د. أيمن علي صالح
:: متخصص ::
- إنضم
- 13 فبراير 2010
- المشاركات
- 1,023
- الكنية
- أبو علي
- التخصص
- الفقه وأصوله
- المدينة
- عمان
- المذهب الفقهي
- الشافعي - بشكل عام
المبادئ العامّة للفكر الأصول-فقهي الإسلامي في تعامله مع النّصّ
د. أيمن صالح
أستاذ الفقه وأصوله المشارك
كلية الشريعة
جامعة قطر
الحلقة (1)
المقدِّمةأستاذ الفقه وأصوله المشارك
كلية الشريعة
جامعة قطر
الحلقة (1)
الحمد لله، والصّلاة والسلام على رسول الله، وآله ومن والاه، وبعد:
فـ «أصول الفقه هو الّذي يقضي ولا يُقضى عليه».
هذا ما قاله العلّامة المحقّق ابن دقيق العيد([1])، وقولُه هذا يصوِّر المنـزلة التي يحتلُّها علم أصول الفقه بين العلوم الدّينية الأخرى بصفته العلم الحاكم أو القاضي أو قُلِ المهيمنَ على تلك العلوم. والسّبب في ذلك واضحٌ و"بسيط"، وهو أنّ العلوم الدينيّة كلَّها (الكلام، الفقه، التفسير، الحديث، السّير...الخ) تلتفّ حول النّصّ (=الكتاب والسّنّة)([2]) وتستمدّ منه. وفي استمدادها هذا لا بدّ أن تخضع لـ «قواعد التّعامل مع النّصّ»، تلك القواعد التي يصنعها ويهيِّئها ويمنحها الشّرعيّة علمُ أصول الفقه.
فعلم أصول الفقه، على هذا، يُعدّ الجسر الذي يربط بين النّصّ وكلّ العلوم التي تلتفّ حوله، بحيث لا تستطيع هذه العلوم أن تَرِدَ إلى النّصّ وتنهل منه إلا عَبْر ذلك الجسر. ومن هنا لا يُستغرب اشتراطُ أرباب العلوم الدينيّة على المشتغل فيها أن يكون عالماً بأصول الفقه لا سيّما إذا كان مفسّراً أو شارحاً للحديث أو فقيهاً.
و«قواعد التّعامل مع النّصّ» التي أنتجها الأصوليّون كثيرةٌ ومتنوّعة، بعضها متّفقٌ عليه، والبعض الآخر محلُّ جدالٍ وخلافٍ بين المدارس الأصوليّة المختلفة. وفي سبيل الوصول إلى نهضةٍ علميّةٍ على صعيد الفكر الإسلاميّ وأسلمة العلوم لا غنى عن استعمال هذه القواعد ومراعاتها – لا سيّما المتّفق عليه منها - لاستثمار النّصّ واستنطاقه، وإلا فَقَد الفكرُ المراد إنشاؤه، والعلومُ المراد أسلمتها، الشّرعيّة العِلميّة التي تمنحها هذه القواعد.
وممّا تتّصف به هذه القواعد في الطّرح الأصول-فقهي التّقليديّ أمران:
أحدهما: أنّها، في أكثرها، تتّسم بـ «الجزئيّة» بحيث تتعامل مع أنماطٍ معيّنةٍ من النّصوص، وتنطبق على فئة محدودةٍ منها، كالقواعد المتعلّقة بالأمر والنّهيّ، والعموم والخصوص، وسائر أنواع الألفاظ لفظاً لفظاً، والقواعد المتعلّقة بمباحث الأدلّة دليلاً دليلاً...الخ.
والأمر الآخر: أنّها متناثرةٌ في جميع مباحث أصول الفقه بدءاً من مباحث الحُكم ومروراً بمباحث الأدلّة وكيفية الاستدلال وانتهاءً بمباحث الاجتهاد والتّقليد.
ومن هنا فقد احتاجت هذه القواعد - الجزئية المتناثرة - إلى «استقراءٍ» ينظِمها على شكل مبادئ عامّةٍ عُليا، يمكن اعتبارها المعالم الرئيسة لمنهج الأصوليين في التّعامل مع النّصّ، مِمَّا يمكِّن من إلقاء نظرةٍ إجماليّةٍ عامّةٍ على الفلسفة الأصوليّة في تصوّرها لمنهجيّة تلقي النّصّ والوصول إلى مكامنه. وفي هذا السّياق جاءت هذه الدّراسة لتقوم بهذه المهمّة.
