طارق بن عبد الرحمن الحمودي
:: متابع ::
- انضم
- 4 يوليو 2008
- المشاركات
- 45
- الكنية
- أبو عبد الله
- التخصص
- الفلسفة والفكر والحضارة
- المدينة
- تطوان
- المذهب الفقهي
- الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
فليس من الغريب اليوم أن ترى شخصا ممن ورثوا الإسلام, ممن يعد العدة ليدفن في أحد مقابر باريس أو روتيردام أو بروكسيل أو برشلونة!يمشي مع زوجة له شقراء نصرانية.
فإن سئل قال : هي كتابية, وزواجنا بالكتابيات حلال!
هنا ينتهي علمهم بأحكام الشريعة غالبا إلا من رحم الله! والذي يخفى عليهم وعلى جملة الورثة... أن الأمر ليس على إطلاقه ...وليس بهذه السذاجة.
فقد روى الطبري (2/378) وسعيد بن منصور (1/224) وابن أبي شيبة (3/474) وصالح بن أحمد بن حنبل في مسائله (2/321)والجصاص في أحكام القرآن(3/323)عن الصلت بن بهرام عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال : (تزوج حذيفة يهودية, فكتب إليه عمر: خل سبيلها. فكتب إليه :أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها؟ فقال: لا أزعم أنها حرام, ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن) وهذا إسناد صحيح.
ورواه عبد الرزاق (6/78)عن معمر عن قتادة بلفظ ( طلقها فإنها جمرة. قال: أحرام هي؟ قال :لا. فلم يطلقها حذيفة لقوله, حتى إذا كان بعد ذلك طلقها)
ويشهد لقول عمر قوله تعالى في سورة المائدة: ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ).والإحصان هنا على قول الجمهور العفاف.لقوله تعالى : (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا).
قال ابن كثير في تفسيره (1/258): (قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله بعد حكايته الإجماع على إباحة تزويج الكتابيات: وإنما كره عمر ذلك لئلا يزهد الناس في المسلمات أو لغير ذلك من المعاني)
وقال الجصاص في أحكام القرآن (2/16): (ما روي عن ابن عمر فيه فلا دلالة فيه على أنه رآه محرما وإنما فيه عنه الكراهة)
ومما غفل عنه أغلب أو جل أو أكثر المسلمين أنه وإن كان الإجماع على جواز نكاح الكتابية مستندا إلى كتاب الله تعالى - وقد روي أن عثمان بن عفان تزوج نائلة ابنة الفرافصة الكلبية النصرانية وأسلمت على يديه كما عند البيهقي في الكبرى (7/172). وهي القائلة حين دخلوا على عثمان فقتلوه : ( إن تقتلوه أو تدعوه فقد كان يحيى الليل بركعة يجمع فيها القرآن) وتزوج طلحة بن عبد الله يهودية من الشام كما في الكبرى للبيهقي أيضا. وتزوج حذيفة يهودية كما مر وكانت تحته حرتان مسلمتان عربيتان - فقد كره العلماء نكاحهن في بلاد الحرب, وبل حرم بعضهم ذلك اعتبارا للمقاصد الشرعية.
قال ابن عبد البر في الاستذكار (5/496):
(لا أعلم خلافا في نكاح الكتابيات الحرائر بعد ما ذكرنا, إذا لم تكن من نساء أهل الحرب !
فإن كن حربيات, فأكثر أهل العلم على كراهية نكاحهن, لأن المقام له ولذريته بدار الحرب حرام علي.
ومن تزوج بدار الحرب فقد رضي المقام بها .
أخبرنا أحمد بن قاسم وأحمد بن محمد قالا: حدثنا محمد بن نصر قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا حجاج عن المسعودي عن الحكم بن عتبة قال قلت لإبراهيم أتعلم شيئا من نساء أهل الكتاب حراما؟ قال: لا .قال الحكم: وقد كنت سمعت من أبي عياض أن نساء أهل الكتاب محرم نكاحهن في بلادهن. فذكرت ذلك لإبراهيم فصدق به وأعجبه.
قال أبو عمر: أبو عياض هذا من كبار التابعين وفقهائهم, أدرك عمر بن الخطاب. فكان يروي عن أبي هريرة وابن عباس, ويفتي في حياتهما, ويستفتى في خلافة معاوية, قيل اسمه قيس بن ثعلبة .
