العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

شرح شرح شرح العضد (من شرح شيخنا أحمد بن حميد وحواشي التفتزاني وغيره)

إنضم
29 أبريل 2008
المشاركات
31
التخصص
الشريعة
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
الحنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبة ومن اتبعه إلى يوم الدين ... وبعد
فهذا ما تيسر لي من شرح وتلخيص شرح العضد المقرر علينا بما يكون من اجتهادي وإيراد لكلام شيخنا ابن حميد حفظه والله أسأل أن يوفقني وإياكم لكل خير .
..
.
ذكر الشيخ ابن حميد أمورًا في البداية ينبغي العلم بها مثل:

*علم الفقه ينبغي تقديمه على علم الأصول لأن الأصول أمورها كفائية خاصة بالمجتهد إلزاما عليه والمجال مفتوح للمقلد .
*العلامة : هو من جمع بين العقل والنقل .
*موضوع علم أصول الفقه : هو الدليل من حيث ثبوت الحكم به .
*من الفوائد من دراسة علم الأصول : 1_ إدراك القواعد المهمة والعامة. 2_يعذر الآخرين إذا عرف أن للشخص مرجع في حكمه . 3_ التمييز بين ما يصلح دليلا وما لا يصلح . 4_ التروي وعدم الاستعجال في الحكم على الناس. 5_ اختصار الجواب ومناسبته .
*من المهمات للأصولي : التطبيق وهو الثمرة / انطباق القاعدة على المسألة والفرع.
*مختصر ابن الحاجب كأنه مختصر لإحكام الآمدي وشهرته عجيبة قال ابن كثير هو كتاب الناس.
*هو المعتمد في التدريس في كثير من البلدان .
*من أهم الأعمال على المختصر: شرح رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب لتاج الدين السبكي / شرح العضد للإيجي (وقيل إن شروحه وصلت إلى 200 شرح) .
*قيل إن اثنان من الناس حفظا مختصر ابن الحاجب في حياته فما بالك بما بعد ذلك.
..
بداية الشرح:

قال المختصر _ابن الحاجب _ بعد مقدمته ثم بعد مقدمة الشارح رحمهما الله :
وينحصر في
: أي وينحصر المختصر الذي ألفه في أربعة أمور سيأتي بيانها وقد يكون القصد إلى انحصار علم أصول الفقه في هذه الأربعة الأمور فيكون الضمير المستتر بعد وينحصر عائدا إليه ويحتمل الإثنين لأن كتابه المختصر عن علم الأصول .
ثم قال في المبادئ : هذه هي الأولى قال الشارح _ العضد _ " ينحصر المختصر أو العلم " أي مختصر ابن الحاجب أو علم أصول الفقه كما ذكرنا .
قال الشارح "في أمور أربعة الأول المبادئ"
أي أن أول الأمور التي يتناولها المختصر أو علم الأصول هي المبادئ وهي تمهيد لعلم الأصول ويتوقف عليها معرفة الأصول وسيذكرها بعد ذلك من تعريف الأصول _حده_ والفائدة من دراسته ومن أين يستمد مباحثه_ أي علم الأصول_ وهكذا من مقدمات في التصورات التي بها يتصور الشخص الأصول بمعرفة حده وهكذا والتصديقات كذلك وأيضا نبذة عن المنطق الذي به يعرف الشخص الألفاظ الأصولية والجدلية . قال "وهي ما لا يكون مقصودا بالذات" أي في هذا العلم والفن وهو علم الأصول وإنما هي مثل المعين الذي يعطي صورة عن هذا العلم ،وليست مقصودة بالذات في أنها من الأصول. قال "بل يتوقف عليه ذلك" أي هذه المبادئ والتصورات يتوقف عليها فهم الأصول كما قلنا بمعرفة تعريفه وحده وفائدته وهكذا .
قال "وعدها جزءًا من العلم تغليبا لا يبعد" أي جزءًا من علم الأصول تغليبًا وإلا فهي ليست من علم الأصول لكنه جعلها منها تغليبا ، للإحتياج إليها وإن قلنا أنها _أي الأمور التي ينحصر فيها _ جزء من الكتاب وهو المختصر فيصح قولنا تماما وليس تغليبا لكن من علم الأصول يكون تغليبًا.
قال "الثاني الأدلة السمعية" أي الثاني من الأمور التي ينحصر فيها الكتاب كما قلنا أو علم الأصول هي هذه الأدلة السمعية ثم قال "لأن المقصود استنباط الأحكام وإنما يكون منها لأن العقل لا مدخل له في الأحكام عندنا" أي لأجل ذلك تذكر هذه الأدلة التي منها يستنبط الحكم فهي متناولة .
