العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

هام مخالفات ترتكب في حق الورثة بقصد حرمانهم من الميراث

إنضم
3 فبراير 2012
المشاركات
15
الكنية
ام ابراهيم
التخصص
فقه واصوله
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
مخالفات ترتكب في حق الورثة
بقصد حرمانهم من الميراث
الحمد لله المالك المتفرد في الملك، نحمدُه على ما بسط وقسم، ونشكره على ما وهب وعلم، الوارث الحق لما في السموات والأرض القائل في كتابه:( وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) [SUP]([1])[/SUP].
والصلاة والسلام على سيدنا محمد عبده ورسوله الذي بَيّن ما أنزل إليه من ربه غاية التبيين، وأمر بتنفيذ أحكام المواريث على ما شرعه الله، ناسخا بشرعه كل شرع غابر.
فالحقوق منحة من الله للخلق، والحق لا يكون حقا إلّا إذا أقره الشارع وحكم بوجوده، والميراث حق يثبت للمستحق بعد موت من كان له ذلك الحق لقرابة بينهما أو نحوها، فكل ما كان مملوكاً للشخص قبل وفاته من الأموال والمنافع، فهي تعتبر من التركة وتنتقل إلى الورثة كلا حسب نصيبه الذي يستحقه، لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم)): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ( رضي الله عنه))، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم )): « مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ »[SUP]([2])[/SUP].
فآيات المواريث لم تقيد نوع الإرث بل تركت النص مطلقاً، كما جاء في قوله تعالى:( مما ترك ) [SUP]([3])[/SUP]( مما تركتم ) [SUP]([4])[/SUP]، أي من جميع ما يتركه الميت من الأموال والحقوق والمنافع.
والعلم المختص بتقسيم التركة هو علم الفرائض(فقه المواريث) وهو من أجل العلوم الشرعية وأعلاها منزلة، إذ هو من الفقه في الدين، وبه يعرف من يرث ممن لا يرث، وبه تثبت الأحكام وتصل الحقوق إلى أصحابها، فالميراث خلافة في المال وطريق مشروع من طرق الحصول عليه، فقد امتاز نظام التوريث في الإسلام، بأنّه أعدل النظم وأحكمها لموافقته للفطرة البشرية، بتحقيقه الملكية الفردية، وحرية الانتفاع بها، وليس هناك تشريع سابق للإسلام أو لاحق له، وصل في عدله كما هو الحال في النظام الإسلامي، سواء في الميراث وغيره.
فالميراث اكتساب إجباري ليس كغيره من الحقوق كالهبة والنفقة ونحوها.( فلا يسقط بإسقاط الوارث، كما لا يؤثر فيه قَصْد الموِّرث إلى الحرمان، فلو أعلن إنسان وسجل حرمان أحد ورثته، أو تفضيل بعضهم على بعض في النصيب الإرثي لم يكن لحرمانه أو تفضيله من أثر).
قال الفقهاء الملك نوعان:


  • [*=2] أحدهما اختياري: وهو ما يملك رده كالشراء والهبة والوصية.
    [*=2] وثانيهما قهري(اضطراري): لا يملك رده وهو الإرث.
وبهذا فحقوق الورثة حقوق ثابتة بحكم الشارع لا بإرادة المورث ومن غير إرادة الوارث. فلا يحق للوارث عدم قبوله لأنّه يدخل في ملكه من غير إرادته وحتى إذا استغنى عنه, أُخْرج نصيبه من التركة ووهبه لمن يشاء باختياره ورضاه دون إكراه, إلاّ في الوصية فمن حق الموصي أنْ يوصي للموصى له بمقدار محدود وهو ثلث التركة، لأنّ الوصية خلافة اختيارية ليتدارك الموصي ما فاته في حياته من واجبات.
وهنالك مخالفات ومحرمات ترتكب في حق الورثة بشكل عام وفي حق المرأة بشكل خاص بقصـد حرمانهم من الميراث, وهذه الأفعال هي أثر من آثار وشوائب الجاهلية تحاك في صدور البعض, لابتعادهم عن أحكام الإسلام، فالاعتداء على حقوق الآخرين بطمع أو نحوه يعد تعسفاً، ويؤدي إلى مفسدة, وهي عدم إيصال الحقوق لأصحابها, وإنّ مآلات أفعال الناس بتحقيق مصلحة شخصية فقط دون النظر إلى حق الغير فيه مخالفة شرعية، لأنّها غاية الأنانية، فحقوق الناس محافظ عليها شرعاً, وهي حق الله تعالى, فكيف يتحقق العدل بدون رعاية تلك الحقوق. والشريعة الإسلامية وضعت حدوداً لتأدية الحقوق وحرمت الاعتداء عليها بالمجاوزة والحرمان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):« مَنْ قَطَعَ مِيرَاثًا فَرَضَهُ اللَّهُ، قَطَعَ اللَّهُ مِيرَاثَهُ مِنَ الْجَنَّةِ»[SUP]([5])[/SUP].
فعند تقسيم التركة, يجب تقسيمها وفق ما شرعه الله تعالى لتحقيق معنى العدل, لأنّ الله تعالى هو العدل وقد أعطى كل ذي حق حقه لقول النبيّ( صلى الله عليه وسلم))« إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ »[SUP]([6])[/SUP]، وأنّه تعالى قدر كل شيء تقديراً لحكمته فلا يجوز الغمط والاحتيال لسلب حقوق الآخرين. ومن الملاحظ أنّ حق الورثة اليوم ضائع بين شرع منزل وحق معطل، فالتركة هي حق للبنين والبنات، ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) [SUP]([7])[/SUP]، وهذه الآية الكريمة تدل على أمر رباني، فلا يجوز أنْ يخص الذكور بالإرث دون الإناث، فهذا منكر وهو من أعمال الجاهلية الذين كانوا لا يورثون النساء والصبيان. قال صاحب الكشاف في تفسيره لهذه الآية:
(كفى الذكور أنْ ضوعف لهم نصيب الإناث، فلا يتمادى في حظهن حتى يحرمن مع إدلائهن من القرابة بمثل ما يدلون به)[SUP]([8])[/SUP].
وعليه تناولت بعض المخالفات التي ترتكب في حق الورثة بقصد حرمانهم من الميراث، معتمدة على قضايا ومشاكل واقعية تواجه الناس يومياً، رصدتها في مجتمعنا من خلال دراسة أجريتها على شريحة من الورثة. ومن الممكن إجمال أهم أسباب الحرمان من الميراث: الأعراف والتقاليد الاجتماعية في تفضيل الذكور على الإناث وهيمنتهم عليهن، وكذلك جهل أغلب النساء بحقوقهن الشرعية والقانونية.
أهم المخالفات التي ترتكب في حق الورثة في مجتمعنا العراقي:
1.تقسيم المالك(المورث) ثروته في حياته إلى الذكور من أولاده دون الإناث، بقصد حرمانهن من الميراث بعد وفاته, وذلك عن طريق الهبة أو التمليك (بالبيع الصوري).
¤ الواجب على الآباء العدل بين أولادهم في العطاء، فقد ثبت في الحديث الصحيح الذي يرويه النعمان بن بشير (رضي الله عنه) وهو على المنبر يقول (( أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لاَ أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم))، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟»، قَالَ: لاَ، قَالَ: « فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ»، قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ))[SUP]([9])[/SUP].​
2.استحواذ بعض الأبناء (كالابن الأكبر غالباً) على الميراث بحجة أنّه هو الذي ساهم أو ساعد في تكوين ثروة والده دون الآخرين. أو بحجة أنْ تبقى التركة على حالها لأنّها أثر أو تراث من الوالد لتخليد ذكراه.
