العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

النظر لحال المستفتي ومآله وتأثيره على الفتوى : (فقه تغيير المنكر) اللمعي

انضم
8 أبريل 2012
المشاركات
55
الكنية
كلية الامام الاعظم الجامعة
التخصص
أصول فقه
المدينة
سامراء
المذهب الفقهي
مالكي
إن فقه الواقع ليس معزولاً عن ضوابط الدرس الأصولي وأدواته ، وإنما هو نظرة تفعيلية لجميع أدوات الدرس الأصولي ، وذلك من خلال الاستنجاد بتلك الأدوات ومحاولة تفعيلها في محال معينة ، غلب الظن بتقديم أداة على أداة أخرى لقيام مرجح لذلك .وهذا التحريك لأدوات الدرس الأصولي من خلال العدول عن تطبيق قاعدة على فرع ؛ بقاعدة أخرى تؤدي مقاصد الشرع أكثر نفعاً ودرئاً لمفاسد حاقة .
وقد سجلت المدونات الفقهية نماذج رائعة لتفاعل الفقهاء مع الواقع ، ومدى نزول الفتوى إلى تأثيرات الوقائع ؛ احتواء للفرع الجزئي ، مقابل الحفاظ على الدليل الكلي .والحادثة الشهيرة مع الإمام ابن تيمية حين رأى التتار يشربون الخمر ، وحاول أصحابه أن ينكروا عليهم شرب الخمر ، باعتباره منهياً عنه للمفاسد التي يتضمنها شربه .فكان اجتهاده أكثر واقعية ونظراً لمآلات الفتوى حيث قال : دعهم ، فإنما حرم الله الخمر ؛ لأنها تصد عن ذكر الله ، وعن الصلاة ، وهؤلاء تصدهم الخمر عن سفك الدماء ونهب الأموال[1] .ويبين الإمام ابن القيم لتغيير المنكر أربع مراتب تتجاذبه : فإما إنكار يؤدي إلى تغيير المنكر بدون مفسدة وهذا هو المطلوب ، وإنكار يؤدي إلى تقليل المنكر دون مفسدة تصاحبه وهذا أيضا مطلوب ، وإنكار يؤدي إلى إزالة المنكر لكن مع مفسدة تساويه وهذا محل اجتهاد ، وإنكار يؤدي إلى منكر أكبر وهذا ليس مشروعاً ، بل هذا حرام بمعنى أن المطلوب هنا هو عدم الإنكار ، وأن تطبيق الشريعة هنا هو ترك تطبيق الجزئية لوجود كلية تعارضها [2].وفتوى الإمام ابن تيمية تضمنت مراعاة جانبين مهمين:الأول : تغيير فتواه حسب حال المفتى في أمرهم .الثانية : مراعاة مقاصد الشريعة في التحريم والتحليل ، وعدم الوقوف عند ظواهر النصوص وحدها ، فهو سكت عن منكر ، مخافة منكر أكبر منه [3].
وهنا تأصيل من الإمام ابن تيمية بتأثير حال المفتى فيهم على الفتوى ، فقد استنجد بقواعد الموازنة بفقه الأولويات ، للنظر في هذه الحادثة من خلال النظر إلى حال المفتى في أمرهم ، المحكوم فيه ـ حسب عبارة الأصوليون ـ وكذلك الموازنة بين المفسدة الجزئية والمفسدة الكلية ، وبين النظر للمفسدة الجزئية والنظر لمآلات المصلحة الكلية ، وما يمكن استدراكه ، وما لا يمكن تفويته .#لمعيات
___________________________________________________________________
[1] ينظر : إعلام الموقعين عن رب العالمين ، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد ابن القيم الجوزية ، (تـ 751هـ) ، تحقيق : محمد عبد السلام إبراهيم ، ط (1) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، (1411هـ 1991م) ، (3/13) .
[2] ينظر : اعلام الموقعين ، (3/3) .
 
أعلى