واتفق مالك وأبو حنيفة والشافعي أن نكاح الحربيات في دار الحرب حلال, إلا أنهم يكرهون ذلك من أجل الولد والنساء .
وقال سعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وعروة بن الزبير في المرأة من أهل الكتاب حربية تدخل أرض العرب: لا تنكح إلا أن تظهر السكنى بأرض العرب قبل أن تخطب, وبالله التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل.) اهـ
قلت: والكتابية في بلدها يغلب عليها اتخاذ الخدن والزنا والله أعلم.وما كره لأجله مالك وغيره الزواج بالكتابية في دار الحرب صار اليوم مصيبة قائمة بنفسها لا تحتاج إلى من يخوف منها.. وتأملوا إن شئتم حال السناتور الأمريكي أوباما المرشج الديمقراطي للسكنى بالبيت الأبيض! والعاقل من اتعظ بغيره.
			
			أما بعد:
فليس من الغريب اليوم أن ترى شخصا ممن ورثوا الإسلام, ممن يعد العدة ليدفن في أحد مقابر باريس أو روتيردام أو بروكسيل أو برشلونة!يمشي مع زوجة له شقراء نصرانية.
فإن سئل قال : هي كتابية, وزواجنا بالكتابيات حلال!
هنا ينتهي علمهم بأحكام الشريعة غالبا إلا من رحم الله! والذي يخفى عليهم وعلى جملة الورثة... أن الأمر ليس على إطلاقه ...وليس بهذه السذاجة.
فقد روى الطبري (2/378) وسعيد بن منصور (1/224) وابن أبي شيبة (3/474) وصالح بن أحمد بن حنبل في مسائله (2/321)والجصاص في أحكام القرآن(3/323)عن الصلت بن بهرام عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال : (تزوج حذيفة يهودية, فكتب إليه عمر: خل سبيلها. فكتب إليه :أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها؟ فقال: لا أزعم أنها حرام, ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن) وهذا إسناد صحيح.
ورواه عبد الرزاق (6/78)عن معمر عن قتادة بلفظ ( طلقها فإنها جمرة. قال: أحرام هي؟ قال :لا. فلم يطلقها حذيفة لقوله, حتى إذا كان بعد ذلك طلقها)
ويشهد لقول عمر قوله تعالى في سورة المائدة: ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ).والإحصان هنا على قول الجمهور العفاف.لقوله تعالى : (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا).
قال ابن كثير في تفسيره (1/258): (قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله بعد حكايته الإجماع على إباحة تزويج الكتابيات: وإنما كره عمر ذلك لئلا يزهد الناس في المسلمات أو لغير ذلك من المعاني)
وقال الجصاص في أحكام القرآن (2/16): (ما روي عن ابن عمر فيه فلا دلالة فيه على أنه رآه محرما وإنما فيه عنه الكراهة)
ومما غفل عنه أغلب أو جل أو أكثر المسلمين أنه وإن كان الإجماع على جواز نكاح الكتابية مستندا إلى كتاب الله تعالى - وقد روي أن عثمان بن عفان تزوج نائلة ابنة الفرافصة الكلبية النصرانية وأسلمت على يديه كما عند البيهقي في الكبرى (7/172). وهي القائلة حين دخلوا على عثمان فقتلوه : ( إن تقتلوه أو تدعوه فقد كان يحيى الليل بركعة يجمع فيها القرآن) وتزوج طلحة بن عبد الله يهودية من الشام كما في الكبرى للبيهقي أيضا. وتزوج حذيفة يهودية كما مر وكانت تحته حرتان مسلمتان عربيتان - فقد كره العلماء نكاحهن في بلاد الحرب, وبل حرم بعضهم ذلك اعتبارا للمقاصد الشرعية.
قال ابن عبد البر في الاستذكار (5/496):
(لا أعلم خلافا في نكاح الكتابيات الحرائر بعد ما ذكرنا, إذا لم تكن من نساء أهل الحرب !
فإن كن حربيات, فأكثر أهل العلم على كراهية نكاحهن, لأن المقام له ولذريته بدار الحرب حرام علي.
ومن تزوج بدار الحرب فقد رضي المقام بها .