¤ فمن الواجب على الأب أنْ يبين لورثته ماله وما عليه، ويبين حق ولده إنْ كان له مثل هذا الحق ولا يترك الأمر مشاعاً بينه وبين باقي أولاده, لأنّ هذا الغموض سيوقع بقية الأبناء في حرج لتحديد حقيقة حق والدهم الذي آلَ إليهم ميراثه.​
¤قال تعالى (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا [SUP]([10])[/SUP]. فالآية فيها دلالة واضحة على أنّ الله تعالى خص الرجال بنصيبهم من الميراث، وكذلك خص النساء بنصيبهم من الميراث، فلا يجوز أنْ يتعدى أحد على نصيب الآخر إلّا إذا تنازل الآخر عن حقه إلى أحد ذويه من غير تلميح أو تلويح، فإنْ طابت أنفسهم للأخ الأكبر بشيء من أنصبتهم وتنازلوا عن ميراثهم أو بعضه فلا حرج عليهم. وإنْ لم يتنازلوا فعلى من استحوذ على التركة أنْ يقدر قيمة العقار الذي استغله ويخرج أجرة المثل من وقت وفاة المورث، لتوزع على الورثة كلاَ حسب نصيبه من التركة.​
3.التزوير بالوثائق, وخاصة المتعلقة بحصر الورثة واستبعاد بعض الورثة (ومنهم الإناث بقصد حرمانهن من الميراث) وإصدار القسامات الشرعية المقتصرة على ذكر أسماء معينة لبعض الورثة دون البعض الآخر.
¤ وقد انتبهت السلطات القضائية العراقية لمثل هذه الحالات, فاشترطت لإصدار القسام الشرعي تقديم صورة قيد للسجل المدني للعائلة, لضمان إدراج جميع المستحقين للميراث.​
4. إدعاء وجود وصية لبعض الأقارب لحيازة جزء من التركة, كأنْ يدعي أحد الأبناء بأنّ والده أوصى لأحفاده أي:( أولاد المدعي) وبذلك يضمن نصيباً من التركة إضافة لنصيبه, وبقصد تقليل حصص باقي الورثة (الإناث منهم غالباً).
5. التلفيق[SUP]([11]) [/SUP]بين المذاهب في المسائل المختلف فيها واختيار ما يوافق مصلحة وهوى الوارث, كميراث البنت المنفردة عن أخيها (العاصب)[SUP]([12])[/SUP] بوجود عصبة من أخوة المتوفى، فالفقه الحنفي يقضي بأنّ النصف الباقي بعد فرض البنت يكون من حصة العصبة (الأخوة), فيما قضى الفقه الجعفري بأنّ النصف الباقي يرد على البنت لترث التركة جميعاً, وحيث إنّ القانون العراقي يعتمد الفقهين وبضوابط غير واضحة في كيفية اعتماد أي منهما، مما يُمًّكِن بعض الورثة من اختيار ما يوافق مصلحته.
¤ وإنْ كان المشرع العراقي قد عالج هذه المسألة بالذات لكثرة ما حصل فيها من نزاعات, بإصدار التعديل الثاني لقانون الأحوال الشخصية رقم (21) لسنة 1978م[SUP]([13])[/SUP]، والذي جعل الباقي يرد على البنت في مثل هذه المسألة( أي بما يوافق الفقه الجعفري).​
6.حرمان الزوجة من حقها في الصداق المؤجل عند وفاة زوجها أو اعتباره جزءًا من التركة فيقسم من ضمنها.
¤ فصداق الزوجة المؤجل دين في ذمة الزوج يجب الوفاء به وتأديته لها قبل تقسيم التركة لإبراء ذمة الزوج منه.​
7. ربما يوقف المالك جميع ماله لجهة معينه دون ورثته، دون مراعاة لحقوق ورثته، وهذا إجحاف بحقهم.
¤ قال تعالى (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا )[SUP]([14])[/SUP].​
8.قد يوصي المورث بتركته إلى أشخاص آخرين أو جمعية لقصد الأضرار بالورثة.
¤ قال تعالى ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ) [SUP]([15][/SUP][SUP])[/SUP]. قال ابن كثير( رحمه الله) في تفسيره: (لتكون وصيته على العدل، لا على الإضرار والجور والحيف بأنْ يحرِم بعض الورثة، أو ينقصه، أو يزيده على ما قدر الله له من الفريضة، فمتى سعى في ذلك كمن كان ضاد الله في حكمته وقسمته، ومتى كان حيلة ووسيلة إلى زيادة بعض الورثة ونقصان بعضهم، فهو حرام بالإجماع)[SUP]([16]) .[/SUP]​
9.تهديد المرأة من قبل الوارثين بالتنازل لهم عن نصيبها من الميراث، إمّا بمساومتها للتخلي عن ميراثها حياءاً، أو أكراهاً بتفريقها من زوجها أن طالبت هي بالإرث. وكلاهما فيه تنازل عن حقها، وغصب لأموالها.
¤ قَالَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم)):(لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ)[SUP]([17])[/SUP].
¤ قالَ الإمام الغَزَالِيُّ(رحمه الله): ( الغَصْبُ نَوْعَانِ:​


