د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
موسوعاتالفقه الإسلامي
أو معاجم القوانين الفقهية
لفضيلة السيد محمد المنتصر الكتاني
المستشار العاملرابطة العالم الإسلامي
والمدرس فيالجامعة الإسلامية سابقا
تقنين الفقه بجميع مذاهبه منذ عصر الصحابة إلى عصر تجميدالاجتهاد، أي القرون الخمسة الأولى، قرون الخير والنور وإمامة العلوم وسيادةالمسلمين للعالم، تقنين الفقه صناعة عربية إسلامية عنَّا أخذها الأجانب وكانالأندلسيون هم رواد المسلمين والعالم فيها.
فأبو محمد ابن حزم الأندلسي إمام فقه الحديث، وقد عاش ما بينعام (384) وعام (456) هو الرائد الأول لتقنين الفقه، فقد وضع كتابا يعتبر أولموسوعة فقهية جامعة وأول معجم شامل لجميع مذاهب الفقه وهو: كتاب الخصال الجامعةلجمل شرائع الإسلام في الواجب والحلال والحرام وسائر الأحكام على ما أوجبه القرآنوالسنة والإجماع. قال عنه مؤلفه ابن حزم في المحلي: "قد جمعنا فيه كل ما روي مننصوص القرآن والسنة والإجماع، منذ أربعمائة عام ونيف وأربعين عاما من شرق الأرض إلىغربها".
وقال عنه تلميذه الحافظ الحميدي في جذوة المقتبس: "أورد فيهأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين في مسائل الفقه والحجة لكلطائفة وعليها والأحاديث الواردة في الصحيح والسقيم بالأسانيد وبيان ذلك كله وتحقيقالقول فيه".
وذكر معاصر ابن حزم الحكيم صاعد الأندلسي في كتابه أخبارالحكماء أنه رأى كتاب الإيصال في أربعة وعشرين مجلدا بخط مؤلفه ابن حزم قال: "وكانخطه في غاية الإدماج". يريد بالإدماج الخط الدقيق المرصوص، الذي لو كتب بخط أوسعلأخذ مسافة أكبر ولبلغ مجلدات أكثر.
وقال الحافظ الذهبي في سير النبلاء: "كتاب الإيصال في خمسةوعشرين ورقة".
ويعتبر هذا الكتاب ضائعا بين ما ضاع من كنوز وتراث الفردوسالمفقود: الأندلس.
ولكن إذا ضاع الإيصال فقد بقيت لنا صورة مصغرة عنه وهو مختصرهلابن حزم المؤلف نفسه وأعني به: كتابه المحلي وقد طبع ثلاث مرات.
فالمحلي مختصر الإيصال في أحد عشر مجلدا مات ابن حزم وهويؤلفه وقد وصل فيه إلى ثنايا المجلد العاشر فأتمه ولده الشهيد الفضل أبو رافع أميرولاية مالقة الأندلسية أتم العاشر وكتب المجلد الحادي عشر والأخير منه، اختصر منالأصل الجامع كتاب أبيه الإيصال.
وبمعرفتنا للمحلي عرفنا الإيصال فالمحلي دون مواد قانونيةباسم مسائل يبلغ عددها (2308) مسألة منها ما هو في عشر صفحات وفي عشرين، وفيثلاثين، وفي أكثر من ثلاثين، وهي مواد مستقلة أشبه برسائل محررة مستقلة في بابها،وصفحاتها (4388) صفحة.
والإيصال في خمسة وعشرين ألف ورقة كما قال الحافظ الذهبي: أيخمسون ألف صفحة، ومعنى هذا أن المحلي اختصر فيه الإيصال إلى أقل من عشره، ومعنىهذا أيضا أن مسائل الإيصال تبلغ (23080) مسألة وإذا كان المحلي وهو المختصر للإيصالقد طبع في أحد عشر مجلدا فمعنى ذلك أن الإيصال إذا عثر عليه وطبع يخرج في أكثر منمائة مجلد بعدة مجلدات.
والرائد الثاني لتقنين الفقه الشهيد أبو القاسم بن جزيالأندلسي الإمام المالكي، وقد عاش بين عام (693) وعام (741) فقد وضع كتابا - طبعأكثر من مرة - في فقه أئمة المذاهب الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وسماه: "القوانين الفقهية".
والعودة إلى تقنين الفقه مسألة مسألة كما دون في العصرالخامس، ومادة مادة كما دون في القرن الثامن، هي عودة ضرورية ملحة، توجبها العقيدةوالتزام الثبات عليها ويوجبها العلم والتزم الدعوة إليه.
توجبها العقيدة والتزام الثبات عليها: نحن اليوم نعيش في غزوفكري، الغزاة فيه وحوش ضارية، هم أشد ضراوة من الغزاة العسكريين، فهؤلاء استهدفواالأرض قرونا أو قرنا وبعض قرن وفي النهاية طردوا منها أشلاء صاغرين وقامت على تلكالأرض دول إسلامية تشهد بشهادة التوحيد وتستقبل كعبة المسلمين، أما غزاة الفكر فقداستهدفوا المسلم نفسه لا أرضه فقط، فغزوا مخه وقلبه وعشعشوا فيهما وعنكبوا، باضفيهما وفرخ سرطان تمكن من عقيدة الإسلام وفقه المسلمين، فحوَّلهما إلى عقيدة الكفروفقه الشياطين.
حررت أرض المسلمين من الغزو العسكري، وقامت جيوش وحكوماتإسلامية مكان ذلك الغزو، ولكنها بألسنة عربية وقلوب أعجمية كما أنذر نبينا صلواتالله وسلامه عليه.
فقد تكهن شيطان من شياطين الغزو العسكري، وقد فشل في غزوهوهلك شريدا طريدا بأن فتوحاته ستعود ما انتشر قانونه ودام فقهه، وأعني به نابليون،فقد تكهن قائلا: "ستمتد فتوحاتي حيث يصل قانوني".
{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُفَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}. وهذا الفريق على قلَّته بينالمسلمين، قد أخذ إبليس بقانونه النابليوني ينتقص من أطراف فقهه، في مؤسسات وشركاتوأنظمة.
أما العالم الإسلامي في أكثره فقانون نابليون بكفره وظلمهوكثرة فسوقه قد غزاه وحكمه حكومات وشعوبا ولا تزال كليات الحقوق في جامعاتهم تجمعلإبليس طلابا وتخرِّج له أساتذة ودكاترة، يحلُّون قوانينه محلَّ فقه الإسلام، {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ. وَجُنُودُ إِبْلِيسَأَجْمَعُونَ}.
وكثير من هؤلاء لو يقرب لهم الفقه بما اعتادوه من تقنينووسائل لعادوا إليه عود الغريب لأهله والشارد إلى قومه.
والطريق لهذا التقريب هو تدوين موسوعة للفقه جامعة لكل قضاياهشاملة لكل مذاهبه وتكون هذه الموسوعة معجما، بمعنى أنها تدوِّن مواد ومسائل مرتبةعلى حروف المعجم: أ ب ت، ففقهنا المدون أبوابا وفصولا مع كثرة الاستطراد فيه وذكرالكثير من القضايا في غير مظانِّها حين يعاد تصنيعه على حروف المعجم: أ ب ت،وتستقصى في هذا المعجم جميع المذاهب في العصور الفاضلة نكون قد يسرنا الفقه علىالمختص، وقربناه لغير المختص، وأبرزنا كنوزه ومعادنه الثمينة لجميع الناس فيالعالم، مسلمين وغير مسلمين ونكون بذلك دعاة إلى الإسلام الدين الحق، ومعلمينللعلماء حقائق الحلال والحرام، وقضاة عادلين محاربين للظلم والظلمة وناشرين للحقوالعدالة بين البشر في جميع ما شجر بينهم.
وبظهور معاجم الفقه الإسلامي، ندفع عنه ما قذفه به كفرةالمستشرقين وجهلة المسلمين من أنه فقه بدائي وإنما انتشر واتسع في بغداد بقانونحمورابي والفرس والرومان باسم القياس.
وبظهور معاجم الفقه الإسلامي، وما اشتملت عليه من مجلدات فيفقه الصحابة والتابعين قبل أن تكون بغداد وقبل أن يولد أئمتها نثبت للناس أن فقهالإسلام هو فقه الإسلام وكفى بهذا الوصف كشفا وسمة فهو مستنبط من القرآن والسنةوإجماع الصحابة والتابعين، وما زاد عليها فهو فروع عنها، ومستخرج منها خروج الجنينمن بطن أمه.
المعاجم:
دونت أكثر العلوم الإسلامية على حروف المعاجم، فهرس القرآنالكريم وأنفع فهارسه وأدقها المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبدالباقي ودونت السنة وأشهر مدوناتها المعجمة وأنفعها جامع الأصول لابن الأثير، وفياللغة أجمعها لسان العرب لابن منظور وفي تراجم الرجال كتب الحافظ: الإصابة فيالصحابة وتهذيب التهذيب في رجال كتب الحديث الستة.
