العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

وقفة مع حديث (1) / من جزء سعدان

إنضم
22 سبتمبر 2012
المشاركات
26
الكنية
أبو سفر
التخصص
السنة النبوية وعلومها
المدينة
الانبار
المذهب الفقهي
حنبلي
وقفة مع حديث / جزء سعدان

حدثنا سعدان ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن علي بن حسين ، عن عمرو بن عثمان ، عن أسامة بن زيد ، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم : " أن المسلم لا يرث الكافر ، وأن الكافر لا يرث المسلم " .
.....................................................

( 1 ) إسناده صحيح : علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب زين العابدين ثقة ثبت ( تقريب التهذيب ( 4715 ) ، وعمرو بن عثمان بن عفان ثقة ( تقريب التهذيب ( 5077 ) .
أخرجه : البخاري في " صحيحه " باب : لا يـرث المسلـم الكافر ولا الكـافر المسلم 8 / 156 ( 6764 ) ، ومسلم في " صحيحه " كتاب الفرائض 3 / 1233 ( 1614 ) ( 1 ) من طرق عن الزهري ، عن علي بن حسين ، عن عمرو بن عثمان ، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه .ولفظ المصنف أخرجه أبو عوانة في " مستخرجه " 3 / 435 ( 5593 ) ، والبيهقي في " السنن الكبرى " 6 / 414 ، و10 / 504 .

فوائد متعلقة بالحديث :
1- اتفق الفقهاء على أن غير المسلم لا يرث المسلم مطلقاً، فهذا موضع اتفاق . وقال ابن القيم في " أحكام أهل الذمة " 2 / 838 : وأما توريث الكافر من المسلم فلم يختلف فيه أحد من الفقهاء : أنه لا يرثه .
2- وقع الخلاف بين الفقهاء في توريث المسلم من الكافر . وهذه لها أحوال تتعلق بذلك الكافر ، فقد يكون حربياً أو ذمياً أو مرتداً :
أ- أن يكون الكافر حربياً مقاتلاً للمسلمين ، أو في قوم أو من قوم يقاتلون المسلمين ويناصبونهم العداء ، فهذا اتفقت كلمة الفقهاء فيه أنه لا تجري بينه وبين المسلم موارثة مطلقاُ .
ب- أن يكون ذمياً واختلف الفقهاء على مذهبين :
القول الأول : قالوا بامتناع التوارث بين المسلم والذمي ، وهو مذهب الجمهور . واستدلوا بحديث المصنف .

القول الثاني : قالوا بجريان التوارث بين المسلم والذمي ، يعني أن المسلم يرث الذمي ولا عكس ، وهو مروي عن بعض الصحابة كمعاذ بن جبل ، وعمر، ومعاوية رضي الله تعالى عنهم ، ونقل أيضاً عن جماعة من التابعين منهم : سعيد بن المسيب ، ومسروق ، وقتادة ، ومحمد بن الحنفية وغير هؤلاء . وهذا المذهب اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ووافقه وتابعه عليه تلميذه ابن القيم .
واستدلوا بحديث " الإسلام يعلوا ولا يعلى " وهو حديث ضعيف فيه مجهولان :
عبد الله بن حشرج المزني قال عنه الذهبي : لا يعرف من ذا . ( ميزان الاعتدال 1 / 409 ( 4272 ) وذكره أيضاً في " ديوان الضعفاء " 1 / 214 ( 2147 ) وقال عنه : مجهول .
والثاني : حشرج بن عائذ المزني ، قال ابن حجر في " لسان الميزان " 3 / 217 ( 2624 ) : قال أبو حاتم : لا يعرف . ( الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3 / 295 ( 1316 ) .
فمن حيث الإسناد فالحديث لا يحتج به فضلاً لمخالفته ما في الصحيح .
أما من حيث المعنى فلا وجه للاستدلال بالحديث على التوارث .واستدلوا بقضاء معاذ رضي الله عنه لما كان باليمن فقد ارتفعوا إليه في يهودي مات وترك أخاه مسلماً ، فقال معاذ : إني سمعت رسول الله يقول : " إن الإسلام يزيد ولا ينقص " فورثه . وليس به حجة تقاوم ما في الصحيح . وإسناد هذا الحديث معلول بالانقطاع بين أبي الأسود ومعاذ ، فقد أخرجه أبو داود والبيهقي من طريق عبد الوارث عن عمرو ابن أبي حكيم الواسطي ، قال : حدثنا عبد الله بن بريدة أنَّ أخوين اختصما إلى يحيى بن يعمر : يهودي ومسلم ، فورث المسلم منهما ، وقال : حدثني أبو الأسود أن رجلاً حدثه أنَّ معاذاً حدثه ... فذكر الحديث . والرجل لم يسم . وقال البيهقي عقب الحديث 6 / 417 : " وهذا رجل مجهول ، فهو منقطع " . وضعف الحديث الشيخ الألباني في " سلسلة الأحاديث الضعيفة " 3 / 252 ( 1123 ) . أما الحديث من حيث المعنى فليس فيه ما يدل على التوارث ، بل معناه : أراد أن حكم الإسلام يغلب ومن تغليبه أن يحكم للولد بالإسلام بإسلام أحد أبويه .أو معناه : أن الإسلام يزيد بالداخلين فيه ، ولا ينقص بالمرتدين أو يزيد بما فتح الله من البلاد ولا ينقص بما غلب عليه الكفرة منها . قال الإمام الصنعاني في " سبل السلام " 2 / 144 : حديث معاذ ليس فيه دلالة على خصوصية الميراث إنما فيه الإخبار بأنَّ دين الإسلام يفضل غيره من سائر الأديان ، ولا يزال يزداد ، ولا ينقص .
ج- أن يكون مرتداً فقد اتفق الفقهاء على أن المرتد لا يرث أحداً ممن كان على ملته قبل أن يرتد ، واختلفوا في ميراث المسلم من المرتد على قولين :
فذهب بعض الفقهاء وهو قول الأكثر إلى أن أموال المرتد لا تورث ، وإنما هو فيء يعود إلى بيت مال المسلمين . واستدلوا بحديث المصنف . وهذا قول الأئمة مالك والشافعي ورواية عن الإمام أحمد .
والقول الثاني : مذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله وفيه ثلاثة أقوال : - أنَّ المرتدة أموالها إلى ورثتها من المسلمين .- أنَّ مال المرتد الذي اكتسبه قبل ردته ، فهو إلى ورثته من المسلمين ، وما اكتسبه بعد ردته ففيء يعود إلى بيت المال .- أنَّ مال المرتد لورثته مطلقاً ، وهذا القول لأبي يوسف ومحمد من الحنفية .ولعلنا أطلنا النفس في التعليق على هذا الحديث لنستوعب أكثر الأقوال . وبعد نقل أقوال الأئمة رحمهم الله نرجح مذهب الجمهور في أن المسلم لا يرث الكافر ولا الكافر يرث المسلم لقوة الدليل عندهم . ولضعف حجة غيرهم وعدم مقاومة دليل الجمهور من حيث فقه الحديث أو قوة الإسناد . والله وحده أعلم .

http://alwaabil.com/play-4790


 
أعلى