رد: القراءة في سنة الوضوء
الاستدلال مركب من عدة أحاديث،
1) أحاديث فضل الوضوء والصلاة بعده، كحديث:
البخاري (8/ 92) عن مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ، أَخْبَرَهُ قَالَ: أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، بِطَهُورٍ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى المَقَاعِدِ، فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَهُوَ فِي هَذَا المَجْلِسِ، فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ هَذَا الوُضُوءِ، ثُمَّ أَتَى المَسْجِدَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» قَالَ: وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَغْتَرُّوا»
ومسلم (1/ 209) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: كَانَتْ عَلَيْنَا رِعَايَةُ الْإِبِلِ فَجَاءَتْ نَوْبَتِي فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا يُحَدِّثُ النَّاسَ فَأَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» قَالَ فَقُلْتُ: مَا أَجْوَدَ هَذِهِ فَإِذَا قَائِلٌ بَيْنَ يَدَيَّ يَقُولُ: الَّتِي قَبْلَهَا أَجْوَدُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ قَالَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ جِئْتَ آنِفًا، قَالَ: " مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ - الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ ".
أبي داود (2/ 19) عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ قَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يَسْهُو فِيهِمَا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.
2) أحاديث فضل هذه الآيات بخصوصها، كما في:
فضائل القرآن للمستغفري (2/ 766): عن علقمة والأسود أنهما قالا: قال عبد الله: في القرآن آيتان ليس عبد يذنب ذنبا ثم يقرأ هاتين الآيتين يستغفر إلا غفر له قال: فلم يخبرنا عبد الله ولم نسأله ما هي قال: فرجعنا فقال أحدهما: أمسك علي المصحف قال: فبدأنا آل عمران حتى بلغ {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم} الآية وقال مرة: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول} فقال: أمسك واحدة، ثم قرأ {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} قال: أمسك ثنتين، قال: فغدونا على عبدالله فقلنا له: هما هاتان؟ قال: نعم هما.
وفي شعب الإيمان (3/ 438): عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَقْرَأَ أَحَدُهُمُ هَذِهِ الْآيَاتِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرَ اللهَ يَجِدُ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا إِلَّا غَفَرَ اللهُ لَهُ " {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ}، {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ} [النساء: 110]، {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 135].
وفي المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 334): عَنْ مَعْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " إِنَّ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ لِخَمْسَ آيَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِيَ بِهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا:
{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40]
{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31]
{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]
{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110]
" قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِيَ بِهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
«هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِنْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَمِعَ مِنَ أَبِيهِ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ»
قال الذهبي: صحيح.
3) حديث جمع في إشارةٍ لهذا الاستنباط، وهو ما رواه
الطبري في تفسيره (6/ 63)، وأبو يعلى الموصلي في مسنده (1/ 24)، والطحاوي في بيان مشكل الآثار (15/ 128)
عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا نَفَعَنِي اللَّهُ بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي، فَحَدَّثني أَبُو بَكْرٍ -وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ» قَالَ شُعْبَةُ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ «مُسْلِمٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا ثُمَّ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِذَلِكَ الذَّنْبِ» وَقَالَ شُعْبَةُ: وَقَرَأَ إِحْدَى هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] ، {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [آل عمران: 135]
فلما قال إحدى هاتين الآيتين، علم أنه لم يقرأهما في الركعتين، بل إحدهما، وكانت الثانية كما في الروايات السابقة: {ولو أنهم ...} الآية
والله أعلم