معاجم الفقه:
وأول من فكَّر في إخراج معجم موسوعة للفقه كلية الشريعةبجامعة دمشق منذ ستة عشر عاما أسست لذلك لجنة بمرسوم جمهوري وبعد قيامها بسنتينحَضَرتُ من المغرب وضُمِمْت لها بمرسوم فكان التخطيط لتدوين الموسوعة أنيُسْتَكْتَبَ لها فقهاء من مختلف أقطار العالم الإسلامي فعارضت هذه الخطة لثلاثعلل:
العلة الأولى: إن ما سيكتب لو كتب سيكون غير متناسق ولا منسجموسيكون ابن جماعة هجينا.
العلة الثانية: من كيان الموسوعة الأساسي أن لا يكون للفقيهالكاتب فيما يكتبه رأي خاص لا بتقديم ولا بترجيح. لا برفض ولا بقبول وإنما هومصوِّر للفقه كما هو عند أئمته دون تدخل بينهم وإلا كان من يفعل ذلك مدوِّنا فقهاًلنفسه ومذهباً له والموسوعة لم تجعل لفقه نفسه ولا لمذهبه.
العلة الثالثة: فقهاء الموسوعة وكتابها لبعدهم عن بعض وعدماجتماعهم سيبقى فهم تدوينها وتحريرها بينهم ضائعا مما سيكون سببا لعدم استجابتهمللكتابة وهذا الذي حدث.
قال لي زملاؤنا من أعضاء الجنة: "وما الخطة التي تراها أنت؟" قلت: "توضع لكل قضية عامة من قضايا الفقه كلمة أصلية تشمل كلمات فرعية ويحرص على أنينتقي لذلك كلمات ذات دلالة ماسة بالقضية ودالة عليها بالتحديد مع المحافظة علىالنص الفقهي ما أمكنإلا إن كان غامضا فيوضَّح أو متشعبا فليخص ولا تترك مفردةفقهية يكون لها معنى خاص ومصطلح عليه إلا وتفرد بكلمة أصلية أوفرعية".
وكمثال لذلك أثبتهم بأوراق رسمت فيها هذه الخطة فوافقوا عليهامجمعين بكتابة قرار لا أزال أحتفظ به فاخترت كتاب المحلي لابن حزم لعدة أسباب منها: أن فقهه فقه لجميع المذاهب، فهو سيكون من أجل ذلك صورة مصغرة عن الموسوعة المكبرةوسميته معجم فقه ابن حزم الظاهري.
وهكذا بعد ستة أشهر تممته في مجلدين ضخمين وطبع بعد ذلكبسنوات بمطبعة جامعة دمشق عام 1385 هـ باسم لجنة موسوعة الفقهالإسلامي.
وقد قال عنه الأخ المحترم العلامة مصطفى الزرقاء رئيس اللجنةإذ ذاك في مقدمة للتعريف بالمعجم: فقام الأستاذ المنتصر بالعبء خير قيام. ثم لمابدأ الأستاذ المنتصر العمل جدَّت له فكرة جديدة هي أن يقوم بتسجيل خلاصة الحكمالفقهي الذي يستقر عليه ابن حزم في كل موضوع، وبذلك يصبح أشبه بموسوعة فقهيةمصغَّرة. وقد استحسنتْ اللجنة هذه الفكرة لما تنطوي عليه من نفع كبير. ولكن عظمالفائدة المرجوَّة من هذا العمل الجليل غطَّى على اللجنة ما فيه من مشقة، فقررت أنيتابع الأستاذ الكتَّاني العمل على هذا الأساس ففعل مشكورا. وأمدته اللجنة بالأعوانفي مراحل عديدة من العمل.. وظاهر للناظر أن هذا عمل مبتكر في حقل الفقه الإسلامي لميسبق أن وجد له نموذج. فقد تبين عند الانتهاء منه أنه أصبح يمثل شبه موسوعة للفقهالإسلامي فهو يقدم للباحثين من أهل القانون والفقه الأحكام الفقهية التي يبحثونعنها.
وبعد وحدة دمشق والقاهرة انضم على لجنة دمشق أعضاء مصريونبانتقائنا، هم من كبار علماء مصر، وضعنا جزء نموذجيا طلب إلينا إنجازه بإلحاح ليظهرفي مناسبة خطابية رسمية دورية، فكتبناه على الخطة الأولى التي لم أؤمن بها وهيالاستكتاب، فكان جزءا نموذجيا حقا في العلل الثلاث التي ذكرتها عن الخطةالاستكتابية: الهجنة في عدم انسجام مواده والتفاوت بين الفقهاء الكتاب في كل ماكتبوه وقلة من شارك فيه وكلهم من اللجنة الجديدة السورية والمصرية وليس من غيرهمسوى الفقير المحاضر فقد شارك بكتابة مادة: المعادن. وعن نفسي أتحدث قبل أن يتحدثعني غيري، ذهبت فيها إلى أن المعادن لا تملك ولو شئت أن أعيد عنها الكتابة الآنوأقول: إن المعادن تملك لما أعوزتني النصوص، وهكذا على كل من شارك في هذا الجزءالنموذجي لهذه المعاني بحق من جميع زملائنا وإن كنا لم نقصد ذلك ولكن الخطة المكتوببها هذا الجزء تفرض ذلك بطبيعتها.
وقد طبع هذا الجزء في القاهرة سنة 1381 هـ باسم: موسوعة جمالعبد الناصر في الفقه الإسلامي.
وخلال هذه السنوات تابعت موسوعة مصر الرسمية عملها فأصدرت ستةأجزاء أخرى بنفس العنوان ولكن زادت علة رابعة في فساد تلك الخطة، صدرت هذه الأجزاءالستة ولم يذكر فيها اسم لأحد من كتابها الفقهاء. ومتى قيل العلم رواية مجهول؟ لايدري من هو؟ وما تقواه؟ وما علمه؟ الحديث النبوي على قدسيته إذا أداه لنا مجهولرفضناه، وأغفلنا قدسيته، فكيف يفهم فقيه واستنباط نكرة لا تعرف لها حقيقة؟ أنعتمدفي العقائد والحلال والحرام واستباحة الدماء والفروج والأموال على مجاهيل؟ فلابد منمعرفة العالم لنزنه بموازين العلماء، دينا وثقة وضبطا، ولم يكن ذلك كذلك، فستكونكل موسوعة كتبها مجهول أو مجاهيل موسوعة مهدورة وجهود أصحابهاضائعة.
وعلى خطة الموسوعة المصرية الرسمية الفقهية صدرت موسوعة شعبيةمصرية أيضا بإشراف صديقنا عالم مصر الشيخ محمد أبو زهرة رأيت منهامجلدا.
وعلى خطة الموسوعتين المصريتين صدرت نشرتان في الأشربةوالأطعمة لموسوعة فقهية في الكويت تحت إشراف صديقنا المحترم الشيخ مصطفىالزرقاء.
معاجم الفقه العامة:
وطريقتنا نحن في تدوين الموسوعة الفقهية قد أصبحت واضحة مجسمةبصدور معجم فقه ابن حزم والنسج على منواله في إخراجها.
معاجم مفردة لفقه الأئمة الأربعة:
أولا:
معجم فقه أبي حنيفة ومعجم فقه مالك معجم فقه الشافعي معجم فقهأحمد. ثم معاجم لفقه الأئمة الذين لم تدون مذاهبهم: كعمر بن عبد العزيز والأوزاعيوالليث بن سعد وعبد الله بن المبارك وداوود بن علي ومحمد بن جرير وأبي ثور وأمثالهملكل واحد منهم معجم مستقل بمذهبه.
ثم معاجم لفقه التابعين وتابعيهم:
الحسن البصري ـ وقد جمع فقهه في سبعة أسفار ضخام الحافظ بنمفرج الأندلسي وقد عاش بين سنتي 315-380 هـ والسعيدان: ابن المسيب وابن جبيروالسفيانان: ابن عيينة والثوري والحمادان: ابن سلمة وابن زيد وابن شهاب الزهري ـوقد جمع فقهه الحافظ ابن مفرج الأندلسي أيضا في ثلاثة أسفار ضخام، وعمر بن عبدالعزيز وأمثالهم، لفقه كل واحد منهم معجم.
ثم معاجم لفقه آل البيت:
علي بن أبي طالب وعبد الله بن العباس ـ وقد جمع فقهه سليلهأحد أئمة الإسلام في العلم والحديث: أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن أميرالمؤمنين المأمون العباس، جمعه في عشرين كتابا وقد عاش بين سنتي 268-342 هـ والحسنبن علي وسليله عبد الله الكامل، والحسين بن علي وذريته: زين العابدين وزيد بن عليوالباقر والصادق، والعباس بن عبد المطلب وسليلاه: سليمان بن داوود والعباس بن عبدالله، لفقه كل واحد منهم معجم.
