العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
قال الإمام الإسنوي في مقدمته القيمة لكتابه المهمات (1/ 111): (ينبغي أن يعلم أن الإمامين المذكورين [أي: الرافعي والنووي] قد وقع منهما عدّ احتمالات الإمام وجوها.
ولا ألتزم التنبيه على ذلك؛ فإن الغزالي أجل من جاء بعد الإمام وأعرف بحاله من غيره، وقد جعل احتمالاته وجوها،
والرافعي أجل من جاء بعد الغزالي، وقد صرح بذلك أيضا في مواضع
:
منها: في الشرح الكبير في باب إحياء الموات، فإنه حكى ثلاثة أوجه في ما إذا بادر فأحيا ما يحجره غيره هل يملكه؟ ثم قال: ومال الإمام إلى الفرق بين أن يأخذ المتحجر في العمارة، فلا يملك المبادر، وبين أن يكون التحجر برسم خطوط ونحوه، فيملك، فهذا وجه رابع. هذه عبارته.
وذكر مسألة في الشرح الصغير في كتاب التيمم في الفصل المعقود لقضاء الصلاة المختلة، فقال: وفيه وجه للإمام. هذه عبارته.
وعدّ النووي أيضا في المنهاج احتمالاته وجوها، حيث عبر بالأصح في مواضع:
منها: قوله في صلاة الجمعة: "ويغتسل، فإن عجز تيمم في الأصح". ومقابله احتمال للإمام.
ومنها: في تحريم الحلي على المعتدة، "وكذا اللؤلؤ في الأصح". فإنه تردد للإمام.
ومنها: قوله: "والصحيح قطع ذاهبة الأظفار بسليمتها دون عكسه". ليس في عكسه إلا احتمال للإمام.
وقال ابن الصلاح في فتاويه: إن الشيخ أبا إسحاق، وإمام الحرمين، والغزالي، مجتهدون مصيبون [كذا]. وهذا هو ضابط أصحاب الوجوه.
لكن ذكر ابن الرفعة في المطلب في باب صفة الصلاة في الكلام على رفع اليدين: أن الغزالي ليس من أصحاب الوجوه، بل ولا إمامه.
والذي قاله مردود بما سبق من نقل جماعة كل منهم أجل منه).

فقد اتفق الإمامان الرافعي والنووي على اعتبار احتمالات الإمام وتخريجاته وجوها في المذهب، وسبقهما الإمام الغزالي، وتلاهما الإمام الإسنوي.

وقد ناقش العلامة المحقق عبد العظيم الديب رحمه الله مسألة اعتبار إمام الحرمين من أصحاب الوجوه، في كلام له طويل، أقتصر منه على هذه الفقرة من مقدماته لنهاية المطلب (المقدمة/ 315) حيث نقل عن الإمام ابن تيمية قوله عن إمام الحرمين _ وما أقسى قوله ذاك على قلبي _ : (ولقلة علمه وعلم أمثاله بأصول الإسلام اتفق أصحاب الشافعي على أنه ليس لهم وجه في مذهب الشافعي، فإذا لم يسوغ أصحابهم أن يعتد بخلافهم في مسألة من فروع الفقه، كيف يكون حالهم في غير هذا، وإذا اتفق أصحابه على أنه لا يجوز أن يتخذ إماما في مسألة واحدة من مسائل واحدة من مسائل الفروع، فكيف يتخذ إماما في أصول الدين؟ مع العلم بأنه إنما نبل قدره عند الخاصة والعامة بتبحره في مذهب الشافعي رضي الله عنه؛ لأن مذهب الشافعي مؤسس على الكتاب والسنة. وهذا الذي ارتفع به عند المسلمين غايته فيه أنه يوجد منه نقل جمعه، أو بحث تفطن له، فلا يجعل إماما فيه كالأئمة الذين لهم وجوه) نقلا عن الفتاوى الكبرى، القاهرة، دار الريان، 1408 هـ (في ستة أجزاء) جزء 6 ص 616.
ثم قال الشيخ عبد العظيم: (وكنا نود ألا تدفع الخصومة مع الأشاعرة والمؤولة شيخ الإسلام إلى الدخول في هذا الباب، وأن يقصرها على الجانب الكلامي. فشيخ الإسلام بهذا أنكر الشمس في رابعة النهار، فالشافعية يحلون إمام الحرمين بالمحل الأعظم، ومدار فقههم على ما قاله إمام الحرمين، ويكفي أنهم يجميع طبقاتهم منذ وفاة إمام الحرمين لا يذكرونه في كتبهم إلا بـ (الإمام) مطلقا، فحيثما وجدت: " قال الإمام "، أو " وهذا ما حكي عن الإمام " ونحو هذا، فاعلم أن (الإمام) هو إمام الحرمين...
وها هي نصوص إمام الحرمين دائرة في كتب الشافعية، لا تكاد تخلو منها صفحة واحدة من أي كتاب، أفمن كان بمثل هذه المنزلة يقال فيه: " اتفق أصحابه على أنه لا يجوز أن يتخذ إماما في مسألة واحدة من مسائل الفروع "؟!!
لا أريد أن أسترسل في بيان منزلة إمام الحرمين في الفقه، فتوضيح الواضح من أشكل المشكلات...
كل هذا يجعلني أقول: إن هذا الكلام لفَّقه بعض الصغار من المتعصبة، وأدخلوه في كلام شيخ الإسلام إرضاء لنزعاتهم، وأسلوب هذه الفقرات، وصياغتها ينطق بأنها ليست من كلام شيخ الإسلام وأنها مزيفة عليه، وغريبة عن نهجه وخلقه...
ولم أصل إلى كلام شيخ الإسلام هذا في طبعة الفتاوى التي جمعها ابن قاسم، وآمل ألا يوجد فيها - فهي النسخة المعتمدة - حتى يبرأ شيخ الإسلام من هذا الكلام من أقصر طريق).

قد أبلغ الشيخ في الرد على الإمام ابن تيمية في هذه المسألة. وما نقلته عن الإمام الإسنوي، وما ذكره عن شيخا المذهب الرافعي والنووي، فيه أبلغ رد على قول الإمام ابن تيمية في ذلك، إن صح هذا القول عنه.

