أسامة كريم الحديثي
:: متابع ::
- إنضم
- 12 يونيو 2017
- المشاركات
- 20
- التخصص
- الشريعة والقانون
- المدينة
- بورصة
- المذهب الفقهي
- شافعي
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الاول
كتاب الطهارة
ذكر المصنف كتاب الطهارة وبدأ الكلام عن الماء , وذلك أن العلماء يقولون الطهارة مقصد والماء وسيلة , والقاعدة تقول : (( الكلام على الوسائل يقدّم على كلام المقاصد )) .
والطهارة تحتاج إلى شيء يتطهر به , ولذلك جعل الشرع الشيء الذي يتطهر به على أمرين : ((الماء أو بدل عنه )) , والأصل عندنا هو الماء , فيبتدأ به في باكورة الحديث عن الطهارة .
الطهارة لغةً النظافة , و اصطلاحاً عرفت بأنها (( رفع حدث أو إزالة نجس أو ما في معناهما , أو على صورتهما )) .
الشـــــــــــــــــــرح:-
( رفع حدث ) الوضوء , والغسل بالنسبة للمحدث حدثاً أصغر أو أكبر , أو إزالة نجس كالاستنجاء بالماء , وغسل الثوب المتجنس , ( وفي معناهما ) التيمم , ووضوء صاحب الضرورة كسلس بولي , فإنها لا ترفع الحدث بل تبيح الصلاة فقط , وفي معنى إزالة النجس الاستنجاء بالحجر فأن أثر النجاسة باقٍ.
( وعلى صورة رفع الحدث ) الأغسال المسنونة مثلاً , غسل العيدين فهو على صورة غسل الجنابة , والوضوء المجدد على صورة وضوء المحدث , وعلى صورة إزالة النجاسة الغسلة الثانية والثالثة في إزالة النجاسة , لأن النجاسة أزيلت في الغسلة الأولى , والثانية والثالثة على صورتهما .
وللطهارة أربعة مقاصد , وأربع وسائل , ووسائل الوسائل , وحكم الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر للصلاة واجبــــــــــــــــــــــــــــــة . والدين الإسلامي الحنيف دين النظافة , فقد وردت الآثار والأحاديث التي تحث على التطهر والتنظيف .
الأدلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ة:-
الأدلة على وجوب الطهارة للصلاة وعلى استحباب التنظف بشكل عام.
1- قـــــــــــــــــال تعالى :- (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُم )) تدل آية الوضوء على الوجوب لأن الأمر يدل على الوجوب مالم يصرفه صارف .
2- قـــــــــــــــال تعالى :- (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىظ° حَتَّىظ° تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىظ° تَغْتَسِلُوا(( وهذه الآية دليل على وجوب الغسل .
3- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال :- (( لا يقبل الله صلاة بغير طهور)) .
4- اتفق علماء الأمة أن الصلاة لا تجزء إلا بها أي الطهارة , قــــــــال تعالى :- (( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )) .
الخلاصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــة :-
مقاصد الطهارة
وضوء , غسل , تيمم , إزالة نجاسة
وسائل الطهارة
الماء , التراب , الحجر , دابغ
وسائل الوسائل
الأواني , الاجتهاد
وجـــــــــــــــــــوب الطهـــــــــــــــــــارة محــــــــــــــــــل إجمـــــــــــــــــاع عنــــــــــــــــــد أهــــــــــــــــــــــــــل العلـــــــــــــــــــــــــم .
قـــــــــــــــال تعالى :- (( وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورً ))
ابتدأ المصنف كتابه بهذه الآية مع أنه متن مختصر , وجرت عادة العلماء في المتون أنهم لا يذكرون الأدلة ؛ وذلك أنه اختصار لكتاب ( المحرر) للإمام الرافعي , وقد ابتدأ الرافعي بها في كتابه اقتداءً بالإمام الشافعي – رحمه الله - حيث كان من عادته اذا كان في الباب آية تلاها , أو خبر رواه , ثم رتب عليه المسائل , فالتزم الإمام النووي بصنيع الإمام الرافعي .
( يشترط لرفع الحدث والنجس ماء مطلق, وهو ما يقع عليه اسم ماء بلا قيد )
الشـــــــــــــــــــــــــــــــرح:-
أي لا يصح رفع الحدث سواء كان هذا الحدث أكبر , أو أصغر , ولا إزالة النجس إلا بالماء المطلق وهو العاري عن الإضافة , وان شئت قلت هو ما كفى في تعريفه اسم ماء , وهذا التعريف نص عليه الإمام الشافعي , والقيد المذكور هو قيد منفك عن الماء بحيث إذا أخرجنا الماء من البئر زال عنه هذا القيد .