ثم معاجم فقه الصحابة:
عمر بن الخطاب وابنه عبد الله، وعبد الله بن مسعود وزيد بنثابت، وذكر ابن حزم في الأحكام وفي جوامع السيرة سبعة من الصحابة هؤلاء، وعليا وابنعباس وعائشة وقال: يمكن أن يجمع من فقه كل واحد منهم سفر ضخم. ثم فقه أبي بكروعثمان وباقي عشرين من الصحابة قال عنهم ابن حزم: يمكن أن يجمع من فتيا كل واحدمنهم جزء صغير جدا ثم جزء لباقي فقهاء الصحابة. وذكر اسماء جميع فقهائهم في جوامعالسيرة فبلغوا (162) فقيه وقد قال ابن حزم: "وقد روى عن فقهاء الصحابة أزيد منعشرين ألف قضية".
ثم معاجم فقه أئمة النساء صحابيات وتابعيات:
معجم فقه عائشة أم المؤمنين ثم معجم لفقه فاطمة بنت رسول اللهوفقه أمهات المؤمنين ثم معجم لفقه عمرة بنت عبد الرحمن وباقيالتابعيات.
وقد أشرفتُ في جامعة دمشق على إخراج فقه السبعة المكثرين منالصحابة، لسبعة من خريجي كلية الشريعة بها، فكان نصيب فقه عائشة لطالبة هي اليومتعتبر داعية الإسلام في الشام وعالمة نسائها هي الآنسة منيرة الفبيسي وباقي السبعةالمتخرجين هم اليوم بين زملاء أساتذة جامعين وبين دكاترة في علوم الشريعة وقضاة فيالمحاكم.
وهذه المعاجم تفيد بمفردها في المناطق التي تتمذهب بفقه أحدأئمتها الأربعة وكزيد بن علي وجعفر الصادق، تفيدهم للعلم والدراسة وتفيدهم لاختيارالدساتير الإسلامية منها، والقوانين الموحدة الملزمة حكما وقضاءوفتوى.
وبعد الانتهاء من تدوين جميع هذه المعاجم لفقه الصحابةوالتابعين والأئمة الذين لم يدوَّن فقههم والأئمة الذين دوِّن فقههم وفقه آل البيتوفقه أئمة النساء، تأتي المرحلة الثانية وهي:
دمج جميع هذه المذاهب في كتاب واحد على نفس الطريقة المعجمية: أ ب ت باسم معاجم الفقه الإسلامي.
معجم الحديث:
والمرحلة الثالثة هي جمع جميع أحاديث الأحكام مرتبة على حروفالمعجم كذلك وتكون هذه الأحاديث ذات عناوين مفردة لكل حديث كلمة أصلية، تحتها كلماتفرعية ذات دلالة فقهية خاصة، ولتكون هذه الأحاديث مع آيات الأحكام الدليل المرجوعإليه عند تضارب المذاهب وتغاير الأحكام في القضية الواحدة لاختيار حكم واحد منبينها، يسنده الدليل ويعززه على أن يُخرج كل حديث منها ويذكر بجانبه من صحَّحه أوضعَّفه أو من زكَّى جميع رجاله أو جرَّح أحدهم.
وكنت أشرفت في لجنة موسوعة الفقه الدمشقية على جمع جميعأحاديث البيوع، فخرجتْ في ثلاثة أجزاء، وأعجلتنا الفتن العقائدية عن مراجعتهاوإعطاء عناوين أصلية لوحداتها وفرعية لكل حديث منها، فأخرجتنا عن الشام حيث نقيمبين المملكة العربية السعودية وبين الكويت، بعد أن مات ثلاثة من خيرة زملائنا فياللجنة وهم الدكاترة مصطفى السباعي ويوسف العشي وأحمد السمان رحمهم الله وغفرلهم.
وقد وضعنا في المعجم الظاهري كلمات ليس لها في كتب الفقهأبواب أو فصول مستقلة وأن يكون لها أحكام مبعثرة في ثناياها ومستطردة، ومنها كمثال: إجهاض وتشريح وفضول المال.
وطريقتنا هذه في المعاجم الموسوعة أثنى عليها بكتاب مستقلودعا لها ونوَّره بها فيه وأسماه: تراث الفقه الإسلامي ومنهج الاستفادة منه علىالصعيدين الإسلامي والعالمي دعا لها وساندها مؤلف هذا الكتاب: الدكتور جمال الدينعطية، فقال بعد أن تحدث عنها في أوراق منه وفي عدة صفحات خص بها الحديث عن معجم فقهابن حزم:
"ونرى أن يكون منهج العمل، في معاجم أمهات الفقه على مثال ماتم بالنسبة لمعجم فقه ابن حزم الذي يتميز في رأينا بميزتينأساسيتين:
1- أنه أورد خلاصة وافية لرأي ابن حزم في كلمسألة.
2- أنه أرجع مباحث كل كلمة إلى رقم المسألة من كتاب المحلي".
وكتاب الدكتور عطية في 104 صفحات.
وسيكون (معاجم الفقه الإسلامي) هذا بعد قيامه كتاب دراسةلجميع مراحل التعليم الثانوي والجامعي والعالي ومنه يأخذ كل ما يحتاجه وما يتفقومنهاجه وبرامجه.
ومنه ستختار الحكومات الإسلامية بواسطة علمائها وقضاتها ورجالالحكم فيها دساتيرها وقوانينها العامة والخاصة الداخلية الخارجية إن شاءالله.
وقد استبعد بعض زملائنا وأصدقائنا من أساتذة الجامعاتوالعلماء إمكان تنفيذ هذه الطريقة وتحقيقها في الماضي ولكن حين رأوها متمثلة فيمعجم فقه ابن حزم تلاشى استبعادهم وآمنوا بتحقيق تنفيذها وإذا أعان الله فسنعيدهوسيكون بعد تجديده ثلاث مجلدات بدل مجلدين، إذ لا تزال فيه نواقص ككل عمل فيالبداية حين يبتكر.
ولا يزال بعض العلماء مع كل ذلك يستبعد جمع فقه الصحابةوالتابعين والأئمة المنقرضة مذاهبهم ولهؤلاء أقول:
يمكننا بكل يسر وسماحة وبلا كبير تعب ومشقة في عصرنا هذاالرابع عشر، أن نجمع فقه الصحابة والتابعين وأولئك الأئمة ونصل بها - في معاجم - لما قدره لها ابن حزم من خبرة له مؤكدة واطلاع تام ولعل المصادر المتاحة لنا اليوملم تكن متاحة كلها لابن حزم، فما علينا إلا أن نحضر من التفاسير أمثال كتب ابن جريروالبغوي والقرطبي وابن كثير والسيوطي وأمثال كتب الحديث: الموطأ لمالك وسنن الترمذيوالدراقطني والبيهقي ومصنف ابن أبي شيبة وشروح الحديث: فتح الباري للحافظ وشرح مسلمللنووي ومعالم السنن للخطابي وطرح التثريب للعراقي ونيل الأوطار للشوكاني وسبلالسلام للصنعاني وكتب ابن حزم: المحلى والإحكام والملل والنحل وجمهرة الأنسابومراتب الإجماع وتقريب المنطق وجوامع السيرة والرد على ابن التغريلة ورسائلهالمجتمعة والمتفرقة والمجموع للنووي والمغني لابن قدامة والبحر الزخار لابن المرتضىوالروض النضير للحسين الصنعاني وأشباهها ونظائرها من الكتب كثيرة، تطولها كل يددارسة ولعل المصادر التي بين أيدينا من ذلك توصلنا لأن نضع بين يدي الفقهاء من فقهالصحابة والتابعين وهؤلاء الأئمة أكثر مما قدره له ابن حزم.
وقد سبق لي أن قلت هذا أو شبيهه في مقدمة تخريجي بالمشاركةلأحاديث فقه الحنفية، منذ سنوات وهو مطبوع متداول بين أيدي الناس في أربعمجلدات.
وبعد، فإن قيام هذه (المعاجم لموسوعة الفقه الإسلامي) سيبقىدينا في ذمة الدول الإسلامية ملوكا ورؤساء وحكومات ودينا في ذمة الجامعات الإسلاميةإدارة وأساتذة وموجهين ودينا في ذمة القضاء محاكم وحكاما وقضاة.
والذي سيسعده الحظ من الملوك والرؤساء المسلمين سيكون نابليونالمسلم الذي سيقول بملء فيه: ستنتهي فتوحاتي حيث يصل قانوني.والمنتظر أن يكونالقائم بذلك فيصل خادم الحرمين الشريفين ومنزلي الوحي ومولد صاحب الشريعة ومرقدهصلوات الله عليه، فمن أولى بذلك منه فلا يزال في مملكته للحدود سلطان وللشريعةمحاكم وقضاة.