وأغلب ظني أن الإمام ابن تيمية قد تأثر في ذلك _ إن صح ذلك عنه _ بكلام الإمام ابن الرفعة، فقد كان معاصرا له، وكان يجله ويعظمه، فقد جاء في ترجمة الإمام ابن الرفعة في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (1/ 337): (وكان قد ندب لمناظرة ابن تيمية، فسئل ابن تيمية عنه بعد ذلك فقال: رأيت شيخا تتقاطر فروع الشافعية من لحيته).
فلعل الإمام ابن تيمية اعتمد على قول الإمام ابن الرفعة في حق إمام الحرمين، وله العذر في التأثر بكلام شيخ المذهب في زمانه، ولكن لكل مذهب رجاله الذين هم أدرى به من غيرهم مهما توسعت معارفهم.
 

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

وقد قال إمام الحرمين الجويني مبينا منهجه في مقدمة كتابه نهاية المطلب (1/ 4): (وإن جرت مسألة لم يبلغني فيها مذهب الأئمة خرجتها على القواعد، وذكرت مسالك الاحتمال فيها، على مبلغ فهمي).
 

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

وقال ابن الصلاح في فتاويه: إن الشيخ أبا إسحاق، وإمام الحرمين، والغزالي، مجتهدون مصيبون [كذا]. وهذا هو ضابط أصحاب الوجوه.
قوله: "مجتهدون مصيبون" كذا في طبعة المهمات، وهي كثيرة الأخطاء، ثم راجعت فتاوى ابن الصلاح فوجدت صوابها "مجتهدون مقيدون"
وفي نقل كلام الإمام ابن الصلاح كاملا مزيد فائدة.
قال الإمام ابن الصلاح في الفتاوى: (مسألة: إمام الحرمين والإمام الغزالي والإمام أبو إسحاق رضي الله عنهم هل بلغ أحد هؤلاء الأئمة المذكورين درجة الاجتهاد في المذهب على الإطلاق أم لا؟ وما حقيقة الاجتهاد على الإطلاق؟ وما حقيقة الاجتهاد في المذهب؟ وهل بلغ أحد منهم رتبة الاجتهاد على الإطلاق؟
أجاب رضي الله عنه: لم يكن لهم الاجتهاد المطلق، وبلغوا الاجتهاد المقيد في مذهب الشافعي رضي الله عنه، ودرجة الاجتهاد المطلق يحصل بتمكنه من تعرف الأحكام الشرعية من أدلتها استدلالا من غير تقليد، والاجتهاد المقيد: درجته تحصل بالتبحر في مذهب إمام من الأئمة بحيث يتمكن من إلحاق ما لم ينص عليه ذلك الإمام بما نص عليه معتبرا قواعد مذهبه وأصوله).
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

بارك الله فيكم يا شيخ محمود
ينظر للفائدة : كتاب الاجتهاد وطبقات مجتهدي الشافعية للدكتور محمد حسن هيتو ص 204
ولوددت لو أن كتاب الدكتور محمد عمر الكاف (
المعتمد عند الشافعية دراسة نظرية تطبيقية ) طبع لأفادنا كثيراً في تحرير هذه المسألة فقد عقد فصلاً في طبقات فقهاء المذهب وكانت الطبقة الثالثة في أصحاب الوجوه .
ويظهر أن ما ذكر عن ابن تيمية هو من كلامه فعلاً ؛ لأن هذا هو الأصل ، ودعوى الدس في كلامه تحتاج لدليل ، ولو فتح هذا الباب في كتب أهل العلم بدون الاعتماد على الأدلة لحصل التشكيك في كل كتب العلماء ، وقد يكون ابن تيمية فعلاً اعتمد كلام ابن الرفعة .
وأمر آخر وهو أن بعض الشافعية - كابن حجر الهيتمي - قصروا أصحاب الوجوه على أئمة المذهب قبل الأربع مائة .
وأخيراً : من يقصد ابن حجر بـ ( ـبعضهم ) في قوله : ( بل بالغ بعضهم فعده - أي ابن الرفعة - مع أصحاب الأوجه وأبى أن يعد الغزالي وإمامه منهم ) ؟
 
التعديل الأخير:

د. محمد بن عمر الكاف

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
20 مايو 2009
المشاركات
326
التخصص
فقه
المدينة
المدينة المنورة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

في الحقيقة لم أستطع عد الجويني والغزالي والشيرازي على جلالة قدرهم من أصحاب الوجوه، فهم في مرتبة مجتهدي الفتوى، ولم أر أقوالهم وجوها في شيء من الكتب الفقهية المعتبرة، وهو أيضا ما ذهب له الدكتور حسن هيتو، فمع جلالة قدرهم لم يعتبر الشافعية أقوالهم وجوها في المذهب، مثلهم مثل الشيخين الرافعي والنووي
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

في الحقيقة لم أستطع عد الجويني والغزالي والشيرازي على جلالة قدرهم من أصحاب الوجوه، فهم في مرتبة مجتهدي الفتوى، ولم أر أقوالهم وجوها في شيء من الكتب الفقهية المعتبرة، وهو أيضا ما ذهب له الدكتور حسن هيتو، فمع جلالة قدرهم لم يعتبر الشافعية أقوالهم وجوها في المذهب، مثلهم مثل الشيخين الرافعي والنووي
المشكلة أن البعض قد يعترض فيقول : قد عدهم من أصحاب الوجوه الرافعي والنووي كما تقدم، أو يعتمد أقوال المتأخرين جداً كالشيخ زكريا الأنصاري ومن عاصره وجاء بعده.
فينبغي تبيين من هم المقصودون بالشافعية وبكتب الشافعية المعتبرة.
والظاهر من عبارات المتأخرين أن أصحاب الوجوه هم مجتهدوا المذهب قبل الأربعمائة ثم من بعدهم لا يعد كذلك إلا بالنص عليه أو باعتماد اجتهاداته وجوهاً ، فيبقى إشكال واحد؛ وهو تحديد من هم الذين يعينون أصحاب الوجوه؟
والظاهر أيضاً أن علماء القرن الثامن كانوا ينظرون إلى الشيخين نظرة الند للند، مع اعترافهم بعظيم فضلهما، فكانوا يحاججون أقوالهم بأقوال من سبقهم.
والله أعلم
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

[/B قال:
وضاح أحمد الحمادي;148339]فيبقى إشكال واحد؛ وهو تحديد من هم الذين يعينون أصحاب الوجوه؟

المهم: أن نتعرف على المنهجية التي يحكم بها على الرأي بأنه وجه في المذهب

وقد بين علماؤنا أن من بلغ رتبة من الاجتهاد فخرج على قول إمامه في أصوله أو فروعه فإنهم يعدون ذلك وجها
وإن خرج على غير أصول إمامه أو فروعه فلا يعد هذا مذهبا

وقد اعتبروا احتمالات الإمام وجوها في مواضع كثيرة جدا لا تحصى كما قال الدميري رحمه الله تعالى، ومنها:


[/B قال:
محمود حلمي علي;146861]منها: في الشرح الكبير في باب إحياء الموات، فإنه حكى ثلاثة أوجه في ما إذا بادر فأحيا ما يحجره غيره هل يملكه؟ ثم قال: ومال الإمام إلى الفرق بين أن يأخذ المتحجر في العمارة، فلا يملك المبادر، وبين أن يكون التحجر برسم خطوط ونحوه، فيملك، فهذا وجه رابع. هذه عبارته.
وذكر مسألة في الشرح الصغير في كتاب التيمم في الفصل المعقود لقضاء الصلاة المختلة، فقال: وفيه وجه للإمام. هذه عبارته.