( فالمتغير بمستغنى عنه كزعفران تغيرا يمنع اطلاق الاسم غير طهور, ولا يضر تغير لا يمنع الاسم , ولا متغير بمكث وطين وطحلب , وما في مقره وممره , وكذا متغير بمجاور كعود ودهن , أو بتراب طرح فيه في الأظهر ).
بعد أن ذكر الماء المطلق شرع في ذكر الأشياء التي تحل فيه فتسلب منه إحدى صفتيه وهي الطهورية , فيصير طاهراً غير طهور , وشروط هذا التغير أن يستغنى الماء عنه ؛ أي يمكن حفظ الماء عنه لذا قال ( بمستغنى عنه ) لأن مالا يمكن حفظ الماءعنه لا يؤثر فيه , وأن يكون التغير بطاهر المتمثل بقوله ( كزعفران ) فمثّل بطاهرٍ , لأن التغير بشيء نجس يجعل الماء نجساً , وأن يكون المتغير فاحشاً بحيث يسلب عنه اسم الماء المطلق لذا قال ( تغيرا يمنع اطلاق الاسم ) , أمّا إذا كان التغير يسيراً لا يضر , وأشار إليه بقوله : ( ولا يضر تغير ولا يمنع الاسم ) , وقوله : ( ولا متغير بمكث وطين وطحلب , وما في مقره وممره ) لأن هذا التغير مما لا يمكن حفظ الماء عنه فعفي عنه , وقوله رحمه الله : ( بمكث ) أي بسبب طول بقائه في موضعه , فالباء سببية , ويسمى هذا النوع بـــ الآسن أو الأجن , وقد كانت الآبار والبرك والمستنقعات يتطهر بمائها مع تغيره بطول المكث , و الطحلب كائن أخضر اللون يعلو الماء من طول المكث , وكذا ما يوجد في مقر الماء وفي ممره أثناء جريانه , فهذه كلها أمور يشق حفظ الماء عنها .
ومن الشروط أيضاً هو التغير بمخالط كالقهوة والزعفران , أمّا التغير بمجاور لا يؤثر وقد أشار إليه بقوله : ( وكذا متغير بمجاور كعود ودهن ) فالدهن إن حل في الماء لا يختلط به لأنه يطفو على سطحه , وكذا العود , ( أو بتراب طرح فيه في الأظهر )لا يؤثر لأنه يوافق الماء في التطهير , فإضافة التراب إلى الماء كإضافة الماء لآخر , وهو بذلك إضافة طهور إلى طهور وهذا هو الأظهر في المذهب يخالفه قول ظاهر بأنه يؤثر .
الأدلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــة :-
1- دليل تعين الماء في رفع الحدث قـــــــــــــــوله تعالى : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) والأمر للوجوب , فلو رفع غير الماء لما وجب العدول إلى التيمم عند فقده .
2- دليل تعين الماء في إزالة النجاسة , قول الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ في الصحيحين حين بال الإعرابي في المسجد : ( صبوا عليه ذنوباً من ماء ) .
3- دليل الماء المطلق , حمل الآية ( وَيُنَـزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ) وحديث الإعرابي عليه ليتبادر الذهن إليه .
4- دليل عدم طهورية المتغير بطاهر : إن لم يبقَ على أصل خلقته وتغير , فحكمه حكم ما غيره ألا ترى أنك تقول ماء زعفران فتعطيه حكم ما غيره , فدلالة الحس معتبرة كما إن دلالة الشرع معتبرة .
5- دليل طهورية ماء خالطه طاهر , لم يغيره , عن أم هانئ (( إن الرسول _صلى الله عليه وسلم _ اغتسل هو وميمونة من إناء واحد في قصعة فيها أثر عجين )) أخرجه النسائي , قال ابن المنذر: ( فما اختلط بالماء مما ذكرنا فلم يغير الماء لوناً ولا طعماً ولا ريحاً , ما لطهارة به جائزة و لا اختلاف فيه ) أي بالإجماع .
