رد: ما معنى:"الأمر بالشيء نهي عن ضده" مبني على القول بالكلام النفسي؟
بارك الله فيكم
أولاً : وجه البناء أن القائل بالكلام النفسي يقول الأمر بالشيء هو عين النهي عن الضد ؛ لأنه لا صيغة هنا ، وإنما هو معنى فقط ، وهم مختلفون في هذا الكلام النفسي هل هو معنى واحد أو أكثر ؟ قولان : قول جمهورهم أنه واحد ، وذهب بعضهم إلى أنه متعدد ثم اختلف الجمهور على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أنه معنى واحد وهو مع ذلك في الأزل أمر ونهي وخبر وهذا اختيار الأشعري ورجحه إمام الحرمين والسعد .
القول الثاني : أنه واحد وهو في الحقيقة راجع إلى الخبر ، وهو اختيار الرازي ، ومعناه أن الأمر إخبار بالثواب لمن فعل والعقاب لمن ترك ، والنهي إخبار بالعكس .
القول الثالث : أنه واحد ولا قسمة فيه في الأزل ، وإنما يصير أمراً ونهياً وخبراً عند وجود المأمور والمنهي .
والكلام في هذه المسألة طويل وله تفصيلات مذكورة في مواضعها من كتب العقيدة .
ثانياً : معنى ( استظهره ) يعني جعله القول الأظهر فقال : ( يظهر ) أو ( هو الظاهر ) وهذا نص كلام العلامة الشنقيطي رحمه الله : ( اعلم أن كون الأمر بالشيء نهياً عن ضده فيه ثلاثة مذاهب : الأول أن الأمر بالشىء هو عين النهى عن ضده وهذا قول جمهور المتكلمين ....الذى يظهر والله أعلم أن قول المتكلمين ومن وافقهم من الأصوليين أن الأمر بالشىء هو عين النهى عن ضده مبنىٌ على زعمهم الفاسد أن الأمر قسمان : نفسي ولفظي ، وأن الأمر النفسي ، هو المعنى القائم بالذات المجرد عن الصيغة وبقطعهم النظر عن الصيغة ، واعتبارهم الكلام النفسي ، زعموا أن الأمر هو عين النهي عن الضد ، مع أن متعلق الأمر طلب ، ومتعلق النهي ترك ، والطلب استدعاء أمر موجود ، والنهي استدعاء ترك ، فليس استدعاء شيء موجود ، وبهذا يظهر أن الأمر ليس عين النهي عن الضد ، وأنه لا يمكن القول بذلك إلا على زعم أن الأمر هو الخطاب النفسي القائم بالذات المجرد عن الصيغة ...) المذكرة ( ص 32 - 33 )
ثالثاً : ينبني على التفريق بين قول من قال ( الأمر بالشيء نهي عن ضده ) وبين قول من يقول ( الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده ) أن من الأمر على القول الأول يدل مباشرة على النهي عن الضد فلو قال الرجل لامرأته : " إن خالفت نهيي فأنت طالق " ، ثم قال : قومي فقعدت ، فعلى أن الأمر بالشيء نهيٌ عن ضده ، فقوله ( قومي ) هو عين النهى عن القعود ، فيكون قعودها مخالفة لنهيه المعبر عنه بصيغة الأمر فتطلق .
لكن على القول بأنه يستلزم النهي عن ضده فالخلاف ينبني على مسألة أخرى وهي هل لازم القول قول أم لا ؟