ومنها:


[/B قال:
محمود حلمي علي;146861]منها: قوله في صلاة الجمعة: "ويغتسل، فإن عجز تيمم في الأصح". ومقابله احتمال للإمام.
ومنها: في تحريم الحلي على المعتدة، "وكذا اللؤلؤ في الأصح". فإنه تردد للإمام.
ومنها: قوله: "والصحيح قطع ذاهبة الأظفار بسليمتها دون عكسه". ليس في عكسه إلا احتمال للإمام.

ومنها في المنهاج:

في كيفية القصاص: (والصحيح: قطع ذاهبة الأظفار بسليمتها دون عكسه)، ليس في عكسه إلا احتمال للإمام.
ومنها: في (الزنا): (ويحد الرقيق سيده أو الإمام، فإن تنازعا .. فالأصح: الإمام)، فالأوجه الثلاثة احتمالات للإمام.
ومنها: (فإن تنازعا فالأصح: الإمام)، والثاني: السيد، والثالث: إن كان جلدًا فالسيد، وإن كان قتلًا أو قطعًا فالإمام، وهذه احتمالات للإمام.
ومنها: (وكذا القذف واللعان على الصحيح)، والثاني: يجوز انتقامًا منها وتعويضًا لها للحد كما إذا لم يكن من ولد، وهذا قال الإمام: إنه القياس، فأثبته الشيخان وجها.
ومنها: (ولو أعتق ثلاثة لا يملك غيرهم قيمتهم سواء .. عتق أحدهم)؛ فلو مات أحدهم قبل موت السيد .. فالمذهب أنه يدخل في القرعة, وللإمام احتمال أنه لا يدخل, وكأنه أعتق عبدين فقط, وأقامه الغزالي وجهًا, والتفريع على الأول.
ومنها: (ويستحق حملًا في الأصح) والثاني: لا، وهو احتمال للإمام
ومنها: (ويجوز خلعها فيه لا أجنبي في الأصح)؛ والثاني احتمال الإمام: أنه غير بدعي؛ لأن المال يشعر بالضرورة.
ومنها: (ويحرم سن الخاتم على الصحيح) ويقابله احتمال للإمام؛ لأنه يشبه الضبة الصغيرة.
ومنها: (ولو أوضحه جمع)؛ بان تحاملوا على الآلة وجروها ... (أوضح من كل واحد مثلها، وقيل: قِسْط)، والوجهان احتمالان للإمام جعلهما المصنف وجهين تبعًا لـ (المحرر).

وهي كثيرة جدا حتى قال الدميري في النجم الوهاج في شرح المنهاج (9/ 449): (والاحتمال للإمام، وأقامه الرافعي وجهًا، وصرح في (الروضة) بنقله عن الإمام، وقد أقام في (الروضة) و (المنهج) و (أصليهما) ما لا يحصى من احتمالات للإمام وجوهًا كما تقدم).

ومن أقوال الغزالي التي عدها النووي وجوها:
(لا عليكم أن لا تفعلوا، ما كتب خلق نسمة كائنة إلا ستكون)، ... ويقابله احتمال للغزالي: أنه يجوز؛ قال الدميري: (وهذا أحد المواضع التي جعل المصنف فيها قول الغزالي وجهًا).
ومنها: (فإن عاد إلي بلده منع في الأصح)؛ يقابله احتمال للغزالي: أنه لا يتعرض له.

وتعجب حين يكون احتمال الإمام هو معتمد المذهب في المنهاج، ويقابله نص الإمام والأصحاب، ففي فتاوى الرملي:
( سُئِلَ ) هَلْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ مُطْلَقًا أَمْ لَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ ؟
( فَأَجَابَ ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ مُطْلَقًا , وَقَوْلُ مَنْ قَالَ : إنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ , وَإِنَّهُ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ مَا قَالَهُ فَاحْتِمَالُ الْإِمَامِ وَجْهٌ فِي الْمَذْهَبِ , وَقَدْ رَجَّحَاهُ لِقُوَّةِ دَلِيلِهِ , وَلَا يُخَالِفُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا .انتهى
ووافقه ابنه في النهاية، وخالفه ابن حجر في المعتمد.

من هنا نعلم أن إمام الحرمين اعتبرت احتمالاته أوجها في المذهب من كبار الأئمة المحققين كالغزالي والرافعي وابن الصلاح والنووي والإسنوي والدميري والرمليين
بل أشار إمام الحرمين إلى أن أقواله وجوه في المذهب كما نبه على ذلك ابن الرفعة فقال في كفاية النبيه في شرح التنبيه (14/ 93):
(واعلم أن قول الإمام: "ولم أذكر هذا ليكون وجهاً" يعرفك أن اختياره أن الاحتمالات التي يذكرها تكون وجوهاً في المذهب، وإلا [لم يكن] لهذا الكلام معنى؛ وحينئذٍ فينبسط عذر الغزالي في عده احتمالات الإمام وجوهاً).


نعم، تُرِكَت كثيرٌ من احتمالاته أيضًا كأقوال غيره، فلم يعتد الرافعي والنووي بها في المذهب، وهذا الذي يجب أن يبحث فيه وينظر، وهو:
أنَّ ما خَرَّجَه الإمامُ وغيره ممن بلغ رتبة الاجتهاد على أصول الشافعي أو فروعه كان وجها.
وما خُرِّج على غير أصوله أو فروعه لا يعد من المذهب، وله شواهد كثيرة جدا تجدها في المجموع وغيره، منها قوله: (هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الْأَصْحَابُ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِمْ , إلَّا صَاحِبَ الْحَاوِي فَقَالَ : إذَا جَوَّزْنَا اتِّخَاذَهُ فَفِي زَكَاتِهِ الْقَوْلَانِ كَالْحُلِيِّ , وَهَذَا غَلَطٌ مَرْدُودٌ لَا يُعَدُّ وَجْهًا , وَإِنَّمَا نَبَّهْت عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ).

