العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

أهمية التجرد عما صاحب الخلاف من الحوادث عند النظر فى سواغية الخلاف فى المسائل العلمية الخلافية

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
منقول من صفحة الشيخ محمد عبد الواحد الأزهري


محمد الأزهري الحنبلي

الحمد لله وحده، رب يسر وأعن..

من المهم لطالب العلم أن يفصل نفسه حال النظر في خلاف العلماء في مسألة ما عما صاحب الخلاف من أزمات اجتماعية، أو إشكالات نفسية، أو مقتضياتِ معاصَرة، أو نصرة دول وحكومات؛ فضلا عن أن يتخلى عن ميله إلى اختيار من يحب من المختلفَين دون حجة علمية.

نشأتُ -كما السلفيون في زماننا- في مسألة شد الرحل إلى غير المساجد الثلاثة على المنع من ذلك؛ تقليدا في ثوب ترجيح وتمحيص!

وكان لي في هذه المسألة قصة قديمة في صغري، حين كنا مسافرين إلى العمرة وأنا مراهق محب للدين والعلم، فقام فينا رجل ملتح في مصلى الباخرة يعلم الناس العمرة، وحذرهم في أثناء ذلك بشدة من نية السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إن هذا شرك!
فهاج الناس وماجوا، وسب بعضهم الرجل، وبعضهم سب الدين أو كاد (الشك مني).

كنت أول مرة أسمع هذه المسألة، ووقع في نفسي منها أثر بالغ، وخزنت ذلك في نفسي -مع أن أهلي جميعا كانوا ضد الرجل-، حتى وصلنا الحرم، فانتظرت حتى قابلت أحد أئمة الحرم ممن رأيت الناس يعظمونه ويستفتونه، وقلت له: هل صحيح أن السفر للمدينة بنية زيارة القبر النبوي شرك؟ فقال: لا، ولكنه ذريعة للشرك!

فاعتقدت ذلك!!

ثم ظللت أقول بهذا القول حتى بعد طلبي للعلم لسنوات، وعلمت بعدها أن المنع اختيار ابن تيمية، وإن لم يقل إنه شرك ولا ذريعة إليه!

لا تنس أننا -على خلاف ما نزعم- مقلدون، ونعتقد ثم نستدل.

بعدها علمت أن هذه المسألة من المسائل التي ابتلي فيها ابن تيمية من خصومه، وأوذي فيها هو وتلامذته، وأُلفت فيها كتب وردود!

الآن أنا مع حبي الشديد لابن تيمية أخالفه فيها وأقول بقول الجمهور باستحباب شد الرحل لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأعمل بذلك في نفسي

ما ذكرتُه مثال لما بدأت به المقال، وهناك أمثلة أخرى في زماننا؛ كمسألة المولد النبوي..
ومسائل فقهية فيها خلاف بين السلفية وطوائف أخرى..
ومسائل فيها خلاف سلفي سلفي، بين مدرسة الألباني ومدرسة السعودية..
ومسائل بين الألباني وبعض أقرانه..
وهلم جرا.

كنت زمانا أبغض أبا غدة بغضا شديدا من دون أن أقرأ له، بل أرفض فكرة القراءة له أصلا! وذلك ببركة قراءة كلام الشيخ الألباني عليه في مقدمة تحقيقه لشرح الطحاوية!

ثم اقتنيت كل مؤلفات أبي غدة، وطالعت معظمها، وصرت أحبه حبا شديدا عن معرفة لا عن تقليد وتوافق.

ما أريد قوله: ثمة مسائل وخلافات ضخمتها الحوادث المقارنة لها، وهي لا تستحق ذلك في نفسها.

وإذا كان لمن عايش تلك الأحداث مبرر أن يحتد فيها ويتشنج؛ فليس ثمة مبرر لمن أتى بعد هذه الأحداث أن يكون كذلك.

إن مجرد تجريد هذه المسائل عما قارنها وبحثها بموضوعية والاعتراف بسواغية الخلاف فيها إن كانت كذلك = إنجاز، بقطع النظر عن ترجيحك الشخصي فيها.

وهو نفس فكرة أهل السنة في موقفهم من الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم جميعا.

ولا شك أن ذلك ليس في كل مسألة ثار فيها نزاع تاريخي..
فمسألة مثل خلق القرآن لا يقال فيها هذا، ونحوها مما يخالف القطعيات والثوابت.

وإنما الكلام فيما كان فيه خلاف قديم معتبر، ثم حصلت محنة لمن اختار أحد القولين لسبب أو لآخر..
فتحرير المسألة من هذه المحن، وردها إلى الأمر العتيق = مطلب.


وتجردك في اختيارك في مسألة شد الرحل مثلا من عاطفتك تجاه ابن تيمية أو السبكي = دليل على نضجك العلمي. والله الموفق والمستعان والعاصم.

https://www.facebook.com/MOHAMMADELSALAFY/posts/478615272248298
 
أعلى