العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

درس تأصيل مسألة (8141) من مختصر خليل ( انعقاد البيع بالدال على الرضا )

إنضم
2 سبتمبر 2012
المشاركات
423
الكنية
جلال الدين
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
انواكشوط -- أطار
المذهب الفقهي
مالكي
المسألة الأولى انعقاد البيع بالدال على الرضا :
8141. باب ينعقد البيع بما يدل على الرضا [1]
15833. 8141، ويتم بما يدل على الرضى [2]
والدليل على أن حصول الرضا ركن في البيع قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] [3]
ومما يدل أيضا على أن مناط البيع هو ما يقع به التراضي حديث أبي سعيد ومرسل ميمون بن مهران
أما حديث ابي سعيد فقد ذكره البخاري وأخرجه ابن ماجه وصححه ابن حبان في صحيحه فقد قال البخاري في التاريخ : قَالَ لِي عَبد الْعَزِيزِ بْنُ عَبد اللهِ: أَخبرنا عَبد الْعَزِيزِ بْن مُحَمد، عَنْ دَاوُد بْن صَالِحٍ التَّمّار، عَنْ أَبيه، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبيِّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم، قَالَ: البَيعُ عَن تَراضٍ". [4]
وقال ابن ماجه :
2185 - حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي قال: حدثنا مروان بن محمد قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن داود بن صالح المدني، عن أبيه، قال: سمعت أبا سعيد الخدري، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما البيع عن تراض» [5]
وقال ابن حبان
4967 - أخبرنا الحسن بن سفيان، أخبرنا سعيد بن عبد الجبار، أخبرنا الدراوردي، عن داود بن صالح بن دينار التمار، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، أن يهوديا قدم زمن النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثين حمل شعير، وتمر، فسعر مدا، بمد النبي صلى الله عليه وسلم، وليس في الناس يومئذ طعام غيره، وكان قد أصاب الناس قبل ذلك جوع، لا يجدون فيه طعاما، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، الناس يشكون إليه، غلاء السعر، فصعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: «لا ألقين الله من قبل أن أعطي أحدا من مال أحد، من غير طيب نفس، إنما البيع عن تراض، ولكن في بيوعكم خصالا، أذكرها لكم، لا تضاغنوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا يسوم الرجل، على سوم أخيه، ولا يبيعن حاضر لباد، والبيع عن تراض، وكونوا عباد الله إخوانا» [6]
وأما مرسل ميمون بن مهران فأخرجه ابن جرير : حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن القاسم، عن سليمان الجعفي، عن أبيه، عن ميمون بن مهران قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البيعُ عن تراضٍ، والخيارُ بعد الصفقة، ولا يحلّ لمسلم أن يغشّ مسلمًا.[7]
كل ما كان إيجابا وقبولا في عقد النكاح كان إيجابا وقبولا في البيع. [8]
كل لفظ أو إشارة فهم منه الإيجاب والقبول لزم به البيع وسائر العقود [9]
وكل لفظ وإشارة فهم منه الإيجاب والقبول لزم به البيع وسائر العقود [10] والألفاظ المحتملة لا يلزم البيع بها بمجردها حتى يقترن بها عرف أو عادة أو ما يدل على البيع [11] كل إشارة فهم منها الإيجاب والقبول لزم بها البيع.[12] وقول مالك نحو من هذا، فإنه قال: يقع البيع بما يعتقده الناس بيعا.[13]
لأنه تعالى أحل البيع ولم يبين كيفيته، فوجب الرجوع فيه إلى العرف، [14]
وفصل الخطاب في ذلك أن قوله سبحانه: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] ، هل المعتبر حقيقة الرضى، فلا بد من صريح القول، أو ما يدل عليه، فيكتفى بما يدل على ذلك؟ فيه قولان للعلماء.[15]
وقال مالك - رضي الله عنه -: ينعقد بكل ما يعده الناس بيعا، واستحسنه ابن الصباغ. قلت – أي النووي - : هذا الذي استحسنه ابن الصباغ، هو الراجح دليلا، وهو المختار؛ لأنه لم يصح في الشرع اشتراط لفظ، فوجب الرجوع إلى العرف كغيره من الألفاظ.[16]
الله تعالى أحل البيع ولم يبين كيفيته فوجب الرجوع فيه إلى العرف كما رجع إليه في القبض والإحراز والتفريق، والمسلمون في أسواقهم وبياعاتهم على ذلك، ولأن البيع كان موجوداً بينهم معلوماً عندهم. وإنما علق الشرع عليه أحكاماً وأبقاه على ما كان فلا يجوز تغييره بالرأي والتحكم ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه مع كثرة وقوع البيع بينهم استعمال الإيجاب والقبول. ولو استعملوا ذلك في بياعاتهم لنقل نقلاً شائعاً، ولو كان ذلك شرطاً لوجب نقله ولم يتصور منهم اهماله والغفلة عن نقله ولأن البيع مما تعم به البلوى فلو اشترط الإيجاب والقبول لبينه النبي صلى الله عليه وسلم بيانا عاما ولم يخف حكمه لأنه يفضي إلى وقوع العقود الفاسدة كثيراً وأكلهم المال بالباطل ولم ينقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه فيما علمناه ولأن الإيجاب والقبول انما يرادان للدلالة فإذا وجد ما يدل عليه من المساومة والتعاطي قام مقامهما وأجزأ عنهما لعدم التعبد فيه [17]
الله تعالى أحل البيع ولم يثبت في الشرع لفظ له فوجب الرجوع إلى العرف فكلما عده الناس بيعا كان بيعا كما في القبض والحرز وإحياء الموات وغير ذلك من الألفاظ المطلقة فإنها كلها تحمل على العرف ولفظة البيع مشهورة وقد اشتهرت الأحاديث بالبيع من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في زمنه وبعده ولم يثبت في شئ منها مع كثرتها اشتراط الإيجاب والقبول والله أعلم
البيع كان معهودا قبل ورود الشرع فورد ولم يغير حقيقته بل علق به أحكاما فوجب الرجوع فيه إلى العرف وكل ما كان عدوه بيعا جعلناه بيعا كما يرجع في إحياء الموات والحرز والقبض إلى العرف قال ولم ينقل عنهم لفظ التبايع [18]
وأما المعقود به فهو كل ما دل على الرضا [19]
ألا ترى أن الفقهاء أجمعوا على أن الرجل إذا قال: بعت واشتريت مع أنه لا يعرف معاني هذه الألفاظ ولا يفهم منها شيئا، فإنه لا ينعقد البيع والشراء،[20]
طريقة المعاوضات أجمع، مرجعها إلى رضا الطرفين [21]
فهذا يبين لنا أن المرجع في هذه مسألة صيغ البيع هو العرف بهذا نطقت نصوص الفقهاء



[1] مختصر خليل (نسخة خاصة. محمد جلال) (ص: 128) لم يتعرض الشيخ خليل لتعريف البيع بخلاف بهرام وقد يقال في ذلك اشارة خفية إلى أنه متروك للمتعارف عليه أو لوضوحه وهنا قال بعض الفقهاء من المالكية البيع معروف

[2] الشامل في الفقه المالكي (نسخة خاصة. محمد جلال) (1/ 403) هي المسألة الثانية عنده

[3] مواهب الجليل في شرح مختصر خليل للحطاب (4/ 228)

[4] التاريخ الكبير للبخاري (4/ 278)

[5] سنن ابن ماجه (2/ 737)

[6] صحيح ابن حبان - (11/ 340) ترتيب ابن بلبان

[7] تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (8/ 221)

[8] المنتقى شرح الموطإ (4/ 157)

[9] المنتقى شرح الموطإ (4/ 157)

[10] التاج والإكليل لمختصر خليل (6/ 14

[11] المنتقى شرح الموطإ (4/ 157)

[12] المختصر الفقهي لابن عرفة (5/ 84)

[13] المغني لابن قدامة (3/ 481)

[14] شرح منتهى الإرادات = دقائق أولي النهى لشرح المنتهى (2/ 6)

[15] شرح الزركشي على مختصر الخرقي (3/ 382)

[16] روضة الطالبين وعمدة المفتين (3/ 339)

[17] الشرح الكبير على متن المقنع (4/ 5)

[18] المجموع شرح المهذب (9/ 163) يبدو أن النووي لخص كلام ابن قدامة

[19] شرح الزركشي على مختصر الخرقي (3/ 382)

[20] مفاتيح الغيب (15/ 442)

[21] تفسير آيات الأحكام للسايس (ص: 600)
 
أعلى