مولود مخلص الراوي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 16 يونيو 2011
- المشاركات
- 419
- الكنية
- الراوي
- التخصص
- فقه مقارن
- المدينة
- بغداد
- المذهب الفقهي
- شافعي
( الأساليب الحسابية في حل المسائل الإرثية - قديماً وحديثاً، دراسة تطبيقية )
الملخص
الحمد لله ربِّ العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإن من فضل الله تعالى على الناس أن تولى أحكام الميراث بنفسه، فكانت قطعية الدلالة والثبوت، مما جعل معظم تلك الأحكام محل اتفاق عند جمهور الفقهاء، إلَّا أنَّ قسمة الفرائض وتوزيع الحصص أمر يقتضي معرفة دقيقة بالحساب وعلومه، فضلاً عن العلم بالفقه وأصوله، لذلك قيل عن علم الفرائض بأنَّه علمٌ مركبٌ من فقهٍ وحساب. اسباب اختيار الموضوع هو الآتي:الحمد لله ربِّ العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
§ الأول: اهتمام والدي العلامة الفرضي الشيخ مخلص حماد الراوي ( رحمة الله عليه ) بهذا العلم، الذي أخذه عن شيخه وجدي لأُمي الشيخ أحمد الراوي ( رحمة الله عليه)، المدرس الأول بمدرسة سامراء العلمية الدينية. فكان لاهتمامه ذلك الأثر الكبير في معرفتي لتفاصيل هذا العلم، ورغبتي في خدمته والمساهمة في الجهود العلمية لنشره وتيسيره للناس.
§ الثاني: قلة اهتمام المختصين بالعلوم الشرعية بهذا العلم، لارتباطه بعلم الحساب.
§ الثالث: ما وجدته من صعوبة يلاقيها دارسي هذا العلم لاعتماده أساليب ومصطلحات الحساب القديمة، مما يحرم دارسيه من استخدام خزينهم المعرفي في المراحل الدراسية الأولى. لذلك حرصت على تقديم أساليب حديثة في حل مسائل الميراث متوافقة مع المناهج الدراسية المعاصرة.
ولمتطلبات البحث قسمت الرسالة إلى ثلاثة فصول وعلى النحو الآتي:
1. الفصل الأول: ضمنته تعريف الميراث وبيان مشروعيته في الكتاب والسنة والإجماع، وبيان الحقوق المتعلقة بالتركة من تجهيز وديون، وتنفيذ وصاياه وتقسيم ما بقي من الإرث. ثم تفصيل القواعد العامة للميراث، من حجب وعول ورد، مع بيان أنواع الإرث والورثة وطريقة توريثهم عند فقهاء المذاهب الإسلامية، وذكر مواطن الاتفاق والخلاف بينهم ومناقشة الأدلة، وترجيح القول الراجح منها. ومن خلال البحث تبين أن معظم أحكام الميراث متفق عليها عند جمهور الفقهاء.
2. وتضمن الفصل الثاني: أصول علم الحساب ومراحل نشوئه وتطوره، ومساهمات المسلمين والعرب في تطوير أنظمة العدّ وحل معضلاته، وابتكار فروع من الحساب اقتضتها الحاجة العملية، كحساب الجبر والمقابلة وحساب المثلثات، كما تضمن الفصل بيان المعتمد من مفردات الحساب ومصطلحاته الشائعة في كتب الفقه عامة، وحساب الفرائض خاصة. وحصراً لما يمكن أن يقع من مسائل الفرائض وصورها.
3. وتضمن الفصل الثالث: الأساليب الشائعة في حل المسائل الفرضية، والأساليب التي يمكن اعتمادها اليوم وفقاً لقواعد الحساب ومصطلحاته المعاصرة.
وقد كشفت هذه الرسالة بأن فقه الفرائض والمواريث هو السبب المباشر في إبداع المسلمين بعلم الحساب، وابتكار ضروب منه لم تكن معروفة قبلهم، بعد أنْ أدركوا حاجتهم الى معرفة فنون الحساب اللازمة لحل مسائل الميراث والوصايا وقسمة التركات، فانطلقوا يستقرئون علوم الحساب التي توصلت إليها الشعوب المجاورة لهم من الهنود والروم والقبط، ليقينهم بأنّ الله تعالى لم يتعبدهم بطريقة محددة في إدراك المقادير، بل إنّ الغاية هي إنفاذ الفروض التي أمر الله تعالى بها، وأمَّا الوسيلة فهم أحرار باختيار ما تيسر منها، وبذل الجهد في تحصيل أدقها وانسبها لكل عصر ومصر.