نريد أن نسمع قريبا: قانون فيصل، بدل قانوننابليون.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوابِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْيَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُالشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً}.
{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَاللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} والحمد لله رب العالمين.
المستشار العاملرابطة العالم الإسلامي
والمدرس فيالجامعة الإسلامية سابقا
تقنين الفقه بجميع مذاهبه منذ عصر الصحابة إلى عصر تجميدالاجتهاد، أي القرون الخمسة الأولى، قرون الخير والنور وإمامة العلوم وسيادةالمسلمين للعالم، تقنين الفقه صناعة عربية إسلامية عنَّا أخذها الأجانب وكانالأندلسيون هم رواد المسلمين والعالم فيها.
فأبو محمد ابن حزم الأندلسي إمام فقه الحديث، وقد عاش ما بينعام (384) وعام (456) هو الرائد الأول لتقنين الفقه، فقد وضع كتابا يعتبر أولموسوعة فقهية جامعة وأول معجم شامل لجميع مذاهب الفقه وهو: كتاب الخصال الجامعةلجمل شرائع الإسلام في الواجب والحلال والحرام وسائر الأحكام على ما أوجبه القرآنوالسنة والإجماع. قال عنه مؤلفه ابن حزم في المحلي: "قد جمعنا فيه كل ما روي مننصوص القرآن والسنة والإجماع، منذ أربعمائة عام ونيف وأربعين عاما من شرق الأرض إلىغربها".
وقال عنه تلميذه الحافظ الحميدي في جذوة المقتبس: "أورد فيهأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين في مسائل الفقه والحجة لكلطائفة وعليها والأحاديث الواردة في الصحيح والسقيم بالأسانيد وبيان ذلك كله وتحقيقالقول فيه".
وذكر معاصر ابن حزم الحكيم صاعد الأندلسي في كتابه أخبارالحكماء أنه رأى كتاب الإيصال في أربعة وعشرين مجلدا بخط مؤلفه ابن حزم قال: "وكانخطه في غاية الإدماج". يريد بالإدماج الخط الدقيق المرصوص، الذي لو كتب بخط أوسعلأخذ مسافة أكبر ولبلغ مجلدات أكثر.
وقال الحافظ الذهبي في سير النبلاء: "كتاب الإيصال في خمسةوعشرين ورقة".
ويعتبر هذا الكتاب ضائعا بين ما ضاع من كنوز وتراث الفردوسالمفقود: الأندلس.
ولكن إذا ضاع الإيصال فقد بقيت لنا صورة مصغرة عنه وهو مختصرهلابن حزم المؤلف نفسه وأعني به: كتابه المحلي وقد طبع ثلاث مرات.
فالمحلي مختصر الإيصال في أحد عشر مجلدا مات ابن حزم وهويؤلفه وقد وصل فيه إلى ثنايا المجلد العاشر فأتمه ولده الشهيد الفضل أبو رافع أميرولاية مالقة الأندلسية أتم العاشر وكتب المجلد الحادي عشر والأخير منه، اختصر منالأصل الجامع كتاب أبيه الإيصال.
وبمعرفتنا للمحلي عرفنا الإيصال فالمحلي دون مواد قانونيةباسم مسائل يبلغ عددها (2308) مسألة منها ما هو في عشر صفحات وفي عشرين، وفيثلاثين، وفي أكثر من ثلاثين، وهي مواد مستقلة أشبه برسائل محررة مستقلة في بابها،وصفحاتها (4388) صفحة.
والإيصال في خمسة وعشرين ألف ورقة كما قال الحافظ الذهبي: أيخمسون ألف صفحة، ومعنى هذا أن المحلي اختصر فيه الإيصال إلى أقل من عشره، ومعنىهذا أيضا أن مسائل الإيصال تبلغ (23080) مسألة وإذا كان المحلي وهو المختصر للإيصالقد طبع في أحد عشر مجلدا فمعنى ذلك أن الإيصال إذا عثر عليه وطبع يخرج في أكثر منمائة مجلد بعدة مجلدات.
والرائد الثاني لتقنين الفقه الشهيد أبو القاسم بن جزيالأندلسي الإمام المالكي، وقد عاش بين عام (693) وعام (741) فقد وضع كتابا - طبعأكثر من مرة - في فقه أئمة المذاهب الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وسماه: "القوانين الفقهية".
والعودة إلى تقنين الفقه مسألة مسألة كما دون في العصرالخامس، ومادة مادة كما دون في القرن الثامن، هي عودة ضرورية ملحة، توجبها العقيدةوالتزام الثبات عليها ويوجبها العلم والتزم الدعوة إليه.
توجبها العقيدة والتزام الثبات عليها: نحن اليوم نعيش في غزوفكري، الغزاة فيه وحوش ضارية، هم أشد ضراوة من الغزاة العسكريين، فهؤلاء استهدفواالأرض قرونا أو قرنا وبعض قرن وفي النهاية طردوا منها أشلاء صاغرين وقامت على تلكالأرض دول إسلامية تشهد بشهادة التوحيد وتستقبل كعبة المسلمين، أما غزاة الفكر فقداستهدفوا المسلم نفسه لا أرضه فقط، فغزوا مخه وقلبه وعشعشوا فيهما وعنكبوا، باضفيهما وفرخ سرطان تمكن من عقيدة الإسلام وفقه المسلمين، فحوَّلهما إلى عقيدة الكفروفقه الشياطين.
حررت أرض المسلمين من الغزو العسكري، وقامت جيوش وحكوماتإسلامية مكان ذلك الغزو، ولكنها بألسنة عربية وقلوب أعجمية كما أنذر نبينا صلواتالله وسلامه عليه.
فقد تكهن شيطان من شياطين الغزو العسكري، وقد فشل في غزوهوهلك شريدا طريدا بأن فتوحاته ستعود ما انتشر قانونه ودام فقهه، وأعني به نابليون،فقد تكهن قائلا: "ستمتد فتوحاتي حيث يصل قانوني".
{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُفَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}. وهذا الفريق على قلَّته بينالمسلمين، قد أخذ إبليس بقانونه النابليوني ينتقص من أطراف فقهه، في مؤسسات وشركاتوأنظمة.
أما العالم الإسلامي في أكثره فقانون نابليون بكفره وظلمهوكثرة فسوقه قد غزاه وحكمه حكومات وشعوبا ولا تزال كليات الحقوق في جامعاتهم تجمعلإبليس طلابا وتخرِّج له أساتذة ودكاترة، يحلُّون قوانينه محلَّ فقه الإسلام، {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ. وَجُنُودُ إِبْلِيسَأَجْمَعُونَ}.
وكثير من هؤلاء لو يقرب لهم الفقه بما اعتادوه من تقنينووسائل لعادوا إليه عود الغريب لأهله والشارد إلى قومه.
والطريق لهذا التقريب هو تدوين موسوعة للفقه جامعة لكل قضاياهشاملة لكل مذاهبه وتكون هذه الموسوعة معجما، بمعنى أنها تدوِّن مواد ومسائل مرتبةعلى حروف المعجم: أ ب ت، ففقهنا المدون أبوابا وفصولا مع كثرة الاستطراد فيه وذكرالكثير من القضايا في غير مظانِّها حين يعاد تصنيعه على حروف المعجم: أ ب ت،وتستقصى في هذا المعجم جميع المذاهب في العصور الفاضلة نكون قد يسرنا الفقه علىالمختص، وقربناه لغير المختص، وأبرزنا كنوزه ومعادنه الثمينة لجميع الناس فيالعالم، مسلمين وغير مسلمين ونكون بذلك دعاة إلى الإسلام الدين الحق، ومعلمينللعلماء حقائق الحلال والحرام، وقضاة عادلين محاربين للظلم والظلمة وناشرين للحقوالعدالة بين البشر في جميع ما شجر بينهم.
وبظهور معاجم الفقه الإسلامي، ندفع عنه ما قذفه به كفرةالمستشرقين وجهلة المسلمين من أنه فقه بدائي وإنما انتشر واتسع في بغداد بقانونحمورابي والفرس والرومان باسم القياس.
وبظهور معاجم الفقه الإسلامي، وما اشتملت عليه من مجلدات فيفقه الصحابة والتابعين قبل أن تكون بغداد وقبل أن يولد أئمتها نثبت للناس أن فقهالإسلام هو فقه الإسلام وكفى بهذا الوصف كشفا وسمة فهو مستنبط من القرآن والسنةوإجماع الصحابة والتابعين، وما زاد عليها فهو فروع عنها، ومستخرج منها خروج الجنينمن بطن أمه.
