العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

التقصيد والتعصيد

د. نعمان مبارك جغيم

:: أستاذ أصول الفقه المشارك ::
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
197
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
-
المذهب الفقهي
من بلد يتبع عادة المذهب المالكي
التقصيد والتعصيد

كثرت الكتابات حول مقاصد الشريعة، وشاع معها نحت المصطلحات في هذا الميدان. ومن المصطلحات التي نُحتت مصطلح "التقصيد"، وأحسب أنهم يعنون به: إثبات أن للأحكام والنصوص مقاصد، واستخراج تلك المقاصد.

والطريف في هذا المصطلح أنه على وزن "التعصيد"، بمعنى صنع العصيدة. جاء في لسان العرب (مادة: عصد): العصد الليّ. عصد الشيء يعصده عصدا، فهو معصود وعصيد: لواه؛ والعصيدة منه... وفي حديث خولة: فقربت له عصيدة؛ هو دقيق يُلتُّ بالسمن ويطبخ.

وليس بين "التقصيد" و"التعصيد" فرق في مبنى الكلمة سوى في الحرف الثاني (العين والقاف). ولعل أحدا من المشتغلين باللسانيات يجد لنا في لهجات العرب من يقلب القاف عينا والعين قافا (كما تقلب بعض العرب الغين قافا، والقاف غينا)، فإن وجد ذلك، فسينضاف إلى التطابق في الوزن إمكان التطابق في النطق. وعندها يمكن للإنسان أحيانا أن ينطق "التقصيد" كالآتي: "التعصيد"، ويصير اسما على مسمى. ولا غرابة في ذلك؛ فبعض ما يكتب في المقاصد يشبه التعصيد.

والذين يعرفون العصيدة يعلمون أنها أنواع: فألذّها ما كان مصنوعا باللبن من دقيق القمح المتوسط، وبعد استوائه تضاف إليه الزبدة البلدية الطازجة. ويليها ما كان مصنوعا باللبن، ثم يضاف إليه بعد الاستواء السمن البلدي العتيق، فتكون رائحتها شهية، ولكنها تحدث شيئا من الإزعاج في الحلقوم عند ابتلاعها. وفي المقابل يكون من أسوئها ما كان مصنوعا بالماء من دقيق قديم، وطبخته يد ثقيلة لا تحسن التحريك بخفة، فتتكعبر العصيدة كعابر، ثم بعد ذلك لا يجد صاحبها سمنا يلتُّها به؛ فيكون مذاقها سيئا وابتلاعها عسيرا.

وكذلك ما يكتب في التقصيد (المقاصد) منه ما هو أصيل يفيد القارئ، ومنه ما هو تعصيد، يطوّح بك صاحبه عبر صفحات كثيرة، ويقصف رأسَك بألفاظ مثل الجلاميد، فإذا دققت في المضمون لم تكد تحصّل منه شيئا يستحقّ القراءة.
 
إنضم
21 ديسمبر 2010
المشاركات
396
الإقامة
وهران- الجزائر
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة والقانون
الدولة
الجزائر
المدينة
سعيدة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: التقصيد والتعصيد

أحسن الله إليكم فضيلة الدكتور نعمان على هذا الملمح اللطيف
لعل هذا يضاهي طرح إشكال التقعيـد والتعقيـد
إن من لوازم التقصيد أن يقتصد صاحبه في طرحه فيقتصر على ما كان صحيحا مسلما به، تشهد له النصوص الشرعية المتضافرة، وألا يجنح إلى الطرفين الذميمين،
سواء إلى ما تفضلتم به من التعصيـد؛ أي المبالغة في إعمال المقاصد، أو إلى التجريـد؛ أي إعمال النصوص على ظاهرها مجردة من أي قصد.
لكن دعوانا قد يتذرع بها كل أحد؟، فما ضوابط إعمال التقصيد؛ بدون تعصيد أو تجريد؟
بارك الله فيكم وأغدق عليكم من نعمه
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
16 نوفمبر 2009
المشاركات
59
التخصص
شريعة إسلامية
المدينة
سرت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: التقصيد والتعصيد

