العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

هام النظر لحال المستفتي ومآله وتأثيره على الفتوى : (فقه تغيير المنكر) اللمعي

إنضم
8 أبريل 2012
المشاركات
60
الكنية
كلية الامام الاعظم الجامعة
التخصص
أصول فقه
المدينة
سامراء
المذهب الفقهي
مالكي
إن فقه الواقع ليس معزولاً عن ضوابط الدرس الأصولي وأدواته ، وإنما هو نظرة تفعيلية لجميع أدوات الدرس الأصولي ، وذلك من خلال الاستنجاد بتلك الأدوات ومحاولة تفعيلها في محال معينة ، غلب الظن بتقديم أداة على أداة أخرى لقيام مرجح لذلك .وهذا التحريك لأدوات الدرس الأصولي من خلال العدول عن تطبيق قاعدة على فرع ؛ بقاعدة أخرى تؤدي مقاصد الشرع أكثر نفعاً ودرئاً لمفاسد حاقة .
وقد سجلت المدونات الفقهية نماذج رائعة لتفاعل الفقهاء مع الواقع ، ومدى نزول الفتوى إلى تأثيرات الوقائع ؛ احتواء للفرع الجزئي ، مقابل الحفاظ على الدليل الكلي .والحادثة الشهيرة مع الإمام ابن تيمية حين رأى التتار يشربون الخمر ، وحاول أصحابه أن ينكروا عليهم شرب الخمر ، باعتباره منهياً عنه للمفاسد التي يتضمنها شربه .فكان اجتهاده أكثر واقعية ونظراً لمآلات الفتوى حيث قال : دعهم ، فإنما حرم الله الخمر ؛ لأنها تصد عن ذكر الله ، وعن الصلاة ، وهؤلاء تصدهم الخمر عن سفك الدماء ونهب الأموال[1] .ويبين الإمام ابن القيم لتغيير المنكر أربع مراتب تتجاذبه : فإما إنكار يؤدي إلى تغيير المنكر بدون مفسدة وهذا هو المطلوب ، وإنكار يؤدي إلى تقليل المنكر دون مفسدة تصاحبه وهذا أيضا مطلوب ، وإنكار يؤدي إلى إزالة المنكر لكن مع مفسدة تساويه وهذا محل اجتهاد ، وإنكار يؤدي إلى منكر أكبر وهذا ليس مشروعاً ، بل هذا حرام بمعنى أن المطلوب هنا هو عدم الإنكار ، وأن تطبيق الشريعة هنا هو ترك تطبيق الجزئية لوجود كلية تعارضها [2].ويبن الشيخ يوسف القرضاوي بأن فتوى الإمام ابن تيمية تضمنت مراعاة جانبين مهمين:الأول : تغيير فتواه حسب حال المفتى في أمرهم .الثانية : مراعاة مقاصد الشريعة في التحريم والتحليل ، وعدم الوقوف عند ظواهر النصوص وحدها ، فهو سكت عن منكر ، مخافة منكر أكبر منه [3].
وهنا تأصيل من الإمام ابن تيمية بتأثير حال المفتى فيهم على الفتوى ، فقد استنجد بقواعد الموازنة بفقه الأولويات ، للنظر في هذه الحادثة من خلال النظر إلى حال المفتى في أمرهم ، المحكوم فيه ـ حسب عبارة الأصوليون ـ وكذلك الموازنة بين المفسدة الجزئية والمفسدة الكلية ، وبين النظر للمفسدة الجزئية والنظر لمآلات المصلحة الكلية ، وما يمكن استدراكه ، وما لا يمكن تفويته .#لمعيات
___________________________________________________________________
[1] ينظر : إعلام الموقعين عن رب العالمين ، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد ابن القيم الجوزية ، (تـ 751هـ) ، تحقيق : محمد عبد السلام إبراهيم ، ط (1) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، (1411هـ 1991م) ، (3/13) .
[2] ينظر : اعلام الموقعين ، (3/3) .
[3] تيسير الفقه للمسلم المعاصر في ضوء القرآن والسنة ، الدكتور يوسف القرضاوي ، ص (100) .
 
أعلى