المعاجم:
دونت أكثر العلوم الإسلامية على حروف المعاجم، فهرس القرآنالكريم وأنفع فهارسه وأدقها المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبدالباقي ودونت السنة وأشهر مدوناتها المعجمة وأنفعها جامع الأصول لابن الأثير، وفياللغة أجمعها لسان العرب لابن منظور وفي تراجم الرجال كتب الحافظ: الإصابة فيالصحابة وتهذيب التهذيب في رجال كتب الحديث الستة.
معاجم الفقه:
وأول من فكَّر في إخراج معجم موسوعة للفقه كلية الشريعةبجامعة دمشق منذ ستة عشر عاما أسست لذلك لجنة بمرسوم جمهوري وبعد قيامها بسنتينحَضَرتُ من المغرب وضُمِمْت لها بمرسوم فكان التخطيط لتدوين الموسوعة أنيُسْتَكْتَبَ لها فقهاء من مختلف أقطار العالم الإسلامي فعارضت هذه الخطة لثلاثعلل:
العلة الأولى: إن ما سيكتب لو كتب سيكون غير متناسق ولا منسجموسيكون ابن جماعة هجينا.
العلة الثانية: من كيان الموسوعة الأساسي أن لا يكون للفقيهالكاتب فيما يكتبه رأي خاص لا بتقديم ولا بترجيح. لا برفض ولا بقبول وإنما هومصوِّر للفقه كما هو عند أئمته دون تدخل بينهم وإلا كان من يفعل ذلك مدوِّنا فقهاًلنفسه ومذهباً له والموسوعة لم تجعل لفقه نفسه ولا لمذهبه.
العلة الثالثة: فقهاء الموسوعة وكتابها لبعدهم عن بعض وعدماجتماعهم سيبقى فهم تدوينها وتحريرها بينهم ضائعا مما سيكون سببا لعدم استجابتهمللكتابة وهذا الذي حدث.
قال لي زملاؤنا من أعضاء الجنة: "وما الخطة التي تراها أنت؟" قلت: "توضع لكل قضية عامة من قضايا الفقه كلمة أصلية تشمل كلمات فرعية ويحرص على أنينتقي لذلك كلمات ذات دلالة ماسة بالقضية ودالة عليها بالتحديد مع المحافظة علىالنص الفقهي ما أمكنإلا إن كان غامضا فيوضَّح أو متشعبا فليخص ولا تترك مفردةفقهية يكون لها معنى خاص ومصطلح عليه إلا وتفرد بكلمة أصلية أوفرعية".
وكمثال لذلك أثبتهم بأوراق رسمت فيها هذه الخطة فوافقوا عليهامجمعين بكتابة قرار لا أزال أحتفظ به فاخترت كتاب المحلي لابن حزم لعدة أسباب منها: أن فقهه فقه لجميع المذاهب، فهو سيكون من أجل ذلك صورة مصغرة عن الموسوعة المكبرةوسميته معجم فقه ابن حزم الظاهري.
وهكذا بعد ستة أشهر تممته في مجلدين ضخمين وطبع بعد ذلكبسنوات بمطبعة جامعة دمشق عام 1385 هـ باسم لجنة موسوعة الفقهالإسلامي.
وقد قال عنه الأخ المحترم العلامة مصطفى الزرقاء رئيس اللجنةإذ ذاك في مقدمة للتعريف بالمعجم: فقام الأستاذ المنتصر بالعبء خير قيام. ثم لمابدأ الأستاذ المنتصر العمل جدَّت له فكرة جديدة هي أن يقوم بتسجيل خلاصة الحكمالفقهي الذي يستقر عليه ابن حزم في كل موضوع، وبذلك يصبح أشبه بموسوعة فقهيةمصغَّرة. وقد استحسنتْ اللجنة هذه الفكرة لما تنطوي عليه من نفع كبير. ولكن عظمالفائدة المرجوَّة من هذا العمل الجليل غطَّى على اللجنة ما فيه من مشقة، فقررت أنيتابع الأستاذ الكتَّاني العمل على هذا الأساس ففعل مشكورا. وأمدته اللجنة بالأعوانفي مراحل عديدة من العمل.. وظاهر للناظر أن هذا عمل مبتكر في حقل الفقه الإسلامي لميسبق أن وجد له نموذج. فقد تبين عند الانتهاء منه أنه أصبح يمثل شبه موسوعة للفقهالإسلامي فهو يقدم للباحثين من أهل القانون والفقه الأحكام الفقهية التي يبحثونعنها.
وبعد وحدة دمشق والقاهرة انضم على لجنة دمشق أعضاء مصريونبانتقائنا، هم من كبار علماء مصر، وضعنا جزء نموذجيا طلب إلينا إنجازه بإلحاح ليظهرفي مناسبة خطابية رسمية دورية، فكتبناه على الخطة الأولى التي لم أؤمن بها وهيالاستكتاب، فكان جزءا نموذجيا حقا في العلل الثلاث التي ذكرتها عن الخطةالاستكتابية: الهجنة في عدم انسجام مواده والتفاوت بين الفقهاء الكتاب في كل ماكتبوه وقلة من شارك فيه وكلهم من اللجنة الجديدة السورية والمصرية وليس من غيرهمسوى الفقير المحاضر فقد شارك بكتابة مادة: المعادن. وعن نفسي أتحدث قبل أن يتحدثعني غيري، ذهبت فيها إلى أن المعادن لا تملك ولو شئت أن أعيد عنها الكتابة الآنوأقول: إن المعادن تملك لما أعوزتني النصوص، وهكذا على كل من شارك في هذا الجزءالنموذجي لهذه المعاني بحق من جميع زملائنا وإن كنا لم نقصد ذلك ولكن الخطة المكتوببها هذا الجزء تفرض ذلك بطبيعتها.
وقد طبع هذا الجزء في القاهرة سنة 1381 هـ باسم: موسوعة جمالعبد الناصر في الفقه الإسلامي.
وخلال هذه السنوات تابعت موسوعة مصر الرسمية عملها فأصدرت ستةأجزاء أخرى بنفس العنوان ولكن زادت علة رابعة في فساد تلك الخطة، صدرت هذه الأجزاءالستة ولم يذكر فيها اسم لأحد من كتابها الفقهاء. ومتى قيل العلم رواية مجهول؟ لايدري من هو؟ وما تقواه؟ وما علمه؟ الحديث النبوي على قدسيته إذا أداه لنا مجهولرفضناه، وأغفلنا قدسيته، فكيف يفهم فقيه واستنباط نكرة لا تعرف لها حقيقة؟ أنعتمدفي العقائد والحلال والحرام واستباحة الدماء والفروج والأموال على مجاهيل؟ فلابد منمعرفة العالم لنزنه بموازين العلماء، دينا وثقة وضبطا، ولم يكن ذلك كذلك، فستكونكل موسوعة كتبها مجهول أو مجاهيل موسوعة مهدورة وجهود أصحابهاضائعة.
وعلى خطة الموسوعة المصرية الرسمية الفقهية صدرت موسوعة شعبيةمصرية أيضا بإشراف صديقنا عالم مصر الشيخ محمد أبو زهرة رأيت منهامجلدا.
وعلى خطة الموسوعتين المصريتين صدرت نشرتان في الأشربةوالأطعمة لموسوعة فقهية في الكويت تحت إشراف صديقنا المحترم الشيخ مصطفىالزرقاء.
معاجم الفقه العامة:
وطريقتنا نحن في تدوين الموسوعة الفقهية قد أصبحت واضحة مجسمةبصدور معجم فقه ابن حزم والنسج على منواله في إخراجها.
معاجم مفردة لفقه الأئمة الأربعة:
أولا:
معجم فقه أبي حنيفة ومعجم فقه مالك معجم فقه الشافعي معجم فقهأحمد. ثم معاجم لفقه الأئمة الذين لم تدون مذاهبهم: كعمر بن عبد العزيز والأوزاعيوالليث بن سعد وعبد الله بن المبارك وداوود بن علي ومحمد بن جرير وأبي ثور وأمثالهملكل واحد منهم معجم مستقل بمذهبه.
ثم معاجم لفقه التابعين وتابعيهم:
الحسن البصري ـ وقد جمع فقهه في سبعة أسفار ضخام الحافظ بنمفرج الأندلسي وقد عاش بين سنتي 315-380 هـ والسعيدان: ابن المسيب وابن جبيروالسفيانان: ابن عيينة والثوري والحمادان: ابن سلمة وابن زيد وابن شهاب الزهري ـوقد جمع فقهه الحافظ ابن مفرج الأندلسي أيضا في ثلاثة أسفار ضخام، وعمر بن عبدالعزيز وأمثالهم، لفقه كل واحد منهم معجم.
ثم معاجم لفقه آل البيت:
علي بن أبي طالب وعبد الله بن العباس ـ وقد جمع فقهه سليلهأحد أئمة الإسلام في العلم والحديث: أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن أميرالمؤمنين المأمون العباس، جمعه في عشرين كتابا وقد عاش بين سنتي 268-342 هـ والحسنبن علي وسليله عبد الله الكامل، والحسين بن علي وذريته: زين العابدين وزيد بن عليوالباقر والصادق، والعباس بن عبد المطلب وسليلاه: سليمان بن داوود والعباس بن عبدالله، لفقه كل واحد منهم معجم.