6- دليل طهورية ماء خالطه ما يشق التحرز عنه , إن تكاليف الشرع مرتبطة بالإمكان ولذلك القاعدة الفقهية تنص : (( التكليف شرطه الإمكان )) ودليلها قوله تعالى : (( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )) فكل مــــــــــــا ليس بإمكانه لا يكلف به , والقاعدة الفقهية المجمـــــــــــــــع عليهــــــــــــــــــا (( المشقة تجلب التيسير )) ومن فروعها ( الأمر إذا ضاق اتسع ) , هذا الشخص الذي يشق عليه التحرز عنه لو قلت له لا يجوز , ضاق به الأمر , فيوسع عليه في جواز الوضوء و الطهارة .
7- دليل طهورية المتغير بطول مكث , قال ابن المنذر : (( اجمع كل من نحفظ عنه أن الوضوء بالماء الأجن جائز سوى إلا ابن سيرين , وقد ورد في السنة حديث يؤيد ذلك وهو (( إن النبي _ صلى الله عليه وسلم _توضأ من بئر كأن ماءهُ نقاعة الحناء)) .
8- دليل طهورية ماء طرح فيه تراب , لأنه يوافق الماء في التطهير , قال تعالى : (( وَلَظ°كِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ )) , وفي صحيح مسلم أن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ قال : (( وجعلت لنا الأرض مسجداً وطهوراً )) وفي رواية (( وتربتها طهوراً )) , فهو كما لو طرح فيه ماء آخر فتغير به .
الخلاصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــة :-
• ينقسم الماء بالنسبة للإضافة والأطلاق إلى :-
1- ماء مطلق وحكمه طاهر مطهر .
2- ماء مضاف وينقسم إلى :-
أ- إضافة لا تمنع الاستعمال : وهي إضافة حكم قرار كماء البئر , أو إضافة صفة كماء عذب ويسمى قيد منفك حكمه طاهر مطهر.
ب- إضافة تمنع الاستعمال : إضافة حكم كماء مستعمل حكمه طاهر غير مطهر, وماء نجس حكمه نجس سيأتي الكلام عنهما , إضافة جنس كماء الورد والبقول, وإضافة غلبة تكون بشكلين مختلفين أولهما : غلبة مجاورة , وهذه لا تمنع الاستعمال ويبقى حكم الماء طاهر مطهر , أما الآخر فهو غلبة مخالطة , وهذه تمنع الاستعمال وتجعل حكم الماء طاهر غير مطهر .
مســـــــــألة :- ما تفرزه أجهزة التبريد الهوائية من الماء , قال ابن القاص مثل هذا ليس بماء لأنه لم ينزل من السماء , ولم ينبع من أرض , لكن العلماء يقولون أن الماء بكونه خليط من عنصري الأوكسجين و الهيدروجين ( H2O ) , وهما يمثلان مطلق الماء حتى الذي تفرزه أجهزة التبريد .
ضابط :-
1- الماء المطلق كل ما نبع من الأرض أول نزل من السماء على أي صفة كان .
2- إن اختلط بالماء شيء طاهر فغير أحد أوصافه نظرت إلى :-
أ- إن كان مما لا يمكن حفظ الماء منه , كطول مكث أو طين أو طحلب , أو ما في مقره أو ممره , جاز الوضوء به لأنه لا يمكن صون الماء عنه فعفي عنه .
ب- إن كان مما يمكن حفظ الماء منه نظرت إلى :-
1- إن كان ملحاً انعقد من الماء لم يمنع الطهارة به لأنه كان ماء , وكذا إن كان تراباً طرح فيه لم يؤثر لأنه يوافق الماء في التطهير .
2- إن كان سوى ذلك كزعفران وتمر ودقيق وملح جبلي , وغير ذلك مما يمكن صون الماء عنه لم يجز الوضوء به , لأنه زال عنه اطلاق الاسم .
3 - أن وقع فيه ما لا يختلط به كالدهن والعود تجوز الطهارة به .
المـــــوافقـــــــــــــــــــــــــــون :-
- رفع الحدث وإزالة النجس لا يصح إلا بالماء المطلق وافق الشافعي فيه جماهير السلف من الصحابة فمن بعدهم .
- يضر تغيراً يمنع إطلاق الاسم محل إجماع أهل العلم حكاه ابن قدامة .
- لا يضر تغيراً لا يمنع الاسم محل إجماع أهل العلم حكاه ابن قدامة .
- لا يضر تغيراً بما يشق صون الماء عنه محل إجماع حكاه ابن تيمية .
- لا يضر تغيراً بمكث وما في مقره وممره محل إجماع حكاه ابن تيمية .