ماشاء الله، بورك لكم في علمكم دكتور نعمان، ودكتور مختار كذلك، وقد رابني في يوم من الأيام كثرة ما وجدت من كتابات في المقاصد، ولم أجد لذلك وصفًا مناسبًا، سوى ما تفضلتم به اليوم، فكثير من تلك الكتابات هي حقًا من قبيل التعصيد، والنكتة في التشبيه أن صاحبة العصيدة لن تأتي بجديد مهما بذلت من مجهود، ففي النهاية ستقدم لنا (عصيدة).
ويحضرني أنني في أطروحتي للدكتوراة، وعندما كنت في مرحلة المقترح، كنت قد وضعت مبحثًا مقاصديًا، فطلب مني أحد أعضاء لجنة مناقشة المقترح أن أحذف هذا المبحث، وقال لي: إخوانك الجزائريون لم يتركوا شيئًا في المقاصد إلا وكتبوا فيه، فماذا ستضيف أنت من جديد؟ وبالفعل حذفت المبحث، وكفاني الله التعصيد.
وأخيرًا أضم صوتي إلى صوت الدكتور مختار، فنحن في حاجة إلى من يسلط لنا الضوء على ضوابط إعمال التقصيد الذي قد يؤدي الإغراق فيه إلى إهمال النص بدعوى مراعاة الكليات. ولكم منا جزيل الشكر والامتنان.
 

محمد رمضان سنيني

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 نوفمبر 2012
المشاركات
117
الكنية
أبو عبد البر
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الجزائر العاصمة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: التقصيد والتعصيد

ما هذا التكلف؟ إنه مجرد فضول كلام، بل إن إقحامه في هذا الفن عارية

فليسعنا ما وسع وضعوه؛ فهم أقعد به

ثمة ظاهرة بدأت تتشكل ؛ روادها لما أعياهم زيادة لبنة في هذا العلم أجهدوا أنفسهم في رسم عبارات رنانة مثيرة جذابة لا تقدم ولا تؤخر؛ غايتها الظهور، إن لم أقل فيها من التنطع والتشدق الشيء الكثير
 
إنضم
28 نوفمبر 2012
المشاركات
58
الكنية
فارس الزاوي
التخصص
فقه إسلامي
المدينة
..........
المذهب الفقهي
المذهب المالكي
رد: التقصيد والتعصيد

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته:

نشر اليوم من طرف الدكتور محمد الطاهر الميساوي على الفايسبوك:

"
الدرس المقاصدي بين الشعار والمضمون:لا يخفى أن موضوع مقاصد الشريعة قد غدا خلال ما لا يقل عن عقدين من الزمن من أكثر الموضوعات المطروقة من قبل المصنفين في الدراسات الفقهية والأصولية. بل يمكن القول إن هناك ما يمكن اعتباره "طفرة" أو "صحوة" مقاصدية في الدراسات الشرعية، ويشهد لذلك كثرة الكتب والمقالات الحاملة لعنوان المقاصد التي ما انفكت المطابع تدفع بها إلى القراء، فضلاً عن العدد الكبير من الرسائل الجامعية (في مستوى الدكتوراه والماجستير) التي تقبع على رفوف المكتبات الجامعية والخاصة. ولا شك أن في هذه الظاهرة بشارة بنهضة علمية مرغوبة وتطور فكري مأمول في مجال دراسة النظام التشريعي للإسلام. ولكن المتابع لما يصنف في موضوع المقاصد (نشر أو لم ينشر) يساوره غير قليل من القلق وعدم الاطمئنان إزاء هذه "الطفرة" أو "الصحوة"؛ فمقولة المقاصد توشك أن تكون في كثير مما يكتب مجرد عنوان أو شعار يجلب تحته أيُّ كلام في الفقه أو الأصول أو كليهما دون تحرير ولا تحليل ولا تدقيق، ناهيك بأن تحمل اجتهادًا طريفًا في التنظير أو تنزيلاً سديدًا في التطبيق، أو منطقًا متينًا في الاستدلال. بل كثيرًا ما يُلفي الناظر أن الكلام في المقاصد ليس أكثر من محاولة للتسويغ والتبرير لما هو حاصل أو لما يراد حصوله، دون أن يكون ذلك مؤسسًا على تحليل علمي متين وبناء منهجي سليم، واستدلال منطقي قويم".