ثم معاجم فقه الصحابة:
عمر بن الخطاب وابنه عبد الله، وعبد الله بن مسعود وزيد بنثابت، وذكر ابن حزم في الأحكام وفي جوامع السيرة سبعة من الصحابة هؤلاء، وعليا وابنعباس وعائشة وقال: يمكن أن يجمع من فقه كل واحد منهم سفر ضخم. ثم فقه أبي بكروعثمان وباقي عشرين من الصحابة قال عنهم ابن حزم: يمكن أن يجمع من فتيا كل واحدمنهم جزء صغير جدا ثم جزء لباقي فقهاء الصحابة. وذكر اسماء جميع فقهائهم في جوامعالسيرة فبلغوا (162) فقيه وقد قال ابن حزم: "وقد روى عن فقهاء الصحابة أزيد منعشرين ألف قضية".
ثم معاجم فقه أئمة النساء صحابيات وتابعيات:
معجم فقه عائشة أم المؤمنين ثم معجم لفقه فاطمة بنت رسول اللهوفقه أمهات المؤمنين ثم معجم لفقه عمرة بنت عبد الرحمن وباقيالتابعيات.
وقد أشرفتُ في جامعة دمشق على إخراج فقه السبعة المكثرين منالصحابة، لسبعة من خريجي كلية الشريعة بها، فكان نصيب فقه عائشة لطالبة هي اليومتعتبر داعية الإسلام في الشام وعالمة نسائها هي الآنسة منيرة الفبيسي وباقي السبعةالمتخرجين هم اليوم بين زملاء أساتذة جامعين وبين دكاترة في علوم الشريعة وقضاة فيالمحاكم.
وهذه المعاجم تفيد بمفردها في المناطق التي تتمذهب بفقه أحدأئمتها الأربعة وكزيد بن علي وجعفر الصادق، تفيدهم للعلم والدراسة وتفيدهم لاختيارالدساتير الإسلامية منها، والقوانين الموحدة الملزمة حكما وقضاءوفتوى.
وبعد الانتهاء من تدوين جميع هذه المعاجم لفقه الصحابةوالتابعين والأئمة الذين لم يدوَّن فقههم والأئمة الذين دوِّن فقههم وفقه آل البيتوفقه أئمة النساء، تأتي المرحلة الثانية وهي:
دمج جميع هذه المذاهب في كتاب واحد على نفس الطريقة المعجمية: أ ب ت باسم معاجم الفقه الإسلامي.
معجم الحديث:
والمرحلة الثالثة هي جمع جميع أحاديث الأحكام مرتبة على حروفالمعجم كذلك وتكون هذه الأحاديث ذات عناوين مفردة لكل حديث كلمة أصلية، تحتها كلماتفرعية ذات دلالة فقهية خاصة، ولتكون هذه الأحاديث مع آيات الأحكام الدليل المرجوعإليه عند تضارب المذاهب وتغاير الأحكام في القضية الواحدة لاختيار حكم واحد منبينها، يسنده الدليل ويعززه على أن يُخرج كل حديث منها ويذكر بجانبه من صحَّحه أوضعَّفه أو من زكَّى جميع رجاله أو جرَّح أحدهم.
وكنت أشرفت في لجنة موسوعة الفقه الدمشقية على جمع جميعأحاديث البيوع، فخرجتْ في ثلاثة أجزاء، وأعجلتنا الفتن العقائدية عن مراجعتهاوإعطاء عناوين أصلية لوحداتها وفرعية لكل حديث منها، فأخرجتنا عن الشام حيث نقيمبين المملكة العربية السعودية وبين الكويت، بعد أن مات ثلاثة من خيرة زملائنا فياللجنة وهم الدكاترة مصطفى السباعي ويوسف العشي وأحمد السمان رحمهم الله وغفرلهم.
وقد وضعنا في المعجم الظاهري كلمات ليس لها في كتب الفقهأبواب أو فصول مستقلة وأن يكون لها أحكام مبعثرة في ثناياها ومستطردة، ومنها كمثال: إجهاض وتشريح وفضول المال.
وطريقتنا هذه في المعاجم الموسوعة أثنى عليها بكتاب مستقلودعا لها ونوَّره بها فيه وأسماه: تراث الفقه الإسلامي ومنهج الاستفادة منه علىالصعيدين الإسلامي والعالمي دعا لها وساندها مؤلف هذا الكتاب: الدكتور جمال الدينعطية، فقال بعد أن تحدث عنها في أوراق منه وفي عدة صفحات خص بها الحديث عن معجم فقهابن حزم:
"ونرى أن يكون منهج العمل، في معاجم أمهات الفقه على مثال ماتم بالنسبة لمعجم فقه ابن حزم الذي يتميز في رأينا بميزتينأساسيتين:
1- أنه أورد خلاصة وافية لرأي ابن حزم في كلمسألة.
2- أنه أرجع مباحث كل كلمة إلى رقم المسألة من كتاب المحلي".
وكتاب الدكتور عطية في 104 صفحات.
وسيكون (معاجم الفقه الإسلامي) هذا بعد قيامه كتاب دراسةلجميع مراحل التعليم الثانوي والجامعي والعالي ومنه يأخذ كل ما يحتاجه وما يتفقومنهاجه وبرامجه.
ومنه ستختار الحكومات الإسلامية بواسطة علمائها وقضاتها ورجالالحكم فيها دساتيرها وقوانينها العامة والخاصة الداخلية الخارجية إن شاءالله.
وقد استبعد بعض زملائنا وأصدقائنا من أساتذة الجامعاتوالعلماء إمكان تنفيذ هذه الطريقة وتحقيقها في الماضي ولكن حين رأوها متمثلة فيمعجم فقه ابن حزم تلاشى استبعادهم وآمنوا بتحقيق تنفيذها وإذا أعان الله فسنعيدهوسيكون بعد تجديده ثلاث مجلدات بدل مجلدين، إذ لا تزال فيه نواقص ككل عمل فيالبداية حين يبتكر.
ولا يزال بعض العلماء مع كل ذلك يستبعد جمع فقه الصحابةوالتابعين والأئمة المنقرضة مذاهبهم ولهؤلاء أقول:
يمكننا بكل يسر وسماحة وبلا كبير تعب ومشقة في عصرنا هذاالرابع عشر، أن نجمع فقه الصحابة والتابعين وأولئك الأئمة ونصل بها - في معاجم - لما قدره لها ابن حزم من خبرة له مؤكدة واطلاع تام ولعل المصادر المتاحة لنا اليوملم تكن متاحة كلها لابن حزم، فما علينا إلا أن نحضر من التفاسير أمثال كتب ابن جريروالبغوي والقرطبي وابن كثير والسيوطي وأمثال كتب الحديث: الموطأ لمالك وسنن الترمذيوالدراقطني والبيهقي ومصنف ابن أبي شيبة وشروح الحديث: فتح الباري للحافظ وشرح مسلمللنووي ومعالم السنن للخطابي وطرح التثريب للعراقي ونيل الأوطار للشوكاني وسبلالسلام للصنعاني وكتب ابن حزم: المحلى والإحكام والملل والنحل وجمهرة الأنسابومراتب الإجماع وتقريب المنطق وجوامع السيرة والرد على ابن التغريلة ورسائلهالمجتمعة والمتفرقة والمجموع للنووي والمغني لابن قدامة والبحر الزخار لابن المرتضىوالروض النضير للحسين الصنعاني وأشباهها ونظائرها من الكتب كثيرة، تطولها كل يددارسة ولعل المصادر التي بين أيدينا من ذلك توصلنا لأن نضع بين يدي الفقهاء من فقهالصحابة والتابعين وهؤلاء الأئمة أكثر مما قدره له ابن حزم.
وقد سبق لي أن قلت هذا أو شبيهه في مقدمة تخريجي بالمشاركةلأحاديث فقه الحنفية، منذ سنوات وهو مطبوع متداول بين أيدي الناس في أربعمجلدات.
وبعد، فإن قيام هذه (المعاجم لموسوعة الفقه الإسلامي) سيبقىدينا في ذمة الدول الإسلامية ملوكا ورؤساء وحكومات ودينا في ذمة الجامعات الإسلاميةإدارة وأساتذة وموجهين ودينا في ذمة القضاء محاكم وحكاما وقضاة.
والذي سيسعده الحظ من الملوك والرؤساء المسلمين سيكون نابليونالمسلم الذي سيقول بملء فيه: ستنتهي فتوحاتي حيث يصل قانوني.والمنتظر أن يكونالقائم بذلك فيصل خادم الحرمين الشريفين ومنزلي الوحي ومولد صاحب الشريعة ومرقدهصلوات الله عليه، فمن أولى بذلك منه فلا يزال في مملكته للحدود سلطان وللشريعةمحاكم وقضاة.