- لا يضر تغيراً بالمجاورة قال ابن قدامة : لا نعلم في هذه الأنواع خلافاً .
الدرس الاول
كتاب الطهارة
ذكر المصنف كتاب الطهارة وبدأ الكلام عن الماء , وذلك أن العلماء يقولون الطهارة مقصد والماء وسيلة , والقاعدة تقول : (( الكلام على الوسائل يقدّم على كلام المقاصد )) .
والطهارة تحتاج إلى شيء يتطهر به , ولذلك جعل الشرع الشيء الذي يتطهر به على أمرين : ((الماء أو بدل عنه )) , والأصل عندنا هو الماء , فيبتدأ به في باكورة الحديث عن الطهارة .
الطهارة لغةً النظافة , و اصطلاحاً عرفت بأنها (( رفع حدث أو إزالة نجس أو ما في معناهما , أو على صورتهما )) .
الشـــــــــــــــــــرح:-
( رفع حدث ) الوضوء , والغسل بالنسبة للمحدث حدثاً أصغر أو أكبر , أو إزالة نجس كالاستنجاء بالماء , وغسل الثوب المتجنس , ( وفي معناهما ) التيمم , ووضوء صاحب الضرورة كسلس بولي , فإنها لا ترفع الحدث بل تبيح الصلاة فقط , وفي معنى إزالة النجس الاستنجاء بالحجر فأن أثر النجاسة باقٍ.
( وعلى صورة رفع الحدث ) الأغسال المسنونة مثلاً , غسل العيدين فهو على صورة غسل الجنابة , والوضوء المجدد على صورة وضوء المحدث , وعلى صورة إزالة النجاسة الغسلة الثانية والثالثة في إزالة النجاسة , لأن النجاسة أزيلت في الغسلة الأولى , والثانية والثالثة على صورتهما .
وللطهارة أربعة مقاصد , وأربع وسائل , ووسائل الوسائل , وحكم الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر للصلاة واجبــــــــــــــــــــــــــــــة . والدين الإسلامي الحنيف دين النظافة , فقد وردت الآثار والأحاديث التي تحث على التطهر والتنظيف .
الأدلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ة:-
الأدلة على وجوب الطهارة للصلاة وعلى استحباب التنظف بشكل عام.
1- قـــــــــــــــــال تعالى :- (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُم )) تدل آية الوضوء على الوجوب لأن الأمر يدل على الوجوب مالم يصرفه صارف .
2- قـــــــــــــــال تعالى :- (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىظ° حَتَّىظ° تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىظ° تَغْتَسِلُوا(( وهذه الآية دليل على وجوب الغسل .
3- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال :- (( لا يقبل الله صلاة بغير طهور)) .
4- اتفق علماء الأمة أن الصلاة لا تجزء إلا بها أي الطهارة , قــــــــال تعالى :- (( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )) .
الخلاصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــة :-
مقاصد الطهارة
وضوء , غسل , تيمم , إزالة نجاسة
وسائل الطهارة
الماء , التراب , الحجر , دابغ
وسائل الوسائل
الأواني , الاجتهاد
وجـــــــــــــــــــوب الطهـــــــــــــــــــارة محــــــــــــــــــل إجمـــــــــــــــــاع عنــــــــــــــــــد أهــــــــــــــــــــــــــل العلـــــــــــــــــــــــــم .
قـــــــــــــــال تعالى :- (( وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورً ))
ابتدأ المصنف كتابه بهذه الآية مع أنه متن مختصر , وجرت عادة العلماء في المتون أنهم لا يذكرون الأدلة ؛ وذلك أنه اختصار لكتاب ( المحرر) للإمام الرافعي , وقد ابتدأ الرافعي بها في كتابه اقتداءً بالإمام الشافعي – رحمه الله - حيث كان من عادته اذا كان في الباب آية تلاها , أو خبر رواه , ثم رتب عليه المسائل , فالتزم الإمام النووي بصنيع الإمام الرافعي .
( يشترط لرفع الحدث والنجس ماء مطلق, وهو ما يقع عليه اسم ماء بلا قيد )
الشـــــــــــــــــــــــــــــــرح:-
أي لا يصح رفع الحدث سواء كان هذا الحدث أكبر , أو أصغر , ولا إزالة النجس إلا بالماء المطلق وهو العاري عن الإضافة , وان شئت قلت هو ما كفى في تعريفه اسم ماء , وهذا التعريف نص عليه الإمام الشافعي , والقيد المذكور هو قيد منفك عن الماء بحيث إذا أخرجنا الماء من البئر زال عنه هذا القيد .
