أبو محمد المصرى
موقوف
- إنضم
- 16 ديسمبر 2007
- المشاركات
- 290
بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة العلامة صديق حسن خان القنوجي البخاري
هو الإمام العلامة المحقق محيي السنة وقامع البدعة أبو الطيب محمد صديق بن حسن بن علي بن لطف الله القِنَّوجِي البخاري نزيل بهوبال ويرجع نسبه إلى زين العابدين بن علي بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب . ترجمة العلامة صديق حسن خان القنوجي البخاري
ولادته ونشأته :
ولد في بلدة " بريلي " موطن جده من جهة الأم عام ( 1248 هـ ) ونشأ في بلدة " قِنَّوْج " موطن آبائه بالهند في حجر أمه يتيمًا على العفاف والطهارة وتلقى الدروس في علوم شتى على صفوة من علماء قِنَّوْج ونواحيها وغيرهم .
شيوخه وتلاميذه :
درس المؤلف على شيوخ كثيرين من مشايخ الهند واليمن واستفاد منهم في علوم القرآن والحديث وغيرهما ومن أشهر شيوخه :
1 - أخوه الأكبر السيد العلامة أحمد بن حسن بن علي .
2 - الشيخ الفاضل المفتي محمد صدر الدين خان الدهلوي .
3 - الشيخ القاضي حسين بن محسن السبعي الأنصاري تلميذ العلامة محمد بن ناصر الحازمي تلميذ العلامة القاضي محمد بن علي الشوكاني .
4 - الشيخ المعمر الصالح عبد الحق بن فضل الله الهندي .
5 - الشيخ التقي محمد يعقوب المهاجر إلى مكة .
ولقد أجازه شيوخ كثيرون ذكرهم في ثبته " سلسة العَسْجَد في مشايخ السند " .
وله تلاميذ كثيرون درسوا عليه واستجازوه ، منهم :
1 - العلامة المحدث يحيى بن محمد بن أحمد بن حسن الحازمي قاضي عدن .
2 - الشيخ العلامة السيد نعمان خير الدين الألوسى مفتى بغداد .
زواجه :
بعد عودته من الحجاز إلى الهند انتقل العلامة صديق حسن خان من (قنوج) إلى مدينة (بهوبال) في ولاية (مادهيا براديش) في وسط الهند، وقد ذاع صيته في تلك الأيام كإمام في العلوم الإسلامية، ومؤلف بارع في العلوم العقلية والنقلية، وكاتب قدير في اللغات العربية والفارسية والأوردية، ومجتهد متواصل في الدرس والتأليف والتدوين، ولم يلبث أن تزوج بأميرة بهوبال (شاهجان بيجوم) التي كانت تحكمها حينذاك عام ( 1288 هـ ) وعمل وزيرًا لها ونائبًا عنها ولقب بـ " النواب "
نقطة تحول في حياته العلمية:
وكان تزوج العلامة صديق حسن خان بالأميرة (شاهجان بيجوم)، وتلقبه بأمير بهوبال نقطة تحول لا في حياته العلمية فقط بل في النشاط العلمي والعهد التأليفي في الهند كلها؛ فكان له موهبة إلهية في الكتابة وفي التأليف؛ حتى قيل إنه كان يكتب عشرات الصفحات في يوم واحد، ويكمل كتابا ضخما في أيام قليلة، ومنها كتب نادرة على منهج جديد، وعندما ساعدته الظروف المنصبية والاقتصادية على بذل المال الكثير في طبعها وتوزيعها، قد تكللت مساعيه العلمية بنجاح منقطع النظير.
وجدير بالذكر والاعتبار أن زواجه بأميرة بهوبال الغنية، واشتغاله بالشؤون السياسية والإدارية لم يثنه عن نشاطه العلمي، ولم تصرفه بحبوحة العيش وفخفخة الدولة عن خدمة العلم والدين، بل استفاد - بثاقب فكره - من هذه النعم لتحقيق هدفه الأسمى وغايته الرفيعة.
