رد: هل من الصواب اعتبار أن المعتمد فى المذهب هو فقط مافى كتاب الأم لقوة النسبة للامام ؟
وعليه نقول : الشيخ محمد الأهدل نفسه خالف ابن حجر والرملي في مسائل منها إعطاء الزكاة للهاشميين
هو لم يخالف ابن حجر والرملي، ويعلم أن معتمد مذهب الشافعي عدم صرف الزكاة لهم
لكنه جوز تقليد من قال بجواز ذلك، كما نقل عن إفتاء ابن زياد وفيه: (إذا قلدوا القائلين بذلك)، وعن إفتاء الشيخ حسين الأهدل وفيه: (فمن جعلهم بينه وبين الله فقد أحسن في صلة النبي صلى الله عليه وسلم ... ومن أعطاهم زكاته مقلدا لهؤلاء الأئمة ومؤاثرا لصلتهم لقرابيتهم من رسول الله ...) وعن الحبيشي وفيه: (يسوغ التقليد لهؤلاء الأئمة القائلين ...)
فهو يقر أن هذا ليس مذهب الشافعي، ومن أراد أن يقلد غيره فليقلده
اليوم من أراد الطواف يصعب عليه تقليد الشافعية في نقض الوضوء باللمس، فهل معنى ذلك لو أخبر شافعي بجواز تقليد غير الشافعي أنه معتمد في المذهب غير ابن حجر والرملي؟!
فبأي حق خالفهما بعد نطقه باعتماد قولهما؟
هو لم يخالفهم، ولم يقل إن هذا معتمد المذهب، بل أكد على ذلك بنقوله عن أئمة المذهب، ثم أخبر المقلد بجواز تقليد غير معتمد المذهب، كمذهب الغير بل والعمل بالقول الضعيف في المذهب بشروطه جائز
قال ابن حجر في الفتاوى:
( وَسُئِلَ ) رحمه الله تعالى هَلْ يَجُوزُ الْعَمَلُ وَالْإِفْتَاءُ وَالْحُكْمُ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاجِحًا سَوَاءٌ الْمُقَلِّدُ الْبَحْتُ وَالْمُجْتَهِدُ فِي الْفَتْوَى وَغَيْرِهِ ؟
( فَأَجَابَ ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ إنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي وَالْعَامِلِ أَنْ يُفْتِيَ أَوْ يَعْمَلَ بِمَا شَاءَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْوَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ قَالَ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَسَبَقَهُ إلَى حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ فِيهِمَا ابْنُ الصَّلَاحِ وَالْبَاجِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْمُفْتِي .
وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ بِغَيْرِ نَظَرٍ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذَكَرَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَامِلِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ مُطْلَقًا وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا صَحَّحَهُ فِيهَا مِنْ أَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَمَذْهَبَ بِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ بَلْ لَهُ تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ.
وَكَلَامُ الْقَرَافِيِّ أَوَّلَ أَحْكَامِهِ وَعِنْدَ السُّؤَالِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمُجْتَهِدَ وَالْمُقَلِّدَ لَا يَحِلُّ لَهُمَا الْحُكْمُ وَالْإِفْتَاءُ بِغَيْرِ الرَّاجِحِ لِأَنَّهُ اتِّبَاعٌ لِلْهَوَى وَهُوَ حَرَامٌ إجْمَاعًا وَإِنَّ مَحَلَّهُ فِي الْمُجْتَهِدِ مَا لَمْ تَتَعَارَضْ الْأَدِلَّةُ عِنْدَهُ وَيَعْجِزْ عَنْ التَّرْجِيحِ . وَإِلَّا فَقِيلَ تَسْقُطُ وَقِيلَ يَخْتَارُ وَاحِدًا وَلَيْسَ اتِّبَاعًا لِلْهَوَى لِأَنَّهُ بَعْدَ بَذْلِ الْجُهْدِ وَالْعَجْزِ عَنْ التَّرْجِيحِ وَإِنَّ لِمُقَلِّدِهِ حِينَئِذٍ الْحُكْمَ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إجْمَاعًا.