ولا يدّعي البّاحث لهذه الدّراسة «النّضج» فضلاً عن «الاحتراق»، وإنّما هي محاولة متواضعة يزجيها بين يدي الباحثين راجيا لها النّماء والتّطوّر والتشبُّع بمرور الوقت وتقدّم الزّمان.
وقد راعيتُ في استقراء هذه المبادئ وانتقائها أمرين:
أحدهما: أن تنطبق على كمٍّ هائلٍ من نصوص الكتاب والسّنّة، ربّما جميع هذه النّصوص، أو نصوص الأحكام جميعها، أو نصوص الأخبار جميعها، وهكذا...
والثّاني: أن تكون هذه المبادئ محلَّ اتّفاقٍ بين كلّ الأصوليّين أو بين السّواد الأعظم منهم.
والأصوليّون المقصودون في هذه الدراسة هم بالدرجة الأولى أصحاب الكتب الأصولية بمدارسها المختلفة الكلامية والفقهية والجامعة بينهما، وبالدرجة الثانية العلماء الذين سطّروا قواعد ومناهج للتعامل مع النّصّ، ولو لم يأتِ ذلك في سياق كتابات خاصّة بعلم أصول الفقه، كالشافعي في الأم، والطّبري وابن عبد البر وابن تيميّة وغيرهم.
منهج البحث:فـ «أصول الفقه هو الّذي يقضي ولا يُقضى عليه».
هذا ما قاله العلّامة المحقّق ابن دقيق العيد([1])، وقولُه هذا يصوِّر المنـزلة التي يحتلُّها علم أصول الفقه بين العلوم الدّينية الأخرى بصفته العلم الحاكم أو القاضي أو قُلِ المهيمنَ على تلك العلوم. والسّبب في ذلك واضحٌ و"بسيط"، وهو أنّ العلوم الدينيّة كلَّها (الكلام، الفقه، التفسير، الحديث، السّير...الخ) تلتفّ حول النّصّ (=الكتاب والسّنّة)([2]) وتستمدّ منه. وفي استمدادها هذا لا بدّ أن تخضع لـ «قواعد التّعامل مع النّصّ»، تلك القواعد التي يصنعها ويهيِّئها ويمنحها الشّرعيّة علمُ أصول الفقه.
فعلم أصول الفقه، على هذا، يُعدّ الجسر الذي يربط بين النّصّ وكلّ العلوم التي تلتفّ حوله، بحيث لا تستطيع هذه العلوم أن تَرِدَ إلى النّصّ وتنهل منه إلا عَبْر ذلك الجسر. ومن هنا لا يُستغرب اشتراطُ أرباب العلوم الدينيّة على المشتغل فيها أن يكون عالماً بأصول الفقه لا سيّما إذا كان مفسّراً أو شارحاً للحديث أو فقيهاً.
و«قواعد التّعامل مع النّصّ» التي أنتجها الأصوليّون كثيرةٌ ومتنوّعة، بعضها متّفقٌ عليه، والبعض الآخر محلُّ جدالٍ وخلافٍ بين المدارس الأصوليّة المختلفة. وفي سبيل الوصول إلى نهضةٍ علميّةٍ على صعيد الفكر الإسلاميّ وأسلمة العلوم لا غنى عن استعمال هذه القواعد ومراعاتها – لا سيّما المتّفق عليه منها - لاستثمار النّصّ واستنطاقه، وإلا فَقَد الفكرُ المراد إنشاؤه، والعلومُ المراد أسلمتها، الشّرعيّة العِلميّة التي تمنحها هذه القواعد.
وممّا تتّصف به هذه القواعد في الطّرح الأصول-فقهي التّقليديّ أمران:
أحدهما: أنّها، في أكثرها، تتّسم بـ «الجزئيّة» بحيث تتعامل مع أنماطٍ معيّنةٍ من النّصوص، وتنطبق على فئة محدودةٍ منها، كالقواعد المتعلّقة بالأمر والنّهيّ، والعموم والخصوص، وسائر أنواع الألفاظ لفظاً لفظاً، والقواعد المتعلّقة بمباحث الأدلّة دليلاً دليلاً...الخ.
والأمر الآخر: أنّها متناثرةٌ في جميع مباحث أصول الفقه بدءاً من مباحث الحُكم ومروراً بمباحث الأدلّة وكيفية الاستدلال وانتهاءً بمباحث الاجتهاد والتّقليد.