عقيدته ومذهبه :
كان الشيخ حريصًا أشد الحرص على العقيدة الصافية والدعوة إلى الكتاب والسنة وذم التقليد والجمود ومحاربة الشرك والبدع والخرافات ...كما تدل على ذلك سيرته ومؤلفاته . وكتابه العظيم " الدين الخالص " يشهد له بذلك .
ولقد يسر الله له الحج عام ( 1285 هـ ) والتقى ببعض علماء أهل السنة في سفرته ، والشيخ العلامة حمد بن علي بن محمد بن عتيق بن راشد المتوفى عام ( 1301 هـ ) كاتب المؤلف بشأن كتابه " فتح البيان " ووجه له نصيحة ذهبية فيها الشهادة له بالعلم والتحقيق وحثه على الاستفادة من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم كالكافية الشافية - النونية - والعقل والنقل ، والتسعينية والصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ، واجتماع الجيوش الإسلامية ونحوهن من كتبهما ، وبعد ذلك وفي عام ( 1289 هـ ) صنف المؤلف رسالته " قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر " واستفاد من نصيحة الشيخ العلامة حمد بن عتيق وانكب على كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم واغترف من كتبهما وكتب غيرهما من أهل السنة وحث على ذلك كما تراه في الرسالة ( ص 48 ) وكما صنف " قصد السبيل في ذم الكلام والتأويل " .
وخلاصة عقيدته ومذهبه أنه كان على طريقة أهل الحديث وأهل الظاهر في العقيدة والأصول والفقه... حيث يقول في كتابه الماتع أبجد العلوم ((........... وقد أنكر إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رضي الله عنه الإجماع الذي اصطلحوا عليه اليوم .
وأعرض سيد الطائفة المتبعة داود الظاهري عن كون القياس حجة شرعية وخلاف هذين الإمامين نص في محل الخلاف ولهذا قال بقولهما عصابة عظيمة من أهل الإسلام قديما وحديثا إلى زماننا هذا ولم يروا الإجماع والقياس شيئا مما ينبغي التمسك به سيما عند المصادمة بنصوص التنزيل وأدلة السنة الصحيحة وهذه المسألة من معارك المسائل بين المقلدة والمتبعة وأكثر الناس خلافا فيها الحنفية لأنهم أشد الناس تعصبا للمذهب وتقرير ذلك مبسوط في المبسوطات المؤلفة في هذا الباب ( 2 / 406 )
ومن له نظر في مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه الواحد المتكلم الحافظ ابن القيم ومن حذا حذوهما من علماء الحديث والقرآن خصوصا أئمة اليمن الميمون وتلامذتهم فهو يعلم بأن هذا القول هو الحق المنصور والمذهب المختار والكلام المعتمد عليه ما سواه سراب وتباب ولولا مخافة الإطالة وخشية الملالة لذكرت ههنالك ما تذعن له من الأدلة على ذلك ومفاسد ما هنالك وبالله التوفيق وهو العاصم عن التنكيب عن سواء الطريق اللهم أرحم أمة محمد صلى الله عليه وسلم رحمة عامة....... ))
ويقول أيضاً في معرض حديثه عن ترجمة الإمام ابن حزم في كتابه الماتع أبجد العلوم :
((....أنه رأى (أي ابن عربي) الإمام ابن حزم في المنام وقد عانق رسول الله صلى الله عليه و سلم فغاب أحدهما في الآخر فلم أعرف أحدهما عن الآخر هذا حاصل معناه وهذا يدل على حسن عاقبته ولطف علمه وخيرة طريقه وكما اتحاده بالنبي صلى الله عليه و سلم وليس وراء ذلك غاية - والله أعلم -
والظاهرية : هم أئمة الأمة وسلفها وقدوة المسلمين في كل زمان ومذهبهم أصفى مذاهب عالم الإمكان ولنعم ما قيل :
بلاء ليس يعدله بلاء ... عداوة غير ذي حسب ودين
يبيحك منه عرضا لم يصنه ... ويرتع منك في عرض مصون )) أ.هـ
من صفاته والثناء عليه :
كان " صديق خان " آية من آيات الله في العلم والأخلاق الفاضلة والتمسك بالكتاب والسنة ، وصرف مما آتاه الله من المال والجاه في خدمة الإسلام والدين وفي نشر علم الحديث والدعوة إلى العقيدة الصحيحة والعمل بالكتاب والسنة وإعانة العلماء والأدباء وجمع مكتبة مملوءة بالكتب القيمة ، وطبع " فتح الباري " ، و " تفسير ابن كثير " ، و " نيل الأوطار " على نفقته في الهند ومصر وتركيا ووزعها مجانًا جزاه الله خيرًا ورتب إعانات مالية للعلماء ورغبهم في ترجمة كتب الحديث إلى اللغة السائدة في الهند وطبعت على نفقته .
