رد: الدية في القتل العمد
[FONT="]السلام عليكم أخي عرفات،لي مداخلة بسيطة مضمونها أن الفقهاء قد اتفقوا على مشروعية العفو عند القصاص، وأن ذلك أفضل من في الجملة، وقد احتجوا على ما ذهبوا إليه من النصوص الواردة في الكتاب والسنة، المتضمنة الترغيب في العفو والحث عليه، كقوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ? [سورة : البقرة - آية 178]، وقوله تعالى :? وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ?[ سورة : المائدة-آية 45] ، وقوله تعالى : ? وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ? [ سورة : الشورى- آية 40] ، وقد جاءت السنة مؤكدة على ما نص عليه القرآن، روى أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: (ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع إليه شيء فيه قصاص إلا أمر فيه بالعفو) ، وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: " ما من رجل يصاب بشيء في جسده، فيتصدق به إلا رفعه الله به درجة، وحط به عنه خطيئة" ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله عزاً" ، وعن عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (ثلاث والذي نفس محمد بيده إن كنت لحالفاً عليهن: لا ينقص مال من صدق، فتصدقوا، ولا يعفوا عبد عن مظلمة يبغي بها وجه الله عز وجل إلا زاده الله عزاً يوم القيامة، ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر) ، والعفو عن القصاص عند الشافعي وأحمد هو التنازل عن القصاص إلى الدية أو إلى غير مقابل ، أما مالك وأبو حنيفة فلا يعتبران التنازل عن القصاص إلى الدية عفواً، وإنما يعتبران أنه صلحاً، ولذلك اشترطا لنفاذ التنازل رضاً الجاني لدفع الدية، وأساس الخلافة بين هذين الفريقين اختلافهما فيما يجب القتل العمد،ويرى الإمام أحمد في رواية عنه ، ويرى الشافعي في المشهور ومالك في رواية عنه والأوزاعي وإسحاق وابن سيرين وأبو ثور وأهل الظاهر أن القتل العمد يوجب القصاص والدية، ويكون الخيار بينهما حقاً لولي القصاص دون غيره ، محتجين بقوله تعالى: ? فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ? ، قال ابن عباس: (كان في بني إسرائيل القصاص، ولم يكن فيهم الدية، فأنزل الله عليهم هذه الآية : ?كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى? إلى قوله: ? فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ? ، والعفو أن يقبل في العبد الدية، فاتباع المعروف، يتبع الطالب بمعروف، ويؤدي إليه المطلوب بإحسان، ذلك تخفيف من ربكم مما كتب على من قبلكم) .[/FONT]
[FONT="]فهذا تفسير ابن عباس للآية، ولصحابة أعلم من غيرهم بالمراد من كتاب الله لمعاصرتهم النبي - صلى الله عليه وسلم- وتلقيهم عنه يستبعد أن يقول ابن عباس بهذا القول في تفسير الآية دون أن يكون علمه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول تعالى: ?وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ?[ سورة : النساء -آية 29 ] ، فقد نهى الله في هذه الآية عن قتل النفس، وتعريضها إلى مواطن الهلاك، مما يدل على وجوب استنقاذ الإنسان نفسه ما وجد إلى ذلك سبيلاً، فإذا عرض عليه أولياء الدم افتدى بنفسه عملاً بالآية.والله تعالى أعلم .[/FONT][FONT="][/FONT]