العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حصري تدخل الأهل في حياة الزوجين وأثر ذلك في حدوث الطلاق (بحث محكم موافق للمطبوع)

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
تدخّل الأهل في حياة الزوجين وأثر ذلك في حدوث الطلاق
د. أيمن صالح
مجلة الزرقاء للبحوث والدراسات
مجلة علمية محكّمة تصدر عن عمادة البحث العلمي والدراسات العليا في جامعة الزرقاء الأهلية
الزرقاء - الأردن
المجلد السادس، العدد الثاني، شوال 1425ه/كانون أول 2004م
من ص1 إلى ص36
ملخص
هدف هذا البحث إلى دراسة تدخل الأهل في حياة الأبناء الزوجية، والذي يُعد سببا رئيسا للطلاق في كثير من المجتمعات العربية والإسلامية. وقد تناول البحث بشكل مسهب الأسباب التي تؤدي إلى هذا التدخل في محاولة لتشخيص المرض قبل الخوض في عملية العلاج. وقد توصَّل الباحث إلى جملة من الأسباب صنَّفها ضمن قسمين: الأول: الأسباب القريبة أو الظاهرة، والثاني: الأسباب البعيدة أو الباطنة، لافتاً النظر إلى بعض الحلول الممكنة لهذه الأسباب.
وتتميما لهذا الموضوع فقد قام الباحث ببيان الموقف الفقهي من هذا التدخل لا سيما إذا كان هذا التدخل هادفا إلى إنهاء العلاقة الزوجية عن طريق الأمر المباشر من أحد الوالدين لابنه أو ابنته بالطلاق، وقد توصل إلى أن الحكم في ذلك ليس ثابتا في كل حالة بل هو يعتمد على مجموعة من العوامل مدارها على الموازنة بين المصالح والمفاسد.
المقدمة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله ومن والاه، وبعد:
فنتيجة للانحسار المتواصل في القيم الدينية والروحية والجماعية في المجتمعات البشرية عموما، ونتيجة لطغيان القيم المادية والجسدية والفردية، إضافة إلى ازدياد تعقيدات الحياة في هذه المجتمعات، فقد اجتاحتها مشكلات عديدة؛ وذلك بنسبة توازي انحسار القيم الدينية والروحية فيها، مصداقا لقوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً)(طـه:124)، وقوله تعالى: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)(الزخرف:36).
وازدياد نِسَب الطلاق هو أحد هذه المشكلات التي عمّت الشرق والغرب، واكتوت بلهيبها كثير من المجتمعات، ومنها المجتمعات العربية والإسلامية.
ومع ما نشهده في الوقت الحالي من مدّ متواصل في القيم المادية، وجزر متواصل في القيم الدينية والروحية، نتيجة للهيمنة العالمية للفكر المادي الرأسمالي عسكريا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا، ومع السعي الحثيث لدول العالم الثالث نحو العولمة والانفتاح طَوْعا أو كَرْها، فلا نتوقع إمكانية الحل الجذري لمشكلة ازدياد نسب الطلاق في المستقبل القريب؛ إذ هذه المشكلة عَرَضٌ لمرض وليست هي المرض نفسه، وعلاج العَرض وإن كان ممكنا ومطلوبا إلا أنه ليس ناجعا بل هو مجرد تخدير وتأخير، والمطلوب هو استئصال المرض بالكلية.
ولكن لما كان ما لا يُدرك كله لا يُترك جله، وكانت إضاءة شمعة خير من لعن الظلام، وكانت الحكمة تقضي بالقول:
إذا لم تستطع شيئا فَدَعْه وجاوزه إلى ما تستطيع،
أدلينا بدلونا في هذا البحث في محاولةٍ منا لدراسة مشكلة ازدياد نسب الطلاق في المجتمعات العربية والإسلامية. وقد اخترنا أن نحفر عميقا في سبب مهم من أسباب هذه المشكلة، وهو تدخل الأهل في الحياة الزوجية لأبنائهم وبناتهم، حيث تذكر كثير من الدراسات الاجتماعية التي تناولت أسباب الطلاق في المجتمعات العربية هذا السبب في مقدمة الأسباب التي تؤدي أو تساعد على الطلاق. ففي الأردن احتل هذا السبب الرتبة الأولى من أسباب الطلاق([1])، وفي السعودية احتل الرتبة الثانية([2])، وفي الإمارات كان هو المسؤول عن 21% من حالات الطلاق من وجهة نظر المطلِّقين، و26% من وجهة نظر المطلَّقات([3]) وفي دراسة أخرى ذكر 60% من أفراد العينة تدخل الأهل سبباً مؤكَّداً من أسباب طلبهم للطلاق([4]). وفي الكويت احتل تدخل الأهل الرتبة الرابعة من الأسباب المؤدية والمساعدة على الطلاق وبنسبة 66%([5])، وفي عُمان كان التدخل هو المسؤول عن 18% من حالات الطلاق من وجهة نظر المطلِّقين وعن 15% من وجهة نظر المطلَّقات([6]). وفي سؤالٍ وجَّهته مجلة فرحة الكويتية إلى 300 من الأزواج المطلقين عن سبب طلاقهم عزا 22% منهم ذلك إلى تدخلات الأهل في شؤونهم([7]).
وقد قصدنا في هذا البحث إلى أمرين:
أحدهما: تشخيص هذا السبب من أسباب الطلاق وتحليله وتفكيكه بمعرفة الأسباب الجزئية الكامنة وراءه.
والأمر الثاني: بيان موقف الشريعة الإسلامية من تدخل الوالدين لا سيما مسألة أمر أحد الوالدين لابنه بطلاق زوجته وهي مسألة لم تحظ بدراسة مستقرئة فيما نعلم.
وعليه، لم يكن بحثنا هذا بحثا اجتماعيا صرفا ولا بحثا شرعيا صرفا وإنما مزج بين هذا وذاك. وعلى الرغم من أنا لم نهدف في هذا البحث إلى وضع حلول لظاهرة التدخل بقدر معرفة أسباب هذه الظاهرة، إلا أنا مع ذلك لم نبخل بذكر بعض هذه الحلول حيث تيسر ذلك.
وقد جاء هذا البحث في ثلاثة مباحث وخاتمة:
المبحث الأول: التدخل: تعريفه وأقسامه.
المبحث الثاني: أسباب التدخل.
المبحث الثالث: الشريعة الإسلامية والتدخل.الخاتمة.



