العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

خاتمة كتاب : دليل السالك على أسهل المسالك

إنضم
8 سبتمبر 2014
المشاركات
34
التخصص
علوم شرعية
المدينة
تمنراست
المذهب الفقهي
مالكي
تمّ بحمد الله تعالى وتوفيقه شرح كتاب أسهل المسالك؛ الذي أسميناه: دليل السالك على أسهل المسالك. وقد تتبعنا فيه خُطا الناظم، وتوقّفنا عند كلّ مواضيعه بالشرح، والتعليق، والتدليل على المسائل، حيث اقتفينا أثره بابا بابا، حتى أتينا على جميعه، فلم نترك منه بعد المقدّمة إلا: باب أصول الدين؛ وبيّنا العلة في ذلك في مقدّمتنا التي افتتحنا بها هذا الشرح؛ كما تركنا أيضا الباب الأخير الذي ختم به الناظم رحمه الله تعالى كتابه تحت اسم: باب جمل من الفرائض والسنن والآداب.
والذي جعلنا نتركه هو كون جميع مسائله هي من المسلّمات التي لا تحتاج إلى مناقشة، أو إقامة دليل؛ لتعلّقها في مُجملها بفضائل الأعمال. ولمّا لم نر للطالب فيها كثير منفعة، ولا عظيم فائدة من حيث معرفة أصول المسائل، ومقابلة الأدلة المختلفة؛ ترجّح عندنا أن الترك أفضل، وذلك حتى لا نُطيل على القارئ بما قد ينتج له عنه ملل أو سآمة، ومعلوم عند الجميع أن خير الكلام ما قلّ ودلّ.
وبعد هذا فإني أقول وبالله التوفيق: إني قد بذلت ما في وسعي من أجل أن أوصل المسائل إلى الطالب على نحو ما كنت قد التزمت في المقدّمة، من الاختصار، وتجنب الحشو والزائد من الكلام، وتقصّي الأدلة، وتتبع الأقوال المعتبرة، والإعراض عن ما لا يقوم منها على دليل، وترجيح أقوال أهل الحق ونُصرتها، وردّ شبهات أهل الزيغ والأهواء، ودحض آراء أهل التعصب المجحف، والتقليد الأعمى؛ ولا يكون ذلك إلا بإرجاع المسائل إلى أصولها من الكتاب، والسنة، وأقوال الصحابة، ومذاهب التابعين؛ وعدم الخروج عن الإجماع، مع الأخذ بالقياس الصحيح المعتبر المبني على قواعد أهل الأصول، المنسجم مع منهج أهل السنة والجماعة؛ ومن تتبّع هذا الشرح اتضح له ذلك جليا، حيث لا تكاد تمرّ مسألة من مسائل هذا الكتاب على كثرتها وتنوُّعها، إلا واستدلينا عليها بآية، أو بحديث، أو أثر من الآثار المروية عن الصحابة، مع مناقشة أقوال الأئمة في ذلك، وبيان مذهب مالك رحمه الله تعالى فيها، وإذا ضاقت علينا مخارج المسألة لشُحّ الدليل من الأصول، لجأنا إلى معاني المسائل، والترجيح بناء على ذلك؛ وهو نادر جدا مقارنة بما ليس على هذا المنوال.
ولم نُخلّ بهذا في أي باب من أبواب الكتاب غير باب واحد وهو: باب المزارعة. وذلك أن الناظم لم يسلك فيه ما اعتاد المصنفون سلوكه في هذا الباب، بل فسّره على غير المألوف عندهم، وهو ما جعلنا نورد مسائله فيه كما هي عنده مع شرح بسيط، وبدون أن نورد أي دليل على أي مسألة من مسائل ذلك الباب؛ بل تركناها كما هي بناء على ما قال صاحبها.
ثم إني أقول بعد كل هذا أن ما قمنا به هو مجرد عمل بسيط متواضع؛ لا يخلو من النواقص، ولا ينفكّ عن الأخطاء، ولا يسلم من التقصير والزلل؛ وعليه فإننا نقول لكل أخ ناصح: وكل طالب علم مقتصد: أن يرشدنا لما اطلع عليه من خطأ؛ وينبهنا لما عثر عليه من نقص، ويُقوّم ما حصل فيه لنا من زلل؛ فهذه أمانة في عنق كل من رأى من ذلك شيئا؛ وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة).

وقد أذنت لكلّ أصحاب الاختصاص، أن يُكمّلوا النقص، ويصححوا الخطأ، ويُقوّموا الاعوجاج.
فمن عثر على شيء من ذلك في حياتي فليُسده إلي، فإنيّ أتلقاه بصدر رحب، وقلب منفتح، وليحتسب الأجر عند الله تعالى، وهو سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملا.
وأما ما اطُّلع عليه من ذلك بعد موتي فقد خوّلت لكلّ المعنيّين القيام فيه بما يجب من تصحيح، وتقويم، وإتمام.
وأقصد بالمعنيّين: كل المجامع الفقهيّة، والمعاهد الدينية، ومراكز البحوث الإسلامية، ولجان الفتوى؛ في كل أقطار الإسلام؛ بشرط أن لا يخرج ذلك عن إطار أهل السنة والجماعة؛ وأما غيرهم فلا آذن ولا أُرخّص له في شيء من ذلك، ومن فعل من غير إذن فإني أسأله غدا بين يدي الله تبارك وتعالى الذي لا تخفى عليه خافية.
ثم في الختام أقول: أن هذا مبلغ علمي، وقصار جهدي؛ فإن أصبت فمن الله وحده، وإن أخطأت فمني ومن الشيطان ودين الله براء من كل خطأ وزلل.
ولا يفوتني أن أشكر كل من ساعدني في هذا العمل بنصيحة، أو بتصحيح خطأ، أو توضيح مشكل، أو حل معضلة أو توفير المراجع؛ إلى غير ذلك من أنواع المساعدة والمؤازرة؛ وأخص بالذكر الشيخ الإمام عبد الرحمن علالي، وبومدين محمد محمود؛ وأحمد بصالحي فأسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتي وإياهم جميعا.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يُعلّمنا العلم النافع، وأن ينفعنا بما علّمنا، وأن يهدينا، ويهدي بنا، وأن يجعلنا هداة مهتدين؛ ونسأله جلّ في علاه أن لا يجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، إنه وليّ ذلك والقادر عليه؛ وصلّى الله وسلّم وبارك على نبيّنا محمد وعلى آله الطاهرين وأصحابه أجمعين والحمد لله ربّ العالمين.

***
 
أعلى