وكما استدعى العلامة بشير السهسواني صاحب " صيانة الإنسان " المتوفى عام ( 1295 ) وفوض إليه رئاسة المدارس الدينية ببهوبال . (1)
وحسبك في الثناء عليه كتبه القيمة في فنون شتى وكفاك قول معاصره العلامة الشيخ حمد بن عتيق فيما كتبه إليه إنه أخ صادق ذو فهم راسخ وطريقة مستقيمة ، وشهادته له بالتمكن من الآلات وسعة الاطلاع وغير ذلك من الثناء الجميل على هذا الإمام الجليل .
مؤلفاته :
للمؤلف كتب كثيرة . بلغات مختلفة في علوم متنوعة . ولقد ذكر المؤلف في ترجمته لنفسه في " أبجد العلوم " ( 3 / 275 - 279 ) مصنفاته إلى تاريخه والذي يعنينا هنا ما كان باللغة العربية ولقد ذكر الدكتور جميل أحمد في كتابه " حركة التأليف باللغة العربية في الإقليم الشرقي الهندي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر للميلاد " ( ص 274 - 281 ) مؤلفات محمد صديق حسن خان وجعلها في ثلاث زمر :
1 - ما طبع ونشر .
2 - ما لا يزال مخطوطًا .
3 - ما كان مجهولًا ، وقف على اسمه في كتب القِنَّوْجِي الأخرى ، أو في غيرها من الكتب .
أما الكتب التي طبعت فهي :
1 - فتح البيان في مقاصد القرآن : المطبعة الكبرى الأميرية بالقاهرة :
1300 - 1302 هـ ( في عشرة أجزاء ) ، الطبعة الأولى ببهوبال .
2 - نيل المرام من تفسير آيات الأحكام : لكهنو 1392 هـ مطبعة المدني بمصر 1382 هـ / 1962 م .
3 - الدين الخالص ( جمع فيه آيات التوحيد الواردة في القرآن ، ولم يغادر آية منها إلا أتى عليها بالبيان الوافي ) : دهلي - مطبعة المدني بمصر - 1379 هـ / 1959 م . ***** (2)
4 - حسن الأسوة بما ثبت عن الله ورسوله في النسوة : الجوائب 1301 هـ .
5 - عون الباري بحل أدلة البخاري ( شرح كتاب التجريد ) : بولاق 1297 هـ ( 8 أجزاء ) على هامش " نيل الأوطار " ، بهوبال 1299 هـ ( جزآن ) .
6 - السراج الوهاج في كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج : بهوبال 1302 هـ .
7 - أربعون حديثًا في فضائل الحج والعمرة : بهوبال .
8 - أربعون حديثًا متواترة : بهوبال .
9 - العبرة بما جاء في الغزو والشهادة والهجرة : بهوبال 1294 هـ / 1877 م .
10 - الحرز المكنون من لفظ المعصوم المأمون ( في الحديث ) : بهوبال .
11 - الرحمة المهداة إلى من يريد زيادة العلم على أحاديث المشكاة : دلهي .
12 - الجنة في الأسوة الحسنة بالسنة ، في اتباع السنة : بهوبال 1295 هـ .
13 - يقظة أولي الاعتبار مما ورد في ذكر النار وأصحاب النار : بهوبال 1294 هـ .