([1]) كما جاء في التقرير الإحصائي السنوي لدائرة قاضي القضاة لعام 2001م. انظر: http://www.almutawa.info/ara/article.php?sid=255 .

([2]) في دراسة أجراها محمد السيف الباحث بقسم الاجتماع بجامعة الملك سعود بالرياض، ونشرتها صحيفة (( اليوم ))، عدد الاثنين 30/4/2001.

([3]) في دراسة أجراها د. جمال الفخري الباحث بوزارة العمل. انظر: دبي - أحمد حسين - إسلام أون لاين.نت/ 14-4-2001 : http://www.islamonline.net/Arabic/news/2001-04/15/article17.shtml .

([4]) أجرت هذه الدراسة وداد لوتاه المُصلحة الأسرية في دائرة المحاكم في دبي، وقد شملت مئة من الأزواج والزوجات ممن يترددون على قسم الإصلاح الأسري لطلب الطلاق. انظر ملخصا للدراسة على موقع مركز الأخبار: أمان: http://www.amanjordan.org/arabic_news/wmview.php?ArtID=4862 .

([5]) في دراسة بعنوان (قضايا الزواج في الكويت 2002) أوردها د. عيسى سعدي الوكيل المساعد بوزارة الشؤون الاجتماعية بالكويت. انظر: مجلة الأسرة العصرية، العدد1131، 17/12/2002م.

