عبد الفتاح بن اليماني الزويني
:: متابع ::
- إنضم
- 12 نوفمبر 2011
- المشاركات
- 54
- الكنية
- أبو هاجر
- التخصص
- فقه الأقليات المسلمة
- المدينة
- مراكش
- المذهب الفقهي
- سني مالكي
[FONT="][/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][/FONT]
[FONT="]إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ،[/FONT][FONT="]وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد :[/FONT]
[FONT="]كان من أهم وأبرز النتائج التي ترتبت على ردة فعل الأشاعرة تجاه التطرف الاعتزالي في مسائل خلق الأفعال ، والتحسين والتقبيح ، وحدود الإرادة والقدرة الإنسانية إلى جانب المشيئة والإرادة الإلهية ، ما سبق أن ذكرناه في الجزء الأول من المقال عن نفي الأشاعرة للحكمة الإلهية التي تصدر عنها أفعال الله سبحانه .[/FONT]
[FONT="]فالله سبحانه - كما قالت الأشاعرة - ( لا يفعل شيئاً لشيء ، ولا يأمر لحكمة ، ولا جعل شيئاً سبباً لغيره ، وما ثم إلا مشيئة محضة ، وقدرة ترجح مثلاً على مثل، بلا سبب ولا علة . كان ذلك ردًّا على الآراء الاعتزالية التي أكدت على الحكمة الإلهية و ( أوجبت ) على الله -سبحانه- فعل الأصلح لعباده ، فأهدرت عموم المشيئة لصالح الحكمة ، وأهدرت الأشاعرة الحكمة الإلهية لأجل عموم المشيئة ، كما بيَّن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية [1] .[/FONT]
[FONT="]وقد ترتب على ذلك النظر الأشعري في الحكمة والتعليل ، أمران هامان كان[/FONT]
[FONT="]لهما أكبر الأثر في صياغة العقلية الإسلامية خلال القرون اللاحقة .[/FONT]
[FONT="]أولهما : الفصل بين العلة الشرعية والعلة العقلية [2] :[/FONT]
[FONT="]ذلك أن الكثير من أحكام الشرع قد ورد معللاً بعلل منصوص عليها ، كما[/FONT]
[FONT="]في قوله تعالى : [ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ[/FONT]
[FONT="]نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ] [المائدة 32] ، وقوله تعالى: [ فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً ] [الحاقة10] وفي الحديث عن سلمة بن الأكوع قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من ضحى منكم فلا[/FONT]
[FONT="]يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء ، فلما كان في العام المقبل قالوا : يارسول الله[/FONT]
[FONT="]نفعل كما فعلنا في العام الماضي ؟ قال : " كلوا وأطعموا وادخروا ، فإن ذلك العام[/FONT]
[FONT="]كان بالناس جهد فأردت أن تعينوا فيها " متفق عليه [3] .[/FONT]
[FONT="]( ولو تتبعنا ما يفيد إثبات الأسباب من القرآن والسنة لزاد على عشرة آلاف[/FONT]
[FONT="]موضع) [4] .[/FONT]
[FONT="]ولذلك ، كان من الصعب على الأشاعرة - بل على الظاهرية - إنكار العلة[/FONT]
[FONT="]بإطلاق ، فساروا في ذلك كل حسب ما أدته إليه مقدماته :[/FONT]
[FONT="]- فالظاهرية : أقروا بالعلل المنصوصة وأنكروا العلل المستنبطة بطرق[/FONT]
[FONT="]استنباط العلة المعتمدة في مناهج أهل السنة - والتي تنبنى على مفاهيم شرعية -[/FONT]
