محمود حلمي علي
:: مطـًـلع ::
- إنضم
- 4 يونيو 2013
- المشاركات
- 158
- الجنس
- ذكر
- الكنية
- أبو عبد الرحمن
- التخصص
- فقه شافعي
- الدولة
- مصر
- المدينة
- العاشر من رمضان
- المذهب الفقهي
- الشافعي
قال الإمام الإسنوي في مقدمته القيمة لكتابه المهمات (1/ 111): (ينبغي أن يعلم أن الإمامين المذكورين [أي: الرافعي والنووي] قد وقع منهما عدّ احتمالات الإمام وجوها.
ولا ألتزم التنبيه على ذلك؛ فإن الغزالي أجل من جاء بعد الإمام وأعرف بحاله من غيره، وقد جعل احتمالاته وجوها،
والرافعي أجل من جاء بعد الغزالي، وقد صرح بذلك أيضا في مواضع:
منها: في الشرح الكبير في باب إحياء الموات، فإنه حكى ثلاثة أوجه في ما إذا بادر فأحيا ما يحجره غيره هل يملكه؟ ثم قال: ومال الإمام إلى الفرق بين أن يأخذ المتحجر في العمارة، فلا يملك المبادر، وبين أن يكون التحجر برسم خطوط ونحوه، فيملك، فهذا وجه رابع. هذه عبارته.
وذكر مسألة في الشرح الصغير في كتاب التيمم في الفصل المعقود لقضاء الصلاة المختلة، فقال: وفيه وجه للإمام. هذه عبارته.
وعدّ النووي أيضا في المنهاج احتمالاته وجوها، حيث عبر بالأصح في مواضع:
منها: قوله في صلاة الجمعة: "ويغتسل، فإن عجز تيمم في الأصح". ومقابله احتمال للإمام.
ومنها: في تحريم الحلي على المعتدة، "وكذا اللؤلؤ في الأصح". فإنه تردد للإمام.
ومنها: قوله: "والصحيح قطع ذاهبة الأظفار بسليمتها دون عكسه". ليس في عكسه إلا احتمال للإمام.
وقال ابن الصلاح في فتاويه: إن الشيخ أبا إسحاق، وإمام الحرمين، والغزالي، مجتهدون مصيبون [كذا]. وهذا هو ضابط أصحاب الوجوه.
لكن ذكر ابن الرفعة في المطلب في باب صفة الصلاة في الكلام على رفع اليدين: أن الغزالي ليس من أصحاب الوجوه، بل ولا إمامه.
والذي قاله مردود بما سبق من نقل جماعة كل منهم أجل منه).
فقد اتفق الإمامان الرافعي والنووي على اعتبار احتمالات الإمام وتخريجاته وجوها في المذهب، وسبقهما الإمام الغزالي، وتلاهما الإمام الإسنوي.
وقد ناقش العلامة المحقق عبد العظيم الديب رحمه الله مسألة اعتبار إمام الحرمين من أصحاب الوجوه، في كلام له طويل، أقتصر منه على هذه الفقرة من مقدماته لنهاية المطلب (المقدمة/ 315) حيث نقل عن الإمام ابن تيمية قوله عن إمام الحرمين _ وما أقسى قوله ذاك على قلبي _ : (ولقلة علمه وعلم أمثاله بأصول الإسلام اتفق أصحاب الشافعي على أنه ليس لهم وجه في مذهب الشافعي، فإذا لم يسوغ أصحابهم أن يعتد بخلافهم في مسألة من فروع الفقه، كيف يكون حالهم في غير هذا، وإذا اتفق أصحابه على أنه لا يجوز أن يتخذ إماما في مسألة واحدة من مسائل واحدة من مسائل الفروع، فكيف يتخذ إماما في أصول الدين؟ مع العلم بأنه إنما نبل قدره عند الخاصة والعامة بتبحره في مذهب الشافعي رضي الله عنه؛ لأن مذهب الشافعي مؤسس على الكتاب والسنة. وهذا الذي ارتفع به عند المسلمين غايته فيه أنه يوجد منه نقل جمعه، أو بحث تفطن له، فلا يجعل إماما فيه كالأئمة الذين لهم وجوه) نقلا عن الفتاوى الكبرى، القاهرة، دار الريان، 1408 هـ (في ستة أجزاء) جزء 6 ص 616.
ثم قال الشيخ عبد العظيم: (وكنا نود ألا تدفع الخصومة مع الأشاعرة والمؤولة شيخ الإسلام إلى الدخول في هذا الباب، وأن يقصرها على الجانب الكلامي. فشيخ الإسلام بهذا أنكر الشمس في رابعة النهار، فالشافعية يحلون إمام الحرمين بالمحل الأعظم، ومدار فقههم على ما قاله إمام الحرمين، ويكفي أنهم يجميع طبقاتهم منذ وفاة إمام الحرمين لا يذكرونه في كتبهم إلا بـ (الإمام) مطلقا، فحيثما وجدت: " قال الإمام "، أو " وهذا ما حكي عن الإمام " ونحو هذا، فاعلم أن (الإمام) هو إمام الحرمين...
