العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تصنيف الآثار المشكلة على زمن بداية الصيام

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
تصنيف الآثار المشكلة على زمن بداية الصيام
زمن الصوم من طلوع الفجر الثاني حين يتبين الخيط الأبيض من الأسود إلى غروب الشمس.
وقد اعتبر الطبري (310): أن القول بسوى هذا التحديد مخالف لما دل عليه كتاب الله، ومخالف لما نقلته الأمة([1]).
وقال ابن المنذر (319): وبه قال عطاء، وعوام أهل العلم علماء الأمصار([2]).
وقال ابن عبد البر (463): وهو إجماع لم يخالف فيه إلا الأعمش فشذ، ولم يعرج على قوله، والنهار الذي يجب صيامه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس على هذا إجماع علماء المسلمين فلا وجه للكلام فيه([3]).
وقال ابن عطية (542): [وهو قول] الجمهور، وبه أخذ الناس، ومضت عليه الأمصار والأعصار، ووردت به الأحاديث الصحاح([4]).
وقال ابن رشد (595) عن القول الآخر: وهذا شذوذ فإن قوله تعالى: {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض...} نص في ذلك، أو كالنص، والذين رأوا أنه الفجر المستطير هم الجمهور والمعتمد([5]).
وقال ابن القيم (751): ذهب الجمهور إلى امتناع السحور بطلوع الفجر, وهو قول الأئمة الأربعة, وعامة فقهاء الأمصار, وروى معناه عن عمر وابن عباس([6]).
ففي النقول السابقة ما يفيد أن في المسألة قولاً آخر موصوفا بوصفين:

  1. أنه قولٌ قديم ارتفع.
  2. أنه أصبح قولًا شاذا لا يعول عليه، ولا يعمل به.
وهذا الخلاف القديم قد ارتفع: بالإجماع العملي المستقر على أن الصيام يبدأ مع طلوع الفجر، وعلى هذا المذاهب الفقهية كلها: الحنفية([7])، والمالكية([8])، والشافعية([9])، والحنابلة([10])، وبها أفتى فقهاء الأمصار([11])، وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وعليها عمل المسلمين المستمر إلى اليوم، ولذا وصف ابن رشد القول بخلافه بالشذوذ، بل ذهب ابن عبد البر إلى أنه لا وجه للكلام فيه، وأنه قولٌ لا يستحق التعريج عليه([12]).
لكن إنما نعرج عليه اليوم: لأن الحاجة مستدعية إليه بسبب شيوع الأخذ بالغرائب، وشواذ العلم، وإحياء ما مات من الخلاف، وتخطي الإجماعات المتوالية والمستقرة.
وإذا كنا في زمن التقليد والجمود: نستحث على اتباع النصوص، وإحياء الاجتهاد، فإنه ينبغي كذلك في زمن الافتيات والتخطي والتصدر أن ندفع إلى الانضباط في أقوال جماعات أهل العلم ولو لم يكن إجماعًا محافظة على حرم الإجماع، ففي أقوال عامة أهل العلم يكون الصواب مندرجًا في تضاعيفه غالبا؛ فإن الحق ظاهر ومتضح، ويبعد أن يجتمع عامة أهل العلم على خلافه، وإن كان قد يقع ذلك على قلة، إلا أن الانضباط فيه أقرب إلى الصواب والسداد؛ وذلك لأن من انضبط فيه لم يكد يفوته من مسائل الحق والصواب إلا جملة مسائل قليلة هي من جنس النادر، بينما نجد أن من أَلِفَ مجاوزة أقوالهم، لاسيما من كان ناقص الآلة، قليل الدربة، شديد الجسارة، فإنه يغلب على الظن كثرة اجتيازه للصواب، ومصاحبته للغلط، وتجذر وصف الشذوذ لديه؛ لذا فينبغي التفريق بين شأن الأئمة والكبار، وبين شأن المتفقهة.
وإنما وقع الخلاف القديم في هذه المسألة: بسبب الاشتباه في معنى تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وقد وقع في شأن ذلك خلاف قديم، ثم قضي عليه بالإجماع المتأخر، وأن معنى ذلك حين طلوع الفجر، وهذا ما يتطابق مع دلالة اللفظة نفسها، فإن التعبير بالخيط يشير إلى الدقة في ذلك، وأن التبين يكون بأول ذلك، فالتبين محله إدراك الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وهذا يحصل في أول الفجر.
ثم إن الخلاف القديم: لم يكن على مقياس واحد؛ فكانت هناك عدة آراء، ولذا فمن اختار أحدها فلا يصح له أن يستدل بسائرها، ويحشد كل الآثار حشدا، كما وقع ذلك فعلا.
وحتى نميز بين هذه الآثار: فسيكون الكلام على هذه المسألة بحسب ما ثار من الكلام في المسألة، وذلك في المواقع التالية:
الموقع الأول: ما يفيد التأخير الشديد للسحور.
الموقع الثاني: أن وقت الصيام يبدأ من أذان الفجر لا من دخول الوقت.
الموقع الثالث: أن وقت الصيام يبدأ من طلوع الفجر الصادق لا الكاذب.
الموقع الرابع: أن وقت الصيام يحل بالعلم بتبينه بالنسبة للصائم لا بتبينه في نفسه الأمر.
الموقع الخامس: أن وقت الصيام يحل بانتشار الضوء على وجه الأرض أو رؤوس الجبال.
الموقع السادس: أن وقت الصيام لا يدخل إلا بيقين.
وهذه الطرق الثلاثة الأخيرة: تفرق بين وقت الصلاة والصيام.
الموقع السابع: ما يفيد جواز الأكل للشاك حتى يتبين له الفجر.
الموقع الثامن: ما يفيد جواز الشرب لمن طلع عليه الفجر والإناء في يده.
الموقع التاسع: أن الصيام يبدأ مع طلوع الشمس.
تفصيل ذلك فيما يلي:

الموقع الأول: ما يفيد التأخير الشديد للسحور:
جاء في بعض الروايات: ما يفيد تأخر السحور، فاستفيد منه أنه وقع بعد طلوع الفجر، وهو ليس بنص في المسألة، فيحتمل أن يكون المراد شدة القرب من انبثاق الفجر.
ومن ذلك كقول إبراهيم التيمي: سافر أبي مع حذيفة، قال: فسار، حتى إذا خشينا أن يفجأنا الفجر قال: هل منكم من أحد آكل أو شارب؟ قال: قلت له: أما من يريد الصوم فلا؟ قال: بلى! قال: ثم سار، حتى إذا استبطأنا الصلاة نزل، فتسحر([13]).
ومما يفيد التأخير الشديد للسحور ما رواه الطبري عن البراء، قال: (تسحرت في شهر رمضان، ثم خرجت، فأتيت ابن مسعود فقال: اشرب. فقلت: إني قد تسحرت! فقال: اشرب! فشربنا! ثم خرجنا والناس في الصلاة)([14]).
وعن معمر أنه: (كان يؤخر السحور جدًا حتى يقول الجاهل: لا صوم له)([15]).
وفي هذا يقول الطبري: أما الأخبار التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه شرب أو تسحر، ثم خرج إلى الصلاة، فإنه غير دافع صحة ما قلنا في ذلك؛ لأنه غير مستنكر أن يكون صلى الله صلى عليه وسلم شرب قبل الفجر ثم خرج إلى الصلاة؛ إذ كانت الصلاة – صلاة الفجر – هي على عهده كانت تصلى بعد ما يطلع الفجر ويتبين طلوعه، ويؤذن لها قبل طلوعه([16]).
ومن هنا قال ابن كثير:
قد رُوي عن طائفة كثيرة من السلف: أنَّهم تسامحوا في السحور عند مقاربة الفجر.
روي مثل هذا: عن أبي بكر، وعمر، وعلي، وابن مسعود، وحذيفة، وأبي هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وزيد بن ثابت.
وعن طائفة كثيرة من التابعين، منهم: محمد بن علي بن الحسين، وأبو مِجْلز، وإبراهيم النَّخَعَي، وأبو الضُّحَى، وأبو وائل، وغيره من أصحاب ابن مسعود وعطاء، والحسن، والحكم بن عيينة ومجاهد، وعروة بن الزبير، وأبو الشعثاء جابر بن زيد، وإليه ذهب الأعمش، ومعمر بن راشد. وقد حررنا أسانيد ذلك في كتاب الصيام المفرد، ولله الحمد([17]).
والخلاصة: ما قاله ابن كثير أنه قد رُوي عن طائفة كثيرة من السلف: أنَّهم تسامحوا في السحور عند مقاربة الفجر، هذا المقدار المتيقن الذي يمكن الجزم به من الروايات المذكورة.
الموقع الثاني: أن وقت الصيام يبدأ من أذان الفجر لا من دخول الوقت:
عن أنيسة بنت خبيب، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أذن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا، وإذا أذن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا، قالت: وإن كانت المرأة ليبقى عليها من سحورها فتقول لبلال: أمهل حتى أفرغ من سحوري)[18]، وفي رواية: (فنتعلق به فنقول كما أنت حتى نتسحر)[19].
قلت: هذه الرواية تفيد أن العبرة بالأذان لا بدخول الوقت، وهي من أشكل ما يكون.
الموقع الثالث: الصيام يبدأ من طلوع الفجر الصادق لا الكاذب:
روى الأعمش: عن مسلم: (لم يكونوا يعدون الفجر فجركم هذا، كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق)([20]).
ويدل على أن مراد مسلمٍ الفجر الصادق لا غيره: قوله في رواية أخرى عنه: (ما كانوا يرون إلا أن الفجر الذي يستفيض في السماء)([21]).
وعن أبي مجلز: (ضوء الساطع في السماء ليس بالصبح، ولكن ذاك الصبح الكاذب، إنما الصبح إذا انفضح الأفق)([22]).
وعن إبراهيم النخعي: (الفجر فجران؛ فأما أحدهما فالفجر الساطع فلا يحل الصلاة ولا يحرم الطعام، وأما الفجر المعترض الأحمر، فإنه يحل الصلاة ويحرم الطعام والشراب)([23]).
وهذا والله أعلم: هو المراد من التبين المذكور في الآية، بدليل الإشارة إليه في بالنصوص النبوية:
فعن سمرة بن جندب رضي الله عنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يغرنكم أذان بلال، ولا هذا البياض - لعمود الصبح - حتى يستطير هكذا)[24].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الفجرُ فجران: فأما الأول فإنه لا يحرم الطعام، ولا يحل الصلاة، وأما الثاني فإنه يحرم الطعام ويحل الصلاة)([25]).
وعن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الفجر فجران، فالذي كأنه ذنب السرحان لا يُحَرِّم شيئًا، وأما المستطير الذي يأخذ الأفق، فإنه يحل الصلاة ويحرّم الطعام)([26]).
وعن طلق بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلوا واشربوا ولا يهيدنكم[27] الساطع المصعد فكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر)([28]).
عن عطاء قال: سمعت ابن عباس يقول: ( هما فجران، فأما الذي يسطع في السماء فليس يُحِلّ ولا يحرِّم شيئا، ولكن الفجر الذي يستبين على رؤوس الجبال، هو الذي يحرّم الشراب)([29]).
قال عطاء: فأما إذا سطع سطوعًا في السماء، وسطوعه أن يذهب في السماء طولا فإنه لا يحرم به شراب لصيام ولا صلاة، ولا يفوت به حج، ولكن إذا انتشر على رؤوس الجبال، حرم الشراب للصيام وفات الحج.
قال ابن كثير: هذا إسناد صحيح إلى ابن عباس وعطاء، وهكذا رُوي عن غير واحد من السلف، رحمهم الله ([30]).
فوصف الفجر الصادق: أن يكون بياضا منتشرا مستفيضا في السماء يملأ بياضه وضوؤه الطرق([31]).
الخلاصة: المقرر هاهنا يتفق تمامًا مع قول عامة أهل العلم، وإن ظن بعض الناس أنه قولٌ آخر في المسألة.


الموقع الرابع: أن وقت الصيام يحل بالعلم بتبينه بالنسبة للصائم لا بتبينه في نفسه الأمر.
هذا القول هو بعينه رأي ابن حزم الظاهري استدلالا بالآية والآثار المروية.
قال ابن حزم: (فقد صح أن الأكل مباح بعد طلوع الفجر ما لم يتبين لمريد الصوم طلوعه).
وقال: (برهان ذلك -: قول الله عز وجل: {فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة: 187] وهذا نص ما قلنا، لأن الله تعالى أباح الوطء والأكل والشرب إلى أن يتبين لنا الفجر، ولم يقل تعالى: حتى يطلع الفجر، ولا قال: حتى تشكوا في الفجر؛ فلا يحل لأحد أن يقوله، ولا أن يوجب صوما بطلوعه ما لم يتبين للمرء)[32].
الآثار المروية:

  • عن حكيم بن جابر قال: جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يتسحر فقال: الصلاة يا رسول الله قال: فثبت كما هو يأكل، ثم أتاه، فقال: الصلاة وهو حاله، ثم أتاه الثالثة، فقال: الصلاة يا رسول الله قد والله أصبحت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله بلالا، لولا بلال لرجونا أن يرخص لنا حتى تطلع الشمس»[33].
  • عن أبي قلابة: (أن أبا بكر، كان يقول: أجيفوا الباب لا يفجؤنا الصبح)[34].
  • وعن سالم بن عبيد قال: (كان أبو بكر الصديق يقول لي: قم بيني وبين الفجر حتى نتسحر)، وفي رواية: (قم فاسترني من الفجر، ثم أكل)([35]).
  • عن سالم بن عبيد الأشجعي وله صحبة أن أبا بكر رضي الله عنه قال له: (أخرج فانظر هل طلع الفجر، قال: فنظرت ثم أتيته فقلت: قد ابيض وسطع، ثم قال: أخرج فانظر هل طلع الفجر؟ فنظرت فقلت: قد اعترض، فقال: الآن أبلغني شرابي)([36]).
قلت: الرواية الأخيرة لم يتبين لي وجهها إلا أن تحمل على الروايات السابقة.
وقد أثار ابن رشد الخلاف في المسألة: هل الحد هو طلوع الفجر نفسه، أو تبينه عند الناظر إليه.
وذكر أن فائدة الخلاف: أن من أكل ثم تبين أن الفجر قد طلع فعليه القضاء، ومن قال: هو العلم الحاصل لم يوجب عليه القضاء.
وبيّن: أن ظاهر اللفظ يوجب الإمساك بالعلم، والقياس يوجب تعلقه بالطلوع نفسه، أعني قياسا على الغروب، وعلى سائر حدود الأوقات الشرعية كالزوال، وغيره، فإن الاعتبار في جميعها بالشرع، هو بالأمر نفسه، لا بالعلم المتعلق به ([37]).
قلت: هناك مسألتان:
المسألة الأولى: متى يبدأ وقت الصيام؟
المسألة الثانية: تعلق الحكم بالمكلف هل يكون من دخول الوقت، أو من حين حصول العلم؟
وهنا يظهر الفرق بين رأي ابن حزم وابن تيمية:
فابن حزم يقول: يبدأ الوقت من حين تبين دخول للصائم.
وابن تيمية يقول: يبدأ من طلوع الفجر، لكن يتعلق الحكم بالمكلف من حين حصول العلم.
وإن كانت النتيجة واحدة: بالنسبة للمخطئ أو الجاهل بدخول الوقت، فالصوم صحيح ولا يجب عليه القضاء، إما لأن الوقت دخل من حين علمه، كما هي طريقة ابن حزم، وإما لأن الحكم لا يتعلق به إلا بعد حصول العلم وإن كان الوقت دخل قبل ذلك، كما هي طريقة ابن تيمية[38].
الموقع الخامس: أن وقت الصيام يدخل بانتشار الضوء على وجه الأرض أو رؤوس الجبال لا بطلوع الفجر في السماء:
قال ابن رجب: حمل طائفة من الكوفيين، منهم: النخعي وغيره [حديث حذيفة] على جواز السحور بعد طلوع الفجر في السماء، حتى ينتشر الضوء على وجه الأرض، وروي عن ابن عباس وغيره: حتى ينتشر الضوء على رؤوس الجبال([39]).
ولعل هذا معنى ما روي عن بعض السلف من السحور بعد الأذان أو بعد الصلاة:
عن علي رضي الله عنه: أنه لما صلى الفجر قال: (هذا حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)([40]).
عن إبراهيم: (السحور والوتر ما بين التثويب والإقامة)([41]).
وعن الأعمش: (لولا الشهرة لصليت الغداة ثم تسحرت) ([42]).
وعن أبي كريب، عن أبي بكر، قال: ربما شربت بعد قول المؤذن – يعني في رمضان – "قد قامت الصلاة" قال: وما رأيت أحدا كان أفعل له من الأعمش([43]).
قال إسحاق بن راهويه: (هؤلاء لم يروا فرقًا بين الأكل وبين الصلاة المكتوبة، رأوا أن يصلي المكتوبة بعد طلوع الفجر المعترض مباحًا، ورأوا الأكل بعد طلوع الفجر المعترض مباحًا حَتَّى يتبين بياض النهار من سواد الليل ... فمن أكل في ذلك الوقت فلا قضاء عليه ولا كفارة إذا كان متأولًا)[44].
الموقع السادس: أن وقت الصلاة يدخل بغلبة الظن، ووقت الصيام لا يدخل إلا بيقين:
قال ابن رجب: من المتأخرين من حمل حديث حذيفة على أنه يجوز الأكل في نهار الصيام حتى يتحقق طلوع الفجر، ولا يكتفي بغلبة الظن بطلوعه، وقد نص على ذلك أحمد وغيره؛ فإن تحريم الأكل معلق بتبين الفجر، وقد قال علي بعد صلاته للفجر: (الآن تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)، وأنه يجوز الدخول في صلاة الفجر بغلبة ظن طلوع الفجر كما هو قول أكثر العلماء على ما سبق ذكره، وعلى هذا ، فيجوز السحور في وقت جوز فيه صلاة الفجر ، إذا غلب على الظن طلوع الفجر، ولم يتيقن ذلك([45]).

  • تعليق على الطرق الثلاثة في التفريق بين وقت الصلاة والصيام:
عامة أهل العلم: الملازمة بينهما، وفيه آثار:
فعن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الفجر فجران، فالذي كأنه ذنب السِّرحان لا يحرم شيئا، وأما المستطير الذي يأخذ الأفق، فإنه يحل الصلاة ويحرم الصوم)([46]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الفجرُ فجران: فأما الأول فإنه لا يحرم الطعام، ولا يحل الصلاة، وأما الثاني فإنه يحرم الطعام ويحل الصلاة)([47]).
وعنه أيضا: ( هما فجران، فأما الذي يسطع في السماء فليس يُحِلّ ولا يحرِّم شيئا، ولكن الفجر الذي يستبين على رؤوس الجبال، هو الذي يحرّم الشراب)([48]).
قال عطاء: فأما إذا سطع سطوعًا في السماء، وسطوعه أن يذهب في السماء طولا فإنه لا يحرم به شراب لصيام ولا صلاة، ولا يفوت به حج، ولكن إذا انتشر على رؤوس الجبال، حرم الشراب للصيام وفات الحج([49]).
وعن إبراهيم النخعي: (الفجر فجران؛ فأما أحدهما فالفجر الساطع فلا يحل الصلاة ولا يحرم الطعام، وأما الفجر المعترض الأحمر، فإنه يحل الصلاة ويحرم الطعام والشراب)([50]).
وقال ابن زيد: ذلك الخيط الأبيض هو من الفجر نسبة إليه، وليس الفجر كله. فإذا جاء هذا الخيط وهو أوله، فقد حلت الصلاة وحرم الطعام والشراب على الصائم([51]).
وقال أحمد بن حنبل: (إذا نور الفجر وتبين طلوعه حلت الصلاة، وحرم الطعام والشراب على الصائم).
ونقل ابن عبد البر: الإجماع على ذلك([52]).
قال ابن رجب: هذا يدل على تلازمهما، ولعله يرجع إلى أنه لا يجوز الدخول في الصلاة إلا بعد تيقن دخول الوقت، وقد روي عن ابن عباس وغيره من السلف تلازم وقت صلاة الفجر وتحريم الطعام على الصائم، وروي في حديث ابن عباس المرف، أن جبريل صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الأول حين حرم الطعام على الصائم([53]).
قال ابن القيم (751): ذهب الجمهور إلى امتناع السحور بطلوع الفجر, وهو قول الأئمة الأربعة, وعامة فقهاء الأمصار, وروى معناه عن عمر وابن عباس([54]).

الموقع السابع: ما يفيد جواز الأكل للشاك حتى يتبين له الفجر:
هذا قول جمهور أهل العلم: من الحنفية، والشافعية[55]، والحنابلة[56]، وبه قال ابن حبيب وابن الماجشون من المالكية[57].
وهو قول: ابن عباس، وعطاء والأوزاعي وأبي ثور[58]، واختاره ابن حزم[59]، وابن عبد البر[60]، وإليه صار أكثر العلماء[61]، وفيه أكثر الآثار المروية عن السلف.

  • أدلتهم:

  1. قال الله عز وجل: {فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة: 187]، فقد أباح الله تعالى الوطء والأكل والشرب إلى أن يتبين لنا الفجر[62].
  2. هذه المسألة مبنية على الأصول: فإن مذهب العلماء البناء على اليقين، ولا يوجب الشيء بالشك، والليل عنده يقين، فلا يزال إلا بيقين، فأما إن أفطر شاكا في الغروب، ولم يبن له اليقين فعليه الإعادة؛ لأن الأصل بقاء النهار[63].
ومن صور ذلك:

  • (من شك فى صلاته فلم يدر أثلاثًا صلى أم أربعًا، فليبن على اليقين).
  • ومن تيقن بالطهارة ثم شك في الحدث[64]
  • ومن شك هل زالت الشمس لم تلزمه الصلاة.
  • وإذا أكل في يوم الشك أنه لا قضاء عليه إذا لم يتبين أنه من رمضان.
ومسألتنا كذلك: وقد أكل في زمن يجوز أن يكون من الليل، ويجوز أن يكون من النهار، فلم يلتفت إلى التجويز مع استصحاب حكم الليل[65].

