العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

جديد مسالك في تجديد التعليل وأثر ذلك في الحركة الاجتهادية

محمد رمضان سنيني

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 نوفمبر 2012
المشاركات
117
الكنية
أبو عبد البر
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الجزائر العاصمة
المذهب الفقهي
مالكي
مسالك في تجديد التعليل وأثر ذلك في الحركة الاجتهادية

يقول السرخسي:"إن المعنى الذي هو مؤثر في النسب كون الولد مخلوقا من مائه، ولكنه باطن فقام النكاح الذي هو ظاهر مقامه تيسيرا"، إذن ذلك التعليل الذي كان خفيا ومتعذرا، وأعوز في تلك العصور، أصبح اليوم يمكن الاطلاع بتحليل dna؛ درجته تصل إلى حد اليقين، مع أن النسب يكتفى فيه بمجرد الظن؛ أصله القيافة.
إنه تعليل يُحيي ذلك القول المهجور في تنسيب ابن الزنا، كما أنه يسطر مسلكا في الاجتهاد يقوم على الالتفات إلى علل رميت بالخفاء والتعذر، وإحياءها بعد أن شهدت لها المستجدات العلمية، وفي نفس الوقت يفتح مسلكا أخر يعيد النظر في تلك الأقوال التي قيل عنها مسلمات، مقطوع بها، لا تجوز مخالفتها، وقيل عنها بإنها أقوال جماهيرية، ومن قال بخلافها يروم الفتنة والشذوذ.
إنها مسائل حفرت في ذاكرتنا وزاد تغلغلها حتى ولدت غشاوة منعتنا النظر أو معاودته في القول الأخر، ومما ركز وقوى كل ذلك لما ربطت بآية، أو حديث، أو إجماع.
ولما يقول القرافي أن منع بيع الكالئ بالكالئ؛ وهو الذي ادعي فيه الإجماع سببه كثرة الخصومات؛ فأي خصومات تبقى بعد أن قننت وسائل منعها، وضبطت المعاملات؛ هذا يحدث مسلكا أخر في الحركة الاجتهادية يرتكز على تولية الظهر لما كان علة في الماضي، وقد استُحدث ما يمنع قيامها.
ومما هو على وزان ذلك التجديد في التعليل أن يعمد إلى العلة فيوسع من نطاقها؛ توسيعا يخدم مقصد باب أصلها؛ من ذلك مثلا أنه استقر أن جواز سفر المرأة مرتبط بذي محرم؛ فلم لا يوسع ذلك بوصف جامع وهو الأمن؛ فتسافر في الرفقة المأمونة من الرجال أو النساء.
كما أنه قد يكون في تضييق العلة منحى يحمل تجديدا مع ملاحظة تناغم ذلك مع مقصد بابها؛ من ذلك قصر ما يمنع من بيع الديون على خصوص الطعام، ولم لا حصره في أقوات بأعيانها يفوت مقصد الرواج إن هي كانت دينا لا في كل السلع والمتمولات؛ وفي ذلك امتطاء لمقصد التيسير ومراعاة لأعراف الناس، وقبل ذلك توافق مع أصل الإذن.
فذلك التجديد في التعليل يقوم على الالتفات إلى ما كان خفيا، وأصبح اليوم ظاهرا يمكن الاطلاع عليه، وإلى إلغاء من انتفت دواعيه، وإلى توسيعه بدل تضييقه أو تضييقه بدل توسيعه، ولم لا استحداث معاني تستمد عليتها من المستجدات العلمية.
إن تلك المسالك تنطلق من محور ومرتكز الحركة الاجتهادية؛ محور ينقل الماضي إلى الحاضر بعيون العصر؛ مرتكز يجعل من التعليل الذي هو جواد تلك الحركة بابها في الحاضر ونافذتها إلى المستقبل.
إن الإشكالية الكبرى التي تجعل من الحركة الاجتهادية حبيسة اجتهاد السابقين هي معاملته معاملة النص؛ ومن ثَم تقديسه وعدم الخروج من تحت جلبابه والدوران في فلكه؛ ذلك لا يعني بالمرة الانقلاب عليه وهجرانه بالكلية، وإنما الوقوف عليه، لا الوقوف عنده.
إن العملية الاجتهادية برمتها تبدأ من تخلية عقل المجتهد من تلك الغشاوات؛ غشاوات رسبت، بل كادت أن ننحت في ذاكرته من تقديس لاجتهاد من سبق، وكذا الخوف من الرمي بالشذوذ والفتنة وخرق للإجماع من رام إلى اعتناق تلك الأقوال التي صنفت بأنها شاذة، ورميت في خانة المهملات.
فمجتهد اليوم هو الذي يستحضر عصره ومصره وكل أحواله وملابساته؛ عند ذلك بعد أن يقطع تلك الكوابح له أن يرتاض مناهج الاجتهاد ودروبه.
 
إنضم
14 يناير 2015
المشاركات
3
الكنية
الباتول أيت سملال
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مراكش
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مسالك في تجديد التعليل وأثر ذلك في الحركة الاجتهادية

صحيح فالمجتهد دائما هو الذي يستحضر عصره ،والاجتهاد هو ذلك المجهود النظري الذي يبدله المجتهد للكشف عما خفي من دلالة على مراد الشارع من تشريع الحكم للواقعة.
فدور العقل في العملية الاجتهادية ، كما بينها علماء الأصول ، وعلى رأسهم الإمام الشافعي ، لايتجاوز حدود مهمة المنسق بين الأشياء المعلومة إما من النص أو من القواعد. ( الإجتهاد في الإسلام ينجح ويتقوى كلما تمكنا من إدراك سنن التطور في الحياة المادية والمجتمعية للإنسان . وهذا شرط لابد منه، ولا ينبغي التساهل إزاءه ، إذ عليه تتوقف حظوظنا من الدنيا.) كما ذكر ذلك الدكتور الصلبي في كتابه الفقه و السياسة.
 
إنضم
27 نوفمبر 2016
المشاركات
8
الكنية
أبو أحمد
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
سكيكدة
المذهب الفقهي
مذهب أهل الحديث
رد: مسالك في تجديد التعليل وأثر ذلك في الحركة الاجتهادية

شكرا، بارك الله فيك. وزادك الله علما وعملا.
 
أعلى