رد: مفارقة الامام
السلام عليكم
هذه مسألة خلافية عند أهل العلم، ذهب جمهور الفقهاء - المالكية والشافعية والحنابلة - إلى أنه يجوز للمأموم أن يفارق صلاة الجماعة وينوي الانفراد إذا كان ذلك لعذر ، ولم يجز الحنفية المفارقة مطلقًا ولو بعذر.
1- أما
الحنفية فقد أجازوا سلام المقتدي قبل سلام الإمام، لكن مع الكراهة، ولا تجوز مفارقة الإمام عندهم.
2- وقال
المالكية: من اقتدى بإمام لم يَجُزْ له مفارقته من غير عذر فقط.
3- ذهب
الشافعية إلى جواز مفارقة المأموم إمامه وإكمال الصلاة منفرداً، سواء كان ذلك لعذر أو لغير عذر مع الكراهة، وهذه أصح الروايات في مذهبهم، وإلا فقد وردت روايتان كما ذكر ذلك النووي، وهما: أن ذلك جائز للعذر فقط، والثانية: أن ذلك لا يجوز مطلقاً، واستثنوا الجمعة فلا تصح نية المفارقة في الركعة الأولى منها، والصلاة التي يريد إعادتها جماعة، فلا تصح نية المفارقة في شيء منها، وكذا الصلاة المجموعة تقديماً.
4- ذهب
الحنابلة إلى إن مفارقة المأموم لإمامه تجوز لعذر، وأما لغير العذر ففيه روايتان: إحداهما: تفسد صلاته وهي الأصح، والثانية: تصح.
(هذا مذهب الحنابلة والشافعية، وفي رواياتهم اختلاف، إلا أن المشهور من مذهب الشافعية الجواز مطلقاً بعذر أو بغير عذر، وأظن أن ذلك الإطلاق للحكم جاء من كونهم يرون أن صلاة الجماعة سنة مؤكدة، وليست واجبة كما يراها الحنابلة، لهذا نجد أن الرواية المشهورة عند الحنابلة هي القول بالجواز لعذر فقط. انظر: المغنى لابن قدامة (
اضغط هنا)، والمجموع شرح المهذب للنووي (
اضغط هنا).
ودليلهم: ما ثبت في الصحيحين أن معاذ بن جبل كان يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يرجع فيصلي بقومه ، فأخر النبي -صلى الله عليه وسلم- العشاء، فصلى معاذ مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم جاء يؤم قومه ، فقرأ البقرة، فاعتزل رجل من القوم فصلى، فقيل: نافقت يا فلان، فقال: ما نافقت، فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن معاذاً يصلي معك ثم يرجع فيؤمنا يا رسول الله، وإنما نحن أصحاب نواضح ( النواضح: الإبل التي يستقى عليها ) ونعمل بأيدينا، وإنه جاء يؤمنا فقرأ بسورة البقرة فقال: " يا معاذ، أفتان أنت، أفتان أنت؟ اقرأ بكذا، اقرأ بكذا " قال أبو الزبير: بـ {سبح اسم ربك الأعلى} ، و{الليل إذا يغشى} هذا لفظ أبي داود.
فكون النبي -صلى الله عليه وسلم- غضب على معاذ وأنكر عليه الإطالة ولم ينكر على الرجل ولم يأمره بإعادة الصلاة دليل على أن مفارقة الإمام بهذا العذر جائزة.)
[الأعذار التي يجوز بها مفارقة الإمام؛ قالوا من ذلك: تطويل الإمام الصلاة، أو تركه سنة مقصودة، كتشهد أول عند من يرى أنه سنة لا واجب أو قنوت عند من يرى بسنيته، فله مفارقته ليأتي بتلك السنة، أو المرض، أو خشية غلبة النعاس، أو شيء يفسد صلاته، أو خوف ضياع ماله أو تلفه، أو ذهاب رفقته، أو إنقاذ غريق أو حريق، ونحو ذلك.
غير أنهم اختلفوا في الأعذار التي تجوز معها المفارقة ، فمن الأعذار التي تجيز مفارقة الإمام تطويل الإمام في الصلاة طولا لا يصبر معه المأموم لضعف أو شغل ففي هذه الحالة يجوز للمأموم أن يفارق الإمام وينوي الانفراد ويتم صلاته منفردا لما سبق في قصة معاذ رضي الله تعالى عنه .
وهذا العذر متفق عليه بين المالكية والحنابلة وفي الصحيح عند الشافعية .
وزاد الشافعية من الأعذار التي يجوز للمأموم أن يفارق إمامه في الصلاة أن يترك الإمام سنة مقصودة كالتشهد الأول أو القنوت فله فراقه ليأتي بتلك السنة، واعتبر إمام الحرمين أن الأعذار التي يجوز معها ترك الجماعة ابتداء تجوز معها المفارقة أثناء الصلاة .
وفي ذلك يمكنك مراجعة: الموسوعة الفقهية (38/ 246 - وما بعدها) (
اضغط هنا)]
*الحنفية قالوا: نية الاقتداء شرط لصحة الصلاة مطلقاً، هذا في غير الجمعة والعيد على المختار -لأن الجماعة شرط في صحتهما، فلا حاجة إلى نية الاقتداء عندهم، لأن الجمعة لا تصح بدون جماعة-.
استدلوا: بحديث «إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به فلا تختلفوا عليه» .. وفي رواية: (إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا ، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا ، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا).
ويُلاحظ أن: الحنفيّة توسّعوا في تطبيق هذا الأصل على كثيرٍ من المسائل.