رد: الزركشي وكتاب قواطع الأدلة
منزلة كتاب القواطع بين كتب الأصول:
كان أول من أثنى على الكتاب في علمنا القاصر، ونوه على مكانته حفيدُ مؤلفهِ أبو سعد السمعاني، حيث قال: (وهو يغني عما صنف في ذلك الفن) - الأنساب 139/7
كما أن أقدم من نقل عن هذا الكتاب في علمنا، هو الإمام الحافظ أبو عمرو بن الصلاح، وذلك في كتابيه (أدب المفتي والمستفتي) و(المقدمة في علوم الحديث)، حيث أكثرَ من ذكر أقوال الإمام أبي المظفر، رحمه الله، واختياراته، ملقباً له بالسمعاني الكبير، وذلك تمييزاً عن شيخه حفيد مؤلف القواطع أبي المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم السمعاني.
وأما فيما عدا ذلك، فقد تجاهل الأصوليون اللاحقون، وجلُّهم من المتكلمين،كتاب القواطع ومؤلفه تجاهلاً تاماً، فلم نجد له ذكرا في كتب الأصول التالية، كالإحكام للآمدي، والمحصول للرازي، ومختصري ابن الحاجب والبيضاوي وشروحهما.
وظلَّ الأمر على هذه الحال إلى أن جاء تاج الدين السبكي في القرن الثامن الهجري فكان أول من "اكتشف" كتاب "القواطع" بعد تلك القرون المتعاقبة، ونفض عنه غبار الإهمال، فأكثَرَ من النقل عنه والثناء على أبحاثه في شرحه لـ"مختصر ابن الحاجب"، وضمَّن الكثير من اختياراته في مختصره الشهير في الأصول "جمع الجوامع"، وقال في تقريظه ما لم يقل في سواه، بل فضَّله على غيره من كتب الأصول كـ"المحصول" و"الإحكام " فقال: "ولا أعرف في أصول الفقه أحسنَ من كتاب "القَواطِع" ولا أجمع، كما لا أعرف فيه أجلَّ ولا أفحلَ من "برهان" إِمام الحرمين" - (طبقات الشافعية الكبرى 343/5)
ويقتفي الزركشي أثر عصريه السبكي فيكثر من النقل عن "القواطع في "البحر المحيط" ويفوق السبكي في إعلاء مرتبة الكتاب فيجعله "أجل كتاب للشافعية في أصول الفقه نقلات وحجاجا" (البحر المحيط في أصول الفقه 11/1).
المصدر: (القواطع ج1-ص60 ، ط. الفاروق - ابن حزم)