[FONT="]إعمالاً لمبدئهم في الأخذ بظواهر النصوص .[/FONT]
[FONT="]- والمعتزلة : قبلوا التعليل في الشرع والعقل جميعاً ، وأطلقوه إطلاقاً عاماً[/FONT]
[FONT="]ليس منه فكان إعمالاً لمبدئهم في عموم الحكمة الإلهية ، وإهدارهم لمبدأ عموم[/FONT]
[FONT="]المشيئة الإلهية .[/FONT]
[FONT="]- والأشاعرة : أقروا بالعلة الشرعية المنصوصة والمستنبطة ، على أنها ليست سبباً أو علة للفعل ، بل على أنها " باعث " على الفعل ، وأمارة دالة عليه[/FONT]
[FONT="]وإن لم يكن سبب له [5] ، وأنكروا العلل العقلية مطلقاً إعمالاً لمبدئهم في عموم[/FONT]
[FONT="]الفعل مطلقاً - إلا بذلك الكسب الذي لا يسمن ولا يغني من جوع - من جهة ولعموم[/FONT]
[FONT="]الحكمة الإلهية من جهة أخرى .[/FONT]
[FONT="]وتد تصور بعض الكتاب المحدثين أن الأشاعرة قد انطلقوا في تصورهم ذاك[/FONT]
[FONT="]من الموقف القرآني الذي توهموه أنه " في مواضع عديدة منه ينكر العلة ويتحدى[/FONT]
[FONT="]الأسباب ، وينكر الصعود إليها ) [6] (كذا) ! إلا أننا نرى أن ذلك التصور لا يتوافق [/FONT][FONT="]...[/FONT][FONT="] [/FONT]
[FONT="]مع ما رأيناه من نشأة تلك المباحث أصلاً ، وما أثر في الفكر الأشعري حتى وصل[/FONT]
[FONT="]به الى تلك النتائج المؤسفة .. إذ إن القرآن كله - على عكس قول القائل - دال[/FONT]
[FONT="]على إثبات الحكمة والسبب إثباتاً لا ينكره أحد من المنصفين .[/FONT]
[FONT="]الثاني : تفسير العلل والأسباب بحكم " العادة " :[/FONT]
[FONT="]ذلك أن التلازم الذي لا تنكره الفطر السوية بين السبب ونتيجته لا يمكن[/FONT]
[FONT="]جحده جحداً ظاهراً إلا من أخرق أو سوفسطائي مشكك .. أما الأشاعرة فقد ذهبوا في إنكار تلك العلاقة بين السبب ونتيجته - أو العلة ومعلولها - إلى أن ذلك التتابع بينهما إنما هو من تصورنا لاغير ، فهو " تلازم في الحدوث " وليس تلازماً ناشئاً عن الارتباط بينهما وبمعنى آخر هو إلف العادة التي نشأنا عليها أن نرى النار تشتعل في الورق ثم نرى الورق يحترق ، فالاحتراق ليس ناشئاً عن النار ، بل هو حادث عند حدوثها فقط (كذا) ! ! . والنار لا دخل لها بالإحراق إنما الله -سبحانه- يخلق الاشتعال ، ويخلق عنده الاحتراق كلٌ منفصل عن الآخر ، لا الاحتراق ناشيء عن النار ، ولا النار تسبب الاحتراق ! وهكذا في سائر الظواهر الطبيعية كتلازم الشرب والري ، والأكل والشبع .[/FONT]
[FONT="]وقد كانت أدلة الأشاعرة على ذلك الأمر ، أغرب من أقوالهم ذاتها ، إذ قالوا :[/FONT]
[FONT="]أليس الله -سبحانه- يقدر على خلق الشبع في الإنسان ، دون أن يأكل وأن يحرق[/FONT]
[FONT="]إنساناً دون أن تشتعل فيه نار ، أو أن يشعل ناراً دون أن يحرق بها الناس .. ألم[/FONT]
[FONT="]يحدث ذلك مع إبراهيم -عليه السلام- ! ؟ فهذا يعني - بالضرورة عندهم - أنه[/FONT]
[FONT="]لاسبب ولا علة للحوادث بل هو مجرد التلازم وإلف العادة ، وإثبات المشيئة الإلهية[/FONT]
[FONT="]والقدرة الربانية العامة المرافقة للخلق في كل صغيرة وكبيرة على حساب الحكمة[/FONT]