  • [*=2]أحدهما:غصبُ استيلاء
    [*=2] وثانيهما: وغصبُ استحياء
فغصبُ الاستيلاء أَخذُ الأموال على جهة الاستيلاء والقهر والغلبةِ، وغصب الاستحياء هو أخذه بنوع من الحياء، قال وهما حرامانِ لأنّه لا فرق بين الإكراه على أخذ الأموال بالسّياط الظاهرة وبين أخذهِ بالسِّياط الباطنة )[SUP]([18])[/SUP] .
10. ربما تكون قلة التركة سبباً لحرمان المرأة من الميراث.
¤ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ( (رضي الله عنه) عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَاللهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ»[SUP]([19]).[/SUP]​
11. حرمان المرأة من الميراث بسبب بعض الأعراف والعادات والتقاليد القبلية السائدة في بعض القرى والأرياف بشكل عام لاعتقادهم أنّ الأموال ستذهب إلى آخرين(الأصهار)، ورفضهم أنّ تملك المرأة ذمة مالية خاصة بها.
¤ قال تعالى ( قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ) [SUP]([20])[/SUP] لذا نرى الكثير من النساء يئنون من وطأة الفقر والحاجة بسبب تلك الأعراف الجائرة. ومن خلال الاستبيان الذي أجريته على شريحة اجتماعية تتكون من (100) امرأة وموزعة على عدة مدن، وذلك عبر استمارة تضمنت معلومات تفصيلية، لاحظت ظهور السخط والألم الكبير عليهم، وإثارة أشجانهم من هضم لحقوقهم، وذلك بسبب ظغوط أولياءهم عليهم للتنازل عن أنصبتهم من الميراث وحرمانهم منه.​
¤ وقد أظهر الاستبيان نتائج منها ما يلي:
1. بلغت نسبة من استلموا ميراثهم فعلاً 12٪ فقط .( وأمّا نسبة 88 ٪ فإنّهم لم يستلموا ميراثهم).
2. وتوزعت أسباب عدم استلام ميراثهم، كما يلي:​
40٪ عدم المطالبة بحقها من الميراث مراعاةً لظروف بعض الورثة.
20٪ عدم المطالبة به حياءً.
20 ٪ اليأس من الحصول عليه بسبب العرف الاجتماعي (المتمثل بعدم إعطاء النساء شيئاً من الميراث).
20 ٪ أسباب أخرى منها:​
¤ وجود شراكة بين بعض الورثة والمتوفى تجعل أمر فصل التركة صعباً.
¤ مماطلة بعض الورثة المستفيدين من بقاء الميراث مشاعاً.
¤ الجهل بمعرفة الحقوق.
¤ التنازل عن الميراث بتأثير الترغيب أو الترهيب.
¤ تحايل بعض الورثة بقصد حرمان الآخرين ( بالتزوير أو البيع الصوري وادعاء الهبة ... وما شابه ذلك).​
3. وأمّا الأمل في الحصول على الميراث ولو مستقبلاً.​
¤ فإنّ 50 ٪ يأملن ذلك، فيما أظهر 50 ٪ اليأس من ذلك.​
12. اعتبار المرأة التي تطالب بحقها من الميراث أنّها سيئة الخلق وتجاوزت حدود الأدب مع أخوتها وذويها, لذا وجب حرمانها منه، ولهذا فعليها الصمت وعدم المطالبة.
¤ جاء في المنهاج شرح صحيح مسلم للنووي (رحمه الله) (مَنْ سَكَتَ عَنِ الْحَقِّ فَهُوَ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ)[SUP]([21])[/SUP].​
13. حصول نزاع بين الإخوة بإدعاء كل منهم بأنّه الوصي على إخوته، وخاصة أخواته الإناث بقصد الاستحواذ على أنصبتهن من الميراث.
¤ قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) [SUP]([22])[/SUP]، فالبالغ العاقل سواء كان ذكر أو أنثى لا يحتاج إلى وصي.​
14. إنّ تأخير تقسيم التركة جيل بعد جيل يحرم مستحقيها الأصليين منها، حتى يلتبس على الناس من هو صاحب الحق من غيره, وربما يستفيد من التركة أحد الأقرباء الأباعد وحرمان من هو أقرب منه.
¤ فمن الواجب على الورثة تعجيل قسمة التركة حتى لو كان هناك من ورثة المتوفى حمل، وعدم الانتظار لفترة إتمام مدة الحمل، لما في ذلك من إضرار بالورثة وتأخير لانتفاعهم بميراثهم، وقال الفقهاء(رحمهم الله) في ميراث الحمل: ( وَإِنْ طلب الْوَرَثَة الْقِسْمَة أَي قسْمَة التَّرِكَة لم يجبروا على الصَّبْر).​
وقيل:( فإنّ الميت إذا كان من ورثته حمل، فلا شك أنّه يحسب حسابه في الميراث، فيوقف له نصيبه من التركة حتى يظهر حاله، لانفصاله حياً، أو ميتاً ويعامل الورثة بالأضر، فيعطى كل واحد من الورثة المتيقن من نصيبه، ويوقف الباقي إلى ظهور حال الحمل).
¤ وهكذا نلاحظ إنّ الفقهاء لم يجيزوا تأجيل قسمة التركة، فإنْ طالب بها بعض الورثة حتى وإنْ كان هناك مبررا للتأخير كوجود الحمل، فكيف يجوز تأخيرها لسنين وعقود حتى تضيع قيمتها، ويزداد أعداد الورثة بالانتقال المستمر إلى الأجيال القادمة فتتلاشى قيمة التركة بالاندثار أو التبديل، ويلتبس الأمر حتى لا يعرف لمن تعود الحقوق.​
الآثار التي يتركها حرمان الورثة من التركة:
1. معصية الله ورسوله، قال تعالى (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ) [SUP]([23])[/SUP].
2. الاعتداء والظلم على حقوق الآخرين، قال تعالى ( وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ) [SUP]([24])[/SUP].
3. القطيعة لصلة الأرحام.
4. تعريض الأسرة أو الأفراد إلى الفقر والعوز بسبب ذلك.
ولمعالجة تلك المخالفات يجب مراعاة ما يلي:
1. الدعوة إلى توجيه الناس وتوعيتهم من قبل الدعاة والعلماء بمعرفة الحقوق الشرعية والقانونية للجميع، وتصحيح المفاهيم الخاطئة المتوارثة عن بعض الأعراف والتقاليد، وذلك بترسيخ أسس علم الفرائض بأيسر الأساليب، والتحذير من الظلم والاستبداد والتجاوز على حقوق الورثة بحرمانهم من الميراث بحيلة أو إكراه.
2. تعجيل قسمة تركة المتوفى وتوزيعها على مستحقيها وحسم الأمر بين الورثة.
3. اهتمام المختصين من فقهاء وقضاة وقانونيين، وعموم أفراد المجتمع، ومنهم الذكور خاصة، بضمان حقوق المرأة وحسم قضايا ميراثها وغيره، والالتفات إلى حالها وما عانته وتعانيه من جراء الحروب والكوارث التي ألمت بالأمة الإسلامية والعراق خاصة، فكانت المرأة الخاسر الأكبر فيها، لما خلفته هذه المحن من ويلات من الحرمان والفقر والعوز والترمل.
4. تفعيل دور المنظمات الحقوقية والاجتماعية التي تحمي المرأة وتحفظ لها حقها.
وختاما أسال الله تعالى أنْ أكون قد وفقت بتقديم ما هو نافع ، وأنْ يرفعني بهذا الجهد المتواضع وينفع به، فما كان به من صواب فهو فضل من الله، وما كان به من خطأ فهو من نفسي. وآخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
رقية مالك الراوي
ماجستير فقه مقارن
بغداد / 2014​
مرفق ملف بالبحث بصيغة pdf ( والملف مباح لكل مسلم : نشره وطباعته وتوزيعه)​

