سهير علي
:: نشيط ::
- انضم
- 17 يوليو 2010
- المشاركات
- 774
- الجنس
- أنثى
- الكنية
- أم معاذ
- التخصص
- شريعة
- الدولة
- بريطانيا
- المدينة
- برمنجهام
- المذهب الفقهي
- شافعية
الودود الشكور
الودود: المتودِّدُ إلى عباده بنعمه، الذي يودّ من تاب إليه وأقبل عليه، وهو الودود أيضا أي المحبوب، قال البخاري في صحيحه: الودود: الحبيب، والتحقيق أنَّ اللفظ يدلُّ على الأمرين، على كونه وادَّا لأوليائه ومودودا لهم.
فأحدهما بالوضع، والآخر باللزوم. فهو الحبيبُ المحبُّ لأوليائه يحبهم ويحبونه، وقال شعيب عليه السلام: (إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ).
وما ألطف اقتران اسم الودود بالرحيم والغفور، فإن الرجل قد يغفر لمن أساء إليه ولا يحبه، وكذلك قد يرحم من لا يحبّ، والرب تعالى يغفر لعبده إذا تاب إليه، ويرحمه ويحبه مع ذلك، فإنه يحبُّ التوابين، وإذا تاب إليه عبدهُ أحبه، ولوكان منه ما كان.وهو الودود يحبهم ويحبه أحبابه والفضل للمنانوهو الذي جعل المحبة في قلوبهم وجازاهم بحب ثانهذا هو الإحسان حقا لا معاوضة ولا لتوقع الشكرانلكن يحبُّ شكورهم، وشكورُهُم لا لاحتياج منْهُ للشكران وهو الشكور فلن يُضيع َ سعيَهم لكن يضاعفُه بلا حُسبان وهذا تفسير لاسميه الكريمين (الودود والشكور)، وقد ورد كل منهما في الكتاب العزيز، فالودود ورد مرة مقترنا باسمه الرحيم في قوله تعالى من سورة هود على لسان شعيب عليه السلام: (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ * إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) سورة هود: آيه 90، وورد مرة أخرى مقترنا باسمه الغفور في قوله تعالى: (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) البروج آية 14.
والودود مأخوذٌ من الود بضم الواو بمعنى خالص المحبة، وهو إما من فعول بمعنى فاعل، فهو سبحانه الوادّ أي المحب لأنبيائه وملائكته وعباده الصالحين، وإما من فعول بمعنى مفعول، فهو سبحانه المودودُ المحبوب لهم، بل لا شيء أحبّ إليهم ولا في كيفيتها، ولا في متعلقاتها، وهذا هو الواجب أن تكون محبة الله في قلب العبد سابقة لكل محبة، وغالبة لها، ويتعين ان تكون بقية المحابّ تابعة لها.
ويقول الشيخ السعدي (رحمه الله تعالى): ومحبة الله هي روح الأعمال، وجميع العبودية الظاهرة والباطنة ناشئة عن محبة الله، ومحبة العبد لربه فضل من الله وإحسان، وليست بحول العبد ولا قوته، فهو تعالى الذي أحب عبده، فجعل المحبةَ في قلبه، ثم لما أحبه العبدُ بتوفيقه جازاه الله بحب آخر، فهذا هو الإحسانُ المحضُ على الحقيقة، وإذ منه السبب ومنه المسبب.
ليس المقصود منها المعاوضة، وإنما ذلك محبة منه تعالى للشاكرين من عباده ولشكرهم، فالمصلحة كلها عائدةٌ إلى العبد، فتبارك الذي جعل وأودع المحبة في قلوب المؤمنين، ثم لم يزل ينميها ويقويها حتى وصلت في قلوب الأصفياء إلى حالة تتضاءل عندها جميعُ المحابّ وتسليهم عن الأحباب، وتهون عليهم المصائبَ، وتتلذّذ لهم مشقة الطاعات، وتثمر لهم ما يشاؤون من أصناف الكرامات، التي أعلاها محبة الله، والفوز برضاه، والأنس بقربه.
منقول نصا من كتاب (أسماء الله الحسنى: صفحة: 222) للإمام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي: (691 - 751ه)
والكتاب حقق نصوصه وخرج أحاديثه وعلق عليه
يوسف على بدوي، أيمن عبد الرازق الشوّا
دار الكلم الطيبدمشق - بيروتالطبعة الثالثة- 1423ه: 2002م.
 
				