[FONT="]الإلهية التي شاءت فعل الأحكم والأصلح ، لكمال الذات الإلهية التي يناسبها فعل[/FONT]
[FONT="]الأحكم والأصلح عن عدم فعله أو عن الفعل غير المعلل ابتداء .[/FONT]
[FONT="]وقد نقل علي النشار قول الغزالي في تهافت الفلاسفة - مؤيداً له - حيث[/FONT]
[FONT="]قال : (واستمرار العادة بها مرة بعد أخرى ترسخ في أذهاننا جريانها على [/FONT][FONT="]...[/FONT][FONT="] وفق العادة الماضية ترسخاً لا تنفك عنه ) .[/FONT]
[FONT="]( إن من المسلم به أن النار خلقت بحيث إذا تلاقت مع قطنتين متماثلتين[/FONT]
[FONT="]أحرقتهما ولم تفرق بينهما ، طالما كانتا متماثلتين من جميع الوجوه ، ولكن مع هذا[/FONT]
[FONT="]يجوز أن يلقى شخص في النار فلا يحترق ، فقد تتغير صفة النار أو تتغير صفة[/FONT]
[FONT="]الشخص ) .[/FONT]
[FONT="]والملاحظ أنه قوله ، فقد تتغير صفة النار أو صفة الشخص ، رجوع عن[/FONT]
[FONT="]مبدئه كلية ، إذ في هذا إقرار بأن صفة الشخص الأساسية هي أن يحترق بالنار وأن[/FONT]
[FONT="]صفة النار الأساسية أنها تحرق الشخص ، ولا يعني هذا إطلاقاً أن النار أساساً لم[/FONT]
[FONT="]تخلق لتحرق ، أو الناس لا يحترقون ابتداءً بالنار ، كما أنه لا يعني أن الله -[/FONT]
[FONT="]سبحانه- لم يخلق فعل الاحتراق في الشخص ، أو فعل الإحراق في النار رغم أن[/FONT]
[FONT="]ذلك ممكن عند إرادة الله -سبحانه- أن يحدث معجزة أو كرامة ولكن ذلك يكون[/FONT]
[FONT="]خرقاً مقصوداً مؤقتاً للنواميس العادية التي جبلت عليها المخلوقات .. ونحن نرى أن[/FONT]
[FONT="]النشار قد اندفع وراء أشعريته بعيداً عن النهج القويم في النظر والاستدلال الذي[/FONT]
[FONT="]تناوله بالبحث والدرس في " مناهج بحثه " التي استقصاها عند مفكري المسلمين ! ![/FONT]
[FONT="]ومما لاشك فيه أن إهدار مفهوم النتائج عن أسبابها أدى إلى أبشع النتائج[/FONT]
[FONT="]وأخطرها على العقلية الإسلامية خلال القرون الماضية ، لما في ذلك من إهدار عام[/FONT]
[FONT="]لقيمة العلم التجريبي بل والنظري معاً ، كما سنرى في حديثنا عن الآثار التي[/FONT]
[FONT="]ترتبت على انتشار مثل تلك المفاهيم .[/FONT]
[FONT="]الصوفية والأسباب :[/FONT]
[FONT="]لم يكن الأشاعرة أو المعتزلة وحدهما الذين خاضوا معترك الحديث في[/FONT]
[FONT="]الأسباب والعلل ، أو الكلام في القدر وحدود الإرادة الإنسانية وحريتها وما[/FONT]
[FONT="]ترتب على ذلك من قضايا ، بل شاركت في ذلك فرقة واكب ظهور أوائل روادها حوالي منتصف القرن الأول الهجري ، ثم تطورت مفاهيمها بعد ذلك -من منتصف القرن الثاني -إلى أن وصلت حد الغلو والتطرف - بل في بعض آرائها التي دعا إليها نفر من كبار مشايخها - إلى حد الكفر والمروق ونعني بها فرقة الصوفية ، التي أدلت بدلوها في موضوع العلة والسبب بما يتناسب مع الخط العام لفكرها ومنهاجها ، فكانت تلك الآراء من أهم العوامل التي أدت إلى إهدار قيمة الأخذ بالأسباب في المجتمع الإسلامي ، وبالتالي من عوامل الهدم التي عملت في [/FONT][FONT="]...[/FONT][FONT="] جنبات الحياة الإسلامية حتى أدت بها إلى الانحطاط والركود والتخلف .[/FONT]
[FONT="]تناولت الصوفية مفهوم السبب من منطلق تصوراتها لثلاثة أمور :[/FONT]
[FONT="]أولاً : مفهوم القدر .[/FONT]
[FONT="]ثانياً : مفهوم التوكل .[/FONT]
[FONT="]ثالثاً : مفهوم الركود والولاية .[/FONT]
[FONT="]أولاً : القضاء والقدر عند الصوفية :[/FONT]
[FONT="]استغرق الصوفية في معاني توحيد الربوبية ، والتأمل في الأسماء والصفات[/FONT]
[FONT="]حتى شذوا في تلك المعاني ، وخرجوا بها عن المقصود منها كتعبير عن كمال الله[/FONT]
[FONT="]سبحانه وجوانب عظمته وقدرته وسائر صفاته ، وما تضفيه تلك المعاني على المسلم[/FONT]
[FONT="]من مشاعر المحبة والتوكل والخضوع وتمام الاطمئنان لحكمة الله وقدرته -سبحانه-[/FONT]
[FONT="]وهو ما يستلزمه توحيد الألوهية والقيام بحق العبادة على وجهها الأكمل في كافة[/FONT]
[FONT="]جنبات الحياة الإنسانية .[/FONT]
[FONT="]كان لذلك الاستغراق في معانى توحيد الربوبية والشطط والغلو في مفاهيمها[/FONT]
[FONT="]ومراميها ، أن خلطت الصوفية في مسألة القدر الإلهي وحدود الإرادة الإنسانية التي[/FONT]
[FONT="]أتاحها الله للإنسان ليجعله بها مكلفاً ، ومعرضاً للثواب والعقاب ، ولم يميزوا بين[/FONT]
[FONT="]إرادة الله النافذة التي لا يقع شيء في الكون مخالفاً لها ، وبين إرادته التي بيّنها في[/FONT]
[FONT="]أمره ونهيه ، حسب ما يحبه ويرضاه ، أو يكرهه ويأباه ، فأخذوا بقول الجبرية في[/FONT]
[FONT="]أن الإنسان كالريشة في مهب الريح ، مسيّر بإرادة الله تعالى دون إرادة منه أو[/FONT]
[FONT="]استطاعة ، والمؤمن الحق - عندهم - هو من يشهد هذه الحقيقة ، ويرى قدر الله[/FONT]
[FONT="]النافذ فيه وفي الناس حين يفعلون الخير أو يأتون الشر ، بل تطرف بعضهم فذهب[/FONT]
[FONT="]إلى أن الكافر حين يكفر فهو يسير علي القدر الإلهي السابق ، وهو مطيع لله بكفره ! والكوارث والمجاعات والمصائب والمظالم التي تصيب الناس ، لا داعي[/FONT]
[FONT="]للتخلص منها أو إزالتها ، والاستسلام لها هو عين الاستسلام لقدر الله النافذ[/FONT]
[FONT="]والخضوع لمشيئته ، وهو قمة الإيمان والتوحيد ، ولا يخفي ما في هذا التصور من[/FONT]
[FONT="]ابتعاد عن الله ، وتهديد للوجود الإسلامي أصلاً .[/FONT]
[FONT="]ثانياً : الصوفية ومفهوم الكرامة :[/FONT]
[FONT="] كان لإلغاء دور العقل في الحياة الإنسانية- بما زعموه من أن تربية الروح[/FONT]
[FONT="]هي مقصودهم الأول والأوحد - أثر واسع في التعلق بالكثير من الخرافات[/FONT]
[FONT="]والخروج بالعديد من الظواهر الدنيوية أو الشرعية عن حدودها المعلومة[/FONT]
[FONT="]والصحيحة ، استنامة للأحلام التي يهيم فيها (العاشقون) المتدرجون في مراتب الشوق و الدهشة و الانبهار وما إلى ذلك من مسالك لا يدركها إلا السالك ! ومن تلك ال ظواهر ظاهرة الكرامة التي يختص الله - سبحانه - بها بعضاً من عباده الأتقياء الأولياء على الحقيقة ، فيجري على أيديهم ما يخرق العادة الجارية والعلل السائرة إكراماً لهم ، وتثبيتاً لإيمان بعض من يحتاج إيمانه إلى ذلك التثبيت ،[/FONT]