أخبرنا أحمد بن قاسم وأحمد بن محمد قالا: حدثنا محمد بن نصر قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا حجاج عن المسعودي عن الحكم بن عتبة قال قلت لإبراهيم أتعلم شيئا من نساء أهل الكتاب حراما؟ قال: لا .قال الحكم: وقد كنت سمعت من أبي عياض أن نساء أهل الكتاب محرم نكاحهن في بلادهن. فذكرت ذلك لإبراهيم فصدق به وأعجبه.
قال أبو عمر: أبو عياض هذا من كبار التابعين وفقهائهم, أدرك عمر بن الخطاب. فكان يروي عن أبي هريرة وابن عباس, ويفتي في حياتهما, ويستفتى في خلافة معاوية, قيل اسمه قيس بن ثعلبة .
واتفق مالك وأبو حنيفة والشافعي أن نكاح الحربيات في دار الحرب حلال, إلا أنهم يكرهون ذلك من أجل الولد والنساء .
وقال سعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وعروة بن الزبير في المرأة من أهل الكتاب حربية تدخل أرض العرب: لا تنكح إلا أن تظهر السكنى بأرض العرب قبل أن تخطب, وبالله التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل.) اهـ
قلت: والكتابية في بلدها يغلب عليها اتخاذ الخدن والزنا والله أعلم.وما كره لأجله مالك وغيره الزواج بالكتابية في دار الحرب صار اليوم مصيبة قائمة بنفسها لا تحتاج إلى من يخوف منها.. وتأملوا إن شئتم حال السناتور الأمريكي أوباما المرشج الديمقراطي للسكنى بالبيت الأبيض! والعاقل من اتعظ بغيره.
 
				
 
		 سُنُّوا بهم سُنة أهل الكتاب ) وفي سنده انقطاع ، واستدل به صاحب المنتقى وغيرهعلى أنهم لا يعدون أهل كتاب ، وليس بقوي فإن إطلاق كلمة ( أهل الكتاب ) علىطائفتين من الناس ؛ لتحقق أصل كتبهما ، وزيادة خصائصهما لا تقتضي أنه ليسفي العالم أهل كتاب غيرهم ، مع العلم بأن الله بعث في كل أمة رسلاً مبشرينومنذرين وأنزل معهم الكتاب والميزان ؛ ليقوم الناس بالقسط ، كما أن إطلاق لقب( العلماء ) على طائفة معينة من الناس لها مزايا مخصوصة ، لا يقتضي انحصارالعلم فيهم وسلبه عن غيرهم .وقد ورد في روايات أخرى التصريح بأنهم كانوا أهل كتاب ، قال في نيلالأوطارعند قول صاحب المنتقى : واستدل بقوله (سنة أهل الكتاب) على أنهم ليسواأهل كتاب . ما نصه : لكن روى الشافعي وعبد الرزاق وغيرهما بإسناد حسن عنعليٍّ : ( كان المجوس أهل كتاب يدرسونه وعلم يقرءونه ، فشرب أميرهم الخمرفوقع على أخته ، فلما أصبح دعا أهل الطمع فأعطاهم ، وقال : إن آدم كان ينكحأولاده بناته فأطاعوه ، وقتل من خالفه ، فأسري على كتابهم وعلى ما في قلوبهم منهفلم يبق عندهم منه شيء ، وروى عبد بن حميد في تفسير سورة البروج بإسنادصحيح عن ابن أبزى . لما هزم المسلمون أهل فارس ، قال عمر : اجتمعوا ( أيقال للصحابة اجتمعوا للمشاورة ، كما هي السنة المتبعة والفريضة اللازمة ) ، فقال :إن المجوس ليسوا أهل كتاب فنضع عليهم الجزية ، ولا من عبدة الأوثان فنجريعليهم أحكامهم ، فقال علي : بل هم أهل كتاب . فذكر نحوه لكن قال فوقع علىابنته ، وقال في آخره فوضع الأخدود لمن خالفه ، فهذه حجة من قال كان لهم كتاب .وأما قول ابن بطال : لو كان لهم كتاب ورفع لرفع حكمه ، ولما استثنى حلذبائحهم ونكاح نسائهم . فالجواب أن الاستثناء وقع تبعًا للأثر الوارد ؛ لأن في ذلكشبهة تقتضي حقن الدم ، بخلاف النكاح فإنه يحتاط له ، وقال ابن المنذر: ليس تحريمنكاحهم وذبائحهم متفقًا عليه ولكن الأكثر من أهل العلم عليه .