14 - الحطة في ذكر الصحاح الستة : النظامية بكانبور 1283 هـ .
15 - الموائد العوائد من عيون الأخبار والفوائد ( جمع فيه حوالي ثلاثمائة حديث ) : بهوبال 1298 هـ .
16 - الإذاعة لما كان ويكون بين يدي الساعة : بهوبال 1293 هـ / 1876 م ، الجوائب بالآستانة - 1876 أيضا .
17 - الروضة الندية ، شرح الدرر البهية للقاضي محمد اليمني الشوكاني : العلوية بلكهنو 1290 هـ ، مصر 1296 هـ .
18 - فتح العلام ، شرح بلوغ المرام لابن حجر العسقلاني : المطبعة الأميرية القاهرة : 1302 هـ / 1885 م .
19 - حصول المأمول من علم الأصول ( تلخيص إرشاد الفحول للشوكاني ) ، ( في أصول الفقه ) : الجوائب 1296 هـ / 1879 م ، مصر 1338 هـ .
20 - الإقليد لأدلة الاجتهاد والتقليد : الجوائب 1295 هـ / 1878 م .
21 - ظفر اللاضي بما يجب في القضاء على القاضي : الصديقية ، بهوبال 1294 هـ. 22 - ذخر المحتي من آداب المفتي : بهوبال 1294 هـ .
23 - الغنة ببشارة أهل الجنة : بولاق 1302 هـ / 1885 م .
24 - الموعظة الحسنة بما يخطب به في شهور السنة : بهوبال 1295 هـ ، مصر 1307 هـ .
25 - الانتقاد الرجيح في شرح الاعتقاد الصحيح : لكهنو .
26 - قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر : كانبور .
27 - إكليل الكرامة في تبيان مقاصد الإمامة : بهوبال 1294 هـ / 1877 م .
28 - حضرات التجلي من نفحات التجلي والتخلي ( في الكلام ) : بهوبال 1298 هـ .
29 - الطريقة المثلى في الإرشاد إلى ترك التقليد واتباع ما هو الأولى : الآستانة 1296 هـ / 1879 م .
30 - قصد السبيل إلى ذم الكلام والتأويل : بهوبال 1295 هـ .
31 - قضاء الأرب في تحقيق مسألة النسب : كانبور 1283 هـ .
32 - البلغة في أصول اللغة : الشاهجانية ببهوبال 1294 هـ ، الجوائب 1296 هـ / 1879 م .
33 - لف القماط على تصحيح بعض ما استعملته العامة من المعرب والدخيل والمولد والأغلاط : بهوبال ، 1291 هـ - 1296 هـ / 1879 م .
34 - العلم الخفاق من علم الاشتقاق : الجوائب 1296 هـ ، مصر 1346 هـ .
35 - طلب الأدب من أدب الطلب .
36 - مثير ساكن الغرام إلى روضات دار السلام ( في الجنة وأهل الجنة ) : النظامية بكانبور 1289 هـ .
37 - غصن البان المورق بمحسنات البيان ( يشتمل على ثلاثة علوم : علم البيان ، وعلم المعاني ، وعلم البديع ) : الجوائب ، بهوبال 1294 هـ / 1877 م .
38 - نشوة السكران من صهباء تذكار الغزلان ، في ذكر أنواع العشق وأحوال العشاق والعشيقات من النسوان ، وما يتصل بذلك من تطورات الصبوة والهيمان : بهوبال 1294 ، الجوائب 1296 هـ / 1879 م .
39 - الكلمة العنبرية في مدح خير البرية ( قصيدة ) .
40 - لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان . ( يحتوي من تواريخ الأمم السالفة قسطا وافرا ، ويذكر الليالي والأيام والشهور والأعوام والساعات والدقائق وفصول العام ) : الجوائب 1296 هـ / 1879 م .
41 - خبيئة الأكوان في افتراق الأم على المذاهب والأديان : الجوائب 1296 هـ / 1879 م ( في آخر لقطة العجلان ) ، كانبور .
42 - أبجد العلوم : الصديقية ببهوبال 1296 هـ / 1878 م .