قال "الثالث _ من الأمور _ الترجيح إذ الأدلة الظنية قد تتعارض فلا يمكن الاستنباط إلا بالترجيح وهو بمعرفة جهاته" أي جهات الترجيح .
قال "الرابع الاجتهاد وهو الاستنباط المقصود فلابد من معرفة أحكامه وشرائطه"
..
قال "واعلم أن الحصر في مثله استقرائي"
أي حصر علم أصول الفقه في مثل ما ذكر من الأمور الأربعة هو حصر استقرائي والاستقراء: ( تتبع جزيئات الكل ) ، إلا أن يكون المقصود حصر مختصره الذي ألفه وهو يعرفه فيحق له عندئذ أن يحصر ما فيه حصرا عقليا جازما فيه وسيأتي بعد نهاية هذه الجملة. قال "ومن رام حصرا عقليا فقد ركب شططا" أي تجاوز الحد فإنه لا ينحصر عقلا والحصر العقلي هو بالنفي والإثبات _وهذه الصيغة أقوى صيغ الحصر على الاطلاق ولذلك ارتضاها الله ورسوله لتستخدم في الدخول في الدين ونفي الإلهية إلا لله سبحانه وذلك ثبت بالقرآن والسنة_ فتنفي مثلا الآلهة أجمعين بأنهم ليسوا آلهة ثم تثبت الإلهية لله سبحانه وتعالى _هذا مثال للعقلي_ ؛لأن الحصر العقلي الحقيقي الذي يشمل كل الجزئيات لا يمكن إلا من أعلم العالمين الله سبحانه أو لخلقه الذين يبين لهم سبحانه دلائل الحصر الجازم فيتبعوا قول ربهم وإشاراته ويقيسوا عليها ،وإلا فإن حصرهم استقرائي مما يشاهدون ويكتشفون ؛ولذلك أورد حصرا نكرة ليبين أنه عام لكل حصر. قال "إلا أن يقصد به ضبط يقلل من الانتشار ويسهل الاستقراء" أي هذا الحصر لن يكون عقليا كما قلنا بل ((يقلل)) فقط من الانتشار وعدم الجمع بكلمات مجتمعة ومضاف بعضها إلى بعض تسهل عليك التعرف على الأجزاء وتمنع من الشتات وعندئذ يسهل لك أيها القارئ والمتعلم الاستقراء والتعرف على الجزئيات وأين تكون في الحصر الاستقرائي ولكن لا نجزم بأن كل ما ذكرناه في الاستقرائي هو منه وما لم نذكره فإنه ليس منه ،لا وإنما هذا يكون في العقلي الذي فيه الجزم بالحصر.
..
قال "فيقال ما يتضمنه الكتاب إما مقصود بالذات أو لا"
أي أنا إذا قلنا إن المقصود بالحصر هو الكتاب المختصر فإنا نستطيع أن نستعمل الحصر العقلي الذي هو بصيغة النفي والإثبات ،فإن ما هو موجود فيه من الأمور الأربعة بالتأكيد لا تغليبًا إنه إما أن يكون مقصودا بالذات في الحصر أي أنه يقول مثلًا كتابي هذا إما أن يكون ذاته في الأدلة السمعية والترجيح والاجتهاد وتوابع ذلك من طرق الاستنباط وكيفيته ونحوه ، وإما أن يكون لغير ذاته مثل المبادئ التي أشار إليها أولًا لتعين على التصور البسيط الذي يعطي فكرة لما سيغوص فيه .
..
قال "الثاني: المبادئ إذ لابد أن يتوقف عليه المقصود بالذات وإلا فلا حاجة إليه أصلًا" أي من قوله 1_مقصودا بالذات أو 2_غير مقصود بالذات والثاني هذا الغير مقصود بالذات هو المبادئ هو الذي لابد أن يتوقف عليه معرفة المقصود بالذات كالأدلة السمعية والترجيح والاجتهاد وإلا فلا حاجة لنا أصلًا به في سرده في هذا الكتاب ولكن لأنه يتوقف عليه فهم الثلاثة التالية بعده .
..
قال "والأول لما كان الغرض منه استنباط الأحكام" أي الأول وهو المقصود بالذات وهي الثلاثة التالية (الأدلة السمعية والترجيح والاجتهاد) الغرض منها استنباط الأحكام وكيفية ذلك . قال "فالبحث إما عن نفس الاستنباط وهو الاجتهاد" أي الأول المقصود بالذات البحث فيه إما عن نفس الاستنباط وذاته وذلك هو الاجتهاد أو . قال "أو عما تستنبط هي منه إما باعتبار تعارضها وهو الترجيح" أي أن المقصود بالذات البحث فيه إن لم يكن في نفس الاستنباط فسيكون عما يُسْتَنْبَطُ منه ويكون أصلا للاستنباط وهذا الذي يُسْتَنْبَطُ منه إما أن يكون باعتبار تعارض أصول الاستنباط وهذا هو الترجيح . "أو لا وهو الأدلة" أي لا يكون باعتبار تعارض أصول الاستنباط وإنما هو ذات الأصول ومأخذ الاستنباط وهذه هي الأدلة السمعية _وهنا إشارة بسيطة إلى أن العضد رحمه الله يريد أن يبين لنا معنى الحصر العقلي فاستخدمه عدة مرات فيما إذا كان المقصود هو كتاب ابن الحاجب كما قلنا فأراد أن يرسخ لنا الحصر العقلي باستخدامه وبيان كيفية استخدامه ليظهر لنا وهو صيغة (إما أو لا )_ .
