العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تحقيق هل تحل زكاة الهاشميين للهاشميين ؟

إنضم
7 فبراير 2010
المشاركات
50
الكنية
أبو أيوب
التخصص
علوم شرعية
المدينة
بيش
المذهب الفقهي
مذهب المحدثين
زكاة الهاشميين للهاشميين
قال الجصاص رحمه الله في (أحكام القرآن):" وروى ابن سماعة عن أبي يوسف أن الزكاة من بني هاشم تحل لبني هاشم ولا يحل ذلك من غيرهم لهم" .أهـ
وقال ابن تيمية رحمه الله في (الاختيارات) : ويجوز لبني هاشم الأخذ من زكاة الهاشميين وهو محكي عن طائفة من أهل البيت". أهـ.
وقال الشوكاني رحمه الله في (نيل الاوطار): والحاصل أن تحريم الزكاة على بني هاشم معلوم من غير فرق أن يكون المزكي هاشميا أو غيره، فلا يتفق من المعاذير عن هذا المحرم المعلوم إلا ما صح عن الشارع لا ما لفّقه الواقعون في هذه الورطة من الأعذار الواهية التي لا تخلص، ولا ما لم يصح من الأحاديث المروية في التخصيص" أهـ
وقال رحمه الله أيضا في (الفتح الرباني):"وأما ما ذكره السائل من زكاة الهاشمي للهاشمي، هل تحل أم لا؟.
فأقول: لا شك أنه يصدق عليها اسم الصدقة، وقد قال r في الحديث الثابت في الصحيح، بل المتواتر: " إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة " ، وفي لفظ:" إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد "، وفي لفظ: " إنا لا نأكل الصدقة "، وكلها ثابتة في الصحيح , ولا شك أيضًا أن بني هاشم من الناس، وقد علّل النبي r تحريمه الصدقة عليهم بأنها أوساخ الناس فلا تحل صدقة هاشمي لهاشمي؛ لأن العلة موجودة، وهي كون تلك الصدقة من أوساخ الناس".أهـ.
وقال صديق خان رحمه الله في (الروضة الندية) : أقول: الحق تحريم الزكاة أجمع على بني هاشم، سواء كانت الزكاة منهم، أو من غيرهم، وما استروح إليه من قال بجواز صدقة بعضهم لبعض من حديث العباس بن عبد المطلب، أنه قال: قلت: يا رسول الله، إنك حرمت علينا صدقات الناس، هل تحل لنا صدقات بعضنا لبعض؟ قال:"نعم". أخرجه الحاكم : فليس بصالح للاحتجاج به لما فيه من المقال، حتى قيل: إنه اتهم بعض رواته، كما حققه صاحب " الميزان "، وقد عرفت عموم أحاديث التحريم، فلا يجوز تخصيصها بمخصص غير ناهض".أهـ
وقال ابن عثيمين رحمه الله في (الشرح الممتع):" واختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ هل يصح دفع زكاة هاشمي لهاشمي؛ لقوله: «إنما هي أوساخ الناس» أي: الناس الذين سواهم أو لا؟
قال بعض العلماء: إنه يصح أن تدفع زكاة الهاشمي لهاشمي مثله؛ لأنهما في الشرف سواء، فإذا كانا سواء فإنه لا يعد مثلبة، إذا أعطى زكاته نظيره.
ولكن إذا نظرنا إلى عموم الأحاديث وجدنا أنه لا فرق بين أن تكون زكاة هاشمي أو غيره؛ لقوله r:"أوساخ الناس". والهاشميون من الناس فلا تحل لهم، لكن لو فرض أنه لا يوجد لإنقاذ حياة هؤلاء من الجوع إلا زكاة الهاشميين، فزكاة الهاشميين أولى من زكاة غير الهاشميين".أهـ
قال أبو أيوب عفا الله عنه: فتبين مما سبق أن القول الصواب في ذلك أن زكاة الهاشمي للهاشمي كزكاة غيره له ولا فرق بينهما، ولم يأت في الشرع ما يدل على استثناء صدقة الهاشمي من عموم الصدقات المحرمة عليهم إلا ما أشار إليه صديق خان رحمه الله مما جاء عن العباس t فيما رواه الحاكم في (معرفة علوم الحديث) قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ــ ابن أخي طاهر العقيقي ــ قال: حدثنا أبو محمد إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد قال: حدثني علي بن جعفر بن محمد، عن الحسين بن زيد, عن عمه عمر بن علي بن الحسين, عن أبيه, أن العباس بن عبد المطلب، قال: يا رسول الله إنك حرمت علينا صدقات الناس، فهل تحل صدقة بعضنا لبعض؟ قال:"نعم". قال: حسين فرأيت مشيخة أهل بيتي يشربون من الماء في المسجد، إذا كان لبعض بني هاشم، ويكرهون ما لم يكن لبني هاشم".
قال أبو عبد الله الحاكم : رواة هذا الحديث كلهم هاشميون". أهـ .
وهذا الحديث لم يروه أحد غير الحاكم رواه في هذا الموضع بهذا الإسناد الهالك ولم يوجد له إسناد غيره وفيه شيخ الحاكم أبو محمد الحسن بن محمد قال عنه الذهبي رحمه الله في (تاريخ الاسلام): "روى حديثًا موضوعًا عن إسحاق، عن عبد الرزاق، عن سفيان، عن ابن المنكدر، عن جابر رَفَعَه، قال:"عليّ خير البشر فمن أبي فقد كفر". وهذا ممّا اتُّهِم بوضعه أبو محمد هذا، وكان نسّابة شيعيًّا".أهـ
وقال عنه في (ميزان الاعتدال):" روى بقلة حياء عن الدبرى، عن عبد الرزاق بإسناد كالشمس: على خير البشر.
وعن الدبرى، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن محمد، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر مرفوعاً، قال:"علي وذريته يختمون الأوصياء إلى يوم الدين". فهذان دالان على كذبه وعلى رفضه".أهـ
وفي إسناده : على بن جعفر بن محمد العلوي قال عنه ابن حجر "مقبول" ولم يذكر فيه الذهبي جرحا لا تعديلا .
وفي إسناده : الحسين بن زيد بن علي ذكره الذهبي في (الميزان) ونقل عن ابن المديني تضعيفه، وقال:" وقال أبو حاتم: يعرف وينكر.
وقال ابن عدي، وجدت في حديثه بعض النكرة، وأرجو أنه لا بأس به".أهـ.
وعلى هذا فمثل هذا الإسناد لا يعتدّ به ولا يحتج وأقلّ أحواله أن يكون ضعيف جدا .
قال الشوكاني رحمه الله في ( نيل الأوطار): "وأما ما استدل به القائلون بحلها للهاشمي من الهاشمي من حديث العباس الذي أخرجه الحاكم في النوع السابع والثلاثين من علوم الحديث بإسناد كله من بني هاشم أن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله إنك حرمت علينا صدقات الناس، هل تحل لنا صدقات بعضنا لبعض؟ قال:"نعم". فهذا الحديث قد أتهم به بعض رواته، وقد أطال صاحب (الميزان) الكلام على ذلك فليس بصالح لتخصيص تلك العمومات الصحيحة.
وأما قول العلامة محمد بن إبراهيم الوزير بعد أن ساق الحديث ما لفظه: وأحسب له متابعا لشهرة القول به. قال: والقول به قول جماعة وافرة من أئمة العترة وأولادهم وأتباعهم، بل ادعى بعضهم أنه إجماعهم، ولعل توارث هذا بينهم يقوي الحديث انتهى.
فكلام ليس على قانون الاستدلال؛ لأن مجرد الحسبان أن له متابعا، وذهاب جماعة من أهل البيت إليه لا تدل على صحته.
وأما دعوى أنهم أجمعوا عليه فباطل باطل، ومطولات مؤلفاتهم ومختصراتها شاهدة لذلك.
وأما قول الأمير في (المنحة): إنها سكنت نفسه إلى هذا الحديث بعد وجدان سنده، وما عضده من دعوى الإجماع فقد عرفت بطلان دعوى الإجماع، وكيف يصح إجماع لأهل البيت والقاسم والهادي والناصر والمؤيد بالله وجماعة من أكابرهم بل جمهورهم خارجون عنه.