([6]) في دراسة قامت بها دائرة الإحصاء والدراسات بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حول ظاهرة الطلاق في سلطنة عُمان، على ما يزيد عن 1400 حالة من حالات الطلاق. انظر: البراشدي ، التفكك الأسري وأثره في انحرافات الشباب، المبحث الخامس. والكتاب منشور نشرا إلكترونيا في موقع وزارة الأوقاف العمانية: http://www.mara.gov.om/library/Books/Ausrah1.htm .

([7]) مجلة فرحة، العدد (12)، سبتمبر، 1997م، ص30.
الخاتمة
ونذكر فيها أهم ما خلصنا إليه في هذا البحث :
أولا: عَرَّفنا التَّدخل بأنه: قيام أهل الزوج أو الزوجة بما من شأنه أن يعود على الحياة الزوجية لذويهما بالضرر أو النفع.
ثانيا: وعلى الرغم من التعريف العام الذي أوردناه للتدخل فقد أشرنا إلى أن صور التدخُّل في الواقع كثيرة وأقسامه متعددة، ويمكننا تقسيمه باعتبارات مختلفة: من حيث طبيعته، ومن حيث أثره، ومن حيث زمانه، ومن حيث القصد منه، ومن حيث الداعي له.
ثالثا: خلصنا إلى أن أسباب التدخل قسمان: قريبة وبعيدة . أما القريبة أو المباشرة فتضم جملة من الأسباب ذكرنا منها سبعة: الغيرة، والمال، والخدمة المنزلية، والأحفاد وجودا وعدما، والزواج من غير رضا الأهل، وإصلاح خلل مفترض، وإصلاح الخلافات الزوجية. وأما البعيدة أو غير المباشرة فقد ذكرنا منها تسعة: ضعف الوازع الديني، والفقر، ووثاقة العلاقة الأسرية، والنظرة السائدة إلى الزوجة وحقوقها والزوج وحقوقه، وصراع الأجيال، وأسلوب التنشئة الاجتماعية، ووسائل الإعلام، والزواج المبكر، والزواج من الأقارب.
رابعا: لمعالجة التدخل الضار المفضي إلى الطلاق يجب معالجة أسبابه البعيدة والقريبة، وقد أوردنا في ثنايا البحث جملة من الحلول والمعالجات لهذه الأسباب.
خامسا: بالنسبة لموقف الشريعة الإسلامية من تدخل الأهل في الحياة الزوجية للأبناء فقد أشرنا إلى تَعَدُّد مظاهر اعتبار الشريعة للأهل في ذلك، ومن هذه المظاهر: اعتبار الشريعة لرضا الأهل في زواج الأبناء ابتداء، واعتبارها لهم في حلِّ الخلافات الزوجية، واعتبارها لهم في إنهاء العلاقة الزوجية.
سادسا: بالنسبة لاعتبار الشريعة الأهل في إنهاء العلاقة الزوجية فإن هذا الاعتبار يتمثل في مسألة طاعة الوالدين عند الأمر بالطلاق. وقد ارتأينا من خلال البحث، وبعد استعراض أدلة المسألة ومناقشتها، أن الحكم في هذه المسألة ليس مطلقا ولا عاما بل هو خاص بكل واقعة على حدة، وهو يتوقف على عوامل مختلفة، تحكمها في النهاية قاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد. ومن هذه العوامل: وقت الطلاق هل هو قبل الدخول أو بعده، وسبب أمر الوالدين بالطلاق، ودرجة إصرارهما على ذلك، والمشقة اللاحقة بالزوجين بسبب الطلاق. وعليه فقد يُفتى بوجوب طاعة الوالدين في بعض الحالات دون أخرى.

تحميل البحث
وهو بثلاث صيغ: وورد، وبي دي إف، والشاملة:
على هذا الرابط:

http://www.mediafire.com/?91gkbilk5szxk9r

أرحب بمناقشاتكم
 
التعديل الأخير:
أعلى