رد: زاد المستقنع 1 كتاب الطهارة 1 باب المياه
بسم الله الرحمن الرحيم
فهذا أول كتاب لزاد المستقنع، وقسم المؤلف أبو النجا شرف الدين موسى الحجاوي رحمه الله هذا الكتاب إلى ستة وعشرين كتابا، ومن أهل العلم من عبّر عن الكتاب بالباب وبالفصل، لكن صاحب الزاد رحمه الله جمع بين الثّلاثة: فقدّم الكتاب ثمّ الباب ثمّ الفصل، وفصل الكتاب بالأبواب أو بالفصول والباب بالفصول، والحكمة في تفصيل المصنّفات بالكتب والأبواب والفصول: [SUB][1][/SUB] تنشيط النّفس وبعثها على الحفظ، [SUB][2][/SUB] والتّحصيل بما يحصل لها من السّرور بالختم والابتداء، [SUB][3][/SUB] وتسهيل للمراجعة.
فكتاب الطهارة: خبر مبتدإ محذوف، أي: هذا كتاب، ومعناه لغة: الجمع، من: وتكتّبت بنو فلان: إذا اجتمعوا، ومنه قيل لجماعة الخيل: كتيبة، والكتابة بالقلم كتابة، لاجتماع الكلمات والحروف، والمراد به هنا: المكتوب، أي: هذا مكتوب جامع لمسائل الطّهارة ممّا يوجبها ويتطهّر به ونحو ذلك.
بدأ بالطّهارة لأنّها مفتاح الصّلاة الّتي هي آكد أركان الإسلام بعد الشّهادتين، اللّتين هما أساس الملّة، وأصل التّوحيد، وله كتب مستقلّة، والنّبيّ ﷺ بدأ بالصّلاة قبل الزّكاة والصّوم والحجّ وغيرها، وإذا ثبت تقديم الصّلاة بعد التّوحيد، فينبغي تقديم مقدّماتها، ومنها الطّهارة، وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه: (( مفتاح الصّلاة الطّهور، وتحريمها التّكبير، وتحليلها التّسليم. )) وذلك أنّ الحدث مانع منها، فهو كالقفل يوضع على المحدث حتّى إذا توضّأ انحلّ القفل، وبدأ بالطّهارة اتّباعا لسنّة المصنّفين، ولأنّ الطّهارة أوكد شروط الصّلاة الّتي يطالب المكلّف بتحصيلها، إذ هي أهمّ العبادات، ومن شأن الشّرط أن يتقدّم المشروط. وبدءوا بربع العبادات اهتماما بالأمور الدّينيّة فقدّموها على الدّنيويّة، وقدّموا ربع المعاملات على النّكاح وما يتعلّق به، لأنّ سبب المعاملات وهو الأكل والشّرب ونحوهما ضروريّ يستوي فيه الكبير، والصّغير، وشهوته مقدّمة على شهوة النّكاح، وقدّموا النّكاح على الجنايات والمخاصمات، لأنّ وقوع ذلك في الغالب إنّما هو بعد الفراغ من شهوة البطن والفرج.