شهاب الدين الإدريسي
:: عضو مؤسس ::
- إنضم
- 20 سبتمبر 2008
- المشاركات
- 376
- التخصص
- التفسير وعلوم القرآن
- المدينة
- مكناس
- المذهب الفقهي
- مالكي
لقد اشتهر على ألسنة فقهاء المذهب المالكي قولهم: "ترك القياس والأخذ بما هو أرفق بالناس" إشارة إلى أصل الإستحسان، لأن الإستحسان في المذهب المالكي كان لدفع الحرج الناشئ من اطراد القياس، فمعنى الإستحسان طلب الأحسن للاتباع الذي هو مأمور به.
جاء في "إحكام الفصول": "ذكر محمد بن حويز من أصحابنا أن معنى الإستحسان الذي ذهب إليه أصحاب مالك -رحمه الله- القول بأقوى الدليلين.."(1) وعرفه "الشاطبي" بقوله: "دليل ينقح في نفس المجتهد ولا تساعده العبارة عنه، ولا يقدر على إظهاره"(2) ثم قال: "وحده غير ابن العربي من أهل المدينة، بأنه عند مالك استعمال مصلحة جزئية في مقابلة قياس كلي. (3) " فالإستحسان عند مالك هو نوع من المصالح المرسلة. يقول الشاطبي: "ومما ينبني على هذا الأصل -أي المصلحة- قاعدة الإستحسان، وهو في مذهب مالك الأخذ بمصلحة جزئية في مقابلة دليل كلي ومقتضاه الرجوع إلى تقديم الاستدلال المرسل على القياس "(4).
ويتبين من الفروع المأثورة عن مالك أنه كان يأخذ بالإستحسان في موضعين:
*- إنه كان يفتي به في المسائل لا على أنه القاعدة، بل على اعتبار أنه استثناء وترخص منه..
*- إنه أكثر ما يكون عندما يكون موجب القياس مؤديا إلى غلو في الحكم وحرج شديد، فالإستحسان على هذا هو الأخذ بمصلحة جزئية في مقابلة دليل كلي، وتشهد له عند مالك الرخص الواقعة في الشريعة، فإن حقيقتها ترجع إلى اعتبار المآل في جلب المصالح ودرء المفاسد على الخصوص، وإن كان الدليل العام يقتضي ذلك.
قال ابن العربي في "المحصول" حاصرا أنواع الإستحسان: "وقد تتبعناه في مذهبنا، وألفيناه أيضا مقسما أقساما: منه ترك الدليل للعرف، ومنه ترك الدليل للمصلحة، ومنه ترك الدليل لإجماع أهل المدينة، ومنه ترك الدليل في اليسير لرفع المشقة، وإيثارا لتوسعة على الخلق "(5).
وإذا كان مالك رحمه الله أخذ بالإستحسان وقال به في مسائل، فإنه لم يؤثر عنه القول به كثيرا ككثرته عند الحنفية. كما قال الحجوي: "استحسن مالك في خمس مسائل لم يسبقه غيره إليها وهي:
1- ثبوت الشفعة في بيع الثمار و لم يجر عمل إلا في ثمار الخريف دون المصيف.
2- وثبوت الشفعة في أنقاض أرض الحبس، وأرض العارية.
3- والقصاص بالشاهد و اليمين
4- تقدير دية أنملة الإبهام بخمس من الإبل.
5- وإيصاء المرأة على ولدها المهمل إذا كان المال نحو ستين دينارا"(6)
وهذه مسائل لم يسبق أحد مالكا في القول بالإستحسان فيها. وهناك مسائل أخرى سبقه غيره إليها، وعلى هذه المسائل خرجت المالكية كثيرا من الأشباه والنظائر.
--------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
(1)- إحكام الفصول في أحكام الأصول، لأبي الوليد الباجي، ص: 787. تحقيق عبد المجيد تركي. دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى: 1407هـ/1987م.
(2) - الاعتصام، للشاطبي، ج2/ ص: 136، ضبطه وصححه أحمد محمد الشافي. دار الكتب العلمية، بيروت. الطبعة الثانية: 1411هـ/1981م.
(3) - المصدر نفسه، ص: 139.
(4) - الموافقات في أصول الأحكام، للشاطبي، ج4 / 206، تعليق عبد الله دراز. دار المعرفةـ بيروت.