..
قال ابن الحاجب "فالمبادئ حده وفائدته واستمداده" قال الشارح "قد ذكر من مبادئ العلم ثلاثة أمور أحدها :حده ؛لأن كل طالب كثرة"
أي أنه شرع أولًا في المبادئ وهي الأولى من المحصورات الأربعة وذكر منها الحد والفائدة والاستمداد ثم جاء للحد وأراد أن يبين سبب بيان الحد والتعريف وأن ذلك مهم في بداية دراسة أصول الفقه وكل العلوم . قال " لأن كل طالب كثرة تضبطها جهة واحدة حقه أن يعرفها بتلك الجهة" أي أن كل طالب علم به كثرة مسائل وليس صورة واحدة منه يمكن تصورها هي فقط لا بل كثيرة الأجزاء فتصورها هذا ثم هذه الكثرة تضبطها جهة واحدة معينة فحقه أن يعرفها بتلك الجهة التي هي له كأن يقول مسائل أصول الفقه من جهة كونها من الأصول هذه هي الجهة الواحدة التي ينبغي عليك معرفتها كأصولي لا كل مسائل الأصول من الجهات النحوية اللغوية المحضة مثلا أو العقدية المحضة أو المنطقية المحضة فعندها سنتعب أنفسنا ونشتت ذهننا عن إدراك هذا العلم وتعريفه . قال "إذ لو اندفع إلى طلبها قبل ضبطها" أي لو طلب التعرف عليها قبل ضبط مسائلها بالجهة الأصولية المعينة ستكون النتيجة أنه . "لم يأمن أن يفوته ما يعنيه" أي لن يأمن أن يفوته ما يهمه ويعنيه في هذا العلم بخروجه عن حدوده ،هذا أولًا ثم ثانيًا سوف . "ويضيع وقته فيما لا يعنيه" سيكون عندئذ مشتِّتًا نفسه مشتغلا بما لا يعنيه في هذا العلم . قال " ولا شك أن كل علمٍ (مسائل كثيرة تضبطها جهة واحدة) تُعَدُّ " أي هذه المسائل. "علما واحدًا يُفردُ بالتدوين والتعليم. قال :ومن تلك الجهة يؤخذ تعريفه فإن كان حقيقة مسمى اسمه ذلك كان حدًا له " أي من تلك الجهة الواحدة نأخذ تعريفه الذي إن كان حقا هو المنطبق عليه الذي يتبادر إلى الذهن مباشرة أن هذا المعرف هو أصول الفقه مثلًا ،وكان الجامع لجميع أفراده وأنواعه والمانع لأفراده وأنواعه من الخروج عنه عندئذ يكون هذا حد له وتعريف له بالحد . قال "وإلا فلابد أن يستلزم تميزها فيكون رسمًا له" أي أنه إذا لم يكن كذلك سينزل إلى الدرجة الثانية وهي وصفه بصفات تميزه عن غيره وهذا هو التعريف بالرسم .
..
قال "فإذًا لابد لكل طالب علم أن يتصوره بحده أو برسمه"
ليستوعبه و "ليكون على بصيرة في طلبه" لمعرفته "فإن مَن لمْ يتصور" العلم والفن المعيَّن "كذلك ركب متن عمياء" هذه كلمة تقال في الناقة "وخبط خبط عشواء" فلا يدري ما الذي يحاول فهمه وهل هو هذا أو هذا .
..
قال "وثانيهما"
ثاني المبادئ وهو لا زال في الغير مقصودة لذاتها في العلم ليبين أهمية توقف فهم العلم على هذه الثلاث . قال "فائدته ؛ليخرج عن العبث وليزداد جد طالبه فيه إذا كانت مهمة ولئلا يصرف فيه وقته إذا لم يوافق غرضه" أي أن معرفة فائدة تعلم علم من العلوم في البداية ؛ 1_تبين للعبد أنه هل سيكون طلبه عبثًا أم لا إذا عرف أنه سيستفيد هذه الاستفادة .2_ثم إنه إن عرف أن هذه الفائدة مهمة فسيزداد جده واجتهاده في طلبه.3_وإن كان له غرض من تعلم ما فإنه سيعرف هل هذا العلم الذي أذاكره وأحاول فهمه هل يوافق طلبي هذا وغرضي هذا .