([1]) ( سورة آل عمران: من الآية 180).
([2]) الحديث متفق عليه أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما.
([3]) ( سورة النساء: من الآية 7).
([4]) ( سورة النساء: من الآية 12).
([5]) أخرجه سعيد بن منصور، وابن ماجه في السنن
([6]) أخرجه أبو داود في السنن، والترمذي في الجامع، والنسائي في السنن الكبرى.
([7]) ( سورة النساء: من آية 11).
([8]) تفسير الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: ص223.
([9]) الحديث متفق عليه أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
([10]) ( سورة النساء: آية 7 ) .
([11]) التلفيق: الضم والجمع والملائمة، ويقال لفق بين الثوبين لائم بينهما بالخياطة، والحديث زخرفه وموهه بالباطل فهو ملفق.
([12]) العاصب: هو أقرب رجل ذكر لا يتوسط بينه وبين الميت أنثى فلا يعد منهم الخال وابن الأخ لأم.
([13]) التعديل الثاني رقم (21) لسنة 1978 المنشور في الوقائع العراقية العدد (2639) في 20/2/1978، لقانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959م، ص58.
([14]) ( سورة النساء: آية 9 ).
([15]) ( سورة النساء: من الآية 12 ).
([16]) تفسير ابن كثير: 2/ 212.
([17]) أخرجه أحمد بن حنبل في المسند، وأبو يعلى في مسنده، والبيهقي في السنن.
([18]) الفتاوي الفقهية الكبرى: 4/112.
([19]) أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده والنسائي في السنن الكبرى قال النووي إسناده صحيح.
([20]) ( سورة الشعراء: آية 74 ).
([21]) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ، ص 245).
([22]) ( سورة النساء: من آية 29 ).
([23]) ( سورة النساء: من الآية 14).
([24]) ( سورة الفرقان: من الآية 19).
 