( فالمتغير بمستغنى عنه كزعفران تغيرا يمنع اطلاق الاسم غير طهور, ولا يضر تغير لا يمنع الاسم , ولا متغير بمكث وطين وطحلب , وما في مقره وممره , وكذا متغير بمجاور كعود ودهن , أو بتراب طرح فيه في الأظهر ).
بعد أن ذكر الماء المطلق شرع في ذكر الأشياء التي تحل فيه فتسلب منه إحدى صفتيه وهي الطهورية , فيصير طاهراً غير طهور , وشروط هذا التغير أن يستغنى الماء عنه ؛ أي يمكن حفظ الماء عنه لذا قال ( بمستغنى عنه ) لأن مالا يمكن حفظ الماءعنه لا يؤثر فيه , وأن يكون التغير بطاهر المتمثل بقوله ( كزعفران ) فمثّل بطاهرٍ , لأن التغير بشيء نجس يجعل الماء نجساً , وأن يكون المتغير فاحشاً بحيث يسلب عنه اسم الماء المطلق لذا قال ( تغيرا يمنع اطلاق الاسم ) , أمّا إذا كان التغير يسيراً لا يضر , وأشار إليه بقوله : ( ولا يضر تغير ولا يمنع الاسم ) , وقوله : ( ولا متغير بمكث وطين وطحلب , وما في مقره وممره ) لأن هذا التغير مما لا يمكن حفظ الماء عنه فعفي عنه , وقوله رحمه الله : ( بمكث ) أي بسبب طول بقائه في موضعه , فالباء سببية , ويسمى هذا النوع بـــ الآسن أو الأجن , وقد كانت الآبار والبرك والمستنقعات يتطهر بمائها مع تغيره بطول المكث , و الطحلب كائن أخضر اللون يعلو الماء من طول المكث , وكذا ما يوجد في مقر الماء وفي ممره أثناء جريانه , فهذه كلها أمور يشق حفظ الماء عنها .
ومن الشروط أيضاً هو التغير بمخالط كالقهوة والزعفران , أمّا التغير بمجاور لا يؤثر وقد أشار إليه بقوله : ( وكذا متغير بمجاور كعود ودهن ) فالدهن إن حل في الماء لا يختلط به لأنه يطفو على سطحه , وكذا العود , ( أو بتراب طرح فيه في الأظهر )لا يؤثر لأنه يوافق الماء في التطهير , فإضافة التراب إلى الماء كإضافة الماء لآخر , وهو بذلك إضافة طهور إلى طهور وهذا هو الأظهر في المذهب يخالفه قول ظاهر بأنه يؤثر .
الأدلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــة :-
1- دليل تعين الماء في رفع الحدث قـــــــــــــــوله تعالى : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) والأمر للوجوب , فلو رفع غير الماء لما وجب العدول إلى التيمم عند فقده .
2- دليل تعين الماء في إزالة النجاسة , قول الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ في الصحيحين حين بال الإعرابي في المسجد : ( صبوا عليه ذنوباً من ماء ) .
3- دليل الماء المطلق , حمل الآية ( وَيُنَـزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ) وحديث الإعرابي عليه ليتبادر الذهن إليه .
4- دليل عدم طهورية المتغير بطاهر : إن لم يبقَ على أصل خلقته وتغير , فحكمه حكم ما غيره ألا ترى أنك تقول ماء زعفران فتعطيه حكم ما غيره , فدلالة الحس معتبرة كما إن دلالة الشرع معتبرة .
5- دليل طهورية ماء خالطه طاهر , لم يغيره , عن أم هانئ (( إن الرسول _صلى الله عليه وسلم _ اغتسل هو وميمونة من إناء واحد في قصعة فيها أثر عجين )) أخرجه النسائي , قال ابن المنذر: ( فما اختلط بالماء مما ذكرنا فلم يغير الماء لوناً ولا طعماً ولا ريحاً , ما لطهارة به جائزة و لا اختلاف فيه ) أي بالإجماع .