..
قال "وثالثهما استمداده إما إجمالًا فببيان أنه من أي علم يستمد ليرجع إليه عند روم التحقيق"
أي الثالث من المبادئ استمداد هذا العلم ومستمده _ثم أعاد الحصر العقلي_ فقال إما إجمالا :أي الاستمداد بالجملة وهو بيان أن هذا العلم يستمد بالإجمال من علم كذا مثلًا علم الأصول يستمد من اللغة والأحكام والمقاصد وهكذا ؛ لنرجع إلى المستمد منه عند احتياجنا إلى التحقيق إذا لم يتبين لنا فهم معنى في نفس علمنا المستمد من غيره ، فقد نفهم من المستمد منه والمصدر .
_ولكن هذا إذا قلنا الاحتياج إلى التحقيق ولكن في التفصيل الذي سيأتي في الفقرة التالية فإنا قد احتجنا حقا للتحقيق وقد نجد المطلب المفهم لنا و قد لا نجده وبيان ذلك في_ ، قوله "وإما تفصيلا فبإفادة شيء مما لابد من تصوره وتسليمه أو تحقيقه" أي وإما عند التفصيل في المسائل نستفيد بالرجوع إلى المستمد منه أمرا لابد من تصوره وإدراكه على ما هو عليه ولم نكن كذلك بدون الرجوع للمستمد منه فيحصل عندنا التصديق ونسلم به على الحقيقة . أو أنا لا نسلم إلا بعد تحقيق وطلب في نفس المستمد منه فلا نجد ما نريد حتى في المستمد منه ، ثم قال "لبناء المسائل عليه" أي في المستمد منه فيكون لنا مرجعا عند التحقيق والتأكد ويكون لأصحاب العلم المتفرع مصدرا من المصادر أعني المستمد منه مصدر للمستمِد.
..
قال ابن الحاجب "أما حده لقبا" قال الشارح "اللقب عَلَمٌ يشعر بمدح أو ذم"
أي تعريف اللقب هو علم والمعنى الأصلي للعلمية فيه يشعر بمدح أو ذم _ومما ينبغي معرفته أن التعريف يعرف بالإضافة في المركبات أو باللقب ،والتعريف باللقب هو تعريفه لكونه لقبا على فن من الفنون وعلم من العلوم ،والتعريف الإضافي الذي فيه تفصيل لتعريف المضاف على حدا وهو عندنا (أصول) والمضاف إليه على حدا وهو (الفقه) ثم التعريف بتركيبهما الاثنين المضاف والمضاف إليه وستأتي النوعان اللقبي أولًا ثم الإضافي_ . قال "وأصول الفقه :عَلَمٌ لهذا العِلمِ الذي يشعر بابتناء الفقه في الدين عليه" أي أن الفقه بني على أصول الفقه . قال "وهو صفة مدح" أي الابتناء والتأصيل صفة مدح للأصول لبيان شرف بناء المهم وهو الفقه على شيء فكيف بهذا الشيء الذي بني عليه المهم . قال "ثم إنه منقول من مركب إضافي فله بكل اعتبار حد" يقصد أصول الفقه ،أنه اسم علم منقول وليس اسم علم مرتجل قد وضع من أول الأمر علمًا على كذا لا لم يكن كذلك وإنما منقول من مركب ،وهذا المركب مركب إضافي كعبدالله وعبدالقادر وليس مركبًا اسناديا كـ تأبط شرًّا أو مركبًا مزجيًا كحضرموت ،ومادام مركبًا فله بكل اعتبار حد فــللمضاف حد وللمضاف إليه حد وهو ما ذكرناه قبلُ في التعريف باللقب والإضافة .
..
قال "أما حده لقبًا فالعلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية"
وقيل حده القواعد التي يتوصل بها ... ، قال "والذي يكشف عن حقيقته أن الأحكام" لا يقصد هنا الأحكام الشرعية أو الفروع الشرعية فقط ولكن يقصد ما هو أوسع وأعم منها وهو ما بمعنى التصديقات والحكم على الواقع (وهو الحكم على شيء عموما) وهذه التصديقات الحكمية قال "قد تؤخذ لا من الشرع كالتماثل والاختلاف" أي قد لا تؤخذ من الشرع كأن تؤخذ من العقل أو الحس كأن تحكم بأن هذا مثل هذا فيأخذ حكمه _كأنه أراد القياس_ أو أن هذا مختلف عن هذا فيأخذ الحكم المضاد أو النقيض _كأنه أراد مفهوم المخالفة_ وهكذا . قال "وقد تؤخذ منه" أي الأحكام الشرعية قال "وتلك إما اعتقادية لا تتعلق بكيفية عمل ،وتسمى أصلية" أي الشرعية إما أن تكون اعتقادية في الجَنان لا أداء لعمل ولا قول فيها وهي التي تُسمى الأصلية قال "أو عملية تتعلق بها وتسمى فرعية وهذه لا تكاد تتناهى" أي أو أحكام شرعية عملية وهي الفرعية وهي تتعلق بالاعتقادية والاعتقادية بالنسبة لها كالأصل والبناء الذي تنبني الفرعية عليه ، وهذه الشرعية العملية لا تكاد تنحصر أو تنتهي أو تتناهى .