[FONT="]وإظهاراً لعموم القدرة الإلهية التي خلقت النواميس ، والتي تقدر على خرقها في أي وقت شاءت .[/FONT]
[FONT="]والصوفية -ولله الحمد من قبل ومن بعد - أولياؤهم عديدون ، ودرجة الولاية[/FONT]
[FONT="]تنال عندهم بلبس الخرق والمرقعات ، والسلاسل والرقص في الحضرات ، وحفظ[/FONT]
[FONT="]الأوراد المبتدعة والإتيان بالأفعال الشاذة .. والكرامة متاحة للعديد منهم بمناسبة[/FONT]
[FONT="]وبدون مناسبة ، بحق أو بباطل ، لوليّ أو دعيّ طالما هو سائر على دربهم ذاك .[/FONT]
[FONT="]هذا يخطو خطوة فينتقل من الشام إلى الكعبة فيزور البيت ويعود إلى مجلسه[/FONT]
[FONT="]من ساعته ، وذاك يخرج إلى الصحراء دون عدة أو عتاد فيلاقي الوحش فينفخ فيه[/FONT]
[FONT="]فيكون كالقط الأليف وذاك يخرج للحج فإذا به يرى الكعبة قادمة في الطريق فيسألها[/FONT]
[FONT="]إلى أين هي ذاهبة (أي الكعبة ؟ ) فتقول (الكعبة كذلك ! ) إلى فلانة العابدة لتطوف[/FONT]
[FONT="]بي ثم أعود ! ! وهناك إحدى الروايات التي يرددها أهل بعض القرى في صعيد[/FONT]
[FONT="]مصر عن عائلة من العائلات التي يتوارث أولادها الولاية عن آبائهم ، وكيف أن[/FONT]
[FONT="]أحد أطفال هذه العائلة أوقف قطاراً مندفعاً بيده ليركب فيه ! ! أي والله يحكيها الكبير[/FONT]
[FONT="]المتعلم قبل الغر الجاهل ! وليرجع القارىء - إن شاء- إلى رسالة للقشيري أو[/FONT]
[FONT="]إحياء علوم الدين للغزالي أو غير ذلك من الكتب المملوءة بمثل تلك الروايات .[/FONT]
[FONT="]إذن فما حاجتنا للسيارات والطائرات ؟ ! وما الداعي لاقتناء آلات الحرب أو[/FONT]
[FONT="]الدفاع ؟ ! وما الدافع إلى الخروج بحثاً عن الرزق والزاد وعمارة الدنيا ، والبحث[/FONT]
[FONT="]عن مكنونات الطبيعة وأسرارها المودعة فيها لصالح المسلمين وإعلاء كلمة الدين ..[/FONT]
[FONT="]الأمر أهون من ذلك ، فإنما هي صفقة باليد فإذا التخت ممدودة والموائد معمورة[/FONT]
[FONT="]والمسافات قد قصرت ، والأفكار قد اندفعت .. فحسبك أن تلبس الخرقة ، وترقص[/FONT]
[FONT="]بالحضرة ! ! ! قل لي بالله عليك - أيها القارىء العزيز - أي إهدار لقيمة اتخاذ[/FONT]
[FONT="]الأسباب أكبر من ذلك ؟ وأي محاولة للقضاء على الكيان الإسلامي أبعد أثراً من تلك[/FONT]
[FONT="]المحاولة .[/FONT]
[FONT="]ثالثاً : الصوفية والتوكل :[/FONT]
[FONT="]كان من نتيجة ما رأينا من الأفكار الصوفية عن مسائل القدر والكرامات[/FONT]
[FONT="]والاستغراق في توحيد الربوبية بجهل وابتداع دون النظر إلى ما يستلزمه من حق[/FONT]
[FONT="]العبادة ، أن اضطرب لدى الصوفية مفهوم التوكل على الله .. واستحال إلى التواكل[/FONT]
[FONT="]والاستنامة والبعد عن العمل واتخاذ السبب ، فصحة التوكل - عندهم - لا تكتمل[/FONT]
[FONT="]إلا بالنظر إلى مسبب الأسباب -سبحانه- ، وقطعوا النظر إلى الأسباب ذاتها[/FONT]
