رد: هل من فرق بين مسألة التحسين والتقبيح العقليين، ومسألة هل الأحكام الشرعية صفات للأفعال؟؟
الاخ الكريم !
الاحكام الشرعية صفات افعال العباد لا صفات الذوات . فالميتة حرام اي اكلها . والخمر حرام اي شربها والانتفاع بها .
والحسن والقبح العقليان بمعني ان الاحكام الشرعية هل يمكن أن يعرفها العقل بنفسه من غير وساطة رسل الله وكتبه، بحيث أن من لم تبلغه دعوة رسول يستطيع أن يعرف حكم الله في أفعاله بعقله أم لا يمكن للعقل أن يعرف حكم الله في أفعال المكلفين بنفسه من غير وساطة رسل الله وكتبه؟ وليس الخلاف في ان كل ما امر به الشارع فهو حسن وكل ما نهي عنه فهو قبيح
وفي هذا مذاهب ثلاثة:
1- مذهب المعتزلة (أتباع واصل بن عطاء): وهو أن العقل مثبت موجب والشرع مبين (فعندهم الحسن والقبح عقليان) فالحسن من الأفعال ما رآه العقل حسنا لما فيه من نفع، والقبيح من الأفعال ما رآه العقل قبيحا لما فيه من ضرر . وبالجملة مقياس الحسن والقبح عندهم هو العقل فيجب ان يحكم الله بما يوجبه العقل عندهم .
وعلى هذا المذهب؛ فمن لم تبلغهم دعوة الرسل ولا شرائعهم فهم مكلفون بفعل ما يهديهم عقلهم إلى أنه حسن ويثابون على فعله، وبترك ما يهديهم عقلهم إلى أنه قبيح ويعاقبون على فعله ,
2- مذهب الأشاعرة (أتباع أبي الحسن الأشعري) وهو ان الشرع مثبت موجب ومبين لا مدخل للعقل في معرفة الاحكام (فعندهم الحسن والقبح شرعيان), فالحسن من الأفعال هو ما دل الشارع على أنه حسن بإباحته أو طلب فعله، والقبيح هو ما دل الشارع على أنه قبيح بطلبه تركه، وليس الحسن ما رآه العقل حسنا ولا القبيح ما رآه العقل قبيحا، فمقياس الحسن والقبح في هذا المذهب هو الشرع لا العقل . فلا يوجد في هذا المذهب الحسن والقبح العقليان بل هما شرعيان فقط
3- مذهب الماتريدية (أتباع أبي منصور الماتريدي) وهو ان الشارع مثبت موجب والعقل مدرك (فعندهم الحسن والقبح عقليان) فما رآه العقل السليم حسنا فهو حسن، وما رآه العقل السليم قبيحا فهو قبيح. ولكن لايلزم أن تكون أحكام الله في أفعال المكلفين على وفق ما تدركه عقولنا فيها من حسن أو قبح، لأن العقول قد تخطئ، ولأن بعض الأفعال مما تشتبه فيه العقول، فلا تلازم بين أحكام الله وما تدركه العقول، وبالجملة الْعَقْل مُعَرِّفٌ لِلْوُجُوبِ، وَالْمُوجِبُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى, وهو مذهب وسط ,
فعلي هذا المذهب من نشأ في شاهق الجبل وَلَمْ تَصِلْ إلَيْهِ الدَّعْوَةُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِيمَانُ بِوجود الصَّانِعِ ووحدته عند وجود مهلة الِاسْتِدْلَالِ
فوافق الماتريدية الاشاعرة في عدم ايجاب العقل الاحكام ووافقوا المعتزلة في كون الحسن والقبح مما يدرك بالعقل
(أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف) مع تغيير يسير