العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

شهادة المراة عند الفقهاء و المفسرين.

إنضم
20 فبراير 2014
المشاركات
14
الكنية
ابو أحمد
التخصص
التفسير و علومه
المدينة
اربيل
المذهب الفقهي
الرأي الذي يكون دليله قويا.
الدراسة:-
أجمع العلماء على جواز شهادة المرأتين مع الرجل فيما كان ضمن المعاملات المالية كالبيع والإجارة والإقالة والزراعة وغير ذلك من المعاملات المالية.[SUP] ([1])[/SUP]
وذهب جمهور العلماء إلى قبول شهادتهن في المسائل التي لا تطلع عليه إلا النساء كالولادة والعدة والرضاع والإستهلال إذا كن منفردات.[SUP]([2])[/SUP]
واختلفوا في غير ذلك على خمسة أقوال:-
القول الأول:- شهادتهن مختصة فقط بالمعاملات المالية في غير ذلك لا تقبل، وهو قول علي بن ابي طالب[SUP]([3])[/SUP]، وقتادة[SUP]([4])[/SUP]، والزهري والحسن البصري[SUP]([5])[/SUP]، ومكحول[SUP]([6])[/SUP]، وبه قال الإمام مالك [SUP]([7])[/SUP]، والشافعي[SUP]([8])[/SUP]، واحمد (رحمهم الله)[SUP] ([9])[/SUP].
القول الثاني:- شهادتهن بينة في كل شيء، وهو قول عطاء بن ابي رباح[SUP]([10])[/SUP]، وبه قال ابن حزم الظاهري (رحمه الله)[SUP]([11])[/SUP]، وهذا الرأي يهدم الإجماع الذي نقله ابن المنذر في كتابه فقال:- (وأجمعوا على أن شهادتهن لا تقبل في الحدود)[SUP] ([12])[/SUP].
القول الثالث:- شهادتهن مقبولة في كل شيء إذا كان معهن الرجال إلا الزنا؛ لأنهن لا ينبغي أن ينظرن إلى ذلك، وهو قول ابن طاووس.[SUP] ([13])[/SUP]
القول الرابع:- شهادتهن مقبولة في كل شيء ما عدا الحدود والطلاق وهو قول ابراهيم النخعي.[SUP] ([14])[/SUP]
القول الخامس:- شهادتهن بينة في كل شيء إلا في الحدود والقصاص، وهو قول عمر بن الخطاب[SUP]([15])[/SUP]، الشعبـي[SUP]([16])[/SUP]، وشريح[SUP]([17])[/SUP]، وبه قال الحنفية[SUP]([18])[/SUP].[SUP]([19])[/SUP]

قالابو بكر الجصاص :- (لقضاء بشهادة الرجل والمرأتين في كل دعوى إذ قد شملهم اسم البينة ألا ترى أنها بينة في الأموال فلما وقع عليها الاسم وجب بحق العموم قبولها لكل مدع إلا أن تقوم الدلالة على تخصيص شيء منه وإنما خصصنا الحدود والقصاص لما روى الزهري قال (( مضت السنة من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والخليفتين من بعده أن لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في القصاص))[SUP] ([20])[/SUP] )[SUP] ([21])[/SUP].
وقال الكيا الهراسي:- (لا يتوهم عاقل أن قوله: [ ﭕ ﭖ ] البقرة: ٢٨٢ يشتمل على دين المهر مع البضع، وعلى الصلح عن دم العمد، فإن تلك الشهادة ليست شهادة على الدين، بل هي شهادة على النكاح، ولوشهد على المهر فيقبل، نعم لا يصير النكاح تبعا للمهر بحال)[SUP] ([22])[/SUP].

الترجيح
الرأي الراجح والله تعالى أعلم أن شهادة النساء مقبولة في جميع الأمور سواء كان متعلقا بالأموال والأبدان للأدلة الآتية:-

  1. إن دعوى الإجماع على أن الأمة اجمعوا على أن شهادة النساء لا تجوز في الحدود غير صحيح؛ لأنه ورد عن عطاء بن ابي رباح يخالف هذا الإجماع بقوله:- (تجوز شهادة النساء مع الرجال في كل شيء، وتجوز على الزنى امرأتان مع ثلاث رجال)[SUP] ([23])[/SUP].
  2. كل ما قيل في شهادة النساء ليس عليه دليل صريح وصحيح؛ لأن الحديث الذي اعتمده من أخرج الحدود والقصاص وغير ذلك بما قاله الزهري ضعيف[SUP]([24])[/SUP] لذا لا يخصص به عموم القرآن ولا يحتج به.
  3. عندنا نص في قبول شهادة النساء في المداينات وهنالك آيات أخرى طلب الشهادة على العموم دون فرق بين الرجال والنساء كقوله تعالى: [ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ] (النساء: ١٥)، وقوله:- [ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ] (المائدة: ٨)، ولا يكمن تخصيص هذه النصوص إلا بالقرآن أوالسنة الصحيحة، وما غير ذلك من أقول العلماء غير مقبولة؛ لأن العمل بعموم القرآن أولى من أقوالهم.[SUP] ([25])[/SUP]
  4. شهادة المرأتين تكون مقابل شهادة رجل واحد على العموم لوجود حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:- (( شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل))[SUP] ([26])[/SUP].
وأما في المسائل التي لا تطلع عليها إلا النساء يجوز فيها شهادتهن على الانفراد للحديث الذي سمعه ابن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمة سوداء، فقالت: قد أرضعتكما، فذكرت ذلك للنبـي (صلى الله عليه وسلم)، فأعرض عني، قال: فتنحيت، فذكرت ذلك له، قال: (( وكيف وقد زعمت أن قد أرضعتكما فنهاه عنها ))[SUP] ([27])[/SUP].