  • الآثار:
  • أبو بكر رضي الله عنه:

  1. عن عون بن عبد الله ، قال: (دخل رجلان على أبي بكر وهو يتسحر ، فقال أحدهما : قد طلع الفجر ، وقال الآخر : لم يطلع بعد ، قال أبو بكر: كل قد اختلفا)[66].
  2. عن أبي بكر الصديق أنه قال: (إذا نظر الرجلان إلى الفجر، فشك أحدهما، فليأكلا حتى يتبين لهما)([67]).

  • عمر رضي الله عنه:
عن الحسن ، قال: قال عمر: (إذا شك الرجلان في الفجر، فليأكلا حتى يستيقنا)[68].

  • ابن عباس رضي الله عنه:

  1. عن مسلم بن صبيح، قال: (جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: متى أدع السحور؟ فقال رجل جالس عنده: كل حتى إذا شككت فدعه، فقال: كل ما شككت حتى لا تشك)[69].
  2. عن ابن جريج عن ابن عباس قال: (أحل الله الشراب ما شككت، يعني في الفجر)([70]).
  3. عن عكرمة، مولى ابن عباس قال: (اسقني يا غلام، قال: أصبحت، فقلت: كلا، فقال ابن عباس: شك لعمر الله اسقني فشرب)([71]).
  4. عن مسلم ، قال: (جاء رجل إلى ابن عباس يسأله عن السحور ؟ فقال له رجل من جلسائه : كل حتى لا تشك، فقال له ابن عباس: إن هذا لا يقول شيئا، كل ما شككت حتى لا تشك)[72].
  5. عن عطاء ، عن ابن عباس: (قال لغلامين له ، وهو في دار أم هانئ في شهر رمضان وهو يتسحر ، فقال أحدهما: قد طلع الفجر ، وقال الآخر: لم يطلع، قال: اسقياني)[73].

  • ابن عمر رضي الله عنه:
عن مكحول الأزدي (ليس الشامي) قال: (رأيت ابن عمر أخذ دلواً من زمزم، وقال لرجلين: أطلع الفجر؟ قال أحدهما: قد طلع فقال الآخر: لا، فشرب ابن عمر) ([74]).

  • الآثار عن التابعين:

  1. عن ابن جريج قلت لعطاء: (أيكره أن أشرب وأنا في البيت لا أدري لعلي أصبحت؟ قال: لا بأس بذلك، هو شك)([75]).
  2. عن أبي خيثمة، قال: (كل حتى يتبين لك الفجر)[76].
  3. عن إبراهيم، قال: (كل حتى تراه معترضا)[77].
  4. عن عكرمة ، قال : (كل حتى تراه مثل شق الطيلسان)[78].
  5. عن يزيد بن زيد، قال: (سمعت الحسن وقال له رجل: أتسحر وأمتري في الصبح؟ فقال: كل ما امتريت، إنه والله ليس بالصبح خفاء)[79].

  • الخلاف في المسألة:
خلافا لجمهور أهل العلم، فقد ذهب المالكية: إلى أنه لا يجوز الأكل مع الشك، ويقضي لذلك ([80]).
ومأخذهم في ذلك:

  1. القياس على الشك في الغروب، فإنه لا يأكل بالاتفاق[81].
  2. الأصل بقاء النهار؛ فإذا أكل قبل أن يعلم الغروب؛ فقد أكل في الوقت الذي يحكم بأنه نهار, وإذا أكل قبل أن يتبين الفجر؛ فقد أكل في الوقت الذي يحكم بأنه ليل[82].
  3. الطعام والشراب يحرم عند اعتراض الفجر الآخر، وصوم رمضان عليه بيقين، ولا يسقط حكم الصوم إلا بيقين، ومن شك هل أكل بعد الفجر أو قبله فليس يتيقن دخوله في الإمساك، وهو كمن شك في غروب الشمس فأكل، وكمن شك في زوال الشمس فلا تجزئه الصلاة، لأن الوقت عليه بيقين، وكذلك لو شك في دخول رمضان فصام على الشك لم يجزئه عن رمضان، وكذلك لو شك هل كبر للإحرام لم يجزئه، لأن عليه الدخول في الصلاة بيقين كما يدخل في وقتها بيقين، كذلك عليه أن يدخل في أول جزء من اليوم بيقين، كما عليه أن يدخل فى أول رمضان بيقين[83].
  4. أن الصائم يلزمه اعتراف طرفي النهار، وذلك لا يكون إلا بتقدم شيء وإن قل من السحر وآخر شيء من الليل.
قال ابن عبد البر: هذا التزام لصوم ما لم يأمر الله بصيامه مع مخالفة الآثار في تعجيل الفطر وتأخير السحور، وهي متواترة صحاح[84].
قلت: هذه وجوه ضعيفة، وفيها قياس الشيء على عكسه، والتنظير بلا نظير، وركاكتها تغني عن بيان ضعفها، وحرف ابن عبد البر المالكي حرف فقه وأثر.


الموقع الثامن: جواز الشرب لمن طلع عليه الفجر والإناء في يده:
لا تكاد تختلف كلمة الفقهاء في المدونات الفقهية أن على الصائم أن يلفظ ما في فمه من الأكل، وأن ينزع من الجماع عند طلوع الفجر، وأنه إذا استمر فإنه يكون مفطرا بلا جدل ولا نقاش بينهم، ويحكون على ذلك الاتفاق.
وإنما ثار الخلاف بينهم إذا نزع في الجماع، فهل يصح صومه، أو أنه بنزعه يكون مفطرا، لأن النزع جماع كما هو مذهب الجمهور خلافا للحنابلة.
أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه)، وفي لفظ: (كان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر)، قال حماد عن هشام بن عروة: كان أبي يفتي بهذا[85]، وفي رواية: كان عروة يأمرنا بهذا، يعني: إذا سمع النداء والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه[86].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: (أنه سمع النداء والإناء على يده فقال: أحرزتها ورب الكعبة)([87]).
فإن لأهل العلم مسلكان في هذا الحديث:
المسلك الأول: إعلاله بالوقف: وهذا سبق الإشارة إليه في تخريج الحديث من كلام أبي حاتم في العلل.
المسلك الثاني: التصرف فيه بالتأويل:
قال الخطابي: هذا على قوله: (إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)، أو يكون معناه أن يسمع الأذان وهو يشك في الصبح مثل أن تكون السماء متغمة فلا يقع له العلم بأذانه أن الفجر قد طلع لعلمه أن دلائل الفجر معه معدومة ولو ظهرت للمؤذن لظهرت له أيضاً، فأما إذا علم انفجار الصبح فلا حاجة به إلى أذان الصارخ لأنه مأمور بأن يمسك عن الطعام والشراب إذا تبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[88].
وقال ابن حزم: هذا كله على أنه لم يكن يتبين لهم الفجر بعد؛ فبهذا تتفق السنن مع القرآن[89].
وقال البيهقي: هذا إن صح فهو محمول عند عوام أهل العلم على أنه صلى الله عليه وسلم علم أن المنادي كان ينادي قبل طلوع الفجر بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر, وقول الراوي: وكان المؤذنون يؤذنون إذا بزغ يحتمل أن يكون خبرا منقطعا ممن دون أبي هريرة، أو يكون خبرا عن الأذان الثاني، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده)، خبرا عن النداء الأول ليكون موافقا [لحديث]: ابن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يمنعن أحدا منكم أذان بلال من سحوره، فإنما ينادي ليوقظ نائمكم، ويرجع قائمكم)، [وحديث] ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم)[90].
قال المناوي: لا بد من حمل الحديث على أنه لم يتحقق طلوع الفجر ولا غلب على ظنه[91].
والخلاصة: المروي عن أبي هريرة رضي الله لم يكن من مثارات الخلاف بين أهل الفقه، ومن ذكره منهم فقد ذكر وجه إعلاله، أو تصرف فيه بالتأويل لمخالفته نصوص القرآن والسنن، بل إن عموم النصوص قريب جدا من صورة البحث، لأن فيها إباحة الرفث والأكل والشرب حتى زمن الإمساك، كما دلت على أن العبرة بالأذان الثاني لا الأول في الإمساك عن السحور، فكأنها تتحدث عن هذه الصورة، ولذا نجد أن ابن حزم الظاهري، لم يأخذ بها على صحتها عنده لأنه يراها تصادم القرآن والسنن.
علما: أن ما في الأثر من الرخصة هو المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه، وعروة بن الزبير، ورخص به بعض المتأخرين كالقاري، وهو ظاهر عمل الألباني من تصحيح له.
قال القاري: الصواب أنه قيد احترازي في وقت الصبح مشعر بأن إمكان سرعة أكله وشربه لتقارب وقته واستدراك حاجته واستشراف نفسه وقوة نهمته وتوجه شهوته بجميع همته مما يكاد يخاف عليه أنه لو منع منه لما امتنع فأجازه الشارع - رحمة عليه، وتدريجا له بالسلوك والسير إليه، ولعل هذا كان في أول الأمر، ويشير عليه ما وقع من الخلاف في الصبح المراد في الصوم[92].
وشكك ابن القطان في رفع الحديث[93].


الموقع التاسع: أن الصيام يبدأ مع طلوع الشمس:
هذا والله أعلم: ليس قولًا في المسألة، وإنما حسبه الإمام أبو جعفر الطبري مأخذ بعض السلف فيما قالوه، وإن كان الأمر في نفسه ليس كذلك، فهو خطأ في حكاية الخلاف، وربما يكون قولا انتحله بعضُ الناس في عصره([94]).
وقد تكلف أبو جعفر لهم الدليل: فذكر أن دليلهم القياس على أن آخره غروب الشمس، فكذلك ينبغي أن يكون أوله، ثم نقضه بأن أول النهار إنما هو أول طلوع الفجر، وذلك هو ضوء الشمس وابتداء طلوعها دون أن يتتام طلوعها، وأن آخره هو أول غروب الشمس دون أن يتتام غروبها ([95]).
وقال النووي: حكى أصحابنا عن الاعمش واسحق بن راهويه أنهما جوزا الأكل وغيره إلى طلوع الشمس، ولا أظنه يصح عنهما[96].
والذي يعنينا: أن الخلاف في هذا القدر من المسألة غير محقق، وسائر من نقل عنهم الطبري الكلام في المسألة؛ ليس عن أحدهم البتة أن زمن الصيام يبدأ من طلوع الشمس.
ولهذا تعجب ابن كثير من حكاية الطبري لهذا القول وقال: ما أظنّ أحدًا من أهل العلم يستقر له قَدَم عليه، لمخالفته نصّ القرآن ([97]).
وقد أشار ابن رجب إلى خطأ هذه الحكاية فقال: ومن حكى عنهم ، أنهم استباحوا الأكل حتى تطلع الشمس فقد أخطأ([98]).
وقد يستدل لهذا القول بما رواره زر بن حبيش؛ فإنه قال: (تسحرت ثم انطلقت إلى المسجد، فمررت بمنزل حذيفة، فدخلت عليه، فأمر بلقحة([99])، فحلبت وبقدر فسخنت، ثم قال: كل، قلت: إني أريد الصوم، قال: وأنا أريد الصوم، قال: فأكلنا، ثم شربنا، ثم أتينا المسجد، فأقيمت الصلاة، قال: هكذا فعل بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: أبعد الصبح؟ قال: نعم هو الصبح غير أن الشمس لم تطلع)([100]).
وحديث حذيفة هذا قد أعيا أهل العلم معرفته، كما يقول الجوزجاني([101]).
ولأهل العلم ثلاثة مسالك في الجواب عنه:

  1. الطعن في صحته.
  2. الطعن في دلالته.
  3. اعتباره منسوخًا.
المسلك الأول: الطعن في صحته:
وذلك بثلاثة وجوه:
الوجه الأول: التفرد:
قال ابن كثير: هو حديث تفرد به عاصم بن أبي النَّجُود، قاله النسائي([102]).
وقال الجوزقاني: هذا حديث منكر، وقول عاصم: (هو النهار إلا الشمس لم تطلع) خطأ منه، وهو وهم فاحش؛ لأن عديا، عن زر بن حبيش بخلاف ذلك، وعدي أحفظ وأثبت من عاصم في خلاف ذلك[103].
الوجه الثاني: الوقف:
قال النسائي: لا نعلم أحداً رفعه غير عاصم[104].
وقال ابن القيم: قالوا: وأما حديث حذيفة فمعلول, وعلته الوقف, وأن زرا هو الذي تسحر مع حذيفة, ذكره النسائي([105]).
وقال الوادعي: هذا الحديث إذا نظرت إلى سنده حكمت عليه بالحسن، لكن النسائي رحمه الله عقبه بطريقين تدلان على أن الصحيح وقفه على حذيفة والمتن أيضا مغاير[106].
يؤيد رواية الوقف: مجموعة من الروايات، منها ما يلي:

  1. عن زر بن حبيش قال: (تسحرت مع حذيفة ثم خرجنا إلى الصلاة، فلما أتينا المسجد صلينا ركعتين وأقيمت الصلاة وليس بينهما إلا هنيهة ([107]).
  2. عن شقيق بن سلمة قال: (انطلقت أنا وزر بن حبيش إلى حذيفة، وهو في دار الحارث بن أبي ربيعة، فاستأذنا عليه، فخرج إلينا، فأتى بلبن، فقال: اشربا، فقلنا: إنا نريد الصيام، قال: وأنا أريد الصيام، فشرب، ثم ناول زرا فشرب، ثم ناولني فشربت، والمؤذن يؤذن في المسجد قال: فلما دخلنا المسجد أقيمت الصلاة، وهم يغلسون)[108].
  3. عن صِلة بن زُفر الكوفي قال: (تسحرت مع حذيفة ثم خرجنا إلى المسجد فصلينا ركعتي الفجر، ثم أقيمت الصلاة فصلينا)[109].
  4. عن أبي الطفيل: (أنه تسحر مع أهله في الجبانة، ثم جاء إلى حذيفة وهو في دار الحارث بن أبي ربيعة، فوجده، فحلب له ناقة، فناوله، فقال: إني أريد الصوم، فقال: وأنا أريد الصوم، فشرب حذيفة، وأخذ بيده، فدفع إلى المسجد حين أقيمت الصلاة)[110].
الوجه الثالث: عدم العمل به: فلم يأخذ بظاهره أحدٌ من الناس لا حذيفة، ولا زر بن حبيش، ولا غيرهما، فليس أحدٌ من أهل العلم يقول إنما يلزم الإمساك عند طلوع الشمس.
وأجاب تقي الدين الهلالي عن إعلال الحديث بقوله: في هذا نظر لأن حذيفة قال: هكذا صنعت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا مرفوع([111]).
قلت: من أعله بالوقف أراد عدم ثبوت هذه الجملة، بدليل خلو كثير من الروايات الأخرى منها، كما تقدم.
المسلك الثاني: الطعن في دلالته:
التأويل الأول: أن المراد قرب الصبح (النسائي، الطبري، ابن كثير، السندي):
قال النسائي: لا نعلم أحداً رفعه غير عاصم، فإن كان رفعهُ صحيحاً فمعناه: أنَّه قرب النهار, كقول الله عزَّ وجلَّ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}([112]) معناه: إذا قاربن البلوغ؛ وكقول القائل: بلغنا المنزل إذا قاربه[113].
وقال الطبري: أما الخبر الذي روي عن حذيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتسحر وأنا أرى مواقع النبل، فإنه قد استثبت فيه، فقيل له: أبعد الصبح؟ فلم يجب في ذلك بأنه كان بعد الصبح، ولكنه قال: هو الصبح، وذلك من قوله يحتمل أن يكون معناه: هو الصبح لقربه منه، وإن لم يكن هو بعينه، كما تقول العرب: هذا فلان. شبها، وهي تشير إلى غير الذي سمته فتقول: هو هو. تشبيها منها له به، فكذلك قول حذيفة: "هو الصبح" معناه: هو الصبح شبها به، وقربا منه([114]).
وقال ابن كثير: هذا الذي قاله [النسائي] هو المتعيَّن حملُ الحديث عليه: أنهم تسحروا ولم يتيقنوا طلوع الفجر، حتى أن بعضهم ظن طلوعه وبعضهم لم يتحقق ذلك([115]).
وخرَّجه السندي: بأن المراد بالنهار هو النهار الشرعي، والمراد بالشمس الفجر لكونه من آثار الشمس، والمراد أنه في قرب طلوع الفجر([116]).
يقول ابن عبد البر: قول ابن شهاب: ( وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت).
معناه أيضا: المقاربة أي وهذا على العلماء مما ذكرنا قوله: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ} يريد بالبلوغ ههنا مقاربة البلوغ لا انقضاء الأجل لأن الأجل لو انقضى وهو انقضاء العدة لم يجز لهم إمساكهن وهذا إجماع لا خلاف فيه فدل على أن قرب الشيء قد يعبر به عنه والمراد مفهوم وبالله التوفيق.
ومعلوم: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر أصحابه أن يأكلوا ويشربوا حتى يؤذن من لا يؤذن إلا وقد أصبح وإذا كان هذا معلوما صح أن معنى قول ابن شهاب في ابن أم مكتوم ما ذكرنا من وقد أجمع العلماء على أن من لم يجز له الأكل ولا الشرب بعد ذلك وفي إجماعهم على ذلك ما يوضح ما ذكرناه([117]).
التأويل الثاني: أن تلك الليلة كانت مقمرة, فكان يبصر مواقع النبل لضوء [القمر], فاعتقد أنه من ضوء النهار, وهذا يشتبه كثيراً في الليالي التي يقمر آخرها[118].
المسلك الثالث: اعتباره منسوخا (الطحاوي، الخطيب البغدادي):
يقول ابن رجب: ادعى طائفة : أن حديث حذيفة كان في أول الإسلام ونسخ([119]).
يقول أبو جعفر الطحاوي: قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الآثار خلاف حديث حذيفة [وهو] يحتمل أن يكون كان قبل نزول قوله تعالى: {كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل}، فلما أنزل الله عز وجل تلك الآية أحكم ذلك، ورد الحكم إلى ما بين فيها.
فلا يجب ترك آية من كتاب الله تعالى نصا، وأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متواترة: قد قبلتها الأمة وعملت بها من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم إلى حديث قد يجوز أن يكون منسوخا بما ذكرناه([120]).
واعتبر المباركفوري هذا الجواب من الطحاوي: جوابًا قاطعًا([121]).
وقد ذكر الخطيب البغدادي: حديث حذيفة مثالا على معرفة الناسخ من المنسوخ عن طريق الإجماع، وهو: أن تجمع الأمة على خلاف ما ورد من الخبر ، فيستدل بذلك على أنه منسوخ؛ لأن الأمة لا تجتمع على الخطأ، فالدليل على نسخ حديث حذيفة: أن المسلمين قد أجمعوا على أن سطوع الفجر يحرم الطعام والشراب على الصائم، مع بيان ذلك في قول الله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام}([122]).
وأما حديث حذيفة ومسروق: ففيهما ما يدل على أن عامة المسلمين كانوا على خلاف ذلك[123].
وأورد ابن تيمية احتمال نسخ الحديث: وأنه كان في الوقت الذي كان رجال يربط أحدهم في رجليه خيطاً أبيض وخيطاً أسود, ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما, حتى نزل قوله: {مِنَ الْفَجْرِ}, ويكون هذا كان الواجب عليهم كما فهموه من الآية, ثم نسخ ذلك بقوله: {مِنَ الْفَجْرِ}، وكذلك قوله في الحديث المرسل: «لولا بلال؛ لرجونا أن يرخص لنا إلى طلوع الشمس»: دليل على أن التحديد بالفجر لم يكن مشروعاً إذْ ذاك[124].

  • استشكال:
نقل السندي عن أبي إسحاق القول بالنسخ، واستشكله: بأن الصوم قد نسخ فيه التشديد إلى التخفيف دون العكس([125]).

  • الخلاصة:
حديث حذيفة لا يثبت مرفوعا، وقد أعل بالتفرد، والوقف، وعدم العمل به، وأكثر الروايات الموقوفة لا تفيد أكثر من تأخير السحور، وأن المراد قرب طلوع الصبح، وقد قيل فيه بالنسخ لمخالفته قول عامة العلماء، فإنه لا أحد يقول إن الصيام يبدأ من طلوع الشمس لا حذيفة، ولا زر، ولا غيرهما، كما أن القول بالنسخ قد استشكل لأن الصوم نسخ فيه التشديد إلى الأخف دون العكس.


([1]) تفسير الطبري (3/531).

([2]) الإشراف (3/117)، وردده ابن قدامة في المغني (4/325).

([3]) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (10 / 62).

([4]) المحرر الوجيز (2/92).

([5]) بداية المجتهد (2/695، 659).

([6]) عون المعبود وحاشية ابن القيم على السنن (دار الكتب العلمية 6/ 341).

([7]) وقد أجرى الحنفية قولهم في هذه المسألة على الخلاف عندهم في مسألة الصلاة: هل المراد أول زمان الطلوع، أو انتشار الضوء، وبهذا نعرف أن مسألة الصلاة والصيام عندهم متلازمة، وقد ذكر ابن عابدين أن الأول أحوط، والثاني أوسع. شرح معاني الآثار للطحاوي (2/52، 54)، حاشية ابن عابدين (3/292).

([8]) القوانين الفقهية (ص142).

([9]) المجموع للنووي (6/324).

([10]) المغني (4/325).

