العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

من شك ثم ظهر له الصواب بغلبة الظن والترجيح فلا يُشرع له سجود السهو !

مساعد أحمد الصبحي

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
143
الكنية
أبو سعود
التخصص
عقيدة
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
في التمهيد
من موسوعة شروح الموطأ [521/4] ومابعدها:-
«قال أبو عمر: قد قال جماعة من أهل العلم: ...معنى التحري: الرجوع إلى اليقين. (قال أبو عمر) وحجة من قال بالتحري في هذا الباب حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من شك منكم في صلاته فليتحر الصواب..» ... وقد يحتمل أن يكون التحري هو البناء على اليقين ومن حمله على ذاك صح له استعمال الخبرين. وأيُّ تحرٍّ يكون لمن انصرف وهو شاكٌّ لم يـبْـنِ على يقينه، وقد أحاط العلم أن شُعبةً من الشك تصحبه إذا لم يبن على يقينه وإن تحرى، وحديث ابن مسعود عندي ليس مما يعارض به شيء من الآثار التي ذكرناها في هذا الباب.»

إلى أن قال -رحمه الله-:-
«أخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا عبد الحميد بن أحمد حدثنا الخضر بن داود حدثنا أبو بكر بن الأثرم قال سألت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل عن تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا إغرار في صلاة ولا تسليم» فقال: أما أنا فأرى أن لا يخرج منها إلا على يقين، لا يخرج منها على غرر حتى يستيقن أنه قد أتمها.»
-----------------
قلتُ:
من تردد أو ورد عليه شك
فلينظر فإذا ظهر له الصواب سريعا فليبن عليه ولا سجود عليه، كما هو شأن جميع التكاليف الدينية تناط بغلبة الظن ولايشترط لها تحقق اليقين.

وإذا لم يكن الصواب بديهيا ظاهرا باديَ الرأي فلا يشغل قلبه في صلاته بالترجيح بين الاحتمالين أيهما أقوى قرائنَ وأقرب؛ وليبن على اليقين ويسجد سجدتين للسهو. لئلا يخرج عن سمت الصلاة وحضورها.
جاء في الموطأ برقم(212) أن عبدالله بن عمر كان يقول:«إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَوَخَّ الَّذِي يَظُنُّ أَنَّهُ نَسِيَ مِنْ صَلَاتِهِ فَلْيُصَلِّهِ ثُمَّ ليَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَهُوَ جَالِسٌ»
فلم يأمره بموازنة ونظر بين احتمالين بل أمره بطلب إتمام مانسيه بحسب ظنه، وهذا هو البناء على اليقين الذي هو البناء على أقل الاحتمالين.
وهو ما أمره به النبي ﷺ في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:«إذا شكَّ أحدُكم في صلاتِه ، فلا يدري أواحدةً أم اثنتَيْن أم ثلاثًا أم أربعًا ؟ فليُتمَّ ما شكَّ فيه ، ثمَّ ليسجُدْ سجدتَيْن وهو جالسٌ ، فإن كانت صلاتُه ناقصةً فقد أتمَّها ، والسَّجدتان ترغيمٌ للشَّيطانِ، وإن كان أتمَّ صلاتَه ، فالرَّكعةُ والسَّجدتان نافلةٌ له»
فهذا هو المقصود بقوله ﷺ في حديث ابن مسعود «فليتحر الصواب» لأن الصواب في حق الشاكّ هو البناء على الأقل الذي هو اليقين.

أما من ترجح له سريعا أحدُ الاحتمالين رجحانا ظاهرا فهذه حالة عادية لا تستدعي جبرا بسجود السهو، فهذا قد علم ودرى وبطل عنه الشك وانقطع في حقه التحري.


ومن كثر شكه فكثر بناؤه على الأقل(اليقين) في صلواته وخرج عن العادة فلا يعتبره ولا يلتفت إليه وليبن على الأكثر، وهو معذور في هذا بل مأجور لأنه قد عصى وساوس الشيطان، وإذا غلب الشك وكثر جدا فهو وسواس يجب أن لا يُعتبر فهو مخالف لما جاء في أحاديث السهو في الصلاة لأنها وردت على الحال الطبيعية للإنسان من طروء الشك عليه في الحين بعد الحين. أما من صار في معظم صلواته لايدري كم صلى فليس معنيا بالحديث قطعا ولامرية في ذلك.
 

مساعد أحمد الصبحي

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
143
الكنية
أبو سعود
التخصص
عقيدة
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: من شك ثم ظهر له الصواب بغلبة الظن والترجيح فلا يُشرع له سجود السهو !