([1]) ينظر:- اختلاف العلماء للمروزي (1 / 558)، و الإجماع لابن المنذر (1 / 68)، ومختصر اختلاف العلماء (3 / 346)، واجماع الأئمة الأربعة واختلافهم (2/437)، والموسوعة الفقهية الكويتية (17 / 136)، و الكشف والبيان عن تفسير القرآن (2 / 293)، و التفسير الوسيط للواحدي (1 / 404)، ومعالم التنزيل (1 / 393)، واللباب في علوم الكتاب (4 / 495).

([2]) ينظر:- مصنف ابن أبي شيبة (4 / 329)-ر(20708)، والأم للشافعي (5 / 36)، والحاوي الكبير (11 / 401)، وبداية المجتهد ونهاية المقتصد (4 / 248)، احكام القرآن لابن الفرس ( 1/427)، والمغني لابن قدامة (10 / 136).
وخالفهم عطاء (رحمه الله ) في ذلك فقال:- لا تجوز شهادة النساء لا رجل معهن في أمر النساء أقل من أربع عدول. اخرجه الشافعي في مسنده - ترتيب السندي (2 / 182)-ر(645)، وينظر:- مصنف ابن أبي شيبة (4 / 329)-ر(20713). وهذا مذهب ابو حنيفة بعدم جواز شهادتهن إذا لم يكن معهن رجل في الاستهلال دون غيره من الأحكام. ينظر:- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4 / 14)، واجماع الأئمة الأربعة واختلافهم (2/437، 438)، والموسوعة الفقهية الكويتية (4 / 132).
وذهب زفر صاحب ابي حنيفة إلى عدم قبول شهادتهن في كل شيء إذا كن منفردات. ينظر:- المحلى بالآثار (8 / 477).

([3]) ينظر:- مصنف عبد الرزاق الصنعاني (8 / 329)-ر(15405).

([4]) قال (رحمه الله ):- لا تجوز شهادة النساء في حد، ولا نكاح، ولا طلاق. اخرجه عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه (7 / 332)-ر(13373).

([5]) ينظر:- مصنف عبد الرزاق الصنعاني (8 / 329)-ر(15402).

([6]) ينظر:- مصنف ابن أبي شيبة (4 / 515)-ر(22685).

([7]) ينظر:- المدونة (4 / 24)، والرسالة للقيرواني (1 / 132)، والكافي في فقه أهل المدينة (2 / 906).

([8]) ينظر:- الأم للشافعي (5 / 315)، والبيان في مذهب الإمام الشافعي (13 / 369)، والمجموع شرح المهذب (13 / 102).

([9]) ينظر:- مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (4 / 1589)، والكافي في فقه الإمام أحمد (3 / 17)، والشرح الكبير على متن المقنع (7 / 458).

([10]) عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: لوشهد ست نسوة على زنا مع رجل قال: «لا، إلا ثلاثة رجال وامرأتان» . اخرجه عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه (7 / 332)-ر(13371).
وقال عطاء ايضا:- «تجوز شهادة النساء مع الرجال في كل شيء، وتجوز على الزنى امرأتان مع ثلاث رجال، رأيا منه» المصدر نفسه (8 / 331)-ر(15414).

([11]) ينظر:- المحلى بالآثار (8 / 476).

([12]) الإجماع لابن المنذر (1 / 68).

([13]) ينظر:- مصنف عبد الرزاق الصنعاني (7 / 332)-ر(13372).

([14]) ينظر:- السنن الكبرى للبيهقي (10 / 250)-ر(20528).

([15]) ينظر:- سنن سعيد بن منصور (1 / 256)، ومصنف ابن أبي شيبة مصنف ابن أبي شيبة (4 / 516)-ر(22689 )، و(5 / 533)-ر(28714).

([16]) ينظر:- مصنف عبد الرزاق الصنعاني (7 / 332)-ر(13374)، وسنن سعيد بن منصور (1 / 256)-ر(876).

([17]) ينظر:- مصنف ابن أبي شيبة (4 / 515)-ر(22684).

([18]) ينظر:- النتف في الفتاوى للسغدي (2 / 636)، وتحفة الفقهاء (3 / 140)، وبداية المبتدي (1 / 154).

([19]) ينظر:- أحكام القرآن للجصاص (2 / 231).

([20]) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5 / 533)-ر(28714). هذا الحديث ضعيف لا يحتج به. ينظر:- البدر المنير (9 / 675)، وإرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (8 / 295)-ر(2682).

([21]) أحكام القرآن للجصاص (2 / 232).

([22]) أحكام القرآن للكيا الهراسي (1 / 251). ولقد نقل القرطبـي هذا الكلام في تفسيره دون افشارة إلى صاحبه. ينظر:- الجامع لأحكام القرآن (3 / 391).

([23]) اخرجه عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه (8 / 331)-ر(15414).

([24]) ينظر:- البدر المنير (9 / 675)، وإرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (8 / 295)-ر(2682).

([25]) ينظر:- إعلام الموقعين عن رب العالمين (1 / 73).

([26]) أخرجه البخاري في صحيحه – باب شهادة النساء - (3 / 173)-ر(2658). عن اب سعيد الخدري (رضي الله عنه).

([27]) أخرجه البخاري في صحيحه – باب شهادة الإماء والعبيد - (3 / 173)-ر(2659).
 
أعلى