قال "فامتنع حفظها كلها لوقت الحاجة للكل" أي والبشر لا يقدرون على حفظها وضبطها كلها إلى وقت الحاجة إليها كلها بما هو كلي يجمعها ، فلم يقدروا على ذلك الجمع لكل الفروع فعندئذ قال "فنِـيطَت بأدلة كلية من عمومات وعلل تفصيلية" أي أنهم لم يقدروا على ما سبق فربطها الشارع بأدلة أكبر عامة كلية تشملها تحتها ،وهذه الكلية من عمومات مثل الأوامر واجبة الفعل ،وعلل عامة كالإسكار ؛لتربط بينها وبين مَنْ تشبهها فـتـفـصِّـل لك أحكام معينة تدخل تحتها ، وبذلك سهل علينا ضبطها بضبط هذه القواعد والكليات _ألا وهي قواعد أصول الفقه_ . قال "أي كل مسألة مسألة بدليل دليل لتستنبط منها عند الحاجة للكل" جاء هنا ليفسر كلامه السابق فقصد كل فرع بدليله فتستنبط عندئذ من الكلية كيف شئت عند الحاجة ولا تجد عناءَ من طلب جمع الفروع . قال "وإذ ليس في وسع الكل أيضًا أن ينتهض له" أي ليس في وسع كل الناس أن يقوموا بالاستنباط أو أن يدركوا الاستنباط والسبب قال "لتوقفه" أي الاستنباط "على أدوات يستغرق تحصيلها العمر" أي تحصيل أدوات الاستنباط وفهم كلام الشارع مثلًا، فما الذي يحصل عندئذ ؟ قال " وكان يفضي إلى تعطل غيره من المقاصد الدينية والدنيوية" أي سيتعطل غير الاستنباط من مقاصد دينية كبر الوالدين ، والدنيوية كالزراعة ، فما الذي حصل عند استقراء تاريخ الإسلام بالنسبة لاستنباط الأحكام يا أيها العضد ؟ قال "فخص قوم بالانتهاض له وهم المجتهدون" أي خص قوم للقيام بالاستنباط وهم المجتهدون ، قال "والباقون يقلدونهم فيه" أي غير المجتهدين يقلدونهم في الاستنباط والحكم "فدوّنوا ذلك وسمّوا العلم الحاصل لهم منها فقهًا" أي جمعوا ودونوا الاستنباط والنتائج والأحكام . والأحكام التي طلعوا بها سمَّوْهَا فقهًا ، قال "وأنهم احتاجوا في الاستنباط إلى مقدمات كلية" أي قواعد ومقدمات كبرى عند ربطها بالمقدمة الصغرى تطلع لك نتيجة الحكم في مسألة ما _مثاله (المقدمة الكبرى :أمر الشارع واجب/ والصغرى :الصلاة مأمور بها /النتيجة : الصلاة واجبة) . قال "كل مقدمة منها يبتنى عليها كثير من الأحكام ، وربما التبست" أي عليهم "ووقع فيها الخلاف فتشعبوا فيها شعبًا وتحزبوا أحزابًا ورتبوا فيها مسائل تحريرًا واحتجاجًا وجوابًا" أي حرروها بكتابتها وإثباتها واحتجوا لذلك وبذلك وأجابوا على المخالف . قال "فلم يروا إهمالها" رأيهم أنهم لا يكتفوا بهذه الكليات لأنفسهم بل يسجلوها ويحرروها على أنها مهمة لا تهمل ولتكون . "نصحًا لمن بعدهم وإعانة لهم على درْك الحق منها بسهولة فدونوها" أي فيستفيد من بعدهم منها ليدركوا الحق الذي يعتقدون بأنهم أدركوه وفي الغالب قد أدركوه لأن المصيب منهم والمخطئ مأجور بنص الحديث . قال "وسموا العلم بها أصول الفقه" أي هذه القواعد. قال "فكان حده ما ذكرنا. وفوائد القيود قد ظهرت" أي بالقيود استفدنا الاحتراز عن محترزات لنخرجها عن التعريف والحد _فــ(القواعد) تخرج لنا الجزئيات/ و(استنباط) يخرج لنا الفقه الجاهز والثمرة المستنبطة الموجودة / و(الشرعية) تخرج لنا الأحكام العقلية ونحوها / و(الفرعية) تخرج لنا الأصلية العقدية / و( الأدلة التفصيلية) تخرج لنا الأحكام التي تتفرع من الأدلة الإجمالية كالحكم المستنبط من مقصد مراعى ومهم في الشرع_. ..
