العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

المقاصد فى ميزان القرآن و السنة

إنضم
10 مايو 2015
المشاركات
219
الجنس
ذكر
الكنية
د. كامل محمد
التخصص
دراسات طبية "علاج الاضطرابات السلوكية"
الدولة
مصر
المدينة
الالف مسكن عين شمس
المذهب الفقهي
ظاهري
من وحى أهل الحديث
المقاصد
فى ميزان القرآن و السنة
إعداد دكتور كامل محمد عامر
مختصر بتصرف من كتاب
الإحكام في أصول الأحكام
للإمام المحدث الحافظ أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد الأندلسي القرطبي
1433هـ ــــ 2012م
(الطبعة الأولي)
قال قوم: الحكيم بيننا لا يفعل شيئاً إلا لعلة صحيحة، والسفيه هو الذي يفعل الأشياء لغيرعلة، فقاسوا ربهم سبحانه وتعالى على أنفسهم.
وقالوا:
إن الله تعالى لا يفعل شيئاً إلا لمصالح عباده، وراموا بذلك إثبات العلل في الديانات.
والجواب:
أ
ن هذه القضية الفاسدة تكاد تكون أصلاً لكل كفر في الأرض ؛ وهي أصل لقول الدهرية الذين جعلوها برهانهم في إبطال الخالق فقالوا: إنه لا بد من علة للمفعولات، وإذ لا بد من علة فلا بد لتلك العلة من علة، وهكذا أبداً حتى يوجبوا كون أشياء لا أوائل لها.
إن أول ضلال هذه المسألة قياسهم الله تعالى على أنفسهم في قولهم: إن الحكيم بيننا لا يفعل شيئاً إلا لعلة، فوجب أن يكون الله عز وجل كذلك.
و لما كان القياس هو تشبيه الشيء بالشيء، فوجب أنهم مشبهون الله تعالى بأنفسهم، وقد أكذبهم الله تعالى في ذلك بقوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }[SUB][الشورى: 11].[/SUB]
إن الحكيم منا إنما صار حكيماً لأنه انقاد لأوامر ربه تعالى، ولتركه نواهيه، فهذا هو السبب الموجب على الحكيم منا ألا يفعل شيئاً إلا لمنفعة ينتفع بها في معاده أو لمضرة يستدفعها في معاده.
وأما الباري تعالى فلا يسأل عما يفعل.
وأيضاً: فإنا لم نسم الله تعالى حكيماً من طريق الاستدلال أصلاً، ولا لأن العقل أوجب أن يسمى تعالى حكيماً، وإنما سميناه حكيماً لأنه سمى بذلك نفسه فقط، وهو اسم علم له تعالى لا مشتق، ويلزم من سمى ربه تعالى حتماً من طريق الاستدلال أن يسميه عاقلاً من طريق الاستدلال.
وأما قولهم: إنه تعالى يفعل الأشياء لمصالح عباده
فيقال لهم:
أَلِمَصْلَحَة جميع عباده فعل تعالى ما فعل؟ أم لمصلحة بعضهم؟
فإن قالوا لمنفعة جميعهم كابروا وأكذبهم العيان،
لأن الله تعالى لم يبعث قط موسى عليه السلام لمنفعة فرعون ولا لمصلحته، وهكذا القول في كل كافر، لو لم يبعث الله من كذبوه من الأنبياء لكان أصلح لدنياهم وآخرتهم. وأيضاً فلا شيء في العالم فيه مصلحة لإنسان إلا وفيه مضرة لآخر، فما الذي جعل الصلاح على عمرو بفساد زيد حِكْمَه؟ وكل من فعل هذا بيننا فهو سفيه، بل هو أسفه السفهاء، والله تعالى يفعل كل ذلك وهو أحكم الحكماء فصح بالضرورة أنه سبحانه يفعل ما يشاء لصلاح ما شاء، ولفساد ما شاء، ولنفع من شاء، ولضر من شاء {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ }[SUB][الانبياء:23][/SUB]ونجده عز وجل قد حبب بين زوجين حتى أطاعاه, وحبب بين آخرين حتى عصياه واشتغلا بما هما فيه عن الصلاة في أوقاتها, وابتلى قوماً فصبروا, وابتلى قوماً فكفروا وعافى قوماً فصبروا وشكروا، وعافى آخرين فبطروا وكفروا.
 
أعلى