6- دليل طهورية ماء خالطه ما يشق التحرز عنه , إن تكاليف الشرع مرتبطة بالإمكان ولذلك القاعدة الفقهية تنص : (( التكليف شرطه الإمكان )) ودليلها قوله تعالى : (( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )) فكل مــــــــــــا ليس بإمكانه لا يكلف به , والقاعدة الفقهية المجمـــــــــــــــع عليهــــــــــــــــــا (( المشقة تجلب التيسير )) ومن فروعها ( الأمر إذا ضاق اتسع ) , هذا الشخص الذي يشق عليه التحرز عنه لو قلت له لا يجوز , ضاق به الأمر , فيوسع عليه في جواز الوضوء و الطهارة .
7- دليل طهورية المتغير بطول مكث , قال ابن المنذر : (( اجمع كل من نحفظ عنه أن الوضوء بالماء الأجن جائز سوى إلا ابن سيرين , وقد ورد في السنة حديث يؤيد ذلك وهو (( إن النبي _ صلى الله عليه وسلم _توضأ من بئر كأن ماءهُ نقاعة الحناء)) .
8- دليل طهورية ماء طرح فيه تراب , لأنه يوافق الماء في التطهير , قال تعالى : (( وَلَظ°كِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ )) , وفي صحيح مسلم أن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ قال : (( وجعلت لنا الأرض مسجداً وطهوراً )) وفي رواية (( وتربتها طهوراً )) , فهو كما لو طرح فيه ماء آخر فتغير به .
الخلاصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــة :-
• ينقسم الماء بالنسبة للإضافة والأطلاق إلى :-
1- ماء مطلق وحكمه طاهر مطهر .
2- ماء مضاف وينقسم إلى :-
أ- إضافة لا تمنع الاستعمال : وهي إضافة حكم قرار كماء البئر , أو إضافة صفة كماء عذب ويسمى قيد منفك حكمه طاهر مطهر.
ب- إضافة تمنع الاستعمال : إضافة حكم كماء مستعمل حكمه طاهر غير مطهر, وماء نجس حكمه نجس سيأتي الكلام عنهما , إضافة جنس كماء الورد والبقول, وإضافة غلبة تكون بشكلين مختلفين أولهما : غلبة مجاورة , وهذه لا تمنع الاستعمال ويبقى حكم الماء طاهر مطهر , أما الآخر فهو غلبة مخالطة , وهذه تمنع الاستعمال وتجعل حكم الماء طاهر غير مطهر .
مســـــــــألة :- ما تفرزه أجهزة التبريد الهوائية من الماء , قال ابن القاص مثل هذا ليس بماء لأنه لم ينزل من السماء , ولم ينبع من أرض , لكن العلماء يقولون أن الماء بكونه خليط من عنصري الأوكسجين و الهيدروجين ( H2O ) , وهما يمثلان مطلق الماء حتى الذي تفرزه أجهزة التبريد .
ضابط :-
1- الماء المطلق كل ما نبع من الأرض أول نزل من السماء على أي صفة كان .
2- إن اختلط بالماء شيء طاهر فغير أحد أوصافه نظرت إلى :-
أ- إن كان مما لا يمكن حفظ الماء منه , كطول مكث أو طين أو طحلب , أو ما في مقره أو ممره , جاز الوضوء به لأنه لا يمكن صون الماء عنه فعفي عنه .
ب- إن كان مما يمكن حفظ الماء منه نظرت إلى :-
1- إن كان ملحاً انعقد من الماء لم يمنع الطهارة به لأنه كان ماء , وكذا إن كان تراباً طرح فيه لم يؤثر لأنه يوافق الماء في التطهير .
2- إن كان سوى ذلك كزعفران وتمر ودقيق وملح جبلي , وغير ذلك مما يمكن صون الماء عنه لم يجز الوضوء به , لأنه زال عنه اطلاق الاسم .
3 - أن وقع فيه ما لا يختلط به كالدهن والعود تجوز الطهارة به .
المـــــوافقـــــــــــــــــــــــــــون :-
- رفع الحدث وإزالة النجس لا يصح إلا بالماء المطلق وافق الشافعي فيه جماهير السلف من الصحابة فمن بعدهم .
- يضر تغيراً يمنع إطلاق الاسم محل إجماع أهل العلم حكاه ابن قدامة .
- لا يضر تغيراً لا يمنع الاسم محل إجماع أهل العلم حكاه ابن قدامة .
- لا يضر تغيراً بما يشق صون الماء عنه محل إجماع حكاه ابن تيمية .
- لا يضر تغيراً بمكث وما في مقره وممره محل إجماع حكاه ابن تيمية .
- لا يضر تغيراً بالمجاورة قال ابن قدامة : لا نعلم في هذه الأنواع خلافاً .