وها هي نصوص إمام الحرمين دائرة في كتب الشافعية، لا تكاد تخلو منها صفحة واحدة من أي كتاب، أفمن كان بمثل هذه المنزلة يقال فيه: " اتفق أصحابه على أنه لا يجوز أن يتخذ إماما في مسألة واحدة من مسائل الفروع "؟!!
لا أريد أن أسترسل في بيان منزلة إمام الحرمين في الفقه، فتوضيح الواضح من أشكل المشكلات...
كل هذا يجعلني أقول: إن هذا الكلام لفَّقه بعض الصغار من المتعصبة، وأدخلوه في كلام شيخ الإسلام إرضاء لنزعاتهم، وأسلوب هذه الفقرات، وصياغتها ينطق بأنها ليست من كلام شيخ الإسلام وأنها مزيفة عليه، وغريبة عن نهجه وخلقه...
ولم أصل إلى كلام شيخ الإسلام هذا في طبعة الفتاوى التي جمعها ابن قاسم، وآمل ألا يوجد فيها - فهي النسخة المعتمدة - حتى يبرأ شيخ الإسلام من هذا الكلام من أقصر طريق).
قد أبلغ الشيخ في الرد على الإمام ابن تيمية في هذه المسألة. وما نقلته عن الإمام الإسنوي، وما ذكره عن شيخا المذهب الرافعي والنووي، فيه أبلغ رد على قول الإمام ابن تيمية في ذلك، إن صح هذا القول عنه.
وأغلب ظني أن الإمام ابن تيمية قد تأثر في ذلك _ إن صح ذلك عنه _ بكلام الإمام ابن الرفعة، فقد كان معاصرا له، وكان يجله ويعظمه، فقد جاء في ترجمة الإمام ابن الرفعة في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (1/ 337): (وكان قد ندب لمناظرة ابن تيمية، فسئل ابن تيمية عنه بعد ذلك فقال: رأيت شيخا تتقاطر فروع الشافعية من لحيته).
فلعل الإمام ابن تيمية اعتمد على قول الإمام ابن الرفعة في حق إمام الحرمين، وله العذر في التأثر بكلام شيخ المذهب في زمانه، ولكن لكل مذهب رجاله الذين هم أدرى به من غيرهم مهما توسعت معارفهم.
ولا ألتزم التنبيه على ذلك؛ فإن الغزالي أجل من جاء بعد الإمام وأعرف بحاله من غيره، وقد جعل احتمالاته وجوها،
والرافعي أجل من جاء بعد الغزالي، وقد صرح بذلك أيضا في مواضع:
منها: في الشرح الكبير في باب إحياء الموات، فإنه حكى ثلاثة أوجه في ما إذا بادر فأحيا ما يحجره غيره هل يملكه؟ ثم قال: ومال الإمام إلى الفرق بين أن يأخذ المتحجر في العمارة، فلا يملك المبادر، وبين أن يكون التحجر برسم خطوط ونحوه، فيملك، فهذا وجه رابع. هذه عبارته.
وذكر مسألة في الشرح الصغير في كتاب التيمم في الفصل المعقود لقضاء الصلاة المختلة، فقال: وفيه وجه للإمام. هذه عبارته.
وعدّ النووي أيضا في المنهاج احتمالاته وجوها، حيث عبر بالأصح في مواضع:
منها: قوله في صلاة الجمعة: "ويغتسل، فإن عجز تيمم في الأصح". ومقابله احتمال للإمام.
ومنها: في تحريم الحلي على المعتدة، "وكذا اللؤلؤ في الأصح". فإنه تردد للإمام.
ومنها: قوله: "والصحيح قطع ذاهبة الأظفار بسليمتها دون عكسه". ليس في عكسه إلا احتمال للإمام.
وقال ابن الصلاح في فتاويه: إن الشيخ أبا إسحاق، وإمام الحرمين، والغزالي، مجتهدون مصيبون [كذا]. وهذا هو ضابط أصحاب الوجوه.
لكن ذكر ابن الرفعة في المطلب في باب صفة الصلاة في الكلام على رفع اليدين: أن الغزالي ليس من أصحاب الوجوه، بل ولا إمامه.
والذي قاله مردود بما سبق من نقل جماعة كل منهم أجل منه).