([11]) تفسير الطبري (3/510)، الإشراف (3/117، 118)، المجموع للنووي (6/324)

([12]) بداية المجتهد (2/692)

([13]) تفسير الطبري (3/518)

([14]) أخرجه الطبري (3/520).

([15]) أخرجه ابن حزم في (المحلى) (رقم المسألة 756).

([16]) تفسير الطبري (3/529

([17]) تفسير ابن كثير (1/514، 515).

[18]) أخرجه أحمد (45/ 428 رقم 27440)، وابن خزيمة (1/ 210 رقم 404 )، وابن حبان (8/ 252 رقم3474)، وصححه الألباني على شرط الشيخين في صحيح أبي داود (الأم 3/ 40).

[19]) أخرجه أحمد (45/ 427 رقم 27439)، وأبو داود الطيالسي (3/ 237 رقم 1766)، وابن أبي شيبة (2/ 277 رقم 8940)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 138 رقم 855)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 561 رقم1791).

([20]) أخرجه ابن أبي شيبة (رقم 9168)، والطبري في تفسيره (3/514)، وابن حزم في المحلى (رقم 756)، وابن جرير في تفسيره (2/235/رقم2451)، وانظر: بيان الفجر الصادق وامتيازه عن الفجر الكاذب لمحمد تقي الدين الهلالي.

([21]) تفسير الطبري (3 / 514).

([22]) تفسير الطبري (3 / 514).

([23]) مصنف ابن أبي شيبة (رقم 9169).

[24]) أخرجه مسلم (رقم 1094).

([25]) أخرجه ابن خزيمة (3/ 210 رقم 1927)، و الحاكم في المستدرك (1/ 587 رقم 1549)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 364 رقم 8003).

([26]) أخرجه ابن أبي شيبة (رقم 9164)، وأبو داود في المراسيل (ص: 123 رقم 97)، والدارقطني في سننه (1/505)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 554)، وقال: هكذا روي بهذا الإسناد موصولا وروي مرسلا وهو أصح، وقال ابن كثير: هذا مرسل جيد. تفسير ابن كثير (1/ 516)، وينظر: البدر المنير (3/ 198).

[27]) يهيدنكم: بكسر الهاء أي يزعجنكم فتمتنعوا به عن السحور فإنه الفجر الكاذب يقال هدته أهيده إذا أزعجته، وأصل الهيد بالكسر الحركة. فتح الباري لابن حجر (4/ 136)، وينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (مادة: هيد).

([28]) أخرجه أبو داود (رقم2001)، وقال: هذا مما تفرد به أهل اليمامة، وابن أبي شيبة (رقم 9162)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/54).

([29]) أخرجه الطبري (3/514).

([30]) تفسير ابن كثير (1 / 516).

([31]) تفسير الطبري (3/514).

[32]) المحلى (4/366، 368 رقم 756).

[33]) أخرجه عبد الرزاق (4/ 231 رقم 7608)، وأبو داود في المراسيل (ص: 124 رقم 98)، وقال ابن حجر: رواه عبد الرزاق بإسناد رجاله ثقات. فتح الباري (4/ 135)، وينظر: معرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء (ص: 288).

[34]) أخرجه عبد الرزاق (4/ 234 رقم 7618)، وابن حزم في المحلى (4/ 366 رقم 756)، ولفظه: (أجيفوا الباب حتى نتسحر)، قال ابن حجر: (روى سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر من طرق عن أبي بكر أنه أمر بغلق الباب حتى لا يرى الفجر) فتح الباري لابن حجر (4/ 136)

([35]) أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 276 رقم 8929)، وابن حزم في المحلى (4/ 370 رقم 756)، قال ابن حزم: سالم بن عبيد هذا أشجعي كوفي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذه أصح طريق يمكن أن تكون.

([36]) أورده ابن حجر في فتح الباري وصحح إسناده (4/ 137).
وعن سالم مولى أبي حذيفة قال: (كنت أنا وأبو بكر الصديق فوق سطح واحد في رمضان، فأتيت ذات ليلة فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -؟ فأومأ بيده أن كفّ. ثم كفّ، ثم أتيته مرة أخرى، فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -؟ فنظر إلى الفجر ثم أومأ بيده أن كفّ. ثم أتيته فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -؟ قال: هات غداءك! قال فأتيته به فأكل ثم صلى ركعتين، ثم قام إلى الصلاة) أخرجه المحاملي في أماليه (ص: 203 رقم 405).

([37]) بداية المجتهد (2/695، 659).

[38]) المحلى (4/ 366 رقم 756)، القواعد لابن رجب (ص: 104، 105).

([39]) فتح الباري لابن رجب (3 / 221-223).

([40]) أخرجه الطبري في تفسيره (3/519، 524 رقم 3001، 3010).
وعن علي بن أبي طالب أيضا:
عن حبان بن الحارث: (أنه تسحر مع علي بن أبي طالب وهما يريدان الصيام، فلما فرغ قال للمؤذن: أقم الصلاة) أخرجه عبد الرزاق الصنعاني (4/ 231 رقم 7609)، وابن حزم في المحلى (4/366 رقم 756).
وعن أبي عقيل قال: (تسحرت مع علي بن أبي طالب ثم أمر المؤذن أن يقيم الصلاة) أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 276 رقم
8930)، ومن طريقه ابن حزم في المحلى (4/366 رقم 756).

([41]) أخرجه الطبري (3/522).

([42]) أخرجه أحمد في مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح (1/ 233 رقم 294، 2/ 445 رقم 1138)، والطبري في تفسيره (3/518).

([43]) أخرجه الطبري (3/ 518 رقم 3000)، وصححه أحمد شاكر في تحقيقه للتفسير.

[44]) قال ابن الملقن: مال إسحاق إلى القول الأول، من غير أن يطعن في هؤلاء الذين تأولوا الرخصة في الوقت. التوضيح لشرح الجامع الصحيح (13/ 117).

([45]) فتح الباري (3 /221-223).

([46]) تقدم تخريجه، وهو مرسل صحيح.

([47]) أخرجه ابن خزيمة (3/ 210 رقم 1927)، و الحاكم في المستدرك (1/ 587 رقم 1549)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 364 رقم 8003).

([48]) أخرجه الطبري (3/514).

([49]) قال ابن كثير: (هذا إسناد صحيح إلى ابن عباس وعطاء، وهكذا رُوي عن غير واحد من السلف، رحمهم الله). تفسير ابن كثير (1/516).

([50]) مصنف ابن أبي شيبة (رقم 9169).

([51]) أخرجه الطبري في تفسيره (3/530).

([52]) التمهيد (10/63).

([53]) فتح الباري (3/221-223).

([54]) عون المعبود وحاشية ابن القيم على السنن (دار الكتب العلمية 6/ 341).

[55]) الحاوي الكبير (3/ 423)، الإقناع للماوردي (ص: 74).

[56]) المغني لابن قدامة (3/ 174)، شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصيام (1/ 496).

[57]) شرح صحيح البخاري لابن بطال (4/ 39)

[58]) شرح صحيح البخاري لابن بطال (4/ 39)، المغني لابن قدامة (3/ 174).

[59]) قال ابن حزم: (لا يلزم صوم في رمضان ولا في غيره إلا بتبين طلوع الفجر الثاني، وأما ما لم يتبين فالأكل والشرب والجماع مباح كل ذلك، كان على شك من طلوع الفجر أو على يقين من أنه لم يطلع. المحلى (4/ 366) رقم 756).

[60]) قال ابن عبد البر: (قال الشافعي وعبيد الله بن الحسن: لا يأكل إذا شك فإن أكل فلا شيء عليه، قال ابن عبد البر: قول الشافعي ومن تابعه قول احتياط لأنه قد نهاه عن الأكل مع الشك خوفا أن يواقع ما لا يحل من الأكل بعد الفجر ولم ير عليه قضاء لأنه لم يبن له أنه أكل بعد الفجر وإيجاب القضاء إيجاب فرض فلا ينبغي أن يكون إلا بيقين. وقال الثوري: يتسحر ما شك في الفجر حتى يرى الفجر ... وقول الثوري من الفقه، وقول الله عز وجل: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [ البقرة 187 ] فلم يمنعهم من الأكل حتى يستبين لهم الفجر )الاستذكار (3/345، 344).

[61]) نقلا عن ابن المنذر. فتح الباري لابن حجر (4/ 136).

[62]) المحلى (4/ 366 رقم 756)، الحاوي الكبير (3/ 423)، فتح الباري لابن حجر (4/ 135).

[63]) الحاوي الكبير (3/ 423).

[64]) شرح صحيح البخاري لابن بطال (4/ 39).

[65]) الحاوي الكبير (3/ 423).

[66]) أخرجه ابن أبي شيبة (3 / 25 رقم 9151).

([67]) أخرجه عبد الرزاق (4/172 رقم 7365).

[68]) أخرجه ابن أبي شيبة (رقم 9159).

[69]) أخرجه ابن أبي شيبة (رقم 9160).

([70]) أخرجه ابن حزم في المحلى (4/ 371 رقم 756)، قال ابن حجر: (روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: أحل الله لك الأكل والشرب ما شككت). فتح الباري لابن حجر (4/ 135).

([71]) أخرجه عبد الرزاق (4/ 172 رقم 7366).

[72]) أخرجه ابن أبي شيبة (3 / 25 رقم 9150)، وأورده ابن حجر في فتح الباري (4/ 135).

[73]) أخرجه ابن أبي شيبة (3 / 26 رقم 9156).

([74]) أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 287 رقم 9060).

([75]) أورده ابن حزم في المحلى (4/372/رقم756).

[76]) أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 288 رقم 9064).

[77]) أخرجه ابن أبي شيبة (3 / 26 قم 9154).

[78]) أخرجه ابن أبي شيبة (3 / 26 رقم 9155).

[79]) أخرجه ابن أبي شيبة (رقم 9158).

([80]) الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 351)، الاستذكار (3/344)، عقد الجواهر الثمينة (1/253)، القوانين الفقهية (ص142).

[81]) الفواكه الدواني (1/ 305).

[82]) شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصيام (1/ 496).

[83]) شرح صحيح البخاري لابن بطال (4/ 40).

[84]) الاستذكار (3/345).

[85]) أخرجه (16/ 368 رقم 10629)، وأبو داود (2/ 304 رقم 2350)، والدارقطني في سننه (3/ 114 رقم 2182)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (1/320 رقم 729)، وابن حزم في المحلى (4/ 368 رقم 756)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 368 رقم 8019)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وأورد له شواهد (3/ 381 رقم 1394)، صحيح أبي داود (الأم 7/ 115).
وأعله أبو حاتم بالوقف، قال: (هذان الحديثان ليسا بصحيحين؛ أما حديث عمار: فعن أبي هريرة موقوف، وعمار ثقة. والحديث الآخر: ليس بصحيح). علل الحديث لابن أبي حاتم (2/ 235 رقم 340)، وينظر: الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء (ص: 262).

[86]) التوضيح لشرح الجامع الصحيح (13/ 114).

([87]) أخرجه ابن حزم في المحلى (4/ 371 رقم 756)، قال الألباني: (هذا إسناد صحيح موقوف، ولا اختلاف بينه وبين المرفوع، كما لا اختلاف بين المسند والمرسل؛ فإنها أحاديث عدة عن شيوخ ثقات) صحيح أبي داود (الأم 7/ 118).

[88]) معالم السنن (2/ 106).

[89]) المحلى (4/ 370 رقم 756).

[90]) السنن الكبرى للبيهقي (4/ 369)..

[91]) كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح (2/ 167).

[92]) مرقاة المفاتيح (4/ 1384).

[93][93]) بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام (2/ 282)، وتعقبه الألباني في صحيح أبي داود (7/ 116).

([94]) تفسير الطبري (3/524).

([95]) أخرجه الطبري في تفسيره (3/531).

[96]) المجموع شرح المهذب (6/ 305).

([97]) تفسير ابن كثير (1 / 515).

([98]) فتح الباري (3/221).

([99]) اللقحة: الناقة الحلوب، أو التي تكون قريبة العهد بالنتاج النهاية في غريب الحديث والأثر (مادة: لَقَحَ).

([100]) أخرجه أحمد (رقم 23361، 23400)، والنسائي (2 /77 رقم 2462)، وابن ماجه (رقم 1695)، والطبري في تفسيره (3/524)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/52)، وابن حزم في المحلى (رقم 756)، والجورقاني في الأباطيل (رقم 496)، وصححه ابن حجر في فتح الباري (4/136)، وقال الجصاص: (لا يثبت ذلك عن حذيفة وهو مع ذلك من أخبار الآحاد فلا يجوز الاعتراض به على القرآن) أحكام القرآن للجصاص (ت قمحاوي 1/ 285).

([101]) نقله عنه ابن رجب في فتح الباري (3 / 221)

([102]) تفسير ابن كثير (1 / 514).

[103]) الأباطيل (2/ 133 رقم 496).

[104]) تحفة الأشراف (3/ 32).

([105]) تهذيب سنن أبي داود وإيضاح مشكلاته - (1 / 408- 410).

[106]) أحاديث معلة ظاهرها الصحة (ص: 116)، وممن أعله بالوقف: عبد السلام علوش في الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء (ص: 289).

([107]) أخرجه النسائي (4/ 142 رقم 2153).

[108]) أخرجه عبد الرزاق (رقم 7606)، وينظر: أنيس الساري (4/ 2689).

[109]) أخرجه النسائي (4/ 142 رقم 2154)، وصححه في أنيس الساري (4/ 2689).

[110][110]) أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 276 رقم 8935)، وقواه محقق مسند أحمد مسند (38/ 383 رقم 23361)، وحسنه في أنيس الساري (4/ 2689).

([111]) بيان الفجر الصادق (ص 46).

([112]) [الطلاق: 2].

[113]) تحفة الأشراف (3/ 32).

([114]) تفسير الطبري (3/529، 530).

([115]) تفسير ابن كثير (1 / 514).

([116]) حاشية السندي على النسائي (4 / 142)، حاشية السندي على ابن ماجه (/ ).

([117]) التمهيد (10 / 63).

[118]) شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصيام (1/ 532)

([119]) فتح الباري (3 / 221-223)

([120]) شرح معاني الآثار (2 / 52).

([121]) تحفة الأحوذي (3 / 317).

([122]) الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (1/ 339، 340).

[123]) شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصيام (1/ 531)

[124]) شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصيام (1/ 532)

([125]) حاشية السندي على النسائي (4/142)، حاشية السندي على ابن ماجه (1/ 518).
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: تصنيف الآثار المشكلة على زمن بداية الصيام

أتمنى تلخيص الموضوع لمن أحب ذلك، ويضع هنا ...
 
أعلى