العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

التكييف الفقهي للمقاولات

إنضم
2 يناير 2013
المشاركات
43
الإقامة
متليلي
الجنس
ذكر
الكنية
أبو محمد
التخصص
علوم اسلامية الفقه و الأصول
الدولة
الجزائر
المدينة
غرداية
المذهب الفقهي
مالكي
تمهيد: يعرف التكييف الفقهي بأنه تحديد لحقيقة الواقعة المستجدة لإلحاقها بأصل فقهي، خصه الفقه الإسلامي بأوصاف فقهية، بقصد إعطاء تلك الأوصاف للواقعة المستجدة عند التحقق من المجانسة والمشابهة بين الأصل والواقعة المستجدة في الحقيقة[SUP][SUP][1][/SUP][/SUP].
لابد للتكييف الفقهي من خطوات منهجية ليتم لنا البناء المعرفي بهذه العملية الفكرية الاجتهادية، لتتضح الصورة أكثر لدى المتصدي لها، نذكر منها مايلي:
1 – التعرف على الواقعة المستجدة: وهي المسألة المستحدثة التي تعرض على المجتهد ليحكم فيها وتحليلها إلى عناصرها الأولية وهي تشمل كل من:
أ – المسائل التي إستحدثها الناس ولم تكن معروفة في عصور التشريع أو الإجتهاد مثل النقود الورقية، وسند الملكية، وعقدنا هذا الذي نحن بصدده.
ب- المسائل التي تغيرت علة الحكم فيها نتيجة التطور و تغير الظروف والاحوال مثل التقابض الحقيقي في صرف العملات التي تجريها البنوك عند شراء العميل عمله أجنبية من خلال حسابه ليقوم بتحويلها إلى الخارج، فعملية القيد بالحساب التي يجريها موظف البنك أصبحت في مقابل التقابض الحقيقي والتي تعارف على تسميتها بالتقابض الحكمي.
ج – العقود المركبة، والتي تتكون من أكثر من صورة من صور العقود القديمة، مثل بيع المرابحة للآمر بالشراء، فإنها تتكون من بيع عادي، و وعد من العميل بالشراء، وبيع مرابحة، و لعل بحثنا من هذا النوع[2].
2 – التعرف على الأصل الذي تكيف عليه الواقعة: وهومحل الحكم الذي يريد المجتهد التسوية فيه بينه و بين الواقعة المعروضة و قد يكون الأصل نص من القرآن أو السنة او إجماع أو على قاعدة كلية أوعلى نص لفقيه، ويجب هنا على المجتهد أن يتحقق من ثبوت الأصل الذي تكيف عليه الواقعة وأن يفهمه فهماً جيداً مقرونة بظروفها و شروطها[3].
أما مايتعلق بالزكاة فلا تنحصر الزكاة فى الأنواع التى كانت معروفة فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والواردة فى كتب الفقه الإسلامى من التراث ، وهى : زكاة النقدين ، وزكاة عروض التجارة ، وزكاة الأنعام ، وزكاة الزروع والثمار ، وزكاة الركاز ، بل تمتد إلى كل الأموال والإيرادات المعاصرة التى تتوافر فيها شروط الوجوب السابق بيانها.
وتأسيساً على ذلك فإن الإطار العام لنظام الزكاة فى التطبيق المعاصر يشمل الزكوات الآتية :
أولاً : زكوات على المال ونمائه مثل :

  • زكاة الثروة النقدية والاستثمارات المالية .
  • زكاة عروض التجارة والصناعة وما فى حكمها .
  • زكاة الأنعام .
ثانياً : زكوات على المال ذاته مثل :

  • زكاة الركاز .
  • زكاة المال المستفاد .
ثالثاً : زكوات على الإيراد من عروض القنية مثل :

  • زكاة الزروع والثمار .
  • زكاة المستغلات .
وسوف نتناول أحكام وحساب الزكاة للمقاولات، و ذلك بعد تكييفها فقهيا.

