العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الإيدز وأثره فى عقد النكاح والمجتمع

محمد متولي داود

:: متابع ::
إنضم
1 أغسطس 2018
المشاركات
23
الكنية
د/محمدداود
التخصص
القانون العام
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الحنفي
زوجان يحملان مرض الايدز تم تطليق الزوجة ثلاثا ولا تحل له إلا إذا تزوجت غيره وتريد العودة إلى زوجها مرة أخرى . فما الحل؟
قبل أن نجيب عن هذا السؤال نقول بالله التوفيق أن هناك قواعد فقيهة كبرى كلية تنبثق منها قواعد فقيهة صغري والقاعدة الفقهية الأم هي لا ضرر ولا ضرار تخرج منها قاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
القاعدة في تحصيل المصالح ودرء المفاسد :
يقول العز بن عبد السلام رحمة الله عليه
إذا اجتمعت مصالح ومفاسد فإن امكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا امتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى فيهما وذلك لقوله تعالى "فاتقوا الله ما استطعتم ".
وإن تعذر الدرء والتحصيل فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة ولا نبالى بالمصلحة .
ويقول ابن تيمية رحمه الله:
"...... وقد تأكدت هذه الحكمة باستقراء الأحكام الشرعية وفهمها فإنها كلها شُرعت لتحقيق مصلحة الإنسان إما لجلب النفع له أو دفع الضر عنه فما جعله الشرع مباحا مأذونا أو واجبا مفروضا على الإنسان فهو إما نافع له نفعا محضا أو أن نفعه أكثر من ضرره أو أنه محقق للمنفعة لأكبر مجموعة من الناس ، وما جعله الشرع حراما أو مكروها فهو لأنه شر محض أو لأن ضرره أكثر من نفعه أو لأنه ضار بمصلحة أكبر مجموعة من الناس .
*قاعدة الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف .
*قاعدة يختار أهون الشرين أو أخف الضررين
*اذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما
الأصل في هذه القواعد :
قال الزيلعي في باب شروط الصلاة.
"ثمَ الأصل في جنس المسائل أن: من ابتلي ببليتين وهما متساويان يأخذ ايتهما شاء وإن اختلفا يختار أهونهما لأن مباشرة الحرام لا تجوز الا للضرورة ولا ضرورة في حق الزيادة.
وقد ساق الإمام عز الدين ابن عبد السلام أمثلة متنوعة وأدلة كثيرة فى استنباط هذه القاعدة يقول في بعض المواضع .
"النميمة مفسدة محرمة لكنها جائزة أو مأمور بها إذا اشتملت على مصلحة للمنموم اليه......ويدل علي ذلك قوله تعالي:
"وجاء من أقصي المدينة رجل يسعي قال يا موسي إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك"
وكذلك ما نقله أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم عن المنافقين وما حدث فى صلح الحديبية حتى فتح مكة وما تخللته من أحداث عظام ومن جملة الأحاديث النوية الشريفة فيها ايحاء الي هذه القاعدة نذكر منها على سبيل المثال والتطبيق.
روى مسلم في صحيحه عن يحي بن عبد سعيد أنه سمع أنس بن مالك يذكر أعرابيا قام الي ناحية المسجد فبال فيها فصاح بت الناس فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "دعوه" فلما فرغ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنوب فصبت علي بوله.
قال الإمام النووي في شرح الحديث "وفيه الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف ولا إيذاء إذ لم يأت بالمخالفة استخفافا أو عنادا وفيه دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما لقوله صلي الله عليه وسلم "دعوه" لمصلحتين إحداهما أنه لو قطع البول لتنجست ثيابه وبدنه ومواضع كثيرة من المسجد .
ومن امثلتها ايضا :
يجوز شق بطن المرأة المتوفية لإخراج الجنين المرجوة حياته.
*قاعدة :يحتمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام .
"هذه القاعدة مقاصد الشريعة في مصالح العباد استخرجها المجتهدون من الأجماع ومعقول النصوص ، فالشرع إنما جاء ليحفظ علي الناس دينهم وأنفسهم وعقولهم وانسابهم وأموالهم فكل ما يؤدي الي الإخلال بواحد منها فهو أمكن وفي سبيل تأييد مقاصد الشرع يدفع الضرر الأعم بالضرر الأخص ولهذه الحكمة شُرع حد القطع حماية للأموال وحد الزنا والقذف صيانة للأعراض وحد الشرب حفاظا للعقول والقصاص وقتل المرتد صيانة للأديان والأنفس ومن هذا القبيل "شُرع قتل الساحر المضر والكافر المضل لأن أحدهم يفتن الناس والآخر يدعوهم الى الكفر فيحتمل الضرر الأخص ويرتكب لدفع الأعم "وتغليب مقتضيات المصلحة العامة علي المصلحة الخاصة ابداً يتضح من سياق فروع وأمثلة هذه القاعدة.
من أمثلة هذه القاعدة:
جواز الحجر على المفتي الماجن حرصا علي دين الناس والحجر على الطبيب الجاهل حرصا على ارواحهم والمكاري المفلس حرصا علي أموالهم وإن تضرر كل من المفتي والطبيب والمكاري بذلك دفعا لضررهم عن الجماعة.
ومنها :جواز التسعير أي تحديد الأسعار على الباعة عند تجاوزهم وغلوهم فيها لضررهم علي العامة .
وهديا على ما تقدم وعلى ما جاء بأقوال السادة العلماء الأفاضل فإننا نري أن كان الضرر الأعظم في المرأة والرجل عقب انفصالهما سيأتي على المجتمع بأضرار جسيمة ومنها ممارسة الوطيء لكل من الرجل والمرأة عن طريق الزنا فلا ننظر الى الطلاق بحسب أنه ضرر اخف من انتشار مرض الإيدز في المجتمع .
 
أعلى