· فكان نتيجة سعيهم أن عالجوا الكثير من الإشكاليات الحسابية، وأهمها أضافتهم الرقم (صفر) الى نظام العد العشري، الذي حل إشكاليات التعبير عن الأعداد، فكان ذلك أول ردهم لجميل تلك الأمم.
· ثم وجدوا أنَّ هناك من المقادير الحسابية المجهولة ما يعتمد معرفتها على معرفة مجاهيل أخرى مرتبطة بها، كما في كثير من مسائل الوصايا والدوريات، والتي يصعب استخراجها بطرق الحساب البسيطة، لذلك افترضوا لتلك المجاهيل مقادير أسموها أشياء، واوجدوا قواعد للتعامل معها حسابياً ( بالجمع والطرح والضرب ونحوه) حال كونها مجهولة، حتى نصل الى مقاديرها، وسمي ذلك الابتكار( بعلم الجبر والمقابلة) وكان مخترعه بلا منازع هو العلامة الخوارزمي(رحمه الله تعالى)، وترجم هذا العلم الى جميع اللغات، وتناقلته جميع أمم الأرض فيما بعد، وبقي الاسم العربي له هو الذي يعرف به (Algebra ).
· ولعلَّ من أهم انجازاتهم هو ابتكار الكسور العشرية، وهي التي تمثل أجزاء الواحد الصحيح، وبذلك أُكملَ النصف المفقود من النظام العشري الذي كانَ مختصاً بالأعداد الصحيحة فقط. فأصبح شاملاً لها ولأجزائها مهما تناهت في الصغر.
وهكذا يظهر واضحاً أنَّ علم الفرائض، وما يتطلبه من الحساب، كان من الأسباب المباشرة لتطور علم الحساب عامة، والذي عاد بالنفع على كل العلوم وعلى البشرية والحضارات كلها.
وتضمنت رسالتي أفكاراً لتطوير الأساليب الحسابية القديمة، واقتراحات لاستحداث أساليب حديثة في حل المسائل الفرضية منها:
· حصر النظر بين الأعداد بنظرين فقط، بدلاً من أربعة، وذلك بجعل حالات التماثل والتداخل والتوافق شيئاً واحداً، اسماه بعض العلماء بالاشتراك، وبذلك فلا يكون حاصل النظر بين أي عددين إلَّا التباين أو الاشتراك. وهذه حقيقة هامة تسهل على الدارسين عقبات كثيرة في دراسة هذا العلم، إذ أنَّ النظر في احتمالين بدلاً من أربعة يزيل عن الدارس مشقة كبيرة. كما وتحرر هذا العلم من مصطلحات غير مألوفة في عصرنا، إذ يصبح الأمر ببساطة، هو النظر في وجود قاسم مشترك بين العددين أو عدمه؟ فإن وجد فهما مشتركان ( أو متوافقان)، وإن لم يوجد فهما متباينان.
· ومن الاقتراحات، حل المسائل الفرضية باستخدام الكسور العشرية ( التي لم تكن معروفة في زمن الفرضيين الأوائل) والذي سيغني عن التصحيح واشكالياته وتعقيداته. وقدمت الرسالة طريقة متكاملة لتحقيق ذلك.
كما تضمنت هذه الرسالة إيضاحاً لطريقة نفيسة في حل مسائل المناسخة متعددة الوفيات بجامعة واحدة، تمتاز بالاختصار عن الطريقة الشائعة التي تتعدد فيها الجامعات بعدد الوفيات، إلَّا أنَّ هذه الطريقة المنسوبة الى الإمام ابن عرفة التونسي لم يشيع استخدامها، ولم تذكر إلَّا في القليل من كتب الفرائض.
وفي الختام أتمنى أن تكون هذه الرسالة سبباً لتطوير أساليبً حل المسائل الفرضية، بما يتناسب مع الشائع من المفاهيم الحسابية المعاصرة ، ودافعاً لتحقيق المسائل الجبرية في كتب الفرائض، وإعادة صياغتها بالمعادلات وبصياغة جبرية حديثة لتيسير إظهار تلك الكنوز الدفينة، فإنَّ لنا تراثاً زاخراً ينبغي أنْ نحفظه ونطوره ونصونه ونفخر به.
والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه، وآخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين.
التعديل الأخير: