شهاب الدين الإدريسي
:: عضو مؤسس ::
- إنضم
- 20 سبتمبر 2008
- المشاركات
- 376
- التخصص
- التفسير وعلوم القرآن
- المدينة
- مكناس
- المذهب الفقهي
- مالكي
المدونة الكبرى
لسحنون بن سعيد بن حبيب أبو محمد التنوخي (240هـ).
لسحنون بن سعيد بن حبيب أبو محمد التنوخي (240هـ).
يعد كتاب المدونة الكبرى ثاني أمهات المصادر في الفقه المالكي بعد كتاب الموطأ، والمدونة ـ ويطلق عليها أيضا الأم والكتاب ـ أصل المالكيين المقدم على غيره من الدواوين، وأفيَدها بعد الأصل الأول، وكل ما جاء بعدها من مصنفات المذهب عيال عليها. وعليها كان الاعتماد في الأحكام والفتوى والقضاء، وهي في أصلها سماعات ابن القاسم (191هـ) من شيخه الإمام مالك (179هـ)، أجاب بها عن أسئلة سحنون (240هـ) لما رحل إليه من القيروان لتصحيح رواية أسد بن الفرات(ت213هـ) التي رواها بدوره عن ابن القاسم، فقام هذا الأخير بالتصحيح ، ثم قام سحنون بتهذيبها، وتبويبها، وتدوينها وأضاف إليها اجتهادات كبار فقهاء المذهب، وذيّل أبوابها بالأحاديث والآثار إلا كتبا بقيت على أصل اختلاطها، فلذلك تدعى أيضا المختلطة
ويذكر القاضي عياض عن بعضهم أن المدونة ضمت 36 ألف مسألة، وأضاف ابن فرحون إلى هذا العدد مائتا مسألة، قال: منها أربعة ممحوة. ومجموع هذه المسائل مُوَزّع على مختلف أبواب الفقه المعروفة: الطهارة والصلاة، والزكاة، والصيام،والحج، والجهاد، والصيد، والذبائح، والنذور، والنكاح وما يتعلق به ويستتبعه، والعتق والمكاتب والتدبير، والولاء والمواريث، والصرف، والسلم، والبيوع وما يدخل تحتها ويتعلق بها، والصلح، وتضمين الصناع، والجعل، والإجارة، والكراء، والرهن، والغصب، والاستحقاق، والشفعة، والقسمة، والوصايا، والهبات، والحبس، والصدقة، والوديعة، والعارية، واللقطة والضوال والآبق، وحريم الآبار، والحدود والعقوبات والجنايات المختلفة، والديات.
فكل ما تمَّ النص عليه يشكل كتابا أو أكثر من كتاب في المدونة، بسطت فيه مسائله في أبواب، وعلى هذا كان ترتيبها، وغالبا ما يبتدئ كل باب بلفظ «قلت» الذي يدل على سؤال سحنون، ويكون بداية الجواب بلفظ «قال» الذي يدل على جواب ابن القاسم، ويتكرر هذا في المسألة الواحدة بحسب ما تقتضيه فروعها، وبُيِّنت روايات بقية الفقهاء وأقوالهم بذكر أسمائهم كما هو الشأن بالنسبة لابن وهب وأشهب.
ولما كانت المدونة بالمنزلة التي ذُكرت فإنها حظيت بما لم يحظ به - بعد الموطأ - أصل من أصول المذهب، بل إن غالب تلك الأصول قامت على أصل المدونة، ويكفي للدلالة على هذا قول القاضي عياض في مداركه: «وهي أصل المذهب المرجح روايتها على غيرها، عند المغاربة، وإياها اختصر مختصروهم وشرح شارحوهم ، وبها مناظرتهم ومذاكرتهم». فالنقل عنها متواتر ومنتشر، والشرح لها وتهذيبها والتعليق والتقييد عليها والتنبيه على مسائلها موجود متوافر. وبلغت عناية العلماء بالمدونة إلى درجة حفظها، فقد حفظها أبو حفص عمر البجائي المغربي المالكي، والإمام هارون بن عتاب الشذوني الغافقي الأندلسي، حفظها حفظا بارعا، وحفظها أحمد المرجولي عن ظهر قلب، مع استحضاره شروحها.
قال سحنون: إنما المدونة من العلم بمنزلة أم القرآن.
وقال ابن أبي زيد القيرواني: من حفظ المدونة والمستخرجة لم تبق عليه مسألة.
من طبعات الكتاب طبعة دار الفكر ومعها مقدمات ابن رشد ، وطبعة دار صادر، وهي ما تزال بحاجة إلى تحقيق.
-------------------------------------------
مصادر الترجمة:
المدارك 4/45-88،
طبقات الفقهاء ص147،
الديباج 2/29-37.