إذا علمت هذا ، تبين لك : أن العلماء لم يجمعوا على أن لفظ المشركينوالذين أشركوا يتناول جميع الذين كفروا بنبينا ، ولم يدخلوا في ديننا ، ولا جميعمن عد اليهود والنصارى منهم ، فهذا نقل صحيح في المجوس ، ومنه تعلم أنللاجتهاد مجالاً لجعل لفظ المشركات والمشركين والقرآن خاصًّا بوثني العرب ، وأنيقاس عليهم من ليس لهم كتاب ، ولا شبهة كتاب يقربهم من الإسلام ، كما أن أهلالكتاب فيه خاص باليهود والنصارى ، ويقاس عليهم من عندهم كتب لا يعرفأصلها . ولكنها تقربهم من الإسلام بما فيها من الآداب والشرائع ؛ كالمجوس وغيرهمممن على شاكلتهم ، وقد صرح قتادة من مفسري السلف : بأن المراد بالمشركينوالمشركات في الآية العرب كما سيأتي .وعلى هذا لا يكون قوله تعالى : { وَلاَ تَنكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} (البقرة : 221 ) نصًّا قاطعًا في تحريم نكاح الصينيات الذي أكثر منه المسلمون فيالصين ، وانتقل الاقتداء بهم إلي جاوه أو كاد ، وقد كان ذلك من أسباب انتشارالإسلام في الصين . ولا أدري مبلغ أثره في ذلك عندكم ، وبنفي كونه نصًّا قاطعًافي ذلك ، لا يكون استحلاله كفرًا وخروجًا من الإسلام ؛ وإلا لساغ لناأن نحكم بكفر من لا يحصى من مسلمي الصين .هذا ، وإن المشهور عند العلماء أن الأصل في النكاح الحرمة ، وإن كانالأصل في سائر الأشياء الإباحة ، وعلى هذا لا بد من النص في الحل ، ويمكن أنيقال إذا لم تقل : بأن هذا يدخل في القاعدة العامة بأن الأصل الإباحة في كل شيءحتى يرد النص بحظره ، فإننا نرد الأمر إلى الكتاب العزيز ، فنسمعه يقول بعدالنهي عن نكاح أزواج الآباء : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْوَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَالرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّفَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنتَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً * وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَالنِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُوابِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ } ( النساء : 23-24 ) الآية .فنقول على أصولهم : إن قوله تعالى { وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } (النساء:24 ) لا يخلو أن يكون قد نزل بعدما جاء في البقرة من النهي عن نكاح المشركات ،وفي سورة النور من تحريم نكاح المشركة والزانية أو قبله ، فإن كان نزل بعده صحأن يكون ناسخًا له ، وإن كان نزل قبله يكون تحريم نكاح المشركة والزانية مستثنىمن عموم : { وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } ( النساء : 24 ) بطريق التخصيص سواءسمي نسخًا أم لا ، كما يستثنى منه ما ورد في الحديث من منع الجمع بين البنتوعمتها قياسًا على تحريم الجمع بين الأختين أو إلحاقًا به ، وجعل ما يحرم منالرضاع كالذي يحرم من النسب على القول المشهور في الأصول بجواز تخصيصالقرآن بالسنة ، على أن الجمهور أحلوا التزوج بالزانية . وعلى كل حال ، يكون نكاحالكتابيات ومن في حكمهن ( كالمجوسيات عند من قال بذلك كما نقل الحافظ ابن المنذر)داخلاً في عموم نص: { وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } (النساء : 24 ) وأكد حل نكاحالكتابيات في سورة المائدة التي نزلت بعدما تقدم كله .وخلاصة ما تقدم أن نكاح الكتابيات جائز لا وجه لمنعه ونكاح المشركاتمحرم ، وكون لفظ المشركات عامًّا لجميع الوثنيات أو خاصًّا بمشركات العرب محلاجتهاد وخلاف بين علماء السلف . قال ابن جرير في تفسير { وَلاَ تَنكِحُواالمُشْرِكَاتِ } ( البقرة : 221 ) وقال آخرون : ( بل أنزلت هذه الآية مرادًا بحكمهامشركات العرب ، لم ينسخ منها شيء ) وروى ذلك عن قتادة من عدة طرق ، وعنسعيد بن جبير ولكن هذا قال : ( مشركات أهل الأوثان ) ، ولم يمنع ذلك ابن جريرمن عده قائلاً : بأنها خاصة بمشركات العرب ، ثم قال بعد ذكر سائر روايات الخلاف:وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله قتادة من أنه تعالى ذكره عنى بقوله : { وَلاَتَنكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } ( البقرة : 221 ) من لم يكن من أهل الكتاب منالمشركات ، وأن الآية عام ظاهرها خاص باطنها ، لم ينسخ منها شيء . وأن نساءأهل الكتاب غير داخلات فيها ... إلخ ، ما أطال به في بيان نكاح الكتابيات .هذا ما يظهر بالبحث في الدليل ، ولكننا لم نطلع على قول صريح لأحد منالعلماء في حل التزوج بما عدا الكتابيات ؛ والمجوسيات من غير المسلمين ، قد صرحبحل المجوسية الإمام أبو ثور صاحب الإمام الشافعي الذي تفقه به حتى صارمجتهدًا ، وصرحوا بأن تفرده لا يعد وجهًا في مذهب الشافعي ؛ فالشافعية لا يبيحوننكاح المجوسية فضلاً عن الوثنية الصينية .ولا يأتي في هذا المقام قول بعض أهل الأصول : إن النهي لا يقتضيالبطلان في العقود والمعاملات وهو مذهب الحنفية ، فإنهم استثنوا منه النكاح ،وعللوا ذلك بأنه عقد موضوع للحل ، فلما انفصل عنه ما وضع له بالنهي المقتضيللحرمة كان باطلاً بخلاف البيع ؛ لأن وضعه للملك لا للحل ، بدليل مشروعيته فيموضع الحرمة كالأمة المجوسية ؛ فلذلك كان النهي عن شيء منه غير مقتضٍلبطلان العقد ، فلا يقال عندهم : إن نكاح الصينية يقع صحيحًا وإن كان محرمًا .وأما البحث في المسألة من ناحية حكمة التشريع ، فقد عنى تعالى في ذلك آيةالنهي عن التناسخ بين المؤمنين والمشركين في آية البقرة بقوله : { أُوْلَئِكَ يَدْعُونَإِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} ( البقرة : 221 ) ، وقد وضحناذلك في تفسير الآية ، وبينا الفرق بين المشركة والكتابية فيه فيراجع في الجزء الثانيمن التفسير ( من ص 357-361 ) ، ومنه أن أهل الكتاب لكونهم أقرب إلىالمؤمنين شرعت مودتهم ؛ لأنهم بمعاشرتنا ومعرفة حقيقة الإسلام منا بالتخلق والعمليظهر لهم أن ديننا هو عين دينهم مع مزيد بيان وإصلاح يقتضيه ترقي البشر ،وإزالة بدع وأوهام دخلت عليهم من باب الدين ، وما هي من الدين في شيء . وأماالمشركون فلا صلة بين ديننا ودينهم قط . ولذلك دخل أهل الكتاب في الإسلاممختارين بعدما انتشر بينهم ، وعرفوا حقيقته ، ولو قبلت الجزية من مشركي العربكما قبلت من أهل الكتاب ، لما دخلوا في الإسلام كافة ، ولما قامت لهذا الدين قائمة .ومن الفرق بينهما في القرب من الإسلام أو الدعوة إلي النار : أن أهل الكتاب لميكونوا يعذبون من يقدرون عليه من المسلمين ؛ ليرجع عن دينه ، كما كان يفعل مشركو العرب .ثم إن للإسلام سياسة خاصة في العرب وبلادهم ؛ وهي أن تكون جزيرةالعرب حرم الإسلام وقلبه الذي تتدفق منه مادة الحياة إلى جميع الأطراف ، وموئلهالذي يرجع إليه عند تألب الأعداء عليه ؛ ولذلك لم يقبل من مشركي جزيرة العربالجزية ، حتى لا يبقى فيها مشرك ، بل أوصى النبي صلى الله عليه وسلم : بأن لايبقى فيها دينان ، كما بينا ذلك في الفتوى الرابعة المنشورة في الجزء الثاني( ص 97 ) من هذا المجلد ، وتدل عليه الأحاديث الواردة في كون الإسلام يأرزفي المستقبل إلى الحجاز ، كما تأرز الحية إلى جحرها ، وهذا يؤيد تفسيرقتادة المشركين والمشركات في الآية .