منيب العباسي
:: متخصص ::
- إنضم
- 17 يناير 2010
- المشاركات
- 1,204
- التخصص
- ----
- المدينة
- ---
- المذهب الفقهي
- ---
-ما أكثر ما يقع الفقهاء المعاصرون ..كثير منهم ، في خطأ فادح ينافي مقتضى الفقه في الدين ..وذلك في نمط تقرير الخلاف ،حتى يتوهم العامة وأنصاف المثقفين أن هذا الدين ركام من الخلافيات..وقد لقيت قبل مدة من ارتد -عافانا الله وإياكم- وكان يتعلل بنحو هذا..أما إنه من الفقه في الدين :طريقة تقرير الخلاف وأسلوب سوقه، ومن الفقه معرفة رتبته ،فكثير منه خلاف ضعيف ،وكثير منه لفظي ،وكثير منه تكون معرفة سببه مبطلة لكونه خلافا حقيقيا ، ومنه ما يكون في الظاهر على أقوال كثيرة وهي على التحقيق تؤول إلى قولين...وهكذا إلخ
-ولابد من التفريق بين خلاف في دائرة السواغ من الفقهيات الاجتهادية مما أذن المشرّع لحكيم بإعمال النظر فيها لاستخراج القول الأسعد بالتئام الأدلة حوله ، وبين تفسير القرآن مثلا ،على معنى الكشف عن المعنى الأصلي المراد من الآي ..فهذا الثاني عامته لا خلاف فيه حقيقيا في الجملة إلا قليلا ، وقل بنحو ذلك عن السنة النبوية ،والنتيجة أن دستور الإسلام بيّن بحمد الله كما نص الله نفسه في مواطن كثيرة ،وليس من الجيد في المحافل أن يطلق القول بأن دائرة الخلاف كبيرة جدا ،ودائرة الاتفاق ضيقة جدا.."جدا" هذه ،ترى كثيرا يحرص على التأكيد على قولها ..ليس ذا من الفقه ! وما أكثر ما يستغلها العالمانيون وأشباههم للنكول عن التشريع الإلهي.
-وكثيرا ما يكون إهمال فقه المتقدمين في حقبة السلف والرضا بالدون ، سببا للتشقيق والتكثر بجعل المسألة سيلا وحقها أن تكون كالنقطة ، ومن الناس من يشعر بحالة نفسية من الانتشاء كأنه معدود في جملة الفقهاء وهو يتكثر من إثبات مقالات كثيرة في المسألة ،وحاصلها يؤول إلى قليل أو يتلاشى إلى لا شيء
-ثم اللائق في ذكر الخلاف عند اقتضاء ذكره أن يراعى فيه المقام ، وحال المخاطَب ، وأن يكون أصالة بتصنيف الأقوال إلى اتجاهات لا بحسب المتكلمين به أو المذاهب ،ويقبح في سياق حكاية الأقوال الفقهية إقحام من لا يعتد بقوله ولا وزن له كأقوال الرافضة ، ونحوهم
-والدائرة التي أذن الله تعالى بالاجتهاد فيها ،على أهل الفقه أن يبنوا للناس أنها تنتمي إلى حقل أراد الله عن قصد وحكمة بالغة أن تتبارى العقول في ميدان الكشف عن وجه الصواب فيها ،وكأن الله تقدست أسماؤه قال :هذه مسألة فقهية وأنتم في امتحان فالمصيب منكم إن كان من أهل النظر له جائزتان والمخطئ لن يعدم واحدة ما استفرغ جهده في البحث والنظر.وهذا نظير ما يختلف الأطباء في تشخيص حالة ، فلا يكون هذا عائدا على علم الطب بالغضاضة ..أو التشكيك في شرفه فضلا عن صحته..وهذا الدين الحنيف من باب أولى
-ومن الخلافات ما هو فرع عن مقررات كلامية أو لها تعلق بالكلام، و"الكلام" :أجنبي عن هذه الشريعة الأصيلة ..وأطبق السلف على ذمه
والكلام في هذا يطول ،وإنما المقصود كلمة خاطفة على سبيل التذكرة ..وقد اقتنص الإمام الجهبذ الفقيه أبو العباس ابن تيمية رضي الله عنه طرفا من منهجية سوق الخلاف من ضياء الكتاب العزيز فقال :
معلقا على قول الله جل ذكره: { سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا } :
فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا . فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث فدل على صحته ; إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما ثم أرشد إلى أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته فيقال في مثل هذا : { قل ربي أعلم بعدتهم } فإنه ما يعلم بذلك إلا قليل من الناس ممن أطلعه الله عليه ; فلهذا قال : { فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا } أي لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب .
فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف : أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام وأن ينبه على الصحيح منها ويبطل الباطل وتذكر فائدة الخلاف وثمرته ; لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته فيشتغل به عن الأهم فأما من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص ; إذ قد يكون الصواب في الذي تركه أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال فهو ناقص أيضا فإن صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب أو جاهلا فقد أخطأ كذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته أو حكى أقوالا متعددة لفظا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى فقد ضيع الزمان وتكثر بما ليس بصحيح فهو كلابس ثوبي زور والله الموفق.انتهى
مع أن حكاية الله تعالى لهذا الخلاف في الآية آنفا إنما هي عن أهل الكتاب
-ولابد من التفريق بين خلاف في دائرة السواغ من الفقهيات الاجتهادية مما أذن المشرّع لحكيم بإعمال النظر فيها لاستخراج القول الأسعد بالتئام الأدلة حوله ، وبين تفسير القرآن مثلا ،على معنى الكشف عن المعنى الأصلي المراد من الآي ..فهذا الثاني عامته لا خلاف فيه حقيقيا في الجملة إلا قليلا ، وقل بنحو ذلك عن السنة النبوية ،والنتيجة أن دستور الإسلام بيّن بحمد الله كما نص الله نفسه في مواطن كثيرة ،وليس من الجيد في المحافل أن يطلق القول بأن دائرة الخلاف كبيرة جدا ،ودائرة الاتفاق ضيقة جدا.."جدا" هذه ،ترى كثيرا يحرص على التأكيد على قولها ..ليس ذا من الفقه ! وما أكثر ما يستغلها العالمانيون وأشباههم للنكول عن التشريع الإلهي.
-وكثيرا ما يكون إهمال فقه المتقدمين في حقبة السلف والرضا بالدون ، سببا للتشقيق والتكثر بجعل المسألة سيلا وحقها أن تكون كالنقطة ، ومن الناس من يشعر بحالة نفسية من الانتشاء كأنه معدود في جملة الفقهاء وهو يتكثر من إثبات مقالات كثيرة في المسألة ،وحاصلها يؤول إلى قليل أو يتلاشى إلى لا شيء
-ثم اللائق في ذكر الخلاف عند اقتضاء ذكره أن يراعى فيه المقام ، وحال المخاطَب ، وأن يكون أصالة بتصنيف الأقوال إلى اتجاهات لا بحسب المتكلمين به أو المذاهب ،ويقبح في سياق حكاية الأقوال الفقهية إقحام من لا يعتد بقوله ولا وزن له كأقوال الرافضة ، ونحوهم
-والدائرة التي أذن الله تعالى بالاجتهاد فيها ،على أهل الفقه أن يبنوا للناس أنها تنتمي إلى حقل أراد الله عن قصد وحكمة بالغة أن تتبارى العقول في ميدان الكشف عن وجه الصواب فيها ،وكأن الله تقدست أسماؤه قال :هذه مسألة فقهية وأنتم في امتحان فالمصيب منكم إن كان من أهل النظر له جائزتان والمخطئ لن يعدم واحدة ما استفرغ جهده في البحث والنظر.وهذا نظير ما يختلف الأطباء في تشخيص حالة ، فلا يكون هذا عائدا على علم الطب بالغضاضة ..أو التشكيك في شرفه فضلا عن صحته..وهذا الدين الحنيف من باب أولى
-ومن الخلافات ما هو فرع عن مقررات كلامية أو لها تعلق بالكلام، و"الكلام" :أجنبي عن هذه الشريعة الأصيلة ..وأطبق السلف على ذمه
والكلام في هذا يطول ،وإنما المقصود كلمة خاطفة على سبيل التذكرة ..وقد اقتنص الإمام الجهبذ الفقيه أبو العباس ابن تيمية رضي الله عنه طرفا من منهجية سوق الخلاف من ضياء الكتاب العزيز فقال :
معلقا على قول الله جل ذكره: { سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا } :
فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا . فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث فدل على صحته ; إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما ثم أرشد إلى أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته فيقال في مثل هذا : { قل ربي أعلم بعدتهم } فإنه ما يعلم بذلك إلا قليل من الناس ممن أطلعه الله عليه ; فلهذا قال : { فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا } أي لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب .
فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف : أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام وأن ينبه على الصحيح منها ويبطل الباطل وتذكر فائدة الخلاف وثمرته ; لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته فيشتغل به عن الأهم فأما من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص ; إذ قد يكون الصواب في الذي تركه أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال فهو ناقص أيضا فإن صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب أو جاهلا فقد أخطأ كذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته أو حكى أقوالا متعددة لفظا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى فقد ضيع الزمان وتكثر بما ليس بصحيح فهو كلابس ثوبي زور والله الموفق.انتهى
مع أن حكاية الله تعالى لهذا الخلاف في الآية آنفا إنما هي عن أهل الكتاب
التعديل الأخير: