العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بعض نصوص الشافعية في وجوب ستر وجه المرأة ومنع كشف

إنضم
4 ديسمبر 2011
المشاركات
100
التخصص
المذهب الشافعي
المدينة
دمشق ، درعا
المذهب الفقهي
الشافعي
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :



فقد ورَد في الحديث ( المتشبِّعُ بما لم يُعطَ كلابسِ ثوبَي زُور ) ظنَنَّا في موضوعنا السابقِ الذي بيَّنا فيه مذهبَ الشافعية مع رَدِّ أخينا الشيخ محمد براء ياسين على جهالاتِ بعضِهم وخطئهِ على الشافعية أن يظهَر حكمُ المذهب للناس في وجوبِ سَتر الوجهِ والكفَّين ، وأن يَستحيَ ذلك الكاتبُ على نفسه وأن ينتهيَ عن غيِّه ، ولكنَّه يُصِرُّ على أن يتمَادى في الباطِل ، وأن يُدَلِّسَ على الناس ، وأن يفهَم نصوصُ العلماء كما يحلُو له ويفسِّرَها كما يريد ، هذا إن ذكَر نصوصًا للعلماء أصلًا ، وإلا فغالبُ كلامه إما بذاءةٌ وسلاطةُ لسَان ، وإما تحليلٌ من رأسهِ وعندِ نفسهِ لم يَسبقه أحَدٌ إليه ، هدانا الله وإياه .



ولما قُلنا في مَوضوعنا الأول ( إن مَن لم يختَلط مذهَبُ الشافعي بعَظمهِ ولحمه ويُصبِح كنَفَسهِ الذي يتنَفَّسُه ليسَ له أن يتكلَّمَ فيه أو يَنسُب إليه ما لم يتيَقَّن أنه منه أو ما لم يتَلَقَّه عن أئمَّته ) نسَبَنا إلى التعالم ورؤيةِ النفس ، ولعَمري ! مَن هو المتعالم ؟ أليسَ هو مَن يتكلَّمُ في كُلِّ شيء ؟ ويدَّعِي معرفةَ كُلِّ شيء ؟ ويُحاكمُ جميعَ المذاهبِ في كُلِّ شيء ؟ ويزعمُ انفرادَه بفَهم نصوصِ العلماء دونَ غيرهِ ؟ حقًّا ( إذا لم تَستَح فاصنَع ما شئت ) .



لن أنشَغلَ في بيان جهالاتهِ وكلامهِ ، بل أُوردُ بعضَ نصوص أئمَّتنا الشافعية رضي الله عنهم التي تُوجبُ سَترَ وجهِ المرأةِ عن الأجانب وتمنَع الكشفَ ، وقبلَ ذلك أقولُ :



مذهبُ الشافعية أنَّ الوجهَ والكفَّينِ ليسَا بعورةٍ كما قالَ تعالى ( ولا يُبدِينَ زينَتَهُنَّ إلا ما ظهَر منها ) ومنها الوَجهُ والكفَّان ؛ لأنَّ الحاجةَ تدعُو إلى كشفِ الوجه في البيعِ والشراء والكفِّ في الأخذِ والعَطاء ، فمَن أطلقَ جوازَ الكشفِ فكلامُه محمُولٌ على هاتَينِ الحالتَينِ ، فإن لم تكن حاجةٌ ( أُلحقَا بالعورةِ في تحريمِ النَّظَر ) كما قالَ الخطيبُ الشربيني وحينئذ إن تحَقَّقَت ( نَظَرَ أجنَبِيٍّ لها لزمَها سَترُ وَجهِهَا عَنه وإلا كانَت مُعينةً له عَلى حرامٍ فتَأثمُ ) كما قالَ ابنُ حجر .



وتجويزُ مُتقدِّمي الشافعية النظرَ مع الكراهةِ إن لم يُخف فتنةٌ لا يلزَم منه جوازُ كشفِ الوجهِ كما فَهم هذا الكاتبُ ، وعلى هذا الأساسِ ينبَغي أن تُفهَم نصوصُ أئمَّتنا الشافعية ليُوافقَ بعضُها بعضًا ؛ إذ كيفَ يُوجبُ أئمَّةُ الفتوَى السترَ ويُصَرِّحُ بعضُهم بتَحريمِ الكشفِ كما سيَأتي ثم يقولُ هذا الكاتبُ ( إذا جازَ النظرُ جازَ الكشفُ ) بل نقولُ : هذا فهمُك أنتَ ، والتَزم به أنت ، لكن لا تنسُبه للشافعية وتُقوّلهُم ما لم يَقولُوه !.



فصل : في بعضِ نصُوصِ الشافعية التي تُوجبُ سَترَ وَجهِ المرأةِ وتمنَعُ كشفَه :


1- نَصَّ حُجَّةُ الإسلامِ الغَزاليُّ في الإحيَاء 2/313 على أنَّ ( الكشف مَعصيَة ) ذكَر ذلكَ بعد كلام طويل في وجوبِ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اختَصَره في المغني فقال ( قالَ الغزالي : يَجبُ على مَن غصَبَ امرأةً على الزنا أمرُها بسَتر وَجهها عنه ) .



2- قال البَغوي في التهذيب 5/236 ( جميعُ بدَنها عَورةٌ لا يجوزُ له أن يَنظُر إلى شَيءٍ منها إلا إلى الوَجهِ والكفَّينِ ؛ لأنها تحتَاجُ إلى إبرازِ الوَجهِ للبَيع والشراءِ وإلى إخراجِ الكفِّ للأخذِ والعَطاء ) . مفهومُ كلامه أنه إن لم تكن حاجةٌ تدعُو إلى الكشف لم يَجُز الكشفُ .



3- قالَ فخرُ الدين الرازي في التفسير 23/364 ( تَستُّرها فيه حرَجٌ لأنَّ المرأةَ لا بُد لها مِن مناولةِ الأشياء بيَدَيها والحاجة إلى كشفِ وَجهِها في الشهادةِ والمحاكمَةِ والنكاح ) . مفهوم كلامه أنه إن لم تكن حاجةٌ امتنعَ كشفُهما أيضًا .



4- قالَ ابنُ الرِّفعَة في كفاية النبيه 2/486 ( وأمَّا عورَتُها بالنسبة إلى الرِّجَالِ غير المحارمِ والزوجِ فجَمِيعُ بَدَنها ) ظاهرُه أنه يَجبُ السترُ كما قال في أوّل الباب ( المرادُ بالعورةِ كلُّ ما يجبُ سَترهُ من البدَن في الصلاةِ ، وسُنودعُه ما يجبُ سترُه عن أعينِ الناظرين ) .



5- قالَ الدَّمِيريُّ في شرح المنهاج 7/19 ( وأجمَعَ المسلمونَ على مَنعِهِنَّ مِن أن يخرُجنَ سَافراتِ الوُجوهِ ) .



6- قالَ ابنُ حَجَر في التحفة 3/179 ( مَن تحَقَّقَت نَظَرَ أجنَبِيٍّ لها يَلزَمُها سَترُ وَجهِهَا عَنه وإلا كانَت مُعينةً له عَلى حرامٍ فتَأثمُ ) .



7- قال ابنُ حَجَر في شرح المقدمَة 215 ( وعورةُ الحرَّة الصَّغيرةِ والكبيرةِ في صَلاتها وعند الأجانبِ ولو خارجَها جميعُ بدَنها إلا الوجهَ والكفَّين ، وإنما لم يكونا عورةً حتى يجبَ سَترُهما لأنَّ الحاجةَ تدعُو إلى إبرازهما ) .



8- وقالَ الخطيبُ الشربيني في الإقناع 1/124 ( ويُكرَه للرَّجُل أن يُصَلِّيَ متلثما وللمرأةِ مُنتَقبَةً إلا أن تَكونَ في مكانٍ وهناكَ أجانبُ لا يحتَرزونَ عن النظَر إليها فلا يجوزُ لها رَفعُ النقابِ ) .



9- قال في شَرح شَرحِ ابن قاسِم قوتِ الحبيب الغريب 310 ( وقولُه إلى الوَجه منها خاصَّةً يَرجعُ إلى الشهادةِ والمعاملة أي فيَنظُر الرجُلُ عند أداء الشهَادةِ عند القاضِي لوَجهِ المرأة المشهُودِ عليها ، ويُؤدِّي الشهادةَ عليها إن لم يَعرفها في نقَابها ، فإن عرَفَها فيه لم يفتَقر إلى الكشفِ بل يحرُم ! ) .



10- قال في فتح العلام 2/144 ( عورةُ المرأةِ بالنسبةِ للرجَالِ الأجانبِ جميعُ بدَنها بدونِ استثناءِ شيءٍ منه أصلًا ولو كانَت عجُوزًا شَوهاءَ ، ويجبُ عليها أن تَستترَ عنه هذا هو المعتمَدُ ) .



11- قال في بُشرى الكريم 262 ( تُطلَقُ العورةُ على ما يحرُم نظَرُه وهو جميعُ بدَنِ المرأة ولو أمَةً وإن انفصَل كشَعرها المبانِ فإنَّ ذلكَ يحرُم نظَرُه على الرجَال ) وقال ( لا منافاةَ بين كونِ جميع بدَنها عورةً مع قول المصنفِ أنها عورةٌ حتى عندَ الأجانبِ ما عدا الوجهَ والكفَّين ؛ لأنَّ المرادَ من الأولِ ما يحرُم نظَرُه وإن لم يكُن عورةً ومن الثاني ما هو عورةٌ حقيقةً ، وعليه فيَجبُ عليها سَترُهما خوفَ الفتنة على المعتمَد ) .



بعد هذه النصوص لا بُد وأن يكونَ ظهَر مذهبُ الشافعية للناس ، وأنا أُطالبُ ذلك الكاتبَ بأن يأتيَ بنصوصِ تنقُضُ هذه النصوصِ ، لا أن يُثَرثرَ من نَفسهِ ، ويحَلِّلَ من رأسهِ ، إذ العلمُ كما قالَ العلماء هو أن تقولَ : قالَ فلان ، وأن تنقُلَه عن أهله وأن تَنسُبَه إليهِم .


وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، والحمد لله رب العالمين


كتبه عدي بن محمد
 
أعلى