 

الحضرمية

:: متابع ::
إنضم
3 نوفمبر 2014
المشاركات
5
التخصص
دراسات إسلامية
المدينة
المكلا
المذهب الفقهي
شافعي
رد: التقصيد والتعصيد

جزاكم الله خيرا ، لكن حبذا لو تعرفونا نحن المبتدئين في علم المقاصد عن تلك الأمور التي حصل فيها مبالغات لا أصل لها.
 
إنضم
15 أغسطس 2016
المشاركات
120
الإقامة
مكناس - المغرب
الجنس
ذكر
الكنية
امصنصف
التخصص
الدراسات الإسلامية
الدولة
المغرب
المدينة
مكناس
المذهب الفقهي
مالكي
رد: التقصيد والتعصيد

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته:

نشر اليوم من طرف الدكتور محمد الطاهر الميساوي على الفايسبوك:

"
الدرس المقاصدي بين الشعار والمضمون:لا يخفى أن موضوع مقاصد الشريعة قد غدا خلال ما لا يقل عن عقدين من الزمن من أكثر الموضوعات المطروقة من قبل المصنفين في الدراسات الفقهية والأصولية. بل يمكن القول إن هناك ما يمكن اعتباره "طفرة" أو "صحوة" مقاصدية في الدراسات الشرعية، ويشهد لذلك كثرة الكتب والمقالات الحاملة لعنوان المقاصد التي ما انفكت المطابع تدفع بها إلى القراء، فضلاً عن العدد الكبير من الرسائل الجامعية (في مستوى الدكتوراه والماجستير) التي تقبع على رفوف المكتبات الجامعية والخاصة. ولا شك أن في هذه الظاهرة بشارة بنهضة علمية مرغوبة وتطور فكري مأمول في مجال دراسة النظام التشريعي للإسلام. ولكن المتابع لما يصنف في موضوع المقاصد (نشر أو لم ينشر) يساوره غير قليل من القلق وعدم الاطمئنان إزاء هذه "الطفرة" أو "الصحوة"؛ فمقولة المقاصد توشك أن تكون في كثير مما يكتب مجرد عنوان أو شعار يجلب تحته أيُّ كلام في الفقه أو الأصول أو كليهما دون تحرير ولا تحليل ولا تدقيق، ناهيك بأن تحمل اجتهادًا طريفًا في التنظير أو تنزيلاً سديدًا في التطبيق، أو منطقًا متينًا في الاستدلال. بل كثيرًا ما يُلفي الناظر أن الكلام في المقاصد ليس أكثر من محاولة للتسويغ والتبرير لما هو حاصل أو لما يراد حصوله، دون أن يكون ذلك مؤسسًا على تحليل علمي متين وبناء منهجي سليم، واستدلال منطقي قويم".

لا اعرف اهي فعلا صحوة كما قيل أو كل من طلب الشهرة يكتب في المقاصد فان لم يجد ما يكتب فيه يكتب بجثا قد يعنونه بالقصد من مقاصد المقاصد فكلما كثر المتفيقه من القاف والصاد والدال في كلامه شهد له بأنه عالم نحرير وتبوء مكانة عالية وصار قبلة يقصدها الجميع.
 
أعلى