قال "وأما حده مضافًا فلابد في معرفة المركب من معرفة مفرداته من حيث يصح تركيبها"
أي أولًا :لابد في معرفة المركب من معرفة صحة تركيب مفرداته وأنها متلائمة التركيب . قال "وأصول الفقه :مفرداته الأصول ، والفقه من حيث دلالتهما على معنييهما" ثانيًا :لابد في معرفة المركب من معرفة دلالة معنى مفرداته كلٌ على حدا .فعندئذ تعرف المركب . قال "والأصل ،في اللغة :ما يبتنى عليه الشيء ،ويقال في الاصطلاح" اصطلاح الأصوليين الفقهاء _وأتى بأربعة معاني، الأول قال "للراجح ،يقال الأصل الحقيقة" أي في الكلام ، الثاني قال "وللمستصحب يقال: تعارض الأصل والطارئ" أي الأصلي الباقي على ما كان عليه والطارئ الحادث. الثالث قال "وللقاعدة الكلية يقال :لنا أصل ، وهو أن الأصل مقدم على الطارئ" أي ما تنطبق عليه القاعدة أصل فلا يتحول عنه إلى المخالف إلا بقرينة. الرابع قال "وللدليل يقال :الأصل في المسألة الكتاب والسنة" الدليل من الكتاب .. قال "وإذا أضيف إلى العلم فالمراد دليله" يقصد بالعلم هنا الفقه.
..
قال "والفقه العلم بالأحكام الشرعية (الفرعية عن أدلتها التفصيلية) بالاستدلال"
يقصد بالاستدلال أي عن طريق الشاهد أو وجه الدلالة من الآية أو الحديث مثلًا عرفوها قال "وبهذا القيد الأخير احترزنا عما عرف من بالأدلة ضرورة" أي من دون استدلال ولا نظر ولا صحيح نظر وإنما هو حاصل معرفة لا طلبًا أو استدلالًا مثل ما قال " كعلم جبريل والرسول عليهما السلام ،ومن لم يجعله عن الأدلة" أي من لم يجعل علم جبريل والرسول عليهما السلام من طريق أدلة فهو يقصد قال "إما للتصريح بما عُلِمَ التزامًا" أي أنه حذف الأدلة ليصرح في أنه ليس معلومًا من طريق أدلة ولا توصل بصحيح نظر في ذلك وإنما هو التزامًا من الفرعية مباشرة قال "وإما لدفع الوهم" أي الوهم الحاصل من أن قولي مثلاً أدلة أنها قد تكون بلا استدلال _فأراح نفسه ولم يذكر لا أدلة ولا استدلال_ قال "وإما للبيان دون الاحتراز" أي دون احتراز عن الأدلة والاستدلال في أن ذكر أي شخص للفظة أدلة هو بحد ذاته دليل على أن هناك استدلال سواء ذكرت أنك تقصد أن الطريق بالاستدلال أم لا ؛لأن ذلك ما يتبادر إلى الذهن . قال "وباقي القيود عرفت مما تقدم" أي عرفت وعرفت محترزاتها .
..
قال "واعلم أن له جزءًا آخر كالصورة وهو الإضافة" أي أصول الفقه له جزء آخر غير المضاف (أصول) والمضاف إليه(الفقه) وهذا الجزء الثالث هو ذات الإضافة أي معنى الارتباط بين المضاف والمضاف إليه واختصاص المضاف بالمضاف إليه. قال "وإضافة اسم المعنى تفيد اختصاص المضاف بالمضاف إليه باعتبار (ما دل عليه لفظ المضاف)" أي كما بينا قبل في أن القصد اسم المعنى لا الذي وقعت فيه الإضافة لا اسم العين مثل قال "تقول :مكتوب زيد والمراد اختصاصه به لمكتوبيته له" أي بمجرد الإضافة عرفنا الاختصاص ولم نحتاج إلى دليل خارجي للخصوصية والخصوصية مقيدة بالمكتوبية للإضافة . قال "بخلاف اسم العين فإنها تفيد الاختصاص مطلقًا" لا بتقييد الإضافة. قال "فإذا أصول الفقه :أدلة العلم من حيث هي أدلته ، ونُقِلَ إلى ما ذكرناه عرفًا" أي نُقِلَ إلى ما ذكرناه من أنها الأدلة وغيرها من الترجيح والاجتهاد وذلك كان عرفا باصطلاح . قال "ولو حُمِلَ الأصول على معناه اللغوي حتى يكون معناه ما يستند إليه الفقه" كما قلنا لغة هو ما يبتنى عليه أو يستند إليه . قال "لشمل الأقسام فلم يحتج إلى النقل" أي لشمل كل الأدلة والترجيح والاجتهاد وذلك لأنها تشترك في معنى بناء الفقه على الأصول بأدلة وترجيح وهكذا .