وربما أشار إمام الحرمين إلى أن تخريجه خارج من المذهب كقوله في نهاية المطلب في دراية المذهب (1/ 178): (وهذه فصولٌ رأيتها، فابتديتها، وما عندي أن الأصحاب يسمحون بهذا، ويجوّزون للشارع في فائتةٍ الخروجَ منها، من غير عذرٍ، إذا كانت الفائتة).
ومثله ما جاء حواشي المحلي:
قَوْلُهُ : ( عِنْدَ الْيَأْسِ ) أَبْدَى الْإِمَامُ احْتِمَالًا أَنَّهُ بِالْيَأْسِ يَقَعُ عَقِبَ اللَّفْظِ كَتَعْصِيَةِ مُؤَخِّرِ الْحَجِّ عَلَى وَجْهٍ , قَالَ وَلَمْ أَذْكُرْهُ لِيَكُونَ وَجْهًا فِي الْمَذْهَبِ , فَإِنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى خِلَافِهِ وَالزَّوْجُ مُتَسَلِّطٌ عَلَى الْوَطْءِ بِالْإِجْمَاعِ ا هـ .
وَمَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ , أَنَّهُ قَالَ لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ. انتهى
وتعجب من هذه المسألة تقوية ابن الرفعة احتمال للإمام مع مخالة الأصحاب له.

أما تقييدهم بالزمن فهو أغلبي، فإنك تراهم ينصون على من بلغ رتبة الأصحاب ممن هو قريب الوفاة من إمام الحرمين، وقد حصرت على عجالة من صرح بأنه صاحب وجه ممن مات بعد 400 فكانوا حدود 30 عالما، أذكر منهم من قربت وفاته من وفاة إمام الحرمين:
حدود 460
الخضري
461
الفوراني
462
القاضي حسين
465
الإيلاقي
477
ابن الصباغ
478
المتولي
478
إمام الحرمين
502
الروياني
505
الغزالي
516
البغوي


والله أعلم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

وقد اعتبروا احتمالات الإمام وجوها
رجع الأمر إلى أول
من هم هؤلاء الذين اعتبروا؟
مثلاً نقل الأخ الفاضل عن شيخ الإسلام ابن تيمية أن الشافعية لم يعدوا اختيارات الإمام وجوهاً، من يقصد؟ أيقصد النووي الذي هو في رتبة شيوخه والرافعي ومن داناهم زماناً؟
من عاصر شيخ الإسلام كابن الرفعة وغيره، كان يخالف الشيخين ولا يبالي، ويحتج عليهما بكلام من تقدمهما ولو من غير أصحاب الوجوه كالعمراني إشارة إلى أن العمدة كلام من تقدم، فمن هم؟
الذي يظهر لي أنه يعني نحو المتولي والبغوي والعمراني ومن نحى نحوهم، وهم عمدة من جَمَعَ بعدهم، وقد قَرُبَتْ أقوالهم من أن تكون وجوهاً ولم تكن.
في أحسن الأحوال نقول : أصحاب الوجوه في زمن ابن الرفعة ومن تقدمه غيرهم عند من تأخر جداً كالشيخ زكريا وطلبته، فعمدة المتقدم نقل المتقدم، وعمدة المتأخر صنيع الشيخين، وقصاراه أن يتوسع في الاحتجاج لاختيارات الشيخين ولا يجتهد.

والله أعلم
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

من هم هؤلاء الذين اعتبروا؟
كل من ذكر رأيه واعتده وجها في المذهب فنقول عنه: اعتبر احتمالات الإمام وجها
والمعول عليه عندنا معاشر الشافعية: ما اتفق عليه الرافعي والنووي، ثم النووي، ثم الرافعي
فإن اتفقا على عد احتمال من احتمالاته وجها، فهو وجه
وما اتفقا على عدم عده وجها فليس بوجه
وما اختلفا فيه قد فعل النووي
وما ليس للنووي فيه قول قدم قول الرافعي
فإن لم يكن لهما فيه حكم فلا بد من تتبع المسألة والتحري حتى يحكم عليها

وفي الجملة فإن إمام الحرمين ومن في مرتبة قد بلغوا رتبة من رتب الاجتهاد
إلا أن نظر الشيخين (الرافعي والنووي) إلى المسألة لا إلى الشخص، ولا سيما الأئمة المتأخرين، فيستقصون القائلين بها أولا، من نص للشافعي أو نصوص، أو رأي لكبار الأئمة أصحاب الوجوه ثم صغارهم، ثم المصنفين من كبار الفقهاء وغيرهم
ويستقصونها أيضا في كتب الفقه وغيرها كالتفاسير وشروح الحديث وكتب أصول الفقه وغيرها
وحكاية كل منهم للخلاف: أهو بين أقوال للشافعي، أم هي وجوه لأصحابه

ثم ينظرون للمدرك، وعلى أي شيء بنيت أعلى أصل من أصول الشافعي أم على فرع، وهل للشافعي في ذلك الأصل أو الفرع عدة أقوال أم قول واحد، وهكذا

ثم يرجحون ما يرونها الأوفق من هذه الأقوال أو تلك الأوجه، أو يتركون المسألة بلا ترجيح

ولهم في هذا الترجيح مصطلحات مبنية على معايير: فقد يكون أحد الوجهن قويا لكن الآخر أقوى، أو يكون شاذا أو خطأ أو خارجا عن المذهب، فينبهون عليها مع أن قائلها وصفوهم هم في تراجمهم بأنهم من أصحاب الوجوه، أو من كبارهم


الذي يظهر لي أنه يعني نحو المتولي والبغوي والعمراني ومن نحى نحوهم، وهم عمدة من جَمَعَ بعدهم، وقد قَرُبَتْ أقوالهم من أن تكون وجوهاً ولم تكن.
نص ابن كثير على أن المتولي من أصحاب الوجوه
ونص ابن حجر الهيتمي على أن البغوي من أكابر أصحاب الوجوه في المذهب، وأشار إلى ذلك السبكي في طبقاته، وقيل في ترجمته: ليس له قول ساقط