وإذ كان الازدواج بين المسلمين والمشركين ينافي هذه السياسة التي هيالأصل الأصيل في انتشار الإسلام ، وكان تزوج المسلمين بالصينيات مدعاةلدخولهن في الإسلام ، كما هو حاصل في بلاد الصين ، فلا يكون تعليل الآيةللحرمة صادقًا عليهن ، وكيف يعطى الضد حكم الضد ؟ !وقد حذرنا في التفسير من التزوج بالكتابية إذا خُشي أن تجذب المرأةُ الرجلَ إلي دينها ؛ لعلمها وجمالها وجهله وضعف أخلاقه ، كما يحصل كثيرًا في هذا الزمان في تزوج بعض ضعفاء المسلمين ببعض الأوربيات أو غيرهن من الكتابيات ،فيفتنون بهن وسد الذريعة واجب في الإسلام .والله تعالى أعلم
 سُنُّوا بهم سُنة أهل الكتاب ) وفي سنده انقطاع ، واستدل به صاحب المنتقى وغيرهعلى أنهم لا يعدون أهل كتاب ، وليس بقوي فإن إطلاق كلمة ( أهل الكتاب ) علىطائفتين من الناس ؛ لتحقق أصل كتبهما ، وزيادة خصائصهما لا تقتضي أنه ليسفي العالم أهل كتاب غيرهم ، مع العلم بأن الله بعث في كل أمة رسلاً مبشرينومنذرين وأنزل معهم الكتاب والميزان ؛ ليقوم الناس بالقسط ، كما أن إطلاق لقب( العلماء ) على طائفة معينة من الناس لها مزايا مخصوصة ، لا يقتضي انحصارالعلم فيهم وسلبه عن غيرهم .وقد ورد في روايات أخرى التصريح بأنهم كانوا أهل كتاب ، قال في نيلالأوطارعند قول صاحب المنتقى : واستدل بقوله (سنة أهل الكتاب) على أنهم ليسواأهل كتاب . ما نصه : لكن روى الشافعي وعبد الرزاق وغيرهما بإسناد حسن عنعليٍّ : ( كان المجوس أهل كتاب يدرسونه وعلم يقرءونه ، فشرب أميرهم الخمرفوقع على أخته ، فلما أصبح دعا أهل الطمع فأعطاهم ، وقال : إن آدم كان ينكحأولاده بناته فأطاعوه ، وقتل من خالفه ، فأسري على كتابهم وعلى ما في قلوبهم منهفلم يبق عندهم منه شيء ، وروى عبد بن حميد في تفسير سورة البروج بإسنادصحيح عن ابن أبزى . لما هزم المسلمون أهل فارس ، قال عمر : اجتمعوا ( أيقال للصحابة اجتمعوا للمشاورة ، كما هي السنة المتبعة والفريضة اللازمة ) ، فقال :إن المجوس ليسوا أهل كتاب فنضع عليهم الجزية ، ولا من عبدة الأوثان فنجريعليهم أحكامهم ، فقال علي : بل هم أهل كتاب . فذكر نحوه لكن قال فوقع علىابنته ، وقال في آخره فوضع الأخدود لمن خالفه ، فهذه حجة من قال كان لهم كتاب .وأما قول ابن بطال : لو كان لهم كتاب ورفع لرفع حكمه ، ولما استثنى حلذبائحهم ونكاح نسائهم . فالجواب أن الاستثناء وقع تبعًا للأثر الوارد ؛ لأن في ذلكشبهة تقتضي حقن الدم ، بخلاف النكاح فإنه يحتاط له ، وقال ابن المنذر: ليس تحريمنكاحهم وذبائحهم متفقًا عليه ولكن الأكثر من أهل العلم عليه .إذا علمت هذا ، تبين لك : أن العلماء لم يجمعوا على أن لفظ المشركينوالذين أشركوا يتناول جميع الذين كفروا بنبينا ، ولم يدخلوا في ديننا ، ولا جميعمن عد اليهود والنصارى منهم ، فهذا نقل صحيح في المجوس ، ومنه تعلم أنللاجتهاد مجالاً لجعل لفظ المشركات والمشركين والقرآن خاصًّا بوثني العرب ، وأنيقاس عليهم من ليس لهم كتاب ، ولا شبهة كتاب يقربهم من الإسلام ، كما أن أهلالكتاب فيه خاص باليهود والنصارى ، ويقاس عليهم من عندهم كتب لا يعرفأصلها . ولكنها تقربهم من الإسلام بما فيها من الآداب والشرائع ؛ كالمجوس وغيرهمممن على شاكلتهم ، وقد صرح قتادة من مفسري السلف : بأن المراد بالمشركينوالمشركات في الآية العرب كما سيأتي .