العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تنبيه: مَسْأَلَةٌ سُنَّةُ الْعَيْنِ وَسُنَّةُ الْكِفَايَةِ.

إنضم
28 نوفمبر 2012
المشاركات
58
الكنية
فارس الزاوي
التخصص
فقه إسلامي
المدينة
..........
المذهب الفقهي
المذهب المالكي

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته:
من خلال تحقيقي لمتن فقهي لفت انتباهي قول صاحبه: "سنة عين وسنة كفاية" فأردت تحديد المعنى منهما، فوجدت أنّ الإمام الزركشي قد تعرض لهذه المسألة بشكل رائع، فأحببت أن أفيد إخواني في ذلك من خلال نقل كلامه:
يقول الامام الزركشي -رحمه الله- في كتابه البحر المحيط:" مَسْأَلَةٌ [ سُنَّةُ الْعَيْنِ وَسُنَّةُ الْكِفَايَةِ ] وَكَمَا يَنْقَسِمُ الْفَرْضُ إلَى عَيْنٍ وَكِفَايَةٍ فَكَذَلِكَ السُّنَّةُ .
وَسُنَّةُ الْكِفَايَةِ أَنْ يَقَعَ الِامْتِثَالُ لِأَمْرِ الِاسْتِحْبَابِ بِفِعْلِ الْبَعْضِ ، وَيَنْقَطِعَ دَلَالَةُ النَّصِّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَبْقَى مُتَسَحَّبًا بَلْ دَاخِلًا فِي حَيِّزِ الْمُبَاحِ أَوْ غَيْرِهِ ، بِخِلَافِ سُنَّةِ الْعَيْنِ فَإِنَّهَا بِفِعْلِ الْبَعْضِ الِاسْتِحْبَابُ مَوْجُودٌ فِي حَقِّ الْبَاقِينَ ، كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " شَرْحِ الْإِلْمَامِ " وَمِثَالُ سُنَّةِ الْعَيْنِ الْوِتْرُ ، وَصِيَامُ الْأَيَّامِ الْفَاضِلَةِ ، وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ ، وَمِثَالُ سُنَّةِ الْكِفَايَةِ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ وَالتَّسْلِيمُ وَالتَّشْمِيتُ ، وَكَذَا الْأُضْحِيَّةَ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ : إذَا ضَحَّى الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ ، فَقَدْ وَقَعَ اسْمُ الْأُضْحِيَّةِ ، وَكَذَلِكَ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْأَكْلِ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ ، وَفِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ مَا يَقْتَضِيهِ ، وَكَذَا مَا يُفْعَلُ بِالْمَيِّتِ مِمَّا يُنْدَبُ إلَيْهِ .
قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : وَيُفَارِقُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ سُنَّةَ الْكِفَايَةِ فِي أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَا يُنَافِيهِ الِاسْتِحْبَابُ فِي حَقِّ مَنْ زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي سَقَطَ بِهِ الْفَرْضُ ، وَالسُّنَّةُ عَلَى الْكِفَايَةِ يُنَافِيهَا الِاسْتِحْبَابُ فِيمَا زَادَ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ الَّذِي اقْتَضَى الِاسْتِحْبَابَ ، وَهُنَا فَائِدَتَانِ :
إحْدَاهُمَا : [ الْمَشْهُورُ وُقُوعُ سُنَّةِ الْكِفَايَةِ ] .

الْمَشْهُورُ وُقُوعُ سُنَّةِ الْكِفَايَةِ ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الشَّاشِيُّ ، وَقَالَ فِي كِتَابِهِ " الْمُعْتَمَدِ " فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مَا نَصُّهُ : لَمْ نَرَ فِي أُصُولِ الشَّرْعِ سُنَّةً عَلَى الْكِفَايَةِ بِحَالٍ ، وَالسُّنَنُ مَعْلُومَةٌ وَيُخَالِفُ الْفَرْضُ حَيْثُ انْقَسَمَ إلَى عَيْنٍ وَكِفَايَةٍ ، فَإِنَّ فِي الْكِفَايَةِ فَائِدَةً ، وَهِيَ السُّقُوطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ عَلَىالْبَاقِينَ ، وَالسُّنَّةُ لَا يَظْهَرُ لَهَا أَثَرٌ فِي كَوْنِهَا عَلَى الْكِفَايَةِ ؛ لِأَنَّهَا لَا إثْمَ فِي تَرْكِهَا فَتَسْقُطُ كَمَنْ تَرَكَ بِفِعْلِ مَنْ فَعَلَ ، وَإِنَّمَا هِيَ ثَوَابٌ يَحْصُلُ لَهُ بِالسَّلَامِ مَثَلًا ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ ثَوَابٌ بِفِعْلِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ يُوجَدُ مِنْ جِهَةٍ تُسَاوِيهِ .
أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ جَمَاعَةٌ سُنَّ لَهُمْ تَحِيَّةٌ بِالْمَسْجِدِ ، وَلَا تَسْقُطُ سُنَّةُ التَّحِيَّةِ فِي حَقِّ بَعْضِهِمْ بِفِعْلِ الْبَعْضِ ؟ وَهَذَا لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ مُوَجَّهٌ عَلَى الْجَمَاعَةِ احْتِيَاطًا ؛ لِيَحْصُلَ ذَلِكَ الْفَرْضُ ، فَإِذَا فَعَلَ بَعْضُهُمْ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ وَسَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ ، وَالسُّنَّةُ إنَّمَا أُمِرَ بِهَا اسْتِحْبَابًا لِحَظِّ الْمَأْمُورِ فِي تَحْصِيلِ الثَّوَابِ لَهُ ، فَلَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابٌ بِمَا لَا كَسْبَ لَهُ فِيهِ.انتهى
الثَّانِيَةُ [ سُنَّةُ الْكِفَايَةِ أَهَمُّ مِنْ سُنَّةِ الْعَيْنِ ]
قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْقِيَامَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَهَمُّ مِنْ فَرْضِ الْعَيْنِ مِنْ جِهَةِ إسْقَاطِ الْحَرَجِ عَنْ الْكُلِّ ، فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا فِي سُنَّةِ الْعَيْنِ وَالْكِفَايَةِ ، لَكِنْ لَا حَرَجَ هُنَا فَلْيَكُنْ أَفْضَلِيَّةُ سُنَّةِ الْكِفَايَةِ مِنْ جِهَةِ تَحْصِيلِهِ الثَّوَابَ لِلْجَمِيعِ ، وَفِيهِ بُعْدٌ كَمَا تَقَدَّمَ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ ، وَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَكَ غَيْرُهُ فِي ثَوَابِ أُضْحِيَّتِهِ وَذَبَحَ عَنْ نَفْسِهِ جَازَ ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ { تَضْحِيَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ ، وَقَوْلُهُ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ }" . البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي(المكتبة الشاملة).
 
أعلى