نريد أن نسمع قريبا: قانون فيصل، بدل قانوننابليون.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوابِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْيَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُالشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً}.
{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَاللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} والحمد لله رب العالمين.
التعليق على محاضرة السيد المنتصر
محاضرة لسماحة رئيس الجامعة الإسلامية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسولهنبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يومالدين.
أما بعد، فإنا نشكر الأستاذ الكبير والعلامة الشهير الأخالشيخ المنتصر الموفق.
نعم، لقد أجاد أخونا العلامة وأفاد وأحسن فيما ذكر واقترح،وإنّ ما ذكره عن الموسوعات القديمة الفقهية ولاسيما موسوعة العلامة الكبير أبي محمدبن حزم المسماة بالإيصال، لا شك أن هذه الموسوعة موسوعة عظيمة وإن لم توجد، فقد بقيووجد مختصرها الذي يدل على علم المؤلف الواسع وعظم عنايته وسعةاطلاعه.
وإني أؤيد فضيلة الأستاذ فيما ذكر من الاقتراح ومسيس الحاجةإلى معاجم متعددة لفقه الإسلام وإن الحاجة ماسة بل شديدة جدا إلى جمع أقوال علماءالإسلام من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة الأعلام رضوان الله عليهم جميعا. وإن إيجاد معاجم لفتاواهم وأحكامهم ليس ذلك واجبا فقط وإنما ذلك مفيد جدا ونافعكثيرا، وقد أجاد فضيلته في بيان حاجة الناس لذلك وإن هذا القانون وهذه المعاجم سوفتفيد العالم كله الإسلامي وغير الإسلامي وحاجة المسلمين أنفسهم إلى تراثهم العظيمعلى نقاوته وصفائه من معادنه لا شك حاجة عظيمة، ومن استبعد وجود ذلك وإمكان ذلكفإنما ذلك من عدم العناية بهذا الأمر والتدبر له والتفكير فيه تفكيرا جدَّيا، وإنهكما قال الأستاذ ليس بعسير ولا مستحيل، بل ممكن إذا فُرِّغ له العلماء المتبصرونوالمتحمسون لهذه الفكرة فإن الحصول عليه وإمكان جمعه أمر ممكن بلا شك، وإني أقترحأن يكون ذلك من طريق تكوين لجنة من أهل العلم المتبصرة في الفقه الإسلامي ممنيفرغون في مكان واحد ليجمعوا هذه المعاجم بادئين بفقه الصحابة رضي الله عنهموأرضاهم ثم التابعين وهكذا وفي الإمكان أيضا أن يتشاوروا ويدرسوا الموضوع دراسةجدية على ضوء الدراسات السابقة التي أشار إليها محاضرنا وعلى الطريقة الجيدة الحسنةالتي سلكت في وضع المعاجم كما أن في الإمكان أن ينظروا في ذلك من جهة أخرى من جهةالبدء بمعاجم الصحابة أو غيرهم، كل ذلك ممكن إذا فرغ له العلماء المبصرون المعوَّلعليهم في الفقه الإسلامي ممن لهم سمعة حسنة ومعرفة جيدة في هذاالباب.
وكما أن الناس في حاجة إلى جمع نصوص الفقهاء والعناية بهامرتبة على أحرف المعجم فكذلك هم في حاجة إلى ترتيب ما لم يرتب من أحاديث رسول اللهعليه الصلاة والسلام ونشر ما رتب والعناية بالتصحيح والتضعيف، حتى يكون الناظر فيذلك على بينة وعلى بصيرة من أمر الحديث الشريف من جهة الصحة والضعف والوضع وغير ذلكولابد من الإشارة إلى تكوين لجان متعددة، لجنة لكذا ولجنة لكذا ولجنة تقوم بإعدادالترتيب الكافي المناسب لما يتعلق بالأحاديث ولجنة تكون لما يتعلق بفقه الصحابةولجنة أخرى لفقه التابعين وهكذا على حسب الإمكان واليسر من جهة وجود العلماء الذينيصلحون لهذا الغرض.
ومن أهم الأمور في هذا الباب العناية بصحة الفتاوي والنظر فيأسانيدها إلى من نسبت إليه فإن هذا أمر عظيم فقد تنسب الفتوى إلى شخص هو براء منهاوتنسب الفتوى إلى شخص لم يقلها كما نسبت وإنما قال شيئا منها فيزيد فيها وينقص. فالحاجة ماسة إلى العناية بأسانيد الفتوى عمن نقلت عنه من الصحابة وغيرهم وعنالمرجع ومكانها في الصفحات والطبعات، وغير ذلك، حتى يكون المراجع والمطالع على بينةوعلى هدى وعلى بصيرة في ذلك كله. وكما أن العلماء محتاجون إلى ما دوِّن في الحديثالصحيح والتفسير فكذلك هم محتاجون أيضا إلى معرفة صحة الفتاوى عمن نسبت إليه منالصحابة والتابعين وأئمة الإسلام، وعدم صحتها حتى يكون الناقل لها والناظر فيها علىبصيرة. وقد علمنا وعلم غيرنا فتاوي كثيرة تنسب لكثير من أهل العلم ولا صحة لها، وقدعلم الناس ما لدىالشيعة في كتبهم وغير الشيعة من فتاوي تنسب إلى أهل البيت تحتاجإلى تمحيص وإلى عناية والواجب في هذا، يتثبت في كل شيء.
فالذي ينسب للأئمة من الصحابة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضيالله عنهم جميعا وغيرهم من أئمة الصحابة وعلماء الصحابة يجب أن يكون العناية بهأكبر ثم هكذا التابعون والأئمة بعدهم، وبخصوص ما ينسب لأهل البيت ينبغي أن يمحصوينظر في أسانيده حتى ينتفع في ذلك من أراد الله هدايته وتوفيقه إلى معرفة الصحيحوالصواب فيما ينسب إلى أهل البيت كما ينتفع أيضا من ينتسب إلى الشافعي وإلى مالكوإلى أبي حنيفة وإلى أحمد بما يوقف عليه من الفتاوي بأسانيدها ودلائل صحتها أوضعفها حتى يكون ذلك الشخص أو تلك الجماعة على بينة فيما ينسب إلى مذهبهم وإلىإمامهم وقد تكون أمور كثيرة في مسائل فقهية يوجد الشيء وضده فيها فتحتاج إلى بحثوتمحيص إلى أن يوجد السند القوي أو الأصل المعتمد في صحة ذلك الحكم وتلك الفتوىفالحاصل أن ما ذكره أخونا العلامة الشيخ المنتصر في هذا الباب حقيق بالعناية ولا شكأنه قد أصاب في ذلك ولا شك أن هذا العمل أمر عظيم ومشروع جليل يحتاج إلى عنايةكبيرة وإلى علماء معروفين بالأمانة والنصح والصدق والبصيرة والعلم حتى يطمئن الناسإلى علمهم وإلى صحة ما ذكروا من الحديث والفقه والفتاوى.
وفي الجامع الصحيح للبخاري رحمة الله عليه من الآثاروالأحاديث ما ينفع جدا هذا السبيل كما هو في كتب السنة وكتب الأحاديث المعروفة منالآثار والعلوم الكثيرة ما ينقع في هذا الباب وفي كتب الفقه كالمحلى والمغنيوغيرهما من الفوائد العظيمة والآثار الكبيرة ما ينفع في هذا الباب أيضا، والحاصل أنهذا ممكن بحمد الله وليس بعسر ولا مستحيل إذا أوجد له الرجال الأكفاء وإذا هيئت لهالأسباب وفرَّغوا لهذا الأمر. وإن أولى الناس بهذا الأمر ولهذا المشروع العظيم هوكما قال الأستاذ حاكم هذه البلاد وإمام المسلمين فيصل بن عبد العزيز وفقه اللهوهداه إنه أولى الناس بهذا المشروع والعناية به وإخراجه إلى حيز الوجود لإيجادعلماء صالحين لهذا الغرض متفرغين يعنون به ويكرِّسون جهودهم ويمنحونه ما لديهم فيهذا الباب مستعينين بالله سبحانه وتعالى ثم بإخوانهم بقية العلماء في كل ما يهم فيهذا السبيل من المراجع والمحفوظات وغير ذلك.
وأسأل الله أن يجزي محاضرنا عن محاضرته خيرا، وأن يبارك فيجهوده وعلومه وأن ينفع به وبسائر علماء المسلمين الأمة الإسلامية وأن ينصر بهم الحقويدحض بهم الباطل وأن يجمع علماء المسلمين وولاة أمرهم على الحق والهدى ويصلح عامةالمسلمين جميعا ويهديهم سواء السبيل ويصلح ويوفق قادتهم لحكم الشريعة والتحاكمإليها وتسهيل سبيل ذلك إنه على كل شيء قدير، وصلى لله وسلم على نبينا محمد وعلى آلهوصحبه.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسولهنبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يومالدين.