المبحث الأول: مفهوم المقاولة و أحكامها
المطلب الأول: مفهوم المقاولة و أنواعها
الفرع الأول:مفهوم المقاولة في اللغة:المقاولة من قول،يقول، قولة، و مقالة، و المقول بكسر الميم و فتح الواو:اللسان، و المقول: القيل بفتح القاف بلغة أهل اليمن،و الجمع المقاولبفتح الميم و القاف.و تأتي بمعنى: المفاوضة والمجادلة، ومنه قولهم:قاوله في الأمر إذا فاوضه وجادله[4]، وقاولته في أمره وتقاولنا أي تفاوضنا[5]. و من هنا أصبحت تطلق على إعطاء العمل للآخر، وقاوله بالعمل أي مقاولة:تعهد منه للقيام به .
الفرع الثاني: مفهوم المقاولة في الإصطلاح: لايوجد في المدونات الفقهية تعريفا شرعيا مباشرا لهذا المصطلح، لأنه من المصطلحات المستحدثة، ولكن هذا العقد عرف معنى وعملا بالإجمال دون تفصيل من خلال تطابق صوره مع بعض العقود المشروعة في الفقه الإسلامي، كعقد الإجارة،وعقد السلم، و عقد الإستصناع، و لقد ذكر عقد المقاولة عند المتأخرين و الفقهاء المعاصرين منهم، ليؤكدوا على أن الفقه الإسلامي يستوعب كل ما هو جديد في المعاملات المالية و غيرها، و من بين هذه التعريفات نذكر:
- تعريف المجلة العدلية في المادة(124) الاستصناع بأنه : عقد مقاولة مع أهل الصنعة على أن يعملوا شيئا،فالعامل صانع،و المشتري مستصنع،والشيء مصنوع[6].
- تعريف عقد المقاولة في قررات المجمع الفقهي الإسلامي حيث عرف بأنه: "عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بأن يصنع شيئا أو يؤدي عملا مقابل بدل يتعهد به الطرف الآخر"[7].
تعريف الدكتور رفيق يونس المصري بقوله: عقد المقاولة إتفاق يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين بأن يصنع للمتعاقد الآخر شيئا، أو أن يؤدي عملا بمقابل مالي يتعهد به هذا المتعاقد للآخر[8].
عرفه الدكتور وهبة الزحيلي بقوله :المقاولة عقد يتعهد أحد طرفيه بأن يصنع شيئا أويؤدي عملا لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر[9].
و أما عقد المقاولة في بعض القوانين العربية فهو:
1ـ القانون الجزائري نص على أنه:" عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئا أو يؤدي عملا مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر "[10].
2ـ ـ القانون الأردني نص على أنه: "عقد يتعهد أحد طرفيه بأن يصنع شيئا، أو يؤدي عملا لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر"[11].
[h=1]3. القانون الفلسطيني نص على أنه "عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئا أويؤدي عملا لقاء بدل يتعهد به المتعاقد الآخر"[12].[/h][h=1]من خلال التعريفات السابقة يمكننا القول بأن عقد المقاولة هو:[/h][h=1]إتفاق بين طرفين يتعهد بمقتضاه أحد طرفيه بأن يصنع للطرف الآخر شيئا أو يؤدي عملا لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر. و قد وصفت القوانين المدنية المعاصرة كيفية المقاولة وقصرتها على حالتين حسب الاتفاق:[/h]1. إما أن يتعهد المقاول بتقديم العمل فقط، ويقدم صاحب العمل المادة المستخدمة في العمل.
2. وإما أن يتعهد المقاول بتقديم المادة والعمل، المادة التي يتطلبها العمل أو البناء، مع القيام بالعمل، وما يتطلب ذلك من عمال وأدوات أو آلات لازمة في العمل[13] .




[1] شبير ،محمد عثمان, التكييف الفقهي للوقائع المستجدة وتطبيقاته الفقهية, ص 30.

[2]المرجع نفسه ، ص64.

[3]المرجع السابق ، ص 73.

[4]ابن منظور ، محمد بن مكر م الإفريقي ، لسان العرب،، مادة قول ، ج11، ص 370.

[5]الجوهري ، اسماعيل بن حماد أبو نصر ،تاج اللغة و صحاح العربية،.باب اللام، فصل القاف، مادة: قول،ج 4، ص1470.

[6]حيدر ، علي ،درر الأحكام في شرح مجلة الأحكام،ج1، ص 99.

[7]مجلة مجمع الفقه الإسلامي. عقد المقاولة والتعمير. الدورة الرابعة عشر.بقرار رقم129(3/14)http://www.fiqhacademy.org.sa/qrarat/14-3.htm.

[8]المصري ، رفيق يونس،الجامع في أصول الربا، ص280.

[9] السرحان، عدنان ابراهيم ،العقود المسماة، ص276.

[10]القانون المدني الجزائري المادة 549.

[11]القانون المدني الأردني المادة780. نقلا من إبراهيم شاشو، عقد المقاولات في الفقه الإسلامي.

[12]القانون المدني الفلسطيني المادة 790. نقلا عن إبراهيم شاشو، عقد المقاولات في الفقه الإسلامي.

[13]شاشو ، إبراهيم ، عقد المقاولات في الفقه الإسلامي، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية و القانونية، المجلد 26، العدد 02، 2010، ص748. http://www.fikr.com/zuhayli/lectures.htmالموقع الرسمي للشيخ وهبة الزحيلي، قسم المحاضرات،عقد المقاولات.
 
أعلى