وَهَذَا لَا يُخَالِفُ كَلَامَ الرَّوْضَةِ بِاعْتِبَارِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهَا بَعْدَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهَا.
وَيَلْتَزِمُ أَنْ يُقَالَ بِقَضِيَّةِ كَلَامِهِ الْأَخِيرِ فَإِذَا وَجَدَ قَوْلَيْنِ أَوْ وَجْهَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا وَعَجَزَ عَنْ طَرِيقِ التَّرْجِيحِ جَازَ لَهُ الْعَمَلُ بِأَيِّهِمَا أَحَبَّ.
فَقَوْلُ السُّبْكِيّ فَإِنْ قُلْت إذَا اسْتَوَى عِنْدَهُ الْقَوْلَانِ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُفْتِيَ أَوْ يَحْكُمَ بِأَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ كَمَا إذَا اسْتَوَى عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ أَمَارَتَانِ يَتَخَيَّرُ عَلَى قَوْلٍ قُلْتُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ تَعَارُضَ الْأَمَارَتَيْنِ قَدْ يُحَصِّلُ حُكْمَ التَّخْيِيرِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا قَوْلُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله تعالى عنه مَثَلًا إذَا تَعَارَضَا وَلَمْ يَحْصُلْ بَيْنَهُمَا تَرْجِيحٌ وَلَا تَارِيخٌ يَمْتَنِعُ أَنْ يُقَالَ مَذْهَبُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ حَتَّى يَتَخَيَّرَ فَلَيْسَ إلَّا التَّوَقُّفَ إلَى ظُهُورِ التَّرْجِيحِ: مُنَافٍ لِكَلَامِ الْقَرَافِيِّ الَّذِي نَقَلَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ.
ثُمَّ مُقْتَضَى قَوْلِ الرَّوْضَةِ أَيْضًا: وَإِذَا اخْتَلَفَ مُتَبَحِّرَانِ فِي مَذْهَبٍ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي قِيَاسِ أَصْلِ إمَامِهِمَا وَمِنْ هَذَا يَتَوَلَّدُ وُجُوهُ الْأَصْحَابِ فَبِقَوْلِ أَيِّهِمَا يَأْخُذُ الْعَامِّيُّ فِيهِ مَا فِي اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ أَيْ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ التَّخْيِيرَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْوَجْهِ الضَّعِيفِ فِي الْعَمَلِ. وَيُؤَيِّدُهُ إفْتَاءُ الْبُلْقِينِيُّ بِجَوَازِ تَقْلِيدُ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي الدُّورِ وَإِنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
فَمَا فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ امْتِنَاعِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ خَطَأٌ: غَيْرُ مُتَّجِهٍ.
وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ السُّبْكِيّ فِي الْوَقْفِ مِنْ فَتَاوِيهِ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْوَجْهِ الضَّعِيفِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ الْقَوِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَمَلِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا الْفَتْوَى وَالْحُكْمِ فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ . ا هـ .
فَكَلَامُ الرَّوْضَةِ السَّابِقِ مَحْمُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَمَلِ عَلَى وَجْهَيْنِ لِقَائِلٍ وَاحِدِ أَوْ شَكَّ فِي كَوْنِهِمَا لِقَائِلٍ أَوْ قَائِلَيْنِ كَمَا فِي قَوْلَيْ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا لَمْ يَتَحَرَّرْ لِلْمُقَلِّدِ بِطَرِيقٍ يَعْتَمِدُهُ أَمَّا إذَا تَحَقَّقَ كَوْنَهُمَا مِنْ اثْنَيْنِ خَرَّجَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّخْرِيجِ فَيَجُوزُ تَقْلِيدُ أَحَدِهِمَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ السَّابِقِ إذْ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ إلَّا عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ حَمَلَ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ السَّابِقَ عَلَى مَا إذَا كَانَ أَصْحَابُ الْمَذْهَبِ اخْتَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَوْلًا ثُمَّ قَالَ فَإِنَّ مَا كَانَ كَذَلِكَ التَّخْيِيرُ فِيهِ ظَاهِرٌ لِتَضَمُّنِ اخْتِيَارِ كُلِّ قَوْلٍ مِنْ بَعْضِ الْمَذْهَبِ تَرْجِيحُهُ فَهُوَ كَالْوَجْهَيْنِ لِقَائِلَيْنِ.