43 - التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول : ( كتاب حافل مشحون بتراجم 543 عالما وعالمة من العالم الإسلامي ) : المطبعة الهندية العربية ، بومباي 1383 هـ / 1963 م .
44 - رحلة الصديق إلى البيت العتيق : العلوية بلكهنو 1289 هـ / 1872 م .
45 - تخريج الوصايا من خبايا الزوايا : مصر .
أما الكتب التي لا تزال مخطوطة فهي :
1 - ربيع الأدب .
2 - تكحيل العيون بتعاريف العلوم والفنون .
3 - إحياء الميت بذكر مناقب أهل البيت .
4 - التذهيب ، شرح التهذيب : في المنطق .
وأما الكتب المجهولة فهي :
1 - خلاصة الكشاف .
2 - ملاك السعادة .
3 - اللواء المعقود لتوحيد الرب المعبود .
4 - النذير العريان من دركات الميزان .
5 - الروض البسام .
6 - هداية السائل إلى أدلة المسائل .
7 - رياض الجنة في تراجم أهل السنة .
وفاته :
مات رحمه الله عام ( 1357 هـ ) عن ( 59 ) سنة وترك اثنين من أبنائه وهما : السيد أبو الخير مير نور الحسن خان الطيب ، وهو ولده الأكبر ، والسيد الشريف أبو النصر مير علي حسن خان الطاهر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)هو الشيخ بشير الدين بن الشيخ نور الدين القنوجي ، أحد علماء الحديث بالهند ، ومن مدينة "قنوج" التي هي مسقط رأس الإمام صديق حسن خان ، وكان معاصراً له ، وكان شديد النكير على أهل البدع ، متبعاً للسنة ناشراً لها ، وقد طلبه صديق حسن خان إلى مدينة "بوفال" فذهب إليها وولي القضـاء ، لهُ عدة مؤلفات منها الصواعق الإلهية لطرد الشياطين اللهابية ، وكتاب أحسن المقال في شرح حديث لا تشد الرحال. أما كتابه النفيس (الصواعق الإلهية لطرد الشياطين اللهابية ) فقد ألفه باللغة الفارسية وطبعه ونشره عام 1280هـ ، وهو ردٌ على كتاب "البوارق المحمدية" لمؤلفه فضل رسول البدايوني ، أحد العلماء القبوريين في الهند ، كما رد على جميع اعترضات القبوريين على شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام محمد بن عبدالوهاب والعلاَّمة محمد إسماعيل الدهلوي ، مؤلف "تقوية الإيمان" –رحمهم الله جميعاً-
2)الدين الخالص:
هومن أجلّ مؤلفاته بالعربية كتاب سماه (الدين الخالص)، وقد جعل المؤلف الكتاب قسمين: وعبر عنهما (بالنصيب الأول) و (النصيب الثاني)، وطبع بالقاهرة في أربعة أجزاء.
وخصص النصيب الأول بمباحث التوحيد، والنصيب الثاني بمباحث الاعتصام بالسنة والاجتناب عن البدع، وجاء الكتاب حافلا بمباحث التوحيد والسنة، وسماه المؤلف (الدين الخالص) مقتبسا اسمه من قوله سبحانه وتعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِص}، ولم يدع المؤلف آية من آيات التوحيد الواردة في القرآن إلا أتى عليها بالبيان الوافي لإثبات التوحيد الخالص، ونفي الشرك بجميع أنواعه وأصنافه، وكان غاية في الترغيب في اتباع السنة ورد البدعة بأقسامها وأطرافها، مع الرد على تحريف الغلاة وتأويل الجاهلين وإفراط المعصبين وتفريط المبطلين، فيقول في مقدمة الكتاب: ".. هذا كتاب ناطق ببيان ما دلت عليه كلمة الإخلاص والتوحيد وأفهمته من رد أنواع الضلال من الشرك والبدعة والتقليد، وهي التي جعلها إبراهيم عليه السلام كلمة باقية في عقبه موصلة أصحابها إلى دار السلام، طالما كان يخطر لي بالبال أن أحرر في تلك الدلائل صحيفة كاملة وأحبر لهذه المسائل رقيمة حافلة، ولكن يعوقني الزمان الحاضر الحائز للفتن عن البلوغ إلى هذا المرام، ولا يساعدني في الدهر الماشي على خلاف المراد على سلوك هذه السبل، سبل السلام".
"وكنت دائما بالمرصاد لانتهاز الفرص تحصيلا لهذه البغية على ما يراد، إلى أن وجت - بحمد الله وحسن توفيقه - فرصة نزرة اختطفتها من أيدي آناء الليل وأطراف النهار، وزمانا يسيرا سرقته من حركات الفلك المحدد الدوار مع هجوم الأشغال وتشتت البال من كثرة الإسقام والاعتلال واختلاف الرجال، فجعلتها لزبر هذا المرقوم على سبيل الارتجال وجناح الاستعجال بالتفصيل والإجمال، فجمعت - حسبما تمكنت وقدر ما حصلت - آيات بينات وأحاديث شريفة وردت في إثبات التوحيد ونفي الإشراك، واتباع السنة ورد البدع، مع تفسيرها الذي حرره العلماء الفحول وشرحها الذي أذعن له السلف الصالح للأمة وأئمتها بالتلقي والقبول، ضاماً إليها من مقالات أهل العلم المتقدمين منهم والمتأخرين، ما وقفت عليها جامعا لأشتات هذه الأبواب المتفرقة في الدواوين المؤلفة إليها، فجاء بحمد الله أجمع ما يجمع في هذا العلم..".
ويجد القارئ ما اشتمل عليه هذا الكتاب من المباحث الهامة من عناوين أبوابها العامة المقسمة إلى موضوعات يحتوي عليها كل باب، فدونك نماذج من ذلك:
1- باب في الآيات القرآنية الدالة على توحيد الله تعالى:
أ- أعظم آية في القرآن وأفضلها حيث قال: عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله: "أي آية من كتاب الله أعظم"؟ قال: آية الكرسي، قال: "ليهنك العلم أبا المنذر". أخرجه أحمد ومسلم، وقد ورد في فضلها غير هذا، لاشتمالها على أصول التوحيد.. الخ.
ب- دليل وجود الصانع:
سئل بعض الأعراب: ما الدليل على وجود الصانع الواحد؟ قال: إن البعرة تدل على البعير، وآثار القدم تدل على المسير، فهيكل علوي بهذه اللطافة، ومركز سفلي بهذه الكثافة؛ أما يدلان على وجود الصانع الخبير؟
وفي القرآن من دلائل التوحيد كثير، وتكرير قوله تعالى: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} للتأكيد، وفائدة تكريرها الإعلام بأن هذه الكلمة أعظم الكلام وأشرفه، وفيه حث العباد على تكريرها والاشتغال بها، فإنه من اشتغل بها اشتغل بأفضل العبادات، وبالاشتغال بها ترسخ قدم التوحيد في قلوب العباد.. الخ.
ج- رد التثليث والتقليد:
وقال الله تعالى: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ} فيه رد على من قال بالتثليث من النصارى، وقال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً}، وذلك أن النصارى عبدوا غير الله - هو المسيح - وأشركوا به، وهو قولهم: أب وابن وروح القدس؛ فجعلوا الواحد ثلاثة، {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} وتبكيت لمن اعتقد بربوبية المسيح وعزير، وإشارة إلى أن هؤلاء من جنس البشر وبعض منهم، وإزراء على من قلد الرجال في دين الله فحلل ما حللوه وحرم ما حرموه عليه، فإن من فعل ذلك فقد اتخذ من قلده ربا، ومنه: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ}..الخ.
د- أرجى آية لأهل التوحيد:
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، وهي أرجى آية لأهل التوحيد، فإنه سبحانه لم يوئسهم عن المغفرة، عن علي قال: ما في القرآن أحب إلي من هذه الآية {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً}، وعن جابر قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما الموجبتان؟ قال: "من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار". أخرجه مسلم..الخ.