ومن هنا فقد احتاجت هذه القواعد - الجزئية المتناثرة - إلى «استقراءٍ» ينظِمها على شكل مبادئ عامّةٍ عُليا، يمكن اعتبارها المعالم الرئيسة لمنهج الأصوليين في التّعامل مع النّصّ، مِمَّا يمكِّن من إلقاء نظرةٍ إجماليّةٍ عامّةٍ على الفلسفة الأصوليّة في تصوّرها لمنهجيّة تلقي النّصّ والوصول إلى مكامنه. وفي هذا السّياق جاءت هذه الدّراسة لتقوم بهذه المهمّة.
ولا يدّعي البّاحث لهذه الدّراسة «النّضج» فضلاً عن «الاحتراق»، وإنّما هي محاولة متواضعة يزجيها بين يدي الباحثين راجيا لها النّماء والتّطوّر والتشبُّع بمرور الوقت وتقدّم الزّمان.
وقد راعيتُ في استقراء هذه المبادئ وانتقائها أمرين:
أحدهما: أن تنطبق على كمٍّ هائلٍ من نصوص الكتاب والسّنّة، ربّما جميع هذه النّصوص، أو نصوص الأحكام جميعها، أو نصوص الأخبار جميعها، وهكذا...
والثّاني: أن تكون هذه المبادئ محلَّ اتّفاقٍ بين كلّ الأصوليّين أو بين السّواد الأعظم منهم.
والأصوليّون المقصودون في هذه الدراسة هم بالدرجة الأولى أصحاب الكتب الأصولية بمدارسها المختلفة الكلامية والفقهية والجامعة بينهما، وبالدرجة الثانية العلماء الذين سطّروا قواعد ومناهج للتعامل مع النّصّ، ولو لم يأتِ ذلك في سياق كتابات خاصّة بعلم أصول الفقه، كالشافعي في الأم، والطّبري وابن عبد البر وابن تيميّة وغيرهم.
هذه الدّراسة وَصفيةٌ بالأساس، لأنّها تهدف إلى استقراء "مبادئ التعامل مع النص" وعرضِها كما يراها الأصوليّون جميعُهم أو جمهورهم. وقد استلزم ذلك الإكثار من النُّقول التي تبرهن على التبنّي الأصولي للمبدأ محلّ البحث لا سيّما ما أُشير فيه منها إلى ذكر الإجماع على المبدأ المعروض. وعند إيراد هذه النقول حاولت التنويع في النقل عن المدارس الأصولية المختلفة ما بين حنفية وشافعية وظاهرية، مفضِّلا، في الغالب، النّقل عن المتقدّمين دون المتأخرين والمعاصرين. ولأنّ هذه الدّراسة لم تهدف إلى البرهنة والاستدلال على هذه المبادئ، فإنّها لم تتطّرق إلى ذكر أدلتها من نصوص الشّارع وآثار الصّحابة رضوان الله تعالى عليهم إلا ما ورد لماماً في ثنايا النّقول عن الأصوليّين، كما أنّها لم تتوسّع في ذكر ما ينبني على المبادئ المعروضة من قواعد أُصوليّة فرعيّة.
الدّراسات السّابقة:
1. المبادئ العامّة للفكر الأصولي في تعامله مع النّص الديني. وهي ورقة بحثية قصيرة قدّمها الباحث في المؤتمر الدولي للفكر الإسلامي المنعقد في 6-12-2004م/ الموافق 24 شوال 1425هـ، الذي نظّمته الجامعة الوطنية الماليزيّة UKM في كوالالمبور. وهي في أقل من نصف حجم هذه الدّراسة واشتملت على ستّة مبادئ، وقد شكّلت الأصل الأوّلي لهذه الدّراسة، لكن مع تغييرات جذريّة وإضافات كبيرة في الشّكل والمضمون.
2. معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة، للدكتور محمّد بن الحسن الجيزاني، (دار ابن الجوزي، الرياض، ط1، 1416ه=1996م). وهو كتابٌ هدف المؤلّف فيه إلى جملةٍ من الأغراض، منها: «تحرير القواعد الأصوليّة المتّفق عليها عند أهل السنّة والجماعة، وبيان القواعد الأصوليّة المختلف فيها». وقد قام المؤلّف بعرض جملةٍ كبيرة من هذه القواعد موزّعة على الأبواب الأُصوليّة المختلِفة، مركِّزا على بيان موقف «السّلَف» من هذه القواعد. وهذا الكتاب لا يلتقي مع دراستنا هذه لأمرين: أحدهما: أنّ الكتاب - بحكم أهدافه - لم يركّز على معالم الفِكر الأصولي جُملةً، الذي يمثّله قطاعٌ عريض من الأصوليين متكلّمين وفقهاء من شتّى المذاهب والمدارس، بل كان انتقائياً مِعيارياً لا شاملاً وَصفياً، والثّاني: توسّعه في عرض القواعد دون التمييز بين ما يصلح منها أن يشكِّل مبدأً ذا آثار عريضةٍ وقواعدَ فرعيّةٍ، وما لا يعدو كونه قاعدةً أصوليّة ذات آثار محدودة في باب من الأبواب.
3. معلمة زايد للقواعد الأصولية والفقهية، وهي موسوعة للقواعد الأصوليّة والفقهيّة أعدّها مجموعة كبيرة من الباحثين على مدى سنين متطاولة، بإشراف مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظّمة التّعاون الإسلامي، ونُشرت نشراً ورقياً وإلكترونياً في العام 1334ه الموافق 2013م. وقد تطرّقتِ الموسوعة في المجلّد الثّالث منها إلى ما سُمِّي بـ "قواعد المبادئ العامّة في التّشريع الإسلامي"، وذكرت أربع عشرة مبدأً: أوّلها: "تكريم الإنسان مقصدٌ شرعي" وآخرها: "الشّريعة أجمَلت المتغيّرات وفصّلت الثوابت". وقد قام باحثو الموسوعة بذكر المبدأ وشرح المقصود به ثم الاستدلال له من أدلّة الشرع ثم بيان ما ينبني عليه من آثار تشريعية. وقد تقاطعت دراستنا هذه مع مبادئ الموسوعة الأربعة عشر في أربعةٍ منها فقط هي: 1) "لا حكم إلا لله"، وهو في دراستنا بعنوان: "مبدأ الاحتكام إلى النّص"، و 2) "ما من حادثة إلا ولله فيها حكم"، وهو في دراستنا بعنوان: "مبدأ شمول النّص بلفظه ومعناه للوقائع"، و 3) "المسلَّمات العقليّة والحسِّية معتبرة في الشرع"، وهو في دراستنا بعنوان "مبدأ صدق النّص ومعقوليته"، و 4) "الأصل عموم الأحكام وتساوي النّاس فيها"، وهو في دراستنا بعنوان "مبدأ عموم النّص في الأشخاص إلى يوم القيامة". وسببُ هذا القدْر المتواضع من التقاطع بين المبادئ الأربعة عشر المذكورة في الموسوعة والمبادئ الاثني عشر المذكورة في هذه الدّراسة هو اختلاف المجال المستقرأ في كلٍّ منهما، فالموسوعة استهدفت مبادئ التشريع عامّة، وهذه الدراسة استهدفت مبادئ التّعامل مع النّص خاصّة. وكما اختلفت الموسوعة عن هذه الدراسة في تحديد تلك المبادئ فقد اختلفت عنها أيضاً في طريقة عرضها، فالموسوعة ركّزت على الشّرح والاستدلال وبيان الآثار، ودراستنا ركّزت على الوصف والعرض وبيان حجم التبنّي الأصولي للمبدأ محلّ البحث.
لمن تتوجّه هذه الدّراسة:2. معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة، للدكتور محمّد بن الحسن الجيزاني، (دار ابن الجوزي، الرياض، ط1، 1416ه=1996م). وهو كتابٌ هدف المؤلّف فيه إلى جملةٍ من الأغراض، منها: «تحرير القواعد الأصوليّة المتّفق عليها عند أهل السنّة والجماعة، وبيان القواعد الأصوليّة المختلف فيها». وقد قام المؤلّف بعرض جملةٍ كبيرة من هذه القواعد موزّعة على الأبواب الأُصوليّة المختلِفة، مركِّزا على بيان موقف «السّلَف» من هذه القواعد. وهذا الكتاب لا يلتقي مع دراستنا هذه لأمرين: أحدهما: أنّ الكتاب - بحكم أهدافه - لم يركّز على معالم الفِكر الأصولي جُملةً، الذي يمثّله قطاعٌ عريض من الأصوليين متكلّمين وفقهاء من شتّى المذاهب والمدارس، بل كان انتقائياً مِعيارياً لا شاملاً وَصفياً، والثّاني: توسّعه في عرض القواعد دون التمييز بين ما يصلح منها أن يشكِّل مبدأً ذا آثار عريضةٍ وقواعدَ فرعيّةٍ، وما لا يعدو كونه قاعدةً أصوليّة ذات آثار محدودة في باب من الأبواب.