ثُمَّ ذُكِرَ عَنْهُ جَوَازُ تَقْلِيدِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ رَجَعَ عَنْهُ قَائِلُهُ وَوَجْهُهُ أَنَّ رُجُوعَهُ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ لِأَرْجَحِيَّةِ الثَّانِي عَلَيْهِ فَالرُّجُوعُ لَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْخِلَافِ السَّابِقِ كَمَا فِي أَوَائِلِ الْخَادِمِ وَحَكَى الْأُصُولِيُّونَ فِي اجْتِمَاعِ أَهْلِ الْعَصْرِ بَعْدَ اخْتِلَافِهِمْ قَوْلَيْنِ فِي ارْتِفَاعِ الْخِلَافِ فَمَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ اجْتِمَاعٌ أَوْلَى
وَحَاصِلُ مَا مَرَّ الْجَوَازُ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مَسْأَلَةِ الْقَوْلَيْنِ مُطْلَقًا وَهُوَ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ إذْ الْقَوْلُ الَّذِي قَلَّدَهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَسْأَلَةٍ غَيْرَ مُوَلَّدَةٍ فَذَلِكَ الْإِمَامُ مَسْبُوقٌ بِهِ فَيَجُوزُ تَقْلِيدُهُ وَإِمَّا فِي مُوَلَّدَةٍ فَالرُّجُوعُ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ كَمَا تَقَرَّرَ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مَا مَرَّ.
وَمُقْتَضَى كَلَامِ السُّبْكِيّ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ فِي الْمُفْتِي مَحَلُّهُ فِي الْمُتَعَنِّتِ فَإِنَّهُ قَالَ : نَعَمْ الْمُفْتِي عَلَى مَذْهَبٍ إذَا أَفْتَى يَكُونُ الشَّيْءُ وَاجِبًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ حَرَامًا عَلَى مَذْهَبِهِ حَيْثُ يَجُوزُ لِلْمُقَلِّدِ الْإِفْتَاءُ وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ وَيُفْتِيَ بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَحْضُ تَشَبُّهٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ مَصْلَحَةً دِينِيَّةً فَنَعُودُ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَنَقُولُ بِجَوَازِهِ . ا هـ .
وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ مَا مَرَّ عَنْهَا فِي الْخَادِمِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّرْجِيحِ بِخِلَافِ مَنْ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَتَى رَجَّحَ قَوْلًا مَنْقُولًا بِدَلِيلٍ جَيِّدٍ جَازَ وَنَفَذَ حُكْمُهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ مَا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا شَاذًّا أَوْ يَخْرُجُ عَنْ مَذْهَبِهِ وَإِلَّا جَازَ إنْ ظَهَرَ لَهُ رُجْحَانُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الْتِزَامَ مَذْهَبٍ بِلَفْظٍ كَوَلَّيْتُكَ عَلَى مَذْهَبِ فُلَانٍ أَوْ عُرْفٍ وَأَفْتَى السُّبْكِيّ أَيْضًا بِأَنَّهُ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْقَوْلِ بِ صِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ لِأَنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَالدَّلِيلُ يُعَضِّدُهُ وَلِاحْتِيَاجِ أَكْثَرِ النَّاسِ إلَيْهِ فِي أَكْثَرِ مَا يُرَادُ شِرَاؤُهُ .انتهى ما في الفتاوى
وقد أرشد ابن حجر في كثير من فتاواه إلى تقليد القول الضعيف تارة، والوجه الضعيف تارة أخرى، ومذهب الغير -من الثلاثة أو غيرهم- تارة ثالثة