أما بعد، فإنا نشكر الأستاذ الكبير والعلامة الشهير الأخالشيخ المنتصر الموفق.
نعم، لقد أجاد أخونا العلامة وأفاد وأحسن فيما ذكر واقترح،وإنّ ما ذكره عن الموسوعات القديمة الفقهية ولاسيما موسوعة العلامة الكبير أبي محمدبن حزم المسماة بالإيصال، لا شك أن هذه الموسوعة موسوعة عظيمة وإن لم توجد، فقد بقيووجد مختصرها الذي يدل على علم المؤلف الواسع وعظم عنايته وسعةاطلاعه.
وإني أؤيد فضيلة الأستاذ فيما ذكر من الاقتراح ومسيس الحاجةإلى معاجم متعددة لفقه الإسلام وإن الحاجة ماسة بل شديدة جدا إلى جمع أقوال علماءالإسلام من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة الأعلام رضوان الله عليهم جميعا. وإن إيجاد معاجم لفتاواهم وأحكامهم ليس ذلك واجبا فقط وإنما ذلك مفيد جدا ونافعكثيرا، وقد أجاد فضيلته في بيان حاجة الناس لذلك وإن هذا القانون وهذه المعاجم سوفتفيد العالم كله الإسلامي وغير الإسلامي وحاجة المسلمين أنفسهم إلى تراثهم العظيمعلى نقاوته وصفائه من معادنه لا شك حاجة عظيمة، ومن استبعد وجود ذلك وإمكان ذلكفإنما ذلك من عدم العناية بهذا الأمر والتدبر له والتفكير فيه تفكيرا جدَّيا، وإنهكما قال الأستاذ ليس بعسير ولا مستحيل، بل ممكن إذا فُرِّغ له العلماء المتبصرونوالمتحمسون لهذه الفكرة فإن الحصول عليه وإمكان جمعه أمر ممكن بلا شك، وإني أقترحأن يكون ذلك من طريق تكوين لجنة من أهل العلم المتبصرة في الفقه الإسلامي ممنيفرغون في مكان واحد ليجمعوا هذه المعاجم بادئين بفقه الصحابة رضي الله عنهموأرضاهم ثم التابعين وهكذا وفي الإمكان أيضا أن يتشاوروا ويدرسوا الموضوع دراسةجدية على ضوء الدراسات السابقة التي أشار إليها محاضرنا وعلى الطريقة الجيدة الحسنةالتي سلكت في وضع المعاجم كما أن في الإمكان أن ينظروا في ذلك من جهة أخرى من جهةالبدء بمعاجم الصحابة أو غيرهم، كل ذلك ممكن إذا فرغ له العلماء المبصرون المعوَّلعليهم في الفقه الإسلامي ممن لهم سمعة حسنة ومعرفة جيدة في هذاالباب.
وكما أن الناس في حاجة إلى جمع نصوص الفقهاء والعناية بهامرتبة على أحرف المعجم فكذلك هم في حاجة إلى ترتيب ما لم يرتب من أحاديث رسول اللهعليه الصلاة والسلام ونشر ما رتب والعناية بالتصحيح والتضعيف، حتى يكون الناظر فيذلك على بينة وعلى بصيرة من أمر الحديث الشريف من جهة الصحة والضعف والوضع وغير ذلكولابد من الإشارة إلى تكوين لجان متعددة، لجنة لكذا ولجنة لكذا ولجنة تقوم بإعدادالترتيب الكافي المناسب لما يتعلق بالأحاديث ولجنة تكون لما يتعلق بفقه الصحابةولجنة أخرى لفقه التابعين وهكذا على حسب الإمكان واليسر من جهة وجود العلماء الذينيصلحون لهذا الغرض.
ومن أهم الأمور في هذا الباب العناية بصحة الفتاوي والنظر فيأسانيدها إلى من نسبت إليه فإن هذا أمر عظيم فقد تنسب الفتوى إلى شخص هو براء منهاوتنسب الفتوى إلى شخص لم يقلها كما نسبت وإنما قال شيئا منها فيزيد فيها وينقص. فالحاجة ماسة إلى العناية بأسانيد الفتوى عمن نقلت عنه من الصحابة وغيرهم وعنالمرجع ومكانها في الصفحات والطبعات، وغير ذلك، حتى يكون المراجع والمطالع على بينةوعلى هدى وعلى بصيرة في ذلك كله. وكما أن العلماء محتاجون إلى ما دوِّن في الحديثالصحيح والتفسير فكذلك هم محتاجون أيضا إلى معرفة صحة الفتاوى عمن نسبت إليه منالصحابة والتابعين وأئمة الإسلام، وعدم صحتها حتى يكون الناقل لها والناظر فيها علىبصيرة. وقد علمنا وعلم غيرنا فتاوي كثيرة تنسب لكثير من أهل العلم ولا صحة لها، وقدعلم الناس ما لدىالشيعة في كتبهم وغير الشيعة من فتاوي تنسب إلى أهل البيت تحتاجإلى تمحيص وإلى عناية والواجب في هذا، يتثبت في كل شيء.
فالذي ينسب للأئمة من الصحابة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضيالله عنهم جميعا وغيرهم من أئمة الصحابة وعلماء الصحابة يجب أن يكون العناية بهأكبر ثم هكذا التابعون والأئمة بعدهم، وبخصوص ما ينسب لأهل البيت ينبغي أن يمحصوينظر في أسانيده حتى ينتفع في ذلك من أراد الله هدايته وتوفيقه إلى معرفة الصحيحوالصواب فيما ينسب إلى أهل البيت كما ينتفع أيضا من ينتسب إلى الشافعي وإلى مالكوإلى أبي حنيفة وإلى أحمد بما يوقف عليه من الفتاوي بأسانيدها ودلائل صحتها أوضعفها حتى يكون ذلك الشخص أو تلك الجماعة على بينة فيما ينسب إلى مذهبهم وإلىإمامهم وقد تكون أمور كثيرة في مسائل فقهية يوجد الشيء وضده فيها فتحتاج إلى بحثوتمحيص إلى أن يوجد السند القوي أو الأصل المعتمد في صحة ذلك الحكم وتلك الفتوىفالحاصل أن ما ذكره أخونا العلامة الشيخ المنتصر في هذا الباب حقيق بالعناية ولا شكأنه قد أصاب في ذلك ولا شك أن هذا العمل أمر عظيم ومشروع جليل يحتاج إلى عنايةكبيرة وإلى علماء معروفين بالأمانة والنصح والصدق والبصيرة والعلم حتى يطمئن الناسإلى علمهم وإلى صحة ما ذكروا من الحديث والفقه والفتاوى.
وفي الجامع الصحيح للبخاري رحمة الله عليه من الآثاروالأحاديث ما ينفع جدا هذا السبيل كما هو في كتب السنة وكتب الأحاديث المعروفة منالآثار والعلوم الكثيرة ما ينقع في هذا الباب وفي كتب الفقه كالمحلى والمغنيوغيرهما من الفوائد العظيمة والآثار الكبيرة ما ينفع في هذا الباب أيضا، والحاصل أنهذا ممكن بحمد الله وليس بعسر ولا مستحيل إذا أوجد له الرجال الأكفاء وإذا هيئت لهالأسباب وفرَّغوا لهذا الأمر. وإن أولى الناس بهذا الأمر ولهذا المشروع العظيم هوكما قال الأستاذ حاكم هذه البلاد وإمام المسلمين فيصل بن عبد العزيز وفقه اللهوهداه إنه أولى الناس بهذا المشروع والعناية به وإخراجه إلى حيز الوجود لإيجادعلماء صالحين لهذا الغرض متفرغين يعنون به ويكرِّسون جهودهم ويمنحونه ما لديهم فيهذا الباب مستعينين بالله سبحانه وتعالى ثم بإخوانهم بقية العلماء في كل ما يهم فيهذا السبيل من المراجع والمحفوظات وغير ذلك.
وأسأل الله أن يجزي محاضرنا عن محاضرته خيرا، وأن يبارك فيجهوده وعلومه وأن ينفع به وبسائر علماء المسلمين الأمة الإسلامية وأن ينصر بهم الحقويدحض بهم الباطل وأن يجمع علماء المسلمين وولاة أمرهم على الحق والهدى ويصلح عامةالمسلمين جميعا ويهديهم سواء السبيل ويصلح ويوفق قادتهم لحكم الشريعة والتحاكمإليها وتسهيل سبيل ذلك إنه على كل شيء قدير، وصلى لله وسلم على نبينا محمد وعلى آلهوصحبه.
التعديل الأخير: