العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

من تكريمات الإسلام للمرأة في الميراث: (نزول آيات المواريث بسبب النساء)

علي محمد شوقي

:: متابع ::
إنضم
31 مارس 2016
المشاركات
21
الكنية
أبو الحسن البهوتي الأزهري
التخصص
الفقه وأصوله - علم المواريث
المدينة
المنصورة - بهوت
المذهب الفقهي
مذهب الإمام الشافعي

من تكريمات الإسلام للمرأة في الميراث

(نزول آيات المواريث بسبب النساء)

قال العلامة برهان الدين البقاعي –رحمه الله-: "وأعجب من ذلك أن سبب إنزال فرائض الميراث في شريعتنا النساء"([1]).

قلت: وتوضيح ذلك كما يلي:

آيات المواريث هي:
(الآية الأولى): قوله تعالى:
"يوصيكم الله في أولادكم ... "([SUP][SUP][2][/SUP][/SUP]).


(الآية الثانية ): قوله تعالى: "ولكم نصف ما ترك أزواجكم ... "([SUP][SUP][3][/SUP][/SUP]).

(الآية الثالثة): قوله تعالى: "يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ... "([SUP][SUP][4][/SUP][/SUP]).

وقد جاءت النصوص الحديثية الثابتة تؤكد نزول آيات المواريث بسبب النساء:

أولًا: سبب نزول الآية الأولى (الزوجة والبنات):

عن جابر قال : جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بابنتيها من سعد فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قُتل أبوهما معك في أُحد شهيدًا، وإن عمَّهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالًا، ولا ينكحان إلا ولهما مالٌ، قال: "يقضي الله في ذلك" قال : فنزلت آية الميراث، فأرسل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلى عَمِّهما فقال: "أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن، وما بقي فهو لك"([SUP][SUP][5][/SUP][/SUP]).

قال العلامة برهان الدين البقاعي–رحمه الله– بعد أن أورد مجموعة من الروايات الدالة على أن سبب نزول المواريث في شريعتنا النساء :"فجميع هذه الروايات كما ترى ناطقة بأن سبب نزول آية المواريث النساء، ويمكن أن يكون المجموع سببًا، والله أعلم"([SUP][SUP][6][/SUP][/SUP]).

وكذلك قد نصَّت هذه الآية على ميراث الأم:

قال الله جل شأنه فيها: "ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس".

فإن قوله عزوجل: "ولأبويه"؛ (أي: أبوه وأمه)([7]).

ثانيًا: من أسباب نزول الآية الثانية (الزوجات، والأخوات لأم):

لاريب أن الآية الثانية قد نزلت تابعة للآية الأولى، ولكنها لم تغفل ذكر النساء، بل هي نص علي ميراث الزوجات من أزواجهن، وكذلك نص علي ميراث الأخوات لأم.

قال تعالى في إرث الزوجات: "ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم"([8]).

وقال جل جلاله في إرث الأخوات لأم: "وإن كان رجل يورث كلالة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث"([9]).

ثالثًا : سبب نزول الآية الثالثة (الأخوات الشقيقات والأخوات لأب):

عن جابر –رضي الله عنه- قال: دخل عليَّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ... فقلت يا رسول الله إنما يرثني كلالةٌ؟ فنزلت آية الميراث (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة )([SUP][SUP][10][/SUP][/SUP]).

وعن جابر قال :اشتكيت وعندي سبع أخوات فدخل عليَّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقال (يا جابر لا أُراك ميتا من وجعك هذا، وإن الله قد أنزل فبيَّن الذي لأخواتك، فجعل لهنّ الثلثين، قال: وكان جابر يقول: أُنزلت هذه الآية فيَّ "يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة"([SUP][SUP][11][/SUP][/SUP]).

وعنه قال : دخل علي رسول الله –صلي الله عليه وسلم – وأنا مريض ... فقلت: يا رسول الله إنما لي أخوات فنزلت آية الفرائض([SUP][SUP][12][/SUP][/SUP]).

فتصوَّر أيها الكريم نزول آية من الله جَلَّ شأنه من فوق سبع سماوات، وقد نزل بها الروح الأمين جبريلُ عليه السلام؛ لتحكم في قضية أُمٍّ وبناتها في مواجهة رجل هو عمٌ للبنات! ونزول أخرى في الأخوات، ثم تفصيل إرث بقية النساء أمهات وجدات وزوجات، وليكون قرآنًا محفوظًا بحفظ الله في كتاب يُتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فهل علمت الدنيا تكريمًا أكبر من ذلك؟!! ، والله أَجَلُّ وأَعْلَمُ.


وكتب

علي محمد شوقي

صباح الأربعاء، السادس من رجب، لعام 1437ه

الموافق: 13 من ابريل 2016م



([1]) "نظم الدرر" (5/242).


([2]) سورة النساء، آية: (11).


([3]) سورة انساء، آية: (12).


([4]) سورة النساء، آية: (176).


([5]) أخرجه أبو داود برقم (2892)، وابن ماجه برقم (2720)، وأحمد (3/3528) واللفظ له.


([6]) "نظم الدرر" (5/ 246).


[7])) "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" للسعدي (ص147).


[8])) سورة النساء، من الآية: (12).


[9]))سورة النساء، من الآية: (12).


[10])) أخرجه البخاري برقم (6743)، ومسلم برقم (1616)، واللفظ له.


([11])أخرجه أبو داود برقم (2887)، واللفظ له، وابن ماجه برقم (2728).


([12]) أخرجه البخاري برقم (6743).

 
التعديل الأخير:
أعلى