العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الردة في القرآن والسنة

إنضم
29 مايو 2010
المشاركات
159
التخصص
مقاصد الشريعة
المدينة
حلب
المذهب الفقهي
شافعي
حد الردة :

التعبير القرآني عن الردة :

ورد التعبير القرآني عن عملية الرجوع عن الدين بعد الدخول فيه بلفظ الردة :

كقول الله عز وجل :[ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ] . البقرة 217 .

وكقوله تعالى : [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ] المائدة 54 .

وقال الله عز وجل : [ إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ۙ الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ ] محمد 25 .

كما ورد بلفظ الكفر بعد الإيمان :

كقول الله تعالى : [ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ] آل عمران 86 .

وقال تعالى : [ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ ] آل عمران 90 .

وقال تعالى : [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ] النساء 136-137 .

وقال تعالى : [ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ] . التوبة 65-66 .

ويلاحظ في الآيات ما يلي :

1-أنها كلها مدنية , بمعنى أنها نزلت في فترة التنزل المدني , وهي فترة غلب عليها التشريع للأحكام العملية والعقوبات .

2- أنها كانت تتحدث كلها باستثناء آية واحدة عن الردة بشكل جماعي .

3- تحدثت الآيات عن دوافع الردة المتمثلة بوسوسة الشيطان أو قتال الكفار للمسلمين ليتركوا دينهم .

4- ذكرت الآيات عقوبة المرتدين وهي :

-دخول النار وحبوط العمل

-استبدالهم بقوم مؤمنين

-عدم هدايتهم

-عدم قبول توبة من تكررت ردته

-عدم المغفرة لمن تكررت ردته

5- الآية الأخيرة كانت في غزوة تبوك أي سنة تسع للهجرة حسبما ذكر المفسرون [1] .

6- لم تذكر الآيات أية عقوبة دنيوية للمرتدين تصريحا أو تلميحا .

فلم تذكر الآيات عقوبة القتل , بل اعتبرت أن الردة مخالفة كبيرة للدين الإسلامي وتوعدت صاحبها بعذاب أليم , وهذا يضعها في صنف الكبائر “ [2] .

الردة في الحديث النبوي :

- يعتمد الفقه الإسلامي في تقرير عقوبة القتل للمرتد على حديث نبوي نصه ( من بدل دينه فاقتلوه [3] ) , وتذهب المدارس الفقهية الإسلامية على وجوب قتل المرتد , وتصنف العقوبة تحت قسم ما يعرف في الفقه بالحدود .

وتجمع كلمة تلك المدارس على الحكم المذكور وهو القتل باستثناء المرأة المرتدة فإنها تحبس فقط عند الحنفية [4] .

كما تعتمد تلك المذاهب الفقهية على أحاديث أخرى وهي :

- حديث العرنيين وهو : ( أن نفرا من عكل ثمانية قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإسلام فاستوخموا الأرض وسقمت أجسامهم فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها , فقالوا : بلى فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها فصحوا فقتلوا الراعي وطردوا الإبل , فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث في آثارهم فأدركوا فجيء بهم فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا ) [5] .

وهذا حديث صنفه البخاري [6] تحت عنوان باب المحاربين من أهل الكفر والردة , كما أورده مسلم [7] في حكم المحاربين والمرتدين .

وهذه فطنة من كلا الإمامين حيث نظرا للحكم المتضمن في الحديث ليس على أساس أن ما حدث مجرد ردة , ولكن لأن الردة اقترنت بأفعال أخرى تصنف تحت حكم الحرابة والقيام بأعمال ضد الدولة, ولأنه لا أحد من الفقهاء يقول بأن عقوبة المرتد هي ما ورد في عقوبة العرنيين من تقطيع الأيدي والأرجل وتسمير الأعين والترك في الشمس حتى يموت المرتد , “ وبالتالي يمكن تصنيف هذا الحديث تحت جريمة الحرابة وليس الردة [8] “ .

- حديث آخر وهو مروي في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه [9] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيّب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة ) [10] .

وهذا الحديث ينص على وجود صفتين يجب توافرهما في الشخص ليكون مباح الدم وهما : ترك الدين ومفارقة الجماعة , وربما تعني مفارقة الجماعة حكم الحرابة [11] .

ويؤيد هذا الاتجاه أن الحنفية لا يرون قتل المرأة المرتدة , بل يقتصر تنفيذ الحكم على الرجل [12] .


-تفسير الطبري 11/544 – دار عالم الكتب –السعودية – ط1/2003م . [1]


- ينظر أصول النظام الجنائي الإسلامي للدكتور محمد سليم العوا 142-143 . [2]


-رواه البخاري في صحيحه 743 عن أنس كتاب الجهاد والسير باب لا يعذب بعذاب الله رقم 3017 . [3]


[4] -ينظر : العزيز شرح الوجيز للرافعي القزويني 11/112 , دار الكتب العلمية ط1/1997 م – وتبيين الحقائق للزيلعي 4/173 دار الكتب العلمية ط1/ 2000 م .

[5] -رواه البخاري في صحيحه 1683 كتاب الحدود باب المحاربين من أهل الردة 6802 - ومسلم في صحيحه 794 كتاب القسامة والمحاربين والقصاص - باب حكم المحاربين والمرتدين رقم 1671.

[6]- البخاري : محمد بن اسماعيل بن ابر أهيم بن المغيرة ، وأسلم المغيرة على يد والي بخارى .ولد البخاري سنة 94 هـ وهو صاحب الجامع الصحيح وله الأدب المفرد والتاريخ وغيرها, رحل في طلب الحديث إلى أكثر محدثي عصره –ينظر سير أعلم النبلاء 12-391-طبقات الحنابلة 1-271.


-مسلم : تقدمت ترجمته [7]


- ينظر : أصول النظام الجنائي الإسلامي للدكتور سليم العوا 147 . [8]


-ابن مسعود : تقدمت ترجمته 26 . [9]


-رواه مسلم في باب ما يباح به دم المسلم عن مسروق عن عبد الله- رقم 3175 . [10]


- أصول النظام الجنائي الإسلامي للدكتور سليم العوا 148 . [11]


- ينظر : تبيين الحقائق للزيلعي 4/173 , دار الكتب العلمية ط1/2000م , [12] pp
 
إنضم
29 أبريل 2016
المشاركات
4
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
شريعة
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: الردة في القرآن والسنة

بورك فيكم وبكم ووفقكم وفتح الله على الجميع، لدي سؤال بخصوص الردة... من الذي قال بأن عقوبة الرجم تعزيرية لا حدية؟ هل من أسماء... نرجوا منكم إفادتي بأبحاث حول الردة وشبهاتها...وجزاكم الله خيرا
 
أعلى