[FONT="]والانفضاض عنها .. وكلما ترقى المسلم الصوفي في مدارج الطريق كلما ازداد بعداً[/FONT]
[FONT="]عن الأخذ بالسبب مطلقاً ، بل إن النظر إلى الأسباب هو تلبيس من الشيطان على[/FONT]
[FONT="]أهل التفرقة ، فيجعلهم يعدّدون في المصدر والسبب ، ويرون أن للأفعال أسباباً[/FONT]
[FONT="]ظاهرة ناشئة عنها فالري لا يحدث إلا بالشرب مثلاً .. وهو وهم من أهل التفرقة ،[/FONT]
[FONT="]وتلبيس عليهم فالري يحدث بالشرب أو بدونه كما في الكرامة ، أو إذا صح التوكل - دون اكتساب لذلك - كما أن فعل الطاعات أو الإقامة عليها ليس نتيجة عمل[/FONT]
[FONT="]الشخص بل هي منسوبة لله تعالى ، سواء فعله أو الإثابة والعقاب عليه ، وإضافة[/FONT]
[FONT="]فعل الطاعة للعبد تلبيس على أهل التفرقة ! وغير ذلك كثير من الخلط والاضطراب[/FONT]
[FONT="]والابتداع الذي كان له ولاشك أكبر الأثر في صياغة تلك العقلية الإسلامية التي[/FONT]
[FONT="]يعاني منها الوجود الإسلامي في العصر الحاضر ، والتي كانت سبباً مباشراً- ولو[/FONT]
[FONT="]كره نفاة الأسباب ! - في تلك الأمراض ، والعلل التي يعاني منها المسلمون في هذا[/FONT]
[FONT="]العصر .[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]__________[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="](1) العلة الشرعية - كما عرفها علماء الأصول في مبحث القياس - هي التي يدور معها الحكم وجوداً وعدماً ، أى يوجد عند وجودها ، وينعدم عند عدمها ، ومثال ذلك : الإسكار علة لتحريم المشروب ، فإذا وجد الإسكار عند تناول المشروب (قليله أو كثيره) حرم المشروب ، وإن لم يوجد الإسكار لم يكن المشروب محرماً ، والعلة إما منصوص عليها ، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لأجل الدافة " فبيّن علّة تحريم أكل لحوم الأضاحي في ذلك العام لسبب ورود الدافة حول المدينة ، أو مستنبط بطرق الاستنباط التي عدّدها الشوكاني أحد عشر مسلكاّ ، كما أن لها أوصافاً يجب أن تتحقق فيها لكي تكون علة مستنبطة للحكم ، وقد عددها الشوكاني كذلك أربعة وعشرين وصفاً إرشاد الفحول 207 - 222 ، أما العلة العقلية فالمقصود بها السبب الذي تنشأ عنه النتيجة في حكم العادة سواء في المجال النظري ، كما يقال : إن جمع المتفرقات علة في حدوث المركب ، أو المجال التجريبي كما في الظواهر الطبيعية عامة كما يقال النار علة الاحراق أو الأكل علة الشبع ، وكلاهما يطلق عليه علة عقلية .[/FONT]
[FONT="](2) شفاء العليل لابن القيم /189 .[/FONT]
[FONT="](3) إرشاد الفحول للشوكاني /207 .[/FONT]
[FONT="](4) مناهج البحث عند مفكري الإسلام لعلي سامي النشار /124 .[/FONT]
[FONT="](5) تهافت الفلاسفة للغزالي /67 .[/FONT]
[FONT="](6) الذين هم أهل السنة ! والحق أن بعضهم كصاحب منازل السائرين يزعم أن التلبيس من فعل الله -سبحانه وتعالى- ليضل به أهل التفرقة ، على أصلهم أن الإضلال من الله وليس للعبد به شأن .[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]