وأما مجرد وجدان السند للحديث بدون كشف عنه فليس مما يوجب سكون النفس". أهـ
وقال رحمه الله في (الفتح الرباني): " فهذا الحديث لو صح لكان دليلا واضحا صالحا لتخصيص ذلك العموم، ولكنه لم يصح، بل قد اتهم به بعض رواته.
ثم استطرد في الرد على ابن الوزير بعد أن نقل كلامه السابق قائلا:" وصدور هذا الكلام من مثل هذا الإمام من أعجب ما يطري الأسماع، فإنه بعد اعترافه بأنه اتهم به بعض رواته عوّل على مجرد الحسبان بأن لذلك الراوي متابعا، وهذا الحسبان لا يجوز التعويل عليه، ولا التمسك به بإجماع المسلمين، بل لو كوشف هذا العلامة رحمه الله عن هذا لما خالف، فإن الحسبان لو كان حجة ومستندا لقال من شاء ما شاء، فما يعجز من جاء بحديث في إسناده كذاب أو وضاع قد اتهم به أن يقول: أحسب أن له متابعا، ويكون هذا الحسبان حجة له على الناس، وهذا من غرائب التعسفات، وعجائب الكبوات.
وأما تعليل هذا الحسبان بأن القائل به كثير فليست الكثرة دليلا على الحق بإجماع المسلمين، على أنه لا كثرة هاهنا، بل القائل بذلك بالنسبة إلى المخالفين له نزر يسير وعدد حقير، ولم أسمع إلى الآن من جعل ذهاب طائفة من الناس إلى قول من الأقوال دليلا على أن ذلك القول حق، وأن دليله صحيح، فاعتبر بهذا من مثل هذا الإمام، واجعله زاجرا لك عن التقليد.
وليس مقصودنا من هذا الإزراء عليه رحمه الله فهو إمام الناس في التبحر في جميع المعارف والوقوف على الدليل وعدم التعويل على ما يخالفه من القال والقيل. وقد نفع الله به من جاء بعده، ولكن المعصوم من عصمه الله، وكل واحد يؤخذ من قوله ويترك، وما أردت بهذا التنبيه إلا تحذير أهل العلم عن إحسان الظن بعالم من العلماء، حتى يفضي هذا الإحسان إلى تقليده في كل ما يأتي ويذر، واعتقاد أنه محق في كل إيراد وإصدار، فهذه رتبة ما فاز بها إلا المعصومون فحسب.
ومن العجائب أيضًا ما ذكره - رحمه الله - في آخر كلامه السابق من أن بعضهم قد ادعى أنه إجماع أئمة العترة، ولا شك أن هذه الدعوى من أبطل الباطلات، فإن القائل بذلك بالنسبة إلى من لم يقل به هو القليل النادر، وكيف يصح دعوى إجماع العترة، والقاسم، والهادي، والناصر، والمؤيد بالله وأتباعهم، وهم جمهور العترة خارجون عنه، وهذه كتب العترة وأتباعهم موجودة على ظهر البسيطة.
وأعجب من هذا قول العلامة محمد بن إسماعيل الأمير رحمه الله في المنحة أنها سكنت نفسه إلى هذا الحديث بعد وجدان سنده، وما عضده من دعوى الإجماع، فيا لله العجب من مثل هذا السكون لمجرد وجدان السند، ودعوى الإجماع! فإن وجدان السند يكون في الموضوع كما يكون في الصحيح، وليس من وجد سند حديث من دون بحث عن حاله، وكشف عن رجاله، وجد نفسه ساكنة إليه عاملة به، فإن هذا ليس من الاجتهاد في شيء، بل من الوساوس الفاسدة، والتشهيات الباطلة، وهكذا قوله: ودعوى الإجماع؛ فقد جعله جزء علة السكون، ويالله العجب كيف تجري بمثل هذا أقلام العلماء المتقيدين بالدليل! فإن الدعاوي إذا لم تعضد بالبراهين فهي أكاذيب، وهذه الدعوى من بينها، أوضح كذبا وأظهر بطلانا، وأبين اختلالا". أهـ .


من بحثي (تحرير القول في بيان حكم الصدقة على آل الرسول)
 
أعلى