العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

لقطة الحرم المكي

إنضم
8 أبريل 2008
المشاركات
40
التخصص
فقه مقارن
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
أما بعد:
فهذا قول مختصر في بيان حكم لقطة الحرم المكي.
اللقطة هي : المال الضّائع من ربّه يلتقطه غيره.
ويتعلق بحكم لقطة الحرم المكي مسألتان :
المسألة الأولى : حكم أخذ لقطة الحرم.
إذا وجد الأنسان مالا في الحرم ، فهل يجوز له أن يلتقطه.
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين :
القول الأول : يجوز أخذها لمن يريد أن يعرفها فقط, وبه قال عامة أهل العلم ، وهو الراجح
أدلتهم :
1ـ عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج . رواه مسلم
والنهي مقيد بما بعده من حديث أبي هريرة وابن عباس .
2ـ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد. متفق عليه
3ـ عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تلتقط لقطتها إلا لِمُعَرِّف. متفق عليه
القول الثاني : لا يجوز أخذها إلا لمن سمع منشدا ينشد عنها فيجوز له أخذه ليعطيه إياها ،وبه قال إسحاق بن راهويه .
دليله : قوله : " إلا لمنشد " أي لمن سمع ناشدا يقول : من رأى لي كذا
ونوقش:
بأن المنشد : هو المعرف ، وأما طالبها فيقال له : ناشد .
المسألة الثانية : هل لقطة الحرم كلقطة الحل تملك بالتعريف بعد مضي الحول أم لا تملك مطلقا ؟
معلوم أن اللقطة إذا التقطها الانسان فالواجب عليه تعريفها لمدة عام , فإن لم يجد صاحبها فإنه يتملكها بعد مضي الحول .
ويدل لهذا حديث خالد الجهني رضى الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة الذهب أو الورق فقال اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه. متفق عليه .
فهل لقطة الحرم المكي تملك بالتعريف بعد مضي الحول.
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن لقطة الحرم المكي كغيرها من البلاد يجوز تملكها بعد تعريفها سنة .
وبه قال جمهور أهل العلم .
دليلهم :
لأن الأحاديث الواردة في اللقطة لم تفرق بين الحل والحرم، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: «اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرِّفها سنة» وغيره.
وأما الاحاديث الوارد بتخصيص تعريف لقطة مكة، فالمقصود به دفع توهم بعض الناس أنه لا حاجة لتعريف لقطة مكة،لعدم الفائدة باعتبارها مكان الغرباء.

القول الثاني : أن لقطة الحرم المكي لا يجوز تملكها بل تعرف حتى ترد إلى صاحبها مهما طال الأمد .
وبه قال الشافعية، وهو رواية عن الأمام أحمد، أختاره ابن تيمية، وابن القيم ،ورجحه ابن عثيمين.
أدلتهم :
1ـ عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج . رواه مسلم
ونهيه عليه الصلاة والسلام لا يخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما:
إما أن يكون نهى عليه السلام عن أخذها، أو نهى عن تملكها.
فأما أخذها فقد قال تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى } .
ونهى عليه السلام عن إضاعة المال، وتركها إضاعة لها بلا شك، وحفظها تعاون على البر والتقوى.
فصح أنه إنما نهى عليه السلام عن تملكها، وأيضا فإنه عليه السلام لم ينه عن حفظها ولا عن تعريفها، وإنما نهى عنها بعينها.

2ـ أنّ الأحاديث الخاصّة بلقطة الحرم لم توقّت التّعريف بسنة كغيرها , فدلّت على أنّه أراد التّعريف على الدّوام , وإلا فلا فائدة من التّخصيص ,

القول الثالث :
إن يئس من معرفة صاحبها قطعا متيقنا حلت حينئذ لواجدها, لا يحد تعريفها بعام ولا بأكثر ولا بأقل. وبه قال ابن حزم .
لأن من الباطل تعريف ما يوقن أنه لا يعرف، وإذا سقط التعريف حلت حينئذ بالنص لمنشدها.
والأقرب والله اعلم هو القول الثاني .
والآن والحمد لله قد هيئت مكاتب للضائعات خاصة في داخل المسجد الحرم، فترد إليها ، وأن كانت بعيدة عن المسجد فتسلم إلى الجهات المختصة .


والله اعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
 
أعلى