العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

من يشرح لي هذه المسألة من كتاب إرشاد الفحول

إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
السلام عليكم....

من يشرح لي هذه المسألة مشكورا مع التوجيه لها بما يوافق معتقد اهل السنة :

قال الشوكاني رحمه الله في إرشاد الفحول ص10طبعة دار الفكر :

"ن التكليف بالفعل -والمراد به: أثر القدرة الذي هو الأكوان، لا التأثير الذي هو أحد الأعراض النسبية- ثابت قبل حدوثه اتقافًا، وينقطع بعده اتفاقًا، ولا اعتبار بخلاف من خالف في الطرفين، فهو بين السقوط، وما قالوه: من أنه لو انقطع انعدم الطلب القائم بذات الله سبحانه، وصفاته أبدية، فهو مردود، بأن كلامه سبحانه واحد، والتعدد في العوارض الحادثة من التعليق ككونه أمرًا، أو نهيًا، وانتفاؤهما لا يوجب انتفاءه.

واختلفوا هل التكليف به باق حال حدوثه أم لا؟
فقال جمهور الأشعرية: هو باق.
وقالت المعتزلة والجويني: ليس بباق.
وليس مراد من قال بالبقاء: أن تعلق التكليف بالفعل لنفسه؛ إذ لا انقطاع له أصلًا، ولا أن تنجيز التكليف باق؛ لأن التكليف بإيجاد الموجود محال؛ لأنه طلب يستدعي مطلوبًا غير حاصل، وهو تكليف بالمحال، ولا أن القدرة مع الفعل، لاستلزمه أن لا تكليف قبله، وهو خلاف المعقول، وخلاف الإجماع، فإن القاعد مكلف بالقيام إلى الصلاة.
بل مرادهم: أن التكليف باقٍ عند التأثير لكن التأثير عين الأثر عندهم.
واستدلوا: بأن الفعل مقدور حال حدوثه؛ لأنه أثر القدرة فيوجد معها، وإذا كان مقدورًا حينئذ فيصح التكليف به؛ لأنه لا مانع إلا عدم القدرة وقد انتفى.
وأجيب: بأنه يلزم التكليف بإيجاد الموجود وهو محال.
ويرد: بأن ذلك لا يلزم؛ لأن المحال إنما هو إيجاد الموجود بوجود سابق، لا بوجود حاصل.
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
الشيخ الكريم عبد الرحمن المغربي وفقني الله وإياك وبعد :
أولاً :
ليعلم ان كلام الشوكاني هنا مأخوذ من كلام الزركشي في البحر المحيط لأن إرشاد الفحول بمثابة الاختصار للبحر المحيط كما هو ظاهر ولذلك إذا اشكل على طالب العلم مسألة لغموضها واختصارها في إرشاد الفحول فليرجع إلى البحر المحيط للزركشي يجدها مبسوطة بما يزيل الإشكال .

ثانياً :
هذه المسألة مسألة كلامية من غوامض المسائل :
يقول الغزالي : ( وهل يكون الحادث في أول حال حدوثه مأموراً به كما كان قبل الحدوث أو يخرج عن كونه مأموراً كما في الحالة الثانية من الوجود ؟ اختلفوا فيه وفيه بحث كلامي لا يليق بمقاصد أصول الفقه ذكره ) المستصفى ( 1 / 86 )
ويقول ابن السبكي عن هذه المسألة : ( من مشكلات المواضع وفيها اضطراب في المنقول وغور في المعقول ) الإبهاج في شرح المنهاج ( 1 / 164 )
ويقول ابن السبكي أيضاً : ( والمسألة دخيلة في هذا العلم والكلام فيها مما لا يكثر جدواه ) الإبهاج ( 1 / 168 )
ويقول الزركشي : ( هذه المسألة من غوامض أصول الفقه تصويرا ونقلا ونقل المحصول مخالف لنقل الإحكام ) وبذلك وصفها القرافي أيضا في النفائس ، وقد ألف فيها الأصفهاني مؤلفاً مستقلاً كما ذكر الزركشي في البحر .

ثالثاً :
هذه المسألة هي مسألة تعلق التكليف بالفعل او الترك هل يكون قبل الفعل او في أول زمان حدوثه ؟
ولا بد من أن نعلم أنهم اتفقوا على أن التكليف بالفعل لا يتوجه بعد مباشرة الفعل وإنما وقع النزاع بينهم فيتوجه التكليف بالفعل عند المباشرة وقبل المباشرة ومرادهم بالمباشرة يعني لحظة ظهور الفعل من العدم إلى الوجود .

وقد اختلف في المسألة على ثلاثة اقوال :
القول الأول :
أن الفعل في حال حدوثه ليس مأموراً به أي أنه لا يتوجه إليه التكليف في هذا الوقت وهذا هو قول المعتزلة وهو مبني على قولهم بالتحسين والتقبيح فهم يرون ان الأمر لا يكون حسناً إلا قبل حدوث الفعل فإن توجه حال حدوثه لم يكن حسناً .
ولهم شبهة أخرى وهي أنه تكليف بما لا يطاق ؛ لأنه لو لم يكن التكليف متوجها قبل حدوث الفعل لما تمكن المكلف من العلم به ومن ثم النية على القيام به .
وهم لا يفرقون بين كون المأمور متمكناً من أداء الفعل او غير متمكن .
وقد وافق إمام الحرمين الجويني المعتزلة في هذه المسألة
ينظر :
المغني للقاضي عبد الجبار ( 11 / 301 ) المعتمد لأبي الحسين البصري ( 1 / 166 )البرهان ( 1 / 276 )

القول الثاني :

أن الفعل حال حدوثه يتوجه إليه التكليف ويكون مأموراً به وكذلك الفعل قبل حدوثه يكون مأموراً به وهو قول جمهور الأشاعرة وأهل السنة .

القول الثالث :

أن الفعل قبل حدوثه لا يتوجه إليه التكليف وإنما يتوجه إليه التكليف حال حدوثه فقط ويسمى قبل حدوثه إعلاماً بأنه في الزمان الثاني سيصير مأموراً به وهو قول الجبرية وبه قال بعض الأشاعرة كالفخر الرازي وقد حكى بعض الأصوليين من الأشاعرة الاتفاق على أنه يتوجه إليه التكليف قبل حدوثه وعدوا المخالفة في ذلك شذوذاً ومن هؤلاء الآمدي والزركشي .

والمسألة لها ارتباط - كما سبق - بالتحسين والتقبيح ولها ارتباط بمسألة القدرة فعند أهل السنة المكلف مستطيع قبل الفعل وأثناء الفعل ، والمعتزلة يقولون الاستطاعة لا تكون إلا قبل الفعل والجبرية يقولون لا تكون إلا مع الفعل والأشاعرة جبرية كما هو معلوم ، والأشاعرة مضطربون في ذلك وقد تعقب فيها إمام الحرمين أبا الحسن الأشعري .
وقد صرح الأشاعرة في كتبهم الكلامية بأن الاستطاعة مع الفعل لا يجوز أن تتقدمه ولا ان تتأخر عنه فهي مقارنة له وهي من الله تعالى وما يفعله الإنسان بها فهو كسب له هذا قول جمهورهم ولهم أقوال أخرى مشهورة انفرد بها بعضهم كقول أبي بكر الباقلاني بأن الأفعال واقعة بمجموع القدرتين وقول إمام الحرمين الجويني الأخير - وقد كان يوافق قول جمهور الأشاعرة أولاً كما في كتابه الإرشاد - فقد وافق قول أهل السنة في رسالته النظامية وأطال الكلام في المسألة ، وكذلك للغزالي قول انفرد به قريب من قول الباقلاني .
ينظر : الإنصاف ( ص 43 - 44 ) الإرشاد للجويني ( ص 219 - 220 ) معالم أصول الدين للرازي ( ص 83 ) الاقتصاد للغزالي ( ص 58 - 59 )
وقد مال بعض الأصوليين إلى أن الخلاف في المسألة لفظي كما نقل في المسودة عن ابن برهان ( ص 70 ) ونقله عنه كذلك الزركشي في البحر المحيط ، وينظر سلم الوصول للمطيعي 1 / 342 )
والخلاف يظهر أنه كذلك لعدم ترتب فائدة عليه وإنما هي مسألة كلامية ترجع إلى معتقد كل فريق وسبب الخلاف فيها يرجع غلى تفسير القدرة والاستطاعة .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( لفظ القدرة يتناول نوعين :
أحدهما القدرة الشرعية المصححة للفعل التي هي مناط الأمر والنهي .
والثاني القدرة القدرية الموجبة للفعل التي هي مقارنة للمقدور لا يتأخر عنها .
فالأولى هي المذكورة في قوله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } فإن هذه الاستطاعة لو كانت هي المقارنة للفعل لم يجب حج البيت إلا على من حج فلا يكون من لم يحجج عاصيا بترك الحج سواء كان له زاد وراحلة وهو قادر على الحج أو لم يكن . وكذلك { قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب } وكذا قوله تعالى { فاتقوا الله ما استطعتم } وقوله صلى الله عليه وسلم { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } لو أراد استطاعة لا تكون إلا مع الفعل لكان قد قال فافعلوا منه ما تفعلون فلا يكون من لم يفعل شيئا عاصيا له وهذه الاستطاعة المذكورة في كتب الفقه ولسان العموم .
والناس متنازعون في مسمى الاستطاعة والقدرة فمنهم من لا يثبت استطاعة إلا هذه ويقولون الاستطاعة لا بد أن تكون قبل الفعل ومنهم من لا يثبت استطاعة إلا ما قارن الفعل وتجد كثيرا من الفقهاء يتناقضون ؛ فإذا خاضوا مع من يقول من المتكلمين - المثبتين للقدر - أن الاستطاعة لا تكون إلا مع الفعل وافقوهم على ذلك وإذا خاضوا في الفقه أثبتوا الاستطاعة المتقدمة التي هي مناط الأمر والنهي . وعلى هذا تتفرع " مسألة تكليف ما لا يطاق " فإن الطاقة هي الاستطاعة وهي لفظ مجمل . فالاستطاعة الشرعية التي هي مناط الأمر والنهي لم يكلف الله أحدا شيئا بدونها فلا يكلف ما لا يطاق بهذا التفسير وأما الطاقة التي لا تكون إلا مقارنة للفعل فجميع الأمر والنهي تكليف ما لا يطاق بهذا الاعتبار فإن هذه ليست مشروطة في شيء من الأمر والنهي باتفاق المسلمين ) مجموع الفتاوى ( 8 / 130 ) وينظر : درء تعارض العقل والنقل ( 1 / 61 ) منهاج السنة النبوية ( 1 / 7 - 8 ، 369 - 373 )
ويقول أيضاً : ( وصرحوا يعني - السلف - بما صرح به أبو حنيفة وأبو العباس ابن سريج وغيرهما من أن الاستطاعة المتقدمة على الفعل تصلح للضدين وإن كان العبد حين الفعل مستطيعا أيضا عندهم فهو مستطيع عندهم قبل الفعل ومع الفعل وهو حين الفعل لا يمكنه أن يكون فاعلا تاركا فلا يقولون : إن الاستطاعة لا تكون إلا قبل الفعل ، كقول المعتزلة ولا بأنها لا تكون إلا مع الفعل كقول المجبرة بل يكون مستطيعا قبل الفعل وحين الفعل .... ) مجموع الفتاوى ( 8 / 480 )


نعود الآن بعد ذكر المسألة إلى كلام الشوكاني ليتبين لنا كلامه :
فقوله : ( إن التكليف بالفعل - والمراد به: أثر القدرة الذي هو الأكوان ، لا التأثير الذي هو أحد الأعراض النسبية - ثابت قبل حدوثه اتقافًا ، وينقطع بعده اتفاقًا، ولا اعتبار بخلاف من خالف في الطرفين، فهو بين السقوط )
بيانه : أن التكليف بالفعل أو الترك يتوجه قبل الحدوث إتفاقا ولا يتوجه إليه بعد الفعل اتفاقا وإنما وقع شذوذ في المسألتين لا يلتفت إليه والخلاف حقيقة وقع حال حدوث الفعل .
ومراده بالأثر والتأثير : الأثر هو بروز الفعل للوجود من العدم والتأثير هو السبب لذلك ، والتأثير قد يراد به وجود شرط الفعل الحادث أو سبب يتوقف حدوث الحادث به على سبب آخر وانتفاء موانع والتأثير بهذا المعنى ثابت من فعل العبد ، وإن اريد بالتأثير أنه المستقل بالأثر من غير مشارك أو معاون فلا يصح أن يقال فعل العبد مؤثر بهذا الاعتبار لأنه ليس شيء من المخلوقات مؤثر بهذا الاعتبار بل الله وحده هو المؤثر وهو الخالق عز وجل .
وقوله : ( وما قالوه: من أنه لو انقطع انعدم الطلب القائم بذات الله سبحانه ، وصفاته أبدية ، فهو مردود ، بأن كلامه سبحانه واحد، والتعدد في العوارض الحادثة من التعليق ككونه أمرًا، أو نهيًا، وانتفاؤهما لا يوجب انتفاءه )
بيانه : هذا رد على القول باستمرار التكليف بعد حدوث الفعل ولا شك أنه قول اتفق على رده كما سبق لكن الحجة التي ذكرها الشوكاني هنا لا تصح فقوله : ( كلامه سبحانه واحد، والتعدد في العوارض الحادثة من التعليق ككونه أمرًا، أو نهيًا، وانتفاؤهما لا يوجب انتفاءه ) هذا هو قول الأشاعرة أن كلام الله واحد لا يتعدد وأنه معنى واحد يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( ومن المعلوم أن مجرد تصور هذا القول يوجب العلم الضروري بفساده كما تفق على ذلك سائر العقلاء فإن أظهر المعارف للمخلوق أن الأمر ليس هو الخبر وأن الأمر بالسبت ليس هو الأمر بالحج وأن الخبر عن الله ليس هو الخبر عن الشيطان الرجيم , فمن جعل هذه الأمور كلها حقيقة واحدة وجعل الأمر والنهي إنما هي صفات عارضة لتلك الحقيقة العينية لم يجعل ذلك أقساما للكلام الكلي الذي لا يوجد في الخارج كليا , إذ ليس في الخارج كلام هو أمر بالحج وهو بعينه خبر عن جهنم كما ليس في الخارج إنسان هو بعينه فضيل وإن شملهما اسم الحيوان كما شمل ذينك اسم الكلام فمن جعل الحقائق المتنوعة شيئا واحدا فهو يشبه من جعل المكانين مكانا واحدا حتى جعل الجسم الواحد يكون في مكانين , ويقول إنما هما مكان واحد أو لا يجعل الواحد نصف الاثنين , أو يقول الاثنان هما واحد , فإن هذا كله من هذا النمط , وهو رفع التعدد في الأشياء المتعددة وجعلها شيئا واحدا في الوجود الخارجي بالعين لا بالنوع ... ) الفتاوى الكبرى ( 6 / 529 ) إقامة الدليل على إبطال التحليل .
ولذلك اعترف بعض الأشاعرة بفساد هذا القول حتى قال العز بن عبد السلام رحمه الله لما سئل في مسألة القرآن : ( كيف يعقل شيء واحد هو امر ونهي وخبر واستخبار ؟
قال : ما هذا بأول إشكال ورد على مذهب الأشعري ) التسعينية ( ص 261 )
ويقول الآمدي : ( والحق ان ما أورده من الإشكال على القول باتحاد الكلام وعود الاختلاف إلى التعلقات والمتعلقات مشكل وعسى أن يكون عند غيري حله ولعسر جوابه فر بعض أصحابنا إلى القول بان كلام الله القائم بذاته خمس صفات مختلفة وهي الأمر والنهي والخبر والاستخبار والنداء ) درء تعارض العقل والنقل ( 4 / 119 ) وينظر النص في أبكار الأفكار ( 1 / 95ب ، 96أ )مخطوطة في دار الكتب المصرية برقم ( 603 علم الكلام )
وللباقلاني تعقيب على هذا القول ينظر : التسعينية ( ص 188 )
وقد اطال ابن تيمية الكلام على هذا القول ومناقشته في عدة كتب كالتسعينية ودرء تعارض العقل والنقل ومنهاج السنة وغيرها .