..
قال ابن الحاجب "وأورد إن كان المراد البعض" قال الشارح "أورد على حد الفقه أن المراد بالأحكام إن كان هو البعض"
أي ليس كل الأحكام الفقهية قال "لم يطرد" أي لم يكن الحد مانعًا وصار جامعًا فقط ، قال "لدخول المقلد" وذلك أنه مثل المجتهد يعلم بعض الأحكام الفقهية قال "إذا عرف بعض الأحكام كذلك لأنا لا نريد به العامي" الذي لا يعرف حتى بعض الأحكام ،لا هذا لا نقصد به المقلد وإنما المقلد بين مرتبة المجتهد والعامي فالمقلد يعرف بعض الأحكام فدخل ضمن الاجتهاد. قال "بل من لم يبلغ درجة الاجتهاد" أي هذا هو المقلد . قال "وقد يكون عالمًا" أي عالم بعلم غير الفقه كالحساب ونحوه. قال "يمكنه ذلك مع أنه ليس بفقيه إجماعًا".
قال "وإن كان هو الكل"
أي أن المراد بالأحكام الفقهية كل الأحكام.
قال "لم ينعكس" أي لم يصبح جامعًا. قال "لخروج بعض الفقهاء عنه لثبوت لا أدري عمن هو فقيه بالإجماع ،نُقِـل أن مالكًا" أي الإمام مالك ابن أنس رحمه الله قال "سئل في أربعين مسألة فقال في ست وثلاثين منها :لا أدري ،والجواب" على هذا الاعتراض قال "أنا نختار أن المراد البعض" أي بعض الأحكام قال "قولكم لا يطرد لدخول المقلد فيه ممنوع" أي أن قولكم أنه غير مانع وغير مطرد لدخول المقلد قولكم هذا ممنوع وذلك أن قال "إذ المراد بالأدلة الأمارات" أي الأمارات التي تفيد الظن فلا تعطي القطع في الأحكام. قال "ولا يعلم شيئًا من الأحكام كذلك إلا مجتهد ،يجزم بوجوب العمل بموجب ظنه ،وأما المقلد فإنما يظن ظنًا ولا يفضي به إلى علم ؛لعدم وجوب العمل بالظن عليه إجماعًا." أي ظن المجتهد يعمل به أما المقلد فلا إجماعًا.
قال "أو نختار أن المراد الكل" أي كل الأحكام. قال "قولكم لا ينعكس" أي غير جامع "لثبوت لا أدري قلنا ممنوع" أي قولكم وذلك أن "لا يضر ثبوت لا أدري إذ المراد بالعلم بالجميع التهيؤ له" ومعنى التهيؤ "هو أن يكون عنده ما يكفيه في استعلامه بأن يرجع إليه فيحكم" أي عندما يرجع إلى مراجعة القواعد والأدلة سيخرج الحكم ولن يصعب عليه فعندئذ يحكم . قال "وعدم العلم في الحالة الراهنة" وقت السؤال "لا ينافيه ؛لجواز أن يكون ذلك" وهوعدم العلم "لتعارض الأدلة أو لعدم التمكن من الاجتهاد في الحال" وقت السؤال "لاستدعائه زمانًا"
..
قال ابن الحاجب "وأما فائدته" قال الشارح "فائدة أصول الفقه معرفة أحكام الله تعالى"
_وإن الأولى لو قال معرفة القدرة على التوصل لأحكام الله تعالى لكان أليق_، قال "وهي سبب الفوز بالسعادة الدينية والدنيوية" .
..
قال ابن الحاجب "وأما استمداده" قال الشارح "هذا العلم يستمد من الكلام"
علم الكلام، "ومن العربية ومن الأحكام ، أما الكلام فلتوقف الأدلة الكلية أي الإجمالية" الأدلة الإجمالية المقعِّدة للقواعد متوقِّــفة أن تكون أدلة إلا إذا كانت حججًا للأحكام فذلك مثل قال "ككون الكتاب والسنة والإجماع حجة على معرفة الباري تعالى" فهذا الإدراك محله العقل وما يستنبطه قال "ليمكن إسناد خطاب التكليف" وهو الكلام "إليه ، ويعلم لزومه" وهذا هو الغرض من ذلك "حينئذ . وتتوقف" معرفة وجود الباري سبحانه "على أدلة حدوث العالم" لا العكس وهو أن حدوث العالم دليل وجود الصانع فنقول لا وإنما العالم حادث والدليل عليه الصانع سبحانه وليس العالم بقديم قبل الله سبحانه كما يقول الفلاسفة "وأيضا أنه يتوقف" أي كون الكتاب وأنه حجة "على صدق المبلغ" أي أن المبلغ والرسول إذا كان صادقًا صار الكتاب حجة فتوقف الثاني على الأول. قال "وهو يتوقف على دلالة المعجزة" أي بيان أن المبــلِّــغ والرسول صادق متوقف على أن يأتي بمعجزة دالة على ما يدعي. قال "ودلالتها تتوقف على امتناع تأثير غير القدرة القديمة فيها" أي أن دلالة المعجزة لا إعجاز فيها وهو متوقف على امتناع تأثير قدرة للمخلوقين فيها ونفاذ القدرة القديمة الخارقة فيها التي لا يستطيعها المخلوقين . قال "ويتوقف على قاعدة خلق الأعمال وعلى إثبات العلم والإرادة" أي والعلم بذلك الامتناع الذي هو أنه لا تأثير في دلالة المعجزات إلا لقدرة قديمة خارقة متوقف هذا على قاعدة خلق الأعمال لله سبحانه وحده فهو سبحانه المؤثر والعلم والقدرة له سبحانه فهو العالم الموجد للأمر الخارق للعادة فعندئذ فهو سبحانه الواحد في العلم والقدرة والتأثير وإيجاد ذلك .
..
قال "ولا تقليد في ذلك لاختلاف العقائد فلا يحصل به علم"
أي لا تقليد في علم الكلام مثل التقليد في الفقه وذلك أن التقليد لا يفيد العلم والعلم في الكلام والعقائد لازم ضروري لاختلاف عقائد الناس فيها فهم يتناقضون في تلك المسائل فعندئذ ستجد نفسك تقلد واحدا في الحدوث وواحدا في القدم فإنك ستجد عالمين اثنين حينها .
..
قال "وأما العربية فلأن الكتاب والسنة عربيان والاستدلال بهما يتوقف على معرفة اللغة من حقيقة ومجاز وعموم وخصوص وإطلاق وتقييد ومنطوق ومفهوم وغير ذلك" كما قلنا في توقف ما سبق على ما يستلزمه في علم الكلام السابق في الجمل السابقة لهذه الجملة وهي هنا أن معرفة الكتاب والسنة متوقف على معرفة اللغة العربية وما فيها ألفاظها وسياق جملها من حقيقة ومجاز ووو...
..
قال "وأما الأحكام فالمراد تصورها ،وذلك لأن المقصود إثباتها ونفيها" فلزم من الإثبات أو النفي لها لازم وهو تصور هذه الأحكام وهذا هو فقط مدخل الأحكام إلى أنها مما يستمد منه علم الأصول استمداده وذلك أن المقصود كما نعرف من علم الأصول والثمرة هي إثبات أو نفي الحكم. قال "في الأصول إذا قلنا الأمر للوجوب" فالتصور أنه حصل هنا إلزام وسيكون هناك عقاب مثلا على الترك فتصور هذا هو المطلوب للاستمداد في الأصول ، قال "وفي الفقه إذا قلنا :الوتر واجب مثلًا" كذلك . قال "ولا يمكن بدون تصورها" هذا هو المقصد من الاستمداد .
قال "ولا يريد بالأحكام العلم بإثباتها أو نفيها لأن ذلك فائدة العلم" أي ولا يريد باستمداد الأحكام العلم بإثباتها أو نفيها لأن ذلك هو فائدة علم الأصول وليس استمداده . قال "فيتأخر حصوله عنه" ولا يكون مستمدًا وإنما متأخرًا كمثل الثمرة من العلم. قال "فلو توقف عليه العلم كان دورًا" أي لو كان استمداد علم الأصول هو العلم بإثباتها أو نفيها فعندئذ يأتي الدور والإعادة والتكرار ؛لأنك كأنك تقول فائدته استمداده واستمداده فائدته فلن تعرف ما هو . قال " وستقف على ذكره لأحكام الأحكام إثباتًا ونفيًا" أي وحتى أحكام الأحكام مثل أن الوجوب ليس إباحة والوجوب تركه يعاقب عليه سيقف على ذلك الفائدة والثمرة . قال "وهو خارج عن الأمرين" أي أن المبادئ _ونحن ما زلنا في المبادئ_ خارجة عن أن تكون الأمر الأول هنا وهو تصور الأحكام أو الثاني العلم بإثباتها أو نفيها .
 
أعلى