المرفقات

  • مطوية مخالفات.pdf
    273.4 KB · المشاهدات: 0
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مخالفات ترتكب في حق الورثة بقصد حرمانهم من الميراث

جزاك الله خيرا أختنا الفاضلة
موضوع مهم ونتائج محزنة فأين سلطان ولي الأمر
في نزع الحق لصاحبه
 
إنضم
3 فبراير 2012
المشاركات
15
الكنية
ام ابراهيم
التخصص
فقه واصوله
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات ترتكب في حق الورثة بقصد حرمانهم من الميراث

موضوع مهم ونتائج محزنة، فأين سلطان ولي الأمر في نزع الحق لصاحبه ؟
شكرا لك أختي الفاضلة أم طارق
سلطان ولي الأمر في إحقاق الحقوق يتطلب وجود نظام الحسبة، والمحتسب الذي يراقب التعاملات ويرصد المظالم ويسعى لردها وإحقاق الحقوق – وهذا الأمر مفقود في الوقت الحاضر في معظم الدول العربية والإسلامية ، فالنظام القضائي الحالي يعتمد على مبدأ تحريك الدعوى – فالقاضي ينظر في الشكاوى والمظالم التي ترفع إليه – وهو غير مكلف بالنظر في أي مظلمة عداها.
وعند رفع الطلب الى المحاكم من وارث يطالب بحقه من ارث مشاع، والذي غالبا ما يكون عقارا ، فليس للقاضي إلا إجراء وحيد وهو إزالة الشيوع بالبيع للعقار. وهذا الإجراء قد يكون فيه ضرر للورثة المنتفعين به ، وربما يؤدي الى تشردهم او قطع مصدر رزقهم إن كان أرضا زراعية. لذلك يحجم الوارث المتضرر عن اللجوء الى المحاكم لعلمه بالضرر الكبير الذي سيلحقه بالعائلة .
وهكذا يبقى أمر توزيع التركات معلقا لعقود طويلة بسبب عدم رفع الدعوى الى المحاكم والتحرج من المطالبة بالحقوق ( وخاصة من النساء – حال كونهنّ بموقع البنات اوالاخوات )
وعليه فان الدور في إحقاق هذه الحقوق يجب أن يبادر إليه الرجال من الورثة ، ويجب أن تشجع إليه النساء ( حال كونهنّ بموقع الزوجات او الامهات ) .
فأقول وبصراحة ملتمسة العذر مقدما من أخواتي ، بان النساء هنّ الأكثر سلبية في عدم توزيع الميراث الى مستحقيه، فهن مظلومات في حال، مقصرات في حال آخر .
· مظلومة حال كونها بنتا او أختا، لتحرجها من مطالبة إخوتها او أهلها بميراثها.
· ومقصرة حال كونها أماً فلا تحث أبنائها لإعطاء حقوق إخوتهم وأخواتهم – بحجة بقاء بيت العائلة او ما شابه ذلك – فيبقى بعض الأولاد منتفعا بالإرث المشاع ويحرم منه الآخرون وخاصة البنات.
· ومقصرة حال كونها زوجةً فلا تشجع زوجها بمنح إخوانه وأخواته لحقوقهم – بحجة أنها هي الأخرى لم تحصل على ميراثها من أهلها – او حاجتهم للمعيشة في الإرث المشاع .
والحاصل أن الأمر يتطلب التوعية الدينية والاجتماعية ، وحث الناس على توزيع المواريث ( التي هي حدود الله ) سواء طالب بها الورثة او لم يطالبوا ، وان انفراد بعض الورثة بذلك سيرتب عليهم إثما توعد الله مرتكبه بالعذاب المهين.
 
أعلى