وعلى هذا لا يكون قوله تعالى : { وَلاَ تَنكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} (البقرة : 221 ) نصًّا قاطعًا في تحريم نكاح الصينيات الذي أكثر منه المسلمون فيالصين ، وانتقل الاقتداء بهم إلي جاوه أو كاد ، وقد كان ذلك من أسباب انتشارالإسلام في الصين . ولا أدري مبلغ أثره في ذلك عندكم ، وبنفي كونه نصًّا قاطعًافي ذلك ، لا يكون استحلاله كفرًا وخروجًا من الإسلام ؛ وإلا لساغ لناأن نحكم بكفر من لا يحصى من مسلمي الصين .هذا ، وإن المشهور عند العلماء أن الأصل في النكاح الحرمة ، وإن كانالأصل في سائر الأشياء الإباحة ، وعلى هذا لا بد من النص في الحل ، ويمكن أنيقال إذا لم تقل : بأن هذا يدخل في القاعدة العامة بأن الأصل الإباحة في كل شيءحتى يرد النص بحظره ، فإننا نرد الأمر إلى الكتاب العزيز ، فنسمعه يقول بعدالنهي عن نكاح أزواج الآباء : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْوَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَالرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّفَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنتَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً * وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَالنِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُوابِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ } ( النساء : 23-24 ) الآية .فنقول على أصولهم : إن قوله تعالى { وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } (النساء:24 ) لا يخلو أن يكون قد نزل بعدما جاء في البقرة من النهي عن نكاح المشركات ،وفي سورة النور من تحريم نكاح المشركة والزانية أو قبله ، فإن كان نزل بعده صحأن يكون ناسخًا له ، وإن كان نزل قبله يكون تحريم نكاح المشركة والزانية مستثنىمن عموم : { وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } ( النساء : 24 ) بطريق التخصيص سواءسمي نسخًا أم لا ، كما يستثنى منه ما ورد في الحديث من منع الجمع بين البنتوعمتها قياسًا على تحريم الجمع بين الأختين أو إلحاقًا به ، وجعل ما يحرم منالرضاع كالذي يحرم من النسب على القول المشهور في الأصول بجواز تخصيصالقرآن بالسنة ، على أن الجمهور أحلوا التزوج بالزانية . وعلى كل حال ، يكون نكاحالكتابيات ومن في حكمهن ( كالمجوسيات عند من قال بذلك كما نقل الحافظ ابن المنذر)داخلاً في عموم نص: { وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } (النساء : 24 ) وأكد حل نكاحالكتابيات في سورة المائدة التي نزلت بعدما تقدم كله .وخلاصة ما تقدم أن نكاح الكتابيات جائز لا وجه لمنعه ونكاح المشركاتمحرم ، وكون لفظ المشركات عامًّا لجميع الوثنيات أو خاصًّا بمشركات العرب محلاجتهاد وخلاف بين علماء السلف . قال ابن جرير في تفسير { وَلاَ تَنكِحُواالمُشْرِكَاتِ } ( البقرة : 221 ) وقال آخرون : ( بل أنزلت هذه الآية مرادًا بحكمهامشركات العرب ، لم ينسخ منها شيء ) وروى ذلك عن قتادة من عدة طرق ، وعنسعيد بن جبير ولكن هذا قال : ( مشركات أهل الأوثان ) ، ولم يمنع ذلك ابن جريرمن عده قائلاً : بأنها خاصة بمشركات العرب ، ثم قال بعد ذكر سائر روايات الخلاف:وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله قتادة من أنه تعالى ذكره عنى بقوله : { وَلاَتَنكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } ( البقرة : 221 ) من لم يكن من أهل الكتاب منالمشركات ، وأن الآية عام ظاهرها خاص باطنها ، لم ينسخ منها شيء . وأن نساءأهل الكتاب غير داخلات فيها ... إلخ ، ما أطال به في بيان نكاح الكتابيات .