وخلاصة الكلام: أن إمام الحرمين والغزالي والبغوي تأهلوا إلى أن يكونوا من أصحاب الوجوه، لكن لا بد من وضع المعيار لكل مسألة على حدتها
فإن خالفوا نص الشافعي لعدم اطلاعهم عليه مثلا، أو خالفوا كبار الأصحاب المتقدمين: لم تتأهل -كغيرهم ممن هو أعلى شأنا منهم- احتمالاتهم وأقوالهم أن تكون وجوها
وإن خالفوا مقتضى نص الإمام أو قواعده أو أصوله: فكذلك
وهكذا
والله أعلم
 

د. محمد بن عمر الكاف

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
20 مايو 2009
المشاركات
326
التخصص
فقه
المدينة
المدينة المنورة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

أخي محمد ووضاح... أحسنتما جدا..
هذه المسائل مما يحتاج إلى تحرير للوصول إلى نتائج أكثر دقة..
وكنت أتمنى التفرغ لها... فما أسعفت الظروف..

وكلامكما هنا نواة لهذا التحرير
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

والمعول عليه عندنا معاشر الشافعية: ما اتفق عليه الرافعي والنووي، ثم النووي، ثم الرافعي
فإن اتفقا على عد احتمال من احتمالاته وجها، فهو وجه
وما اتفقا على عدم عده وجها فليس بوجه
وما اختلفا فيه قد فعل النووي
وما ليس للنووي فيه قول قدم قول الرافعي
فإن لم يكن لهما فيه حكم فلا بد من تتبع المسألة والتحري حتى يحكم عليها
لنا في هذا موضوع سابق سنواصله قريباً إن شاء الله، وليس موضع البحث.
لكن اختصاراً أقول : قد كنتُ بينتُ هنا أن الشافعية إما محقق غير معول على اتفاق الشيخين أصلاً فضلاً عن انفراد أحدهما بقول فهو عادة ما يحاججهما بالنقل عمن تقدمهما، أو مقلد لهما.
فابتداءك ـ بارك الله فيك ـ بـ [نحن معشر الشافعية ...] دفعٌ بالصدر، إذ هذا التعميم منتقض بما قدمته.
ثم مما لا شك فيه أن معرفة كون الجويني من أصحاب الأوجه أم لا ، لم تتأخر إلى عصر الشيخين ثم اكتشفت، فلا بد أن يكون لمن تقدمهما رأي في ذلك، فإن لم يكن تقدمهما أحد ففي قبوله منهما نظر، أو كان ثمَّ سابق تنصيص فهو أعون على قبوله قولهما، فليذكر.
على أنه قد تقدم النقل عن ابن الرفعة مخالفتهما ، ولا أولوية من حيث الدليل إلا إحسان الظن.
أما الاجتهاد فليس كل من بلغ رتبة من رتب الاجتهاد فهو من أصحاب الوجوه، فقد نصوا على أن ابن الرفعة والتقي السبكي والسيوطي وغيرهم قد بلغوا رتبة الاجتهاد، بل قيل في بعضهم أنه بلغ رتبة الاجتهاد المطلق، ثم لم يقل أحد من الشافعية أن اختياراتهم أوجه ـ إلا ما اعترض به بعضهم علينا في موضوعنا المشار إليه ـ .
ثم نقول : قد سبّقتُ أن أصحاب الأوجه هم من كان في القرن الرابع، ثم من بعدهم لا يعد كذلك حتى يُنص عليه، فلا ينبغي الاستدراك علي بذكر أسماءهم، فإني لم أنفي ذلك عنهم حتى ينصص عليهم ـ وإن كان في بعضهم نظر كثير ـ وهذا التنصيص على التأريخ جاء من نحو ابن الصلاح والنووي وابن حجر وغيرهم، وعليه تنفى هذه الصفة عن أبي المعالي رحمه الله حتى يأتي نص يخرجه. فإن جاء نص عارضه نص، فالدليل النقلي.
كيف وأكبر ما اعتمدوه هو تصرفات الشيخين لا نصهما!
وهو وإن كفى في الجملة لكن قد يوجه على الأقل بأنه لا يراد به الإطلاق، بل بتقييد، مثلاً، كما أن كثير من آراء أصحاب الوجوه لا يتم اعتبارها وجوهاً لأسباب تذكر عند ذكرها، وتجعل اختيارات لأصحابها خارجة عن المذهب. والله أعلم
ولعلنا نتطرق للمسألة في موضوعنا المشار إليه، والذي سنعدل فيه الكثير لما سيأتي بيانه لاحقاً.

والله سبحانه أعلم
 
التعديل الأخير:
إنضم
5 يناير 2016
المشاركات
19
الكنية
أبو عثمان الحسين
التخصص
طالب
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

جزاك الله خيرا
 

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

مما لا شك فيه أن معرفة كون الجويني من أصحاب الأوجه أم لا ، لم تتأخر إلى عصر الشيخين ثم اكتشفت، فلا بد أن يكون لمن تقدمهما رأي في ذلك، فإن لم يكن تقدمهما أحد ففي قبوله منهما نظر، أو كان ثمَّ سابق تنصيص فهو أعون على قبوله قولهما، فليذكر.
تقدم نقل قول الإمام الإسنوي في مقدمة المهمات (1/ 111): (فإن الغزالي أجل من جاء بعد الإمام وأعرف بحاله من غيره، وقد جعل احتمالاته وجوها،
والرافعي أجل من جاء بعد الغزالي، وقد صرح بذلك أيضا في مواضع
:
منها: في الشرح الكبير في باب إحياء الموات، فإنه حكى ثلاثة أوجه في ما إذا بادر فأحيا ما يحجره غيره هل يملكه؟ ثم قال: ومال الإمام إلى الفرق بين أن يأخذ المتحجر في العمارة، فلا يملك المبادر، وبين أن يكون التحجر برسم خطوط ونحوه، فيملك، فهذا وجه رابع. هذه عبارته.
وذكر مسألة في الشرح الصغير في كتاب التيمم في الفصل المعقود لقضاء الصلاة المختلة، فقال: وفيه وجه للإمام. هذه عبارته.
وعدّ النووي أيضا في المنهاج احتمالاته وجوها، حيث عبر بالأصح في مواضع:
منها: قوله في صلاة الجمعة: "ويغتسل، فإن عجز تيمم في الأصح". ومقابله احتمال للإمام.
ومنها: في تحريم الحلي على المعتدة، "وكذا اللؤلؤ في الأصح". فإنه تردد للإمام.
ومنها: قوله: "والصحيح قطع ذاهبة الأظفار بسليمتها دون عكسه". ليس في عكسه إلا احتمال للإمام.
وقال ابن الصلاح في فتاويه: إن الشيخ أبا إسحاق، وإمام الحرمين، والغزالي، مجتهدون مقيدون. وهذا هو ضابط أصحاب الوجوه).


