سهير علي
:: متميز ::
- إنضم
- 17 يوليو 2010
- المشاركات
- 805
- الجنس
- أنثى
- الكنية
- أم معاذ
- التخصص
- شريعة
- الدولة
- بريطانيا
- المدينة
- برمنجهام
- المذهب الفقهي
- شافعية
كل هذا الحب
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ (...) قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي، فَقَالَ: (مَا شِئْتَ) قَالَ: قُلْتُ الرُّبُعَ، قَالَ: (مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ)، قُلْتُ النِّصْفَ، قَالَ: (مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ)، قَالَ: قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: (مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ)، قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا، قَالَ: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
اعترف أنني عندما سمعت هذا الحديث كنت أظنه غير صحيحا، كما إنني لم أتحقق منه ولم أسعى لذلك؛ لعدم تخيل عقلي صحته، لأنني كنت أظن أن ذكر الله من تسبيح واستغفار وحمد هو أعلى مقامات التقرب لله تعالى، وإذا انشغلت به عن طلب حاجتي أعطاني الله أفضل ما كنت سأطلب.
ولكني عندما سمعت قصة الشيخ المغامسي الذي ذكر فيها هذا الحديث الشريف، ذهبت على الفور للبحث عن صحته، ولن أكتمكم ما حدث لي ويعلم الله صدقي، فلقد ظللت في ذهول ثم تأمل لمدة يومين كاملين، ثم عرفت، وعندها لم أتعجب، ولكني غبطت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غبطة ظلت دموعي تنساب وما أزال كلما تذكرت الحديث، وقلت لنفسي كل هذا الحب من الله تعالى لخاتم الأنباء محمد صلوات ربي وسلامه ورضوانه عليه، الذي يغفل الكثير والكثير منّا عنه، ولم نقدر رسول الله صلى الله عليه وسلم حق قدره، خاصة أنني أعترف أني مقصرة تقصيرا أدعو الله سبحانه أن يغفره لي، فقد كنت جاهلة جهلا لن أغفره لنفسي ما حييت فقد كنت إذا صليت على حبيب ربي –صلى الله عليه وسلم- أصلي عشرة مرة فقط.
وأجد أن الله سبحانه يريد رفع ذكر حبيبه -صلوات ربي وسلامه عليه-.
وبالنظر لهذا الحديث الصحيح الشريف نستخلص عدد من المسائل الهامة التي لا يسع للمسلم جهلها، منها:
1. شخص الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما خلقه الله عليه من الصفات والأخلاق الحسنة هي –ولله العلم- الأساس لمحبة الله تعالى له، ودليل هذا:
أ. قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
ب. عَنْ جابر بن عبد الله، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحْسَنُكُمْ أَخْلاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ مَا الْمُتَشَدِّقُونَ؟ قَالَ: "الْمُتَكَبِّرُونَ".
ج. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إن من أحبكم إلىَّ أحسنكم أخلاقاً).
د. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إنَّما بُعِثْتُ لأُتممَ صالحَ الأخلاقِ).
وعليه فمن أراد التقرب من الله سبحانه، فليسعى لحبه جل وعلا بالإحسان في المعاملات والعفو، وأن يحب ما أمر الله به، وأن يُحسن خلقه، مستعينا به تعالى متوكل عليه، حسبة لله وحده.
2. إن رفعة المرء لا تكون بالمال والجاه والسلطان والألقاب؛ إنما هي بميزان الله تعالى وليس بميزان الهوى والنفس.
أ. قوله تعالى: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ).
ب. (إِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ).
ج. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((...) وَإِنِّي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ ، لَقَطَعْتُ يَدَهَا (...)).
د. قوله تعالى: (وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا).
و. قوله تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).
وعليه فمن أراد الرفعة في الدنيا والآخرة فعليه بتتبع رضا الله في السراء والضراء مع أهل حسن الخلق وأهل الشقاء، والعمل الصالح المخلص المتقبل.
3. إن تزكية النفس بجعلها تعلم قدر الله تعالى وقدرته سبحانه، وأن مقاليد الرزق والعطاء والمنع والسخط في يديه سبحانه، ونصحها بأن العمل للنجاة في الآخرة يكون هو مقصدها في الحياة ومعاملاتها، وأن الدنيا درجة بها نصعد بها للجنة، أو –والعياذ بالله- نهبط بها إلى جحيم جهنم، وأننا مهمى عمّرنا في الحياة فإن مصيرنا الحتمي هو الوقوف بين يدي الله سبحانه، وأن كل ما عملناه في الدنيا من مثقال خير أو شر سيكون محضرا، والصبر على القدر، وأن العفو في الدنيا، والحب في الله تعالى وعمل الصالحات الخالصة له وحده؛ لهو الفوز العظيم.
أ. قال تعالى:)وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا(.
ب. : (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ).
ت. : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ).
ج. : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).
د. : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ).
و. : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ).
ه. : (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ).
ن. : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ).
ي. قال تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ).
اللهم قربنا من حبك وحب من يحبك وحبّب إلينا كل عمل يقربنا من حبك، وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد صلاة وسلاما الذي ترضاه عنه، فلا تسعنا الكلمات أن نوفيه صلاة وسلما وقدرا، وإنا لا نحصي ثناءً على جلالك كما أثنيت سبحانك على نفسك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
سهير علي
أم معاذ