهيب وبشر بن المفضل ومن تابعهما . وفي المختارة للضياء من مسند الهيثم بن كليب من طريق وهيب ، عن عبد الرحمن بن حرملة ، سمع أبا غالب سمعت رباح بن عبد الرحمن ، حدثتني جدتي : أنها سمعت أباها . كذا قال .
قال الضياء : المعروف أبو ثفال ، بدل أبي غالب ، وهو كما قال . وصحح أبو حاتم وأبو زرعة في العلل روايتهما أيضا ، بالنسبة إلى من خالفهما ، لكن قالا : إن الحديث ليس بصحيح ; أبو ثفال ورباح مجهولان ، وزاد ابن القطان : أن جدة رباح أيضا لا يعرف اسمها ، ولا حالها . كذا قال . فأما هي فقد عرف اسمها من رواية الحاكم ، ورواه البيهقي أيضا مصرحا باسمها . وأما حالها فقد ذكرت في الصحابة ، وإن لم يثبت لها صحبة فمثلها لا يسأل عن حالها . وأما أبو ثفال فروى عنه جماعة ، وقال البخاري : في حديثه نظر . وهذه عادته فيمن يضعفه ، وذكره ابن حبان في الثقات ، إلا أنه قال : لست بالمعتمد على ما تفرد به . فكأنه لم يوثقه . وأما رباح فمجهول ، قال ابن القطان : فالحديث ضعيف جدا .
وقال البزار : أبو ثفال مشهور ، ورباح وجدته لا نعلمهما رويا إلا هذا الحديث ، ولا حدث عن رباح إلا أبو ثفال ، فالخبر من جهة النقل لا يثبت . وأما حديث عائشة فرواه البزار وأبو بكر بن أبي شيبة في مسنديهما ، وابن عدي . وفي إسناده حارثة بن محمد ، وهو ضعيف ، وضعف به . قال ابن عدي : بلغني عن أحمد أنه نظر في جامع إسحاق بن راهويه ، فإذا أول حديث قد أخرجه هذا الحديث . فأنكره جدا ، وقال : أول حديث يكون في الجامع عن حارثة ، وروى الحربي عن أحمد أنه قال : هذا يزعم أنه اختار أصح شيء في الباب وهذا أضعف حديث فيه . [ ص: 128 ] وأما حديث سهل بن سعد فرواه ابن ماجه ، والطبراني ، وهو من طريق عبد المهيمن بن عباس بن سهل ، عن أبيه ، عن جده ، وهو ضعيف ، لكن تابعه أخوه أبي بن عباس ، وهو مختلف فيه . وأما حديث أبي سبرة وأم سبرة ، فروى الدولابي في الكنى ، والبغوي في معرفة الصحابة ، والطبراني في الأوسط ، من حديث عيسى بن سبرة بن أبي سبرة ، عن أبيه عن جده ، وأخرجه أبو موسى في المعرفة ، فقال : عن أم سبرة ، وهو ضعيف .
وأما حديث علي ، فرواه ابن عدي في ترجمة عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي ، وقال : إسناده ليس بمستقيم . وأما حديث أنس ، فرواه عبد الملك بن حبيب الأندلسي ، عن أسد بن موسى ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس بلفظ { لا إيمان لمن لم يؤمن بي ، ولا صلاة إلا بوضوء ، ولا وضوء لمن لم يسم الله } وعبد الملك شديد الضعف . والظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة ، تدل على أن له أصلا ، وقال أبو بكر بن أبي شيبة : ثبت لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله .
وقال البزار : لكنه مؤول ، ومعناه أنه لا فضل لوضوء من لم يذكر اسم الله ، لا على أنه لا يجوز وضوء من لم يسم . واحتج البيهقي على عدم وجوب التسمية ، بحديث رفاعة بن رافع { لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمر الله فيغسل وجهه}واستدل النسائي ، وابن خزيمة ، والبيهقي في استحباب التسمية بحديث معمر ، عن ثابت وقتادة ، عن أنس قال : { طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءا فلم يجدوا ، فقال : هل مع أحد منكم ماء ؟ فوضع يده في الإناء ، فقال : توضئوا [ ص: 129 ] بسم الله }وأصله في الصحيحين بدون هذه اللفظة ، ولا دلالة فيها صريحة لمقصودهم .
وقد أخرج أحمد مثله من حديث نبيح العنزي ، عن جابر ، وقال النووي : يمكن أن يحتج في المسألة بحديث أبي هريرة { كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أجذم }. قوله : ويروى في بعض الروايات : { لا وضوء كاملا لمن لم يذكر اسم الله عليه }.
لم أره هكذا ، لكن معناه في الحديث الذي بعده .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=11&I
تفسير ابن كثير:
وَتُسْتَحَبُّ فِي أَوَّلِ الْوُضُوءِ لِمَا جَاءَ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ «5» وَالسُّنَنِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَوْجَبَهَا عِنْدَ الذِّكْرِ هَاهُنَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهَا مُطْلَقًا
http://shamela.ws/browse.php/book-23604#page-31
معتمد مذهب الحنابلة: أنها واجبة مع الذكر، وليست فرضاً.
ورواية أخرى في المذهب: أنها سنة، واختارها الموفق ابن قدامة.
قال الخلال: الذي استقرت الروايات عليه أنه لا بأس به يعني إذا ترك التسمية.
ورواية ثالثة: أنها فرض.
أما حديث أبي هريرة t مرفوعاً: ( لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ) أحمد وأبو داود وابن ماجه ..
ففي الحديث اختلاف من حيث تصحيحه وتضعيفه، فقواه الحاكم والمنذري وابن حجر والعراقي وابن كثير وابن الصلاح، والألباني وغيرهم، وظاهر نص الإمام أحمد أنه لا يصحح في الباب شيئاً.
وما اختاره الإمام الموفق هو قول الجمهور، وهو الصواب إن شاء الله؛ لأن الحديث لو صح فإن قوله: (لا وضوء) يحمل على نفي الكمال لا نفي الصحة، بقرينة أن واصفي وضوء النبي r لم يذكروا التسمية، وحق الواجب أن لا يُترك.. قالوا : ولم تذكر التسمية في آية الوضوء، ولعدم ورود حديث صحيح صريح في إيجابها، والله أعلم .