3. معلمة زايد للقواعد الأصولية والفقهية، وهي موسوعة للقواعد الأصوليّة والفقهيّة أعدّها مجموعة كبيرة من الباحثين على مدى سنين متطاولة، بإشراف مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظّمة التّعاون الإسلامي، ونُشرت نشراً ورقياً وإلكترونياً في العام 1334ه الموافق 2013م. وقد تطرّقتِ الموسوعة في المجلّد الثّالث منها إلى ما سُمِّي بـ "قواعد المبادئ العامّة في التّشريع الإسلامي"، وذكرت أربع عشرة مبدأً: أوّلها: "تكريم الإنسان مقصدٌ شرعي" وآخرها: "الشّريعة أجمَلت المتغيّرات وفصّلت الثوابت". وقد قام باحثو الموسوعة بذكر المبدأ وشرح المقصود به ثم الاستدلال له من أدلّة الشرع ثم بيان ما ينبني عليه من آثار تشريعية. وقد تقاطعت دراستنا هذه مع مبادئ الموسوعة الأربعة عشر في أربعةٍ منها فقط هي: 1) "لا حكم إلا لله"، وهو في دراستنا بعنوان: "مبدأ الاحتكام إلى النّص"، و 2) "ما من حادثة إلا ولله فيها حكم"، وهو في دراستنا بعنوان: "مبدأ شمول النّص بلفظه ومعناه للوقائع"، و 3) "المسلَّمات العقليّة والحسِّية معتبرة في الشرع"، وهو في دراستنا بعنوان "مبدأ صدق النّص ومعقوليته"، و 4) "الأصل عموم الأحكام وتساوي النّاس فيها"، وهو في دراستنا بعنوان "مبدأ عموم النّص في الأشخاص إلى يوم القيامة". وسببُ هذا القدْر المتواضع من التقاطع بين المبادئ الأربعة عشر المذكورة في الموسوعة والمبادئ الاثني عشر المذكورة في هذه الدّراسة هو اختلاف المجال المستقرأ في كلٍّ منهما، فالموسوعة استهدفت مبادئ التشريع عامّة، وهذه الدراسة استهدفت مبادئ التّعامل مع النّص خاصّة. وكما اختلفت الموسوعة عن هذه الدراسة في تحديد تلك المبادئ فقد اختلفت عنها أيضاً في طريقة عرضها، فالموسوعة ركّزت على الشّرح والاستدلال وبيان الآثار، ودراستنا ركّزت على الوصف والعرض وبيان حجم التبنّي الأصولي للمبدأ محلّ البحث.
هذه الدّراسة رغم كونها نافعةً للمتخصّصين في علم أصول الفقه من حيث إنها تَنْظُم القواعد الفرعية للتّعامل مع النّص وتلخّصها في عددٍ محدود من المبادئ الكبرى إلا أنّها أنفعُ بكثير لغير المتخصّصين في العلوم الشرعية، لا سيّما هؤلاء المهتمّين بقضايا الفكر الإسلامي أو هؤلاء المعتنين بالعلوم اللّغوية الحديثة كعلم لغة النّص وعلم الدلالة، لأنّها توقفهم بإيجاز على المعالم الكبرى للمنهج الأصولي في تعامله مع النّص الدّيني، كما أنّها تصلح مقدّمةً عامّة للمبتدئين في دراسة علم أصول الفقه.
وهذا أوان الشّروع في ذكر المبادئ. (على شكل حلقات متسلسلة كل مبدأ في موضوع مستقل إن شاء الله تعالى)
وهذا أوان الشّروع في ذكر المبادئ. (على شكل حلقات متسلسلة كل مبدأ في موضوع مستقل إن شاء الله تعالى)
([1]) الزّركشيّ: محمد بن بهادر. البحر المحيط، مصر: دار الكتبي، ط1، 1414هـ=1994م، ج1، ص14.
([2]) للاطّلاع على معاني مصطلح «النّص» يُنظر: صالح: أيمن. "قراءة نقديّة في مُصطلح النّص في الفكر الأصولي"، فرجينيا: مجلة إسلامية المعرفة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، العدد 33-34.