وهذا منهج متبع في رد المتشابه والمجمل إلى المحكم والواضح،،مثاله ما جاء في صحيح البخاري [١٩٠٠] عن عبدالله بن عمر أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ذكَرَ رمضانَ ، فقالَ : «لا تصُوموا حتى تَرَوا الهلالَ ، ولا تُفْطِروا حتى تَرَوْهُ ، فإنْ غُمَّ عليكم (فَاقْدُروا لهُ).»،،وفي صحيح مسلم [١٠٨٠] :-عن عبدالله بن عمر أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ ذَكَرَ رَمَضانَ، فَضَرَبَ بيَدَيْهِ فقالَ: «الشَّهْرُ هَكَذا، وهَكَذا، وهَكَذا، ثُمَّ عَقَدَ إبْهامَهُ في الثّالِثَةِ، فَصُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فإنْ أُغْمِيَ علَيْكُم فاقْدِرُوا له ثَلاثِينَ.» [وفي رواية]: «فإنْ غُمَّ علَيْكُم فاقْدِرُوا ثَلاثِينَ» نَحْوَ حَديثِ أبِي أُسامَةَ.وفي صحيح البخاري [١٩٠٧] :-عن عبدالله بن عمر أنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ، قالَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وعِشْرُونَ لَيْلَةً، فلا تَصُومُوا حتّى تَرَوْهُ، فإنْ غُمَّ علَيْكُم فأكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاثِينَ.»ففي قولهﷺ في الحديث الأول: «فاقدروا له» إجمال واشتباه فوجب أن نحمله على ما جاء في الأحاديث الواضحة المحكمة الواردة في نفس المسألة من الأخذ باليقين وهو إتمام شعبان ثلاثين ..فكذلك حديث ابن مسعود فيمن شك في صلاته:«فليتحرّ الصواب» ، (فتحرّي الصواب) يَصدُق على أنواع وصور كلها يصح لغةً أن تُسمّىٰ:(تحرّيًا للصواب) فوجب أن نحمل هذا اللفظ المجمل على ماورد مصرّحا به من البناء على اليقين أي البناء على الأقل، ولأن النوع الآخر من التحرّي فيه تعمّد عملٍ ذهنيّ قد يطول ويُخرج عن سمت الصلاة وخشوعها. أما إذا لم يستحكم الشك وأتت غلبة الظن سريعا بدون تفكر عميق متكلَّف فلا تحري ولا سجود سهو لأنها حالة طبيعية قد تعرض في كل صلاة مع شرود الذهن الذي لا تخلو منه صلاة في العادة. وإنما الكلام في الشك الثابت المستحكم الذي رُفع عنا فيه الحرج بأن نمضي في الصلاة بناءً على الأقل بلا تلكؤ وتوقف، وإلا فقد انفسح مجال واسع للوسواس والتردد المنافي لجوّ الصلاة وسمتها والاسترسال بسلامٍ فيها.،،وإذا كثر شكه المستحكم وبناؤه على الأقل(اليقين) في صلواته وخرج عن العادة فلا يعتبره ولا يلتفت إليه وليبن على الأكثر، وهو معذور في هذا بل مأجور لأنه قد عصى وساوس الشيطان، وإذا غلب الشك وكثر جدا فهو وسواس يجب أن لا يُعتبر، فهو مخالف لما جاء في أحاديث السهو في الصلاة لأنها وردت على الحال الطبيعية للإنسان من طروء الشك عليه في الحين بعد الحين. أما من صار في معظم صلواته لايدري كم صلى فليس معنيا بالحديث قطعا ولامرية في ذلك.،،ولقد جاءت رواية صريحة عن الإمام أحمد نقلها ابن القيم في [زاد المعاد] أثناء وصفه لمذهبه في المسألة:-«..وعنه روايتان أخريان، إحداهما: أنه يبني على اليقين مطلقا وهو مذهب الشافعي ومالك...»،،وقال ابن حجر في فتح الباري[95/3]:-«..واختُلِف في المراد بالتحري فقال الشافعية: هو البناء على اليقين لا على الأغلب لأن الصلاة في الذمة بيقين فلا تسقط إلا بيقين. وقال ابن حزم: التحري في حديث بن مسعود يفسره حديث أبي سعيد، يعني الذي أخرجه مسلم بلفظ: (وإذا لم يدر أصلى ثلاثا أو أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن)، وروى سفيان في جامعه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: إذا شك أحدكم في صلاته فليتوخّ حتى يعلم أنه قد أتم. انتهى. وفي كلام الشافعي نحوه، ولفظه: قوله (فليتحر) أي في الذي يظن أنه نقصه فليتمه، فيكون التحري أن يعيد ما شك فيه ويبني على ما استيقن، وهو كلام عربي مطابق لحديث أبي سعيد إلا أن الألفاظ تختلف.*وقيل: التحري الأخذ بغالب الظن وهو ظاهر الروايات التي عند مسلم، وقال ابن حبان في صحيحه: البناء غير التحري فالبناء أن يشك في الثلاث أو الأربع مثلا فعليه أن يلغي الشك، والتحري أن يشك في صلاته فلا يدري ما صلى فعليه أن يبني على الأغلب عنده. وقال غيره: التحري لمن اعتراه الشك مرة بعد أخرى فيبني على غلبة ظنه وبه قال مالك وأحمد، وعن أحمد في المشهور التحري يتعلق بالإمام فهو الذي يبني على ما غلب على ظنه وأما المنفرد فيبني على اليقين دائما، وعن أحمد رواية أخرى كالشافعية وأخرى كالحنفية ... ونقل النووي أن الجمهور مع الشافعي وأن التحري هو القصد، قال الله تعالى: ﴿فأولئك تحرَّوْا رشدا﴾. وحكى الأثرم عن الإمام أحمد في معنى قوله ﷺ : (لا غرار في صلاة) قال: أن لا يخرج منها إلا على يقين.* فهذا يقوي قول الشافعي.»
 
أعلى