(5) - المحصول في أصول الفقه -لابن العربي المعافري- ص: 277. تحقيق د. حسين التاويل، أطروحة دكتوراه بدار الحديث الحسنية. الرباط.
(6) - الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، لمحمد بن الحسن الحجوي، ج1/ ص: 386. نشر المكتبة العلمية بالمدينة المنورة.
جاء في "إحكام الفصول": "ذكر محمد بن حويز من أصحابنا أن معنى الإستحسان الذي ذهب إليه أصحاب مالك -رحمه الله- القول بأقوى الدليلين.."(1) وعرفه "الشاطبي" بقوله: "دليل ينقح في نفس المجتهد ولا تساعده العبارة عنه، ولا يقدر على إظهاره"(2) ثم قال: "وحده غير ابن العربي من أهل المدينة، بأنه عند مالك استعمال مصلحة جزئية في مقابلة قياس كلي. (3) " فالإستحسان عند مالك هو نوع من المصالح المرسلة. يقول الشاطبي: "ومما ينبني على هذا الأصل -أي المصلحة- قاعدة الإستحسان، وهو في مذهب مالك الأخذ بمصلحة جزئية في مقابلة دليل كلي ومقتضاه الرجوع إلى تقديم الاستدلال المرسل على القياس "(4).
ويتبين من الفروع المأثورة عن مالك أنه كان يأخذ بالإستحسان في موضعين:
*- إنه كان يفتي به في المسائل لا على أنه القاعدة، بل على اعتبار أنه استثناء وترخص منه..
*- إنه أكثر ما يكون عندما يكون موجب القياس مؤديا إلى غلو في الحكم وحرج شديد، فالإستحسان على هذا هو الأخذ بمصلحة جزئية في مقابلة دليل كلي، وتشهد له عند مالك الرخص الواقعة في الشريعة، فإن حقيقتها ترجع إلى اعتبار المآل في جلب المصالح ودرء المفاسد على الخصوص، وإن كان الدليل العام يقتضي ذلك.
أنواع الاستحسان في المذهب المالكي
قال ابن العربي في "المحصول" حاصرا أنواع الإستحسان: "وقد تتبعناه في مذهبنا، وألفيناه أيضا مقسما أقساما: منه ترك الدليل للعرف، ومنه ترك الدليل للمصلحة، ومنه ترك الدليل لإجماع أهل المدينة، ومنه ترك الدليل في اليسير لرفع المشقة، وإيثارا لتوسعة على الخلق "(5).
وإذا كان مالك رحمه الله أخذ بالإستحسان وقال به في مسائل، فإنه لم يؤثر عنه القول به كثيرا ككثرته عند الحنفية. كما قال الحجوي: "استحسن مالك في خمس مسائل لم يسبقه غيره إليها وهي:
1- ثبوت الشفعة في بيع الثمار و لم يجر عمل إلا في ثمار الخريف دون المصيف.
2- وثبوت الشفعة في أنقاض أرض الحبس، وأرض العارية.
3- والقصاص بالشاهد و اليمين
4- تقدير دية أنملة الإبهام بخمس من الإبل.
5- وإيصاء المرأة على ولدها المهمل إذا كان المال نحو ستين دينارا"(6)
وهذه مسائل لم يسبق أحد مالكا في القول بالإستحسان فيها. وهناك مسائل أخرى سبقه غيره إليها، وعلى هذه المسائل خرجت المالكية كثيرا من الأشباه والنظائر.
--------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
(1)- إحكام الفصول في أحكام الأصول، لأبي الوليد الباجي، ص: 787. تحقيق عبد المجيد تركي. دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى: 1407هـ/1987م.
(2) - الاعتصام، للشاطبي، ج2/ ص: 136، ضبطه وصححه أحمد محمد الشافي. دار الكتب العلمية، بيروت. الطبعة الثانية: 1411هـ/1981م.
(3) - المصدر نفسه، ص: 139.
(4) - الموافقات في أصول الأحكام، للشاطبي، ج4 / 206، تعليق عبد الله دراز. دار المعرفةـ بيروت.
(5) - المحصول في أصول الفقه -لابن العربي المعافري- ص: 277. تحقيق د. حسين التاويل، أطروحة دكتوراه بدار الحديث الحسنية. الرباط.
(6) - الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، لمحمد بن الحسن الحجوي، ج1/ ص: 386. نشر المكتبة العلمية بالمدينة المنورة.