ثم أعلم يا أخي أن التخريج على فروع الأئمة وأصولهم وقواعدهم مستمر لم ينقطع، وتتابع عليه أئمة الشافعية، ولعلنا نفرد موضوع التخريج بمقال مستقل.
أما مصطلح "أصحاب الوجوه" فقد كان سمة مميزة لعصر تميز بكثرة التخريج واستنباط مسائل لم ينص عليها الإمام، وقد كان هذا مبكرا جدا بدأه تلامذة الإمام الشافعي، خاصة الإمام المزني، وكذلك الإمام الربيع بن سليمان المرادي له تخريجات، وتميز فيه بعدهما وبرع الإمام ابن سريج، ومع ذلك فقد ذكر العلامة عبد العظيم الديب في كلامه عن أصحاب الوجوه أنه لم يجد من ميز ابن سريج بهذه الصفة "من أصحاب الوجوه" وعندى أنه أجل من ذلك، وقبله وأعلى منه الإمام المزني، ولن تجد من يصفه بأنه "من أصحاب الوجوه" مع أنه رائد أصحاب الوجوه ومقدمهم في المذهب الشافعي، يقول إمام الحرمين في نهاية المطلب (6/519): (منصوصات المزني في مجال التحرِّي معدودةٌ من مَتْن المذهب، وهي عند المصنفين كنصوص الشافعي).
وقال أيضا في نهاية المطلب (7/214): (إذا تصرف المزني على قياسِ مذهب الشافعي مخرِّجاً، كان تخريجه أولى بالقبول من تخريج غيره).
وقال في نهاية المطلب (13/479، 480): (الذي أراه أن يُلحَق مذهبُه في جميع المسائل بالمذهب؛ فإنه ما انحاز عن الشافعي في أصلٍ يتعلق الكلام فيه بقاطعٍ، وإذا لم يفارق الشافعيَّ في أصوله، فتخريجاته خارجةٌ على قاعدة إمامه، فإن كان لتخريج مخرِّج التحاقٌ بالمذهب، فأولاها تخريج المزني؛ لعلوّ منصبه في الفقه، وتلقّيه أصول الشافعي من فَلْق فيه).
وقال الإمام الإسنوي في كتابه الهداية إلى أوهام الكفاية (20/205 مع الكفاية) _ بتصرف: (إن القاضي أبا علي الزجاجي الطبري قال في خطبة كتابه "زيادة المفتاح" ما نصه: ولم أتجاوز فيه من منصوص الشافعي وتخريج صاحبيه - وهما المزني وابن سريج - على مذهبه إلى غير ذلك، إلا مسائل قليلة سميت قائلها). ومع هذا لو يوصف ابن سريج بأنه من أصحاب الوجوه.
فالمسألة مسألة سمة مميزة لطبقة من طبقات المذهب شاع ذلك فيها، حتى كثرت الوجوه والأقوال المخرجة في المذهب، ولم تعد الحاجة داعية إلى كبير اجتهاد في مسائل غير منصوصة بعد هذه الذخيرة الضخمة، فجاء دور تهذيبها وترتيبها للانتفاع بها، وجاء دور الترجيح بينها وتمييز المعتمد منها.
ولا يمنع ذلك أن يوجد في دور التهذيب والترتيب والترجيح من يجتهد ويخرج أحكاما في بعض النوازل في عصره، بل لا بد من ذلك، ولكنها اجتهادات قليلة معدودة، فتدرس هذه الاجتهادات ثم تنسب بعد تقييمها إلى المذهب وتعد وجها، فالاحتمال _ كما عند المرداوي الحنبلي: تبيين أن ذلك صالح ليكون وجها. ثم لمن بعده النظر في هذا الاحتمال وعده وجها أو رده.
وقد أفتى كثير من أئمة الشافعية المتأخرين في نوازل تخريجا على فروع وأصول المذهب، فماذا تكون تلك التخريجات؟ قد تسميها فتاوى، وقد تسميها احتمالات، وقد تسميها اختيارات، لكنها في حقيقتها اجتهاد مذهبي بالتخريج الفقهي، كما فعل أصحاب الوجوه، مع اختلاف الرتبة ودرجة الاعتماد والصحة.
وقد كان عمل من بعد هؤلاء الأئمة المتأخرين إذا عرضت لهم عين تلك النوازل أن يعتمدوا على ما أفتى به الأئمة المتأخرون، ويعدوا تلك الفتاوى من التراث الفقهي لأئمة المذهب الشافعي، وهذه هي حقيقة الوجوه، وإن اختلفت المسميات لاختلاف الرتبة والسمة المميزة لكل طبقة. والله أعلم.
 

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

جزاكم الله خيرا.
وجزى الله خيرا فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله بن محمد؛ فقد أثرى الموضوع بهذه النقول القيمة.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

ثم أعلم يا أخي أن التخريج على فروع الأئمة وأصولهم وقواعدهم مستمر لم ينقطع
هذه المشاركة محض تكرار، وقد تكلمنا فيها بإشارات سيأتي بسطها
لكن ينبغي أن لا يخلط بين التخريجات والوجوه، فإن التخريجات مستمرة كما ذكرته أنتَ هنا، لكن عد هذه التخريجات وجوهاً هو موضع الإشكال، واكتفي هنا بنقل واحد يبين أن مجرد تصرفات الشيخين أو النووي رحمه الله لا تفيد قطعاً أن فلان من الناس من أصحاب الوجوه
قال النووي في المنهاج: (مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ فَبَانَ خِلَافُهُ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ) قال قليوبي معلقاً : "فإجراء المصنف الطرق فيها نظرا لذلك البحث أو تغليبا وهو الوجه إذ الرافعي ليس من أصحاب الوجوه"
وما ذكره النووي في مقدمة (المنهاج) من اصطلاحات أغلبي، ويخالفه كثيراً كما نص عليه غير واحد.
ويأتي قريباً ـ اللهم يسر لي ـ تتمة للموضوع المشار إليه في كلامي آنفاً ككل.