وقول الشوكاني : ( واختلفوا هل التكليف به باق حال حدوثه أم لا؟
فقال جمهور الأشعرية: هو باق.
وقالت المعتزلة والجويني: ليس بباق.
وليس مراد من قال بالبقاء: أن تعلق التكليف بالفعل لنفسه ؛ إذ لا انقطاع له أصلًا، ولا أن تنجيز التكليف باق؛ لأن التكليف بإيجاد الموجود محال؛ لأنه طلب يستدعي مطلوبًا غير حاصل، وهو تكليف بالمحال، ولا أن القدرة مع الفعل، لاستلزمه أن لا تكليف قبله، وهو خلاف المعقول، وخلاف الإجماع، فإن القاعد مكلف بالقيام إلى الصلاة.
بل مرادهم: أن التكليف باقٍ عند التأثير لكن التأثير عين الأثر عندهم
)
بيانه :
هذا سياق لأقوال الطوائف في المسألة وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ثم فسر المراد ببقاء التكليف ونفى أن يكون المراد به أحد ثلاثة اشياء وهي :
1 - أن تعلق التكليف بالفعل لنفسه ؛ إذ لا انقطاع له أصلًا ، أي أن الفعل نفسه من صلاة أو صيام او نحو ذلك تكليفه مستمر من جهة التشريع والتكليف به في الجملة فالمكلف مكلف بالصلاة ونحوها حتى الموت والتكليف مستمر إلى قيام الساعة .
2 - ولا أن تنجيز التكليف باق ؛ لأن التكليف بإيجاد الموجود محال ؛ لأنه طلب يستدعي مطلوبًا غير حاصل ، وهو تكليف بالمحال ، أي أن هذا المعنى يلزم منه تحصيل الحاصل ففعل الصلاة إن وجد لا يمكن إيجاده في ذات الوقت فلا يتعلق به تكليف بهذا المعنى .
3 - ولا أن القدرة مع الفعل ، لاستلزمه أن لا تكليف قبله ، وهو خلاف المعقول ، وخلاف الإجماع ، فإن القاعد مكلف بالقيام إلى الصلاة ، وهذا ينبني على ما سبق بيانه من ذكر أنواع القدرة أو الاستطاعة أو القوة وأنها نوعان أحدهما القدرة الشرعية المصححة للفعل التي هي مناط الأمر والنهي ، والثاني : القدرة القدرية الموجبة للفعل التي هي مقارنة للمقدور لا يتأخر عنها .

وقول الشوكاني : ( واستدلوا: بأن الفعل مقدور حال حدوثه ؛ لأنه أثر القدرة فيوجد معها ، وإذا كان مقدورًا حينئذ فيصح التكليف به ؛ لأنه لا مانع إلا عدم القدرة وقد انتفى .
وأجيب: بأنه يلزم التكليف بإيجاد الموجود وهو محال .
ويرد: بأن ذلك لا يلزم ؛ لأن المحال إنما هو إيجاد الموجود بوجود سابق ، لا بوجود حاصل
)
استدلوا اي جمهور الأشاعرة وأهل السنة لإثبات التكليف حال الحدوث : بأن التكليف مرتبط بالقدرة وهي موجودة حال الفعل .
ثم ذكر اللازم الذي أورده المعتزلة بأن إيجاد الموجود محال وتحصيل الحاصل محال فكيف يكلف حال الفعل .
وأجاب المثبتون بأن ذلك غير لازم لأن المحال إيجاد الموجود بما سبق وجوده في الخارج من أفعال أما إيجاد الموجود بوجود حاصل فغير محال وذلك أن الموجود بوجود سابق ماضٍ والإيجاد بوجود حاصل واقع مقارن .
وثمة امر آخر أن الفعل مكون من اجزاء فلو قيل بأن إيجاد الموجود محال فإنما ينطبق على الجزء الذي باشره المكلف ويبقى التكليف مستمراص بالفعل كمجموع إلى حين انقضاء جميع أجزائه .

وأخيراً أقول :
1 - الزركشي أطال النفس في هذه المسألة في البحر المحيط فليرجع إليه لمن أراد الاستزاده .
2 - القرافي له طريقة أخرى في الكلام على هذه المسألة تنظر أيضاً في النفائس .
3 - حصل خلط واضطراب في نسبة القول في هذه المسألة للشيخ أبي الحسن الأشعري رحمه الله وذلك أنه لم ينص على المسألة وإنما أخذ ذلك بناء على قوله في مسألة القدرة والاستطاعة فخرجها أتباعه عليها ولذلك حصل اختلاف في ذلك يعرف بالنظر إلى ما ذكره الفخر الرازي في المحصول والآمدي في الإحكام .
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
الله أكبر ...ماشاء الله ...بارك الله فيك شيخنا الفاضل ...يبدو بحثا متكاملا ويحتاج وقتا للتمعن في فوائده...أحسنت أحسن الله إليك...
 
إنضم
14 ديسمبر 2015
المشاركات
14
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
مستقل
رد: من يشرح لي هذه المسألة من كتاب إرشاد الفحول

كلام جميل
جزيتم خير الجزاء
 
أعلى