هذا ما يظهر بالبحث في الدليل ، ولكننا لم نطلع على قول صريح لأحد منالعلماء في حل التزوج بما عدا الكتابيات ؛ والمجوسيات من غير المسلمين ، قد صرحبحل المجوسية الإمام أبو ثور صاحب الإمام الشافعي الذي تفقه به حتى صارمجتهدًا ، وصرحوا بأن تفرده لا يعد وجهًا في مذهب الشافعي ؛ فالشافعية لا يبيحوننكاح المجوسية فضلاً عن الوثنية الصينية .ولا يأتي في هذا المقام قول بعض أهل الأصول : إن النهي لا يقتضيالبطلان في العقود والمعاملات وهو مذهب الحنفية ، فإنهم استثنوا منه النكاح ،وعللوا ذلك بأنه عقد موضوع للحل ، فلما انفصل عنه ما وضع له بالنهي المقتضيللحرمة كان باطلاً بخلاف البيع ؛ لأن وضعه للملك لا للحل ، بدليل مشروعيته فيموضع الحرمة كالأمة المجوسية ؛ فلذلك كان النهي عن شيء منه غير مقتضٍلبطلان العقد ، فلا يقال عندهم : إن نكاح الصينية يقع صحيحًا وإن كان محرمًا .وأما البحث في المسألة من ناحية حكمة التشريع ، فقد عنى تعالى في ذلك آيةالنهي عن التناسخ بين المؤمنين والمشركين في آية البقرة بقوله : { أُوْلَئِكَ يَدْعُونَإِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} ( البقرة : 221 ) ، وقد وضحناذلك في تفسير الآية ، وبينا الفرق بين المشركة والكتابية فيه فيراجع في الجزء الثانيمن التفسير ( من ص 357-361 ) ، ومنه أن أهل الكتاب لكونهم أقرب إلىالمؤمنين شرعت مودتهم ؛ لأنهم بمعاشرتنا ومعرفة حقيقة الإسلام منا بالتخلق والعمليظهر لهم أن ديننا هو عين دينهم مع مزيد بيان وإصلاح يقتضيه ترقي البشر ،وإزالة بدع وأوهام دخلت عليهم من باب الدين ، وما هي من الدين في شيء . وأماالمشركون فلا صلة بين ديننا ودينهم قط . ولذلك دخل أهل الكتاب في الإسلاممختارين بعدما انتشر بينهم ، وعرفوا حقيقته ، ولو قبلت الجزية من مشركي العربكما قبلت من أهل الكتاب ، لما دخلوا في الإسلام كافة ، ولما قامت لهذا الدين قائمة .ومن الفرق بينهما في القرب من الإسلام أو الدعوة إلي النار : أن أهل الكتاب لميكونوا يعذبون من يقدرون عليه من المسلمين ؛ ليرجع عن دينه ، كما كان يفعل مشركو العرب .ثم إن للإسلام سياسة خاصة في العرب وبلادهم ؛ وهي أن تكون جزيرةالعرب حرم الإسلام وقلبه الذي تتدفق منه مادة الحياة إلى جميع الأطراف ، وموئلهالذي يرجع إليه عند تألب الأعداء عليه ؛ ولذلك لم يقبل من مشركي جزيرة العربالجزية ، حتى لا يبقى فيها مشرك ، بل أوصى النبي صلى الله عليه وسلم : بأن لايبقى فيها دينان ، كما بينا ذلك في الفتوى الرابعة المنشورة في الجزء الثاني( ص 97 ) من هذا المجلد ، وتدل عليه الأحاديث الواردة في كون الإسلام يأرزفي المستقبل إلى الحجاز ، كما تأرز الحية إلى جحرها ، وهذا يؤيد تفسيرقتادة المشركين والمشركات في الآية .وإذ كان الازدواج بين المسلمين والمشركين ينافي هذه السياسة التي هيالأصل الأصيل في انتشار الإسلام ، وكان تزوج المسلمين بالصينيات مدعاةلدخولهن في الإسلام ، كما هو حاصل في بلاد الصين ، فلا يكون تعليل الآيةللحرمة صادقًا عليهن ، وكيف يعطى الضد حكم الضد ؟ !وقد حذرنا في التفسير من التزوج بالكتابية إذا خُشي أن تجذب المرأةُ الرجلَ إلي دينها ؛ لعلمها وجمالها وجهله وضعف أخلاقه ، كما يحصل كثيرًا في هذا الزمان في تزوج بعض ضعفاء المسلمين ببعض الأوربيات أو غيرهن من الكتابيات ،فيفتنون بهن وسد الذريعة واجب في الإسلام .والله تعالى أعلم