والله أعلم
 

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

جزاكم الله خيرا إخواني الكرام. وأنا متشوق لمناقشاتكم وفوائدكم في الموضوع، فهي حقا مفيدة.
لكن بالنسبة لتصرفات الشيخين وسائر ترجيحاتهما ومعتمدهما أليس هو المعتمد في المذهب؟
فلماذا ينازع الشيخان فيما رأياه من اعتبار بعض تخريجات (احتمالات) إمام الحرمين وجوها؟
ولماذا ينازع الإمام النووي في عده بحثا للإمام الرافعي وجها في المذهب؟
لا سيما وأن من ينازعهما [كالإمام ابن الرفعة والإمام ابن أبي الدم] أو ينازع الإمام النووي [كالإمام القليوبي] لو وضع قوله بجوار قولهما في ترجيح أي مسألة من مسائل المذهب لترجحت كفة الشيخين.
فإذا اعتمدا مسألة واعتبراها وجها في المذهب، فهذا يعني أن تنقل هذه المسألة من كتب الشيخين على مرتبتها في الخلاف، فإذا اعتبرا اجتهادا لإمام الحرمين مثلا وجه في المذهب فقد صار هذا هو المعتمد في المذهب _ أعني اعتبار ذلك الاجتهاد وجها، وإن رجحوا مقابله عليه _
فمن شأن من يعتمد قول الشيخين _ كما هو المقرر المعتمد في المذهب _ أن يسلم بذلك.
وإن نازعهما منازع _ كما يفعل الإمام الإسنوي وأضرابه من طبقة النظار في كلام الشيخين في العديد من المسائل _ فقد تقرر أيضا كما قال الإمام ابن حجر الهيتمي "أنه لا يلتفت إلى قول من خالف الشيخين إلا في مسألة يجمع المتأخرون على تعقبهما فيها، وأنى بذلك؟"
ولم يتحقق ذلك في هذه المسألة، بل وافقهما وسبقهما إلى ذلك الإمام الغزالي، ثم من بعده الإمام ابن الصلاح، ووافقهما وتبعهما الإمام الإسنوي، ثم الإمام ابن حجر الهيتمي حيث قال: (قال ابن الرفعة: ولا يختلف اثنان أن ابن عبد السلام وتلميذه ابن دقيق العيد بلغا رتبة الاجتهاد.
وقال ابن الصلاح: إمام الحرمين والغزالي والشيرازي من الأئمة المجتهدين في المذهب. اهـ. ووافقه الشيخان فأقاما كالغزالي احتمالات الإمام وجوها.
وخالف في ذلك ابن الرفعة فقال في موضع من المطلب: "احتمالات الإمام لا تعد وجوها"، وفي موضع آخر منه: "الغزالي ليس من أصحاب الوجوه، بل ولا إمامه".
والذي يتجه أن هؤلاء وإن ثبت لهم الاجتهاد فالمراد به التأهل له مطلقا، أو في بعض المسائل؛ إذ الأصح جواز تجزيه، أما حقيقته بالفعل في سائر الأبواب فلم يحفظ ذلك). تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (10/ 109).
فالإمام ابن حجر الهيتمي بعد أن عرض الخلاف في بلوغ هؤلاء الأئمة المذكورين وغيرهم رتبة الاجتهاد، يرى أن من نظر إليهم في أنفسهم يرى أنهم قد بلغوا هذه المنزلة وحصلوا متطلباتها، ومن نظر إلى إنتاجهم الفعلي واجتهادهم يرى أنهم لم تحفظ لهم اجتهادات في جميع أبواب الفقه، بل قد يحفظ لبعضهم اجتهاد في مسائل متفرقة وقليلة، ثم هي على قلتها لم تعتمد في المذهب أو اعتمد الأقل منها. فمن قارنهم بغيرهم من أئمة الاجتهاد وأصحاب الوجوه في المذهب يرى أنهم لم يبلغوا مبلغهم، لا من حيث كثرة المسائل، ولا من حيث ما اعتمد منها.
لكن هذه المسائل على قلتها، وعلى قلة ما اعتمد منها، لا يتأهل للاجتهاد فيها إلا من حصل رتبته بالفعل؛ فلذا عدهم من عدهم من أهل الاجتهاد.

وللإمام ابن السبكي كلام مهم في المسألة ليتني أقف عليه لمزيد الفائدة لي ولإخواني، وأظنه في خاتمة كتابه "ترشيح التوشيح". والله أعلم.
 

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

قال الإمام كمال الدين الدميري: ( في "فتاوى ابن الصلاح": "أن الإمام والغزالي من أصحاب الوجوه".
وقد رقم الغزالي بـ (الواو) بخلاف الإمام كثيرا.

[ أي أن الإمام الغزالي في كتابه "الوجيز" يكتب رمز "و" الدال على أن في المسألة وجها مخالفا للمذكور في متن الكتاب، ويكون هذا الوجه المخالف المشار إليه هو تخريجٌ لإمام الحرمين ]

وقول ابن الرفعة في "المطلب" في "صفة الصلاة": "إنهما ليسا من أصحاب الوجوه" لا يُوَافَق عليه، بل ابن الرفعة نفسه ينبغي أن يكون منهم.

وقد وقع في "المنهاج" مواضع كثيرة عدّ فيها خلاف الإمام وجها.
منها: قوله في (اللقيط): (ومن أخذ ليعرف ويتملك .. فأمانة مدة التعريف، وكذا بعدها ما لم يختر التملك في الأصح).
وفي (اللعان) في قوله: (ولو وطيء وعزل .. حرم على الصحيح).
وفي (العدد) في الإحداد: (وكذا اللؤلؤ في الأصح).
وفي (كيفية القصاص): (والصحيح: قطع ذاهبة الأظفار بسليمتها دون عكسه)، ليس في عكسه إلا احتمال للإمام.
وفي (الزنا) في قوله: (ويحد الرقيق سيده أو الإمام، فإن تنازعا .. فالأصح: الإمام)، فالأوجه الثلاثة احتمالات للإمام). النجم الوهاج في شرح المنهاج (2/ 486، 487).

وقال الإمام الدميري أيضا عند قول المنهاج: (ولو أوضحه جَمْعٌ ... أوضح من كل واحد مثلها، وقيل: قِسْط).
قال: (والوجهان احتمالان للإمام جعلهما المصنف وجهين تبعًا لـلمحرر). النجم الوهاج في شرح المنهاج (8/ 400).