فقد اتفق الإمامان الرافعي والنووي على اعتبار احتمالات الإمام وتخريجاته وجوها في المذهب، وسبقهما الإمام الغزالي، وتلاهما الإمام الإسنوي.
وقد ناقش العلامة المحقق عبد العظيم الديب رحمه الله مسألة اعتبار إمام الحرمين من أصحاب الوجوه، في كلام له طويل، أقتصر منه على هذه الفقرة من مقدماته لنهاية المطلب (المقدمة/ 315) حيث نقل عن الإمام ابن تيمية قوله عن إمام الحرمين _ وما أقسى قوله ذاك على قلبي _ : (ولقلة علمه وعلم أمثاله بأصول الإسلام اتفق أصحاب الشافعي على أنه ليس لهم وجه في مذهب الشافعي، فإذا لم يسوغ أصحابهم أن يعتد بخلافهم في مسألة من فروع الفقه، كيف يكون حالهم في غير هذا، وإذا اتفق أصحابه على أنه لا يجوز أن يتخذ إماما في مسألة واحدة من مسائل واحدة من مسائل الفروع، فكيف يتخذ إماما في أصول الدين؟ مع العلم بأنه إنما نبل قدره عند الخاصة والعامة بتبحره في مذهب الشافعي رضي الله عنه؛ لأن مذهب الشافعي مؤسس على الكتاب والسنة. وهذا الذي ارتفع به عند المسلمين غايته فيه أنه يوجد منه نقل جمعه، أو بحث تفطن له، فلا يجعل إماما فيه كالأئمة الذين لهم وجوه) نقلا عن الفتاوى الكبرى، القاهرة، دار الريان، 1408 هـ (في ستة أجزاء) جزء 6 ص 616.
ثم قال الشيخ عبد العظيم: (وكنا نود ألا تدفع الخصومة مع الأشاعرة والمؤولة شيخ الإسلام إلى الدخول في هذا الباب، وأن يقصرها على الجانب الكلامي. فشيخ الإسلام بهذا أنكر الشمس في رابعة النهار، فالشافعية يحلون إمام الحرمين بالمحل الأعظم، ومدار فقههم على ما قاله إمام الحرمين، ويكفي أنهم يجميع طبقاتهم منذ وفاة إمام الحرمين لا يذكرونه في كتبهم إلا بـ (الإمام) مطلقا، فحيثما وجدت: " قال الإمام "، أو " وهذا ما حكي عن الإمام " ونحو هذا، فاعلم أن (الإمام) هو إمام الحرمين...
وها هي نصوص إمام الحرمين دائرة في كتب الشافعية، لا تكاد تخلو منها صفحة واحدة من أي كتاب، أفمن كان بمثل هذه المنزلة يقال فيه: " اتفق أصحابه على أنه لا يجوز أن يتخذ إماما في مسألة واحدة من مسائل الفروع "؟!!
لا أريد أن أسترسل في بيان منزلة إمام الحرمين في الفقه، فتوضيح الواضح من أشكل المشكلات...
كل هذا يجعلني أقول: إن هذا الكلام لفَّقه بعض الصغار من المتعصبة، وأدخلوه في كلام شيخ الإسلام إرضاء لنزعاتهم، وأسلوب هذه الفقرات، وصياغتها ينطق بأنها ليست من كلام شيخ الإسلام وأنها مزيفة عليه، وغريبة عن نهجه وخلقه...
ولم أصل إلى كلام شيخ الإسلام هذا في طبعة الفتاوى التي جمعها ابن قاسم، وآمل ألا يوجد فيها - فهي النسخة المعتمدة - حتى يبرأ شيخ الإسلام من هذا الكلام من أقصر طريق).
قد أبلغ الشيخ في الرد على الإمام ابن تيمية في هذه المسألة. وما نقلته عن الإمام الإسنوي، وما ذكره عن شيخا المذهب الرافعي والنووي، فيه أبلغ رد على قول الإمام ابن تيمية في ذلك، إن صح هذا القول عنه.
وأغلب ظني أن الإمام ابن تيمية قد تأثر في ذلك _ إن صح ذلك عنه _ بكلام الإمام ابن الرفعة، فقد كان معاصرا له، وكان يجله ويعظمه، فقد جاء في ترجمة الإمام ابن الرفعة في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (1/ 337): (وكان قد ندب لمناظرة ابن تيمية، فسئل ابن تيمية عنه بعد ذلك فقال: رأيت شيخا تتقاطر فروع الشافعية من لحيته).
فلعل الإمام ابن تيمية اعتمد على قول الإمام ابن الرفعة في حق إمام الحرمين، وله العذر في التأثر بكلام شيخ المذهب في زمانه، ولكن لكل مذهب رجاله الذين هم أدرى به من غيرهم مهما توسعت معارفهم.