وفي حاشية الشيخ عميرة على شرح المحلي على المنهاج: (قوله: (وهو احتمال للإمام) قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح في فتاويه: والشيخ أبو إسحاق والإمام والغزالي من أصحاب الوجوه). حاشيتا قليوبي وعميرة (1/ 328).
 

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

قال الإمام ابن حجر الهيتمي: ( ابن الرفعة... الذي دلَّ عليه الاستقراء من تخاريجه أنه إنما يريد بها الاستدراك على الأصحاب في حكايتهم الخلاف بينهم في مسألة مع عدم حكاية نظيره في نظيرتها، فكأنه يقول لهم: هذا تحكم. فيضطره الاتحاد في المدرك عنده إلى التخريج، فهو لم يجعل محطَّ نظره في تخريجه تأتِّي الخلاف وأن الراجح هنا هو الراجح ثمّ، وإنما محطّه مجرد تأتّي الخلاف، كما يعلم ذلك من تتبع تخاريجه، ومن ثم أكثر منها حتى قيل: إنه زاد في مذهب الشافعي الثلث. أي: باعتبار الأوجه التي خرَّجها، وحتى كاد أن يُعدَّ مع أصحاب الأوجه؛ لانفراده من بين المتأخرين بمرتبة ذلك التخريج بعد انقطاعها بانقطاع أصحاب الأوجه، ومن ثم لقب بالفقيه دون غيره، بل بالغ بعضهم فعدَّه مع أصحاب الأوجه وأبى أن يعدّ الغزالي وإمامه منهم). الفتاوى الفقهية الكبرى (3/ 5، 6). [تنبيه: هذا النقل مع كلام الإمام الدميري السابق يمكن أن يفرد بموضوع مستقل عن: التخريج عند الإمام ابن الرفعة. والله المستعان].

فالإمام ابن حجر الهيتمي هنا يتكلم عن منزلة الإمام ابن الرفعة في المذهب وفي التخريج، ويرى أنه تميز في هذا الباب حتى كاد أن يعد من أصحاب الوجوه، بل صرح بعضهم بعدّه منهم.
لكن الإمام ابن حجر يعتبر من عدّ الإمام ابن الرفعة من أصحاب الوجوه مع رفضه أن يعد إمام الحرمين والإمام الغزالي من أصحاب الوجوه، يعتبر أنه هذه مبالغة منه في حق الإمام ابن الرفعة.
ومقتضى ذلك أن يقال لمن قال بذلك: إن بلغت مكانة الإمام ابن الرفعة عندك أن تعده من أصحاب الوجوه، فمن الأولى أن تعد إمام الحرمين والإمام الغزالي من أصحاب الوجوه، وإن أبيت أن تعدّ إمام الحرمين والإمام الغزالي من أصحاب الوجوه، مع
عَدِّك الإمام ابن الرفعة من أصحاب الوجوه، فهذه مبالغة منك في حق الإمام ابن الرفعة.

وقد تقدم النقل عن الإمام كمال الدين الدميري حيث قال: ( في "فتاوى ابن الصلاح": "أن الإمام والغزالي من أصحاب الوجوه".
وقول ابن الرفعة في "المطلب" في "صفة الصلاة": "إنهما ليسا من أصحاب الوجوه" لا يُوَافَق عليه،
بل ابن الرفعة نفسه ينبغي أن يكون منهم
). النجم الوهاج في شرح المنهاج (2/ 486، 487).
فقد جزم الإمام الدميري القول بعدّ إمام الحرمين والإمام الغزالي من أصحاب الوجوه، ثم رأى أنه ينبغي أن يقال بعدّ الإمام ابن الرفعة من أصحاب الوجوه كذلك.

ولعل من المناسب _كما ذكرت آنفا_ أن نفرد مناقشة مستقلة لمسألة عدّ الإمام ابن الرفعة من أصحاب الوجوه وللكلام عن تخريجاته في المذهب، ولعل من المناسب أيضا أن نفرد مناقشة أخرى لمسألة عدّ الإمام الغزالي من أصحاب الوجوه وللكلام عن تخريجاته، مع مراعاة ربط هذه المناقشات بالإشارة للموضوع الأصلي؛ للترابط الموضوعي بينها، فهي كلها تندرج ضمن مسألة وهي: ضابط أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي، وهل يمكن أن يلحق بطبقة أصحاب الوجوه بعض من بعدهم؟. والله المستعان.
 

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

قال الإمام بدر الدين الزركشي في كتابه الموسوعي "خادم الرافعي والروضة" :
(فصل في ذكر بعض فساد ما أكثروا فيه الاعتراض على الكتابين)
ثم ذكر من تلك الأمور الفاسدة التي اعترض بها على الكتابين، الاعتراض على عدهما بعض احتمالات إمام الحرمين وجوها في المذهب، فقال :
( الرابع: أن يعد احتمالات الإمام وجوها.
وقد أنكر ذلك ابن أبي الدم وابن الرفعة.
وليس كما قالا.
وقد قال الإمام في كتاب الجمعة: وأنا لا أعتمد قط احتمالا إلا إذا وجدت رمزا وتشبيبا لبعض النقلة. انتهى.
وهذا يقطع النزاع.
وقد أصاب ابن الصلاح في قوله: الغزالي وإمامه بلغوا الاجتهاد المقيد في مذهب الشافعي؛ لتبحرهم في مذهب الشافعي بالتمكن من إلحاق غير المنصوص بالمنصوص ).
انتهى هذا النقل عن الإمام بدر الدين الزركشي من كتابه خادم الرافعي والروضة، مخطوطة داغستانية، الجزء الأول، لوحة (2 ب) ولوحة (3 أ).

ورابط المخطوطة :
http://pudl.princeton.edu/viewer.php?obj=2b88qf81d#page/5/mode/1up

وبهذا يكون الإمام الزركشي من الموافقين للأئمة: الغزالي، والرافعي، وابن الصلاح، والنووي، والإسنوي، والدميري، والشهاب الرملي، والشمس الرملي، وعميرة .....
في عدّ إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.
 

محمد برى علي

:: متابع ::
إنضم
23 سبتمبر 2016
المشاركات
35
الإقامة
الرياض
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
الفقه وعلومه
الدولة
الصومال
المدينة
لاسعانود
المذهب الفقهي
شافعي
رد: إمام الحرمين الجويني من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي.

جميل .. شكر الله لكم .
 
أعلى